البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : توقير الأعلام    قيّم
التقييم :
( من قبل 5 أعضاء )

رأي الوراق :

 د يحيى 
14 - مايو - 2008
لم يخطّ أحد في التراث العربي سطرًا إلا وللعالم الجليل عبد السلام هارون منّة عليه، ويندر أن يتعامل أحد مع المصادر العربية دون أن يستعين بمصدر من تحقيقات الشيخ الجليل؛ فقد قدم للمكتبة العربية عيون التراث مجلّوة في صورة بهية وحلّة قشيبة، وزينها بتعليقات وفهارس دقيقة.
المولد والنشأة
ولد عبد السلام هارون في مدينة الإسكندرية في (25 من ذي الحجة 1326هـ= 18 من يناير 1909م) ونشأ في بيت كريم من بيوت العلم، فجده لأبيه هو الشيخ هارون بن عبد الرازق عضو جماعة كبار العلماء، وأبوه هو الشيخ محمد بن هارون كان يتولى عند وفاته منصب رئيس التفتيش الشرعي في وزارة الحقانية (العدل)، وعمه هو الشيخ أحمد بن هارون الذي يرجع إليه الفضل في إصلاح  المحاكم الشرعية ووضع لوائحها، أما جده لأمه فهو الشيخ محمود بن رضوان الجزيري عضو المحكمة العليا.
وقد عني أبوه بتربيته وتعليمه، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، والتحق بالأزهر سنة (1340هـ=1921م) حيث درس العلوم الدينية والعربية، ثم التحق في سنة (1343هـ= 1924م) بتجهيزية دار العلوم بعد اجتيازه مسابقة للالتحاق بها، وكانت هذه التجهيزية تعد الطلبة للالتحاق بمدرسة دار العلوم، وحصل منها على شهادة البكالوريا سنة (1347هـ= 1928م) ثم أتم دراسته بدار العلوم العليا، وتخرج فيها سنة (1351هـ= 1945م).
الوظائف العلمية
وبعد تخرجه عمل مدرسًا بالتعليم الابتدائي، ثم عُيّن في سنة (1365هـ=1945م) مدرسًا بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وهذه هي المرة الوحيدة في تاريخ الجامعات التي ينتقل فيها مدرس من التعليم الابتدائي إلى السلك الجامعي، بعد أن ذاعت شهرته في تحقيق التراث، ثم عُيّن في سنة (1370هـ=1950م) أستاذًا مساعدًا بكلية دار العلوم، ثم أصبح أستاذًا ورئيسًا لقسم النحو بها سنة (1379هـ= 1959م) ثم دعي مع نخبة من الأساتذة المصريين في سنة (1386هـ=1966م) لإنشاء جامعة الكويت، وتولى هو رئاسة قسم اللغة العربية وقسم الدراسات العليا حتى سنة (1394هـ= 1975م)، وفي أثناء ذلك اختير عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1389هـ= 1969م).
النشاط العلمي
بدأ عبد السلام هارون نشاطه العلمي منذ وقت مبكر، فحقق وهو في السادسة عشرة من عمره كتاب "متن أبي شجاع" بضبطه وتصحيحه ومراجعته في سنة (1344هـ=1925م)، ثم حقق الجزء الأول من كتاب "خزانة الأدب" للبغدادي سنة (1346هـ= 1927م)، ثم أكمل أربعة أجزاء من الخزانة وهو طالب بدار العلوم.
كانت هذه البدايات تشير إلى الاتجاه الذي سيسلكه هذا الطالب النابه، وتظهر تعلقه بنشر التراث، وصبره وجلده على تحمل مشاق المراجعة والتحقيق، وبعد تخرجه في دار العلوم اتجه إلى النشر المنظم، فلا تكاد تخلو سنة من كتاب جديد يحققه أو دراسة ينشرها.
ولنبوغه في هذا الفن اختاره الدكتور طه حسين (1363هـ=1943م) ليكون عضوًا بلجنة إحياء تراث أبي العلاء المعري مع الأساتذة: مصطفى السقا، وعبد الرحيم محمود، وإبراهيم الإبياري، وحامد عبد المجيد، وقد أخرجت هذه اللجنة في أول عهدها مجلدًا ضخمًا بعنوان: "تعريف القدماء بأبي العلاء"، أعقبته بخمسة مجلدات من شروح ديوان "سقط الزند".
وتدور آثاره العلمية في التحقيق حول العناية بنشر كتب الجاحظ، وإخراج المعاجم اللغوية، والكتب النحوية، وكتب الأدب، والمختارات الشعرية.
أما كتب الجاحظ -أمير البيان العربي- فقد عني بها عبد السلام هارون عناية فائقة، فأخرج كتاب "الحيوان" في ثمانية مجلدات، ونال عن تحقيقه جائزة مجمع اللغة العربية سنة (1370هـ=1950م)، وكتاب البيان والتبيين في أربعة أجزاء، وكتاب "البرصان والعرجان والعميان والحولان" و"رسائل الجاحظ" في أربعة أجزاء، وكتاب "العثمانية".
وأخرج من المعاجم اللغوية: معجم "مقاييس اللغة" لابن فارس في ستة أجزاء، واشترك مع أحمد عبد الغفور العطّار في تحقيق "صحاح العربية" للجوهري في ستة مجلدات، و"تهذيب الصحاح" للزنجاني في ثلاثة مجلدات، وحقق جزأين من معجم "تهذيب اللغة" للأزهري، وأسند إليه مجمع اللغة العربية الإشراف على طبع "المعجم الوسيط".
وحقق من كتب النحو واللغة كتاب سيبويه في خمسة أجزاء، وخزانة الأدب للبغدادي في ثلاثة عشر مجلدًا، ومجالس ثعلب في جزأين، وأمالي الزجاجي، ومجالس العلماء للزجاجي أيضًا، والاشتقاق لابن دريد.
وحقق من كتب الأدب والمختارات الشعرية: الأجمعيات، والمفضليات بالاشتراك مع العلامة أحمد شاكر، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي مع الأستاذ أحمد أمين، وشرح القصائد السبع الطوال لابن الأنباري، والمجلد الخامس عشر من كتاب الأغاني لأبي فرج الأصبهاني.
وحقق من كتب التاريخ: جمهرة أنساب العرب لابن حزم، ووقعة صفين لنصر بن مزاحم، وكان من نتيجة معاناته وتجاربه في التعامل مع النصوص المخطوطة ونشرها أن نشر كتابًا في فن التحقيق بعنوان: "تحقيق النصوص ونشرها" سنة (1374هـ= 1954م)، فكان أول كتاب عربي في هذا الفن يوضح مناهجه ويعالج مشكلاته، ثم تتابعت بعد ذلك الكتب التي تعالج هذا الموضوع، مثل كتاب: مقدمة في المنهج للدكتورة بنت الشاطئ، ومنهج تحقيق النصوص ونشرها لنوري حمودي القيسي وسامي مكي العاني، وتحقيق التراث العربي لعبد المجيد دياب.
أما  عن مؤلفاته فله: الأساليب الإنشائية في النحو العربي، والميسر والأزلام، والتراث العربي، وحول ديوان البحتري، وتحقيقات وتنبيهات في معجم لسان العرب، وقواعد الإملاء، وكناشة النوادر، ومعجم شواهد العربية، ومعجم مقيدات ابن خلكان.
وعمد إلى بعض الكتب الأصول فهذّبها ويسرها، من ذلك: تهذيب سيرة ابن هشام، وتهذيب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، والألف المختارة من صحيح البخاري، كما صنع فهارس لمعجم تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري في مجلد ضخم.
وخلاصة القول أن ما أخرجه للناس من آثار سواء أكانت من تحقيقه أو من تأليفه تجاوزت 115 كتابًا، وقد توج عبد السلام هارون حياته بأن نال جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي سنة (1402هـ= 1981م)، وانتخبه مجلس مجمع اللغة العربية أمينا عامًا له في (3 من ربيع الآخر 1404هـ= 7 من يناير 1984م)، واختاره مجمع اللغة العربية الأردني عضو شرف به.
وظل الشيخ يعمل في خدمة التراث في صبر وجلد ينجز بهما الأعمال العلمية المضنية على اختلاف مناحيها وكثرة تشعبها، تمده ثقافة عربية واسعة، وبصر بالتراث، ونفس وثابة، وروح إسلامية عارمة تستهدف إذاعة النصوص الدالة على عظمة التراث العربي، وتكشف عن نواحي الجلال فيه.
وإلى جانب بهذا النشاط في عالم التحقيق كان الأستاذ عبد السلام هارون أستاذًا جامعيًا متمكنًا، تعرفه الجامعات العربية أستاذًا محاضرًا ومشرفًا ومناقشا لكثير من الرسائل العلمية التي تزيد عن 80 رسالة للماجستير والدكتوراه.
وفاته
توفي عبد السلام هارون في (28 من شعبان 1408هـ= 16 من إبريل 1988م) بعد حياة علمية حافلة، وخدمة للتراث جليلة، وبعد وفاته أصدرت جامعة الكويت كتابًا عنه بعنوان: "الأستاذ عبد السلام هارون معلمًا ومؤلفًا ومحققًا".
هوامش ومصادر:
  • محمد مهدي علام: المجمعيون في خمسين عامًا ـ مطبوعات مجمع اللغة العربية ـ القاهرة (1406هـ= 1986م).
  • محمود محمد الطناحي: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي ـ مكتبة الخانجي ـ القاهرة ـ (1405هـ = 1984م).
  • محمد خير رمضان يوسف: تتمة الإعلام للزركلي- دار ابن حزم ـ (1418هـ= 1998م).
  • محمد محيي الدين عبد الحميد: كلمة في استقبال عبد السلام هارون ـ مجلة مجمع اللغة العربية ـ العدد (25) ـ القاهرة ـ (1389هـ= 1969م).
  • السيد الجميلي: الجيل الثاني أو الطبقة الثانية من المحققين الأعلام ـ مجلة الأزهر ـ الجزء العاشر ـ السنة الثامنة والستون ـ (1416هـ= 1996م).
