البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العالمي

 موضوع النقاش : كتاب(نظريات نقدية وتطبيقاتها) للدكتور رحماني    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )

رأي الوراق :

 صبري أبوحسين 
18 - مايو - 2008
يعد الأستاذ الدكتور: أحمد بن عثمان رحماني علمًا من أعلام البحث الأدبي والنقدي في العصر الحديث، بلا ريب؛ إذ له، في هذا الميدان الفكري، جهود علمية وتعليمية كثيرة مشكورة معروفة غير منكورة. منها على سبيل المثال، لا الحصر:
*أنه قام بتدريس مقررات نقدية أدبية كثيرة ومتنوعة، خلال رحلة تعليمية مديدة حافلة بالمتخرجين والمتخرجات، في مرحلتي الإجازة العالية(الليسانس) والدراسات العليا، مثل مقررات: (نظريات نقدية)، و(تحليل النصوص) (إعجاز القرآن)، و(النقد الأدبي العربي القديم)،( النقد الأدبي الحديث والمعاصر)، (مصادر الأدب واللغة)، (البلاغة)،و(الأدب الإسلامي في صدر الإسلام)، و(التفسير الموضوعي للقرآن الكريم)، و(كتاب قديم)، و(الأدب الأندلسي)، و(الأدب المقارن ونظرياته)...إلخ
 * أن له بحوثًا علمية محكمة وكتبًا منشورة في ميدان البحث الأدبي النقدي القديم والحديث والمعاصر، منها:
كتاب(النقد الإسلامي المعاصر بين النظرية والتطبيق)، وكتاب(نظريات نقدية وتطبيقاتها)، وكتاب(الرؤيا والتشكيل في الأدب المعاصر)، وكتاب(التفسير الموضوعي نظرية وتطبيقًا)، وكتاب(مصادر التفسير الموضوعي)، وكتاب(نظريات الإعجاز)، وكتاب(النقد التطبيقي الجمالي واللغوي في القرن الرابع الهجري)،...إلخ
إن باحثًا -بهذه الرحلة العلمية والتعليمية المديدة والمتنوعة مكانًا وزمانًا، فكرًا وأجناسًا وأجيالاً – قمينٌ بأ يُقرَأ له ويُحاور، ويُستفاد من تجاربه في تعاملنا الحائر والشائك مع المنجز الفكري العربي ماضيًا وحاليًا ومستقبلاً.
ولعل في عرض كتابه(نظريات نقدية وتطبيقاتها) في موقع الوراق ما يساعد على هذه الاستفادة وذلك الحوار الذي أرجو أن يكون مفيدًا وبناءً للجميع:باحثين وناقدين ومبدعين وناشئة شُداة...
 
 6  7  8  9  10 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
المبحث الثالث:نظريات النقد التكويني7    كن أول من يقيّم
 
 أثر ابن طباطبا في تطوير النقد التكويني في القرن الرابع:
 
لقد لاحظ إحسان عباس تحت عنوان:كيف يكون المرء كاتبا أن ابن طباطبا قد أثر في أبي حيان التوحيدي في كيفية نظم النص وإنشائه فآراؤهما في(طبيعة المعاناة الإبداعية متشابهان)[1]
على أن أبا حيان التوحيدي قد تساءل بخصوص المعاناة الإبداعية الأدبية عامة ولم يخصصها بالشعر كما فعل ابن طباطبا، ولبيان ذلك نقرأ قول أبى حيان: "فمن أوائل تلك العناية جمع بدد الكلام، ثم الصبر على دراسة محاسنه، ثم الرياضة بتأليف ماشاكله كثيرا أو وقع قريبا إليه، وتنزيل ذلك على شرح الحال؛ أن لا يقتصر على معرفة التأليف دون معرفة حسن التأليف، ثم لا يقف على اللفظ، وأن كان نازعا شيقا حتى يفلي المعنى فليا، ويتصفح المغزى تصفحا، ويفضي من حقه ما يلزم في حكم العقل، ليبرأ من عارض سقم، ويسلم من ظاهر استحالة، ويعمد حقيقته أولا ثم يؤسسه ثانيا، ليترقرق عليه ماء الصدق ويبدو منه لألاء الحقيقة"[2]
فهو يتحدث عما قبل النص أو(أوائل العناية الإبداعية)ويرسم لها المراحل التالية:
1ـ جمع بدد الكلام
2ـ الصبر على دراسة مصادر المادة الإبداعية الحسنة والمنتخبة
3ـ الرياضة بتأليف ما شاكل تلك المادة، أي ممارسة الكتابة، ويشترط في التأليف كمرحلة هامة أن لا يقتصر فيها الكاتب على معرفة التأليف والكتابة على مستواها البسيط أو الكتابة في درجة الصفر كما يقول النقاد المعاصرون، وإنما لابد من ترقية مستوى درجة الكتابة والتأليف إلى(حسن التأليف).
4ـ تجاوز مستوى الاهتمام بالشكل والصياغة إلى الاهتمام أيضا بالمعنى بحيث(يفلي المعنى فليا ويتصفح المغزى تصفحا)
5ـ يقوم بنقد النص نقدا ذاتيا قبل إعلانه في الناس فيقضي من حقه ما يلزم في حكم العقل ليبرأ من عارض سقم، ويسلم من ظاهر استحالة، ويعمد حقيقته أولا ثم يؤسسه ثانيا ليترقرق عليه ماء الصدق ويبدو منه لألاء الحقيقة) لأن الصدق مما يزيد النص قدرة على التأثير.


[1] ـ إحسان عباس : تاريخ النقد الأدبي عند العرب : 232
[2] ـ أبو حيان التوحيدي : البصائر : 3/7 وما بعدها
*صبري أبوحسين
20 - مايو - 2008
الباب الثاني : القسم التطبيقي : تحليل النصوص     كن أول من يقيّم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الباب الثاني : القسم التطبيقي : تحليل النصوص                                                  97
تمهيد : مفهوم النص وطرق تحليله                               98
الفصل الأول: خبل وسقم للأخطل                                113
الفصل الثاني: شنق زهران لصلاح عبد الصبور                137
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...    كن أول من يقيّم
 
