البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علم الاجتماع

 موضوع النقاش : بردة البوصيري في ميزان النقد الأدبي    قيّم
التقييم :
( من قبل 9 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
6 - أبريل - 2008
تعد قصيدة البردة من عيون الشعر العربي وخرائده التي نالت حظوة كبيرة من قبل العرب والمسلمين جميعًا: من العامة والنُّخبة على السواء؛ فقد انتشرت انتشارًا واسعًا و تناقلتها الأجيال: جيلاً بعد جيل؛ بسبب حسن ألفاظها و عمق معانيها وروعة صورها البيانية وتشكيلاتها الوصفية وأعشابها البديعية، و بسبب تنوع أغراضها وتشابكها...
أبياتها تلامس القلب و تحرك الشعور و الإحساس، و قراءتها تشعر بلذة روحانية و جاذبية و تدفع لقراءتها كاملة و بشوق و لهفة؛ لمعرفة ما يحتويه كل بيت فيها.
 و لاغرابة أن نجدها قد ترجمت الى عدة لغات، منها الإنجليزية و الفرنسية و الألمانية و التركية و الهندية و الفارسية و غيرها؛ لأنها ذات مكانة أدبية وفكرية كبيرة  ...
ومن ثَمَّ فإنني سأقوم بعرضها على مقاييس النقد الأدبي المستقرة، بعيدًا عن أي تعصب مذهبي، معددًا إيجابياتها وسلبياتها على السواء من منطلق فني محض!
 2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رأي الشيخ الدكتور الحسن الأمراني في قصيدة البردة:    كن أول من يقيّم
 
رأي الشيخ الدكتور الحسن الأمراني في قصيدة البردة:
قلت له:
شيخي كلما قمتُ بتدريس شخصية البوصيري وبُردتَه في مساق"الأدب المملوكي"أجد طلابي يواجهونني بسبيل من الكتابات الدينية التي تنال من الرجل وقصيدته نيلاً يصل إلى حدِّ اتهامه بالتبديع والتجديل والانحراف العقدي، بل إلى حد الفسق والإشراك!!! ويتعاملون معها، ومع صاحبها كأنهما من أعداء الله ورسوله والمؤمنين والمؤمنات!!!!
وذلك لأجل أبيات معدودة، فيها ما يخالف- في نظرهم- عقيدة الإسلام!!!
فما رأيك شيخي؟!!
قال:
قصيدة (البردة) في نظري من أبدع الشعر، تتسامق فنيًّا، وليس فيها شىء مما يعارض الدين الصحيح. وقديمًا قيل:"الشعر يُظنُّ فلا يُحَقَّق"..هذه قولة ابن سلام في القرن الثالث الهجري، هل نكون نحن اليوم أقل فهمًا منه لطبيعة الشعر ورسالته؟
البوصيري شاعر، ولذلك يجب أن تُحمَل كثير من عباراته محمل الشعر، والشعر مجاز واستعارة وتأويل، ولولا ذلك لوجب أن نبدّع ونكفر كثيرًا من الشعراء، في عصر الدعوة حتى الآن...
بمنطق التبديع سيأتي من يرد على حسان بن ثابت قوله:
خلقت مبرءًا من كل عيب      كأنك قد خُلقتَ كما تشاء
لقد استطاع البوصيري أن يصور من خلَجات النفس البشرية وحقائقها ودقائقها ما يحار فيه علماء النفس أنفسهم، ولنستمع إليه وهو يقول:
والنفس كالطفل إن تهمله شبَّ على       حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فلا ترم بالمعاصي كسرَ شهوتها           إن الطـعام يقوي شهوة النهم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع      فـرُبَّ مخمصةٍ شرٌّ من التُّخَم
ولنصغِ إلى روعة التعبير:
وراعها وهي في الأعمال سائمة         وإن هي استحلتِ المرعى فلا تُسم
أما الأبيات التي يُظنُّ أن فيها تحاوزًا ومبالغات، مثل قوله:
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مَن           لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
فهي أبيات تُفهَم بلغة الشعر لا بلغة النثر، وعلى هذا فالخروج هنا خروج معنوي، لا خروج مادي... كالحديث عن الموت والحياة في قوله تعالى:"استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"، فالحياة المعنوية التي يدعو إليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أجلُّ من الحياة المادية المحدودة .. وكذلك خروج الكون المعنوي، حين يفيض عليه النور أجلُّ وأسمى من الخروج الأول المادي...
*صبري أبوحسين
5 - يونيو - 2008
المغالاة في بردة البوصيري    كن أول من يقيّم
 
