الباب الثاني:القسم التطبيقي ...2 كن أول من يقيّم
الخطوات الأساسية في تحلييل النصوص الأدبية ودراستها: للحديث عن خطوات الدراسة لابد من وقفة سريعة عند مفهوم النقد التطبيقي، لأن تحليل النصوص مجال خصب للنقد التطبيقي لذلك صار لزاما أن نبين معنى هذا النقد، ونفرق بينه وبين النقد النظري حتى لا تختلط الأمور. لقد اختلف النقاد والدارسون في تعريف النقد لتطبيقي وتحديد مفهومه وذلك الاختلاف يرجع فيما أحسب إلى عاملين أساسيين هما: طبيعة مصادر ثقافتهم ومناهجهم في البحث والنقد من جهة، واختلاف تصوراتهم لجوهر الأدب وغايته ووسيلته من جهة ثانية. حتى وجدنا " رينيه ويلك " يعرفه بأنه تحويل للتجارب إلى ضرب من المعرفة". لذلك ينبغي الإشارة -مقدما- إلى أنه مالنا من سبيل إلى إيجاد مفهوم محدد المعالم إلا بعرض وجهات النظر المختلفة لنصل منها -بحول الله- إلى مفهوم شامل للنقد التطبيقي. يعتقد غنيمي هلال أن الناقد بانتقاله من النظريات العامة إلى مجال النقد التطبيقي، كان عليه -إذا توفرت له الخبرة والدربة الفنية- أن يتساءل عن: مقومات العمل الفني للنتاج الأدبي الذي يريده الناقد، وعن طريقة الكاتب في تصوير هذه المقومات وتحليلها، وعن الأهداف التي قصد إليها من وراء تصويره في حدود عصره أو فيما رمى إليه من معان إنسانية عامة، وعن مدى نجاحه في جلائها. إذا أمعنا النظر في هذا تبين لنا أن غنيمي هلال يعرف هذا الاتجاه باعتبار المراحل التي يمكن أن تمر بها العملية النقدية ويحصرها في أربعة دوائر هي: ـ المقومات الأساسية للنص الأدبي المعين باعتباره نوعا من الأنواع الأدبية، شعر، رواية ،مسرحية ـ الطريقة التي أنجز بها النص الذي هو موضوع الدراسة. ـ الأهداف الأخلاقية والاجتماعية والجمالية التي يهدف إليها النص ـ الحكم بالجودة أو الرداءة لملاحظة مدى نجاحه. ولا شك أن هذا التعريف شامل لأنه ضم طرفي النص: الشكل والمضمون، دون أن ينسى الحكم والتقييم فضلا عن التقويم، ودون أن ينسى أن النص الأدبي ليس كيفيات ركبت عليها اللغة فحسب، وإنما هو أيضا رؤية فكرية وفلسفية للحياة، وهو محق في ذلك لأن " الشعر ليس هو الفن الأكثر تكثيفا فحسب بل هو أيضا الأكثر فلسفة ". نعم قد يكون ذلك التعريف شاملا لمفهوم النقد التطبيقي ولكنه مع ذلك لم يشر إلى الأدوات والوسائل التي تمكننا من القيام بذلك العمل الخطير.وهو الأمر الذي سيهتم به الدكتور شوقي ضيف وهو بصدد الحديث عن نصوص الشعر ودراستها، حيث فرق بين مستويين من مستويات دراسة النص هما: المستوى الخارجي والمستوى الداخلي أولا: المستوى الخارجي: ويطلق عليه أحيانا السياق التاريخي: ويشمل ما يقوله الناقد بخصوص محيط النص ومصدره وخاصة: ـ توثيق النص أو تاريخيته :إذ يوثق النص بإرجاعه إلى مصدره وزمانه ومكانه بغرض التأكد من صحته ومناسبة القراءة التأويلية والتفسيرية لزمانه ومكانه. وعليه فإن أهم منهج يصلح لتوثيق النصوص هو المنهج التاريخي، ولكن في الواقع نجد أننا في دراسة النص وفق هذا المنهج نحتاج إلى التمييز بين سوسيولوجية النص وسوسيولوجية الكاتب وسوسيولوجية وسيكولوجية القارئ 1ـ سوسيولوجية النص وتاريخيته : وتقوم على دراسة زمان النص ومكانه فهما عنصران يمثلان ركيزتي العالم الإنساني أـ زمان النص: وللنص أكثر من زمان؛ ـ منها زمان نشأة النص وهذا الزمان قد يعبر عنه بمناسبة النص، وكلما كان ذلك دقيقا كان أكثر فائدة لارتباط الأفكار التي يطرحها بذلك الزمان، ومن هنا وجدنا مبرر تاريخ الأدب باعتبار العصور كالعصر الجاهلي والعصر الإسلامي والأموي والعباسي، وهو المنهج الذي تعمل به كثير من الدراسات مثل تاريخ الأدب لشوقي ضيف ـ ومنها زمان موضوع الحدث الذي يعالجه النص لاسيما إذا كان قصة أو مسرحية، فزمان مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم يمثل زمانا تاريخيا ما ، وزمان كتابة المسرحية هو زمان فترة التفكير في البعث العربي الذي هو جزء من زمان الكاتب. ـ ومنها زمان السرد وتجب الإشارة هنا إلى أن الدارسين ينبهون على أهمية المقارنة بين ترتيب زمان الحكاية وترتيب زمان القصة، إذ كثيرا ما يبلبل الكاتب زمان القصة ليرتبه على غير ترتيب الأحداث في الحكاية القصصية فقد يذكر الكاتب حدثا قبل أوانه ويسمى السوابق وقد يعود إلى حدث قديم عن طريق التذكر ويسمى اللواحق |