تمهيد:    مفهوم النص وخطوات دراسته
كلمة نص في اللغة تعبر عن الظهور والبيان والكمال، وقد استخدمها الفقهاء وعلماء الأصول استعمالا دقيقا حينما قالوا نص القرآن ونص الحديث، معبرين عن كمال الفكرة أو المعنى المقصود من العبارة، ومن ثم أمكن القول بأن النص هو الكلام الدال على معنى يحسن السكوت عليه بعد سماعه أو قراءته بغض النظر عن طوله أو قصره فقد يكون بيت شعر وقد يكون رواية، فالعبرة بانتهاء المعنى المقصود إلى السامع أو القارئ،وقيل " النص شكل خاص لتقديم مختلف المعلومات تحدده العلاقات المنطقية التي تقيمها بينها"[1]  ويعضد ذلك أنهم عرفوا الشعر بقولهم: "قول موزون مقفى يدل على معنى"فالقول الدال على المعنى هو النص، والوزن والقافية من خصوصيات النوعية.
ويتنوع النص إلى ثلاثة أنواع  أساسية هي  النص الإيضاحي الذي يهدف إلى زيادة المعرفة البشرية في حقل معين  والنص السردي ( ويشمل المقالة السردية والقصة والحكاية والمسرحية)[2] ولعل أكثرها تعقدا هو النص الشعري لما يتطلبه من قيمة صوتية  لا تعدلها في أي نص آخر
والنص  لما كان أوسع بكثير من الكلمات والجمل والفقرات التي يتكون منها فإن ذلك يستوجب إلى جانب علوم اللغة التي تعين على استيعاب الشكل  الاهتمام بالعلوم الأخرى التي تعين على استيعاب المضمون،  لهذا لابد من التمييز بين بنية النص اللغوية وبنية النص المعنوية أو بعبارة أندريه جاك ديشين " بنية السطح" و "بنية العمق"[3]
 
أهداف تحليل النص:قد يكون أهم هدف لتحليل النص ودراسته هو استيعابه، وهذا يطرح مسألة أساسية، وهي ما معنى استيعاب النص؟
قيل " هو تكوين بنية ذهنية مطابقة أو شبيهة بالبنية التي يقصد نقلها مؤلف النص"[4]، ومعنى ذلك أن الهدف الأساسي للأي عملية تحليلية لنص ما هو تكوين بنية مطابقة لبنية النص، ولكن ينبغي أن نعرف أن المطابقة هنا لا تعني المطابقة اللغوية وإلا صار النقد ضربا من المحاكاة الفاشلة، بل تعني المطابقة الذهنية؛ أي تحليل البنية الشكلية الفنية تحليلا يمكن القارئ من استرجاع كل العلاقات التي تربط النص بمكوناته الأساسية؛ العاطفية والفكرية والاجتماعية والنفسية والدينية الرمزية  منها والصريحة.
 وبمعنى آخر إن التحليل الأدبي ينبغي أن يعيد تكوين أفق انتظار الجمهور الأول للعمل الأدبي ، أي منظومة المرجعيات  واخلفيات المعرفية التي تنشأ عن ثلاثة عوامل رئيسية هي: التجربة الأولية التي للجمهور حول النوع الذي تنشأ عنه تلك التجربة وتجربة وموضوعاتية الأعمال السابقة التي تفترض مسبقا معرفتها والتعارض بين اللغة الشعرية وبين اللغة العملية أي بين العالم التخيلي وبين  الواقع اليومي[5]


[1] ـ أندريه جاك ديشين: استيعاب النصوص وتأليفها: 25
[2] ـ أندريه جاك ديشين استيعاب النصوص وتأليفها : 16
[3] ـ استيعاب النصوص  م س : 20
[4] ـ أندريه  جاك ديشين : استيعاب النصوص وتأليفها : 11 ترجمة هيثم لمع / المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع : بيروت
[5] ـ جان إيف تادييه :  النقد الأدبي في القرن العشرين: 263 م س
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...2    كن أول من يقيّم
 
الخطوات الأساسية في تحلييل النصوص الأدبية ودراستها:
 للحديث عن خطوات الدراسة لابد من وقفة سريعة عند مفهوم النقد التطبيقي، لأن تحليل النصوص  مجال خصب للنقد التطبيقي  لذلك صار لزاما أن نبين معنى هذا النقد، ونفرق بينه وبين النقد النظري حتى لا تختلط الأمور.
     لقد اختلف النقاد والدارسون في تعريف النقد لتطبيقي وتحديد مفهومه وذلك الاختلاف يرجع فيما أحسب إلى عاملين أساسيين هما: طبيعة مصادر ثقافتهم ومناهجهم في البحث والنقد من جهة، واختلاف تصوراتهم لجوهر الأدب وغايته ووسيلته من جهة ثانية. حتى وجدنا " رينيه ويلك " يعرفه بأنه تحويل للتجارب إلى ضرب من المعرفة". لذلك ينبغي الإشارة -مقدما- إلى أنه مالنا من سبيل إلى إيجاد مفهوم محدد المعالم إلا بعرض وجهات النظر المختلفة لنصل منها -بحول الله- إلى مفهوم شامل للنقد التطبيقي.
يعتقد غنيمي هلال أن الناقد بانتقاله من النظريات العامة إلى مجال النقد التطبيقي، كان عليه -إذا توفرت له الخبرة والدربة الفنية- أن يتساءل عن: مقومات العمل الفني للنتاج الأدبي الذي يريده الناقد، وعن طريقة الكاتب في تصوير هذه المقومات وتحليلها، وعن الأهداف التي قصد إليها من وراء تصويره في حدود عصره أو فيما رمى إليه من معان إنسانية عامة، وعن مدى نجاحه في جلائها.
إذا أمعنا النظر في هذا تبين لنا أن غنيمي هلال  يعرف هذا الاتجاه باعتبار المراحل التي يمكن أن تمر بها العملية النقدية ويحصرها في أربعة دوائر هي:
  ـ المقومات الأساسية للنص الأدبي المعين باعتباره نوعا من الأنواع الأدبية، شعر، رواية ،مسرحية
 ـ الطريقة التي أنجز بها النص الذي هو موضوع الدراسة.
 ـ الأهداف الأخلاقية والاجتماعية والجمالية التي يهدف إليها النص
 ـ  الحكم بالجودة أو الرداءة لملاحظة مدى نجاحه.
 
 ولا شك أن هذا التعريف شامل لأنه ضم طرفي النص: الشكل والمضمون، دون أن ينسى الحكم والتقييم فضلا عن التقويم، ودون أن ينسى أن النص الأدبي ليس كيفيات ركبت عليها اللغة فحسب، وإنما هو أيضا رؤية فكرية وفلسفية للحياة، وهو محق في ذلك لأن " الشعر ليس هو الفن الأكثر تكثيفا فحسب بل هو أيضا الأكثر فلسفة ".
نعم قد يكون ذلك التعريف شاملا لمفهوم النقد التطبيقي ولكنه مع ذلك لم يشر إلى الأدوات والوسائل التي تمكننا من القيام بذلك العمل الخطير.وهو الأمر الذي سيهتم به الدكتور شوقي ضيف وهو بصدد الحديث عن نصوص الشعر ودراستها، حيث فرق بين مستويين من مستويات دراسة النص هما: المستوى الخارجي والمستوى الداخلي
 