كما قال البوصيري:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به              سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي              فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها                ومن علومك علم اللوح والقلم
 
فهذا غلو ـ والعياذ بالله ـ أفضى إلى الكفر والشرك، حتى أنه لم يترك لله شيئاً كل شي جعله للرسول صلى الله علية وسلم : الدنيا والآخره للرسول ، علم اللوح والقلم للرسول، لا ينقذ من العذاب يوم القيامه إلا الرسول، إذا مابقي لله عز وجل؟
يتضح من هذا أن قصيدة البردة من القصايد الشركيه التي غلت في مدحه صلى الله علية وسلم حتى قال البوصيري:
يا أكرم الخلق مالي من ألود به              سواك عند حلول الحادث العمم
فنسي الله سبحانه وتعالى
ثم قال:
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي             فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
يعني: ما ينجيه من النار يوم القيامة إلا الرسول صلى الله علية وسلم. فأين الله تعالى؟؟
ثم قال:
فإن من جودك الدنيا وضرّتها               ومن علومك علّم اللوح والقلم
الدنيا والآخره كلها من وجود النبي صلى الله عليه وسلم أما الله فليس له فضل، هل بعد هذا الغلو من غلو؟؟
واللوح المحفوظ والقلم الذي كتب به المقادير هذا بعض علم النبي صلى الله علية وسلم، ونسي الله تماما ـ والعياذ بالله ..
 
دكتوري الفاضل: صبري أبوحسين، هذا ليس من قبيل المعارضة، ولكن هذه وجهة نظر.
 
                                   دلال  الشعيلي
                                        كلية الدراسات الإسلامية والعربية
                                                      سنة 3/4
دلال
22 - مارس - 2009
إلى الطالبة العزيزة دلال    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
إلى الطالبة العزيزة دلال
يا دلال:
أُثَمِّن فيك هذا الحوار الصريح، ولكن أُذَكِّركِ بما يلي:
1- من أخطر ما يقع فيه المسلم أن يحكم على عقيدة الآخرين؛ لأن هذا يحتاج إلى علم وشهادة وإقرار، وليس مجرد اعتماد على تأول بعض نصوص شعرية تأولاً قسريًّا، غير معتمد على دراية بآليات الحكم الشرعي، وأولاها فقه اللغة العربية وعلومها! فما خُلقنا قُضاة، ولكن دعاة، وتعلمنا أن نعامل الناس بالحب لا بالحرب، وأن نقبل عليهم لا أن نصرفهم عنا!
2- لا يُحكَم على عقيدة الشاعر من خلال شعر؛ فالشعراء يقولون ما يفعلون، وواقعهم يؤكد أن منهم من يكون غير مسلم ويبدع شعرًا موافقًا لمنهج الإسلام وشِرعته!
ومنهم من يكون مسلمًا ويبدع شعرًا غير موافق لمنهج الإسلام، بل منكر لمعلوم من الدين الإسلامي بالضرورة!
3-لستُ من مُقَدِّسي البردة البوصيرية، ولن أكون في يوم ما متعصبًا لها، ولكنني –فقط- متمتع بما فيها من جماليات أسلوبية، وروائع فكرية، أحيت فيَّ، وتُحيي دائمًا حب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
4- المبالغة في الشعر كالملح في الطعام، شعر بلا مبالغة كطعام بلا ملح، المبالغة فارق بارز بين الشعر والنثر، ووسيلتها التخييل لا التحقيق، ومعنى التخييل أنها من ظن الشاعر وهيامه لا من عقله ويقينه، ومن ثم لا مجال للحكم على عقيدته في الشعر..... وللحوار بقية.
*صبري أبوحسين
26 - مارس - 2009
إلى دلال    كن أول من يقيّم
 
