عبد السلام سحنون
هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، المعروف بسحنون، شبهه العلماء بطائر السحنون نظرا لشدة ذكائه وحدة فهمه.
تلقى العلم بالقيروان على يد كبار المشايخ قبل أن ينتقل إلى تونس ومنها إلى مصر والشام والحجاز، ثم عاد إلى القيروان سنة 191 هـ حيث شغل منصب القضاء إلى أن توفي.
شد الطلبة الرحال إليه من مختلف المناطق طلبا للعلم، خاصة من المغرب والأندلس، فتخرج على يديه طائفة من الفقهاء.
اشتهر في مجال التأليف بمؤلفه "المدونة الكبرى"، ألفها على أصول المذهب المالكي، وإن كان قد ألف في ميادين أخرى كالحديث والتاريخ وأدب المناظرة(1).
هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، المعروف بسحنون، شبهه العلماء بطائر السحنون نظرا لشدة ذكائه وحدة فهمه.
تلقى العلم بالقيروان على يد كبار المشايخ قبل أن ينتقل إلى تونس ومنها إلى مصر والشام والحجاز، ثم عاد إلى القيروان سنة 191 هـ حيث شغل منصب القضاء إلى أن توفي.
شد الطلبة الرحال إليه من مختلف المناطق طلبا للعلم، خاصة من المغرب والأندلس، فتخرج على يديه طائفة من الفقهاء.
اشتهر في مجال التأليف بمؤلفه "المدونة الكبرى"، ألفها على أصول المذهب المالكي، وإن كان قد ألف في ميادين أخرى كالحديث والتاريخ وأدب المناظرة(1).
المدونة الكبرى
يعد كتاب المدونة من أقدم كتب الأمهات في المذهب المالكي بعد الموطأ. وهي أصل المذهب المالكي وعمدة الفقهاء في القضاء والإفتاء المرجح روايتها على غيرها، وهي الأصل الثاني للفقه المالكي بعد الموطأ، وبها كانوا يتناظرون ويتذاكرون(2).
والمدونة هي في الأساس عبارة عن سماعات ابن القاسم من مالك -وهو من أبرز تلامذة مالك- أجاب بها عن أسئلة سحنون لما قدم إليه من تونس طلبا للعلم وتصحيحا لرواية أسد بن الفرات(ت213هـ) التي كان قد سمعها من ابن القاسم إلا أنه أضاف إلى هذا السماع مسائل فقهية على مذهب أهل العراق.
ثم جاء تلميذه سحنونا فتلقاها منه، ورحل بها إلى ابن القاسم بمصر للتأكد من ذلك السماع وتصحيحه وفق أصول المذهب المالكي. قام ابن القاسم بتصحيح مدونة أسد بن الفرات وتهذيبها وتنسيقها وتبويبها تبويبا جديدا. كما أنه أضاف إليها بعض الاجتهادات الخلافية لكبار فقهاء المذهب المالكي، وذيل أبوابها بالحديث والآثار إلا فصولا منها مفرقة بقيت على أصل اختلاطها في السماع، ولذلك تسمى المدونة وتسمى المختلطة أيضا(3).
من هنا كانت المدونة حصيلة جهود ثلاثة من الأئمة: مالك بإجاباته، وابن القاسم بقياساته وزياداته، وسحنون بتهذيبه وتنقيحه وتبويبه وبعض إضافاته.
يعد كتاب المدونة من أقدم كتب الأمهات في المذهب المالكي بعد الموطأ. وهي أصل المذهب المالكي وعمدة الفقهاء في القضاء والإفتاء المرجح روايتها على غيرها، وهي الأصل الثاني للفقه المالكي بعد الموطأ، وبها كانوا يتناظرون ويتذاكرون(2).
والمدونة هي في الأساس عبارة عن سماعات ابن القاسم من مالك -وهو من أبرز تلامذة مالك- أجاب بها عن أسئلة سحنون لما قدم إليه من تونس طلبا للعلم وتصحيحا لرواية أسد بن الفرات(ت213هـ) التي كان قد سمعها من ابن القاسم إلا أنه أضاف إلى هذا السماع مسائل فقهية على مذهب أهل العراق.
ثم جاء تلميذه سحنونا فتلقاها منه، ورحل بها إلى ابن القاسم بمصر للتأكد من ذلك السماع وتصحيحه وفق أصول المذهب المالكي. قام ابن القاسم بتصحيح مدونة أسد بن الفرات وتهذيبها وتنسيقها وتبويبها تبويبا جديدا. كما أنه أضاف إليها بعض الاجتهادات الخلافية لكبار فقهاء المذهب المالكي، وذيل أبوابها بالحديث والآثار إلا فصولا منها مفرقة بقيت على أصل اختلاطها في السماع، ولذلك تسمى المدونة وتسمى المختلطة أيضا(3).
من هنا كانت المدونة حصيلة جهود ثلاثة من الأئمة: مالك بإجاباته، وابن القاسم بقياساته وزياداته، وسحنون بتهذيبه وتنقيحه وتبويبه وبعض إضافاته.
