البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : مسابقة الوراق (2)    قيّم
التقييم :
( من قبل 9 أعضاء )
 زهير 
19 - أبريل - 2008
 
 
ومبروك الجائزة للأستاذ عبد الحي******
 
تحية طيبة أصدقاءنا الأكارم: أرد فقط أن ألفت انتباهكم إلى أن زاوية مسابقة الوراق صار لها مكان خاص في الصفحة الرئيسية للوراق، حيث يمكنكم المشاركة من هنا في المسابقة القادمة والتي سنعلن عنها غدا (إن شاء الله) دمتم طيبين، وجنب الله لبنان شر الفتنة
 
 
تحية طيبة أصدقائي الأكارم: هذه المرة سوف تكون المسابقة جدية، ويعني هذا أن الفائز سوف ينال مكافأة مادية، تتراوح قيمتها ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم إماراتي.
ملاحظة: ينتهي وقت المسابقة في الساعة الثانية عشرة ليلا من يوم 10/5/ 2008م بتوقيت مكة المكرمة. ونزولا عند رغبة صانع الوراق وراصد الجائزة الأستاذ محمد السويدي أضيق دائرة البحث فأقول: الفقيه (موضوع المسابقة) توفي قبل عام 300 هـ
أما سؤال هذه الحلقة فهو:
فقيه ألمعي، من رجالات المغرب، خالف جمهور الفقهاء في كثير من الأحكام، فألب عليه مناوئوه أولي الأمر مما اضطره للهروب، فلجأ إلى بغداد وأقام عند صديق له هناك، وسمع وهو عند صديقه عن مسابقة كان قد أعلن عنها الخليفة فشارك بالمسابقة وفاز بها بعد إخفاق كل من شارك فيها من فقهاء بغداد، ولما سأله الخليفة عن أمنيته ليحققها له، كانت المفاجأة أنه طلب كتابا من كتب الحديث النبوي، لم يكن في الدنيا نسخة منه إلا نسخة دار الخلافة، فأمر الخليفة أن يلبى طلبه فورا، ولكن مستشاري الخليفة حالوا دون ذلك وقالوا له: إن (....) عمد إلى مكتبة أمير المؤمنين فاقتلع عينها، ولم يزالوا بالخليفة حتى عدل عن رأيه، فطلب (....) أن يسمح له باستعارة الكتاب لليلة واحدة فأجيب إلى ذلك، فأخذ الكتاب واستأجر نساخا نسخوه له في تلك الليلة، وكان الكتاب في عشرة مجلدات، وأخذ النسخة وعاد بها إلى المغرب، ولكنه ضن بها على الناس، فيقال: دفنها في الصحراء، ويقال ضاعت، فلا يعرف مصيرها. وضاعت نسخة دار الخلافة أيضا، ويقال: بل حملت إلى مكة وقد رأها (الوسياني) كما يذكر في كتابه (السير) فمن هو هذا الفقيه الأسطورة.
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أكبر سيرة عثرت عليها لنفات بن نصر    كن أول من يقيّم
 
سوف أنقل في البطاقات التالية أكبر سيرة عثرت عليها لفرج النفوسي الشهير بنفات بن نصر، وذلك لأنه ليس في كل الكتب المنشورة في الوراق ذكر له على الإطلاق، والترجمة التي أنقلها من إعداد واحد من أمراء المسلمين في العصر الحديث، وهو سليمان باشا الباروني، في كتابه (الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية)
وكنت قد اقترحت على أستاذنا السويدي إدخال كتاب الباروني فأجابني إلى ذلك مشكورا، وتمت عملية الطباعة، ولكنه حتى الآن لم ينشر في الوراق، مع مجموعة من الكتب، ستنشر لاحقا، وأنبه هنا إلى أن المطبوع من كتاب الباروني هو الجزء الثاني من الكتاب فقط. وللباروني ولأبيه الشيخ العلامة (عبد الله بن يحيى) ترجمة في أعلام الزركلي في الوراق، ومما ألف عنه (سليمان الباروني باشا في اطوار حياته) تأليف أبي اليقظان الحاج إبراهيم (المطبعة العربية: الجزائر 1376هـ 1956م) و(صفحات خالدة من الجهاد) تأليف ابنته زعيمة الباروني. و(حياة سليمان باشا الباروني زعيم المجاهدين الطرابلسيين) تأليف الشيخ أبي القاسم الباروني، وفيه أنه ولد بمدينة (جادو) حاضرة متصرفية (فساطو) خلال عام 1870م، ولما شب قصد وادي ميزاب في الجزائر وتتلمذ فيها للشيخ محمد بن يوسف إطفيش (كبير الإباضية في عصره) وسافر إلى مصر عام 1907م وفيها شرع في مواصلة دعوته الوطنية، وافتتح في شارع محمد علي بالقاهرة مطبعة عرفت باسم المطبعة البارونية، وقام بإصدار صحيفة (الأسد الإسلامي) وبقي يدير تحريرها وشؤونها إلى أن صدر الأمر من الدولة العثمانية بإغلاقها، ثم انتخب عضوا في مجلس المبعوثان في الأستانة أيام عبد الحميد سنة (1908) فلما نشبت حرب طرابلس الغرب مع إيطاليا عام (1911) كان على رأس المجاهدين، وملأت أخباره الخافقين، فانتخب عضوا في مجلس الأعيان، وبلغ جهاده في طرابلس إلى حد أنه أسس جمهورية في مؤتمر (ثمريان) وكادت إيطاليا تعترف بها، ثم كانت أخبار يطول ذكرها، انتهت بلجوئه إلى مكة أيام الشريف حسين، ودعاه وهو هناك سلطان مسقط (تيمور بن فيصل) للإقامة فيها، فلباه، وألقى في مسقط عصا التسيار، وتوفي في بومباي مساء يوم 1/ مايو/ 1940م.
 
