البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : أصوات من العالم

 موضوع النقاش : مقالات طريفة ولاذعة    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
15 - أبريل - 2008

يصادفنا أحياناً أثناء مطالعاتنا للصحف والمجلات بعض المقالات الطريفة التي تجذبنا بسبب غرابة الموضوع أو أسلوب الكتابة . وفي هذا العالم المجنون الذي نعيش فيه ، بسبب أنه قد فقد أغلب مرجعياته وضوابطه العقلية والأخلاقية ، وبسبب أننا صرنا نعجز أحياناً عن تفسير بعض الظواهر والمشاهدات ، فنلجأ إلى السخرية والتهكم لمحاولة رصدها من بعيد . الواقع غير المألوف لهذه الظواهر يجبرنا على التخلي عن لهجة الرصانة والجدية التي هي من صفات من يتحكم عادة بزمام الأمور . هذه السخرية اللاذعة تخفي في باطنها الكثير من النقد والتساؤل غير أن العقل يتخلى عن مهمته في التفسير والحكم والتقييم لكي يمنح لنفسه قدراً من الحرية يبدو من خلالها بأنه يتعاطى بشكل سطحي ولا مبالي مع موضوع مؤلم وشائك وبغاية الحساسية ، غير أن هذه السخرية المرة ليست إلا دليلاً على عمق المصاب وعجزنا عن الإحاطة به .

كنت قد قرأت مقالة للكاتب المسرحي والصحافي الأستاذ ريمون جبارة في جريدة النهار اللبنانية ، وذلك منذ مدة طويلة ، وتحديداً بعيد الاجتياح الأميركي للعراق ، واحتفظت بها بين ملفاتي لطرافتها المؤلمة . أنشرها اليوم هنا لتكون باكورة هذا الملف الذي أرجو أن يحظى باهتمامكم .

 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
بصفتي كلباً    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 

لولا حرب العراق وذيولها وما تفعله في ضمائرنا وعواطفنا، لكنت سأروي لكم حكاية "سعيد الكذاب" والذئب، او أصف وصفة أعشاب تشفي السرطان والبواصير والحازوقة المزمنة، او اصف ايضاً وصفة اضافية تعيد الشيخ الى صباه. ولكنت سميتُ لكم ايضاً اولاد بعض المسؤولين الذين يسرقونكم بحجة بعض الضرائب المستحدثة بواسطة مؤسسات مستحدثة، ولكنت أوصيتكم ايضاً كيف تجنّبون وطنكم المصير الذي نفّذه العلوج في العراق. لكني سأعتذر منكم فأنا متفرج عاجز ومقهور على ما شاهدناه وسمعناه من احداث عبثية مؤلمة، حقيقية لا ممسرحة في العراق. لكم تمنيت لو التقيت بكلب يرضى بمقايضتي: انسانيتي مقابل حيوانيته. وبصفة الكلب لكنت هبهبت استنكاراً لمرأى الاطفال يموتون قبل ان يسمح لهم عمرهم بأن يختاروا ما بين بوش وصدام ، ولكنت هبهبت اكثر لدى استشهاد مراسل تلفزيون أغروه ليموت ، موهمينه ان برنيطة الفلّين التي يعتمرها ستقيه قذائف الاميركان.

مذيع الاستوديو (في غرفة مكيفة وهو في بدلة سهرة أنيقة، وبعدما رطّب إصبعه بريقه ومسح حاجبيه، يقول للجمهور الحبيب ) : معنا مباشرة من بغداد زميلنا محظوظ وهو سيوافينا بآخر التطورات على الساحة العراقية . محظوظ ، اما زلت معنا ، نحن ننتظر ؟

محظوظ ( وسط أكياس الرمل والغبار وغيم القنابل الاسود ) : شكراً زميل موفّق . كما تشاهدون ، خلفي منظر شارع المنصور وقد تحوّل رماداً ، وتشاهدون ايضاً نحيب أهالي الشهداء الابرياء وهم يبكون موتاهم . انه يوم صعب على بغداد إنما الأمل كبير بالله عزّ وجلّ .

مذيع : محظوظ ، هل في امكانك تحديد عدد الضحايا . انا لا اسأل طبعاً عن تحديد دقيق مئة في المئة ، انما اسأل هل عدد الضحايا بالمئات ام بالالوف ؟

محظوظ ( بعدما حكّ برنيطته وتلبّك ) : ليس في استطاعة أحد ان يحدد عدد الضحايا ، فالمنطقة رُمدّت وكأن بركاناً اهلكها .

مذيع : محظوظ ، سؤالي الاخير : هل تعتقد ان نسبة الخوف لدى الضحايا كانت اكبر من نسبة الوجع ؟ ( لم يستطع محظوظ ان يجيب لهلوب الاستوديو لأن قذيفة علوجية كانت تسقط على برنيطته الفلّين غير تاركة له مهلة لتحديد النسبة المطلوبة ) .

دخل العلوج بغداد وغاب عن الشاشات زغلول العلوج .

وكما في كل مأساة عربية ، يكثر قطّافو المناسبات الجنائزية : شعراء ومسرحيون وموزيكيتيون . ونعود الى اصولنا قبائل تسرق وتنهب بعضها البعض . بصفتي كلباً لم يعد يهمني نُهب المتحف في بغداد ام لم ينهب ، صمد تمثال صدام أم لم يصمد ، فأنا اكره كل التماثيل ولولا حاجتي ( بصفتي كلباً بالطبع ) لأبول عليها في ساعات الحشرة لما اقتربت منها . قهرني فقط نهب المستشفيات ورمي الجرحى على البلاط ، ومنظر الاطفال يبكون من الوجع والخوف ، الاطباء وقد تحوّلوا الى مشايخ يتمتمون الصلاة ظناً منهم انها تقوم مقام الدواء .

وكما قلت ، لم تكن الاذاعات افضل من غيرها ، فقد استمعت صدفة الى اذاعة عربية ، وكانت المذيعة تحاور دكتوراً في كل شيء الاّ في اللغة العربية اذ يعتبر ان تشكيل الكلمات تشكيلاً صحيحاً هو عدوّه الاكبر بعد بلير وبوش . ونسبة الدكاترة في العالم العربي 99،99 في المئة .

المذيعة: دكتور نبيه ، الا تعتقد ان للثقافة دوراً يجب ان تلعبه لمجابهة العدوان وتحدي أعداء الأمة ؟

د. نبيه : بداية وبدون تردد ، أقول أكيداً . للثقافة دور عظيم وهو " دوراً " أفعل من المدفع والدبابة ، ولا تنسوا أننا أم الحضارة و" أبيها " اذ لولا الثقافة لما استطعنا ان نقهر الفرس ، يوم لم يكونوا عرباً وأرجو المعذرة سيدتي لأنه عليّ كشاهد على الحضارة ان اسمّي الاسماء باسمائها من دون أي خلفية سياسية او عقائدية ، ولولا ثقافتنا المتجذرة فينا لما استطعنا ان نقهر الاستعمارات التي توالت علينا ثم اندحرت وبقينا نحن . اتريدين سيدتي ان أسمّي كل ابطالنا ؟

المذيعة (مقاطعة) : لا ، أرجوك دكتور فأنا لا اعرف مع أي بطل يقف مديرنا العام في المؤسسة .

د. نبيه : أفهمك ... أفهمك . كنت سأقول إننا أمة متأصلة في الديموقراطية .

المذيعة (مقاطعة) : عفوك دكتور ، هل لك ان تسمّي لي البلدان الديموقراطية في شرقنا العربي ومغربنا ايضاً ؟

د. نبيه : يكفي ان نعود الى الاستفتاءات الشعبية . أليس الاستفتاء المتكرر هو الذي جعل صدام يحكم العراق اكثر من ثلاثة عقود فنعم الشعب العراقي بالحرية والديموقراطية ؟

المذيعة : ألم يخطىء ولو مرة واحدة ؟

د. نبيه (بحماسة الكذاب) : طبعاً واقولها صراحة للتاريخ . و" خطأه " هذا يعود الى نحو شهر فقط ، يوم اعلنت عليه اميركا الحرب .

المذيعة : واين الخطأ في هذا ؟

د. نبيه : كان يجب ان يسلّم الحكم لأحد ولديه في استفتاء شعبي طبعاً ، ثم يغادر العراق الى جزر هاواي .


وفي الختام
وبصفتي الكلبية
أتمنى من كل قلبي ان يكون صدام قد قتل منذ اليوم الاول لغزو بغداد كي لا يتفرج على منظر ذاك الحبوب " المؤيد له سابقاً " والذي قبل يوم من قصف بغداد كان يحمل خنجراً من القرون الوسطى ويقف تحت تمثال صدام صارخاً مهدداً العلوج : بالدم بالروح نفديك يا صدام ، ولما صار العلوج على بعد متر ونصف متر من التمثال وقف الحبوب ذاته ، منتظراً سقوط التمثال ثم سحب سرمايته باليد التي كانت تحمل " خنجر الصمود " وراح ينزل ضرباً على رأس تمثال صدام .

