البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : الأعمال الشعرية الكاملة للدكتور حسن الأمراني    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )

رأي الوراق :

 صبري أبوحسين 
9 - مارس - 2008
 
 

د.حسن الأمراني

أستاذي الدكتور الحسن الأمراني: شاعر ملتزم وُلِد عام 1949م، بمدينة وجدة المغربية، وحصل على شهادة الإجازة في الأدب العربي سنة 1972م، وعلى دبلوم الدراسات العليا سنة 1981م، ثم دكتوراه الدولة 1988م. من أهم إنجازاته الثقافية والإبداعية:
-رئاسة مكتب رابطة الأدب الإسلامي العالمية في المغرب، ويشارك بهمة ونشاط في أعمال رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
-رئاسة تحرير مجلة "المشكاة". وهي مجلة أدبية مغربية تهتم بالأدب الإسلامي، وأراها أفضل تعريفًا بنظرية الأدب الإسلامي وأكثر فعالية وتأثيرًا من المجلة الصادرة عن الرابطة!!!!
-له العشرات من القصائد والمقالات والدراسات في كثير من الصحف والمجلات اليومية والشهرية والفصلية .
-أصدر في الانتفاضة الأولى ديوان"المجد للأطفال والحجارة".
-صدر له ديوان "شرق القدس ..غرب يافا" عن انتفاضة الأقصى.
-له عدد من الدواوين الشعرية الأخرى مثل "قلوب على بركان"كامليات"، وديوان "الحزن يزهر مرتين"، فاس، مطبعة النهضة، 1974م، وديوان"مزامير"، وجدة، السلسة الشعبية، 1975م، وديوان"البريد يصل غدًا"، ديوان مشترك مع محمد علي الرباوي و الطاهر دحاني، الدار البيضاء، مطبعة بوزيد، 1975م.وديوان"القصائد السبع"، وجدة، المطبعة المركزية، 1984م، وديوان"الزمان الجديد"، الرباط، دار الأمان، 1988م، وديوان"ثلاثة الغيب والشهادة"، وجدة، المطبعة المركزية.
وفي قادم التعاليق توثيق لأشعار شيخنا ورائدنا، بارك الله فيه، وجُعلت في ميزان حسناته، آمين
 
 
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
متابعة    كن أول من يقيّم
 
ماشاء الله ...بصمات عطرة لدكتورنا الفاضل..
وشرحه من أروع الشروح...
في انتظار أشعاره ...
 
متابعة لك أستاذي... وجزيت خير الجزاء عل نقلك لإبداعات الدكتور حسن ...
 