يا دلال:
أما عن قول البوصيري:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به    سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي     فضلاً وإلا فـقل يا زلـة القـدم
فليس فيه توسل مكفر أو مشرك،  أو كما تقولين:" غلو ـ والعياذ بالله ـ أفضى إلى الكفر والشرك... يتضح من هذا أن قصيدة البردة من القصائد الشركية التي غلت في مدحه -صلى الله عليه وسلم-".
إن الرجل يتحدث عن اللواذ برسول الله يوم القيامة، والدليل قوله:"حلول الحادث العمم، و معادي، إذا الكريم تحلى باسم منتقم) وهذا ما يسمى الشفاعة، وهي ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم والسنة النبوية. إنه لم ينسَ الله –عز وجل كما تدعين- لأن تحرير المعنى-بناء على معرفتنا بعقيدة الشاعر- ما لي سواك، يا رسول الله، ألوذ به عند الله يوم القيامة، ثم إن البوصيري حكم على الرسول بأنه(أكرم الخلق) أي أنه مخلوق صلى الله عليه وسلم.
أما قول البوصيري:
فإن من جودك الدنيا وضرتها                ومن علومك علم اللوح والقلم
فليس فيه ما تدعين، بل إن البوصيري يشبه جود النبي بجود الدنيا والآخرة، وعلمه بعلم اللوح والقلم، ومعروف بلاغيًّا أن المشبه به أعلى من المشبه في المعنى، وأن التشبيه تعبير خيالي وليس حقيقيًّا، كما يمكن أن نقول: إن اللوح والقلم هنا دنيويان وليسا أخرويين، اللوح: القرطاس أو الورقة التي نكتب فيها، والقلم: أداة الكتابة الحقيقية المعروفة، ومن ثم لا يوجد إشكال.
يا دلال:
أكرر قائلاً:
لسنا ممَّن يقدس البردة أو يتعصب لها، ولكننا ممن يتمتع بها فنيًّا وفكريًّا، وليس كون أبيات فيها مشكلة عقديًّا، بصارف لنا عن تذوقها وحفظها وتعليمها....    
 
 
*صبري أبوحسين
2 - أبريل - 2009
المغالاة في بردة البوصيري..    كن أول من يقيّم
 
بعد التحية ...والسلام
في البداية أود أن أشكر أستاذي الدكتور الفاضل :صبري أبو حسين
على تفهمه لموقفي بصدر رحب لكن مع احترامي لك يا دكتور أود أن أقول بأني شبه مقتنعة بما قلته ...
صحيحٌ أني أعد قصيدة البردة من القصائد الرائعة لولا بعض الثغرات التي أفسدتها وأخرجتها من دائرة الجمال إلى دائرة الشك والكفر،وربما قد كنت مبالغة بعض الشىء بقولي أنها من (القصائد الشركية)؛لكن قولي هذا لم يأتي من فراغ ،وإنما بعد اطلاعي على الكثير من الشرح والآراء وجدت هناك من يرفع من شأن هذه القصيدة ويعدها من المقدسات ،وليس هذا فحسب بل وصل بهم الحد إلى الوضوء والإغتسال قبل إنشادها إعتقاداً بأنها تبرئ وتشفي من الأسقام، وصنف آخر يرى أنها من القصائد المحرمة تحريما قطعيا لإحتوائها على معاني تكفر صاحبها ومنهم :الأمام الشوكاني وشيخ محمد عبد الوهاب وغيرهم الكثير ..هذه خلاصة رأيي فأنا أشبه ما أكون إلى الإقتناع أميل ....
واختلاف الرأي لا يفسد من الود قضية...وللحوار بقية...
                                                                 دلال الشعيلي
دلال
7 - أبريل - 2009
قصيدة البردة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
          بردة البوصيري
 الإمام البوصيري رحمهُ الله تعالى ألف هذهِ القصيدة في أوائل القرن السابع الهجري أي أن لها ما يُقارب الثمانمائة سنة هجرية .
فكم من عالمٍ من علماء الأمة الذين لهم ثقلهم مروا بهذه الحقبة الزمنية ومرت على آذانهم هذه القصيدة العصماء وهم مابين مُفسرٍ وفقيهٍ ومحدثٍ ومؤرخ وحافظٍ وغيرهم من علماء العلوم الشرعية: 
قال السخاوي:
(جمع من تخاميس البردة ما ينيف على ستين( .
   
