البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : العلوم عند العرب

 موضوع النقاش : أثر الثقافة الإسلامية في آداب الشعوب2    كن أول من يقيّم
 د يحيى 
3 - أبريل - 2008

ويأتي بحكاية المجنون والخضر، وهكذا؛ فكل الأعذار تستوجب الرد والتأكيد بالحكي، فكلما جاء طير ليعتذر لسبب من الأسباب عن عجزه عن المشاركة في المسيرة، إلا أقنعه الهدهد بنقض فكرته وبأهمية التضحية، ويستعمل في ذلك جميع الوسائل ، بما في ذلك الحكايات والقصص، إلى أن يقنعها بالرحلة، للوصول إلى الهدف:
  " لقد ارتحلت سنين فوق الأودية والجبال
وصرفت فوق الطريق عمراً طويلاً...
وفي نهاية الأمر، واصلت السير قلة من ذلك  الجيش…
إلى ذلك المقام الرفيع.
إن قلة من جموع الطير وصلت إلى ذلك المكان.
فمن كل بضعة ألوف وصل إلى هناك طائر واحد."
ويصف حالة الطيور عند وصولها إلى مقام "السيمرغ"، وتعجبها مما رأت، يقول:
"إنه عالم الطير الذي سلك  الطريق
لم يصل منه إلى ذلك المقام سوى ثلاثين طائراً،
ثلاثين جسداً عليلاً مرهقاً....
كانت كسيرة القلب، وصارت أرواحاً واهية الجسد ‍‍‍‍‍،
فرأت حضرة فوق…
أسمى من العقل والإدراك والمعرفة‍.
وكان برق الاستغناء، كلما أشرق،
يحترق في كل لحظة مئة عالم... .
وأبصر الجمع ذلك فتولتهم الحَيرة،
وأصبحوا مثل الذرات المتراقصة‍.
وهتفوا جميعاً :"واعجباً، ما دامت الشمس
أمام هذا المقام ذرة ممحوة.
فكيف سنبدو نحن في هذا المقام ؟.."
     مما لا شك فيه أن جميع القصص التي اتخذت من "المعراج" موضوعاً لها ، في الأدبين العربي والفارسي، " قد تأثرت، بشكل من الأشكال ، بمعراج الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى سدرة المنتهى…ومما لا شك فيه ، أيضاً، أن جميع أدباء الغرب الذين تحدثوا عن المعراج، في أعمالهم الأدبية، قد تأثروا..بهذا التراث الفكري الإسلامي."  ومن الذين  نظموا في هذه القصة، في الأدبين العربي والإسلامي:
*   معراج أبي يزيد البسطامي، الملقب بـ"سلطان العارفين"(ت.261 هـ)، ترجمه إلى الفارسية فريد الدين العطار في "تذكرة الأولياء".
-    *رسالة الطير" لابن سينا ، كما سبقت الإشارة، ويرمز فيها ابن سينا إلى المقامات التي يجب أن يقطعها السالك، بالجبال، وجعلها ثمانية، والمتصوفة يعتبرون المقامات سبعة.
-    *رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري (ت.449 هـ).
*سير العباد إلى الميعاد" لسناني الغزنوي (ت. 545 هـ).
*جاويد نامه" و"رسالة الخلود" ، للعلامة محمد إقبال، رحمه الله ، والأخيرة من أعظم أعماله. يعالج فيها وضع الأمة الإسلامية، ويسخر من الاستعمار. وتقوم فيها روح جلال الدين الرومي بدور المرشد لإقبال. وينتهي المعراج بأن يصل إلى الحضرة الإلهية، ليأمره صوت قوي بالعودة إلى الأرض .
-    ولابن سينا نص آخر يدعى "معراجنامه"، ولابن عربي "الأسرار إلى المقام الأسمى". وجل هذه الأعمال ترجمت إلى اللغات الأوربية .
