البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : شكوى القرآن وهجره     كن أول من يقيّم
 د يحيى 
11 - مايو - 2008

شكوى القرآن وهجره
الشيخحسن الصفار - 30/04/2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً﴾ (الفرقان:30)
الهجر في اللغة : هو ترك ما من شأنه أن يوصل .
فأي جهة كان ينبغي أن تكون على صلة معها ثم تتركها يقال لك بأنك هجرتها، ولا يقال لمن لم تعرفه إنك هجرته.
وفي هذه الآية يشكو الرسول إلى الله تعالى من هجر قومه للقرآن العظيم:
 ﴿ وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ﴾ (سورة الفرقان آية 30) وقوم محمد هم أمته وأتباعه ﴿ اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ﴾ وإنما قال سبحانه (اتخذوا) ﴾ ولم يقل (هجروا)؛ ليدلل على أن الهجر صار ديدنهم ومنهجهم وطريقتهم في التعاطي مع القرآن العظيم.
وقد اختلف المفسرون في المدلول الزمني لهذه الآية ،فهل حدثت هذه الشكوى في زمن النبي   أم أنه سيرفعها الى الله في يوم القيامة؟
فبعض المفسرين قالوا إنها حصلت عندما كان الرسول   يقرأ على قومه القرآن وهم يستنكفون عن الاستماع إليه " وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " (سورة فصلت آية26)
ولكنّ عدداً من المفسرين يرجحون أن تكون هذه الشكوى يوم القيامة، وأن الفعل  (قال ): فعل ماض، لكنه يدل على تحقق ما سيقع في المستقبل إنزالاً لمنزلة ما سيقع حتماًبمنزلة ما وقع فعلاً ، وهذا ما يستفاد من السياق العام للآية ؛إذ يقول سبحانه:﴿ ويوم يعَض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً * وقال الرسول يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً  ﴾  (سورة الفرقان آية28 – 30 ).
والروايات تؤكد على مثل ذلك أيضاً ، وتندد بأولئك الذين يهجرون القرآن..
فقد ورد عن الفضل بن شاذان أنه سمع الإمام الرضا يقول مرة بعد مرة « فإن قال: فلِمَ أمروا بالقراءة في الصلاة؟ قيل: لئلا يكونَ القرآن مهجوراً مضيعاً وليكون محفوظاً فلا يضمحل ولا يجهل ". [1] 
وعن الإمام الباقر : «قال رسول الله : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة و كتابه و أهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله و بأهل بيتي". [2] 
وعن الإمام الصادق أنه قال : « السورة تكون مع الرجل قد قرأها ثم تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة و تسلم عليه فيقول مَن أنتِ فتقول أنا سورة كذا و كذا فلو أنك تمسكت بي و أخذت بي لأنزلتك هذه الدرجة". [3] 
وعن أبي عبد الله : «قال القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده و أن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية". [4] 

وهجر القرآن يقابله الاهتمام بالقرآن ، ويمكن ملاحظة الأمر في اتجاهين:
هجر التلاوة والحفظ:
هناك فئة من الناس تقبل على القرآن باحترام شديد فتقرأه على كل حين وتحاول حفظه ونشره بين الناس ... وهذا مصداق واضح على الاهتمام بالقرآن ، على العكس تماماً من ذلك الذي لا يحترم القرآن ولا يقرؤه ولا ينظر فيه ولا يحفظ منه شيئاً وعلى هذا ينبغي أن يكون لدى المسلم برنامج يومي لمطالعة القرآن الكريم، وهذا ماكان عليه آباؤنا وما ينبغي أن نربي عليه أولادنا، وفي الرواية عن أبي عبد الله   ، قال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجَع إلى منزله أن لا ينامَ حتى يقرأ سورة من القرآن فتكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات و يُمحى عنه عشر سيئات  ".[5]  وهكذا ينام الإنسان وهو مشغول بذكر الله،كما أن آياته تساعده على فهم وتدبر ما عاشه اليوم وما يرجوه غداً، والإنسان الذي يمر عليه اليوم والأسبوع دون أن يفتح القرآن أو يستمع له يعدّ هاجراً للقرآن، والنبي  يقف في وجهه يوم القيامة قائلاً، لماذا رتبت أولوياتك اليومية من نوم وغذاء وجلسات ومشاهدة وسماع  ولم تخصص للقرآن حصة من وقتك! لماذا لم تقرأ ؟ لم تسمع !!
على أن بعض الناس يدّعي أن القراءة دون التدبر لاتفيد شيئاً، فبإمكان هؤلاء أن تكون لهم قراءتان للقرآن قراءة طولية وقراءة معمقة ويستحق القرآن ان نقرأه لأكثر من هدف..
الهجر المعنوي:
يحمل القرآن في طياته القيم والمفاهيم والبرامج التي يحتاجها الإنسان في حياته، والقرآن مشروع تحرير وتنوير ﴿  يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحِلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم  ﴾ (سورة الأعراف آية157).
وعلى الرغم من أننا نقرأ هذه الآية وأمثالها ولكنها لاتحرك فينا ساكناً، ذلك لأننا نعيش حالة الهجر مع القرآن ، كالولد الذي يسمع كلماتِ أبيه دون أن يعمل على تطبيقها استهانة واستخفافاً.
إنّ أمتنا الإسلامية تمتلك أفضل البرامج وأفضل القيم لإدارة حياتها؛ وأول برنامج يراه القرآن الحكيم هو العلم والتعلم ﴿  اقرأ باسم ربك الذي خلق  ﴾ (سورة العلق آية1) فما مدى استجابتنا للقراءة والمطالعة ،وهي أول آية ينزل بها كتابنا ؟
وأين نحن من الشورى؟ أين التعاون والوحدة أين النظام أين وصلنا بمستوانا السياسي والاجتماعي والديني المعاش.. إن تخلفنا في كل ذلك مؤشر واضح على داء الهجر الذي انتابنا فصار القرآن لايتجاوز تراقينا.
ينبغي لنا أن نراجع أنفسنا «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا» على الصعيدين الظاهري والعملي ، ماذا تركنا، وماذا ينبغي لنا أن نصل، وماذا نترك حتى يصدق علينا أننا متمسكون بالقرآن بعيدين ممن يقف الرسول الأعظم في قبالتهم وهو ينادي ﴿ يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً  ﴾.