أولا: المستوى الخارجي: ويطلق عليه أحيانا السياق التاريخي:
 ويشمل ما يقوله الناقد بخصوص محيط النص ومصدره وخاصة:      
ـ توثيق النص أو تاريخيته :إذ يوثق النص بإرجاعه إلى مصدره وزمانه ومكانه بغرض التأكد من صحته ومناسبة  القراءة التأويلية والتفسيرية  لزمانه ومكانه.
وعليه فإن أهم منهج يصلح لتوثيق النصوص هو المنهج التاريخي، ولكن في الواقع نجد أننا في دراسة النص وفق هذا المنهج نحتاج إلى التمييز بين سوسيولوجية النص وسوسيولوجية الكاتب وسوسيولوجية  وسيكولوجية القارئ
1ـ سوسيولوجية النص وتاريخيته : وتقوم على دراسة زمان النص ومكانه فهما عنصران يمثلان ركيزتي العالم الإنساني[1]
أـ زمان النص: وللنص أكثر من زمان؛
ـ  منها زمان نشأة النص وهذا الزمان قد يعبر عنه بمناسبة النص، وكلما كان ذلك دقيقا كان أكثر فائدة لارتباط الأفكار التي يطرحها بذلك الزمان، ومن هنا وجدنا مبرر تاريخ الأدب باعتبار العصور كالعصر الجاهلي والعصر الإسلامي والأموي والعباسي، وهو المنهج الذي تعمل به كثير من الدراسات مثل تاريخ الأدب لشوقي ضيف
ـ ومنها زمان موضوع الحدث الذي يعالجه النص لاسيما إذا كان قصة أو مسرحية، فزمان مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم يمثل زمانا تاريخيا ما ، وزمان كتابة المسرحية هو زمان فترة التفكير في البعث العربي الذي هو جزء من زمان الكاتب.
ـ ومنها زمان السرد
وتجب الإشارة هنا إلى أن الدارسين ينبهون على أهمية المقارنة بين ترتيب زمان الحكاية وترتيب زمان القصة، إذ كثيرا ما يبلبل الكاتب زمان القصة ليرتبه على غير ترتيب الأحداث في الحكاية القصصية فقد يذكر الكاتب حدثا قبل أوانه ويسمى السوابق وقد يعود إلى حدث قديم عن طريق التذكر ويسمى اللواحق[2]


[1] ـ سمير المرزوقي  وجميل شاكر: مدخل إلى نظرية القصة تحليلا وتطبيقا : 54  منشورات الدار التونسية ودار لشؤون الثقافية العامة / بغداد/1986
[2] ـ مدخل إلى نظرية القصة : م س : 75
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...3    كن أول من يقيّم
 
ـ ومنها زمان النشر
ب ـ مكان النص: وللمكان الذي أنجز فيه الكاتب  النص أهمية في دراسة النص، لأنه يزودنا بالفهم الحقيقي لمقاصد الكاتب ذلك لأن الإنسان ابن بيئته، مهما يكن خياله مبدعا فإنه في النهاية يصور ما تقع عليه عينه بشيء من التركيب الذي يمزج بين الصور التي التصقت بمخيلته عن طريق المشاهدة أو عن طريق القراءة، ولكن قد يسافر إلى مناطق معينة فتزوده بصور جديدة يضمنها النص، وعلى هذا فللمكان أكثر من دلالة فهناك المكان الذي يصوره والمكان الذي أثر فيه بما فيه من عادات وتقاليد.
ـ ثم هناك مكان آخر للنص هو مكان حركة بطل القصة، ويسمى  المكان الأصلي، وتتمثل وضيفته في القصة مثلا في خلق مبررات الأفعال والأسفار
2 ـ سوسيولوجية الكاتب:
 
أـ زمان الكاتب: وللكاتب زمان محدد يبدأ بموته وينتهي بوفاته،  لكنه يتعدد بتعدد الظروف السياسية التي عاشها، وهذا الذي جعل توفيق الحكيم يعبر في ( عودة الروح) عن زمان جمال عبد الناصر فلما توفي وجاء زمان أنور السادات كتب ( عودة الوعي) التي قدم له بشأن مضمونها نقد كبير من طرف الناصريين
ب ـ مكان الكاتب: ومكان الكاتب مهم لأنه يحدد لنا العوامل التي أثرت فيه من عادات وتقاليد وديانات وغيرها ويسمى المكان الأصلي،وهو عادة مسقط الرأس ومحل العائلة والأنس[1] وتتمثل وضيفته في معرفة البيئة التي تشكل فيها خيال الكاتب، مما يعين على  تفسير وتبرير الأفعال والأسفار، والخيالات وأساليب التصوير، فهو مرجعية أساسية لفكر الكاتب جملة، وقد يملي المكان على الكاتب حين يتغير معاني وصور وخيالات لم تكن في أدبه  يوم أن كان مستقرا في المكان الأصلي ولهذا يهتم الأدب المقارن بتأثير المكان الجديد في رحلة الكاتب، ولكن يضل هذا المكان غير المكان الأصلي، فنحن نجد القصاص وهو ينجز عملا أدبيا في أوروبا تعود به الذكريات إلى المكان الأصلي فيصفه بوصف أدق مما يعيش فيه اليوم في الغربة
 
3 ـ سوسيولوجية القارئ: إن قبول القارئ قراءة النص هو إقرار ضمني بمبدأ المشاركة.وعليه فلا بد من معرفة الأبعاد التي سيتعامل بها للمشاركة في فهم النص وربما إعادة إنتاجه، مما يستوجب فهم سوسيولوجية القارئ وسيكولوجيته من خلال أربعة عناصر، زمانه ومكانه ومعرفته وملكاته :
أ ـ زمان القارئ: قارئ العصر العباسي للأدب الجاهلي  غير قارئ العصر الحديث له لأن القارئ يتطور وفق المعارف الجديدة التي تزوده بمهارات لم تكن عند قارئ قديم، إن من يقرأ الآن عودة الروع وعودة الوعي يختلف عمن قرأ عودة الوعي وحدها في زمان نشرها ولا نقول زمان الكتابة لأنهما مختلفان
ب ـ مكان القارئ: المستشرق حين يقرأ الأدب العربي  يختلف بسبب طبيعة البيئة التي ينتمي إليها عن  قارئ عربي لأنه يقرأ من زاوية ما زودته به بيئته، وهذا ما يميز القراءات ويكشف عما بينها من فروق.
ويرتبط بسو سيولوجية القارئ ما يطلق عليه خصائص القارئ : لكي يستوعب القارئ النص لابد من أمرين هما بنيته المعرفية وسيرورته السيكولوجية:
ج ـ البنية المعرفية للقارئ: ويقصد بها محتوى الذاكرة سواء كأساس للمعلومات الجديدة التي يقدمها النص   أو كمخزن يختزن المعلومات التي تساعد على الفهم، فالذاكرة وسيلة فضلى لدى القارئ لاستخراج معنى النص [2] ذلك لأنه بحاجة ماسة إلى كل المعارف لاسيما العلوم الدينية والإنسانية وعلوم الآلة من لغة ونحو  وبلاغة.
د ـ السيرورة السيكولوجية للقارئ: وتتضمن كل النشاطات الإدراكية التي تدخل في عملية استيعاب المعلومات التي يقدمها النص من إدراك وحفظ وتخيل وذكاء والمعرفة المكتسبة أو المرجعية، وما نسميه الخلفية المعرفية، وكل هذه يقوم على تحفيزها النص [3]