     ويذكر عيسى الناعوري، أن الرحلات إلى العالم الآخر، قديمة نجدها عند هوميروس في الإلياذة والأوديسة ، وفرجيل الروماني في ملحمته "الإنياذة"، وهي رحلة إلى العالم السفلي. وشيبيون، والقديس يوحنا في رؤياه . ويمكن إضافة "الفردوس المستعاد"، و"الفردوس المفقود"، للشاعر الإنجليزي "جون ملتون " (John Milton).

شايلوك: إذن، فإني أقبل ما يعرضه، ليؤد ثلاثة أمثال الصك، ولينصرف المسيحي لحال سبيله."   لكن القاضي الشاب (بورشيا؛ زوجة بسانيو)، ترفض إلا أن يطبق الصك بنصه، مما دفع باليهودي بأن يتنازل في الأخير على جزء من ثرواته لصالح "لنطونيو"، مقابل إخلاء سبيله. وهكذا يتضح عنصرية اليهودي ، كما تصوره المسرحية، تجاه غيرهم (الأغيار)،سواء أ كان مسيحياًأم لم يكن . 7-التأثير العربي الإسلامي في شعر "غوته" و"بوشكين" :
أ-"غوتـه"  )1749- 1832)
     يقول غوته: "درست تاريخ الأديان على مدى خمسين عاماً، وإن العقيدة التي يُرَبى عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة!!…إن الإسلام هو الدين الذي سنقر به جميعاً إن عاجلاً أو آجلاً…وأنا لا أكره أن يقال عني إني مسلم." 
     لقد كان غوته من أعظم الشعراء الألمان ، تأثر بالإسلام تأثراً شديداً، وكانت معرفته بالقرآن معرفة وثيقة. نظم قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، و"حين بلغ السبعين من عمره. أعلن أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة…التي أنزل فيها القرآن الكريم على النبي. وبين هاتين المرحلتين امتدت حياة طويلة، أعرب الشاعر خلالها بشتى الطرق عن احترامه  وإجلاله للإسلام."
     في سن الثالثة والعشرين من عمره، نظم "غوته" قصيدة "أغنية محمد"، بأسلوب مناجاة بين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وفاطمة زوجته، بنت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم. نشرت القصيدة في ديوان"خيال وواقع"، يقول فيها:
" اُنظروا المنبع الصخري
مشعا بالبهجة
كأنه ومضة نجم
وما فوق النجوم
تقترب من شبابه…" 
     يضم  "الديوان الشرقي  للشاعر الغربي"، الذي نشره عام 1819 م، الكثير من الصور المجسدة، عن حياة العرب والمسلمين، والاستشهاد بأقوال وأوصاف ونماذج من القرآن الكريم، والشعر الجاهلي والإسلامي، حتى أن "هيغل"، اعتبر هذا الديوان تحولاً للشاعر إلى الشعر الفلسفي. كما استخدم الأسلوب القصصي متأثراً بـ"ألف ليلة وليلة" . تقول "كاترينا مومزن" : "وفي الفصل الأول من القسم الثاني من فاوست، يوجد كذلك الكثير  من المؤثرات   التي تعود أصولها إلى ألف ليلة وليلة. فهناك، مثلاً موضوع استخراج الكنز المدفون في باطن الثرى… وفي نهاية الفصل الخاص بالمناظر السحرية، التي  رافقت تنكر الأشباح ، أثنى غوته على "ألف ليلة وليلة"، وأشاد بشهرزاد."
