البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علم الاجتماع

 موضوع النقاش : بردة البوصيري في ميزان النقد الأدبي    قيّم
التقييم :
( من قبل 9 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
6 - أبريل - 2008
تعد قصيدة البردة من عيون الشعر العربي وخرائده التي نالت حظوة كبيرة من قبل العرب والمسلمين جميعًا: من العامة والنُّخبة على السواء؛ فقد انتشرت انتشارًا واسعًا و تناقلتها الأجيال: جيلاً بعد جيل؛ بسبب حسن ألفاظها و عمق معانيها وروعة صورها البيانية وتشكيلاتها الوصفية وأعشابها البديعية، و بسبب تنوع أغراضها وتشابكها...
أبياتها تلامس القلب و تحرك الشعور و الإحساس، و قراءتها تشعر بلذة روحانية و جاذبية و تدفع لقراءتها كاملة و بشوق و لهفة؛ لمعرفة ما يحتويه كل بيت فيها.
 و لاغرابة أن نجدها قد ترجمت الى عدة لغات، منها الإنجليزية و الفرنسية و الألمانية و التركية و الهندية و الفارسية و غيرها؛ لأنها ذات مكانة أدبية وفكرية كبيرة  ...
ومن ثَمَّ فإنني سأقوم بعرضها على مقاييس النقد الأدبي المستقرة، بعيدًا عن أي تعصب مذهبي، معددًا إيجابياتها وسلبياتها على السواء من منطلق فني محض!
 3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تابع السابق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 وهو متأثر في ذلك بنصوص دينية كثيرة منها:
- قول الله تعالى:"أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)) الجاثية 23
-  ما جاء في الحديث النبوي الشريف المروي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ . [حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ "الْحُجَّةِ" بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.]
- ما وصف به الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي]، حالة الإنسان المؤمن والشيطان والحرب بينهما، و الوسائل التي يستخدمها الشيطان لغواية العبد، يقول:

فانظر الآن فيك إلى التقاء الجيشين واصطدام العسكرين، وكيف تداله مرة ويدال عليك أخرى، أقبل ملك الكفرة بجنوده وعساكره، فوجد القلب في حصنه جالسًا على كرسي مملكته أمره نافذ في أعوانه وجنده، قد حصنوا به يقاتلون عنه ويدافعون عن حوزته، فلم يمكنهم الهجوم عليه إلا بمخامرة بعض أمرائه وجنده عليه، فسأل عن أخص الجند به وأقربهم منه منزلة؟ فقيل له: هي النفس، فقال لأعوانه: ادخلوا عليها من مرادها، وانظروا موقع محبتها، وما هو محبوبها فعدوها به ومنوها إياه، وانقشوا صورة المحبوب فيها في يقظتها ومنامها.
فإذا اطمأنت إليه وسكنت عنده فاطرحوا عليها كلاليب الشهوة وخطاطيفها، ثم جروها بها إليكم فإذا خامرت على القلب وصارت معكم عليه، ملكتم ثغر العين والأذن واللسان والفم واليد والرجل، فرابطوا على هذه الثغور كل المرابطة، فمتى دخلتم منها إلى القلب فهو قتيل أو أسير أو جريح مثخن بالجراحات، ولا تخلو هذه الثغور، ولا تمكنوا سرية تدخل منها إلى القلب فتخرجكم منها، وإن غلبتم فاجتهدوا في إضعاف السرية ووهنها حتى لا تصل إلى القلب، فإن وصلت إليه وصلت ضعيفة لا تغني عنه شيئاً.
النفس الأمارة