أتظنون ايها السادة ان الديكتاتوريين يأتي بهم اسياد الاستعمار ؟
اتتناسون دور التخلف والجهل وروح الخنوع المتأصلة في شعوب تخلصت من أصنام الوثنية لتتحول لعبادة أصنام من يذلها ؟

ريمون جبارة / النهار اللبنانية / الملحق الثقافي بتاريخ الأحد 20 نيسان 2003



*ضياء
15 - أبريل - 2008
عصابة    كن أول من يقيّم
 
المعاشات خيالية الرداءة والطائفية في غاية الازدهار :

زياد الرحباني:

من المؤكّد أنّ السرقة أسرع من الاشتراكية . لذا، فإنّ السرقات تزداد يا إخوتي وستزداد. سيفكّر المواطنون الذين لم يفكّروا بعد بالسرقة، أن يسرقوا. جيّد. ونحن في غنى عن تعداد الأسباب فهي: بؤسٌ ببؤس. أما السرّاقون المزمنون المواظبون منذ أكثر من عشر سنين، الذين مهما بلغت الهستيريا العامة من قمة الهرم المضروب حتى أسفله، فلن يستطيعوا أن يؤسّسوا نقابة. طبعاً. فالنقابة لها ترخيص، والسرقة لا ترخيص لها بتاتاً. النقابة يلزمها علم وخبر، والسرقة يُفترض ألا يكون لها علم، لا مبتدأ ولا خبر. النقابة علنية أما السرقة فأقرب إلى الحميمية والدفء. لذا، يستبعد السرّاقون فكرة النقابة كلّياً ويؤسسون عادة عصابة. وهذا نتيجة فكرة مديدة. أما نحن، من لم نبدأ بعد بالسرقة ومن لم يقتنع مبدئياً بالسرقة بديلاً من الاشتراكية وحالتنا حالة، فما العمل معنا؟ ومن يسأل مَن ما العمل؟ كلّنا نسأل، إذاً لا أحد سيجيب فإلى متى؟ ألا يُفترض بنا على الأقلّ، وعلى غرار السرّاقين والعصابة، أن نؤسس، كعاملين، نقابة؟ لدينا نقابات، صحيح، ولكن، متى نبدأ بتأسيسها؟ وهذا بالضبط ما أقصد.

ما العقبة؟ إنها الطائفية؟ مفهوم، وهل سننتظرها تزول كالتجاعيد؟ وهل يزول النقش في الحجر عن الحجر؟ كيف؟ هل ننتظر «على وقع» المعاشات الحالية؟ بربّكم يا إخوان ما دخل المعاشات بالطوائف؟ فالمعاشات خياليّة الرداءة والطائفية في ذروة الازدهار. فأين العلاقة؟ لا علاقة. بل إنّ الطائفية هي بالضبط ما لن يدعكم تؤسسون النقابة ولا الوطن، على فكرة. تعالوا نؤسس عصابة إذاً. والعصابات، على فكرة، مختلطة طائفياً وفيها الكثير من علمانية التجّار وانفتاحهم. دعونا نؤسس عصابة متماسكة متراصّة، قادرة مثلاً على شلّ العمل في أكثر من مكان في وقت واحد. فبمجرّد اختفاء أعضاء العصابة ليومين أو ثلاثة من أماكن العمل سيحصلون على مطالبهم فور ظهورهم مجدداً. تستطيع العصابة، لمزيد من التشويق، أن تأتي إلى العمل عبر قساطل الشركة باكراً، أن تطالب بحقوقها عبر اتصال هاتفي من مجهول وتغلق الخطّ، أو هي تستطيع أن تسرق شنطة المعاشات، وخاصة أنها تعرف الرقم الإجمالي، وهي في النهاية تسرق أتعابها أساساً. ما رأيكم؟ هذا أكثر ديناميكيةً وحداثةً وتشويقاً من الرتابة والكآبة والنقابة. ما رأيكم؟

ملاحظة 1: إن النقابة عموماً أفضل من العصابة *.
ملاحظة 2: إن النقابة لا تؤدي بالضرورة إلى الاشتراكية، فلا تخافوا (للخائفين). إنها الطريق الأكثر أماناً، بوجود الرأسمالية على وجه التحديد. قد تصبح النقابة، كلما انتظمت، فزّاعة للرأسمالية بالاشتراكية على وجه التحديد.
ملاحظة 3: أحلى ما في حياة الإنسان، التحديد.
* أقلّه أخلاقياً.


جريدة الأخبار اللبنانية 16 تشرين الأول 2007


*ضياء
16 - أبريل - 2008
في الأصل ...    كن أول من يقيّم
 


زياد الرحباني :

توضيح: لمرّة واحدة وأخيرة كلّما وردت كلمة: الأميركيون أو الأمريكيون أو الأميركيين أو الأميركان أو حتى الأميركانيين، لا يكون الشعب الأميركي هو المقصود.
. ولا الأوسترالي طبعاً، إنما هذه الإدارة الأميركية والإدارات التي أوصلت إليها. شكراً

الحزّورة: إذا كان أصل الإنسان سعداناً، وقد سلّمنا بالاثنين، فما هو إذاً أصل الدبّ؟

الجواب: الجواب في العدد المقبل(*) وخاصةً أنّ من المستحيل أن يكون الدبّ سعداناً. ولكنّ هذا يبقى غير مؤكد أيضاً. فلا علمَ أو بَحثَ متفرّغاً لأصل الدبّ بقدر ما هو مهتمٌ بأصل الشاي الأخضر والإنسان، بالتالي السعدان. غريب! ما أصل الدبّ يا ترى؟ ما أصل السعدان أساساً؟ هل هو الدجاجة؟ وهنا لمجرّد لفظ كلمة الدجاجة، سوف تأتي كلمة البيضة الملازمة لها، ومَن قبل، البيضة أم الدجاجة أم السعدان أم السذاجة؟

ما أصل هذا الحديث كلّه؟ إن الحديث يأتي في إطار الاستيضاح، ولمرّة أخيرة وطموحة، حول: ما هو أصل المشكلة بين المسيحيين والمسلمين في لبناننا العزيز؟ إن هاتين الديانتين، مختلطتان في العديد من بقاع العالم، ووضع اختلاطهما ليس مشابهاً لوضعنا إطلاقاً. وإن حصل وراح يتدهور، فأول ما يوصف به، طبعاً: اللبننة. ولماذا؟ الجواب: لأننا المرجعيّة. ففي هذا المجال الزاهي الغنيّ عن التعريف، نحن البيضة والديك والدجاجة، والريّس والبيك والخواجا. فكل خلافات عرقيّة أو دينيّة خارج هذه البلاد تقع، صحيح، لكنها تُحلّ بسرعة مقارنة بنا. لماذا؟ لأن فيها دوماً أكثريةً لطائفةٍ من الاثنتين أو الثلاث، تحسم الموضوع عموماً حرباً أو سلماً خلافاً أو اتفاقاً (وليس اتفاق الطائف
(!!!طبعاً

لذلك، فعلى الموارنة، والأصحّ، الإخوة الموارنة، أن يوقفوا الهجرة فوراً. ليس لأنّ أصل الإنسان سعدان أو حيوان، وأصل الدبّ مجهول، وأصل السعدان دجاجة. يجب عليهم بأيّ طريقةٍ وفي كل الظروف وقف هذا التذمّر والإحباط والخوف مباشرةً. وإلاّ فالأكثريات المذهبية الأخرى، أو إحداها وحيدةً، ستقضي، وبأمرٍ من الأميركان ــــــ الدببة
. والخنازير، عليهم

ملاحظة: كان هذا هو العدد المقبل(*)

جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 8 حزيران 2007

*ضياء
16 - أبريل - 2008
الغباء الرحيم     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
زياد الرحباني :

أولاً:
أرجو من القرّاء الكرام إتمام القراءة حتى النهاية، قبل إصدار أي رد فعل عدائيّ مع أولى كلمات هذا «الشيء» التالي:

ثانياً: أعزّائي، تحية وبعد...