  يقول غوته على لسان قيصر:
  " أي حظ طيب هذا الذي قادك إلى هنا
مباشرة من ألف ليلة وليلة ؟
لو استطعت أن تتشبه بشهرزاد في خصوبة عطاياها،
لوعدتك وعداً صادقاً بأسمى الهدايا…" 
     لم يكتف "غوته" بالتأثر بالتراث العربي الإسلامي، بل ترجم الكثير من شعر المعلقات، يقول في رسالة موجهة لأحد أصدقائه ( كارل فول كنيبل):"…وهذه القصائد في جملتها تدعو للدهشة والاستغراب، كما أنها تشتمل على مقاطع بعضها محبب إلى النفس. ولقد قررنا تقديمها للمجتمع مترجمة، ومن ثم فسوف تطلع أنت أيضاًعليها."  فالقصائد التي يتحدث عنها هي المعلقات العربية، والتي كان قد ترجمها "وليم جونز" (1746-1794)، وفي عام 1783 صدرت هذه المعلقات بالحرف العربي المطبوع باللاتينية، مرفقة بترجمة "جونز"، وهذا ما دفع غوته إلى ترجمتها من  الإنجليزية إلى الألمانية. ومهما كان الخلاف قائماً حول صدور هذه الترجمة أو عدم صدورها، فإنه من المؤكد أن غوته قد ترجم بعض أجزاء هذه المعلقات. ومن القصائد التي حاول ترجمتها، معلقة امرئ القيس، وهذه بعض الأبيات له، مرفقة بتلك الترجمة، كما أوردتها "كاترين مومزن":
"1- قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل          بسقط اللوى بين الدخول فحومل
قفا ودعونا نبك هنا في موضوع الذكريات ، فهناك بمنقطع الرمل المعوج، كانت خيمتها وقد أحاطت بها خيام القوم.
2- فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها          لما نسجتها من جنوب وشمأل
لم يعف رسمها بعد تماماً بالرغم مما نسجته عليها ريح الشمال وريح الجنوب من رمال متطايرة.
3-وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم          يقولون لا تهلك أسىً وتجمل
ووقف صاحباي رابطي الجأش يعللانني قائلين لا تهلك من شدة الجزع وتجمل بالصبر 

     ولا يمكن لغوته ألا يتأثر بهذا الشعر وقد  نال منه كل هذا الإعجاب، كما تأثر ، أيضاً، بحافظ الشيرازي، الذي تعرف إليه من خلال ترجمة "هامر" لأشعار هذا الأخير،عام 1814 ، في "كتاب زليخا"، يقول:"علاوة على حافظ، السابق ذكره، فقد أعرنا ، عموماً ، الشعر وغيره من الآداب الشرقيةأذناً صاغية، وذلك بَدءاً من المعلقات، والقرآن الكريم، وانتهاءً بجامي والشعراء الأتراك…"  هؤلاء جميعاً ، على حد تعبير "مومزن" ، رصدت لهم مؤثرات في قصائد "الديوان الشرقي.
     يفتتح الشاعر الألماني ، ديوانه بقصيدة ، يقول في مقدمتها:
" هجرة
الشمال والغرب والجنوب تتحطم وتتناثر،
والعروش تنثل والممالك تتزعزع، وتضطرب
فلتهاجر إذن إلى الشرق الطاهر الصافي.
كي تستروح نسيم الآباء الأولين،
هناك حيث الحبُ والشرب والغناء،
سيعيدك ينبوع الخضر شاباً من جديد،
إلى هنالك ، حيث الطهرُ والحق والصفاء."
     ففي وصفه أوضاعَ العالم الذي يعيش فيه، يوظف صوراً ، هي أقرب إلى الصور القرآنية "الشمال والغرب والجنوب". يقول عز من قائل:" وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا." الآية.
ويقول أيضاً:" وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا" الآية.
فغوته، يحس بغرابة الواقع الذي يعيش فيه، وبأنه هو نفسه، غريب، وكأنه يريد أن يشبه نفسه بأهل الكهف، حين عادت إليهم الحياة، فالغرب مضطرب، ولا مفر من الهجرة إلى الشرق منبع الحب والطهر والحق والصفاء.لا بد من الهرب، من الجحيم (الغرب)، إلى الجنة. كما تحضر النظرة الحالمة إلى الشرق، ذلك الشرق الذي تصوره "ألف ليلة وليلة" ؛ شرق الحب والغناء والشرب.أما الغرب ، فهو لابد سائر إلىالزوال والهلاك .يقول تعالى:" فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ" .
 ويقول الشاعر:
  "لله المشرق
  لله المغرب
رحاب الشمال والجنوب
مستقرة بسلام بين يديه."
     وتأثير الآيتين الكريمتين، من سورة البقرة، واضح  في تعبير غوته. يقول تعالى:
في الآية الأولى: "وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ."