*زهير
7 - مايو - 2008
سيرة نفات بن نصر كما رواها الباروني    كن أول من يقيّم
 
قال سليمان باشا الباروني في كتابه (الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية: ص 251) في الفصل السادس، وهو الفصل الذي سرد فيه سيرة الإمام أفلح بن عبد الوهاب (الذي ولي إمامة الإباضية في تيهرت عام 190 هجرية):
وفي أيامه رحمه الله خرج عن دائرة الآداب فرج المعروف بنفات بن نصر النفوسي، واتخذ الطعن في الأئمة الرستميين ديدنا، وخالف المسلمين في مسائل استحق بها البراءة.
1-   منها قوله: إن الله هو الدهر الدائم، ولما سئل عن ذلك قال: هكذا وجدته في الدفتر، يعني الكتاب المسمى بهذا الاسم
2-   ومنها إنكاره الخطبة في الجمعة وادعاؤه أنها بدعة وضلالة.
3-   ومنها إنكاره استعمال الإمام العمال والسعاة لجباية الحقوق الشرعية ومطالب بيت مال المسلمين من الرعايا.
4-   ومنها قوله: إن ابن الأخ الشقيق أحق بالميراث من الأخ للأب.
5-   ومنها قوله: إن المضطر بالجوع لا يمضى بيع ماله إذا باعه لأجل ذلك، وعلى من شهد مضرته تنجيته.
6-   ومنها قوله: إن الفقد لا يتحقق إلا فيمن تجاوز البحر.
إلى غير ذلك من المسائل التي انتحل فيها الخلاف، وقد كان ذا فهم عجيب وذكاء غريب، واطلاع وإدارك زائدين.
أخذ العلوم من منبعها، والتقط غرائب الفنون من معدنها مع زميله سعد بن أبي يونس النفوسي، وذلك عن الأئمة بتاهرت، وسنبين خبره مفصلا على ما ذكره أبو زكرياء وغيره فنقول وبالله التوفيق:
كان نفات هذا من إحدى القرى الغربية من جبل نفوسية، وأظنها هي القرية المعروفة الآن ب(نفاتة) العامرة بقبيلة مالكية المذهب، تعرف بهذا اللقب، ولعلها من سلالته، إذ كان هذا اللقب موجودا فيها من زمن جدنا ذلك الشهير بالعلم الغزيز والكرم الواسع والعدل في الأحكام بجبل نفوسة في أوائل المائة السادسة أبي زكرياء رحمه الله تعالى، وهي في قمة جبل صعب المراقي في سمت بلدة "تزعنت" من جهة الشرق الشمالي، تلي بلدة "إجريجن" من جهة الشمال، اهلها فقراء جدا، وبينها وبين بلدة (تمرين) مسيرة خمس ساعات تقريبا من ناحية الغرب، وهذه لم تزل عامرة بجماعة من أهل المذهب =أي المذهب الإباضي= لا تخلو في الغالب من فقهاء، ولأهلها محافظة زائدة على عمارة مسجدهم بالصلاة جماعة وبمجلس القرآن العظيم، ولهم اعتناء خاص بالسؤال عن مسائل الدين كلما اجتمعوا بمنتسب إلى العلم، وذلك لكثرة المترددين منهم على جبال بني مصعب، لطلب العلم من علامة الزمان نادرة العصر شيخ الإسلام أستاذي الشيخ محمد بن يوسف المصعبي، صاحب الصيت الكبير بمؤلفاته العظيمة.
وكان أبو يونس، وسيم النفوسي منها، وقد ولاه الإمام عاملا على قنطرارة المعروفة عندنا الآن بثيجي ذات العمارة الواسعة والثمار المتنوعة والعيون الجارية في ذلك العهد، وإن لم يبق فيها الآن إلا شيء قليل من النخيل،  وعيونها تسيل على وجه الأرض لارتفاع كثير من منابعها، ولا ينتفع بها أحد بشيء.
فتوجه العلامة سعد بن أبي يونس بإشارة من والده إلى "تاهرت" لتلقي العلوم فيها، فصحبه نفات هذا، واقاما هنالك ما قدره الله من الزمن، يلازمان فيه مجالس الإمام وغيرها من نوادي العلم حتى ادركا درجة استحقا بها الذكر.
وكانت تظهر في أثناء تلك المدة على سعد دلائل للصلاح، وتلوح عليه سيماء العفة والاستقامة أكثر من نفات. وإن حاز نفات قصبة السبق في الذكاء والفهم على كثرين من اترابه.
وبينما هما كذلك إذ بلغ الإمام وفاة أبي يونس عامله على "قنطرارة" ووالد سعد، ولما سمع سعد بذلك حن إلى الرجوع إلى وطنه للقيام بأشغاله، فاستأذن الإمام في السير فأذن له. وطمع نفات بالولاية لما رآه في نفسه من القدرة عليها، فعزم على السفر مع سعد راجيا أن يعينه الإمام حاكما في مكان أبي يونس ويرجحه على سعد إذا رآه متوجها معه.
ولكن الإمام بعد استشارته اهل الرأي ترجح لديه صلاحية سعد للقيام بهذا الأمر، لما شاهده منه بعد تكرار التجربة من الصلابة في الدين والشدة والوقوف عند مناهي الشرع الشريف.
فكتب السجل "البيورلدي أو الفرمان" باسم سعد، وطواه وختمه وسلمه لهما بدون أن يخبر نفاتا بشيء، ولابد من أن يكون قد أخبر سعدا، وأمرهما بالمحافظة على ذلك الظرف إلى أن يسلماه لمن وجهه باسمه من جماعة المسلمين بقنطرارة.
فاستراب نفات القضية، واستفزه الشره وسوء الظن بالإمام. فتخلف في طريقهما عن سعد، وفتش في الرحال واستخرج الكتاب وفتحه، فإذا هو محرر باسم سعد لا باسمه. فامتلأ حقدا، وأضمر في نفسه كل شر قدر عليه. وبعد ان وصلا وسلما الظرف لصاحبه واتضح أن الإمام عين سعدا حاكما، جمع سعد اهل النظر والرأي وقرأ عليهم أمر الإمام تعيينه عاملا عليهم، فاستبشروا به، وشهدوا بإصابة رأي الإمام موقع الرضا والقبول منهم.
فأحسن سعد السيرة، وأقام منار العدل جاريا على سنن والده في التعفف وجمع الكلمة، وكان له مسجد معروف به يقيم فيه الجمعة والعيدين والأوقات كلها.
 