[1] ـ مدخل إلى نظرية القصة م س : 58
[2] ـ استيعاب النصوص..م س 40
[3] ـ استيعاب  النصوص م س : 39
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...4    كن أول من يقيّم
 
ثانيا المستوى الداخلي: ويشمل كل الخصائص المميزة للنوع الأدبي ومنها: خصائص  بنية الشكل( السطح)  وخصائص بنية المضمون أو (العمق) :
 
1ـ خصائص بنية المضمون ( الخصائص العميقة) :
يمكن أن نسوق هنا تساؤلا مهما طرحه بعض النقاد المهتمين بتحليل النص[1] مفاده : "ما فائدة إخبار شخصيةٍ شخصيةً أخرى مع العلم أنها كائنات خيالية إن في النص أو في العرض؟ وفي أي مستوى تكمن الإفادة: هل على مستوى خطاب الشخصيات فيما بينها أو خطاب المؤلف الموجه للقارئ أو الجمهور؟ قبل الإجابة عن هذه التساؤلات نشير إلى أن مبدأ المشاركة في هذا النوع من الخطاب يكمن في توظيف المؤلف للغة، بجميع مستوياتها، التي يقرأ بها الجمهور-الهدف. أضف إلى ذلك أنه حينما قرر أن يطبع عمله، كان مقرا بما سينجز عن قراءة الناس له من تفاعلهم ورضاهم به، وبالتالي تقبله أو رفضه وانتقاده بشدة. وعليه، انطلاقا من ذلك، أن يفتح لهم صدره، وفي ظروف خاصة، عليه أن ينتظر ردود فعل قد تمس بشخصه؛ والأمثلة على ذلك كثيرة.
أضف إلى ذلك أن هذا الإقرار الضمني بمبدأ المشاركة هو نفسه موجود لدى القارئ بتفاعله مع النص من حيث محتوياته وخلفياته المتعددة المستويات، وبالملاحظات التي قد يسديها للمؤلف بطريقة أو بأخرى"
 
 من الواضح أن الإجابة عن هذه التساؤلات يعني أن هذه الدراسة تبحث دائما في ضوء نظريات الوظيفة الأدبية التي تحاول أن تجيب عن:
1ـ موضوع النص وتناسبه مع العنوان: لئن كان من النقاد من  يولي أهمية كبيرة لتحليل العنوان تحليلا أسلوبيا باعتبار أنه أول ما يواجه القارئ من القصيدة، فإن  هناك من يقول بلا شعرية العنوان  ويعلل لذلك بكون  عنوان القصيدة ـ أي قصيدةـ هو عمل عقلي وتمركز منطقي  غير شعري[2]
2ـ الفكرة الرئيسية للنص  والأفكار الجزئية المتفرعة عنها
3ـ الأثر العقدي والأخلاقي الذي يحدثه الموضوع في المتلقي
4ـ النموذج الذي يرسمه ويصوره في مخيلة القارئ باعتبار مبدأ القدوة، ومبدأ العبرة أوالتحذيرات ، ومبدأ الفطرة أوالطبيعة
 وعليه فالبحث هنا في بنية المضمون  سينصب على ( الفحوى والجمل الدلالية،، والبنية البسيطة أي المعاني الجزئية وهي التي تعكس الجمل ولذلك يهم الاهتمام بعناصر الربط بينها،  والبنية العميقة مثل موضوع الكلام وعنوانه وفكرته لأساسية وهي التي تعكس بشكل عام بنية السطح أو بناء العمل الأدبي وتنظيمه الإجمالي والحكاية أو السردية والوصف)
ويمكن تفصيلها عبر نقطتين: الفكرة والعاطفة
 
1/ أ ـ  الفكرة:
 لقد قيل : " داخل مختلف مكونات بنية النص لاتكون المعلومات كلها بنفس القدر من الأهمية وأهمية المعلومات النسبية هي عامل يعتبر مهما جدا في سيرورة الاستيعاب والحفظ ، ومن المعروف في الواقع أن لبعض أفكار النص أولوية في الترتيب بالنسبة لأفكار أخرى أقل أهمية وذلك تبعا لمختلف مستويات البنية التراتبية أو داخل المستويات نفسها وبمعزل عن البنية"[3]
 تعتبر "الفكرة أو الموضوع هي/هو/ الذي يربط الجمل الخاصة ضمن بناء معين سواء أكان في العمل بمجمله أو أحد أجزائه"[4]،  وقد يتشكل "الموضوع أو الفكرة من عناصر موضوعاتية صغيرة مرتبة تبعا لنمطين أساسيين ؛ فهي إما أن تتبع السببية ونظام التدرج الزمني أو أنها تخلو من تلك السببية ومن الاعتبارات الزمنية، أما الفئة الأولى فتتضمن الأعمال التي تتضمن شكل الحدث( كالقصص القصيرة والروايات والملاحم) أما الثانية فهي تلك التي تخلو من ذلك الشكل ( كالشعر وقص الأسفار)"[5]
ودراسة الفكرة في الحالين  تشمل عنوان الموضوع وعلاقته بمضمون النص  والفكرة الرئيسية والأفكار الجزئية. ففي دراسة العمق لابد من الوقوف على الأهداف الفكرية والأخلاقية والاجتماعية ويشمل نوعين ، المعاني البسيطة وهي التي تقابل الجمل، والقضايا أو الموضوعات وهي التي  تقابل النص الكامل و بنية النص وهنا يجب التعرض للوحدة الموضوعية، ومقياس الوحدة العضوية هو ترتيب أجزاء الفكرة  ونمو الصور ودلالة هذا النمو على الحركة الشعورية في نظام منطقي عند غير الرمزيين ونظام نفسي إيحائي عند الرمزيين"[6]
 وقد يكون النص بأكمله رمزا لفكرة كما الحال  في مسرحية أهل الكهف  لتوفيق الحكيم.وعندئذ سنتساءل عن أثر الفكرة في القارئ بناء على مبدأ القدوة والتحذيرات فنتساءل في ضوء نظريات  الوظيفة الأدبية عن:
1ـ الأثر العقدي والأخلاقي الذي يحدثه النص الأدبي في المتلقي عن طريق رمزية النص كاملا أو عن طريق الرمز الجزئي كالشخصيات
 
 
 


[1] ـ البعد التلميحي في الخطاب المسرحي م س
[2] ـعدنان حسين قاسم :  الاتجاه الأسلوبي البنيوي في نقد الشعر العربي: 321 دار ابن كثير / دمشق ـ بيروتط 1 1992
[3] ـ  استيعاب النصوص وتأليفها :31/ اندريه جان ديشيه / ترجمةهيثم لمعالمؤسسة الجامعة للدراسات: بيروت 1991
[4] ـ جان إيف تادييه : النقد الأدبي في القرن العشرين : 27
[5] ـ جان بياجيه م س 28
[6] ـ الحداثة في الشعر العربي المعاصر : 90
[7] ـ البعد التلميحي في الخطاب المسرحي : م س
[8] ـ توفيق الحكيم: أهل الكهف:89
[9] ـ محمد إبراهيم حور : وآخرون: في الأدب والنقد واللغة: ص 258
[10] ـ  المعجم الوسيط مادة عطف : ص: 608
[11] ـ  دا فيد ديتشيز:  الأدب والمجنمع: 264 ترجمة : عارف حديفة/ منشورات وزارة الثقافة / سورية دمشق 1987
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...5    كن أول من يقيّم
 