إن اتّهام المرأة بالغباء المفاجئ ليس معيباً ولا مهيناً ولا حتى عنصرياً، وخاصةً أنها صفةٌ غير قائمةٍ بحد ذاتها، فهي ليست الوحيدة، لا بل هي (بخلاف ما يتبادر إلى أذهانكم ولا أعرف مصدره تاريخياً) أسلم الصفات وأكثرها إنسانية لديها ودون منازع (وأعني: المرأة). إن الغباء عموماً، غير محبّذٍ أينما حلّ، أدري، لكن الغباء المفاجئ عند المرأة، محمودٌ مشكور. إنه مباركٌ مبروك. فهو فطري ومتوازن بالغريزة، إذ إنه لا يظهر ويتفشى إلاّ في لحظة الرفق بالمجتمع العام، عند حلول الرأفة بالبشرية عليهنَّ (وأعني: النساء)، وهي، عادة ما تكون قبل آخر رمق، ويسمّى بالمحكي اليومي: في اللحظة الأخيرة، وتكون طبعاً دائماً، مناسِبة. تكون ويحلّ من بعدها فوراً: الحمد لله.

أعزّائي، إن عارض الغباء العابر الموقوت (إذا جاز التعبير) يعيد إلى المرأة رونقها الأساسي، وجهها الطفوليّ الأزليّ، عجزها المزعوم المثير لكل أنواع الإثارة، تتصدّرها الشفقة. إنه، سبحان الله، يعيد إنعاش فُتات الرجولة المتطاير في كل «حدب بلا صوب»، طوال اليوم. إنه غباءٌ رحيم. هكذا شاءه الخالق. غباءٌ أراده، ليُطَمْئِنَ الرجل إلى أنه، إن هو احتملَ مسار الشرّ المنعَّم، المبيَّت المنسّق، الثابت المتسرّب منها، والمتغلغل فيه دونما كلل، مسار الشرّ المُلطَّف بالعناق، المجاور للخناق المسهَّل كالرواق، حتى بلوغه شعور دنوّ الأجل والاختناق ــــــ إن هو فَعَلْ، حلَّ فيه هذا الغباء، حلّت فيه نعمةُ هذا الغباء. إنه أساساً، الصفة اليتيمة الوحيدة التي، في هذه اللحظة، «تكسر الشرّ». وكيف لا؟ فهو يثير لديه السخرية ومن ثم الضحك فيتحوّل ليثير عنده، وهذا ما يحدث دوماً، الشفقة. هنا، تكتمل الدورة وينتقل إليه الغباء. لكن الفرق هنا كبير. فغباؤه جدّيٌّ ونهائيّ، ناضجٌ، فهو أصيلٌ موروث. غباؤنا ثابتٌ، فهو مرتبط بقيم تلازمه تاريخياً كالعنفوان والعزم، كالبأس والفأس وكل ما إلى ذلك من دهاء فغباء.

تَكْره المرأةُ الشفقةَ في صميمها، لكنها تستثيرها بالغباء. وما سرّ ذلك؟ لا ولن أدري، وما همّ فهل هو السرّ الوحيد؟ المهمّ أن كرهها للشفقة يستثير لديها الشرّ فيبدأ النهار هكذا، وهكذا ينتهي النهار. هَلّا أعدنا حساباتنا، والأَوْلَى انطباعاتنا عن الذكاء والغباء؟ أرجوكم، ما هو وأين هو الذكاء؟

ملاحظة: جمع امرأة = نساء!

عن جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 6 نيسان 2007

*ضياء
16 - أبريل - 2008
المسرحية الخالدة (1)    كن أول من يقيّم
 

جورج جرداق :(1931 _ 2005 )

في أحد أشهر الصيف الماضي، حصل عمل «فنيٌّ» ضخمٌ لا يمرّ على رأس الإنسانية عمل من نوعه وفي مستواه ولو مرة كل ألف عام. وإليك موجز في وصف هذا العمل العجيب الذي لا يوصف:

صديقنا الملحن «أ. ع» الممعوط المشعوط الذي يشبه الفروج المشوي على الفحم، يجري حب التمثيل في دمه فوق ما يجري فيه حب الأنغام والألحان كما يعلن ويؤكد! «ولعي هذا، كان هو الداعي والدافع إلى ارتكاب هذه المسرحية»- التي مثلتها فرقة من المشخّصين الذين لا علاقة لهم بالعصر الذي نعيش فيه، ولا بعصور ما بعد التاريخ، وكان هو قيدومهم وخرطومهم وخارب بيتهم. أما إعداد المسرحية وإخراجها، فكانا من عمل السيد توفيق حسون، أمهر سائق كميون بين بيروت والبترون!

عدو الفن

في الطريق إلى حيث تعرض المسرحية بإحدى ضواحي بيروت، لم نشاهد إعلانا واحدا يدل على مكان عرضها وزمانه، فقلنا: «عال! هذه مسرحية واثقة بنفسها لا تحتاج إلى إعطاء علم وخبر!!»
غير أن «أبطال» المسرحية وعلى رأسهم قيدومهم وخرطومهم وخارب بيتهم «أ.ع» الذي هو «البطل» الأول بين الممثلين، استعاضوا عن الإعلان بطريقة أخرى أبدع وأنفع: فقد هرعوا إلى شرطي السير وطلبوا إليه أن يحول السير، إذا أمكن من الطريق العام صعودا إلى اليمين في اتجاه المسرح. حيث يمكنهم أن يتدبروا الأمر مع المارة. ولكن الشرطي رفض هذا الطلب الغريب، والمارة لم يعبروا أمام المسرح. واتهم أبطال المسرحية الشرطي بأنه عدو للفن!
لم يبيعوا بطاقة واحدة من بطاقات الدخول إلى المسرح، لا قبل عرض المسرحية، ولا في أثنائه، ولا بعده. والمدعوون، وهم مئات، لم يحضر منهم إلا عشرات وذلك بعد الملاحظة والمداراة وتأمين الذهاب والإياب والدعوة إلى العشاء بعد العرض!

حاضرون شخصياً

وحضرنا. وعلى باب القاووش الذي نصبوا فيه المسرح، وقفنا بالصف كما يقتضي أدب التصرف على أبواب المواقع التي تجري فيها حفلات عامة. وكنا على الباب أربعة: ماجدة الرومي، وزوجها، وجمانة شقيقة «أ.ع» قيدوم الفرقة التشخيصية وبطل المسرحية، وكاتب هذه السطور، ودخلنا في خشوع، وقعدنا. وفتحنا البطاقات من جديد وقرأنا فيها ما يلي:
«فرقة الجواهر» تفتخر بأن تقدم المسرحية الخالدة «صائغ الجواهر» التي حشدت جميع أسباب النجاح، وهي باللغة الفصحى.
وفي البطاقة نفسها ذكرت فصول المسرحية على الصورة التالية:
«فصل الأول. من المسرحية الخالدة». هكذا: «فصل الأول» لا «الفصل الأول»!
«فصل الثاني من المسرحية الخالدة.»
«فصل الثالث. فصل الرابع. فصل الخامس.»
«مفاجآت سارة. وأشياء أخرى.»
وتساءلت: بعد كل هذا، هل يمكن أن توجد أشياء أخرى؟!
صحيح أنها خالدة هذه المسرحية. وأنها باللغة. ولو لم يكن الله راضيا علينا لما وصلتنا بطاقات الدعوة في الوقت المناسب، ولفاتنا من البدائع والروائع ما نندم على فواته.
وعاودني الشوق إلى بطاقة الدعوة وما تحتويه من توضيحات، فعثرت في أسفلها على ملاحظة لم تخطر ببال أحد من البشر قبل الآن، ولا يمكنك أن تصدق أنها موجودة في بطاقة دعوة إلى مسرحية، وهي الملاحظة التالية:
«جميع الممثلين حاضرون شخصيا على المسرح في «المسرحية الخالدة» الليلة وكل ليلة!»
هل هذا معقول؟
كيف تمكنوا أن يجمعوا الممثلين كلهم لـ «يحضروا شخصيا على المسرح؟»
ثم، إذا كان الممثلون موجودين على المسرح «شخصيا» هذه الليلة. فهل يسهل عليهم أن يكونوا «حاضرين» أيضا كل ليلة؟!
هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها الممثلون موجودين «شخصيا» في مسرحية هم ممثلوها. إنها ليلة فريدة حقا!