وفي الآية الثانية: " سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ."
     أما تأثره بحافظ الشيرازي، فهو بين في كثرة ورود اسمه في أشعاره، يقول:
" أي حافظ ! إن أغانيك لتبعث السلوى…
وإنه ليحلو لي، أي حافظي الأقدس، أن أحيي ذكراك
عند الينابيع، وفي حانات الصهباء."
 ب- بوشكين :
     من أكبر شعراء روسيا في القرن التاسع عشر، وأكثرهم حباً للشرق العربي وتأثراً به.  تأثر، أيضاً ، بغوته، قرأ القرآن الكريم. عاصر فترة ازدهار الاستشراق في روسيا. تعرف إلى "ألف ليلة وليلة"، وقصة "مجنون ليلى" ، من خلال مجلة "المخبر الآسيوي"، التي كان يصدرها "جريجوري سباسكي"، مكرسة خصيصاً للشرق، وترجم فيها الكثير من التراث الأدبي العربي والفارسي، كشعر الغزل. من أشهر أعماله قصة "روسلان ورزدميلا"، وهي قصة حب ملحمية. كتب مجموعة "قبسات من القرآن عام 1824 م، مستوحاة من القرآن الكريم، وتتكون هذه المجموعة من تسع قصائد، تعد من أهم أعماله ؛ جمالياً وفكرياً. يقول في القصيدة الأولى:
" أقسم بالشفع وبالوتر،
وأقسم بالسيف وبمعركة الحق،
وأقسم بالنجم الصباح،
وأقسم بصلاة العشاء." 
     ويصور قصة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم، مهاجراً إلى المدينة ، كما ذكرت في سورة التوبة، إذ يقول عز وجل :" إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم." الآية.
يقول بوشكين :
"يا من في ظل السكينة
دسست رأسه حباً
وأخفيته عن المطاردة الحادة…" 
     فهو يستلهم القرآن الكريم في كل قبساته، فحول الآية (53)، من سورة الأحزاب، التي يقول فيها عز وجل :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا" .
يقول، مستلهما هذه الآية الكريمة:
"إيه يازوجات الرسول الطاهرات
إنكن تختلفن عن كل الزوجات:
فحتى طيف الرذيلة مفزع لكن.
في الظل العذب للسكينــــة
عشن في عفاف. فقد علق بكن
حجاب الشابـة الـعــذراء .
حافظن على قلوب وفيــــة
من أجل هناء الشرعيين والخجلى،
ونظرة الكفار الماكرة
لا تجعلنها تبصر وجوهكن.
أما أنتم ، ياضيوف محمد
وأنتم تتقاطرون على أمسياته،
احذروا، فبهرجة الدنيا
تكدر رسولنا.
فهو لا يحب الثرثارين
وكلمات غير المتواضعين والفارغين…"
ويستلهم في قصائد كثيرة مشاهد قرآنية ، كمشهد القيامة في سورة عبس، وغيرها من السور الكريمة.
     وقد وظف بوشكين، أيضاً، عناصر الغزل العذري في الشعر العربي، مثل ما، فعل في قصيدة "يافتاة ياوردة، إنني في الأغلال"، وغيرها من القصائد، الكثيرة التي لا يسع المقام هنا لجردها كلها

ب- بوشكين :
     من أكبر شعراء روسيا في القرن التاسع عشر، وأكثرهم حباً للشرق العربي وتأثراً به.  تأثر، أيضاً ، بغوته، قرأ القرآن الكريم. عاصر فترة ازدهار الاستشراق في روسيا. تعرف إلى "ألف ليلة وليلة"، وقصة "مجنون ليلى" ، من خلال مجلة "المخبر الآسيوي"، التي كان يصدرها "جريجوري سباسكي"، مكرسة خصيصاً للشرق، وترجم فيها الكثير من التراث الأدبي العربي والفارسي، كشعر الغزل. من أشهر أعماله قصة "روسلان ورزدميلا"، وهي قصة حب ملحمية. كتب مجموعة "قبسات من القرآن عام 1824 م، مستوحاة من القرآن الكريم، وتتكون هذه المجموعة من تسع قصائد، تعد من أهم أعماله ؛ جمالياً وفكرياً. يقول في القصيدة الأولى:
" أقسم بالشفع وبالوتر،
وأقسم بالسيف وبمعركة الحق،
وأقسم بالنجم الصباح،
وأقسم بصلاة العشاء." 