2ـ النموذج الذي يرسمه ويصوره في مخيلة القارئ باعتبار مبدأ القدوة (الأسوة)، ومبدأ التحذيرات (العبرة) ، ومبدأ الطبيعة (الفطرة)
إذ لابد من الانتباه إلى أنه "ما فائدة إخبار شخصيةٍ شخصيةً أخرى مع العلم أنها كائنات خيالية إن في النص أو في العرض؟ وفي أي مستوى تكمن الإفادة: هل على مستوى خطاب الشخصيات فيما بينها أو خطاب المؤلف الموجه للقارئ أو الجمهور؟ ...أضف إلى ذلك أن هذا الإقرار الضمني بمبدأ المشاركة هو نفسه موجود لدى القارئ بتفاعله مع النص من حيث محتوياته وخلفياته المتعددة المستويات، وبالملاحظات التي قد يسديها للمؤلف بطريقة أو بأخرى"[1]
فالكاتب يقصد بالضرورة من الشخصية ومن الحوار شيئا محددا هو ما ينبغي الوقوف على أثره فنحن عندما نقرأ  الحوار التالي بين شخصيتين في أهل الكهف لتوفيق الحكيم:
مشلينيا:كنت كذلك يوم كان الحب يرفعك عن هذه الأرض
بريسكا: الحب
مشلينيا: الذي كان عندك أقوى من العقيدة أقوى من الدين لأن عقيدةالملائكة حب
بريسكا: عقيدة الملائكة حب؟
مشلينيا:أتجهلين ذلك الآن؟
بريسكا:هذا أحسن ما سمعت منك أيها القديس..وأعقل ما قلت اليوم[2]
 أن توفيق الحكيم يطرح هنا فلسفة الحب والعقيدة كما يتصورهما، وبغض النظر عن خصوصيات الرؤية التي ينطلق منها هو فإن العمل الأدبي الذي بين أيدينا يطرح فكرة لابد من الوقوف عليها في تحليلنا لبنية النص العميقة
 
 
1/ب ـ العاطفة:عنصر أدبي أساسي يدخل في المضمون إلى جانب الفكرة، ويعبر عنه بعض النقاد بالشعور، أو التجربة الشعورية، ويعبر عنه آخرون بالانفعال ، والحق أن الفرق بين المصطلحات لا يؤثر كثيرا وسنأخذ بمصطلح العاطفة لأنها أكثر المصطلحات استخداما في النقد الأدبي.
والعاطفة مجموعة من المشاعر والأحاسيس التي تنتاب الأديب عندما يمر بتجربة ما وهو يحاول أن يعبر عنها في صورة لفظية معينة بغية إيصالها إلى القراء لمشاركته في تجربته والتفاعل معه فيما يحس"[3]
 والعاطفة في علم النفس: استعداد نفسي ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة والقيام بسلوك خاص حيال فكرة أو شيء[4]
 
 أنواع العواطف: وتنقسم العواطف إلى عواطف شخصية ذاتية  وعواطف موضوعية عامة كعواطف الألم، ويقسمها بعضهم إلى عواطف الأديب وعواطف المتلقي، ولكن الذي يهم في الحقيقة هو عاطفة النص الأدبي؛ لأنها تتميز بالموضوعية والثبات إذ هي مرتبطة بالنص خالدة بخلوده، ولذلك يصر توماس إليوت على أهمية المعادل الموضوعي في الأدب لأنه يحافظ على التوازن بين كم الانفعال في النص الأدبي أي العاطفة الثابتة، فلا يدع العاطفة تطغى على الشكل فتفضي بالنص الأدبي إلى المباشرة ، ولا تضعف فتؤديي إلى الزخرفة اللفظية.لذلك قيل:"إن أظهر علامة على الانحطاط في الأدب هي الحذلقة في الأسلوب وذلك لأن الكاتب تغيب عن نظره وظيفته الحقة عندما يغدو معنيا بالتأثير فينا بطريقة الكتابة أكثر منه بما يقول"[5]
 وفي النص القصصي قد يعالج باعتباره انفعالا وليس عاطفة مجردة وعليه يتوقف الصراع والمواقف التي تجسدها الشخصيات
 
2ـ خصائص بنية الشكل ( السطح): ويضمها الأسلوب والخيال:( الأحرف والمقاطع الصوتية  والكلمات والعبارات والجمل من إسمية وفعلية ودلالة كل منهما والضمائر والبلاغة بفروعها  ونظام الفقرات أو المشاهد  والبنية الكلية والوحدة العضوية وكيفية السردية التي تكون الحكاية)
 
2/أ ـ الأسلوب : ويعرف الأسلوب بأنه الجانب الشخصي في الكتابة وفي هذه الحال يكون انسيابيا لا نستطيع تحديده فهو شيء وهمي لكن عند البحث عنه في التراكيب نجد البلاغة تقسم الأسلوب إلى خبري وإنشائي، وهذا يجعل أمر الدراسة ميسورا لكن من جهة أخرى سيختفي معنى ( الأسلوب هو الرجل)،
ويطلق على الأسلوب  مصطلح الشكل أوالصورة ، ولكن في اللغات الغربية يطلقون مصطلح form  ليعبروا عن الشكل كما في شكل المقال المتكون من المقدمة والعرض والخاتمة، ويطلقون مصطلح:stille للتعبير عن الأسلوب، ويطلقون مصطلح  imagination ويريدون به الخيال ومصطلح image ويريدون به الصورة البيانية، ويبدو أن هذا أوضح.
 ويرى أحمد الشايب أن الصورة الأدبية تطلق ويراد بها معنيان؛ أحدهما ما يقابل المادة الأدبية ويظهر في الخيال والعبارة، والثاني ما يقابل الأسلوب، ويتحقق بالوحدة وهذه الوحدة تقوم على ثلاث صفات؛ الكمال بحيث لا تقبل نقصا في بعض أجزائها ولا زيادة لأنها تعد حشوا يشوهها، والتأليف الذي يربط بين أجزاء العمل الأدبي كما في تأليف  فصول الرواية،  والتناسب بحيث تستبعد كل العناصر التي تدخل النشاز على العمل الأدبي، سواء كان النشاز صورة دخيلة أو انفعالا  مفتعلا أو تركيبا معقدا، أو محسنات بديعية زائفة.
 
 وأما مقاييس الأسلوب العامة فخمسة هـي : الوضوح في الأفكار والمعاني ويكون نتيجة تجنب التعقيد في التركيب،  والقوة في التعبير، والجمال في التنسيق، والصحة في استعمال الكلمات من جهة المعجم ومن جهة التراكيب النحوية والصرفية، والدقة في التوظيف البلاغي كالتقديم والتأخير والحذف، والفصل والوصل.
 وهذه المقاييس تتأثر بأمرين: الموضوع الأدبي؛ إذ كثيرا ما يفرض نوع الموضوع الأسلوب المشابه لـه، و شخصية الأديب، وهي أوضح، ومن هنا قيل الأسلوب هو الرجل.
 
