المكانة السامية للنبي الخاتم: ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
المكانة السامية للنبي الخاتم: محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْـ ـنِ والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ غَرْفًا مِنَ البحرِ أو رَشفًا مِنَ الدِّيَـمِ تمثل هذه الأبيات المكانة السامية للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم: في البيت الأول: التلذذ بذكر اسمه- صلى الله عليه وسلم-، وهو اسم فيه مبالغة أتت من تشديد الميم، أي الذي أكثر حمده والثناء عليه. والإخبار عنه بأنه السيد أي الفائق المميز، وبيان السيادة على تلك الأشياء العامة من الكونين(الدنيا والآخرة) والثقلين(الإنس والجن) والفريقين (العرب والعجم)، فليس هناك تعبير يدل على عظمة النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثر من ذلك. ولا يتوهمن متوهم ما يزعم من النهي عن القول على الرسول - صلى الله عليه وسلم-بأنه سيد، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر"... وجاء في شرح قوله ( أنا سيد ولد آدم ) قال ذلك إما لأنه أوحى إليه أن يقول ليعرف الأمة أو لأنه قصد به التحديث بالنعمة فلا ينافي حديث: لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير أي أن يقول ذلك لأن المراد هناك افتخار ونحوه وقد نفى توهم الافتخار بقوله ولا فخر معناه أي لا ينبغي الافتخار ولا فخر مني بذا القول والفخر التعظيم والمباهاة أي هذه النعمة كرامة من الله تعالى ما بلغتها بقوتي حتى أفتخر بها... وكأني بأسلوب التدوير العروضي في هذا البيت يوحي بأن النبي - صلى الله عليه وسلم- رابط بين هذه الأشياء العامة الفخمة(الكونان/الثقلان/ الفريقان) موحد بينها كما يربط التدوير بين شطري البيت! أو أن مهابة المعنى وعظمته أحدثت عجزًا نفسيًّا وعقليًّا عند البوصيري فلم يستطع الفصل الشاعري بين صدر البيت وعجزه! وفي البيت الثاني يعبر البوصيري عن المكانة التشريعية للرسول- صلى الله عليه وسلم- مخبرًا عنه بلفظتين متضادتين(الآمر الناهي) محذوفتي المتعلق لقصد التعميم الآمر بكل خير، والناهي عن كل شر، ومعبرًا عن هاتين اللفظتين بحرفي جواب ونفي (نعم/لا) موظفًا إياهما توظيفًا حسنًا، كأني به يستلهم صنيع الفرزدق في ميميته المدحية: ما قال لا قط ألا في شهادته لولا التشهد كانت لاءه نعم وفي البيت الثالث مدح للنبي بصفتين (الحبيب الشفيع) وقد استعان البوصيري بأسلوب القصر الذي أداته تعريف الطرفين لتأكيد المعنى وتجليته...ولا حرج من إطلاق لفظ الحبيب بحجة أن لفظ الخليل أولى أو أنه ذو إيحاء خاص! أليس القائل:"إن الله عزّ وجلّ اتخذ إبراهيم خليلاً وإن صاحبكم حبيب الله وأكرم الخلق على الله؟!" وعبارة(لكل هول من الأهوال مقتحم) جاءت إيغالاً أو احتراسًا مبينًا المعنى بدقة، ومزيلاً الإلباس والإبهام الدائر حول قضية التوسل به - صلى الله عليه وسلم- في الدنيا، فما الهول الذي يستحق الوصف بالمقتحم إلا ما يكون في يوم اليوم كما هو معروف في البيان النبوي ليوم القيامة... |