زعقة :

وسألت ماجدة: - بأي فصل من الفصول الخمسة سيبدأون المسرحية يا ترى؟ هل تظنين أنهم سيبدأونها بالفصل الأول، أو «فصل الأول» كما هو مدون على البطاقة؟
ولم أكد أطرح هذا السؤال وأسمع الجواب حتى زعق أحدهم من على المسرح زعقة مفاجئة ومقطوعة لا يزعقها إلا الخائف المذعور الذي يصرخ بكل زلعومه ويهرب. وقال الزاعق:
- فصل الأول. من المسرحية الخالدة!
وفي الحال رفعت الستارة وهجم المشخصون على المسرح من كل صوب وهم يتدافعون ويتزاحمون لاحتلال المواقع المواجهة للجمهور. وفيما هم على هذه الحال فاجأهم «المخرج» بأن دخل المسرح مثل هبوب الريح وقبض على ثلاثة منهم وجرهم بالدور إلى الكواليس وهو يصيح بهم قائلا:
- دوركم في الفصل الثاني.
وبدأوا في التشخيص،

*ضياء
17 - أبريل - 2008
المسرحية الخالدة (2)    كن أول من يقيّم
 
جورج جرداق :(1931 _ 2005 )

حَوْرَبة :

أخذ الممثلون يدخلون ويخرجون ويقومون ويقعدون ويحفظون وينسون ويتزاحمون ويتلاكمون. وأبرع ما جاء في الحوار هو القسم الذي حفظوه وقالوه.

وانحبكت المسرحية .
ودبت النشوة في رؤوس المشاهدين فأخذوا يهتفون بحياة المخرج. فيطل هذا عليهم ويحييهم رافعا يده راسما بإصبعيه، السبابة والوسطى، علامة النصر. ثم راحوا يصيحون إعجابا بالممثلين ويزغردون! والتأم فريق من هؤلاء المشاهدين في دائرة صغيرة بأحد أركان القاعة ما لبثت أن اتسعت، وراح بعضهم يصفق وبعضهم يرقص رقصا شرقيا على إيقاع الأكف!!
وارتاح المشخصون إلى ما كان لفنّهم» المسرحي من تأثير حسن على الحضور، فتدافعوا حتى طرف المسرح الأمامي حيث وقفوا يتفرجون على المشاهدين وما يفعلون! ثم بلغ التأثر بالمشخصين حده الأقصى فأخذوا يحيون الجمهور بالحداء والحوربة (1) وسائر أغاني الفروسية والبطولة!
وانتقلت الحماسة إلينا، نحن الجادين أحيانا في النظر إلى الأمور، فرفعنا أيدينا بالتحية ملوحين بها في الهواء، فرد المشخصون التحية بأحسن منها، ورفع أحدهم صوته وغنى على نغمة «الميجنا» يرحب بنا ويقول: «ضحكت حْجار الدّار طلّوا حبابنا»
فما كان من أحد رفقائه المشخصين إلا أن أسند خده إلى راحة يده وأنشد هذا البيت من «العتابا»:

حلو يا من بصدر الدّار حلَّيتْ
برضا بك كأس مُرّ الصبر حلّيتْ
بلحاظ عينين السّبْع حلّيتْ
وزئيره من طراف الغابْ غابْ!

فجاوبه أحد المشاهدين ببيت «عتابا» جرّ وراءه أبياتا أخرى من هنا وهناك.
وبات الموقف موقفا عاطفيا حارا. ظهر فيه التعاطف والتآلف والإعجاب المتبادل بين المشخصين، دون أن نحدد من منهم هؤلاء ومن هؤلاء!!

من البدائع!

ولبث المشخصون يتفرجون علينا بعدما نسوا أدوارهم كلها من شدة تأثرهم بما أظهر لهم الجمهور من دلائل المودة والإعجاب.- وقد كان لتبديلهم أماكنهم على المسرح، كما تقررت في أثناء التمارين بالأيام السابقة، - عمل في هذا النسيان. وأذكر أن «المخرج» الذي اسمه توفيق حسون. حاول مرارا أن يعيد كلا من الممثلين إلى مكانه المحدد، ولكنهم رفضوا أن يطيعوه إذا اختار كل منهم لنفسه الموقع الذي يناسبه ويجعله في مواجهة الجمهور، فهز «المخرج» رأسه بالموافقة وتوارى عن الأنظار.
كما ساعدهم في الوقوف على المسرح موقف المتفرج على الجمهور، مهندس الإضاءة الذي أطفأ النور على المسرح وأداره على المشاهدين.
وعلى هذه الصورة انتهى «فصل الأول».
ومن جديد جعجع صوت من وراء الستار وزعق زعقة منكرة وقال:
- والآن نشاهد المسرحية الثانية.
لقد بلغ التأثر و»التطور» بصاحب هذا الصوت الزاعق أفقده القدرة على ضبط أفكاره وأقواله فقال «المسرحية الثانية» عوضا من أن يقول: الفصل الثاني. أو «فصل الثاني» وفق ما هو مدون في البطاقات.
وما كاد المشخصون يتدافعون إلى المسرح بعد هذه الزعقة ويتصادمون، ويهدد بعضهم بعضا إذا لم يترك هذا لذاك وذاك لهذا المكان الأفضل لمواجهة الجمهور. حتى دبت النخوة في رأس صديقنا الصحافي سليم مكرزل، وفي قدميه الاثنتين، فعزم على أن يصعد المسرح في الحال ليقدم المسرحية كما سبق أن جرى الاتفاق بينه وبين المسؤولين عن المسرحية وفي طليعتهم «المخرج» حسون. وقيدوم الممثلين الملحن «أ.ع».
نعم، لقد عزم أخونا سليم مكرزل أن يقدم المسرحية بعدما انتهى «فصل الأول» منها وبُدئت «المسرحية الثانية.»، وهذا من بدائع ما جرى في تلك الليلة الفريدة! غير أننا استوقفناه واسترضيناه، ولولا القليل لضربناه. وأخذنا نطيب خاطره ونداريه، حتى هدأ واستكان!

القيدوم والجرادة :

وظهر بين المشخصين هذه المرة قيدومهم وخرطومهم وخارب بيتهم «أ.ع» بطل المسرحية، وراح يهد ويقد وفق ما يقتصه دوره، ويصيح ويستريح، ويتوقد غضبا والعياذ بالله!
وفيما كان المشخص القيدوم في أوج اندماجه بدور «البطولة» الذي يؤديه، طارت ثلاث جرادات لم يعلم أحد من أين أتت، وحطت على المسرح وراحت تتمشى على مزاجها.
وفرح الأولاد الموجودون في القاعة مع الكبار من ذويهم بهذه الجرادات، فطلع ثلاثة منهم المسرح وراحوا يطاردونها ضاحكين فرحين. وكان فيهم ابن شقيق المشخص القيدوم، الذي تمكن من إمساك إحدى الجرادات وهجم بها على عمه محاولا أن يحطها على كتفه وهو يضحك وينط ويصيح:
- «الجرادة بدها تاكل عمي!!»
واستعان برفيقيه، وبأولاد آخرين صعدوا هم أيضا على المسرح فرحين برؤية الجراد، فهجموا جميعا على المشخص القيدوم متعاونين على إطعامه للجرادة. فأسرع المخرج لإنقاذه من هذه الحال. إلا أن التصفيق الذي ملأ القاعة انتصارا للأطفال وللجرادة وإعجابا بهذا المشهد الطريف، جعل المخرج يبدل رأيه وينضم إلى الجمهور ويصفق في حماسة واندفاع.
في هذه الأثناء فوجئ الحضور بالستارة تسدل، وبالمذيع يزعق من ورائها مقدما هذه البشري:
- سيداتي وسادتي، انتهى «فصل الثاني» من المسرحية الخالدة. والآن «فصل الرابع.»
أعوذ بالله! كيف انتهى الفصل الثاني ولم يعرض منه شيء حتى الآن؟! ثم، انتقل من الفصل الثاني إلى الفصل الرابع؟! وأين الفصل الثالث؟
ولما سألنا عن السبب في ذلك، قيل لنا إن الوقت قد طال، فقرر المخرج الاستغناء عن الفصل الثالث:
وسألناهم: لماذا استغنيتم عن الفصل الثالث ولم تستغنوا عن الفصل الخامس، مثلا؟ فقالوا:
- لا. المسألة بالترتيب. والعمل له نظام! وعلى هذا، ليس في إمكاننا أن نستغني عن الفصل الخامس قبل الاستغناء عن الفصل الثالث.