الضوء اللامع 10 / 337 ، والأعلام 8 / 258 .
وسبعها على ما شهر العلامة البيضاوي صاحب التفسير المشهورطبع بعنوان :
 "
الكواكب الدرية تسبيع البردة البوصيرية في مدح خير البرية " .
تخميس البردة لمحمد بن علي الشاطبي الأندلسي البرجي (870هـ / 1465م( 
 
وترجمةً لأئمة الدين الذين رووا هذه القصيدة وأثبتوها في كتبهم  وسمعوها مع سماعهم للكتب العلمية ، واجتهدوا في حفظها حفظهم لمتون الفنون العلمية .
فممن رواها عن المصنف :
1- الإمام المفسر لكتاب الله العزيز أبي حيان الأندلسي : محمد بن يوسف بن علي الغرناطي،
 صاحب تفسير " البحر المحيط ".
2- الإمام الحافظ محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري ، صاحب السيرة الشهيرة " عيون الأثر " .
3- الإمام الفقيه سلطان العلماء عبد العزيز بن عبد السلام السلمي ، صاحب " القواعد الكبرى " .
4- الإمام المحدث محمد بن جابر الوادي آشي
 أما من رواها من العلماء والمحدثين فمنهم :
1- الإمام الحافظ زين الدين العراقي .
2- الإمام الفقيه المحدث عمر بن علي المعروف بابن الملقن .
3- الإمام المجتهد عمر بن رسلان البلقيني .
4- الإمام الحافظ المحدث أحمد بن علي بن حجر العسقلاني شارح البخاري .
5 الإمام المحدث الفقيه زكريا الأنصاري .
6- الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي .

 وم
من سمع " البردة " أو حفظها من الأئمة الأعلام :
1- الإمام إبراهيم بن علي القلقشندي = حفظها ( الضوء اللامع ج 1 : 77 ) .
2-  الإمام إبراهيم بن علي بن ظهيرة = سمعها على أحمد بن إبراهيم الرشيدي ( الضوء اللامع، ج 1 : 88 ) .
 
3- الإمام أحمد بن محمد بن محمد الجخندي = سمعها على العز بن جماعة ( الضوء اللامع، ج 2 : 199 ) .
 
4 الإمام عبد الرحمن بن أحمد بن فهد = حفظها
 و " الهمزية " .
 
5- الإمام أحمد بن خليل بن كيكلدي = سمعها على يوسف المشهدي ( المعجم المؤسس 1 : 363 ) .
 
6- الحافظ بن حجر العسقلاني = سمعها على محمد بن محمد الغماري ( المعجم المؤسس 3 : 246 ) .
 
7 الإمام مجد الدين الفيروز أبادي = سمعها على العز بن جماعة ( العقد الثمين 2 : 393 ) .
 
8- الإمام محمد بن أحمد الفاسي صاحب " العقد الثمين " = سمعها على الفيروز أبادي .
 
وهناك من العالمات من سمعتها أو قرأتها ، فمنهن :
1- بيرم أحمد الديروطية = كانت تحفظها مع " العمدة "
 و " الأربعين " ( الضوء اللامع ،ج 12 : 15 ) .
 
2- عائشة بنت أبي بكر المراغي = سمعت " البردة "
 على العز ابن جماعة ( الضوء اللامع، ج 12 : 74 ) .
 
3- ست الأهل بنت محمد بن فهد = سمعت " البردة " على أحمد المرشدي ( الضوء اللامع ،ج 12 : 146 ) .

هل كل هؤلاء مشركون ، أو رضوا بالشرك والكفر على زعم الزاعم ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
 
 هل يحصر علم الله في اللوح وحدَه؟
هل يتصور عاقل أن اللوح والقلم وهما مخلوقان من خلق الله يستوعبان كلَّ عِلمِ الله تعالى ، فيحصر بهذا التصور العلم والقدرة الإلهيين فيهما؟ 
منْ وصف صفات الله عز وجل بالتناهي والحد  فقد أساء إساءة كبيرة وخطيرة تمَسُ العقيدة الإسلامية.
 
 
 
 
*د يحيى
14 - فبراير - 2010
سياحة ذوقية في البردة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
سياحة  ذوقية في البردة
أقف عند قراءة البردة وقفات ذوقية لا إرادية، عند عدد من أبياتها، منها المطلع:
أمن تذكر جيران بذي سلم  مزجت دمعًا جرى من مقلة بدم
فقد وفر البوصيري لمطلع بردته ما يسمى في علم البديع براعة الاستهلال؛ وذلك للأسباب الآتية:
- أنه مطلع مصرع، يحدث إيقاعًا لذيذًا آسرًا في المتلقي...
- أنه تام المعنى، مستقل بلفظه ومعناه عن البيت التالي...
- أنه شريف المعنى، يخلو من أي لفظ أو تعبير خادش للحياء... وهذا مناسب لجلال الغرض:المديح النبوي...
- أنه بكاء على طلل رمزي، فما جيران ذي سلم إلا محمد – صلى الله عليه وسلم – وصحبه، رضوان الله عليم أجمعين، بناء على أن "ذي سلم" اسم مكان في المنطقة بين مكة والمدينة...
- جاء عجز البيت مشتملاً على صورة استعارية مبالغة في التعبير عن الحزن والتألم لتذكر هؤلاء...
- أوحى المطلع بالعاطفتين الشائعتين في أعطاف البردة: حب الرسول – صلى الله عليه وسلم –، والألم النفسي(دمعًا) والجسدي(بدم) لما اقترفه من ذنوب في مجالي الشعر والوظيفة...  
*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2010
(1)تابع السياحة ذوقية     ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
(1)تابع السياحة  
قال البوصيري:
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني    والحب يعترض اللذات بالألم
يا لائمي في الهوى العذري معذرة    مني إليك ولو أنصفت لم تلم
فهو اعتراف شجاع نبيل سام بالحب وأثره في نفسه، وتقرير أن لذة الحب في ألمه، وأن الحب محدث الألم، وجاعله معوقًا أمام اللذات!
إن عجز البيت تذييل حكيم عميق، فيه خيال بعيد....
وفي البيت الثاني خطاب مهذب راق للائم، عن طريق تعريف اللائم بالإضافة إلى ضميره، والتوجه بالاعتذار إليه(معذرة مني إليك)، وهو أكثر سموًّا وأدبًا وتحضرًا من خطاب ابن الفارض للائمه:
يا لائمًا لامني في حبهم سفهًا   كف الملام فلو أنصفت لم تلم  وقد سبق البوصيري بهذه النزعة الغرلية الحكيمة العميقة علم النفس الحديث الذي يذهب أصحابه إلى ذكر تلك الفكرة مدعين أنهم وصلوا إليها بعد بحث واستقراء وما إلى ذلك من أدوات علمية...
فقد أخضع الباحثون "ظاهرة الحب" وأعراضه للدراسة والبحث، وخلصوا إلى نتيجة مفادها أن آلام الحب تتشابه كثيرًا مع أي مرض عضوي، بل إنها قد تقود إلى الموت أحيانًا.  و هذه الآلام تتمثل في السهر والأرق والتغير المزاجي، وغيرها من الأعراض النفسية والجسدية. 