     ويصور قصة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم، مهاجراً إلى المدينة ، كما ذكرت في سورة التوبة، إذ يقول عز وجل :" إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم." الآية.
يقول بوشكين :
"يا من في ظل السكينة
دسست رأسه حباً
وأخفيته عن المطاردة الحادة…" 
     فهو يستلهم القرآن الكريم في كل قبساته، فحول الآية (53)، من سورة الأحزاب، التي يقول فيها عز وجل :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا" .
يقول، مستلهما هذه الآية الكريمة:
"إيه يازوجات الرسول الطاهرات
إنكن تختلفن عن كل الزوجات:
فحتى طيف الرذيلة مفزع لكن.
في الظل العذب للسكينــــة
عشن في عفاف. فقد علق بكن
حجاب الشابـة الـعــذراء .
حافظن على قلوب وفيــــة
من أجل هناء الشرعيين والخجلى،
ونظرة الكفار الماكرة
لا تجعلنها تبصر وجوهكن.
أما أنتم ، ياضيوف محمد
وأنتم تتقاطرون على أمسياته،
احذروا، فبهرجة الدنياخاتمــة :
    إن ما تناولته، في نثرات، فيما سبق، من هذه العجالة المتواضعة جداً، لا يمكن أن توصف إلا على أنها لا ترقى إلى أن تكون نقطة في واد، إن لم نقل "ذرة"، لأن الإحاطة  بالموضوع؛ أي تأثير الثقافة العربية الإسلامية في ثقافات الشعوب التي احتك بها المسلون، أو التي انتقل إليها تراثهم عن طريق الترجمة، أو الاطلاع،أو أي وسيطة أخرى من وسائط انتقال الثقافات، يحتاج إلى سنوات من الجهد المتواصل، كما يحتاج إلى تحبير أسفار، يعجِز أن يقوم به الفرد الواحد. فقد امتدت هذه الثقافة، في أزهى عصورها، لتغزو ، غزواً جميلاً،  بسماحتها وبرسالتها الإنسانية، ثقافات أكبر القارات وأكثرها كثافة سكانية. بل لقد كان لتأثير هذه الثقافة دور حاسم في نهضة أوربا نفسها. يقول بوشكين، حول تأثير الشعر العربي في الشعر الأوربي:"هناك عاملان كان لهما تأثير حاسم على روح الشعر الأوربي هما : غزو العرب، والحروب الصليبية. فقد أوحى العرب إلى الشعر بالنشوة الروحية ورقة الحب، والولع بالرائع والبلاغة الفخمة للشرق…هكذا كانت البداية الرقيقة للشعر الرومانتيكي."
     ولا يقتصر الأمر على المواضيع التي تمت مقاربتها، وإن بهذا الشكل المتواضع، بل إنه يشمل جل مجالات الحياة الأخرى، فالألفاظ العربية تنتشر في الفارسية والتركية والهندية والأردية، والأمازيغية، فيما يخص العالم الإسلامي، كما تنتشر في اللغات الأوربية، والآسيوية، وأوربا الشرقية،  والأطعمة ، وغيرها من أساليب الحياة الأخرى.
                                                                       والله الموفق
 المصدر : الشنكبوتية .
تكدر رسولنا.
فهو لا يحب الثرثارين
وكلمات غير المتواضعين والفارغين…"
ويستلهم في قصائد كثيرة مشاهد قرآنية ، كمشهد القيامة في سورة عبس، وغيرها من السور الكريمة.
     وقد وظف بوشكين، أيضاً، عناصر الغزل العذري في الشعر العربي، مثل ما، فعل في قصيدة "يافتاة ياوردة، إنني في الأغلال"، وغيرها من القصائد، الكثيرة التي لا يسع المقام هنا لجردها كلها

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة