المبحث الثالث:نظريات النقد التكويني2 كن أول من يقيّم
الإجراءات النقدية الأساسية في النقد التكويني: تلك هي المراحل التي يمر بها النص، و لكن النقد التكويني لايتوقف هنا بل يبين إجراءات النقد، التي تمر بخطوات تبدأ من جمع آثار النص بكل مخطوطاته الأولية والنهائية ثم تصنيفها وفك رموزها وتحقيقها ثم دراستها وفق منهج نفسي أو اجتماعي أو لساني أو جمالي. هذه الإجراءات تمر هي الأخرى بمراحل أربع يمكن تسميتها بمراحل نقد النص وتحليل المسودات ، مقابل المراحل السابقة التي هي مراحل إنتاج النص. وهذه المراحل هي هويته : 1ـ مرحلة إعداد الملف: وفيه تجمع الوثائق المكتوبة بخط اليد أو وسائل أخرى، أو بخط ناقل يجب التحقق من هويته 2ـمرحلة تحديد أنواع الوثائق بحسب مراحلها من مرحلة التوثيق إلى مرحلة ماقبل الكتابة إلى مرحلة الكتابة مع الاهتمام أكثر بالمسودات التي تمثل مركز تكون العمل الأدبي. 3ـ مرحلة التصنيف التكويني : وهنا ينصب الاهتمام على المقارنة بين المسودات صفحة صفحة كي يتم الوقوف على الفروق بين تلك النسخ على محور التبادل ومحور الترابط والتسلسل ، ومنه نخرج بصورة عما كان عليه العمل الأدبي بمجمله في كل طور من أطوار تكونه. 4ـ فك الرموز والتدوين: وهو ما يسمح بحل مشكلات الشطب والتعويض الاستفادة من المناهج المختلفة في قراءة المسودات وتحليلها: من الطبيعي أن يكون الهدف من كل ما سبق هو قراءة المسودات للاستفادة منها من جهة العوامل النفسية والعوامل التاريخية والاجتماعية والفنية التي تعمل عملها في إحداث تغييرات على المسودة الأولى مرات قد تصل إلى خمس عشرة مرة، فمنهج النقد التكويني يصر على أن" المسودات توضح البيئة النفسية والاجتماعية والثقافية أكثر مما تكشف عنها السيرة ولذلك يرى أصحاب المنهج التكويني أنه بالإمكان استخدام المناهج التالية: 1ـ المنهج النفسي: من المعلوم أن النص النهائي لا يعطي للمحلل النفسي سوى فرص محدودة لقراءة " التداعي الحر للأفكار" الذي يسمح بالتأويل أما المسودات فقد تشكل فرصة للمفسر عن طريق الوقوف على الكلمات المتداولة على محور الانتقاء لمعرفة الأسرار النفسية التي تدفع إلى ذلك فالتشطيبات تبدو وكأنها تستدعي مفاهيم تحليلية نفسية وخطاب اللاوعي والرقابة، ذلك لأن " وراء زلة اللسان هناك علاقة بين الارتجال والشطب ، كما تعطيه فرصا لمعرفة أسرار الجمل والتراكيب المتعاقبة على محور الترتيب وهنا نتساءل : هل يمكن اعتبار ما قبل النص ذاتا حقيقية تعادل المريض، وعلى العموم فإن " العثور في ما قبل النص على قطع إضافية توضح لوحة اللاوعي المجزأة" 2ـ نظرية الشعرية: لما كانت نظرية الشعرية تهدف إلى الوقوف على شعرية الشعر وأدبية الأدب عن طريق تطبيق البلاغة على الأدب فإن النقد التكويني من شأنه ـ حين يقدم صورة لمراحل تكون النص عن طريق تفحص مسوداته ـ أن يعين على الوقوف على ما يحدث من تبدلات وتغيرات على مستوى محوري العملية الإبداعية؛ محور الترابط والتعاقب ومحور التبادل،" حيث كل تفصيل قد أعيد التفكير فيه وتم تغيير موقعه وأعطي شكلا سرديا"، وإذا كان النقد التكويني يتساءل حول " سر الصنعة وعملية الإبداع ودينامية الكتابة" فإن الإجابة ستصب حتما في مجال الشعرية، بحيث يمكن لشعرية المسودات أن تجعل التغيرات منتظمة وتبين الانتقال من الاعتباطية إلى البنية". 3ـنظرية النقد الاجتماعي: يستمد النقد التكويني علاقته بالنقد الاجتماعي بمختلف نظرياته من جهة كون النص في مرحلة تكونه" تغذيه الصيغ الجاهزة للخطاب الجماعي وملزماته وافتراضاته المسبقة، إذ لايوجد علم دلالة فطري ولالغة جديدة، وإنما توجد دوما دلالات موروثة عن الأبوين، عن المعلمين، وعن رفاق الصف والطبقة الاجتماعية" إن النقد التكويني هنا يعنى ـ أساسا ـ بأثر المحيط والبيئة في سيرورة النص. |