يقول: واعلموا أن أكبر أعوانكم على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الأمارة، فأعينوها واستعينوا بها وأمدوها واستمدوا منها، وكونوا معها على حرب النفس المطمئنة، فاجتهدوا في كسرها وإبطال قواها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بقطع موادها عنها، فإذا انقطعت موادها وقويت مواد النفس الأمارة وطاعت لكم أعوانكم فاستنزلوا القلب من حصنه واعزلوه عن مملكته، وولوا مكانه النفس فإنها لا تأمر إلا بما تهوونه وتحبونه، ولا تحببكم بما تكرهونه ألبتة، مع أنها لا تخالفكم في شيء تشيرون به عليها؛ بل إذا أشرتم عليها بشيء بادرت إلى فعله، فإن أحسستم من القلب منازعة إلى مملكته وأردتم الأمن من ذلك فاعقدوا بينه وبين النفس عقد النكاح، فزينوها وجملوها وأروها إياه في أحسن صورة عروس توجد، وقولوا له: ذق حلاوة طعم هذا الوصال والتمتع بهذه العروس كما ذقت طعم الحرب وباشرت مرارة الطعن والضرب، ثم وازن بين لذة هذه المسألة ومرارة تلك المحاربة!
فدع الحرب تضع أوزارها فليست بيوم وينقضي، وإنما هي حرب متصلة بالموت وقواك تضعف عن الحرب الدائمة.
لا تسع إلى حتفك بظلفك
والمقصود: أن الذنوب والمعاصي سلاح ومدد يمد بها العبد أعداءه ويعينهم على نفسه، فيقاتلونه بسلاحه، والجاهل يكون معهم على نفسه وهذا غاية الجهل والسفه، قال الشاعر:
ما يبلغ الأعداء من جاهل               ما يبلغ الجاهل من نفسه
ومن العجائب: أن العبد يسعى بنفسه في هوان نفسه وهو يزعم أنه لها مكرم، ويجتهد في حرمانها من حظوظها وإشرافها وهو يزعم أنه يسعى في حظها، ويبذل جهده في تحقيرها وتصغيرها وتدنيسها وهو يزعم أنه لها مكبر، ومضيع لنفسه وهو يزعم أنه يسعى في صلاحها ويعليها ويرفعها ويكبرها.