هذا ما كان من أمر سعد. واما نفات فإنه ذهب إلى قريته وهي لا تتجاوز في البعد عن قنطرارة مسيرة أربع ساعات أو خمس تقريبا. وشهر هنالك الطعن على الإمام قائلا: إنه يلبس الطرطور ويخرج إلى الصيد، ويصلي بالأشبر، ويزيد في الخلقة ( يعني أنه عظيم العمامة كبير الوجه، طويل اللحية جدا) إلى غير ذلك مما يعده في زعمه طعنا، وجهر بالقول بمسائله المتقدمة التي خالف فيها.
فخاف سعد من ان يغر العامة بكلامه فصار يكرر له النصائح، وكلما اجتمع به وبخه وهدده، وربما ألان له القول إذا خلا به سياسة وتانيسا له، أملا في رجوعه ومحافظة على الهيئة الجامعة من الشقاق. إلا أنه لم يجد نفعا.
وبلغ من ملاطفة سعد إياه والاحتراس من فتنته أن اشترى دارا بجنب داره، وشرع في بنائها، ففرح أهل القرية والقرى المجاورة بذلك، لما شهر به سعد من الاستقامة في أحكامه بقنطرارة.
وصار الناس يأتون لزيارته وإعانته بلوازم البناية، ولقضاء حوائجهم أفواجا أفواجا.
وللعلاقة التي بينه وبين نفات من حيث العشرة صار نفات هو المقدم في مباشرة الأمور، ساعيا بقدر طاقته في الإعانة بما يلزم من نفسه ومن غيره. وكان مؤديا حق الصحبة والجوار، مجتهدا في العمل بيده، إذ كان بناء عظيما، له معرفة بطرق البناء.
 
فإذا رأى سعد الناس قد اجتمعوا قال لنفات وهو في عمله: متى تترك كفرك وضلالك يا نفات ؟ خوفا من أن يتوهم الناس أنه راض عنه، وأنه في ولايته إذ استعمله في البناء وقدمه في أشغاله، فيقول نفات منزها نفسه: معاذ الله أن أكفر وأضل يا شيخ، وربما قال له: ليس الشتم بعبادة يا شيخ. وإذا خلا المجلس من نفات قال سعد للحاضرين: إنما جزاء نفات مني على عمله هذا وخدمته الخبز واللحم، لا الشتم والتهديد، وما فعلت ذلك إلا ليعلم الناس أني غير راض بسيرته، فلا يغترون بأقواله وفتنته.
ولما بلغ الإمام خبر نفات وانتقاده عليه قال: ليأت إلينا نفات فيوضح لنا ما أنكره منا، فإن كان حقا قبلنا، والرجوع إلى الحق فريضة، وإن كان باطلا (فإيه) فلما سمع نفات ذلك، وعلم بطلان حجته قال: إن كلمة (إيه) من السلطان هي القتل عينه، فإلى أين أذهب ؟. وبقي على ذلك والإمام لم يأذن فيه بشيء، والعمال لم يتجاسروا على معاملته بسوء، انتظارا لإذن الإمام فيه بما يراه من الحكم.
إلى أن شاع أمره وذاع خبر خلافه وفساد عقيدته.
 
