السلام عليكم ورحمة الله
أهلاً و مرحباً بأهل الوراق جميعا ، تحية خاصة نابعة من القلب
أما بعد :
فلقد لفت إنتباهى مأخراً قصيدة للدكتور زكى مبارك بعنوان توديع مكة المكرمة ، والغريب فى هذه القصيدة أنها منسوبة الى الرسول الكريم ، فقد نسبها الدكتور زكى عن قصد للرسول صلى الله عليه وسلم ! ، ولم يكن قد نمى إلى علمى البسيط أن أحدا قد قام بمثل ما قام .
ولا أعرف إن كانت هذه المسألة قد تثير إهتمام احد غيرى أم لا ، فأردت أن اطرحها بين أيديكم عسى أن أعرف ردود أفعال أهل هذا الفن والحذاقة والفراسة منكم .
جاء فى ديوان ألحان الخلود ل ( زكى مبارك )
صفحة 136
العنوان ( توديع مكة )
النص "
فى التمهيد لهذه القصيدة أقول إننى ابتدات عملى فى الجامعة المصرية مدرسا مساعدا للمسيو كازانوفا ، وكان ذلك فى أواخرسنة 1952 ولم أكن مدرسا بالمعنى المعروف ، وإنما كنت مترجما للمسيو كازانوفا ، بغض النظر عن الدروس التى كلفنى بها الدكتور طه حسين وهى شرح كتاب " مغنى اللبيب " لطلبة كلية الآداب وطلبة كلية الحقوق .
قلت للدكتور طه : إن كتاب المغنى فوق أفهام هؤلاء الطلاب . فقال عليك أنت أن تفهم تلاميذك دقائق كتاب المغنى ، وانا أخترتك بالذات لأنك متفوق فى علم النحو وعلم الصرف .
لم أجد صعوبة فى تفهيم الطلاب أسرار كتاب المغنى ، فقد كنت قبل ذلك أستاذ اللغة الفرنسية بمدرسة الأليانس فرانسيز ، والمدرس الذى يستطيع تفسير الجرامير الفرنسى لا يعحز عن تفسير الجرامير العربى .
ولكن الصعوبة كل الصعوبة هى الترجمة عن المسيو كازانوفا ، وهو مستشرق فرنسى لا يعرف شيئا من الأدب الفرنسى ، وإنما يعرف الأدب العربى ، وكان يعرفه معرفة صحيحة ، ولكن النطق بالعربية كان يصعب عليه ."
* نهاية نص وليست الصفحة
نصٌ آخر ص 138 تحت عنوان " توديع مكة المكرمة " أيضا ً
" كان المسيو كازانوفا مشغوفا بجمع المخطوطات ، وكان يفرح فرحا عظيما بكل مخطوط يتوهم أن قديم ، وقد عثرت فى المجموعة التى حملها من باريس على قصيدة منسوبة إلى الرسول و يدعى راويها ان الرسول نظمها وهو فى طريقه من مكة إلى يثرب .
يقول الله تعالى عن رسوله : " وما علمناه الشعر وما ينبغى له " وقد أسرف بعض الناس فى نفى الشعر عن الرسول ، وقالوا إنه لم يكن يستطيع أن ينطق ببيت من الشعر نطقا صحيحا ، وهذا تخريف ، لأن النبى عربى ، فمن الجهل إنه كان يعجز عن النطق ببيت نطقا يخلو من اختلال الميزان .
أما بعد
فنحن أمام قصيدة أثرية قالها شاعر قديم على لسان الرسول ، فما هى ألوان تلك القصيدة ؟
إن الشاعر يحدثنا أن الرسول توجع لفراق مكة فلم يخرج إلا وهو باكٍ محزون ، وهذه عاطفة طبيعية ، فمن المؤكد أن الرسول حزن من ذلك الفراق .
والشاعر يعيد هذا المعنى من حين إلى حين لشعوره بأنه معنى أصيل ."
نهايةُ نص .
ونظرا لطول الكلام فسأعرض إلى القصيدة ، وما قدمت من النصين السابقين ليس إلا لتكوين فكرة أو مفهوم عن هذه القصيدة . واعذرونى لأننى لن أرعضها كلها نظرا لطولها وضيق الوقت عندى .
القصيدة
توديع مكة المكرمة
عن الوطن الغالى أهاجر iiمرغما |
|
وكـل حبيب فى الحياة iiسيرغم |
أودعـهـا بالدمع طوعا iiلأننى |
|
أظـن بـان الدمع عنى iiيترجم |
بلادٌ جفت عنى وطال iiجفاؤها |
|
لأنـى بـأمر الله والحب iiمسلم |
بـلاد كريمات وأرض iiكريمة |
|
ولكننى فى شرعة الوجد iiأكرم |
سأبكى عليها حين أترك أرضها |
|
ألا إنما المظلوم فى الحب iiيظلم |
*****
|