البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : كيف ندرس نصاً أدبياً ؟    كن أول من يقيّم
 ضياء  
25 - أبريل - 2008
تعتمد دراسة النصوص الأدبية على التحليل الدقيق لعناصر النص . وتهدف عادة إلى إبراز الغاية والهدف من كتابة النص .
 
انطلاقاً من هنا : لا تكتفي دراسة النصوص الأدبية عادة بتحديد مجالات الكتابة من حيث النوع والأسلوب ، أو إبراز الصور والمحسنات اللفظية ، بل تعمد إلى إظهار ما لهذه الصور والمحسنات من فائدة في خدمة الموضوع ، فحوى النص ، ومدى تأثيرها في بنائه .
 
دراسة نص من النصوص لا تعني إذن سرده وإعادة وصفه بطريقة أخرى ، بل الغاية هي أن نبين : كيف ؟ ولماذا ؟ .
 
سأقوم هنا لاحقاً باقتراح خطة عمل لدراسة النصوص الأدبية ، هي خطة مبدئية أرجو أن تحظى باهتمامكم ونقدكم ، وأتمنى لها أن تكون مفيدة في توجيه بعض الدراسات لطلبة وطالبات كان لموقع الوراق شرف احتضانها ورعايتها .
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تمهيد    كن أول من يقيّم
 
 
لا تعتمد هذه المنهجية على دراسة أقسام النص كما ترد بحسب تسلسلها ، بل تحاول قراءة أبعاده ومستوياته من حيث هو خطاب موجه إلى القارىء يهدف إلى إقناعه ، أو إبهاره ، أو التواصل معه ، أو رفده بالمعلومات ، أو يكون أحياناً مجرد وسيلة للتعبير عن مكنون الذات . الهدف إذن هو إيصال فكرة  ومضمون محدد يسعى الكاتب إلى إبرازه بواسطة أدوات تعبير فنية ، شعرية أو نثرية ، هي ما يفرق النص الأدبي عن غيره من النصوص . هكذا يكون المضمون والأسلوب متلازمان في النص الأدبي وتكون دراسة الأسلوب جزء لا يتجزأ من دراسة النص ككل ولا يجب بأية حال الفصل بينهما .
 
من هنا يجب تحاشي تقسيم النص إلى أسلوب ومضمون ، بل أن غاية الدراسة هي فهم كيف يتم التقاطع بين المضمون والأسلوب وكيف يتم توظيف وسائل التعبير الأدبية والمحسنات اللفظية من أجل خدمة المضمون الذي هو الهدف من الكتابة .
 
بهذه الطريقة سوف نتمكن من : (1)فهم الموضوع بصفة شاملة ومعمقة ، ( 2)تحديد ومواصفاته الأدبية والجمالية ، (3)والتمكن من تقييم مستواه الأدبي عبر قياس قدرته على التحكم بموضوعه وقدرته على استخدام الأدوات الفنية الفاعلة والمؤثرة في القارىء المتلقي .
 
*ضياء
25 - أبريل - 2008
العمل التحضيري    كن أول من يقيّم
 
 
التحضير للكتابة هو الجزء الذي يستغرق عادة القسم الأكبر من الوقت . وهي المرحلة التي يتهيأ خلالها الذهن للكتابة . وسوف نحاول شرحها هنا بخطوات عملية :
 
1ــ نبدأ طبعاً بقراءة النص قراءة وافية ، مرتين على الأقل مهما كان بسيطاً .
 
2ــ نقرأ حول النص ، كل ما نجده ويقع تحت أيدينا من معلومات تتعلق به ، أو بكاتبه ، أو بنصوص مشابهة تنتمي إليه بشكل من الأشكال بغية الاحاطة به من كل الجوانب وفهم ما بدا لنا غامضاً منه .
 
3ــ نبحث على هامش هذه القراءت عن معلومات تتعلق بالكاتب أو الكتاب تفيدنا أثناء التحرير .
 
