لمقامات الاسلامية في العصر الحالي كن أول من يقيّم بسم الله الرحمان الرحيم انا محمد سماد من
تثير قبور الأولياء والصديقين في فلسطين، صراعًا مريرًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أوقع عشرات من القتلى خلال سنوات الصراع الطويلة بين الجانبين. ووفقًا للمصادر الفلسطينية وباحثين إسرائيليين مستقلين، فإن السعي الإسرائيلي للسيطرة على قبور الأولياء المسلمين في فلسطين، يأتي في سياق البحث عن أي شرعية تبرر دعاوى احتلال فلسطين.وفي حين لا يظهر الفلسطينيون الآن شغفًا بقبور الأولياء، فإن الإسرائيليين، على خلاف ذلك وفقًا لما كشفه بحث إسرائيلي جديد، من إحصاءات قد تكون مثيرة عن اهتمامات الإسرائيليين بهذه القبور، ووفقًا للبحث الذي أجرته جامعة حيفا، فإن ثلث اليهود الذين يزورون قبور الأولياء هم من الأكاديميين، وأن 15% من الزوار هم من العلمانيين.
ولا تقتصر زيارة هذا النوع من القبور والأولياء على اليهود الشرقيين، كما كان الانطباع سائدًا، خصوصًا اليهود المهاجرين من بلاد المغرب العربي، ووفقًا للبحث فإن 20% من زوار قبور الأولياء هم من اليهود الأوروبيين.
وبعد ستين عاما من إقامة إسرائيل، و40 عامًا على احتلال الضفة الغربية، فإن حال القبور والمقامات الإسلامية في فلسطين، اصبح مختلفًا تمامًا، وإذا رأى الزائر لهذه المناطق، قبة تعتلي غرفة صغيرة، في رأس جبل أو وسط خلاء أو داخل مدينة، واقترب منها فسيرى كتابات عبرية عليها، وسياجًا يحيطها، وعلى الأغلب سيصطدم بمتدينين يهود يقيمون طقوسًا حولها، سيمنعونه من الاقتراب من هذا المكان المقدس أو ذاك.
ولا يعرف متى أنشئت هذه الاضرحة، ولكنها تحمل أسماء أنبياء وشيوخ وصوفيين وصحابة ممن شاركوا في الفتوحات الإسلامية، واناس عاديين غير معروفين، ومن الصعب معرفة أصلها، ولكن المؤكد أن أجيالاً من الفلسطينيين بنوها، وكانت تعني لهم شيئًا، وتكاد تكون معظم القرى والبلدات الفلسطينية أقيمت بجانب أو حول هذا النوع من قبور الأولياء.
ويعتقد أن هذه المزارات والمقامات والأضرحة في فلسطين، شكلت طوال قرون جزءًا مهمًمن النسيج الثقافي للفلسطينيين، فلها أقاموا الاحتفالات والمواسم والموالد والاحتفالات الأخرى، ونظموا الأذكار والأغاني الشعبية والأشعار والأدعية والتعاويذ،
وألفوا الحكايات عن الأولياء وضربوا الأمثلة بهم، وارتبطت كثير من ممارساتهم بهؤلاء الأولياء والقديسين. أما الآن فإن المستوطنين والمتدينين اليهود، يبدون شغفًا غير عادي بهذه القبور والمقامات ونسج روايات وحكايات أخرى حولها غير تلك المتداولة فلسطينيًا، في محاولة لإيجاد مرجعية ثقافية لهذه الجماعات، ولم يخل هذا الشغف من أهداف سياسية واستيطانية جعلت كثيرًا من الدماء تسفح حول هذه القبور، مثل قبر يوسف شرق مدينة نابلس، الذي شهد محيطه اشتباكات دموية سقط فيها فلسطينيون وإسرائيليون، خصوصا في بداية انتفاضة الأقصى.
وأدى إصرار الإسرائيليين على الاستحواذ على هذا القبر الموجود وسط تجمع سكاني فلسطيني، إلى أن يقدم نشطاء فلسطينيون على حرقه، وكان شعارهم “علي وعلى أعدائي”.
ومثل مقام النبي يوسف في نابلس توجد قبة راحيل في مدخل بيت لحم الشمالي التي تحولت إلى ثكنة عسكرية وتم سلخ شمال المدينة بالكامل وضمها إلى حدود بلدية القدس من اجل ضمان وصول المتدينين اليهود إلى هذا المقام الإسلامي الذي يعود تاريخ بنائه للعصر المملوكي.
وخلال أعوام تحول هذا المقام الصغير ذي القبة الدائرية إلى قلعة عسكرية تعلوها أبراج أطلق منها الجنود النار على فلسطينيين من بينهم أطفال لقوا حتفهم، جعلهم حظهم العاثر يصلون إلى تلك المنطقة في الوقت الذي كان فيه المصلون اليهود يقيمون شعائرهم.
أما قبور الأنبياء في الخليل، مثل قبر النبي إبراهيم وابنائه، فتم السيطرة عليها من قبل الإسرائيليين، ويمنع على الفلسطينيين الدخول إليها. وشكل التوتر المستمر الذي تثيره سيطرة المستوطنين على الأضرحة، ضيقا حتى من أوساط إسرائيلية، فاحد الجنود الذين يحرسون قبة راحيل قال “اننا نحرس قبرًا عربيًا من العرب، من اجل حفنة من المتدينين المعتوهين”.