طرق تعلم التجويد: 

عندما نريد أن نقرأ القرآن الكريم فلنا في ذلك طريقتان:
الطريقة الأولى: أن نقرأه اعتماداً على أنفسنا وثقافتنا الذاتية دون أن نراجع رأي أهل العلم ، ودون أن نتوقف عند أصول القراءة القرآنية المقدسة.
الطريقة الثانية: أن نتلقاه عن غيرنا على طريقة ( حفص عن عاصم ) كما يقول فقهاؤنا رضوان الله عليهم.
وإذْ إنّ القرآن أمانة علينا القيام بها، ونحن مكلفون بقراءته قراءة صحيحة غير ملحونة، فيمكننا أن نشير إلى بعض الطرق التي تساعد على تعلم القرآن الكريم وقراءته قراءة صحيحة مبرِئة للذمة عبر الطرق التالية :
1- التلقي الشفهي والمباشر من أحد المتخصصين أو المتمرسين في هذا المجال ، ولا حياء في الدين ولا طلب العلم ، وخاصة علم القرآن.
2- قراءة كتب التجويد والاطّلاع على حدود هذا العلم كما نقرأ كتب النحو العربي والبلاغة أو أي علم آخر ، وقد عقد فقهاؤنا أبواباً خاصة في قراءة القرآن وآداب تلاوته، وأفرد بعضهم كتباً خاصة بعلم التجويد.
3- كثرة الإنصات إلى القرآن الكريم ، وحضور مجالس القرآن الكريم والعمل على تكثيرها وإثرائها في منطقتنا.
4- محاكاة الأشرطة القرآنية وتسجيل الصوت ومقارنته بما قرأ وبما سمع.
5- كثرة قراءة القرآن الكريم – وهذا أهم طريق - فإن قراءة شهر رمضان أو في الفواتح ليست كفيلة أن تروض القلب واللسان على لغته ومعانيه .
وكل ذلك لايستغرق الكثير من عمر الإنسان حتى يقرأ كتاب ربه وهو مطمئن، وحتى يكون معلماً لأولاده وداعية إلى الأخذ بالقرآن قولاً وعملاً.
 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]  الصدوق: أبو جعفر محمد بن علي/ عيون أخبار الرضا/ص113- مؤسسة دار الأعلمي.
[2]  الشيخ الحويزي/ تفسير نور الثقلين- ج4.
[3]  الحر العاملي/ وسائل الشيعة – ج6.
[4]  المصدر السابق –ص158.
[5]  الكليني/ الكافي – ص611.

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
بارك الله فيك أخي الحبيب الغالي الأستاذ الدكتور يحيى     كن أول من يقيّم
 
شكرا لأخي الحبيب الغالي الباحث الأستاذ الدكتور يحيى
على ماتفضل به محمودا مشكورا ماجورا
وهذا الذي تفضل به أصبح داء خطيرا أصاب جسد هذه الأمة
الميتة الغافلة عن دينها ولغتها وقرآنها وسنة نبيها
 
وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاق النبي صلى الله عيه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن. [ صحيح / صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني، 4811 ]. قال المناوي في فيض القدير: أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك. وقال القاضي: أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن. فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به، وكل ما استهجنه ونهى ع! نه تجنبه وتخلى عنه. فكان القرآن بيان خلقه. انتهى. وقال في الديباج: معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته.
 
