المبحث الثالث6 كن أول من يقيّم
ثالثا :المقال الأدبي المقالة الأدبية قطعة نثرية محدودة الطول لها بداية ونهاية تعالج قضية عاطفية أو اجتماعية أو سياسية مدعمة بالانفعال الوجداني والتأثير العاطفي والتصوير البياني معتمدة عنصر الإمتاع والإطراف والتشويق. عناصر المقال ألأدبي: الفكرة: ويشترط فيها القوة والوضوح الأسلوب: وينبغي أن يكون أدبيا بما فيه من موسيقى داخلية وتصوير بياني ولغة راقية رمزية أحيانا وإيحائية أخرى يراعى فيها تخير اللفظ ومراعاة المشاكلة في الرصف والتنسيق. العاطفة: ويحسن أن تكون قوية قادرة على إحداث التأثير في القارئ. شكل المقال: يتكون شكل المقال من المقدمة والعرض والخاتمة 1ـ المقدمة: ومن الجميل أن تكون موجزة وممهدة للموضوع، معتمدة على براعة الاستهلال وحسن الديباجة وعمق التفكير وتجنب السذاجة. 2ـ العرض: وهو التفصيلات الأساسية للموضوع وتتضمن شرح الفكرة التي مهدت لها المقدمة والبراهين والشواهد وغير ذلك من أسباب الإقناع والتأثير، ويراعى فيه التنظيم والتنسيق وإحكام الربط بين الأفكار والفقرات، بأن تكون شديدة الإحكام متسلسلة العرض كالقصة في تسلسلها وإحكامها وتشويقها حتى تصل إلى النتيجة. 3ـ الخاتمة: وهي النتيجة التي توصل إليها الكاتب بناء على الحجج المساقة في العرض وأساليب التأثير التي وظفها فيه من عاطفة وتصوير وحسن عرض. ثالثا: أنواع المقال: الناقد سيد قطب فرق بين المقال الأدبي والمقال العلمي تفريقا يقوم على النظرة الفنية ، وقد أدى به ذلك إلى اعتبار المقال الأدبي خاطرة لأنه يقوم على عرض التجارب الشعورية التي تناسبها كالقصيدة الشعرية، بينما تعد المقالة في رأيه فكرة قبل كل شيء ثم موضوعا ، فكرة واعية وموضوع معين يحتوي قضية يراد بحثها، قضية تجمع عناصرها وترتب،بحيث تؤدي إلى نتيجة معينة وغاية مرسومة من أول الأمر.وليس الانفعال الوجداني هو غايتها ولكنه الاقتناع الفكري. ونستطيع أن نستنتج من ذلك في الحقيقة أن المقال نوعان؛ مقال ذاتي ومقال موضوعي. 1ـ المقال الذاتي: وهو الذي يكون التعبير فيه قائما على الانسياب العاطفي أساسا ، فهو تعبير عن المشاعر والتجارب الشخصية تعبيرا فنيا جميلا يراعى فيه التأثير العاطفي والتخييل القائم على عناصر التصوير من رمز وتشبيه واستعارة وكناية ووصف. ومثال ذلك قول ميخائيل نعيمة:" بيني وبين الصخور مودة ما أستطيع تفسيرها ، ولا تحديد الزمان الذي نشأت فيه ، ولكني أحسها وثيقة عميقة، بعيدة الغور والقرار، فلعلها تعود إلى يوم كنت في يد الله . وكأن النسمة التي جعلت من الطين إنسانا ما كانت لتزيد تلك المودة غير توصل وجمال ونقاوة ، حتى إنها لتبغ بي في بعض الأحايين درجة الهيام . فإذا ما انحجبت عن الصخور، أو انحجبت عني ، ثم أتيح لي أن أعثر على واحد منها أينما كان، ومهما يكن شكله أو حجمه أو لونه، أحسست جذلا في دمي، وبهجة في عيني، ودوافع في مفاصلي تدفعني إليه. فإذا تمكنت من لمسه لمسته برفق ولهفة ومحبة، وإلا اكتفيت بما ترشفه عيني من رحيق أنسه وهدوئه ورزانته ومودته. ولاشك عندي في أن القدرة التي لا تمسك عن كل ذي حاجة حاجته إذا كان في قضائها خير للحاجة والمحتاج، كانت رفيقة بي وسخية علي إلى أبعد حدود الرفق والسخاء، فقد باركتني بثروة لا نفاذ لها من الصخور التي يندر أن يضارعها مضارع حتى في هذه الجبال المبكى عليها من أصدقائها والمهجورة من أبنائها لوفرة غناها بالصخور. ففي جبهة " صنين " وحده لي معين لا ينضب من الفتنة الخرساء المنهلة بغير انقطاع من محاجر صخوره ونحورها، والمترقرقة على مناكبه بكل ألوان الشموس والأقمار والأمسية والأسحار ووهج الهجيرة وظلال السحب، وأنداء الضباب وأنفاس الفصول ، وأنغام الدهور ... الخ . " 1ـ المقال الموضوعي: وهو الذي تعد الفكرة فيه أساسا والبراهين على صحتها وسيلة والشواهد على ثبوتها برهانا، والعرض المنطقي في منهجها أسلوبا، والوقوف على النتائج هدفا والإقناع بصحتها غاية مهما تنوعت أصنافها. ومن أهم المقالات الموضوعية، المقال النقدي والمقال الاجتماعي التاريخي، والمقال النفسي، والمقال العلمي التجريبي، والمقال اللغوي والأدبي. ومثاله مقال للعقاد بعنوان :"الأدب والمذاهب الهدامة" من العناء تعريف الأدب على صورة من الصور لاعتراف بنوع من الأدب وإنكار نوع آخر فما من تعريف سمعناه إلا وهو يسمح لكل أدب أن ينطوي فيه. يقال مثلا إن الأدب ظاهرة اجتماعية أو يقال إنه ظاهرة اقتصادية أو ظاهرة بيولوجية، أو غير ذلك من الظواهر المختلفة، ولك أن تقول عن ظاهرة من الظواهر أو عنها جميعا: حسن ثم ماذا؟ فلا يسع صاحب التعريف أن ينتهي بك إلى باب مغلق على نوع من أنواع الآداب. ذلك أن الأدب كالحياة لأنه تعبير عنها فلا يستوعبه مذهب ولا يستغرقه أسلوب ....." |