وعلى العموم يمكن دراسة الأسلوب من النواحي التالية( بناء النص وتركيبه ولغته وتراكيب جمله وموسيقاه)
 


[1] ـ البعد التلميحي في الخطاب المسرحي : م س
[2] ـ توفيق الحكيم: أهل الكهف:89
[3] ـ محمد إبراهيم حور : وآخرون: في الأدب والنقد واللغة: ص 258
[4] ـ  المعجم الوسيط مادة عطف : ص: 608
[5] ـ  دا فيد ديتشيز:  الأدب والمجنمع: 264 ترجمة : عارف حديفة/ منشورات وزارة الثقافة / سورية دمشق 1987
[6] ـ أحمد عثمان رحماني : التفسير الموضوعي نظرية وتطبيقا: 65ـ 74
[7] ـ محمد حمود: الحداثة في الشعر العربي المعاصر بيانها ومظاهرها: 77 / الشركة العالمية للكتاب / بيروت            
[8] ـ  الحداثة في الشعر ...م س 85
[9] ـ الحداثة في الشعر : م س : 86
[10] ـ عز الدين إسماعيل : الأدب وفنونه: 200
[11] ـ مدخل إلى نظرية القصة م س : 89
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...6    كن أول من يقيّم
 
2ـ النموذج الذي يرسمه ويصوره في مخيلة القارئ باعتبار مبدأ القدوة (الأسوة)، ومبدأ التحذيرات (العبرة) ، ومبدأ الطبيعة (الفطرة)
إذ لابد من الانتباه إلى أنه "ما فائدة إخبار شخصيةٍ شخصيةً أخرى مع العلم أنها كائنات خيالية إن في النص أو في العرض؟ وفي أي مستوى تكمن الإفادة: هل على مستوى خطاب الشخصيات فيما بينها أو خطاب المؤلف الموجه للقارئ أو الجمهور؟ ...أضف إلى ذلك أن هذا الإقرار الضمني بمبدأ المشاركة هو نفسه موجود لدى القارئ بتفاعله مع النص من حيث محتوياته وخلفياته المتعددة المستويات، وبالملاحظات التي قد يسديها للمؤلف بطريقة أو بأخرى"[1]
فالكاتب يقصد بالضرورة من الشخصية ومن الحوار شيئا محددا هو ما ينبغي الوقوف على أثره فنحن عندما نقرأ  الحوار التالي بين شخصيتين في أهل الكهف لتوفيق الحكيم:
مشلينيا:كنت كذلك يوم كان الحب يرفعك عن هذه الأرض
بريسكا: الحب
مشلينيا: الذي كان عندك أقوى من العقيدة أقوى من الدين لأن عقيدةالملائكة حب
بريسكا: عقيدة الملائكة حب؟
مشلينيا:أتجهلين ذلك الآن؟
بريسكا:هذا أحسن ما سمعت منك أيها القديس..وأعقل ما قلت اليوم[2]
 أن توفيق الحكيم يطرح هنا فلسفة الحب والعقيدة كما يتصورهما، وبغض النظر عن خصوصيات الرؤية التي ينطلق منها هو فإن العمل الأدبي الذي بين أيدينا يطرح فكرة لابد من الوقوف عليها في تحليلنا لبنية النص العميقة
 
 
1/ب ـ العاطفة:عنصر أدبي أساسي يدخل في المضمون إلى جانب الفكرة، ويعبر عنه بعض النقاد بالشعور، أو التجربة الشعورية، ويعبر عنه آخرون بالانفعال ، والحق أن الفرق بين المصطلحات لا يؤثر كثيرا وسنأخذ بمصطلح العاطفة لأنها أكثر المصطلحات استخداما في النقد الأدبي.
والعاطفة مجموعة من المشاعر والأحاسيس التي تنتاب الأديب عندما يمر بتجربة ما وهو يحاول أن يعبر عنها في صورة لفظية معينة بغية إيصالها إلى القراء لمشاركته في تجربته والتفاعل معه فيما يحس"[3]
 والعاطفة في علم النفس: استعداد نفسي ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة والقيام بسلوك خاص حيال فكرة أو شيء[4]
 
 أنواع العواطف: وتنقسم العواطف إلى عواطف شخصية ذاتية  وعواطف موضوعية عامة كعواطف الألم، ويقسمها بعضهم إلى عواطف الأديب وعواطف المتلقي، ولكن الذي يهم في الحقيقة هو عاطفة النص الأدبي؛ لأنها تتميز بالموضوعية والثبات إذ هي مرتبطة بالنص خالدة بخلوده، ولذلك يصر توماس إليوت على أهمية المعادل الموضوعي في الأدب لأنه يحافظ على التوازن بين كم الانفعال في النص الأدبي أي العاطفة الثابتة، فلا يدع العاطفة تطغى على الشكل فتفضي بالنص الأدبي إلى المباشرة ، ولا تضعف فتؤديي إلى الزخرفة اللفظية.لذلك قيل:"إن أظهر علامة على الانحطاط في الأدب هي الحذلقة في الأسلوب وذلك لأن الكاتب تغيب عن نظره وظيفته الحقة عندما يغدو معنيا بالتأثير فينا بطريقة الكتابة أكثر منه بما يقول"[5]
 وفي النص القصصي قد يعالج باعتباره انفعالا وليس عاطفة مجردة وعليه يتوقف الصراع والمواقف التي تجسدها الشخصيات
 
2ـ خصائص بنية الشكل ( السطح): ويضمها الأسلوب والخيال:( الأحرف والمقاطع الصوتية  والكلمات والعبارات والجمل من إسمية وفعلية ودلالة كل منهما والضمائر والبلاغة بفروعها  ونظام الفقرات أو المشاهد  والبنية الكلية والوحدة العضوية وكيفية السردية التي تكون الحكاية)
 
2/أ ـ الأسلوب : ويعرف الأسلوب بأنه الجانب الشخصي في الكتابة وفي هذه الحال يكون انسيابيا لا نستطيع تحديده فهو شيء وهمي لكن عند البحث عنه في التراكيب نجد البلاغة تقسم الأسلوب إلى خبري وإنشائي، وهذا يجعل أمر الدراسة ميسورا لكن من جهة أخرى سيختفي معنى ( الأسلوب هو الرجل)،
ويطلق على الأسلوب  مصطلح الشكل أوالصورة ، ولكن في اللغات الغربية يطلقون مصطلح form  ليعبروا عن الشكل كما في شكل المقال المتكون من المقدمة والعرض والخاتمة، ويطلقون مصطلح:stille للتعبير عن الأسلوب، ويطلقون مصطلح  imagination ويريدون به الخيال ومصطلح image ويريدون به الصورة البيانية، ويبدو أن هذا أوضح.
 ويرى أحمد الشايب أن الصورة الأدبية تطلق ويراد بها معنيان؛ أحدهما ما يقابل المادة الأدبية ويظهر في الخيال والعبارة، والثاني ما يقابل الأسلوب، ويتحقق بالوحدة وهذه الوحدة تقوم على ثلاث صفات؛ الكمال بحيث لا تقبل نقصا في بعض أجزائها ولا زيادة لأنها تعد حشوا يشوهها، والتأليف الذي يربط بين أجزاء العمل الأدبي كما في تأليف  فصول الرواية،  والتناسب بحيث تستبعد كل العناصر التي تدخل النشاز على العمل الأدبي، سواء كان النشاز صورة دخيلة أو انفعالا  مفتعلا أو تركيبا معقدا، أو محسنات بديعية زائفة.
 