                                  يتبع:
 
*زهير
7 - مايو - 2008
تتمة (1)    كن أول من يقيّم
 
فكتب عمال الإمام الذين بلغهم خبره إليه بييان حاله ومسائله التي خالف فيها.
ولما كثر ورود أخبار نفات على الإمام من عماله أجابهم رحمه الله بهذه الرسالة موجها بها إلى عامله على نفزاوة، وهي تراها بعيدة عن جبل نفوسة وطن نفات، مستقلة عنه وعن قنطرارة.
إلا ان العمال لشدة احتراسهم ومحافظتهم كاتبوا كلهم الإمام بشأنه حتى لا يكونوا مقصرين في النصح، وكان عامله هذا من المقبولين عنده أكثر من غيره لحسن سيرته ولمكان أبيه عنده، إذ كان وزيرا له.
قال رضي الله عنه:
بسم الله الرحمن الرحيم:
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم:
من أفلح بن عبد الوهاب إلى ميال بن يوسف، يقرأه على من بحضرته ويوجهه إلى كل من يرى توجيهه إليه، أما بعد:
فالحمد لله المحسن إلى أوليائه، المنعم عليهم بحسن بلائه، معز أهل طاعته وناصر القائمين بحقه. فليس من اتبع أمره بمخذول.
احمده على ما أنعم به علينا، وأحسن فيه إلينا حمدا أبلغ به رضاءه وأستوجب به المزيد، إنه قدير.
انتهى إليّ الكتاب الذي كتب به إليك، تحية ابن عبدين، فقرأته وفهمت كل ما ذكره لك فيه عن كل خائب جاهل، بما هو عليه متحامل على ما لا علم له به، متخبط في أموره خبط عشواء: لم يبلغ العلماء فيقتبس منهم، ولم يصحب أهل الورع فتحجزه آثارهم عن الهجوم على ما لا علم له به.
لكنه نشأ وحيدا، وأقام متوحشا من العلماء، فتقلب في جوانحه الشيطان بنفخاته، فأورثه الكبر، وعظم عليه الوقوف دون ما لا يعلم، حتى يعلم.
فهجم على ما لا يحل له، فكل شيء خطر على قلبه تكلم به مصيبا كان أو مخطئا.
وما أصابه من شيء على غير علم فإصابته خطأ، إذ تكلم بما لا علم له به.
وما أصابه من خطأ فهو مخطئ فيه.
فهو يتردد في الخطأ.
إن أصاب لم يدر، وإن أخطأ لم يدر.
فهو راكب مشكلات يخبط خبط عشواء، كحاطب ليل لا يدري ما يحطب، ولعله يحتطب ما فيه حتفه، أو حية تأتي على نفسه.
فنعوذ بالله من الفتنة ومن السلوك على منهاج ذلك الرجل.
لقد كان من مضى قبلكم من المسلمين لا يدعون مثل هذا يدخل مجالسهم، ولا يشهد جماعتهم، وكان عندهم مقصيا مبعدا مدحورا، يهجرونه ولا يجالسونه، حتى يرجع إلى سنة المسلمين.
وأنتم محقون باتباع آثار سلفكم والسلوك على منهاجهم، وإن تفعلوا بهذا التائه المتخبط ما كان ما كان يفعله سلفكم بمن كان قبله لكي ينزجر من أراد الله به خيرا، وينتبه غيره ممن يخاف عليه الاقتداء به واتباعه، ولا تظهر سنن أهل البدع ولا تقوم للشيطان دعوة.
وأنا مبدئ لكم ما ذكره وراد عليه ضلالته.
ثم شرع في الرد عليه وفي إبطال مسائله التي انتحل فيها الخلاف للمسلمين بحج واضحة وبراهين قاطعة. وهي رسالة طويلة فاطلبها في غير هذا.
                                         ( يتبع)
*زهير
7 - مايو - 2008
تتمة (2)    كن أول من يقيّم
 