وروى مسلم في صحيحه أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة. فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي. قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين. ] صحيح مسلم، 817(269) [. قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه: ( قال عمر ): تقريرا لاستحقاقه الاستخلاف. وقوله ( بهذا الكتاب ): أي بقراءته، أي بالعمل به. وقوله ( أقواما ): أي: منهم مولاك. ( ويضع به ): أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
 
وهكذا كان توقير الرعيل الأول لكتاب ربهم في صدورهم. وكان السلف ينشئون أطفالهم على حفظ القرآن، ثم يحفظونهم الكتب الستة ( أي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه ). وبعد أن يتمون ذلك يقومون بتحفيظهم مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم. وبذلك يشب الطفل المسلم على وعي بكتاب ربه وسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه. وهكذا حقق الإسلام تقدمه وتفرده، وازدهرت حضارة الإسلام على جميع الحضارات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وتفوقت عليها؛ وذلك بحفظ كتابها والعمل بمقتضاه.
 
ثم خلف من بعد ذلك خلف أضاعوا هذه القيم، ولم يهتموا بكتاب ربهم. هان الله في نفوسهم، فأهانهم الله بما اقترفوه من ذنوب. وقد ضرب لنا القرآن المثل على الأمة التي تضيع العمل بكتابها، فقال تعالى مخبرا عن بني إسرائيل، والخطاب للتذكرة والتحذير: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا اْلأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ َلا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إَِّلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ اْلآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفََلا تَعْقِلُونَ ﴾ ] الأعراف: 169 [. قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره لهذه الآية: يحكي الله تعالى عن اليهود أنه قد خلفهم خلف سوء، ورثوا التوراة عن أسلافهم، ولم يلتزموا بما أُخذ عليهم فيها من عهود، على الرغم من قراءتهم لها. فقد آثروا الدنيا على الآخرة، فاستباحوا الربا والرشا وسائر المحرمات، ويدّعون أنهم سيغفر لهم. وكلما أتاهم مال حرام أخذوه، ومنوا أنفسهم بالمغفرة كذبا على الله تعالى. وقد قرأوا في كتابهم ألا يقولوا على الله إلا الحق وفهموه، ومع ! هذا يجترئون على الله ويكذبون عليه بأنه سيغفر لهم.
وقال القرطبي في تفسيره: وهذا الوصف الذي ذم الله تعالى به هؤلاء موجود فينا. فقد روى الدارمي في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب، فيتهافت, يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذة, يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب, أعمالهم طمع لا يخالطه خوف, إن قصروا قالوا سنبلغ, وإن أساءوا قالوا سيغفر لنا, إنا لا نشرك بالله شيئا.
 
واستمر خط الابتعاد عن كتاب الله يمضي قدما، بطيئا وبشكل يخفى عن العامة في أول الأمر، ثم بخطى متسارعة وبصورة سافرة بعد ذلك. فبعد أن كانت الأمة مجمعة الكلمة على العمل بكتاب ربها، وتستمد تشريعاتها من أحكامه، بدأت في التخلي عنه شيئا فشيئا، فعاقبها الله بأن سلبه من يدها، إلى أن أصبحت لا تعمل به. وبالطبع كان هناك دورا رئيسيا لأعداء الأمة في الوصول إلى هذه الحالة التي أصبحنا عليها.
 
وإني لأعجب من أمة تهجر كتاب ربها وتُعرض عن سنة نبيها، ثم بعد ذلك تتوقع أن ينصرها ربها !!؟
 
إن هذا مخالف لسنن الله في الأرض.
إن التمكين الذي وعد به الله، والذي تحقق من قبل لهذه الأمة، كان بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل، الدستور الرباني الذي فيه النجاة مما أصابنا الآن.
إن الذين يحلمون بنزول النصر من الله لمجرد أننا مسلمون لواهمين.
ذلك أن تحقق النصر له شروط. قال تعالى:
 ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي اْلأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُ! دُونَنِي َلا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾ [ النور: 55 ] .
كما أن ما بعد النصر له شروط. قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي اْلأَرْضِ أَقَامُوا الصََّلاةَ وَآتَو! ْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ اْلأُمُورِ ﴾ [ الحج: 41 ] .
 