على دلعونا :

وبدأ المشخصون يعملون في الفصل الرابع، وتتابعت المشاهد. وصال المشخص «أ.ع» الذي أوشكت الجرادة أن تأكله وجال. ثم «أكل بدنّا(2)» من سائر المشخصين كما يقتضي الدور الذي يؤديه. غير أن صوت المخرج لعلع من وراء المسرح وهو يصيح ويقول للمشخصين:
- «البدن ليس الآن وقته. بل في آخر الفصل!»
فرد عليه أحد الممثلين من على المسرح وقال:
_ «آخر الفصل أو أوله مثل بعضه. ما عاد نقدر نهديه، مش شايفه كيف عم يتمرجل علينا؟!»
فاقتنع المخرج بهذا المنطق ولزم الصمت!
وسألتني «جمانة» شقيقة الممثل القيدوم الذي «يأكل البدن» على المسرح وهي مستغرقة في الضحك:
- ألا تزال طويلة. هذه المسرحية؟
قلت: الأبدع والأمتع أن تطول، فأين يمكن للإنسان أن يحظى بمشاهدة مسرحية كهذه المسرحية، وسهرة كهذه السهرة؟!
وانقطع الكلام على مشهد المذيع يظهر فجأة على المسرح والستارة لا تزال مفتوحة والممثلون لا يزالون في كامل نشاطهم واندفاعهم. وعطس مرتين زعق بعدهما زعقة واحدة وقال:
- سيداتي وسادتي، انتهت المسرحية الخالدة!
ولكن نهاية «المسرحية الخالدة» لم تأت على الصورة التي خطط لها المخرج. فإن المشخصين ما كادوا يخلصون من تأثير المفاجأة بإعلان انتهاء المسرحية وهم ما يزالون في بداية الفصل الرابع يتحركون ويتحاورون ويتلاكمون، حتى أخذوا يلوحون بأيديهم لجمهور المشاهدين، وأخذ الجمهور يلوح لهم. ثم تناول أحد الحضور من أحد جيوبه آلة المجوز(3) وأخذ ينفخ فيها على نغمة الـ «دلعونا» المعروفة وهو يتجه إلى المسرح ووراءه حوالي عشرة أشخاص، فيما كادوا يصلون إلى المسرح حتى شبكوا أيديهم في أيدي الممثلين وألفوا معهم حلقة واحدة وأخذوا يدبكون - أي: يرقصون رقصة «الدبكة» اللبنانية المعروفة (4)- على أنغام المجوز وصوت أحد الممثلين وهو يغني قائلا:
على دلعونا على دلعونا
إجوا حبايبنا لْعِنّا وشافونا
وحتى نكِرّمهم ونرحّب فيهم
للصبح الليلة دبكة ودلعونا

الحسناء الفهيمة :

المشخصون في «المسرحية الخالدة» بتلك الليلة الفريدة كانوا جميعا من الصناديد، كما رأينا. أما الجنس اللطيف، فلم يسعده الحظ بأكثر من دور واحد أعطي للحسناء الفاتنة «نينا السّخن»، وهو دور هام. تدور حوله الأدوار الباقية كلها كما هو مرسوم. ولكن الممثلة الفاتنة «نينا» لم تظهر تلك الليلة في أي مشهد على المسرح. ففي اللحظة العابرة الوحيدة التي دخلت فيها المسرح لبضع ثوان، لم تجد أمامها أصحاب الأدوار المواطنة لدورها في المشهد الذي دخلت المسرح عند ذاك لتأديته، بل وجدت ممثلين آخرين يتحاورون ويتصايحون، فتخلت عن دورها في الحال، وتركت المسرح وانضمت إلى المشاهدين، وقعدت تضحك من كل قلبها مما جرى ويجرى على المسرح وهي تشعر بأن شيئا كثيرا أو قليلا لن يتغير في هذا العمل «المسرحي». سواء وقفت على المسرح وأدت دورها. أو انضمت إلى المشاهدين وشاركتهم الهتاف بحياة المخرج والممثلين إعجابا بما ترى وتسمع!!
وقالت لي عند ذاك:
- لقد كنت أتوقع أن يحصل ما رأيتم وسمعتم. ومن اللحظات الأولى التي رفعت فيها الستارة عن المسرح هذه الليلة، هيأت نفسي لأن ألغي دوري وظهوري على المسرح، وأجلس هنا إلى جانبكم وأشاطركم إعجابكم بما تشاهدون وتسمعون.!
وراحت تضحك في فرح وارتياح وخفة ظل!!
لم يشاهد البشر، ولن يشاهدوا مسرحية من هذا النوع!
أين شركات الإنتاج «الفني» في العالم تتعاقد مع أصحاب «فرقة الجواهر» هؤلاء، منفردين ومجتمعين، وتحتكر جهودهم لعشرات السنين الآتية، وتأخذهم إلى خارج البلد. حرام أن يُحرم العالم مشاهدة ما شاهدناه في تلك الليلة!

ملاحظة
معاني بعض الكلمات:
(1)- الحَوْرَبة: من أغاني البطولة والفروسية والاستعداد للحرب في الفولكلور اللبناني. تستخدم أيضا للترحيب بالضيوف.
(2)- أكل بدنّا: تعبير باللهجة العامية في لبنان وسورية يعني: أنه تلقى اللكمات والضرب الموجع بالأكف والعصي وما إلى ذلك.
(3)- المجوز: آلة موسيقية لبنانية شعبية من آلات النفخ، تستخدم في الأعراس وحفلات الغناء والرقص الشعبي المعروف بـ «الدبكة» وفي صوت المجوز ما يدل على أنه أصدق الآلات في التعبير عن مشاعر أبناء الجيل اللبناني الذين يعايشون الطبيعة ويخلصون الولاء للأرض، وأنه أكثر الأصوات ملاءمة للأغاني الفولكلورية اللبنانية.
(4)- رقصة جماعية فولكلورية لبنانية فيها الدلالات الساطعة على أنها رقصة جبلية خالصة. وقد أعجبت هذه الرقصة الجميلة جميع الذين شاهدوها من شعوب العالم بعدما تألفت فرق عدة للدبكة من أبناء الريف وطافت معظم بلدان الأرض، وأشهرها: فرقة كركلا، وفرقة فهد العبد الله، وفرقة الأنوار.


*ضياء
17 - أبريل - 2008
سوق الشعر والعنب..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
Kebir05@gmail.com
* تحية طيبة  
لم يترك الخداع والغش، المغلف بابتداع طرق تسويق غير بريئة، جانباً من أمور الحياة إلا وأصابه، وخصوصاً على مستوى ما يعرض للأكل والشرب والقراءة.
وهكذا، فبعد أن كان الغش مقترناً بسوق المواد الغذائية، إلى درجة أن المغاربة أبدعوا مفهوم «التوجيهة»، دلالة على أن البضاعة المعروضة ليست من نفس المستوى من الجودة، وأن الغش صار عُملة مألوفة، فإن الإبداع قد أصيب بدوره بالعدوى. وينقل التجول في أسواقنا الشعبية والممتازة إلى حقيقة صادمة، تقترن، لحسن الحظ، بدرجة عالية من الوعي عند «الشاري» المغربي، الذي صار يبحث عن الجودة ولو في منتجات قادمة من وراء البحار: تمورٌ تونسية ومصرية وإماراتية وعراقية وسعودية، وتين مجفف من تركيا، ولوز من إسبانيا، وجوز من الهند، وموز من أمريكا اللاتينية، وتُفاح من إسبانيا... حتى المياه صارت تأتي معلبة من الخارج.
ولا يمكن لتفضيل المغاربة لمنتجات حقول ومعامل آسيا وأوربا وأمريكا، إلا أن يعطي دليلاً قاطعاً على أن المنتوج المغربي لا قدرة له على المنافسة، وذلك لاعتبارات عديدة، أهمها أن الفلاح المغربي ظل متروكاً لنفسه وللجفاف، وأن الدولة لم تلتفت إلا مؤخراً لهذا الواقع، كما أن المستهلك المغربي فقدَ الثقة في ما يقدم إليه من منتوج وطني يعمل كثيرٌ من مسوقيه على اعتماد أسلوب الغش في تقديمه وعرضه، ومثال ذلك خلط اللوز «الحار» بـ«الحلو»، أو جعل «وجْه» علبة التمر أفضل من أسفلها، بل والغش حتى في الوزن.
ومن بين الحكايات الطريفة التي نقلها لي أحد الأصدقاء اللبنانيين، وهو يقربني من واقع العيش و«الغش الأدبي» في بلد الأرز، أن شاعرًا لبنانياً عمد إلى صورة الفنانة «الفضائية» هيفاء وهبي فوضعها على غلاف ديوانه الجديد. وأضاف (ضاحكاً) أن إحدى الأديبات المدعوات إلى حفل التوقيع خاطبتْ «شاعرنا»، بسخرية مبطنة، قائلة «يبدو أنكَ تعرف جيداً كيف تستثمر جذورك الفينيقية»... وكانت تعني أن «صاحبنا» مبدع، فعلاً، لكن، في ابتداع طرق ملتوية وغير مسبوقة على مستوى التسويق لمؤلفه.
وإذا كان «شاعرنا» اللبناني، قد استنجد بجسد هيفاء وهبي، للرفع من مبيعات ديوانه، فإن آخرين يستنجدون بالعناوين البراقة والخادعة (وفق منطق «الماركوتينغ» الفينيقي)، أو بـ«خدمات» بعض الأصدقاء، من النقاد، ممن يضعون «خبرتهم» رهن الإشارة، خالطين «رغوة» البيرة وجلسات «السمر»، بصنافة المفاهيم والنظريات النقدية، منتهين إلى مقالات «حلوة»، تنتهي منشورة في جرائد ورقية وإلكترونية، أو تتم قراءتها خلال «حفلات» التقديم والتوقيع للدواوين والمؤلفات الأدبية. وفي الوقت الذي استنجد فيه «شاعرنا» اللبناني بإحدى فاتنات بلده للمساعدة في الترويج لديوانه الجديد، نجد أن بعض «شاعراتنا»، مثلاً، قد صرن يستنجدن بصورهن «الشهية» لمرافقة نصوصهن المنشورة في كثير من المواقع الإلكترونية، وهي نصوص غالباً ما يكون معظمها تافها، مع الإشارة إلى أن الحيز الذي تملؤه هذه الصور غالباً ما يكون أكبر من حجم النصوص نفسها.
وبهذا، نكون قد دخلنا، على مستوى الأكل والشرب والقراءة، باب «الغفلة» بين «البايع والشاري»، انطلاقاً من منطق يعمل بمقياس «التوجيهة». لا فرق، هنا، بين تسويق صندوق عنب أو ديوان شعر. وكما أنك حين تنفذ إلى أسفل صندوق العنب فتجد نفسك «مشموتاً» وأنت تقف على رداءة الفاكهة، كذلك، تكون حالك مع ديوان الشعر، حيث يتم التلاعب بك عبر إغرائك بعنوان خادع أو بصورة هيفاء وهبي أو بمضمون قراءة نقدية مكتوبة بمنطق الإخوانيات والتساهل... وحين تغوص بين دفتي الكتاب تصاب بالغثيان.
هي حكاية اللوز «الحار» تتكرر في ميدان الأدب، عبر نصوص «حارة» الطعم يتم تسويقها، بعد «تحليتها»، ولو بالاستنجاد بفنانات ونقاد «الواوا»!
 