وميض أمل
9 - مارس - 2008
ديوان"يوميــات ملـك المغـــول"    كن أول من يقيّم
 
يوميــات ملـك المغـــول
شعــــر: حســن الأمراني
[تصدير الديوان]
بسم الله الرحمن الرحيم 
هناك على ضفاف الكنج حيث تتزاحم الأضداد، وتتجاور المتناقضات، وتنتشر أعلام العشق المقدس إلى جوار الشهوة النابحة، وتمتزج أشواق الروح وصهيل الجسد،والحكمة العليا والغيرة المدمرة،نبعت حكاية تجمع بين التاريخ والأسطورة،والحقيقة والخيال.
هناك على ضفاف كنج جمنا،أسس المغول المسلمون الزاحفون من أواسط آسيا مملكة عظيمة في شمال الهند لتمتد آثارها بعد ذلك إلى مناطق أخرى من شبه القارة الهندية،ولتستمر هذه المملكة إلى القرن الثامن عشر الميلادي،حيث اكتسح الإنجليز بلاد الهند ليضعوا حدا لمملكة زاهرة كان من أعظم ملوكها الذين عرفهم التاريخ:ظهير الدين محمد بابر،الذي ينسب إليه المسجد البابري، وقد أقام بكابل زمنا قبل أن ينتقل إلى الهند، ويسكن آكره، وورثه ولده نصير الدين همايون شاه، الذي فتح أكثر بلاد الهند،وقد فتح قندهار، وكابل، وجمع أسباب السلطة،ورجع إلى الهند،وجلال الدين أكبر شاه،وهو الذي دانت له البلاد،وسليم شاه الملقب بجانكير. كان أكبر ملكا نذر نفسه للمجد،وعاش ولوعا به إلى حد الهوس. وخلفه على الملك محمد شهاب الدين الشهير بالشاه جهان ، ،باني القلعة الحمراء الشهيرة في دهلي القديمة،وتاج محل،والجامع الكبير.وقد أعاد الشاه جهان سيرة مجنون بني عامر،وخلد حبيبته وزوجته ممتاز حين بنى لها تاج محل..أحد عجائب الدنيا.. ولكنه قضى آخر سنوات العمر مقيدا في القلعة الحمراء ،وهو ينظر من القلعة إلى التاج..وجاء من بعده أورنك زيب عالمكير،رحمه الله،وسار في الناس سيرة الخلفاء الراشدين...
تقول الحكاية:وهنا ينتهي التاريخ،لتبدأ الأسطورة. .  فقد نجم في الأسرة الحاكمة بعد زمان لا يحدده التاريخ ملك جمع في شخصيته بين صرامة أكبر الحربية،ووله الشاه جهان ووسطية أورنك..كان يملك من قيم الفروسية شيئًا كثيرًا،ومن جمال حظا عظيما.ولكن حب المجد جعله يتصور أن لا طريق إلى ذلك إلا بفتح البلاد، وتدويخ العباد، فكان له ما أراد،ولما كان مشغولا بغزواته لم تكن المرأة في قصره إلا كما تكون كل امرأة في كل قصر..
ثم عرضت له في طريقه"شندرا كانتا"،المرأة الهندوسية التي تزعمت قومها وحققت لهم من أسباب المجد ما جعل أعناقهم تميل صيدا،وإذا بهذه المرأة تغير حياة الشاه الأكبر،وتبعث فيه ما كاد ينطمس ويموت من أسباب الفن و الجمال،فأراد أن يستميلها إلى دينه،ولكنها كانت من البهاء و الدهاء بحيث زينت له اختلاق مذهب جديد توفيقي،يأخذ من ملل الهند ونحلها كلها،فإذا به يشتط،ويلعب به الهوى كل ملعب،حتى إذا اطمأنت شندرا كانتا إلى أنها حققت منه ما أراد،أشعرته أنه لا يمكنهما الاقتران الأبدي.
ودون أن تشرح لذلك سببا،غابت فجأة كما ظهرت فجأة،وانقطعت أخبارها،فإذا طريق المجد الذي عشقه الشاه الأكبر يتحول إلى طريق مفروش بالجماجم والدماء..وأقسم أن يخرب العالم..
ولما كثر القتل و الدمار،دسوا للملك فارسا مقنّعا، يخاطبه ويقول له:إنه ليس كل الرجال كالملك،رغم أنهم جميعا من ماء وطين..وكذلك فليس كل النساء شاندرا كنتا...ولما أسفر الفارس عن وجهه،برز وجه خولة، زوجته المجاهدة..وأراد الشاه أن يصلح ما أفسد، ولكن الأوان كان قد فات،وأسلم الروح إلى بارئها..
وتستمر الحكايـة.. 
وتلتقط هذه اليوميات بعضا من السيرة الذاتية لهذا الملك الفارس العاشق،الحكيم في جنونه،والمجنون في حكمته..
وفي هذه اليوميات عدد من الأسماء،وكلها أسماء لشخصيات تاريخية وأسطورية معروفة في تاريخ الهند القديم....

 
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(1)    كن أول من يقيّم
 
(1)
هِمايُونُ، يا ناصر الدين، قل لي:
إِلى أَين تمضي
ولا الأهلُ أَهلٌ
ولا الدَّارُ دار؟
فلا كابُلٌ مثلما قد عهدت
                            ولا قندهـارْ
أرى الناس يستمرئون الظلال
وتأسرهم طيبات الثمارْ
فَيسري الوهنْ
بأعماقهم..ويضيع الوطنْ
إلى أين ترحل خيلك يا ناصر الدين؟
إنَّ الأحبّة قد حالفوا الروم ضدك
ضد مساكين شعبك، ضد الصغار
وضد الحساسين،
ضد البساتين و الجلّنار
أما أدرك التعب الخيل؟
فلتسترحْ ولترحها قليلا..
فإن وراءك يومًا ثقيلا
- خذوني..
خذوني إلى قندهار
إلى روضة علمتني امتشاق الحسام
                                وشمّ الغبار
فقد طال شوقي
لركض الجياد التي لم تطأطئ
ولم تتألم لوقع الحديد
ولم تتعلم سوى الكر،
لم تتنسم سوى النقع،
لم تتقدم سوى لترابط دون الديارِ
لقد طال شوقي لعشب البراري
وضوء النهار
فذرهم يخوضوا ويذهبْ بهم كاذبُ الظن أنَّى يشاء
فإني كما يعهد الدهرُ:
ما كنتُ يومًا لأسلم سيفي
ولا كنتُ يومًا لأسلم ضيفي