فعودوا إلى كتاب ربكم تنالوا نصره في الدنيا ، وتدخلوا جنته في الآخرة !!
 
 
*الدكتور مروان
13 - مايو - 2008
رحم الله العلامة المفسّر الشنقيطي    كن أول من يقيّم
 
الآية التي قال عنها الشنقيطي .. يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً
قال العلامة الشنقيطي - رحمه الله - في أوائل تفسيره لسورة الروم، وتحديداً عند الآية (6)، وهي قوله- تعالى-: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) [الروم/6، 7]).
قال - رحمه الله -  في الأضواء 6/477 ـ :
"اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا القرآن: أن يتدبر آية الروم تدبراً كثيراً، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس.
وإيضاح ذلك:
أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلي ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج لأعمال الحياة الدنيا ومهارتهم فيها على كثرتها، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك، فظنوا أن من قَدَرَ على تلك الأعمال أنه على الحق، وأن من عَجَز عنها متخلّف وليس على الحق، وهذا جهل فاحش، وغلط فادح.وفي هذه الآية الكريمة إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه، وما أعظمه، وما أحسن تعليمه.
فقد أوضح - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا يعلمون، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أولياً، فقد نفى عنهم - جل وعلا - اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل؛ لأنهم لا يعلمون شيئاً عمّن خلقهم، فأبرزهم من العدم إلى الوجود، ورزقهم، وسوف يُميتهم، ثم يُحْييهم، ثم يُجازيهم على أعمالهم، ولم يعلموا شيئاً عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبدية في عذاب فظيع دائم: ومن غَفَل عن جميع هذا فليس معدوداً من جنس مَن يعلم كما دلت عليه الآيات القرآنية المذكورة، ثم لمّا نفى عنهم - جل وعلا - اسمَ العلم بمعناه الصحيح الكامل أثبت لهم نوعاً من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره.
وعاب ذلك النوع من العلم بعيبين عظيمين:
أحدهما:
قلته وضيق مجاله؛ لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا. والعلم المقصور على ظاهرٍ من الحياة الدنيا في غاية الحقارة، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السموات والأرض - جل وعلا -، والعلم بأوامره ونواهيه، وبما يقرّب عبده منه، وما يبعده منه، وما يخلد في النعيم الأبدي من أعمال الخير والشر.
والثاني منهما:
هو دناءة هدف ذلك العلم، وعدم نيل غايته؛ لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا، وهي سريعة الانقطاع والزوال ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله: "يَعْلَمُونَ ظَاهِراً" أنه بدل من قوله قبله "لا يعلمون"، فهذا العلم كلا علم؛ لحقارته.
قال الزمخشري في الكشاف،" وقوله: "يعلمون" : بدل من قوله: "لا يعلمون"، وفي هذا الإبدال من النكته أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مَقامه، ويسُدُّ مسدَّه ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا..
وقوله: "ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا": يفيد أن الدنيا ظاهراً وباطناً فظاهرها
ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها، والتنعيم بملاذها وباطنها، وحقيتها أنها مجاز إلى الآخرة، يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة، وفي تنكير الظاهر أنه لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من ظواهرها. وهم الثانية يجوز أن يكون مبتدأ، وغافلون خبره، والجملة خبر: هم الأولى، وأن يكون تكريراً للأولى، وغافلون: خبر الأولى، وأية كانت فذكرها مناد على أنهم معدن الغفلة عن الآخرة، ومقرها، ومحلها وأنها منهم تنبع وإليهم ترجِع. انتهى كلام صاحب الكشاف.
وقال غيره: وفي تنكير قوله: ظاهراً تقليل لمعلومهم، وتقليله يقربه من النفي، حتى يطابق المبدل منه. اه. ووجهه ظاهر.
واعلم أن المسلمين يجب عليهم تعلّم هذه العلوم الدنيوية، كما أوضحنا ذلك غاية الإيضاح في سورة مريم في الكلام على قوله - تعالى -: " أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً" [مريم: 78] وهذه العلوم الدنيوية التي بينّا حقارتها بالنسبة إلى ما غفَل عنه أصحابُها الكفار، إذا تعلمها المسلمون، وكان كل من تعليمها واستعمالها مطابقاً لِما أمر الله به، على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: كانت من أشرف العلوم وأنفعها؛ لأنها يستعان بها على إعلاء كلمة الله ومرضاته - جل وعلا -، وإصلاح الدنيا والآخرة، فلا عيب فيها إذن كما قال - تعالى -: " وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ" [الأنفال: 60] فالعمل في إعداد المستطاع من القوة امتثالاً لأمر الله - تعالى -وسعياً في مرضاته، وإعلاء كلمته ليس من جنس علم الكفار الغافلين عن الآخرة، كما ترى الآيات بمثل ذلك كثيرة. والعلم عند الله - تعالى -.
 