* بوس الواوا -------------- أغنية لـ هيفاء وهبي .
عبد الكبير الميناوي
ج . المساء المغربية .
 
*abdelhafid
17 - أبريل - 2008
شخبط شخابيط ...    كن أول من يقيّم
 

حكم البابا :
قضية رأي عام :

    بغض النظر عن شعارات الوحدة والتضامن والأخوة العربية، وأناشيد وأغانٍ مثل وطني حبيبي وطني الأكبر، وبلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان، التي يشهرها الممثلون السوريون الذين يعملون في الدراما المصرية رداً على من يسألهم عن مشاركاتهم في الأعمال المصرية، فإن السر الحقيقي لهذا التهجين العروبي والاكتشاف المتأخر للقرابة القومية فنياً، يكمن في كلمة سحرية اسمها: الفلوس، ثم تأتي بعد ذلك الشعارات والأناشيد والأغاني باعتبارها مثل ربطة العنق التي تعقد وتُدلّى على الصدر لإخفاء أزرار القميص.
  واكتشاف الفنانين السوريين للسوق المصرية باعتبارها مرجعية فنية ونقطة توزيع ومحطة انتشار ليس جديداً، فمنذ عصر أسمهان وفريد الأطرش وعبد السلام النابلسي وحتى رغدة كانت عين السوريين الفنية على مصر، ولكن مع نهضة الدراما السورية وحضورها العربي حدث نوع من التوازن الفني في سورية وأصبح السوريون يعتزون بدراماهم ويفتخرون بمسلسلاتهم، إلى الدرجة التي ظننت فيها أنهم نسوا مصر نهائياً، خاصةً وأن الفنانين المصريين أنفسهم لم يخفوا اعجابهم بالأعمال التلفزيونية السورية وحسدهم لبعضها، لكن في العام ونصف الماضيين حدثت هجرة سورية مفاجئة للعمل في مسلسلات وأفلام مصرية لدرجة تدعو للدهشة، ومع أني أعتقد أن مايحدث اليوم هو طفرة عابرة ستنتهي آجلاً أم عاجلاً، ولا علاقة لها بشعارات الأخوة والتضامن القومية التي يكفي تصريح واحد لانهائها، وظهور النبرة القبلية المتعصبة من كلا الفريقين اللذين يعيشان حالياً شهر عسل فني مؤقت، إلاّ أنني أود أن أسجل ملاحظات محض فنية، ولاعلاقة لها بالمصالح العليا للأمة العربية، ولاترتبط بالمؤامرات التي تستهدف وجودها، حول هذا التعاون الهجين من وجهة نظري، فأن يقوم ممثل سوري بأداء شخصية مصرية في عمل مصري فيه من الحماقة الفنية مايشابه السفر إلى الدانيمارك في شهر يناير بملابس صيفية، وأنا أستطيع أن أفهم قيام ممثل سوري بأداء شخصية سورية في عمل مصري، أما أن يقوم بأداء شخصية مصرية حتى لو استعان بخبير لهجة أو خبير خيول أو حتى خبير روسي، فهو يتجاوز المغامرة إلى المخاطرة، لأن اللهجة ليست أداءً منطوقاً فقط مثل تقليد صوت القطة أو الدجاجة، بل هي موروث كامل يختصر في تعبير لفظي تاريخاً طويلاً من الحياة يحتاج الانسان لعدة أجيال كي يمتزج بدمه ليخرج بعدها بيئياً خالصاً، وليس مجرد صوت مؤدى، وأستطيع أن أضرب أمثلة حتى من اللهجات المختلفة التي تمتلء بها سورية، فالممثل عمر حجو المتحدر من مدينة حلب لاتزال لكنته الحلبية تظهر حتى الآن في أعماله الدمشقية رغم أنه عاش أكثر من نصف عمره في دمشق، وفي أدواره الشعبية الدمشقية لاتزال لكنة الممثل أسعد فضة الساحلية تظهر في حواره مع أنه عاش نفس ماعاشه زميله حجو من سنوات في دمشق، وإذا كان الأمر هكذا داخل اللهجات السورية، فكيف الحال بممثلين تعلموا اللهجة المصرية من السينما فقط.
   وإذا كانت خصوصية اللهجة بما تحمله من تفاصيل البيئة مشكلة بالنسبة للممثل، فهي كارثة بالنسبة للمخرج السوري الذي يقوم باخراج عمل مصري، فمهما بلغت حرفيته الاخراجية، ومهما كانت أدواته التقنية متقدمة، ومهما بلغت مقدرته في تقديم صورة مبهرة، وحتى لو كان يملك المصباح السحري وحكه وخرج له المارد ليقول له شبيك لبيك عبدك بين إيديك فطلب منه أن يساعده في إنجاز مسلسل مصري متميز، ومهما أحاط نفسه بالمستشارين، حتى لو وظف السبعين مليون مصري كمستشاري بيئة لديه لن يستطيع أن يفهم روح الجو المصري، الذي بعد عقود من السنوات عاشتها عائلات سورية في مصر لايزال يسميها الشوام.
   أستطيع أن أفهم الشعارات القومية عندما نكون في مهرجان خطابي أو احتفال تضامني، أما في المهنة فأفضل استخدام مفرداتها الحرفية.
  
كلاكيت :

 أعداء العرب سواء كانوا روماً أو فرساً أو أتراكاً في المسلسلات التاريخية، أم أوربيين أو إسرائيلين في المسلسلات المعاصرة، يظهرون في الدراما العربية شخصيات كاريكاتورية تستحق الرثاء، مضحكة وماجنة لاهمّ لها إلا شرب الخمر وملاطفة النساء ، على الرغم من أنهم على اختلاف أنواعهم احتلوا المنطقة العربية وحكموا شعوبها لعقود (وبعضهم لقرون)، وهذه النظرة الكاريكاتيرية تسيء لنا أكثر مما تسيء لهم، فإذا كانوا بهذه الصورة وحكمونا فما هي صورتنا نحن المحكومين!؟
 من يشاهد المسلسلات الدينية لابد وأن يتساءل -وهو يشاهد الشخصيات الملائكية التي تتحدث بمثالية ليس لها مثيل إلا في جمهورية أفلاطون- أنه إذا كانت شعوب هذه المنطقة على هذه الشاكلة من المثالية فلماذا خص الله منطقتنا بثلاثة أنبياء وثلاث رسالات وثلاث كتب سماوية تأمر وتنهى وتزجر وتحرّم!
• حتى ساعة كتابة هذه الكلمات ورغم كل الحديث عن إنجازات الدراما العربية مصرية وسورية وخليجية لايزال مشهد ترتيب حقيبة السفر وحملها مشكلة في كل المسلسلات العربية، فغالباً مايقوم الممثل بحشر بعض قطع الثياب في الحقيبة بدون عناية ثم يغلقها ويحاول إيهام المشاهد بثقل وزنها وهو يحملها، ويفترض أن المشاهد سيتعاطف مع أدائه، وربما سيخاف عليه من الاصابة بانقراص الفقرات والديسك!
زوم إن :