4ــ نقوم بتحديد موقع النص ضمن الكتاب أو الديوان أو المجموعة القصصية تحديداً يبين دوره وموقعه في السياق العام لبقية النصوص .
 
5ــ نتوسع في البحث عن مناسبة النص التي عادة ما تكون المدخل الأساسي لفهم الغاية من كتابته ، والإحاطة بالمناخ العام الذي شهد ولادته ، وهي معلومات ثمينة وبغاية الأهمية كأن نعرف مثلاً مصدر اسم الكتاب أو مكان وزمان كتابته ، والمناسبة أو الحدث التاريخي أو الشخصي .
 
6ــ تحديد نوعه الأدبي بدقة والبحث في النص عن مقاطع ومقتطفات الهدف منها إظهار نوعه الأدبي .
 
7ــ البحث عن أدلة ومقاطع تشير إلى كيفية توظيف الكاتب لوسائل متنوعة كالنوع الأدبي ، والألفاظ ، وتسلسل الفقرات ، في خدمة الفكرة .
 
8ــ من خلال سبق سوف نتمكن من تلخيص نقاط نضعها قيد المراقبة أثناء القراءة سوف تساعدنا على استخلاص فرضيات البحث ، ويجب هنا أن لا تغيب عن أعيننا الأمور التالية :
*تركيب النص وحركته
*المعنى الظاهر والمعنى المركب
*المناخ الذي يغلف به الكاتب نصه ( تراجيدي ، كوميدي ، عاطفي ... )
*البحث في ذاكرتنا عن روابط ونصوص مشابهة ترفدنا بالمعلومات اللازمة لاستخلاص الأفكار وتحريرها من سطوة النص .
 
 
 
*ضياء
25 - أبريل - 2008
تحية تشجيع    كن أول من يقيّم
 
أخي الكريم
كلماتك تستحق الثناء
أتمنى عليك أن تتوسع في تفصيل أنماط النصوص
ثم تبيان الخصائص اللغوية والتركيبية لكل نمط على حدة
ثم تتبع ذلك بمسرد للمصطلحات
ودمتم سالمين
assawy
26 - أبريل - 2008
موضوع خطير!!    كن أول من يقيّم
 
أستاذة ضياء:
هذا الموضوع الذي تطرحينه، يتعلمه الطلاب صباحَ مساءَ، لكن لا مجيب!!! 
إنني أثمِّن اهتمامك به، وأدعو قراء الوراق إلى التفاعل معه.
و لي عليه ملاحظات. منها:  
* لابد من التفريق بين طريقة مدرسية، وأخرى منهجية في مواجهة النص الأدبي ومعايشته. الطريقة المدرسية هي التي وصفتيها بقولك:" تكتفي دراسة النصوص الأدبية عادة بتحديد مجالات الكتابة من حيث النوع والأسلوب ، أو إبراز الصور والمحسنات اللفظية". وهي مطلوبة، ولا يمكن هجرها أو الهجوم عليها!!!
* مطالبة الطالب الجامعي بالإجابة عن(كيف؟ ولماذا؟) أعلى من إمكانياته. أتريدين من غير مبدع أن يكون مبدعًا في نقده، أن يتخيل كيف أبدع النص، وأن يصل-في هذه المرحلة- إلى الإجابة عن:لماذا أبدع النص؟ واقعيًّا هذا صعب، لا سيما في النصوص الحديثة والمعاصرة. 
* مطالبتك بالجمع بين الشكل والمضمون جدُّ مهمة، وضرورية، وقد نادى بها كثير من النقاد القدامى والجُدادى، لكن الواقع التعليمي الأكاديمي يفرض علينا النظر إليهما-مؤقتًا- على أنهما شيئان لا شيء واحد!!!  
 