*د يحيى
15 - مايو - 2008
السور المنجية 1    كن أول من يقيّم
 
                        السور المنجيات

السور المنجيات؟ ما هي ؟
هي: الكهف، والسجدة، و يس، و فصلت، و الدخان، والواقعة، والملك، والإنسان، والبروج.

فضائل بعض هذه السور:
  • سورة الكهف:
1-    عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال"
رواه مسلم.
وفي رواية لمسلم عنه أيضاً" عن النبي صلى الله عليه وسلم": من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال".

2- عن شعبة عن البراء رضي الله عنه قال: قرأ رجل الكهف وفي الدار دابّة فجعلت تنفر، فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" اقرأ فلان فإنها السكينة تنزل عند القرآن، أو تنزلت للقرآن"_رواه البخاري ومسلم.

3- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء والأرض"_رواه أحمد في مسنده.

4- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين"_رواه الحاكم في مستدركه.

5-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه"_رواه الحاكم في مستدركه.
*د يحيى
16 - مايو - 2008
السور المنجية 2    كن أول من يقيّم
 
  • سورة السجدة:
روى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (الم تنزيل) السجدة و(هل أتى على الإنسان) الإنسان،وأن النبي كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة و(المنافقون)_رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة.

وأخرج الدارمي أبو محمد في مسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ "الم تنزيل" السجدة و"تبارك الذي بيده الملك"، وقال الدارمي: وأخبرنا أبو المغيرة قال: حدثنا عبدة عن خالد بن سعدان قال: اقرؤوا المنجية، وهي " الم تنزيل" فإنه بلغني أن رجلاً كان يقرؤها، ما يقرأ شيئاً غيرها، وكان كثير الخطايا، فنشرت جناحها عليه، وقالت: رب اغفر له فإنه كان يكثر من قراءتي، فشفعها الربّ فيه وقال: "اكتبوا له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة"_من تفسير القرطبي.
  • سورة يس:
v عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن لكل شيء قلباً"، وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات"_ رواه الترمذي.

v وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قرأ يس في ليلة أصبح مغفوراً له، ومن قرأ"حم" التي يذكر فيها الدخان أصبح مغفوراً له"_رواه أبو يعلى بإسناد جيد.


v وعنه أيضاً صلى الله عليه وسلم قال: " يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة إلا غفر له واقرؤوها على موتاكم"_ رواه الإمام أحمد.

ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسّره الله تعالى, وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة والبركة وليسهل عليه خروج الروح.
*د يحيى
16 - مايو - 2008
السور المنجية 3    كن أول من يقيّم
 
  • سورة الدخان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك"_رواه الترمذي.

وعن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتاً في الجنة".
  • سورة الواقعة:
روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبدالله بن مسعود بسنده عن أبي ظبية قال: مرض عبدالله مرضه الذي توفي منه، فعاده عثمان بن عفان، فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي, قال: فما تشتكي؟ قال: رحمة ربي، قال:ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني, قال: ألا آمر لك بعطاء، قال:
 لا حاجة لي فيه، قال: يكون لبناتك من بعدك، قال: أتخشى على بناتي الفقر؟ إني أمرت بناتي يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً فكان أبو ظبية لا يدعها".

روى الترمذي عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت! قال صلى الله عليه وسلم:" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعمَّ يتساءلون؟ وإذا الشمس كورت".
*د يحيى
16 - مايو - 2008
السور المنجية 4    كن أول من يقيّم
 
  • سورة الملك:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له": تبارك الذي بيده الملك_ رواه أحمد.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً:" سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة": تبارك الذي بيده الملك_ رواه الطبراني.

وقال أيضاً" صلى الله عليه وسلم:" هي المانعة والمنجية، تنجي من عذاب القبر"_ أخرجه الترمذي.

روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة (تبارك الذي بيده الملك) حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني ضربت خبائي على قبر، وأنالا أحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الملك حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر".

نسأل الله العظيم أن يعيننا على تلاوة القرآن الكريم، وحفظه، وتدبّر آياته واتّباع سنة نبيّه عليه أفضل الصلاة والسلام، ، وأن نكون ممن نقرأ فنرقى، ولا نكون ممن يقرأ فيشقى، وأن نقيم حدوده، ، وأن نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونسارع في فعل الخيرات والطاعات، ... آمين.والحمد لله رب العالمين.
*د يحيى
16 - مايو - 2008