*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2010
سياحة ذوقية(4)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
واخش الدسائس من جوع ومن شبع     فرب مخمصة شر من التخم
فجعل البوصيري الشيء ونقيضه(جوع وشبع) من الدسائس، وجعلهما شَرَّينِ، وفي تقديم الجوع على الشبع في الشَّرِّية، رؤية حكيمة عميقة، فالجوع قد يؤدي إلى تفريط الإنسان في أغلى ما يملك من عقيدة أو عرض أو أرض! ومن ثم كانت الاستعاذة النبوية الشريفة منه""اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع"، وقد أباح الله للمُضْطَرِّ بسبب الجوع أن يأكل الميتة، فقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ أي فَلَهُ أن يأكل، والله يغفر له؛ وذلك لأن ضرر الجوع الذي قد يؤدي إلى الموت أَشَدُّ من ضرر ذلك اللحم المُتعفن. ومهما كان من ضرر الشبع أو التخمة أو السمنة فلن يكون إلا ضررًا جسديًّا في المقام الأول! فشتان بين بشر المناطق الفقيرة والمناطق الغنية، ففي مناطق الجوع نجد الأمراض الجسدية الوبائية الفتاكة، والأمراض الاجتماعية، والمخاطر العقيدية، والإرهاب، والفتن الدينية! أما المناطق الغنية ففيها الكسل والإسراف وبعض الأمراض الجسدية، والنفسية!
*صبري أبوحسين
29 - مارس - 2010
المكانة السامية للنبي الخاتم:    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
المكانة السامية للنبي الخاتم:
محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْـ    ـنِ والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ
نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ      أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه  ولا نَعَـمِ
هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ      لكُــلِّ هَوْلٍ مِن  الأهـوالِ مُقتَحَمِ
دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ       مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ
فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ       ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ  ولا كَـرَمِ
وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ       غَرْفًا مِنَ البحرِ أو رَشفًا مِنَ  الدِّيَـمِ
تمثل هذه الأبيات المكانة السامية للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم:
في البيت الأول:
التلذذ بذكر اسمه- صلى الله عليه وسلم-، وهو اسم فيه مبالغة أتت من تشديد الميم، أي الذي أكثر حمده والثناء عليه.  والإخبار عنه بأنه السيد أي الفائق المميز، وبيان السيادة على تلك الأشياء العامة من الكونين(الدنيا والآخرة) والثقلين(الإنس والجن) والفريقين (العرب والعجم)، فليس هناك تعبير يدل على عظمة النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثر من ذلك. ولا يتوهمن متوهم ما يزعم من النهي عن القول على الرسول - صلى الله عليه وسلم-بأنه سيد، فقد روي أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم قال:"‏ ‏أنا سيد ولد ‏ ‏آدم ‏ ‏ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر"... وجاء في شرح ‏قوله ( أنا سيد ولد آدم ) ‏
‏قال ذلك إما لأنه أوحى إليه أن يقول ليعرف الأمة أو لأنه قصد به التحديث بالنعمة فلا ينافي حديث: لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير أي أن يقول ذلك لأن المراد هناك افتخار ونحوه وقد نفى توهم الافتخار بقوله ولا فخر معناه أي لا ينبغي الافتخار ولا فخر مني بذا القول والفخر التعظيم والمباهاة أي هذه النعمة كرامة من الله تعالى ما بلغتها بقوتي حتى أفتخر بها...
وكأني بأسلوب التدوير العروضي في هذا البيت يوحي بأن النبي - صلى الله عليه وسلم- رابط بين هذه الأشياء العامة الفخمة(الكونان/الثقلان/ الفريقان) موحد بينها كما يربط التدوير بين شطري البيت! أو أن مهابة المعنى وعظمته أحدثت عجزًا نفسيًّا وعقليًّا عند البوصيري فلم يستطع الفصل الشاعري بين صدر البيت وعجزه! ‏
وفي البيت الثاني يعبر البوصيري عن المكانة التشريعية للرسول- صلى الله عليه وسلم- مخبرًا عنه بلفظتين متضادتين(الآمر الناهي) محذوفتي المتعلق لقصد التعميم الآمر بكل خير، والناهي عن كل شر، ومعبرًا عن هاتين اللفظتين بحرفي جواب ونفي (نعم/لا) موظفًا إياهما توظيفًا حسنًا، كأني به يستلهم صنيع الفرزدق في ميميته المدحية:
ما قال لا قط ألا في شهادته                    لولا التشهد كانت لاءه نعم
وفي البيت الثالث مدح للنبي بصفتين (الحبيب الشفيع) وقد استعان البوصيري بأسلوب القصر الذي أداته تعريف الطرفين لتأكيد المعنى وتجليته...ولا حرج من إطلاق لفظ الحبيب بحجة أن لفظ الخليل أولى أو أنه ذو إيحاء خاص! أليس القائل:"إن الله عزّ وجلّ اتخذ إبراهيم خليلاً وإن صاحبكم حبيب الله وأكرم الخلق على الله؟!"
وعبارة(لكل هول من الأهوال مقتحم) جاءت إيغالاً أو احتراسًا مبينًا المعنى بدقة، ومزيلاً الإلباس والإبهام الدائر حول قضية التوسل به - صلى الله عليه وسلم- في الدنيا، فما الهول الذي يستحق الوصف بالمقتحم إلا ما يكون في يوم اليوم كما هو معروف في البيان النبوي ليوم القيامة...
*صبري أبوحسين
29 - مارس - 2010
6تابع السياحة الذوقية     كن أول من يقيّم
 
6تابع السياحة  الذوقية
وفي البيت الرابع(دعا إلى الله...) يتحدث عن محمد الداعية، وأثر دعوته في المستمسكين بحديثه، وتوحي لفظة (المستمسكون) بتطلب قوة نفسية وجسدية من الشخص المتابع لحديث النبي وسيرته- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وفي عجز البيت تأثر بقول الله –تعالى-:"واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، وفي قول البوصيري(غير منفصم) إيغال جميل، مزيل إلباسًا قد يحدث لدى المتلقي عند الوقوف على (بحبل)، ويؤكد قيمة حديث النبي وسيرته- صلى الله عليه وعلى آله وسلم...
 