* لم أر في نقَدات أعضاء سراة الوراق على الأعمال الإبداعية، واحدًا طبق طريقتك المنهجية. كلُّنا في الحديث عن النظريات أساتذة، لكن عند التطبيق، نكون هروبيين، ذوي رؤى قاصرة جزئية، تهتم بالشكل فقط!!!
مع خالص تقديري
 
*صبري أبوحسين
27 - أبريل - 2008
كلاكما على حق    كن أول من يقيّم
 
كل الشكر للأستاذ ( عيسوي ) على تشجيعه لي . ضياء إسم يعطى للإناث في بلادنا أكثر من الذكور بينما هو في مصر وبلدان أخرى إسم مذكر . من السهل جداً أستاذي التعرف على هوية كاتب التعليق في الوراق ، يكفي أن تنقر على الإسم الموجود على شمالك لكي تظهر لك صفحة الاشتراك التي هي بمثابة البطاقة الشخصية للكاتب .
 
أتمنى لو أتمكن من التوسع في تفاصيل كثيرة ذكرت حضرتك منها أهمها . لكنني غير متخصصة بالأدب العربي وسيستلزم مني هذا الموضوع البحث عن مراجع متخصصة والتنقيب فيها . مجال إختصاصي الفعلي هو الفلسفة لكني شغوفة بالأدب وتاريخه ، وما أكتبه اليوم هو ثمرة خبرتي بالكتابة والتعليم وولعي بقراءة النصوص الأدبية ، واطلاعي على بعض الكتب المنهجية في دراسة النصوص . لذلك ، أتمنى على الأساتذة المتخصصين في الأدب العربي إتمام هذه المحاولة ( وانا لم أنته من عرض هذه الطريقة بعد ) وتصويبها وإبراز دور المعرفة بتقنيات الكتابة وأدواتها في فهم أبعاد النص . أنا بالاختصار أتعدى على الكار وسعيدة بأنني أثرت هذه الزوبعة لأننا بحاجة إلى إعادة النظر دائماً بالمسلمات والعادات التي درجنا عليها .
 
وكل التحية والسلام للأستاذ صبري أبو حسين وخالص التقدير لجهوده الكريمة التي قدمها لهذا الموقع :
 
نعم أستاذي ، معك حق ، وكلامك صحيح في أغلبه ، الطلاب تجار علامات ويبحثون عن جمعها بأية وسيلة ، وهمهم الأساسي هو كيف نتمكن من النجاح والحصول على الدبلوم ؟ وهم لا يأبهون عادة للطريقة التي توصلهم إلى هدفهم . لكن مسألة المستوى التعليمي هي من مسؤولية الجامعات والأساتذة الذين يعدون البرامج ويقيمون الطلاب . هذه المسألة الشائكة لا تبدأ في الجامعة بل أن الأخطاء تتراكم على مدى سنوات الدراسة ومنذ مراحلها الأولى : النتيجة أن المستوى يتراجع بشكل مخيف .
 
كيف ؟ ولماذا ؟ هي من مستوى الطالب في المرحلة الثانوية الذي يجب عليه أن يفهم كيف ؟ ولماذا ؟ عند قراءته للنصوص . الطالب الجامعي عليه أن يتجاوز هذا إلى القدرة على البحث ، أي تقنية جمع المعلومات والجمع بين عدة مجالات معرفية والقدرة على النظر إلى المعلومات بعين ناقدة للتمييز بينها ، ومن ثم تبويبها وربطها بفكرة أو وجهة نظر تكون خاصة به . هذا كله من حيث المبدأ .
 
ما قلته أستاذ صبري عن أهمية دراسة الأسلوب الأدبي وتقنياته هو صحيح جداً وأساسي ولا بد منه . لذلك أتمنى عليك متابعة هذا العرض فيما بعد بنفس الوجهة التي ذكرها الأستاذ عيسوي وسأكون أول المستفيدين من هذا .
 
نعم ، نحن نقول ونعيد ونكرر ، وأنا أفهم ما تشعر به من إحباط أحياناً ، لكن قاعدة التعليم الأولى هي التكرار والإعادة لترسيخ المعلومات وتعميق الفكرة التي لن نمتلكها إلا بالممارسة وتراكم التجربة . وشكراً لكما .
 