 
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
توقير العلماء    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
جميل يادكتور ان نحيى ذكرى الاعلام والنوابغ ونبرز اعمالهم الجليلة وكان عبد العزيز البشرى-رحمه الله رائدا من رواد مثل هذه المقالات التصورية التى تلقى الضوء على الشخصيات العلمية وتكشف جوانب هذه الشخصية النفسية والعلمية وليكن هذا مقترحا جديدا يمكن أن يتطور الى جمع اثار هؤلاء العلماء لكنى اسأل لماذا عبد السلام هارون؟ وهاك الكثير من العلماء من يستحقون القاء الضوء عليهم
ويبقى لك الفضل والسبق وشرف المحاولة
وتقبل تحياتى وتقديرى
_____________________
أرحب بالأستاذ الكريم عبد الحافظ بخيت في سراة الوراق، متمنيا المزيد من المشاركة في هذه الصفحة المباركة، وليت يكون هذه الملف خاصا بتراجم أكابر المحققين، ليعرف الناشئة الفرق بين الأدعياء وأهل الاختصاص،  متمنيا من الأستاذ الدكتور مروان العطية أن يتفضل علينا بإثراء هذا الملف بخبرته الطويلة في مجال التحقيق والنشر، وشكرا
*عبد الحافظ بخيت
15 - مايو - 2008
لافض فوك يا د/يحيى    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أخي الدكتور يحيى:
لافض فوك، ولا كُسر لك قلم، ولا فسدت لك لوحة مفاتيح"كيبورد"، أحسن الله إليك، وجمَّل ذكرك، وحفظك الله كما تحفظ هؤلاء العظام.
 أعطيتَنا أو ذكرتنا بدرس علمي جميل، وهو توقير الرموز، فالدنيا ملعونة ملعون من فيها إلا علمًا ومتعلمًا..
 أرجوك أن تسعفنا بمزيد من تراجم طبقة المحققين، وأن تسلط عليها الضوء تباعًا، حتى يميز الطيب من الخبيث، في زمن الأصفار المتعالمين، الذين استهوتهم واستغلتهم دور النشر التجارية الرخيصة فأقدموا على سرقة جهد هؤلاء المحققين الأماجد وزيفوه وزوروه وحرفوه!!!
أخي:
شكرت جميل صنعكم بشعري     وشعر القلب مقياس الشعور
المحب:صبري
*صبري أبوحسين
15 - مايو - 2008
العلامة الفقيه الأديب النحوي الصرفي.....محمود الطناحي 1    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

من أعلام المحققين : محمود الطناحي

 
الطناحي.. العالِم والإنسان
 ازدهر تحقيق التراث العربي في مصر في مطلع القرن العشرين منذ أن حمل رايته شيخ العروبة أحمد زكي باشا، فأضاء طريقًا وعبّد نهجًا سلكه مِن بعده نفر كرام من حملة العلم وأئمته، فأخرجوا للناس كنوز أمتهم المخبوءة، ويسروا لهم الوقوف على التراث، حتى يتصل الحاضر بالماضي، وينتقل علم السلف إلى الخلف في سلامة وأمان، بعيدًا عن التصحيف والتحريف.
وحمل هذه الأمانة أعلام بررة من أمثال أحمد محمد شاكر ومحمود محمد شاكر ومحيي الدين عبد الحميد، وعبد السلام هارون، والسيد أحمد صقر ومحمد أبو الفضل إبراهيم... وهؤلاء الأفذاذ كانوا أشبه الناس بعلمائنا القدامى في سعة العلم ورحابة الأفق ورجاحة العقل، وعت صدورهم علوم العربية، فهي تنثال على أقلامهم دون كدّ أو تعب، وكتبوا صفحات مشرقة في صحائف الثقافة العربية.
وتلمذ لهذا الجيل عدد من أبناء العربية النابهين من أمثال عبد الفتاح محمد الحلو، ومحمود علي مكي، وإحسان عباس، ومحمد يوسف نجم ومهدي المخزومي.. وغيرهم. وكان محمود محمد الطناحي واحدًا من أبرز هذا الجيل، اتصل بالتراث العربي مبكرًا.. ناسخًا ومحققًا، حتى صار من خبرائه المعدودين في العالم، ولازم شيخ العربية محمود محمد شاكر وتوثقت صلته به، فأفاد منه علمًا غزيرًا، وهو إلى جانب ذلك حجة في فنون العربية وآدابها، بصير بعلومها، متقن للقرآن وقراءاته، كثير الرواية، حلو الحديث لا يمل جليسه.
المولد والنشأة
في إحدى قرى محافظة المنوفية، ولد محمود محمد الطناحي في
 (23 من ذي الحجة 1353هـ = 29 من مارس 1935م)، وانتقل إلى القاهرة مع أسرته وهو في الثامنة من عمره إلى حي الدرب الأحمر بوسط القاهرة التاريخية، وبعد أن حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة التحق بمعهد القاهرة الديني التابع للأزهر، وحصل منه على الشهادة الابتدائية ثم الثانوية في سنة (1378هـ = 1958م)، والتحق بكلية دار العلوم ولم يواصل طريقه في الجامعة الأزهرية.
وفي ذلك الوقت اتصل بفؤاد السيد أمين المخطوطات في دار الكتب الذي أعجب بذكائه وشغفه بالمعرفة، فعهد إليه بنسخ بعض المخطوطات لحساب بعض المستشرقين الذين كانوا يترددون على دار الكتب، فنسخ أجزاءً من كتاب الوافي بالوفيات للصفدي وكنز الدرر لابن أيبك الداوردي، والمغازي للواقدي..
وفي أثناء تردده على دار الكتب اتصل بعدد من العلماء والباحثين العرب الذين كانوا يقصدون قائمة المخطوطات بدار الكتب من أمثال إسماعيل الأكوع من اليمن، وشاكر الفحام من سوريا، ومحمد بن شريفة من المغرب.. وفي الوقت نفسه عمل مصححًا في مطبعة عيسى البابي الحلبي، وهي من أعرق المطابع ودور النشر في مصر والعالم الإسلامي، أخرجت كنوزًا كثيرة من التراث، وقد أوقفه عمله بالتصحيح على أشياء كثيرة، وحصَّل معارف واسعة.