*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(2)-(4)    كن أول من يقيّم
 
(2)
== يا أيُّها الملكُ  المصفّى جوهرا
الله أكبرُ!  إِنّ دمعكَ  قد جـرى
أنت الـذي فتح  البلادَ منيعـةً
و مضى إلى  سُبُل الجِهادِ  مشمّرا
في كل  شبـرٍ آيةٌ  مشهــورةٌ
وبكـل زاويـة نداك  مصـوّرا
تعنو الجباهُ، إذا رأتـك، مهابـةً
وتُذلّ كسرى،إن غضبت،وقيصرا
إِنِّي وهبتكَ فوق ما يهبُ الهـوى:
روحًا مجنّحةً، وجسمًا مُزْهِـرا...
لكنها رحلـت،كطيف يمامــةٍ
وبقيتَ وحدك حاملاً همّ الورى...
== لا والذي خلق  الحياة  وصورا
ما كان حبّ الغيد عندي  أكبـرا
لكنّــني بشـرٌ  أزلّ  و أرتقـي
أنا واحد يا قوم من هذا الــورى
عقلـي وقلـبي  قائدان  كلاهمـا
يحـدو فأيّهمـا تـراه  أبصـرا ؟
(3)
 أتعبتني الحروبُ،حربًا فحربا
                  ورمتني الدروبُ دربًا فدربا
وبلوت البحار مدًّا وجـزْراً
            وقطعتُ البلاد  شرقاً وغربا
أثْقلتْ كاهلي  الأمانيُّ  حتى
            جعلتني لها الأمانـيّ نهبـا
كلّ شبر في الأرض يسأل عنّي:
            أترى المرسلات نادت فلبّى؟
أترى قُدَّ عزمه  من  جبـالٍ
            أم تراه تَعَشَّقَ الموتَ حبّـا؟
 
(4)
اِشْتَـدِّي أزمـة تنفرجــي
قد آذن  ليلــك بالبلــج
وظـلام الليـل  إلـى  أجل
ودجـاه  يُســاق بمنبلـج
وجـراحُ القلبِ لها  أمــدٌ
فلماذا القلب بهـنّ شــجِ؟
وإذا  مـا  نادتـكِ  امـرأَةً
فاحـذَرْ من أغوار  اللجـج
وإذا ضحكـتْ فغوايتهــا
تتستّـر خلـف سنا الفلِـج
وإذا هتفـتْ  بـك  والهـة
"إنّـي أهـواك"  فلا  تعـج
فـوراءَ  الحسـن  وبهجتِـه
تتربـص  أسيـافُ الرّهَـجَ
وإذا قالـتْ: لـكَ مملكـتي
وبساتيـني  فُتِحَـتْ  فَلِـجِ
والعِشـقُ جيـادٌ مسْرجـةٌ
فاحـذرْ إِذَّاكَ مـن العَـرَجِ
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(5)-(9)    كن أول من يقيّم
 
(5)

وحيدا على قمّة الكبرياء

أسوق الأمانيّ رهواً إلى كل صوبِ
يبايعني العشبُ أنّى توجَّهتُ...
أزرعُ رؤيـايَ في كل دربِ
وهذي الجبالُ الشوامخُ تصغي
لوقع السنابكِ...
تمنحني قلبًها وتُلَبِّـي
أنا الملكُ المتعطِّشُ للمجدِ
منذُ انبثاقِ الخليفةِ أهتفُ:
 لم أَرَ في الأرْضِ مثلَ قبابِك شامخةً شامخهْ
وضارعةً في دعاءِ
ولا نجمةَ في مدار الطفولـةِ...
ما طاوَلتْها نجومُ السماء.
وأهتف:مملكةُ المجدِ أنتِ
ومملكةُ العِشْقِ و الحكمةِ الباذِخهْ
هبيني إِذَنْ بعض مائكِ...
ما أروعَ الماءَ منبجساً من شذى راحتَيْكِ
وما أَروع الكلمات التي تتدلَّى
                عناقيدُها الخضرُ    
                           من شفتيكِ
 