 
*ضياء
27 - أبريل - 2008
وضع المخطط    كن أول من يقيّم
 
بالاستناد إلى ما تقدم ، وبعد تمكننا من قراءة النص بشكل معمق وتحديد هدفه ، نعمد إلى استخلاص الخطوط الأساسية العامة التي يتطور من خلالها ونجمعها في محورين أو ثلاثة على الأكثر نضع لكل واحد منها عنواناً عريضاً . من الأفضل هنا كتابة ثلاثة عناوين على ثلاث ورقات منفصلة .
 
نقوم بعد ذلك بتوسيع نقاط البحث بشكل منفصل وبوضع الملاحظات الخاصة بكل محور على الورقة المخصصة له ، وبالبحث عن الأدلة المنطقة واللفظية التي استخدمها الكاتب في هذا السياق واستخراج الصور وما استخدمه من أدوات التعبير البلاغية مع إدراج الأمثلة المستخرجة من النص .
 
من المفيد فيما بعد تبويب هذه الملاحظات وترتيبها بحسب أهميتها .
 
يجب أن نراعي في استنتاجاتنا أن يكون المخطط منطقياً ومترابطاً وأن يتطور في وجهة محددة لكي يتمكن من خدمة الهدف العام .
*ضياء
27 - أبريل - 2008
كتابة الدراسة     كن أول من يقيّم
 
المقدمة :
 
نعرض فيها للنص بشكل عام كأننا نصفه وصفاً سريعاً ودون أن نفترض بأننا نتوجه إلى قارىء يعرف النص . نعرف بالكاتب والكتاب ونضع زمن الكتابة في إطاره التاريخي والثقافي كالتعريف بالاتجاه الأدبي أو الفكري الذي ينتمي إليه الكاتب . ثم نشير إلى الفكرة الأساسية التي سنتناولها بالدراسة والتي تشكل بنظرنا روح النص ، ونحدد انطلاقاً منها نوعه الأدبي ، ونعرض بشكل سريع ، إنما صريح وواضح ، للنقاط الرئيسية أو المحاور التي سوف نتوسع بشرحها .
 
جسم الموضوع :
 
وغايته أن نبين علاقة النص بالنوع الأدبي وكيفية بنائه : وهنا سأترك الباب مفتوحاً لتدخل الأساتذة وأرجو أن لا يبخلوا علينا بالإضافات .
 
نتناول بالدراسة ، وكما أشرنا سابقاً ، كل فقرة على حدة ، فنشرح الفكرة ونوضح كيف تم التعبير عنها ، ومن هنا تأخذ دراسة الأسلوب أهميتها القصوى في الدراسات الأدبية ،لأن الأسلوب الأدبي الذي اختاره الكاتب ليس عبثياً ولا هو محض الصدفة ، بل هو الطريقة المثلى التي يمتلكها وتمكنه من التعبير عن أفكاره ووصف حالته الوجدانية . وبقدر ما يكون الكاتب متمكناً من تقنيات اللغة والكتابة ، بقدر ما يكون لنصه من الوقع ، والهيبة والتأثير في نفس القارىء . لا يكفي إذن لدارس النصوص الأدبية فهم المضمون وتعقب الأفكار ، بل لا بد له من امتلاك هذه التقنية والقدرة على استخراجها من النص .
 
بعد أن نعرض للأفكار ونورد الأمثلة عليها ، يمكننا إضافة بعض المقارنات أحياناً من نصوص أخرى من شأنها أن تغني الدراسة وترفدها بمعلومات مهمة .
 
نراعي أثناء عملية الكتابة أن نعود إلى السطر بعد الانتهاء من كل فقرة ، ونراعي أن يكون التسلسل منطقياً بين الفقرات وأن نمهد في كل مرة للفقرة القادمة ، أو أن نسترجع بالذكر بعض الأفكار التي وردت سابقاً للحفاظ على ترابط ووحدة الموضوع .
 
الخلاصة :
 
نعرض فيها بإيجاز وعمومية للأفكار التي وردت في محاولة للإجابة عن سؤال المقدمة .
 
نجري نوع من التقييم للنص يتعلق بمستواه الأدبي وقدرة الكاتب التعبيرية والفنية ومستوى تأثيره في ذهن ونفس المتلقي .
 
نحاول استنتاج خلاصة عامة تكون مفتوحة على أسئلة أخرى مشابهة ، أو أعم وأشمل ، ولا مانع من إنهاء الموضوع بعبارة أو مقولة شهيرة للكاتب نفسه ، أو من موضوع مشابه نختم بها دراستنا .
 
 
 
*ضياء
27 - أبريل - 2008
حول المنهج ...    كن أول من يقيّم
 
الأخت ضياء ،
تحية طيبة ، حمداً لله على سلامتك ، وأعظم الله أجرك في حاسوبك ...
أشكر لك هذا الموضوع ، أردت أن أضيف تعليقا بسيطا حول المناهج المدرسية في تحليل النصوص الأدبية ...
أذكر أن ّ أكثر ما زهدني في تتبع آثار هذا النقد ، ذلك الأسلوب الرديء الذي كنا نتلقى من خلاله نصوصا أدبية متنوعة .
فالقالب جاهز دوما . " أسلوب الكاتب متين العبارة ، والعاطفة صادقة ، والألفاظ جزلة ممتنعة ..."
وكنت أرجو خلال هذه الدراسة أن ألقى نقدا قاسيا لنص رديء ، كذلك الصحابي الذي كان يسأل عن الحرام لتوقيه ، ولكن لا جدوى ... وقد أسفر هذا النفور عن نقطة سيئة في امتحان البكالوريا ، وقد كان موضوع مادة الأدب " طه حسين " ... ذلك الكاتب الذي كنت ، خين بلغت الثامنة عشرة ، قد قرأت كل مؤلفاته (على أني لم أستوعبها جميعا، خصوصا النقدية منها) ...
واني اتساءل حتى الآن ، من الذي جنى علينا هذا ؟
 
زين الدين
*زين الدين
29 - أبريل - 2008
عصر الديناصورات    كن أول من يقيّم
 
أنا والتكنولوجيا يا أستاذ زين الدين ، حكاية قديمة ، فأنا لا أريد أن أتعلم منها إلا ما يخدمني في وقتي الراهن ، وكل ما أتعلمه عدا ذلك أنساه . أجد نفسي محاطة بكمية كبيرة من الآلات والأدوات التي لا أحسن استخدام أغلبها : حتى لوحة التحكم بالتلفزيون لا أعرف منها سوى الأزرار التي نغير بها من محطة إلى أخرى . أشعر أحياناً بأنني من عصر الديناصورات وأنني وصلت إلى هنا لا أدري كيف ! المعارف التي يتوجب علي إتقانها كثيرة جداً وهي متحركة ومتغيرة باستمرار . لاحظ جهاز الهاتف الخليوي وحده كم من التعديلات قد طرأ على استعمالاته منذ ظهوره وحتى اليوم ورغم أنه حديث جداً . كل هذا يتجاوزني ليس فقط لأنني لم أكن مهيأة ذهنياً لاستيعاب هذه التطورات ، ولكن لأن إيقاع التغيير المتواصل هو أسرع بكثير من قدرتي على اللحاق به . نحن تربينا على الميجانا والعتابا والمواويل واللحن البطيء ، ومدينتي التي ولدت فيها كانت تشبه قرية كبيرة وكان إيقاع الحياة فيها بطيء جداً ، ولا بد أن أحكي لكم يوماً عن بعض التفاصيل المضحكة التي صادفتني في بداياتي عندما أتيت إلى هنا .
 
أما مسألة النقد الأدبي فسأفرد لها تعليقاً آخراً . فإلى اللقاء
 
*ضياء
29 - أبريل - 2008
حول مسألة النقد    كن أول من يقيّم
 
 
هذه الطريقة التي قمت بعرضها هي مطلوبة في امتحانات المرحلة الثانوية في فرنسا تسمى : الشرح المركب ، commentaire composé .
 
نفتقر عموماً إلى عدم وجود مؤسسات نقدية فاعلة . أقصد بالمؤسسات هنا المجلات والدوريات المختصة بدراسة الأدب ، والجرائد الكبيرة التي من مهمتها أن تفرد صفحات للنقد تتناول الإصدارات الحديثة من أدب وفكر وغيرها . هي ليست معدومة غير أنها لا تقوم بواجباتها بالشكل المطلوب منها لأنها محكومة بالولاء للجهة التي تمولها ، سواء كانت تلك الجهة دولة أو مؤسسة أو حزباً سياسياً . وليس هذا هو السبب الوحيد ، فضعف المستوى التعليمي ، وانتشار الأمية ، وغلاء المعيشة ، وانتشار وسائل الإعلام المرئي ، كلها أسباب تساهم في نكبة الأدب والنقد الأدبي هذا الكلام فيه بعض التعميم ونستطيع رغم كل هذا أن نجد بعض الأقلام الجادة والغير منحازة يحضرني من هذه الأسماء في هذه الساعة كتابات إبراهيم العريس الذي ينشر حالياً في جريدة الحياة . غير أن ما نقرؤه من الدراسات التي تطالعنا هنا وهناك له بالإجمال صفة دعائية أكثر منه دراسة نقدية .
 
أما البرامج التعليمية ، فهي نكبة ، أو ربما تكون من آثار النكبة التي نعرفها ، ولا داعيَ لمناقشتها . ولقد انهارت أسطورة التعليم المجاني وانهار معها الأمل بالتغيير .
 
مسألة النقد ، أستاذ زين الدين ، هي مسألة شائكة وخيار ليس من السهل تحمل تبعاته ، لأن البشر يعيشون ضمن مجموعات قانونها الضمني هو أن تكون متكاتفة على السراء والضراء ، الخطأ والصواب . وهذا ليس خاصا بنا وحدنا ، بل هو قانون عالمي ، إنما كلما اشتد الشعور بالخطر والضعف ، كلما ازدادت هذه المجموعات انكفاء على نفسها وتقوقعاً . هذه القاعدة لا تطال من يتوجه بالنقد لمن هم خارج المجموعة ، ولا تطال من ينتقد زميلاً له أو فئة أخرى من الناس لا ينتسب إليها اجتماعياً أو طائفياً أو سياسياً ، إنما المشكلة هي في أن تنتقد ضمن المجموعة أو الدائرة التي تعيش فيها .
 
فالناقد الحقيقي هو من يسعى إلى تغيير قوانين اللعبة داخل مجتمعه لذلك غالباً ما يكون مهمشاً في دائرته الاجتماعية الصغيرة والكبيرة ، لأنه يعري ، ولأنه يرفع عنا الغطاء الذي نحتمي به : أن تنتقد يعني تلقائياً بأنك تقذف بنفسك إلى خارج اللعبة . وهو في هذا ليس بريئاً كل البراءة لأن من يسعى إلى التغيير هو من يشعر بأن قوانين اللعبة لم تعد تناسبه ، وأنها لم تعد تلبي حاجاته ، من هنا يسعى إلى تغييرها ، لكنه غالباً ما يدفع الثمن غالياً ، وغالباً ما ينتهي إلى التهميش . انظر إلى مجموعة النقاد الذين اخترت مقالاتهم في ملفي الجديد : " مقالات طريفة ولاذعة " ستجد بأنهم رغم شهرتهم وعبقريتهم هامشيون جداً ولا يمثلون إلا أنفسهم . لكن هذه المحاولات هي الطريقة الوحيدة القادرة على إدخال دينامية وحركة فاعلة داخل المجتمع .
 
 
*ضياء
30 - أبريل - 2008