*د يحيى
16 - مايو - 2008
العلامة الفقيه الأديب النحوي الصرفي.....محمود الطناحي 2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
في معهد المخطوطات العربية
وبعد تخرجه في كلية دار العلوم سنة (1382هـ = 1962م) عمل معيدًا بمعهد الدراسات العربية التابع للجامعة الأمريكية، ولم يستمر في هذا العمل طويلاً، فانتقل سنة 1965م إلى معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية، الذي بدأ الاستعانة بعدد من شباب الباحثين في مجال المخطوطات كان من بينهم الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو..
وأكسبه العمل في المعهد خبرات واسعة بكنوز التراث العربي بفضل تلمذته على عالِمي المخطوطات الكبيرين محمد رشاد عبد المطلب وفؤاد السيد.. وكان رشاد عبد المطلب كما يقول الطناحي: "من العلماء بالمخطوطات وأماكن وجودها، وكان لا يجارى في معرفة المطبوعات وأماكن طبعها شرقًا وغربًا، والفرق بين الطبعات، وعدد طبعات الكتاب المختلفة، ومن وراء ذلك كانت له صلات وثيقة بعلماء الدنيا من عرب وعجم، كنت لصيقًا به ملازمًا له عشر سنوات في معهد المخطوطات.. وتعلمت منه الكثير".
وقد اشترك الطناحي في البعثات التي كان يوجهها المعهد إلى البلاد التي احتوت خزائن كتبها على نوادر المخطوطات، لتصويرها وحفظها في المعهد لتكون تحت تصرف المحققين والباحثين، فسافر إلى تركيا مع بعثة المعهد سنة (1390هـ = 1970م)، والمملكة المغربية عامي (1392هـ = 1972م) و (1395هـ = 1975م)، والسعودية سنة (1393هـ = 1973م) واليمن سنة (1394هـ = 1974م).
رحلة كفاح وجهاد
واصل الطناحي في أثناء عمله بالمعهد دراساته العليا، فحصل على الماجستير في النحو العربي من كلية دار العلوم سنة (1392هـ = 1972م) بتحقيق كتاب "الفصول الخمسون" لابن معط ودراسة آرائه النحوية، ونال درجة الدكتوراه من الكلية نفسها سنة (1398هـ = 1978م) برسالة موضوعها "ابن الشجري وآراؤه النحوية".
إلى جانب ذلك فقد كان يشتغل بإخراج عدد من كنوز التراث محققة تحقيقًا علميًّا، فأخرج في سنة (1383هـ = 1963م) بالاشتراك مع الطاهر أحمد الزوي ثلاثة أجزاء من كتاب "النهاية في غريب الحديث والأثر" ثم انفرد بتحقيق الجزأين الأخيرين من هذا الكتاب. ثم اشترك مع زميله عبد الفتاح محمد الحلو في إخراج واحد من أهم كتب التراجم، فبدأ في سنة (1394هـ = 1964م) نشر كتاب "طبقات الشافعية الكبرى"، في عشرة أجزاء، ثم أعاد نشره مرة ثانية مع مزيد من العناية والتدقيق سنة (1413هـ = 1992م).
وتوالت بعد ذلك أعماله في تحقيق نصوص تراثية بالغة القيمة، فنشر الجزء الثامن من كتاب "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" لتقي الدين الفاسي سنة (1389هـ = 1969م)، والجزء الأول من كتاب الغريبين – غريبي القرآن والحديث – للهروي سنة (1390هـ = 1970م) والجزأين السادس عشر والثامن والعشرين من كتاب تاج العروس للزَّبيدي في سنتي (1396هـ = 1976م) و (1414هـ = 1993م).
وهذا النشاط الوافر في إخراج كتب التراث لم يشغله عن مجالسة أئمة العلم وشيوخ المحققين والتلمذة لأيديهم، من أمثال محمود محمد شاكر وعبد السلام هارون ومحمد أبو الفضل إبراهيم، وأتاح له تردده عليهم وحضوره مجالسهم أن يقف على أبواب واسعة من العلم، وأن يستفيد بخبراتهم الواسعة في فن التحقيق.
وظل الطناحي وفيًا لهم دائم الذكر والدعاء فيما يكتب، عارفًا بفضلهم عليه..
ومن بين المشايخ الذين تردد عليهم وحضر مجالسهم: شيخ الإقراء في مصر عامر السيد عثمان، وكانت له مقرأة حافلة في مسجد الإمام الشافعي في يوم الجمعة، يؤمها القراء والدارسون، والفقيه الأصولي عبد الغني عبد الخالق الأستاذ في كلية الشريعة.
*د يحيى
16 - مايو - 2008
العلامة الفقيه الأديب النحوي الصرفي.....محمود الطناحي 3    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
العمل بالجامعات العربية
وبعد حصوله على الدكتوراه انتقل الطناحي للعمل باحثًاً في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ثم أستاذًا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعات نفسها. وقد عرف القائمون على الجامعة قدر الرجل وخبرته النادرة في تحقيق التراث، فلم يعامل مثل غيره من أساتذة الجامعة، وإنما وضعوه بإزاء الأساتذة: محمد متولي الشعراوي، ومحمد الغزالي، والسيد أحمد صقر، والسيد سابق، ومحمد قطب
وهذه الأسماء اللامعة لعلماء العصر تنبئك بحق مكانة الطناحي وقدره.