بل سجل فريق بحث أمريكي ارتفاع درجة تركز هرمونات الإعياء في الدم، مشيرين أن هذا التركز المرتفع في الشرايين يؤدي إلى إرهاق عضلات القلب ويمكن أن يسبب أضرارًا للقلب وربما يؤدي إلى توقف نبضاته، وفقًا لما ورد في مقالة للباحث ايلان فيتستاين في مجلة "نيو انجيلاند" للطب. وقارن فيتستاين الحالة بوضع الإدمان. وأكدت ذلك تجارب اخرى من خلال الكشف على الدماغ أجريت في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. وتقول هذه التجارب بأنه في حالة ما إذا وقعت عيون إنسان عاشق متيم من الدرجة الأولى على صورة عشيقة، فإن دماغه يصبح في حالة تشبه حالات تعاطي الكوكايين. وعلى العكس من ذلك عندما سحبت صورة المعشوق، حيث تراجعت حالة الدماغ والأعضاء إلى حالتها الطبيعية وكأنما صُب عليها ماء بارد.
وهذا الغزل العذري البارز في مقدمة البردة أشاد به علماء النفس أيضًا، يقول الدكتور ياسين رفاعية:" سيرة الحب هي سيرة الناس في كل مكان ولكن كل أمة يختلف معناه عندها، والغرب يجد في الحب الاتصال بين المرأة والرجل.. ولكن إلى حين.. التقيت ذات الدكتورة مارغرين هينز في لندن وهي أستاذة علم نفس، ومما قالته لي: إن الغرب دنَّس معنى الحب، وأصبح عبارة عن الجنس لا أكثر ولا أقل..  وقالت: أنتم في الشرق أعطيتم الحب معناه الحقيقي وخصوصاً ما يسمى عندكم «الحب العذري» أو الحب المستحيل وهو أجمل ألف مرة من حب هدفه أولاً وأخيرًا التواصل الجنسي ...
واستغربت هذا الكلام من امرأة تعيش في الغرب حيث كل شيء متاح بالنسبة للمرأة والرجل على حد سواء.‏ وكررت القول: جمال الحب في التراث العربي احترام الجنسين كل منهما للآخر.. وقالت: إن كل الشباب الذين درستهم علم النفس والفلسفة خرجوا باقتناع أن الحب الشرقي أجمل ألف مرة مما نسميه هنا حبًّا، وما هو إلا إعجاب ينتهي إلى غرفة النوم، وبعد ذلك يذهب كل واحد إلى حياته العادية باحثًا عن مغامرة جديدة لا علاقة لها بالحب الأصيل الذي قرأناه في كتب تراثكم العظيم .‏
*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2010
(2)تابع السياحة الذوقية     ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
(2)تابع السياحة  الذوقية
قال البوصيري:
محضتني النصح لكن لست أسمعه   إن الـمحب عـن العذال في صمم
إني اتهمت نصيح الشيب في عذل   والشيـب أبعد في نصح عن التهم
ما زال البوصيري يحاور اللائم، معلنًا عدم سماعه نصحه، ذاهبًا إلى نتيجة عميقة في عجز البيت الأول، تأثر فيها بالمثل العربي الحكيم، حيث يقولون: (حبك الشيء يعمي ويصم)؛ فقد لمسوا أن حب الإنسان لشيء بعينه
يعمي بصره وبصيرته عن أي شيء سواه ... سواء كان ذلك الشيء أعلى منه أو دونه،
ويصم أذنه عن سماع أي حديث يراد منه صرفه عنه أو خفض وزن إحساسه به وقدره لديه .
وهذا الحب يسمى حب الالتزام .....اي التزام مجموعة نفس الإنسان به، بكل هواتفها ولهفاتها وحماساتها وتضحياتها ....
وورد أن هذه المقولة حديث نبوي شريف، جاء في شرح سنن الترمذي للشيخ عبدالمحسن العباد:"قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الهوى. حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (حبك الشيء يعمي ويصم) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الهوى ]. والمقصود من هذه الترجمة أن الإنسان قد يحصل منهم أن يهوى شيئاً ويبالغ فيه، ولا ينتبه للحق فيه، بحيث يتجاوز الحد فيجعله يعمى عن الخير ويصم؛ وذلك لمبالغته في