تقولينَ:"أشفِقْ عليّ قليلا...
وَصُنْ ما وهبتكَ عن أَلْسُنِ الناسِ".
ما عدت أعرف أين يكون انتهاء الحجى
                           وابتداء الجنونِ
فلا تنعتيني
بما ليس يحتمل القلبُ، سيدتي، واعذريني...
أبوح لكِ الآن بالسرّ:
إن زار غيثُك أرضي
أتتني القصيدة،كالبسطِ، صاغرةً بعد طول إباءِ
ليشرق بالطيبِ نبضُ إِنائي
 وإن غاب غيثك تنأى القصيدة.كالقبضِ، في كبرياءِ
وينضبُ ضرع السماءِ
فما ليديك تجفّانِ من بعد طول سخاء
وما لدلائك خاوية بعد طول امتلاء؟
 
(6)
 
جهانكيرُ،
هل كان أكبرُ يعلمُ أنَّ خطى المجد
            لا تنتهي دائما بالدماء؟
وهل كان يعلم أن البلاد التي فتحتها السيوف
وغطى الغبار مسالكها الحمر،
أهون من قلب قانتة في العراء؟
وهل كان يعلم أن التقاء المذاهب
أصعب من أن تزاوج ما بين نار وماء؟
(7)

سأظلّ محمولا على عطشي

أسامر،مُكرهاً،فوَّارة الألمِ الذبيحِ
ولسوف أعلن غارتي ضدّ الهوى القزحيّ
                   والحلم الكسيحِ
فلتُبعدي كأسيْكِ عن شفتي...
فكأسُكِ ليسَ تُطْفئ غلّتي قدر القلامه
                   عطشي ستطفئه القيامه
لكنني سأظلّ أرسف في قيودك،
                   لا أضمِّدُ من جروحي
 وأنا برغم الجرح أغفرُ كالمسيحِ
وأنا أدير إليك خدّي..لن أضمّد من جروحي
عبثا أحاول أن أردّ الروح في جسدٍ تغطّى بالقروح
لكنني أبدًا أُطارد من نبالك كالمسيح
أبدًا  أُطارد كالمسيحِ.
(8)
ليْتَ شعري كيف أنجو
بدمي يومَ الزِّحامِ
وأنا أتعِبُ خيلي في حرامِ؟
يا إلهي!
أتراني كنت أدري
أنني أتعب خيْلي في الحرامِ؟
ما الذي يفصل بين الحبّ و الشهوة؟
ما يفصل ما بين لظى الغيرة في الحق،
                   وما بين جحيم الانتقام؟
 
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(9)-(10)    كن أول من يقيّم
 
(9)
 