أما البروفيسور الإسرائيلي الراحل (يشياعو ليبوفيتش) الذي يطلق عليه في إسرائيل (نبي الغضب) فأطلق صرخة مدوية ضد الاحتلال تساءل فيها “ماذا لديكم هناك؟”، ويقصد بذلك الأراضي المحتلة عام 1967م، ولم ينتظر، بالطبع، الرد، فأجاب بنفسه مستنكرا “..قبر راحيل العاهرة..؟!”، في إشارة إلى قصة راحيل في الكتاب المقدس. وبنى المستوطنون حول قبور مفترضة لأنبياء العهد القديم مستوطنات سرعان ما تحولت إلى مدن استيطانية مثل مستوطنة (تكواع) شرق بيت لحم التي بنيت في منطقة يعتقد المستوطنون أن عاموس، وهو أحد شخوص العهد القديم، دفن فيها ويعتبرونه نبيًا، على الرغم من أن الكتاب المقدس يشير إلى ان عاموس “لم يكن نبيا، بل كان راعي غنم”.
وقبل أن يتم العثور على قبر عاموس، زرع المستوطنون في المنطقة عدة مستوطنات إحداها يحمل اسم (معالية عاموس) وآخرها حملت اسم (رحبعام زئيفي) على اسم وزير السياحة الإسرائيلي الذي اغتيل على يد فلسطينيين في بداية انتفاضة الأقصى.
أما المواطن الفلسطيني عبد الله الزير (75) عامًا فوجد نفسه وعائلته محاطًا بمستوطنة يسكنها الآن مهاجرون روس حول قبر لشخص يدعى (بن ديفيد). وقال الزير لايلاف “أعيش أنا وأبنائي في ذعر دائم، وليس لنا من مخرج أو طريق مستقل، وتم اعتقال عدد من أبنائي بتهم زائفة لإجبارنا على الرحيل، لا اعرف كيف أتى هؤلاء واستدلوا على قبر بن ديفيد أو من هو بن ديفيد هذا أصلاً”. وأضاف “نعيش هنا منذ آلاف السنين، ولم اسمع من عائلتي بشخص اسمه بن ديفيد، ولا اعرف ما علاقة أشخاص قدموا من روسيا بها؟ وإذا كانت لهم أية علاقة به، فهل يجب ان ندفع الثمن وتصادر أرضنا وتحاصر بيوتنا؟”.
وهناك مؤشرات متزايدة على أن المتدينين اليهود لم يكتفوا بقبور الصديقين الموجودة، وفي تقرير للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بثته قبل اشهر، تبين بان هؤلاء اخذوا يحولون قبور علمانيين إلى أضرحة ومقامات تأخذ الطابع اليهودي. ومعظم هذه الأضرحة الجديدة تقع على الطرق المؤدية إلى المستوطنات أو في أماكن قتل فيها مستوطنون أو جنود، فيتم إنشاء أبنية تشبه الأبنية الفلسطينية التقليدية للمقامات، سرعان ما يتم تسييج الأرض التي تحيط بها وتتحول إلى مستوطنات صغيرة، وان كانت شكلا هي مقامات أو قبور.
وهناك عشرات المواقع المرشحة لتكون قبورا للصديقين، واكتفى المستوطنون الآن بوضع شواهد حجرية مع نقوش عليها في كل مكان قتل أو مات فيه أحدهم، سيتم تحويلها إلى مقامات عندما يأتي دورها أو حسب حاجتهم للتوسع الاستيطاني. وامتد نشاط المتدينين اليهود إلى الأضرحة التي تركها الفلسطينيون خلفهم بعد أن شردوا من أراضيهم عام 1948، وحولوها من مقامات إسلامية أو مسيحية أو درزية إلى مقامات يهودية، تقدم لها النذور وتوقد فيها الشموع، في بلاد يختلط فيها السياسي الدنيوي بالديني المقدس.
ويعتقد على نطاق واسع بان الإسرائيليين الذين نجحوا في اقتلاع القسم الأعظم من الفلسطينيين من أرضهم وطردهم خارجها، يسعون لتوسيع عملية الاقتلاع القسرية هذه، لتشمل الإرث الثقافي، وفي حين أن سياسات رسمية إسرائيلية تعتمد على الفهم التوراتي تخلق ما يمكن تسميته جغرافيا مقدسة لأغراض استيطانية واحتلالية، فإن جماعات أخرى تحمل نفس الأهداف، من المرجح أنها على اتصال مع المجموعات الرسمية، نجحت في السيطرة على الأضرحة وخلق مرجعية جديدة لها، ثقافية ودينية وأسطورية وما يثير الاستغراب أن هذه المجموعات اعتمدت في بعض رواياتها على الأساطير التي نسجها الفلاح الفلسطيني حول الأضرحة والقديسين، لكنها حورتها لتتلاءم مع إيديولوجيتها الصهيونية.
ويمكن ملاحظة الاستئثار الذي تبديه هذه الجماعات اليهودية للأضرحة، فمثلاً توجد الكثير من المقامات في فلسطين كانت مدار تعظيم من المسلمين والمسيحيين وأحيانًا من اليهود، ولم يقدم المسلمون أو المسيحيون على الاستئثار بها ومنع الآخرين من الدخول إليها، بعكس ما يحدث الان ويسميه الفلسطينيون اغتصابا لإرثهم الشعبي بقوة الحديد والنار، وتسييج المقامات المسيطر عليها وكأنها مناطق عسكرية مغلقة، ومنع أي مسلم أو مسيحي الاقتراب منها وأحيانا قتله. الصحراء الغربية اشكر الزميلة اولا علي كل شي واليكم بالتصريح الاتي: هدا التصريح الذي كتبت لكم هو منبعث من القضية الفلسطينية والسلام عليكم ورحمة الله وابعث لكم كل التحيات من الصحراء الغربية وابناء الشعب الصحراوي ايضا وشكرا |