شيء يهواه، وتجده يمدحه وإن كان مذموماً، ويذم غيره ولو كان ممدوحاً. أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حبك الشيء يعمي ويصم) أي: أن الاستغراق في محبة الشيء على غير هدى وعلى غير بصيرة يؤدي إلى أن الإنسان يعمى عن معرفة الحق، ويصم سمعه عن سماع الحق، فيكون بذلك مذموماً، وهذا الحديث غير صحيح؛ لأن فيه أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وقد اختلط أيضاً، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما البيت الثاني فجاء حديثًا عن الشيب وحاله من فكرتي النصح والتهمة، موظفًا إياه ليكون سبيلاً إلى التخلص من غرض الغزل العذري إلى فكرة تربية النفس تمهيدًا لها للدخول إلى غرض المديح النبوي الشريف...أي رغم أنني في مرحلة الشيب، وأنها مرحلة الطهارة والإنابة، إلا أنني ابتليت بنفس أمارة بالسوء تحتاج إلى تربية خاصة، فقال:
فإن أمارتي بالسوء ما اتعظت      من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى     ضيف ألم برأسي غير محتشم
وهو ناقل عجز البيت الثاني من قول إمبراطور الشعر العربي:
ضيف ألم برأسي غير محتشم      والسيف أحسن فعلاً منه باللمم
وهو نقل جيد، لأنه وظفه في غرض جديد، وسياق آخر، مما زين البردة، ودل على ثقافة البوصيري الشعرية، وقدرته على التناص مع السابقين!
*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2010
(3)تابع السياحة الذوقية     ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
(3)تابع السياحة  الذوقية
(3)تابع السياحة  الذوقية
قال البوصيري:
فلا تـرم بالمعاصي كسـر شهوتها    إن الطـعام يقوي شهوة النهم
والنفس كالطفل إن تهمله شب على    حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليـه     إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
يبين البوصيري كيفية التعامل مع النفس، فيعالج مرضًا نفسيًّا يشيع عند العصاة، يتمثل في تلبيس الشيطان إياهم أن ارتكاب بعض المعاصي يعالج النفس من إدمانها المعاصي!
ويقدم الدليل الناجع على رؤيته الرافضة لذلك التلبيس والمحذرة منه بتشبيه ضمني بليغ حكيم موجز في عجز البيت، شبه تأثير المعاصي في الفاسق، بتأثير الطعام في الشره، كأني به يقول:
العصية بنت معصية، والسمنة بنت طعام! والعكس صحيح!
وفي البيت الثاني ينقلنا البوصيري إلى أداة مهمة في التربية وهي الحزم، فالنفس مادة خام، صالحة لأن تطوع حسب مزاج صاحبها، إن أرسل لها الحبل انطلقت وانفلتت، وإن تحكم في الحبل، استقرت واستقامت! وهومتأثر بقول أبي ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبة إذا رغبتها        وإذا ترد إلى قليل تقنع
ولكن البوصيري قدم المعنى في صورة مجازية تشبيهية واقعية بليغة، وكان صارمًا مع النفس أكثر من الهذلي، والدليل الموازنة بين عبارتي(وإن تفطمه) عند البوصيري، و(ترد إلى قليل) عند الهذلي...
ثم ينتقل في البيت الثالث إلى فكرة ضرر الهوى، فاتباع الهوى واتخاذه وليًّا قاتل أو موقع في المعايب والمشاين!  وقد جاء صدر البيت أمرًا مرشدًا بمحاربة الهوى وإبعاده عن النفس، ثم بمجانبة اتباعه، أما عجز البيت فكان تذييلاً حكيمًا مقنعًا، ومعللاً للأمر الموجود في الصدر...
 
*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2010
 2  3  4  5