ثم إن نفاتا لم ينته عن غيه، ولم يتيقظ من ضلاله، ولم تؤثر فيه مراشد العلماء وأهل الفضل، مع توالي النصائح إليه مشافهة وتحريراً من الإمام وغيره، ممن له اعتناء بشأن الدين وإصلاح الأمة، بل ازداد عنادا ورياء، فكثرت الكتابات في حقه على الإمام من عماله وغيرهم، ممن ائتمنهم وخصهم بمكاتبته وأخباره، باحوال الولاة والعمال والرعية في الجهات فأجابهم (رضي الله عنه) بواسطة مكاتبه بهذا الجواب:
(الرسالة الثانية للإمام أفلح إلى المسلمين في حق نفات)
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من أفلح بن عبد الوهاب إلى (.......) أما بعد:
ألبسنا الله وإياك عافيته، وكفانا وإياك مهمات الأمور برحمته.
كتبت إليك وأنا ومن قِبلي من خاصتي والرعية عامة على أحسن حال جرت به عادة الله، وتواترت به نعماؤه.
فله الحمد كثيرا والشكر دائما.
أتاني كتابك بالذي احب علمه من سلامتك وحسم حالك، وتواتر نعم الله عليك وإحسانه إليك، وغلى من قِبَلك من الرعية وأهل الطاعة، فسرني بذلك وحمدت الله كثيرا عليه، وسألته تمام النعمة علينا وعليكم برحمته إنه مجيب.
وذكرتم أمر نفات، وأكثرتم فيه الكتب، ووصفتم عنه أشياء لا يشك أحد منكم أنها بدعة وخلاف لما مضى عليه سلفكم.
فإن يك ذلك كما وصفت فما ينبغي لأحد منكم أن يخالجه الشك في أن ذلك ضلال، لأن الهدى في أيديكم، والحق ما شرعه لكم سلفكم الصالح والأئمة المرضيون، رضي الله عنهم. فمن أتى من بعدهم بما يخالف شريعتهم، ويأخذ في غير طريقتهم فهو ذو بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلال كفر، وكل كفر في النار.
وأنتم على يقين من سنة أسلافكم، ولا يتبع الهدى إلا موافقتهم، ولا يخاف العاقل الهلاك إلا في خلافهم.
وقد قلتم في كتابكم: هو غلام حدث غر، لا تجربة له في الأمور، فنخاف إن جشمناه السفر والشخوص أن تحمله اللجاجة مع إعجاب الرأي والتيه بالنفس على التمادي فيما يهلك به نفسه.
فما وجه ما سألتم من ذلك ؟
وهل انتم على شك من دينكم أو ريبة من أمركم ؟.
السنة في أيديكم، وأسلافكم الماضون كانوا على مثل حالكم.
بل كانت لهم عمال في حال كتمانهم، وكبار يقومون بكل أمر من الحقوق وغيرها في حال الكتمان.
وليس أحد منهم يقول ما حكيتموه عن هذا الغلام.
فلما حدث منه ما ذكرتموه كان أمره واضحا، وهو انه أخذ بخلاف ما مضى عليه سلفه. وأحدث مقالة لم يقلها عنهم غيره.
وأنتم على يقين من أمركم، فما أحوجكم إلى مجيئه وإشخاصه.
وإن كنتم تريدون أن تعلموا ما نحن عليه، فنحن على ما مضى عليه سلفنا، ومقرون لما حكيتموه عنه أنه قاله.
فقوموا عليه. فإن رجع عن مقالته، ونزع عن بدعته فمقبول منه رجوعه، ومرحبا بالتائب حيث كان، وممن كان، وأين كان.
وإن أبى إلا التمادي فانتم تعلمون السيرة فيمن ابتدع في دين الله وشق عصا الإسلام وقال بخلاف الحق. فإنه محقوق بأن يهجر ويقصى ويبعد.
ونفات مثل واحد من الناس، لا أخصه بشيء دون غيره، والسيرة فيه وفي غيره واحدة، والسنة قائمة، وحكم الله لا يزول ولا يتبدل.
فإنا نشهد الله على من كان من أهل هذه الدعوة وعمالنا وقوادنا واهل العلم من أصحابنا، ومن ألتف إليهم من رعيتنا أن لا يسمع أحدا يبتدع في دين الله، أو يسلك طريقة غير طريقة أصحابنا الماضين من أسلافنا إلا ويكون قد غير ذلك وأطفأه واستتاب من أظهره، فإن لم يتم خلعه.
فهذه مني عزيمة واجبة وأمر لازم وفرض محرم أن يتعدى، وأن يقال بخلافه.
فمن قرئ عليه كتابي هذا فليسمع وليطع وليتنبه على ما أمرت به، فإن من انتهى إليه كتابي هذا في حرج إن قصر عما أمرت به.
ومن عاب أحدا من عمالنا بخصلة من الخصال، أو أنكر عليه شيئا فليرفع ذلك إلينا، فنكون نحن الذين يغيرونه إن كان مما يغير.
وليس للرعية الوثوب على السلطان حتى ترفع ذلك إلينا.
لأن الوثوب على السلطان والاقتفاء للخصال التي نحن أولى بالنظر فيها خطأ من الرعية، وضرب من ضروب السائبة.
لأن هذا وضربه مما لا يعلم باطنه إلا بالبحث.
وقد يظن ظان في الأمر فيراه خطأ وهو عدل من حيث لا يعلم.
ولم يظلم من دعاكم إلى نفسه وكلفكم أن ترفعوا أموركم إليه. لأن في ذلك شفقة منا عليكم أن تهلكوا من حيث لا تعلمون.
والله ولي عصمتنا وتوفيقنا وإياكم، وهو المستعان، لا شريك له.
وقد كتبت إليك جواب مسائلك فعليك بتقوى الله والعمل بطاعته، وحسن النظر لنفسك فإنها إن سلمت لك نجوت وفزت فوزا عظيما.
ولا تدع الكتابة إلى بحالك وسلامتك فإنك تسرني بذلك، والسلام.
*زهير
7 - مايو - 2008
تتمة (3)    كن أول من يقيّم
 
ولما بلغ نفاتا خبر هذه المكاتبات في حقه، وأمر الإمام عماله بتحقيق ما شهر عنه وإثباته، ثم إظهار البراءة منه ونفيه وإبعاده إن لم يرجع بعد استتابته، ضاقت به الأرض، وتوقع الهلاك، فكتب إلى الإمام كتابا (لم نعثر عليه) يستفهم فيه عن موجب المر بالبراءة منه، ويشتمل على كلام حمل الإمام رحمه الله على مكاتبته برسالة لا بسملة فيها ولا سلام، إشارة منه (رضي الله عنه) إلى البراءة منه وعدم الرضاء عنه
 
الرسالة الثالثة للإمام أفلح رحمه الله أرسلها إلى نفات:
من أفلح بن عبد الوهاب إلى نفات بن نصر، أما بعد:
فالحمد لله المنعم علينا والمحسن إلينا، الذي بنعمته تتم الصالحات، ولا يهتدي مهتد إلا بعونه وتوفيقه، فله المنة علينا، ولا منة لنا عليه. وهو المحسن إلينا إذ هدانا لدينه، وجعلنا خلفا من بعد أسلافنا الصالحين وأئمتنا المهديين الذين في اتباعهم نرجو الهدى، وفي مخالفتهم نخشى الهلكة.
ولن يهتدي من خالف العدل، ولن ينجو من ابتدع غير الحق، لأن تلك البدعة ضلالة، وكل ضلالة كفر، وكل كفر في النار.
وقد كتبت إليك غير كتاب، انصح لك فيه، وأدعوك إلى رشدك، وفي كل ذلك لا يبلغني من عمالنا فيك إلا ما أكره، ولا أرضاه لدين ولا دنيا.
حتى حررت كتابا منشورا إلى عمالنا أمرتهم فيه بخلع كل من خالف سيرة المسلمين وابتدع غير طريقتهم وسار بغير سيرتهم، وبنفيه وهجره وإقصائه.
فكتبت إليّ كتابا كأنك تسخط ذلك.
أترى أنني أؤازر من ابتدع في ديننا: كلا.
ما كنت بالذي يفعل ذلك. ولا أؤازر من يسعى في خلافنا ما كنا على هدى.
ثم قلت: إنا أمرنا في كتابنا بالبراءة منك. فإن كنت كما كتب به إلينا عمالنا فأنت محقوق بالبراءة، ومقصي من جماعتنا.
لأننا ما كتبنا كتابنا ذلك إلا على أن كل من ابتدع في ديننا خلاف أسلافنا وزعم أن عمالنا أساقفة، وأنهم لا طاعة لهم في حال كتمانهم، فهو محقوق بالبراءة ومقصي من جماعة المسلمين.
فإن تكن أنت منهم، فأنت الذي أبحتَ لنا البراءة منك، وأحللت بنفسك ما لابد لنا أن نفعله بك وبغيرك.
فإن لم تكن كذلك فأظهر الانتفاء من ذلك، وكذب عن نفسك ما قيل عنك، لتكون عندنا بالحالة التي تستحقها وتستوجبها.
وأما قولك: (تبتُ مما كتبتُ) فهو منك عبثٌ إذ لم أشاهدك ولم أشاهد موافقتك حتى يجب لك عليّ أصل ولاية. ولم يكن لك عندي تقدمة في الموافقة، وإنما رفع إلينا عنك ما رفعه أهل الثقة عندنا.
فأمرنا عمالنا أن يسيروا في كل من ابتدع بسيرة المسلمين، وكتبنا إليهم بذلك.
فجعلت تكتب إلينا فيما ليس لك به كتاب.
فعلام تتجاهل في الأمور ؟
فإن كانت غايتك إنما هي أن نكتب إليك وتجيب، وتكتب إلينا ونجيب، فهذه غاية قصيرة، والسكوت عنها أهنا وأولى بنا.
ونحن بأمنينا به أحق من مجاوبة أهل التكلف.
ومن ليس له غاية إلا أن يقال فيه كتب فلان، وقال فلان وفلان، ويفعل ويفعل فلان.
وإن كانت غايتك التصحيح فانفِ عن نفسك ما رقي عليك، وكن من جماعتنا وموافقي أسلافنا.
فإذا تبينتُ منك الموافقة والانتفاء مما رقي عليك كان ذلك هو الذي نحبه منك ومن غيرك، وليس لك عندي غير هذا.
وإن يكن حقا ما رقي عليك وما قيل فيك من مخالفة أصحابنا فأنت وما رضيت به لنفسك.
وإني غير كاتب إليك كتابا بعد هذا، إلا إن انتهى إلينا منك ما نحبه، فننزلك من أنفسنا بحيث تحب.
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
*زهير
7 - مايو - 2008
تتمة (4)     كن أول من يقيّم
 
هروب نفات إلى الشرق واستنساخه ديوان جابر بن زيد رحمه الله من مكتبة الخليفة ببغداد.
 