وفي فترة إقامته هناك التي امتدت لأكثر من عشر سنوات نجح في تكوين مدرسة من تلامذته الذين أشرف على رسائلهم أو شارك في مناقشتها، كما نشر هناك تحقيقه لكتاب "منال الطالب في شرح طوال الغرائب" لمجد الدين بن الأثير عام (1403هـ = 1983م)، وكتاب "الشعر" لأبي على الفارسي في مجلدين عام(1409هـ = 1988م).
العودة إلى القاهرة
وبعد عودته إلى القاهرة عمل أستاذًا بجامعة القاهرة في كلية الدراسات العربية والإسلامية، ثم انتقل عام (1417هـ = 1996م) أستاذًا بكلية الآداب جامعة حلوان، وظل الطناحي على صلة بالجامعات العربية.. فعمل أستاذًا زائرًا في كل من جامعة الإمام محمد ابن سعود بالرياض عام (1412هـ = 1991م)، وجامعة الكويت عام (1415هـ = 1994م)، وجامعة العين بالإمارات المتحدة سنة (1418هـ = 1997م).
وخلال هذه السنوات اختاره مجمع اللغة العربية عام (1410هـ = 1989م) خبيرًا في لجنة المعجم الكبير، وكان عمله في هذه اللجنة مثريًا لها بما كان يقدمه من تحقيقات ومراجعات تشهد بعلمه الواسع بالتراث، ومعرفته العميقة بمظانه، والتمرس بتحقيق مخطوطاته. كما اختير خبيرًا بمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، وانتخب عضوًا بالهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي في معهد إحياء المخطوطات العربية.
وأخرج في هذه الفترة عددًا من عيون كتب التراث، فأخرج كتاب أمالي ابن الشجري في ثلاثة أجزاء عام (1413هـ = 1992م)، وذكر النسوة المتعبدات لأبي عبد الرحمن السلمي، سنة (1414هـ = 1993م)، وأعمار الأعيان لأبي الفرج بن الجوزي عام (1415هـ = 1994م) وجهود الطناحي في الكتب التي حققها وأخرجها تضعه في مصاف كبار العلماء الذين نهضوا بهذه الرسالة الجليلة من أمثال عبد العزيز الميمني ،وعبد السلام هارون ومحمود محمد شاكر..
*د يحيى
16 - مايو - 2008
العلامة الفقيه الأديب النحوي الصرفي.....محمود الطناحي4     ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
 
مؤلفات الطناحي ومقالاته
للطناحي مؤلفات أصيلة دار أكثرها حول نشر التراث، وهو العلم الذي قضى حياته خادمًا له، من ذلك كتابه النفيس "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي" تعرض فيه لبواكير نشر التراث العربي، وتتبع مداخله في مصر وغيرها، وعرض لمراحل تطوره والأدوار التي مر بها، ومدارس التحقيق وأعلامه في مصر والعالم العربي، وتطرق لجهود دور النشر الأهلية والرسمية في نشر التراث. وله أيضًا: الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم.
وتعد المقدمات التي كان يكتبها الطناحي للكتب التي قام بتحقيقها كتبًا أصيلة، تحدد أصول المنهج الذي ينبغي أن يلتزم به من يقوم بالتحقيق.
ووضع فهارس علمية لبعض كتب التراث، وهي تعد نماذج لما يجب أن تكون عليه الفهرسة للكتب التراثية، وهو عمل يحتاج إلى دقة ودأب وصبر، فوضع فهرسًا لكتاب "الأصول في النحو" لابن السراج ونشره في القاهرة سنة (1407هـ = 1986م)،[ وتحدثاً بنعمة الله تبارك وتعالى كنتُ أنا يحيى  مصري قد سبقته إلى صنع هذا الفهرس الذي صدّرته بمقدمة موجزة عن علم أصول النحو] ،وفهرس الأشعار لكتاب "ديوان المعاني" لأبي هلال العسكري، ونشره في العدد السابع والثلاثين من مجلة معهد المخطوطات العربية. وله بحوث علمية دقيقة نشرها في المجلات العلمية المتخصصة.
وفي العشر السنوات الأخيرة من حياته طلع على الناس بمقالاته البديعة التي كان يكتبها بانتظام في مجلة الهلال فكشفت عن جوانب جديدة، وأبانت عن تمكنه الشديد من الثقافة العربية، مع قدرة على الإبانة في أسلوب طلي جذاب، ومن يطالع هذه المقالات يعرف أن الرجل قد احتشد لها واستعد فهي ليست مما يقرؤه الناس من بعض الأقلام تحمل خواطر وآراء، وإنما هي تحمل علمًا وأدبًا، يدهشك ما ينثره بين ثنايا مقالاته من فوائد لغوية وتاريخية، هي خلاصة خبرته وملازمته للكتب ومشافهته أهل العلم.
شخصية الطناحي
جمع الطناحي إلى علمه الواسع صفات وخلالا أسرت كل من التقى به وخالطه وجالسه فهو كريم الخلق، نقي النفس، خفيف الروح، عذب الحديث، فإذا تكلم وحكى بهر جلساءه بظرفه وفصاحته ونوادره التي لا يمل حديثها، فكان زينة المجالس والمحافل مع هيبة واعتداد بالنفس.
