هجوم على القرآن الكريم 11 كن أول من يقيّم
كـره النبي صلى الله عليه وسلم للشعر. الشاعر والمجنون : تروي الصلعمية عن كتب الأدب والتاريخ والسيرة في بداية البعثة النبوية على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي : [ولم يكن من خلق الله أحد ابغض إلى من شاعر أو مجنون , كنت لا أطيق أن انظر إليهما ... قال : قلت : إن الأبعد يعني نفسه شاعر أو مجنون لا تَحدثُ بها عني قريش أبدا لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن .] بتصرف . وقد جاءت هذه الرواية في ثمانية كتب من مئة وخمسة وعشرين كتابا من كتب التاريخ والسيرة ، وأشارت بعض هذه الكتب إلى أن العبارة زيادة من أحد الرواة ، ومعلوم بأن روايات كتب التاريخ والسيرة بحاجة إلى كثير من التمحيص ؛ لأنها لا ترقى إلى أضعف روايات الحديث الشريف ، وقد أخذت الصلعمية رواية وأهملت عشرات الروايات ؛ ليتم لها ما تريد . ومع هذا فالمعنى هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكره لنفسه أن يكون شاعرا أو مجنونا ، ولم يكن يكره آدمية الشاعر أو المجنون .. لا يحب أن يكون شاعرا ؛ لأنه أقرب إلى الجاهلية ، وأعلم بوضاعة منزلة الشعر عندهم ، ومن يحب لنفسه منزلة وضيعة ؟! ولا يحب أن يكون مجنونا ، ومن يحب ذلك إلا من أفقدته الخمر والمخدرات عقله؟. أما تمني الموت والشروع في الانتحار ، فمعظم الروايات تروي مكانها قوله صلى الله عليه وسلم (حتى خشيت على نفسي) وعدم رغبة النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون شاعرا ، لا يعني كراهيته للشعر والشعراء ، لأن نفي الشيء لا يثبت ضده ، فنفي الجهل لا يعني العلم ، وهكذا .. دسيسة جديدة : أما قولها [فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب] فهي عبارة مختارة بطريقة خبيثة ، توحي بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصطحب معه كتابا إلى غار حراء ، أي أنه كان متعلما . والتزوير هنا جد دقيق ، فهو يكتفي بحذف الفاصلة (،)، والرواية : (فجاءني ، وأنا نائم ، بنمط من ديباج فيه كتاب) أي إن جبريل عليه السلام جاء النبي وهو نائم ، وكان جبريل يحمل نمطا من ديباج فيه كتاب ، فأيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يقرأ ، ولما كان أميا لا تتأتى له القراءة قال : ما أنا بقارئ ، ويعزز هذا رواية الفاكهي في "أخبار مكة" والبيهقي في "دلائل النبوة" حيث تقول الرواية : (أتاني رجل ، في كفه نمط من ديباج فيه كتاب ، وأنا نائم) ولا علاقة لهذا بكراهية الشعر .. قم فأجبه : [قام الأقرع بن حابس عند النبي فقال: إني والله لقد جئت لأمر وقد قلت شعراً فاسمعه ...] وأنشد أبياتاً .. [فقال النبي صلعم لحسان: "قم فأجبه"...] وأنشد أبياتاً ... وهذا الشاهد لا دليل فيه على كراهية النبي صلى الله عليه وسلم للشعر ، فهو لم يطلب من حسان إجابة الأقرع بن حابس لأنه يكره الشعر ، ولكنه توزيع للمهام ؛ فقد كان كل وفد قادم ليعلن إسلامه ، يصحب خطيبا وشاعرا ، فيرد خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم على خطيب الوفد وشاعره على شاعره . ولو كان الشعر مكروها لمَا اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم شعراء ، ولا سمح بإنشاد الشعر في المسجد . ولمّا كان الرسول صلى الله عليه وسلم خطيبا لا شاعرا ، فقد كان يتولى الرد على خطباء الوفود غالبا ، ويتكفل شعراؤه بالرد على شعرائهم .. فليس في الأمر كراهية للشعر . الشعر في المسجد : [مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال : قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك] (أي النبي صلى الله عليه وسلم). وهذا إن دل على إنشاد حسان الشعر والرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد فلا يعني أنه كان ينشده له أو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستمع إليه ، والشاهد فيه أن عمر هو من كره إنشاد الشعر في المسجد .. فلما أجابه حسان سكت عنه .. ذلك ما قمت أنا بتلخيصه ، أما الصلعمية نفسها فتقدم الملخص التالي : |