فلما قرأ نفات هذا الكتاب، وفهم إشارات الإمام فيه أدرك منتهى ما ترمي إليه آخر عبارة منه، وهي قوله: (وإني غير كاتب إليك كتابا بعد هذا) علم أن دور الكتابة واللين قد انتهى، وانسد بابه ولم يبق إلا دور الشدة والعنف، الذي فهمه قبل ذلك من قول الإمام (إيه).
فانتهز الفرصة وجمع ما عنده من المال نقدا تحته، وكان غنيا مثريا، وهرب طالبا للنجاة بنفسه، إلى أن تجاوز حد نفوز الإمام، وهو (أرض سرت) وظل سائرا نحو الشرق حتى أتى مدينة بغداد، وهي إذ ذاك مقر خلافة بني العباس بالمشرق.
وأقام فيها ما شاء الله أن يقيمه، مترددا على صديق له بغدادي في السوق يتأنس به، ويمضي جل أوقات فراغه عنده.
إلى أن طرأت على السلطان مسألة علمية أشكل عليه الأمر فيها، وعجز علماؤه عن حلها.
فأمر ان ينادى في الأسواق بأن كل من أجاب عنها بجواب مقنع له ما يسأله من السلطان.
وبينما نفات عند صاحبه إذ سمع ذلك النداء. فقال لصاحبه: إني سأذهب إلى السلطان وأسأله بيان مسألته لأجيبه عنها.
فقال له: الزم نفسك فإن الحال ليس بسهل، وكأني بك قد عجزت عن أداء ما تحملت به فأمر بقطع رأسك، وليس هذا بميدان يجول فيه كل احد.
فأصر نفات على كلامه. ولما مر المنادي أمام الدكان قال له صاحبه إن هذا المغربي ذكر أنه يقدر على جواب السلطان.
فلم يك إلا كلمح البصر حتى اختطفه الشرطي وذهب به إلى أن مثل بين يدي السلطان.
فقربه إليه وأدناه وآنسه وسأله عن أحواله ونسبه ومسقط رأسه، فأجابه عن كل ذلك بأوجز بيان.
ثم رأى أن يمهد لنفسه عرا حتى يكون مطمئنا آمنا من الهلاك إن هفا هفوة في كلامه، عالما بأن آفة الإنسان اللسان، فقال له:
اعلم أني رجل بربري اللغة والطبع، مغربي المشرب، لم أتخلق بالآداب الشرقية حتى أقوم بما يجب علي من حسن القول أمام مقامك العالي.
فأطلب الإذن في التكلم بما يخطر ببالي مع العفو عما يصدر مني من الخطأ المغاير لسنن الأدب.وبعد أن تلفظ له بالإذن كما طلب، سأله عن مسألته فأجابه في الحال بجواب كاف شاف، أقنعه كل الإقناع.
ولإعجاب الخليفة به صار يكرر له السؤال عن معضلات المسائل وهو يجيب.
وكان المجلس حافلا بالعلماء والفقهاء والأدباء والأمراء وأولي الوجاهة من أكابر بغداد. إذ كانت للمسألة شهرة عظيمة، ولها من قبل ذلك في الدوائر والمجالس ذكر شائع.
وطفق أولئك العلماء يسألونه سؤالا بعد سؤال، وهو يجيبهم إلى أن أعياهم الأمر، وملوا الجلوس.
ولحق الخليفة من العجب ما أبهر عقله وحير فكره.
فنظر إليه وهو على هيأته المغربية، فيما يظهر من قرائن الأحوال، وقال معرضا به: (نعم العسل في ظرف السوء)
ففطن لها نفات وقال في الحال معرضا بديوان جابر المتقدم ذكره وهو موجود بخزانة مكتبة الخليفة: (نعم الرجل في قبر السوء).
ففطن الخليفة أيضا لمراده واشتد به الحنق، وكاد يأمر بالفتك به، لولا ما صدر منه من الإذن في التكلم والعفو عن الخطأ. ثم قال له:
اسأل حاجتك لنوافيك بها جزاء لعملك هذا.
فقال: عن حاجتي هي صدور أمرك بالإذن لي في نسخ ديوان جابر بن زيد الموجود في مكتبتك.فما توانى السلطان في إذنه بذلك. وقام نفات فرحا بما نال من الإقبال والفوز.
وكان الحاضرون من وزراء السلطان وخواصه فأدركهم من الجزع ما كدر راحتهم إذ رأوا السلطان مسايرا لنفات في أمر الديوان.
فقالوا له بعد خروج نفات: كيف يصح لك يا أمير المؤمنين أن تأذن في نسخ الديوان، وهو معدود من مهمات خزانتك وغرائبها، حيث أنه لا يوجد في غيرها قط، وهذا مما لا نرضاه منك.
فتنبه لذلك وندم وقال: إني وعدته ولا يمكن لي الرجوع في كلامي، فانظروا لي وجها مناسبا لا يحط بشرفي، وأمنعه به من ذلك.
فقال له أحد الوزراء: إذا رجع إليك فأعلمه بأنك موف له بالوعد إلا أن مدة النسخ لا يمكن أن تتجاوز يوما وليلة، فإنه إذا سمع منك ذلك ترك الطلب، لأن هذا القدر من الزمن لا يغنيه شيئا.
فاستصوب السلطان هذا الرأي، وأرسل في الحال إلى نفات يعلمه بذلك.
ففطن نفات لهذه المكيدة وأدرك أن المسألة دبرت أثر خروجه من عند السلطان، فرضي بالشرط.
وذهب فاشترى ما يكفيه بالتقريب مدادا وأقلاما وورقا، وصنع احواضا مجصصة بالجير، مصففة على هيئة يتمكن بها من الكتابة كل ناسخ.
ثم أمر مناديه فنادى في المدينة بأن كل من يحضر إلى المحل الفلاني في يوم كذا، ويكتب طول يومه فله دينار، وللذي يملي عليه نصف دينار.
وغير خفي ما كان في ذلك العصر العامر بالأدب والعلم من الكتاب والقراء.
فاجتمع له خلق لا يحصى، وشرعوا في الكتابة إلى الليل.
وقبل انتهاء وقت هؤلاء نادى المنادي أيضا بان من يكتب ليلته هذه فله ديناران، ولمن يملي عليه دينار.
فبقي من الأولين من بقي، وخلف من ذهب غيره، واستمروا في الكتابة، وما طلعت الشمس حتى تم له نسخ تسعة اجزاء، وبقي له جزء واحد، منعه السلطان من إتمامه لانتهاء الوقت المحدد المأذون به.
فاستأذن عليه ودخل فطلب أن يتصفحه مرة واحدة ويرده.
فسلمه له، وبعد أن أتمه سردا قال له قد حفظته وإن أردت أن أقراه عليك لتعلم صدقي فعلت.
فتعجب الخليفة من ذلك، وأمره بقراءته فقرأه إلى آخره بحيث لم يترك منه شيئا.
ثم إن الخليفة جمع وزراءه وقال لهم:
قد اعيانا أمر هذا الرجل، وما قدرنا له على حيلة، وها هو قد اتم الكتاب، وأراد السفر: لابد لنا من رأي نتوصل به إلى سلبه منه.فأشار كل برأيه، ثم قال هو: إني سأسأله عند خروجه إلى سفره أسئلة فإن عجز عنها سلبته منه بوسيلة أنه ليس له بأهل أو قتلته. وإن أجاب فاسألوه أنتم واحدا بعد واحد حتى يعجز فنفعل به ما ذكرناه.
فاتفقوا على ذلك وافترقوا.
ولما بلغهم أنا نفاتا برز برحله للسفر حضروا ومعهم الخليفة بصورة أنهم يودعونهن وابتدأوه بالأسئلة المتتابعة زمنا طويلا، حتى تنبه إلى أنهم ما فعلوا ذلك إلا لقصد إرجاع الديوان.
ولما رجعوا ولم يقدروا له على شيء أجمعوا على أن يرسلوا وراءه من ينتزعه منه.
فتحذر هو وحاد عن الطريق المعروف فلم يدركوا له أثرا، وتوجه إلى مكة، ومنها إلى طرابلس. ولما بلغها سأل عن الأحوال فوجدها قد تغيرت، ووجد دولة الإمام في قوة عظيمة ونفوذ كامل.
وإذ ذاك علم أنه لا مطمع له في شيء مما كان يقصده من الخروج عن الطاعة واستغفال العامة، ورأى أن السكوت أسلم وأصلح له.
إلا أن الشيطان غره وضاعف حسده، وسولت له نفسه أن يعدم ذلك الديوان حتى لا ينتفع به أحد بعده. ولعله خاف أن يطلبه منه الإمام لينسخوا منه نسخة للمكتبة المشهورة بخزانة نفوسة الجامعة إذ ذاك للآلاف المؤلفة من الكتب بمدينة (سروس) في جبل نفوسة، أو لمكتبة تيهرت. فحفر له في الأرض ودفنه وأخلد إلى السكون إلى أن مات.
وقد ذكر هذه الحكاية أبو زكرياء رحمه الله وغيره، ولا غرابة فيما ذكروه من حفظ نفات، فإن ما يحكى عن حفظ الشيخ السيوطي وغيره لا يبعد عن هذا، وإنما الغرابة في نسخ الديوان في تلك المدة القصيرة مع قولهم إنه كان وقر عشرة جمال.
وانظر على هذا كيف تأتى لجابر تأليفه ونسخه مع اشتغاله بأمور المسلمين، غلا أن يقال أن الخط في ذلك الوقت كان غليظ جدا ولا سبك فيه كما نشاهده في الكتب العتيقة، وأن المكتوب فيه جلد لا كاغد. ولو كتب الآن لكان أقل من ذلك بكثير، وقد تعرض صاحب كشف الظنون لذكر هذا الديوان ولم يقل فيه شيئا، والله أعلم.
والذي ذكره بعض أصحابنا فيما رأيته أن نفاتا تاب ورجع عن مسائله التي خالف فيها، وهو كلام قريب، إذ لم يرو أحد أنه ذكر الإمام بسوء، أو تكلف لإثارة فتنة أو سعى في فساد بعد رجوعه من المشرق، بل كان الإمام بعد ذلك نافذ الأمر ظاهر السيطرة في نفوسة وغيرها، والله أعلم بالحقائق).
                                        