 أظن -والله أعلم- أن الأسلوب الإخراجي الذي اتبعه مجدي أبو عميرة في مسلسله (يتربى في عزو) كلّه يتلخص في أمر واحد أعطاه لمصور العمل هو: تابع الممثلين بك
اميرتك، ثم أخذ إجازة إلى نهاية تصوير المسلسل!
حاولت مشاهدة حلقات مسلسل (الليلة الثانية بعد الألف) الذي يقدمه (وهذا ليس خطأ مطبعياً) عابد فهد وأمل عرفة من بدايتها وحتى نهايتها، ثم سجلتها وأعدت مشاهدتها من نهايتها حتى بدايتها، وشاهدتها بنظارة وبدون نظارة، ومن الجهة اليمنى للتلفزيون ومن الجهة اليسرى كذلك، وفي كل الحالات لم أستطع هضمه أو استيعابه، واكتشفت في النهاية أن مشكلة المشاهد مع المسلسل تعود إما إلى عيب من المصنع، أو بسبب نسيان الشركة المنتجة إرفاق مسلسلها بكتيب يتضمن إرشادات الاستخدام!
 ميزة المسلسل المصري أنه يعتمد على عنصرين هامين هما النص والممثل، أما مشكلته فهي أنه لايزال يصر على بناء مواقع التصوير في الاستديوهات، بحيث لايصعب حتى على شخص منغولي اكتشاف السرعة والعجلة وقلة الخبرة في بناء هذه الديكورات، ولأن الكاميرا عدسة زجاجية تفضح وليست ستارة تخفي فهي تظهر فقر الصورة التي يتحرك فيها الممثل ويجري فيها حدث النص، وفي حال عكس هذه العناصر يمكن اكتشاف ميزات ومشكلات المسلسل السوري!
  
زوم آوت،

• الدراما اللبنانية موجودة في القنوات اللبنانية فقط، وأشك بمتابعتها حتى من قبل صناعها!
 الممثل السوري أيمن زيدان في آخر إصدار له باللهجة المصرية في مسلسل (عيون ورماد ) مضحك فعلاً وعن جد وبحق وحقيق، وإذا أردت مقارنة اتقانه للهجة المصرية بحالة مشابهة، فلن أجد أفضل من حالة مواطن هندي يعيش في الخليج حاول شرح بيت إمرؤ القيس الشهير (مكر مفر مقبل مدبر معاً   كجلمود صخر حطه السيل من علٍ)، بلهجته "الهندو عربية" فقال: (يروح ويجي سيم سيم حجر واجد يوقع من فوق)!!
•  أداء الممثل السعودي يوسف الجراح خاص وممتع حتى في الاعلانات التي يقدمها، وأظن أنه يستحق أدواراً أهم من تلك التي تسند إليه كسنيد لممثلين أقل موهبةً وحضوراً منه!
• لو كان القائد العربي المسلم خالد بن الوليد تاريخياً بنفس الصورة التي ظهر عليها في مسلسل (خالد بن الوليد) بأدء سامر المصري، لما استحق لقب سيف الله المسلول، ولكان التشبيه الأكثر مناسبة لصورته في المسلسل هو نكاشة أسنان وليس سيفاً!
 
أوسكار تستحقه .. يستحقه:

 الممثلة كريمة مختار: عن أدائها لشخصية (ماما نونه) في المسلسل المصري (يتربى في عزو)، لأنها تضيف بصمة خاصة على شخصية كتبها المؤلف يوسف معاطي بعناية أساساً.
• الممثل ناصر القصبي: عن الشخصيات التي يؤديها في السلسلة الكوميدية السعودية (طاش 15)، والذي يستحق عملاً يتجاوز التعليمية في النص والبدائية في الاخراج، من دون أن يعني ذلك مغادرته للموضوع المحلي، فما يقدمه حالياً يشبه من يرتدي ملابسه القديمة التي أصبحت ضيقة عليه!
• المؤلفة ريم حنا: عن نص المسلسل السوري (رسائل الحب والحرب) الذي رغم الايقاع البطيء بعض الشيء لمخرجه باسل الخطيب، والتفسير التقليدي لبطله الممثل سلوم حداد لشخصيته في المسلسل، والأداء التنفيذي لبطلته الوجه الجميل سلاف فواخرجي التي لم تفعل أكثر من التزامها بتعليمات المخرج، استطاع أن يظهر باعتباره الحامل الأساسي والأهم للمسلسل.
 
لو سئلت عن رأيي في:

• ..... الفارق في مقاربة البيئة الشعبية موضوعاً ولهجةً وتفاصيلاً بين مسلسل المخرج السوري بسام الملا (باب الحارة) ومسلسل مواطنه هشام شربتجي (جرن الشاويش) فسأقول: أنه نفس الفارق بين الطربوش الذي يوضع على الرأس لتغطيته من جهة ولاضفاء هيبة لمرتديه، والقبقاب الذي يلبس في القدم ويثير ضجيجاً مزعجاً لسامعيه!
• ..... الجهة المختصة بتقييم أداء سمير غانم وفاروق الفيشاوي في مسلسل (المطعم ) فسأقول: أنها إما وزارة التموين أو جمعية حماية المستهلك، بسبب انتهاء مدة الصلاحية!
• ..... إسم أكثر مناسبة للمسلسل السوري (سيرة الحب) فسأقول: (سيرة تطبيق البنات) باللهجة السورية، أو (سيرة الرسم على البنات) أو (سيرة أكل الحلاوة بعقل البنات) باللهجة المصرية، لأن قصص المسلسل وعلاقاته مالية ومادية، وفيها شذوذ عاطفي واختلاط مفاهيم وسطحية نظرة أكثر مما فيها حب!

جريدة القدس العربي اللندنية/ 29/ 09 / 2007

*ضياء
18 - أبريل - 2008
كاسك يا وطن    كن أول من يقيّم
 

الفراشة :


محمد الماغوط (1934 _ 2006 )

مواطن عربي قتل في احدى المظاهرات الشعبية ابان الحماسة الوطنية التي اجتاحت المنطقة بعد الاستقلال يشتاق وهو بجوار ربه الى زوجته واطفاله وبلاده فترفرف روحه من الشوق في كبد السماء ويجري الحوار التالي مع زوجته التي كادت تنساه:

الزوج: كيف الصحة والاولاد والجيران؟

الزوجة: بخير وانت؟

الزوج: وهل هناك اروع من ان يموت الانسان في سبيل بلاده ومبادئه ولكن فراقكم ادمى قلبي اكثر من جراحي

الزوجة: ماذا نقول نحن. آه لو تعرف ماذا فعلت خالتك ام حمود وماذا قالت عمتك ام حميدان عندما اذيع نبأ موتك

الزوج: لاأريد أن استنفد المكالمة في أخبار شخصية.أريد أن اسأل عن القضايا الكبرى التي قضيت من اجلها طمنيني: ماأخبار حركة التحرر العربي؟

الزوجة: عال

الزوج: وحركة عدم الانحياز؟

الزوجة: ممتازة

الزوج: والحرية في الوطن العربي؟

الزوجة: بتبوس ايدك

الزوج: والسجون؟

الزوجة: فارغة

الزوج: عظيم. عظيم. لان حلمي الكبير كان الاستفادة من تلك القاعات الرهيبة بعد اخلائها، اما كمسارح لرقص الباليه، او معاهد لتطوير الموسيقى الشرقية فبماذا تستغلونها الآن؟

الزوجة: مازلنا حائرين بين الباليه والموسيقى

الزوج: عظيم. عظيم. وبرامج الاصلاح الزراعي هل اكتملت؟

الزوجة: الى حد كبير

الزوج: اذن اصبح كل شيء متوفرا ورخيص الثمن بالنسبة للطبقة الكادحة

الزوجة: طبعا وخاصة الفاكهة

الزوج: رائع. رائع. ولكن حذار لا تكثروا من التفاح فهو يسبب " الكتام" ولا تسرفوا في التهام الموز على الطالع والنازل فهو يزيد نسبة النشويات ويشوه اجسام العمال العرب ويعيقهم عن أداء واجبهم

الزوجة: اطمئن من هذه الناحية

الزوج: وبالنسبة للمشاريع الاقتصادية الكبرى؟

الزوجة: كالمطر ونحن الآن نقطف ثمارها

الزوج: اذن فالاموال العربية لعبت دورها كما يجب فنحن اغنياء كما اذكر

الزوجة: بل أغنى اهل الارض ولولا هذه الأموال لانهار الاقتصاد البريطاني والاميركي منذ سنوات

الزوج: "بعد تفكير" على كل ما دامت هذه الاموال فائضة عن حاجة الوطن العربي بعد ان قضى على الفقر والجهل والامية والبطالة فلا مانع من مساعدة الغير انها من شيم العرب كما تعرفين؟

الزوجة: هل تريد شيئا اخر؟

الزوج: ما أخبار فلسطين؟

الزوجة: ارفع صوتك انني لااسمع

الزوج: لااستطيع ذلك والا استيقظت ارواح الشهداء العرب من حولي

الزوجة: معك حق وأنا تعبت والطبخة على النار ماذا تأكلون عندكم؟

الزوج: لاتغيري الموضوع ما أخبار فلسطين؟

الزوجة: ولو وهل هذا سؤال يسأل بعد هذه السنين؟

الزوج: اعرف ذلك ولكنني ما زلت قلقا على اليهود لاتلقوهم في البحر خيروهم بين العيش بيننا بسلام او العودة الى بلدانهم الاصلية

الزوجة: تكرم

الزوج: لا تقسوا عليهم أثناء التسفير فالعفو عند المقدرة لان العرب كما تعلمين أثناء الفتح الاسلامي وأثناء حروبهم مع الفرس والروم كانوا...

أحد الجيران: ولك سد بوزك العمى شو أجدب

* من كتاب محمد الماغوط الأشهر : " سأخون وطني " ، وقد قام الفنان الكبير الأستاذ دريد لحام بتأدية هذه الفقرة في مسرحية " كاسك يا وطن " على شكل حوار بينه وبين والده المتوفَّى وكان يحتسي خلاله كوباً من الخمر رفعه عالياً في آخر المشهد قائلاً لأبيه بأنه لم يبق من القضية غير هذه " الشفة " التي سوف نرتشفها و " نخلص ، كاسك يا أبي " وكانت أجواء هذه المسرحية من آثار زيارة السادات إلى إسرائيل  .


*ضياء
19 - أبريل - 2008
يا ليتني مت قبل هذا ...    كن أول من يقيّم
 
التنمية والديموقراطية والتجارة الحرّة من أجل الحرب
الفضل شلق :
«يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً ومنسياً»

يعقد مؤتمر في بلد عربي حول الديموقراطية والتنمية والتجارة. تحضر وزيرة خارجية إسرائيل. تلقي خطابا حول ثنائية الاستقطاب بين قوى الاعتدال وقوى التطرف في المنطقة. يأتي رئيس الولايات المتحدة الأسبق للزيارة، وهو عضو في لجنة حكماء عالمية، تتشكّل من اثني عشر عضواً. تمنعه إسرائيل من زيارة غزّة. يحتار المواطن العربي في مغزى العناوين المطروحة. لكنه لا يحتار في أمر الحرب. والسؤال المطروح لدى كل العرب ليس حول إمكانية وقوع الحرب بل حول توقيتها. ما عاد المرء يجد فرقا بين شعار للحرب وشعار لحقوق الإنسان. صار كل شيء عنواناً للحرب المحتملة.

صار المواطن العربي لا يرى في الديموقراطية وسيلة لممارسة السياسة والمشاركة في الحياة العامة، بل وسيلة ضغط وقهر كي يدلي بصوته لصالح من يمارس عليه سلطة الغزو والاحتلال. وصار يدرك أن كل عملية انتخابية لا تأتي بالنتائج المرجوّة لصالح من يسمى بالمجموعة الدولية، أو النظام العالمي، أو الإمبراطورية، لن تكون مقبولة لدى سادة العالم؛ وسيدان على أساسها المجتمع الذي أدلى بصوته، وسوف يعتبر خارجا على ما يراد له.

صار المواطن العربي يدرك أن التنمية ليست إطاراً لتوسع قوى الإنتاج والعمل والانجاز، بل وسيلة للإذلال والإهانة بحجة التخلف والتأخر وعدم القدرة على اللحاق بركاب المعرفة العلمية. تتعلق التنمية بالتعاون وتقسيم العمل، بالمساهمة في الإنتاج وتوزيع الثروة. لكن نموذج التنمية المطروح في المنطقة العربية يلغي التعاون لصالح تقسيم العمل، ويلغي المساهمة الإرادية في الإنتاج لصالح توزيع الثروة القسري لصالح طبقة معينة، ولصالح طبقات تعيش على فتات الطبقة الرفيعة.

صار المواطن العربي لا يرى التجارة الحرة، التجارة الدولية حسب النموذج المراد دوليا، سوى وسيلة لنهب ثروات المنطقة النفطية والزراعية وشتى أنواع المواد الأولية، في ظروف تمنع نشوء الصناعة وتحول دون أن ترسم الدولة برنامجا للصناعة؛ وبذلك تُحرم الدولة من إمكانية أن تصير دولة ذات شرعية معترف بها من الجمهور. والدولة لا تصير دولة إلا بشرعية اعتراف الجمهور بها.

صار المواطن يرى كل هذه الأمور عناوين للحرب لأنّ النظام الإمبراطوري، بما فيه إسرائيل، لا يطرح عليه إلا الحرب. كان يمكن أن يكون الأمر غير ذلك، لولا أن وجود الدولة الإسرائيلية يفرض على المنطقة حرباً كل بضع سنوات. يبدو أن الوجود الإسرائيلي خصص لذلك.

عندما تطرح وزيرة خارجية إسرائيل في مؤتمر الدوحة ثنائية الاستقطاب بين قوى الاعتدال والتطرف، على أن تكون إسرائيل في جانب منهما، فإن ذلك يذكرنا بثنائية محوري الخير والشر التي طرحها الرئيس الأميركي جورج بوش، قبل احتلال العراق بأسبابه الكاذبة ونتائجه المشؤومة.

أُغرقت المنطقة في ثنائيات، الواحدة بعد الأخرى، منذ عقود من السنين. اخطر هذه الثنائيات هي التي تتعلق بمحوري الإرهاب والأمن. ينتهي الأمر دائما إلى نتيجة واحدة وهي الأولوية المطلقة لأمن إسرائيل، ولأمن الولايات المتحدة الذي يشمل جميع مناطق العالم. أما أمن هذه المنطقة فهو مسألة لا تستحق الاعتبار بنظرهم.

يرتبط أمن كل منطقة في العالم بالقضايا المطروحة على المجتمع كما يراها الناس فيه، لا كما يراد له ولهم. لا يتحقق الأمن إلا عندما تؤخذ إرادة الناس بالاعتبار، وحين تحترم رغباتهم ومشاعرهم، وحين ينظر إلى قضاياهم بجدية ومسؤولية. وهذا هو الأمر المفقود في مؤتمرات التنمية والديموقراطية؛ وهذا هو أيضاً الأمر المقصود إلغاؤه في كل الثنائيات المتعاقبة.

عندما يقال لرئيس أميركي سابق، حقق بالتفاوض اتفاق كامب دايفيد في العام ,1979 أنت لا يسمح لك بزيارة منطقة معينة ولا بمقابلة شخص معين، فإن المقصود انه يفترض بالرئيس كارتر أن لا يبحث في أمور المنطقة آخذاً بالاعتبار وجهتي نظر أو أكثر، بل على أساس وجهة نظر واحدة، وجهة نظر سادة العالم والمنطقة.

تستند الرؤية الأحادية للعالم إلى موقف أخلاقي زائف واعتقاد بالتفوق الذاتي. وهذه رؤية تجر إلى الحرب الاستباقية. لم يكن المحافظون الجدد ظاهرة معزولة عندما صاغوا نظرية الإمبراطورية في مطلع هذا القرن وجعلوها تعتمد على ثلاثة أعمدة: الأحادية والاستثنائية والحرب الاستباقية. والعلاقة بين المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بدولة إسرائيل لم تعد خافية على احد.

يصنف سادة العالم وإسرائيل أنفسهم في خانة الواحد الأحد الذي على حق، ويعتبرون ان كل من خالفهم الرأي على باطل. يخوِّلون أنفسهم فرض وجهة نظرهم بالقوة العسكرية ويعتبرون المطالب لدى مجتمعات مغايرة إرهاباً يتوجب سحقه؛ ويعتبرون ذلك واجباً أخلاقياً عليهم. يفرضون الحرب، وفي الوقت نفسه يعقدون مؤتمرات حول التنمية والديموقراطية. وهم في الحقيقة يخلقون الظروف التي تمنع تحقيق أي منهما.

ما نشاهده يستحق منا تذكّر الآية الكريمة «يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً».
* عن السفير اللبنانية 18 نيسان 2008


*ضياء
20 - أبريل - 2008
 1  2  3