وهو وفي لشيوخه ومعلميه كثير الدعاء لهم إذا استشهد بواحد منهم أو عرض لذكراه، فإذا كانوا من الأحياء دعا لهم بمثل قوله: أطال الله في الخير بقاءهم" ، وإذا كان أحدهم من الأموات قال: "برَّد الله مضجعه" أو "طيَّب الله ثراه".
وعلاقته بشيخه محمود محمد شاكر مثال نادر للوفاء يقدمه تلميذ لشيخه، فكان دائم الثناء عليه، ذاكرًا له في كل موضع، معترفًا بفضله، حريصًا على حضور مجلسه الأسبوعي في منزله في يوم الجمعة مهما كانت الشواغل، وكان الطناحي لا يترك مناسبة إلا ذكر الناس بفضل شيخه وقيمته في الثقافة العربية، يقول عنه في أحد المواضع من كتابه "مدخل إلى تاريخ نشر التراث": "كيف أكتب عنك أيها الشيخ الجليل، ومن أين أبدأ، وكيف أمضي وإلى أين أنتهي؟ فالحديث عنك إنما هو عن تاريخ هذه الأمة العربية: عقيدة ولغة وفكرًا ورجالاً.. ومعذرة ثم معذرة شيخي أبا فهر إذ أكتب عنك بهذه الوجازة التي تراها.. ثم معذرة من بابة أخرى، وهو أن كثيرًا مما ستقرؤه إن شاء الله منتزع من كلامك، مدلول عليه بفكرك، فأنا إنما أكتب عنك بك، وأتقدم إليك بسابق فضلك وموصول علمك...".
وهو مع تلاميذه كأحدهم ولكن في وقار، يأنس بهم ويعاونهم ويشجعهم على طلب العلم، ويفتح لهم مغاليق العلم، وكانت روحه دائمة الشباب، لا تستشعر إذا جالسته أنك أمام عالم تخطى الستين من عمره.
وبعد وفاة محمود محمد شاكر تطلع الناس إلى تلميذه الوفي ليكون خليفته ويواصل مسيرته في خدمة التراث العربي، لكن الموت لم يمهله فاختطفه فجأة وهو في أتم صحة وعافية في (6 من ذي الحجة 1419هـ = 23 من مارس 1999م).
* من مصادر الدراسة:
·         محمود علي مكي - محمود محمد الطناحي أديبًا ومحققًا – مجلة الهلال – العام السابع بعد المائة – مايو 1999م.
·         أيمن فؤاد السيد – محمود محمد الطناحي عالم التراث والمحقق الموسوعي – مجلة الهلال – العام السابع بعد المائة – يونيو 1999م.
·         عبد الله حمد محاربالطناحي ورحلته مع التراث العربي – مجلة العربي – العدد (491) – أكتوبر – 1999م.
·         محمود محمد الطناحي – مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي – مكتبة الخانجي – القاهرة – 1984م.
المصدر :
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/03/article13.SHTML
*د يحيى
16 - مايو - 2008
قريباً مع محمود محمد شاكر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تكرّمْ ، وتعرّف إلى البحر العلامة والحبر البحر الفهّامة سيّدي :
محمود محمد شاكر من هذا الموقع :
 
http://www.saaid.net/book/search.php?do=all&u=%E3%CD%E3%E6%CF+%E3%CD%E3%CF+%D4%C7%DF%D1
*د يحيى
16 - مايو - 2008
شكر وتقدير    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
القدير /د.يحى
سلمت واضفت الينا الكثير، ولفرط اعجابى قيمتُ هذا الموضوع بدرجة ممتاز واتمنى عليك ان تزودنا بكثير من ترجمات هؤلاء العلماء وان اتعاون معكم فى نشره كتابا مطبوعا اذا رغيتم فى ذلك فى القاهرة واعد باننى استطيع ذلك ان شاء الله وليتنا نتعاون معا فى ترجمات الكثير من شيوخ المحققين
لك خالص مودتى وعظيم تقديرى
*عبد الحافظ بخيت
16 - مايو - 2008
أبو فهر محمود محمد شاكر 1    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

: سيرة حياته: محمود بن محمد شاكر بن أحمد بن عبدالقادر، من أسرة أبي علياء من أشراف جرجا بصعيد مصر، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما. - ولد في الإسكندرية الساعة السادسة العربية من ليلة عاشوراء الاثنين عاشر المحرم عام 1327 للهجرة، الموافق الساعة الثانية عشرة الإفرنجية أول فبراير سنة 1909 الميلادية. - انتقل إلى القاهرة في صيف سنة 1909م بتعيين والده وكيلاً للجامع الأزهر (1909 ـ 1913م) وكان قبل ذلك شيخاً لعلماء الإسكندرية. - تلقى أول مراحل تعليمه في مدرسة الوالدة أم عباس في القاهرة سنة 1916م. - بعد ثورة سنة 1919م انتقل إلى مدرسة القرَبيّة بدرب الجماميز. - في سنة 1921م دخل المدرسة الخديوية الثانوية. - مع بداية سنة 1922م .