عناية الناس بالمدونة
إذا كانت المدونة هي أصل المذهب المالكي، وعمدة الفقهاء في القضاء والإفتاء المرجح روايتها على سائر الأمهات، فلا غرابة أن تحظى باهتمامات واسعة من العلماء وأن ترجح على سائر كتب المذهب، فافتتن الناس بها افتتانا، وتروي كتب الطبقات أن عددا وافرا من العلماء كانوا يحفظونها عن ظهر قلب على كبر حجمها.
وهكذا تناول كثير من الفقهاء قديما وحديثا المدونة بالبحث والدراسة، واهتموا بها اهتماما كبيرا، فمنهم من لخصها واختصرها، ومنهم من اكتفى بالتعليق على بعض أفكارها، ومنهم من نبه إلى مشكلاتها، ومنهم من شرحها..
ومن إعجاب الناس بالمدونة، وتقديرهم لمكانتها، ما يروى عن بعض الشيوخ أنه قال: "ما من حكم نزل من السماء إلا وهو في المدونة"(4).
ثم إن المالكية قد تناولوا المدونة بطريقتين:
- طريقة أهل العراق، وتعتمد على القياس والتأصيل وتحقيق المسائل وتقرير الدلائل..
- والطريقة القروية التي تعتمد على الضبط والتصحيح وتحليل المسائل والمباحث واختلاف التخاريج والمحامل(5).
إذا كانت المدونة هي أصل المذهب المالكي، وعمدة الفقهاء في القضاء والإفتاء المرجح روايتها على سائر الأمهات، فلا غرابة أن تحظى باهتمامات واسعة من العلماء وأن ترجح على سائر كتب المذهب، فافتتن الناس بها افتتانا، وتروي كتب الطبقات أن عددا وافرا من العلماء كانوا يحفظونها عن ظهر قلب على كبر حجمها.
وهكذا تناول كثير من الفقهاء قديما وحديثا المدونة بالبحث والدراسة، واهتموا بها اهتماما كبيرا، فمنهم من لخصها واختصرها، ومنهم من اكتفى بالتعليق على بعض أفكارها، ومنهم من نبه إلى مشكلاتها، ومنهم من شرحها..
ومن إعجاب الناس بالمدونة، وتقديرهم لمكانتها، ما يروى عن بعض الشيوخ أنه قال: "ما من حكم نزل من السماء إلا وهو في المدونة"(4).
ثم إن المالكية قد تناولوا المدونة بطريقتين:
- طريقة أهل العراق، وتعتمد على القياس والتأصيل وتحقيق المسائل وتقرير الدلائل..
- والطريقة القروية التي تعتمد على الضبط والتصحيح وتحليل المسائل والمباحث واختلاف التخاريج والمحامل(5).
إحراقها
لقد تعرضت المدونة للإحراق في المغرب على يد الموحدين، كما يروي ذلك عبد الواحد المراكشي في كتابه "المعجب". إلا أن ذلك لم يؤثر على المكانة التي كانت تتصدرها المدونة في اهتمامات كثير من العلماء الذين عملوا على نشرها وإحيائها، وأقبلوا على تدرسها وإقرائها وتحفيظها لكثير من طلبة العلم. وما زال الأمر كذلك إلى يومنا هذا.
لقد تعرضت المدونة للإحراق في المغرب على يد الموحدين، كما يروي ذلك عبد الواحد المراكشي في كتابه "المعجب". إلا أن ذلك لم يؤثر على المكانة التي كانت تتصدرها المدونة في اهتمامات كثير من العلماء الذين عملوا على نشرها وإحيائها، وأقبلوا على تدرسها وإقرائها وتحفيظها لكثير من طلبة العلم. وما زال الأمر كذلك إلى يومنا هذا.
الهوامش
(1)- للاطلاع على مزيد من حياته يراجع: الأعلام 4/129. وفيات 3/180. البداية والنهاية 10/323. شذرات الذهب 2/94. العبر 1/432. البيان المغرب 1/109،142. سير أعلام النبلاء 8 / 160.
(2) - ترتيب المدارك، ج2/ ص 272
(3)- محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، عمر الجيدي، ص 177
(4) - الديباج المذهب، ص 61، والمعيار ج1/323
(5)- انظر أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي، للشيخ ابن عاشور، ص 61
(1)- للاطلاع على مزيد من حياته يراجع: الأعلام 4/129. وفيات 3/180. البداية والنهاية 10/323. شذرات الذهب 2/94. العبر 1/432. البيان المغرب 1/109،142. سير أعلام النبلاء 8 / 160.
(2) - ترتيب المدارك، ج2/ ص 272
(3)- محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، عمر الجيدي، ص 177
(4) - الديباج المذهب، ص 61، والمعيار ج1/323
(5)- انظر أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي، للشيخ ابن عاشور، ص 61
** عن موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية -بالمغرب -