وفي البيت الخامس(فاق النبيين في خلْق ...) بيان للجناب النبوي الشريف، الجامع بين الروح والجسد، والمتحقق فيه الجلال والجمال معًا، ففي حديث البراء بن عازب قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحسنَ الناس وجهًا، وأحسنَهم خلقًا،..." وعن أبي هريرة قال:"ما رأيت شيئًا أحسنَ من النبي - صلى الله عليه وسلم- كأن الشمس تجري في وجهه..".
إنَّ للرسول الله الكريم - - مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة لم يبلغها أحد من الخلق فهو سيد ولد آدم يوم القيامة، آدم ومن دونه تحت لوائه - -.  ولقد أُوتِيَ الشفاعة العظمى التي اعتذر عنها أُولوا العَزْمِ من الرسل والتي اختصه الله بها وآثره بها على العالمين.
-
ولقد كَرَّمَهُ ربُّه عزّ وجلّ واختصه بمكرمات جزيلة لم يعطها لأحد من قبله من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وكلُّهم لهم منزلة رفيعة عند الله.
قال تعالى في بيان منـزلته - - وبيان صفاته الكريمة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128]
وقال تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة:2] 
*صبري أبوحسين
4 - أبريل - 2010
تابع البيت الخامس    كن أول من يقيّم
 
- وقال تعالى في بيان مَنـزِلَته العظيمة وصفاته الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً * وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيل﴾ [الأحزاب45-48]
-
وقال تعالى مُنَوِّهاً بِذِكره ومكانته عنده ونعمته عليه:﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ*وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح:1-4]...
وعن أبي هريرة أنَّ رسول الله - - قال: "فضلت على الأنبياء بِسِت: أُعْطِيتُ جوامع الكَلِم ونُصِرتُ بالرُّعْب وأُحِلَّت لي الغنائم وجُعِلَت لي الأرض طَهُورًا ومسجدًا وأُرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون" [صحيح مسلم :523] وروى البخاري قريبٌ من هذا. وفي حديث جابر: (وأُعطيت الشفاعة) [البخاري (328) ومسلم ( 521]
 وقال المفسرون في قوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ أي: أعلينا قدرك وجعلنا لك الثناء الحسن العالي الذي لم يصل إليه أحد من الخلق فلا يُذكر الله إلا ذُكِر معه رسوله محمد - - كما في الدخول في الإسلام وفي الأذان والإقامة والخُطَب وغير ذلك من الأمور التي أعلى بها الله ذِكر رسوله محمد - - وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيرِه بعد الله تعالى فجزاه عن أمَّته أفضل ما جزى نبياً عن أمته» [اهـ انظر تفسير السعدي لهذه السورة]
وأقسم الله بعظيم قَدره فقال: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر:72]
-
قال ابن كثير رحمه الله: «أقسم تعالى بحياة نبيه - - وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض. قال عمر بن مالك النُّكْرِي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال: ما خلق الله وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد - - وما سمعت اللهَ أقسم بحياة أحد غيره. قال الله ) لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون يقول وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا إنهم لفي سكرتهم يعمهون أي يلعبون. وفي رواية عن ابن عباس يترددون"...
ولا يعترضنَّ معترض بما ورد من آثار في تفضيل بعض الأنبياء في مجال ما، كتفضيل يوسف في الجمال الجسدي، فالبوصيري قيد تفضيل النبي الخاتم بكونِه في الخلْق والخلُق معًا...
*صبري أبوحسين
4 - أبريل - 2010
 3  4  5