قرأ على الشيخ سيد بن علي المرصفي، صاحب "رغبة الآمل" فحضر دروسه التي كان يلقيها بعد الظهر في جامع السلطان برقوق، ثم قرأ عليه في بيته: "الكامل" للمبرد، و"حماسة أبي تمام" وشيئاً من "الأمالي للقالي" وبعض أشعار الهذليين. واستمرت صلته بالشيخ المرصفي إلى أن توفي، رحمه الله، في عام 1349 هـ/سنة 1931م. - حصل على شهادة البكالوريا (القسم العلمي) سنة 1925م. - في سنة 1926 م التحق بكلية الآداب ـ الجامعة المصرية (قسم اللغة العربية) واستمر بها إلى السنة الثانية، حيث نشب خلاف شديد بينه وبين أستاذه الدكتور طه حسين حول منهج دراسة الشعر الجاهلي، كما بينه في مقدمة الطبعة الثانية من كتاب "المتنبي" وترتب على ذلك تركه الدراسات الجامعية. - في سنة 1347 هـ/1928م ترك الجامعة وسافر إلى الحجاز مهاجراً فأنشأ ـ بناء على طلب من الملك عبدالعزيز آل سعود ـ مدرسة جدة السعودية الابتدائية وعمل مديراً لها، ولكنه مالبث أن عاد إلى القاهرة في أواسط سنة 1929م. - بعد عودته إلى القاهرة انصرف إلى الأدب والكتابة، فكتب في مجلتي "الفتح" و"الزهراء" وصاحبهما الأستاذ محب الدين الخطيب، وأكثر ما له فيهما الشعر، وكان من كتابهما منذ كان طالباً

بدأت صلته بالعلماء، منذ شب في بيت أبيه، فعرف السياسيين والعلماء الذين كانوا يترددون على والده، كما اتصل مباشرة بعلماء العصر أمثال: محب الدين الخطيب، وأحمد تيمور باشا، والشيخ محمد الخضر حسين، وأحمد زكي باشا، والشيخ ابراهيم أطفيش، ومحمد أمين الخانجي وغيرهم، كماتعرف إلى الشاعر أحمد شوقي، وكان يلتقي به في الأماكن العامة التي كان الشاعر الكبير يتردد عليها. - راسل الأستاذ مصطفى صادق الرافعي منذ سنة 1921م، وهو طالب في السنة الأولى الثانوية طلباً للعلم، واتصلت المعرفة بينهما، وظلت هذه الصلة وثيقة إلى وفاة الرافعي، رحمه الله، في عام 1356هـ/ 1937 سنة م، فحزن عليه حزناً شديداً صرفه عن استكمال ردوده على الدكتور طه حسين في موضوع المتنبي التي كانت تنشر في جريدة البلاغ. ومكانة الرافعي عنده يوضحها تقديمه لكتاب سعيد العريان عن حياة الرافعي، وقد ظلت هذه الرابطة بينهما تحول سنين متعددة دون التواصل بينه وبين الأستاذ العقاد، ثم صارت بينه وبين الأستاذ العقاد صحبة وصداقة عميقة بعد ذلك. - تعاطف مع الحزب الوطني القديم، فقد كانت هناك صلة بين والده والزعيم مصطفى كامل، كما كان شقيقه الشيخ علي محمد شاكر عضواً عاملاً بالحزب الوطني، فصحب شباب الحزب الوطني واتصل برجاله ومنهم: حافظ رمضان، وعبدالرحمن الرافعي، وأحمد وفيق، والدكتور محجوب ثابت، والشيخ عبد العزيز جاويش. - صاحب فكرة "جمعية الشبان المسلمين"، ولكنه تركها لاختلافه مع السيد محب الدين الخطيب وأحمد تيمور باشا والدكتور عبدالحميد سعيد، على الصورة التي صارت إليها. - بدأ الكتابة في مجلة "المقتطف" منذ سنة 1932م ثم في مجلتي "الرسالة" و"البلاغ" ولكنه كان على صلة دائمة بالرسالة في كتابة متقطعة إلى أن توقفت عن الصدور. - في عام 1357هـ سنة /1938م أخذ امتياز إصدار مجلة "العصور" من الأستاذ إسماعيل مظهر، لتصدر أسبوعية بعد أن كانت شهرية، وصدر منها عددان الأول في 27 رمضان 1357 هـ /19 نوفمبر 1938م، والآخر في 17 شوال 1357 هـ/ 9ديسمبر 1938م ثم توقفت عن الصدور بعد أن كان قد دفع بعددها الثالث إلى المطبعة، وكان مقرها: شارع الإسماعيلية (عمر بن الخطاب) بمصر الجديدة. - في هذه الفترة قامت صداقة عميقة وعلاقة وطيدة بينه وبين كل من الكاتب الكبير الأستاذ يحيى حقي، والشاعر العظيم الراحل محمود حسن إسماعيل، وكان كل منهما يعد الأستاذ محمود شاكر إماماً عليماً بأسرار البيان العربي في شعره ونثره ومرجعاً حياً للثقافة العربية في مجموعها، يأنسان إلى ذخيرته في إبداعهما الأدبي، وقد عبر كل منهما عن تلك الرابطة في أكثر من مقام من مقامات القول، منها: قصيدة الأستاذ محمود حسن إسماعيل في تقديم "القوس العذراء" كما ذكر الأستاذ يحيى حقي في بعض أحاديثه الصحفية أنه قرأ أمّات كتب الأدب العربي على الأستاذ شاكر. - بناء على دعوة من صديقه فؤاد صرُّوف، صاحب المقتطف، ساهم في اختيار وترجمة مواد مجلة "المختار" بدءاًمن عددها الثاني، ولكنه توقف بعد قليل.