 وأما مقاييس الأسلوب العامة فخمسة هـي : الوضوح في الأفكار والمعاني ويكون نتيجة تجنب التعقيد في التركيب،  والقوة في التعبير، والجمال في التنسيق، والصحة في استعمال الكلمات من جهة المعجم ومن جهة التراكيب النحوية والصرفية، والدقة في التوظيف البلاغي كالتقديم والتأخير والحذف، والفصل والوصل.
 وهذه المقاييس تتأثر بأمرين: الموضوع الأدبي؛ إذ كثيرا ما يفرض نوع الموضوع الأسلوب المشابه لـه، و شخصية الأديب، وهي أوضح، ومن هنا قيل الأسلوب هو الرجل.
 
وعلى العموم يمكن دراسة الأسلوب من النواحي التالية( بناء النص وتركيبه ولغته وتراكيب جمله وموسيقاه)
1  ـ بناء النص وتركيبه:
1/أ/ البناء : لعل أول من طرح مشكلة تعدد الأبنية هم دارسوا القرآن الذين ميزوا بين السور القرآنية من جهة الأبنية  ففرقوا ين الطوال والمئين والقصار ودرسوا المقدمة والخاتمة وعلاقتهما ببناء الصورة وموضوعها[6]
 


[1] ـ البعد التلميحي في الخطاب المسرحي : م س
[2] ـ توفيق الحكيم: أهل الكهف:89
[3] ـ محمد إبراهيم حور : وآخرون: في الأدب والنقد واللغة: ص 258
[4] ـ  المعجم الوسيط مادة عطف : ص: 608
[5] ـ  دا فيد ديتشيز:  الأدب والمجنمع: 264 ترجمة : عارف حديفة/ منشورات وزارة الثقافة / سورية دمشق 1987
[6] ـ أحمد عثمان رحماني : التفسير الموضوعي نظرية وتطبيقا: 65ـ 74
[7] ـ محمد حمود: الحداثة في الشعر العربي المعاصر بيانها ومظاهرها: 77 / الشركة العالمية للكتاب / بيروت            
[8] ـ  الحداثة في الشعر ...م س 85
[9] ـ الحداثة في الشعر : م س : 86
[10] ـ عز الدين إسماعيل : الأدب وفنونه: 200
[11] ـ مدخل إلى نظرية القصة م س : 89
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...7    كن أول من يقيّم
 
 وفي بناء النص الأدبي نتناول الشكل التعبيري الذي يختاره المبدع لطرح فكرته من شعر أو قصة أو مسرحية، لكن عندما يختار الشعر فإن ذلك لايعني أن البناء الشعري واحد إذ أن القصيدة قد تكون عمودية وقد تكون في شكل مقطوعات متكاملة كما في الإلياذة، وقد  تكون في شكل معلقات تحتوي على عناصر تمثل التقاليد الفنية عند الجاهلي، وقد تكون في شكل موشح كما في الموشحات الأندلسية، وقد تكون في شكل القصيدة المبنية على التفعيلة، وفي قصيدة التفعيلة تتداخل وسائل التعبير مع وسائل القصة والمسرحية فينتج الشعر القصصي والشعر المسرحي، وقد يزهد الشاعر في الوزن فتسمى قصيدة نثرية، وقد يبالغ في الإيجاز فتسمى قصيدة الومضة، وقد يبالغ في الاهتمام بالشكل فيكون قصيدة تقرأ من اليمين إلى الشمال فتعطي معنى كالمدح ، وتقرأ من الشمال إلى اليمين فتعطي معنى عكسيا كالهجاء، أو تبنى على الشكل الدائري، أو البناء الحلزوني، وفي الغالب يكون هذا الأخير في مرحلة الجمود والتكلف في الصنعة، وفي جميع الأحوال فإن كل شكل يعد بناء هرميا مميزا قد يعبر عن اختيار تفرضه فلسفة الكاتب كمن يعادي التراث بدعوى الثورة على كل التقاليد الفنية والأخلاقية كما في شعر الحداثة المزعومة، وقد يعبر عن التمسك بالتراث فيكون فلسفة تعبر عن موقف يمثل الاعتزاز بالانتماء الحضاري. وقد يعبر الشاعر عن فلسفته باختيار شكل يمزج بين القصيدة العمودية والقصيدة التفعيلية ويسمى هذا النمط( القصيدة الممزوجة)[1]، وعلى العموم فإن بعض الشعراء يبررون الأبنية المتعددة باستجابتها للمضمون المراد كأن يبرر السياب القصيدة الحلزونية بأنها "تتضمن موقفا شعوريا واحدا ... وفي هذا البناء تكون الرؤية الشعورية الأولى محور الانطلاقة في آفاق الرؤيا بحيث يبدأ كل مقطع من نقطة الانطلاقة الأولى يدور الشاعر دورته ليؤلف دورة كاملة لا تنغلق على نفسها إنما تسلم ذاتها إلى دورة ثانية وثالثة"[2]
1/ب ـ البناء:  يرتبط بالبناء بصفة عامة مشكلتا البداية والنهاية  والوحدة العضوية، إذ يحتاج النص دائما إلى وحدة تجمع بين بدايته ونهايته فمتى تكون نهاية النص حقيقية ومتى تكون مفتعلة؟  صلاح عبد الصبور يرى: "أن محك الكمال في القصيدة احتواؤها على ذروة شعرية تقود كل أبيات القصيدة إليها وهذه الذروة ليست بالمعنى الذي نجده في الدراما وإن كانت تحتوي عنصرا دراميا ولكنها أقرب ما يكون إلى ما اصطلح العرب على تسميته( بيت القصيد) كما يعتقد عبد الصبور بأن الذروة يمكن أن تكون في وسط القصيدة بحيث يبدو أولها وختامها جناحين لهذا القلب"[3]
ويرتبط بالبناء مشكلة الطول والقصر وفي الغالب يطرح الأمر بخصوص  الشعر كما يطرح في الفرق بين القصة الطويلة والقصيرة ، ويرى معظم النقاد أن السبب في ذلك في الغالب هو استجابة الشكل لطبيعة الموضوع فقد يكون الحدث بسيطا فيحتاج إلى قصة قصيرة وقد تتعدد الأحداث وتتعقد فتتطلب رواية لتعبر عنها، فالقصة  أقل من الرواية طولا وعدد أحداث، ، لأنها تتناول حادثة رئيسية واحدة قليلة التشعب،تستغرق زمنا قصيرا نسبيا،  تتفاعل فيها شخصيات قليلة وتنتهي في زمن قصير.
والرواية هي القصة الطويلة التي قد تستغرق عدة أجزاء تتناول حقبة من الزمن بالتعرض لحياة الناس فيها وتعنى بإبراز أهم الأحداث التي يخضعون لها، ويتفاعلون معها ، فضلا عن تصوير حياة أبطالها وأجوائهم النفسية والاجتماعية وصراعهم فيما بينهم.
 