*زهير
7 - مايو - 2008
مبارك هو فوزكم    كن أول من يقيّم
 
السلام عليكم
أبارك للأستاذ عبد الحي فوزه بالجائزة ، وأهديه هذه الصور المعبرة عن روعة جمال مدينة تيهرت (عاصمة  ولاية تيارت حاليا و الدولة الرستمية سابقا)
 
 
 
 
 
 
 
*الصور مأخوذة عن منتدى اللمة الجزائرية
 
سلامي وتحياتي الحارة إلى الأستاذ زهير
*لمياء
7 - مايو - 2008
كل الشكر لشاعرتنا لمياء    كن أول من يقيّم
 
شكرا لشاعرتنا النجيبة لمياء بن غربية على هذه الصور الآسرة، والتي تدل على حرفية الانتقاء وشفافية الذوق وقد كان لمشاركتك في هذه المسابقة السبب الأكبر في الوصول إلى الإجابة الصحيحة، سلامنا للوالد الكريم وتمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح
*زهير
8 - مايو - 2008
شكر    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة للأستاذة لمياء
فعلا فإن مشاركتك هي التي أرشدتني للبحث في رموز المذهب الأباضي، وأشكرك على صور مدينة تيهرت الجميلة
 
كما وأوجه الشكر للقائمين على موقع الوراق، أساتذتي زهير ومحمد السويدي فقد استفدت كثيرا وأنا أحاول الوصول للإجابة الصحيحة
 
تحياتي لكل المشاركين والأعضاء
*عبد الحي
8 - مايو - 2008
بطاقة شكر وتهنئة ..    كن أول من يقيّم
 
 
*كل الشكر لأستاذنا الغالي زهير ، والله أشهد أن حسن ظنك بي وهداياك .... أغلى عندي من كل جائزة مادية .
وإليك هذه الصورة المركبة (مستوحاة من طقس الحسيمة هذا اليوم ).
 
img361/479/4444er9.png
 
 
وبكل روح رياضية أهنئ الفائز الأستاذ عبد الحي ، وأقول له  "برافو " تستاهل ، ألف مبروك .
 
* وتحية طيبة للأستاذ الزيات ولأديبتنا الناشئة الموهوبة لمياء ، ولكل من شارك في هذه المسابقة .
*abdelhafid
8 - مايو - 2008
 1  2  3  4