*د يحيى
16 - مايو - 2008
أبو فهر محمود محمد شاكر2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
- وفي الفترة القليلة التي شارك فيها في إخراج "المختار" استطاع أن يقدم مستوى للترجمة الصحفية لم يعرف من قبل، وأدخل عدداً من المصطلحات الجديدة في اللغة للتعبير عن وسائل واختراعات حديثة من نوع "الطائرة النفاثة" ومازال عدد من الصحفيين الحالىين يعتبرون عناوين "المختار" التي كان يصوغها نموذجاً يحتذى في هذا الباب. - في أوائل الأربعينات تعرف على الأستاذ فتحي رضوان، وبدأت صلته بالحزب الوطني الجديد في سنة 1950م، وساهم بالكتابة في مجلة "اللواء الجديد". - انقطع عن الكتابة في الصحف والمجلات، بعد إغلاق "الرسالة" القديمة في سنة 1952م، وتفرغ للعمل بالتأليف والتحقيق ونشر النصوص، فأخرج جملة من أمّات الكتب العربية مثل: "تفسير الإمام الطبري" (ستة عشر جزءاً)، و"طبقات فحول الشعراء" لمحمد بن سلاّم الجمحي، و"جمهرة نسب قريش" للزبير بن بكار، وشارك في إخراج: "الوحشيات" لأبي تمام، و"شرح أشعار الهذليين". ونشر في سنة 1952م قصيدته "القوس العذراء" التي تعد معلماً على طريق الشعر الحديث رغم التزامها بحراً متساوي الشطرين ومحافظتها على وحدة القافية، ثم أعاد نشرها مرة ثانية في سنة 1964م. كما ألف كتابه الشهير "أباطيل وأسمار" وهو مجموعة مقالات (25 مقالة) كتبها في مجلة الرسالة الجديدة، ثم طبعت مرتين، المرة الأولى سنة 1965م وصدر مجلد واحد (فيه قسم من المقالات) وصودر المجلد الثاني، والمرة الثانية سنة 1972م في مجلدين ضما جميع المقالات. وكان سبب كتابة هذه المقالات التعليق على ما نشره الدكتور لويس عوض، المستشار الثقافي لجريدة الأهرام القاهرية حينذاك، في جريدة الأهرام بعنوان "على هامش الغفران"، وذهب فيما نشره إلى تأثر المعري بحديث الإسراء والمعراج، كما ألمح فيه إلى أثر الأساطير اليونانية وغيرها في الحديث النبوي، مما دفع الأستاذ محمود شاكر إلى بيان تهافت كلام لويس عوض وجهله وافترائه، ثم انتقل إلى الكلام عن الثقافة والفكر في العالم العربي والإسلامي وماطرأ عليهما من غزو فكري غربي ولاسيما حركة التبشير التي غزت العالم العربي والإسلامي، وماتنطوي عليه هذه الحركة من أساليب ووسائل، وقاده البحث إلى تناول قضايا هامة بحيث يعد "أباطيل وأسمار" من أهم كتبه، بل من أهم الكتب التي ظهرت في المكتبة العربية في العشرين عاماًالأخيرة. وأعاد طبع كتابه الإمام عن "المتنبي" الذي نشر كعدد مستقل من المقتطف سنة 1936م، وقد أثار الكتاب ضجة كبيرة حين صدوره بمنهجه المبتكر وأسلوبه في البحث والإبداع، ومقدمته التي عنوانها: "لمحة من فساد حياتنا الأدبية" التي تناولت بكل صراحة ما اعترى الحياة الأدبية في النصف الأول من هذا القرن من فساد، وما أصاب أجيال المثقفين من تفريغ، تولى كبره واضع نظم التعليم في مصر، المبشر "دنلوب"، الذي سيطر سيطرة تامة على التعليم، والذي لا تزال آثاره باقية على أشنع صورة في نظمنا التعليمية - في الفترة التي صاحبت انتقاله إلى مسكنه في شارع السباق ثم إلى مسكنه الحالي في شارع حسين المرصفي بضاحية مصر الجديدة، بدأت أجيال من دارسي التراث العربي والمعنيين بالثقافة الإسلامية، من أرجاء العالم الإسلامي كافة، يختلفون إلى بيته، ويترددون على مجالسه العلمية يأخذون عنه ويفيدون من علمه ومكتبته الحافلة التي يسرها للدارسين والباحثين ومنهم: الدكتور ناصر الدين الأسد، والدكتور إحسان عباس، والدكتور شاكر الفحام، والأستاذ أحمد راتب النفاخ، والدكتور محمد يوسف نجم - في سنة 1957م أسس ـ مع الدكتور محمد رشاد سالم والأستاذ إسماعيل عبيد ـ مكتبة دار العروبة، لنشر كنوز الشعر العربي، ونوادر التراث، وكتب بعض المفكرين، وباعتقاله هو وشريكيه في 31 أغسطس 1965م وضعت تحت الحراسة - شارك في عدد من المؤتمرات والملتقيات العربية فحضر "مؤتمر الأدباء العرب" في بغداد سنة 1970م، ودعي إلى حضور الدروس الرمضانية التي تعقد في ليالي رمضان في القصر الملكي بالرباط بالمملكة المغربية ،رمضان 1395هـ - كذلك لبى دعوة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وألقى سلسلة من المحاضرات عن "الشعر الجاهلي" ستصدر في كتاب بعنوان "قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام الجمحي". وحالت ظروفه دون تلبية كثير من الدعوات لحضور مؤتمرات وملتقيات عربية وإسلامية كثيرة
*د يحيى
16 - مايو - 2008
 1  2  3