 والقصة القصيرة هي ماكان أقل من القصة حجما وأحداثا وزمانا، وفي الغالب تتناول حادثة واحدة مرتبطة بشخصية واحدة أو عاطفة واحدة أو مجموعة من العواطف التي يثيرها موقف واحد[4].
ويمكن أن نظيف إلى ذلك جانبا آخر مهما في مسألة بناء النص هو ( الإضمار) وهوحذف جزء من السرد على سبيل الاختصار، سواء نص السارد على ذلك كأن يقول :( ومرت خمس سنوات) أم لم ينص عليه[5] ومن الواضح أن الإضمار والحذف من السمات الأساسية للقصص القرآني، إذ كثيرا ما يطوي الأحداث طيا لعلم القارئ بها من موضع آخر


[1] ـ محمد حمود: الحداثة في الشعر العربي المعاصر بيانها ومظاهرها: 77 / الشركة العالمية للكتاب / بيروت            
[2] ـ  الحداثة في الشعر ...م س 85
[3] ـ الحداثة في الشعر : م س : 86
[4] ـ عز الدين إسماعيل : الأدب وفنونه: 200
[5] ـ مدخل إلى نظرية القصة م س : 89
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
الباب الثاني:القسم التطبيقي ...8    كن أول من يقيّم
 
2ـ دراسة الجوانب اللغوية والتركيبية والصوتية:
أ ـ دراسة الجوانب اللغوية: فندرس المعجم / واستخدام الفعل والاسم والفعل المضارع والماضي واستخدام الضمائر.. وفي الشعر المعاصر سنلاحظ اعتماد كسر اللغة والتمرد عليها فهو في الغالب يتعمد هدم قواعد اللغة
ب ـ التراكيب اللغوية: وهنا ندرس الجمل الاسمية  والفعلية ودلالتهما ومشكلات الربط كالفصل والوصل،  والحذف والتكرار ودلالته والأساليب الإنشائية والخبرية ودلالاتها
ج ـ الدراسة الصوتية والموسيقية: وفيها ندرس الموسيقى الخارجية كالعروض والقافية  والموسيقى الداخلية كالجناس والطباق والتكرار الحرفي وما ينجر على ذلك من قيمة صوتية جميلة ومنه نقف على ظاهرتي السجع في النثر والفواصل القرآنية
 ولكن هذه العناصر التي تدرس في الأسلوب قد تتغير من جنس أدبي إلى آخر ففي القصة مثلا قد ندرس ثلاثة عناصر هي ( الحكايةأي جملة الأحداث التي تدور في زمان ومكان القصة متعلقة بشخصياتها، والسرد أي ما يقوم به الراوي وينتج عنه النص القصصي،  والخطاب أي الجانب اللفظي في النص فهو العناصر اللغوية التي تشكل النص وتعبر عن الحكاية وتثبت صورة السرد)[1]
2/ب ـ  الخيال: ونعني بالخيال القوة المتخيلة التي تجسدت في نص ما عن طريق أدوات استخدمها المتخيل من أجل تخييل ما يريد تخييله للمتلقي ومن أهم الوسائل  التشبيه والاستعارة والرمز والكناية ولكن قد يصبح في مجال القصة العمل كله رمزا تخيليا لعالم المبدع أو لواقع معين يريد نقده، وقد تصبح عندئذ كل شخصية في الرواية رمزا لشخصية تاريخية أو سياسية أو نموذجا يريد تشكيله، وفي الجملة  نقوم  بدراسة الخيال  عن طريق ما يحتويه النص  من أدوات التصوير
يقول كوليردج: "الصور في شعر شكسبر براهين عبقرية أصيلة وما ذلك إلا لأنها خاضعة في صياغتها لسيطرة العاطفة"، ولكن ينبغي الانتباه إلى أنه إذا كانت الصور الخيالية ناشئة عن عاطفة سقيمة بدت صورا غير ناجحة فنيا.
 
أنواع الخيال: يميز النقاد بين أنواع مختلفة من الطاقات الخيالية، كالخيال العلمي والخيال الابتكاري والتاريخي والتأليفي، و نخص منها:
اـ الخيال الابتكاري: وهو الخيال الذي يختار عناصره من التجارب السالفة التي تسكن ذاكرة الأديب  ويؤلف منها شيئا جديدا لم يكن من قبل، وأكثر ما يتحقق هذا النوع في الرواية والمسرحية والقصة
ب ـ الخيال التأليفي: وهو الخيال الذي يجمع بين الأفكار والصور المتناسبة التي تنتهي إلى أصل عاطفي واحد صحيح، كأن ترى الشمس في لحظة الغروب فتستدعي عندك صورة مشابهة كانقضاء العمر أو الموت، أو ترى العلاقة بين الحسد وانتشار السمعة، وعلاقة النار بما ينبعث من روائح عند الاشتعال، فتقارن بينها على تباعدها ومثال ذلك قول الشاعر :
  
   وإذا أراد الله نشر فضيــلة        طويت أتاح لها لسان حسود
   لولا اشتعال النار فيما جاورت     ماكان يعرف طيب عرف العود
 فقد استدعت الفكرة صورة برهانية تأليفية ولكنها ليست في الحقيقة جزءا أساسيا من الفكرة التي طرحت .
ج ـ الوهم : وهو أردأ أنواع الخيال ويمتاز بحريته المطلقة في العمل وعدم خضوعه للقوة العاقلة فإذا لم تفهم هذه الصورة على أساس صحيح متشابه كانت وهما كالتمثيل غير الناجح في علم البيان.
 د ـ الخيال البياني أو التفسيري وهذا الذي يغلب على الشعر العربي القديم بما يتجلى فيه من الصور التشبيهية والاستعارات والكنايات التي من شأنها بيان وشرح الفكرة كما في قول امرئ القيس:
وليل كموج البحـر أرخــى     سدوله علي من الهموم ليبتلي
فقلت لـه لما تمطى بصــلبه    وأردف أعجازا ونـاء بكلكل
ألا ايها الليل الطويل ألا انجلي   بصبح  وما الإصباح منك بأمثل
فيا لك من ليل كـأن نجومـه    بأمراس كتـان إلى صم جندل


[1] ـ مدخل إلى نظرية القصة م س : ص : 74
*صبري أبوحسين
21 - مايو - 2008
 6  7  8  9  10