إنني متعبٌ من غبار السفر
من دمي يتجول تحت الرياحِ،
                   وتحت المطر
لكم اشتقت،آه،إلى راحتيكِ
                   لأدفن عندها تعَبي
ولكم سقت خيلي إلى ضفّتيك
                             لأرفع عرشكِ في الشهُب..
غير أنك واحدة من سلالة هذا البشرْ..
وأنا لم أزل باحثا عن متوجة فوق هذا البشر..
كان طيفُ الأميرةِ حلمًا بعيدًا بعيدا..
وأنا من شفاه السراب أُرَجِّي الورودا...
(10)
أشكوكَ للرحمنِ
يا فيضًا حريرياً تمرّغ في الرمادِ
يا ثوبَها المرميّ،كالأحلام،فوق قِبابِ بغدادٍ،
كنجم طارقٍ مثوايَ في جُنحِ السوادِ
يا من يكحّل بالسهاد
جفني..ويجفل مثل ظبي في طرادِ
يا من تجلل بالتقى زمناً،
وأوغل في طريقِ الزهدِ،
حتّى لان،كالنجوى،قيادي
فهوتْ على قدميك روحي،
واستبدّ بأضلعي حلم تغلغل في فؤادي
يا من تُخبّىء في يسارك من كنوز الشرقِ
                    ما ناءت مفاتحه بما أعطى جوادي!
أرنو إليك
        فلا مآذن أصبهان تحدّ من صوتي الجموحِ،
ولا قبابُ القيروانِ تردّ أشواقي،
ولا أسرارُ طنجةِ أسلست ليَ أمرها بعد العنادِ
ما عاد لي شيء من الأمر المعظّم مذ عرفتك،
واستويت مملّكا...
        ترنو إلى نجواي أعناقُ العبادِ
                   يا ثوبها الريَّانَ،
يا وردِيُّ
        يا مَلَكًا تألق كانبثاق النجم في كون السواد
لا تغتسل بدم الشهيد،ولا تكحل مقلتيكْ
ماذا لَو اَنِّي ذاتَ فجرٍ أصبحتْ خيلي لديكْ؟
ماذا لوْ اَنِّي قد تلوت عليك بعضًا من جراحات الحسين؟ 
أتراك تُقبِلُ و السلاسلُ في اليدين؟
أتراك  تَقْبَلُ أَنْ نقومَ مُبايِعَيْن؟
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(11)-(14)    كن أول من يقيّم
 
(11)
إن يسألوا عنّي، أقلْ:
حلمي المؤجل أن أراك
وخطيئتي الكبرى هواك
لم يبق لي من إرثك الميمون إلا وردةٌ ذهبيّةٌ
تغفو،كمصباحٍ،على صدر الوليده
تحكي عن الحب الذي قد كان..
                   في العُصُرِ البعيده
وتقول:قد رَحَلَتْ،فهل رَحَلَتْ مودَّتُها؟
== لقد رحلتْ،
        فلا ترقب رجوع سَبُو لمنبعه
ولا ترقب رجوع الياسمينِ
        إلى حقول النور وارفةً مديده
لم يبقَ من ميراثكَ الورديّ
غيرُ حمامتين تُنَقِّرانِ على زجاج نوافِذِ القلبِ الشريده
وتُصَلِّيان،تشيِّعانِ دَمَ القصيدَه
وتُرَفرفان غداً على جَدَثِ،
فوا أسفي على الحبّ المكَفَّنِ،
مثل نافلةِ الطعامِ المرّ،في صَدْرِ الجريده.

(12)
لَمْلمتُ أشلائي وقدتُ جيادي
           من بعد ما طَعَنَ الحبيب فؤادي
الغدر صار سجيّةً في الناسِ،لا
           تأْمنْ بوائِقَ رائــحِ أو غـادِ
وا ضيْعةَ العُمْرِ الذي أنفقتُه
           أبغي السرابَ مولَّهَ الأكبــاد
ضيّعتُ عمري في انتظار نوالِهِ
           و نَوَالُهُ أرضٌ  بغيـرِ سمــاد
الخيْلُ خيرُ مصاحبٍ فانفرْ فما
           في الأرض غير الشرّ و الأحْقاد
 واحذرْ من الدنيا فحلْوُ رضاعها
           موصولـةٌ  أسبابـهُ بنفـادِ
ونعيمها كذبٌ،وريِّقُ مائها
           كَدَرٌ، وصالحُها إلى  إفسـادِ
فَقُدِ الجيادَ،وخض لمجدك أَبْحُرًا
           فالعزّ في الإتهـام و الإنجـادِ
هي كبرياءُ الصقر بعد جراحـِهِ
           تَعْلُو على الأَضغانِ و الأحقادِ
أَيكون ديكُ الجنّ أكثر حكمةً
           منّي وأحزَمَ؟ واضياع رشادي
(13)
يا ربّة الحسن البديع،ونبعة الشعرِ
أدعوتني للبرّ أم للإثم؟ لا أدري
لكنني أدري...
أني وإن أخطأت في أمري
فهواك أجمعه يَحُوك، يَحُوك في صدري
(14)

ترفّق قليلا

حبيبيَ واسمعْ دعائي!
لماذا تفرّ الحساسين منّي؟
لماذا تغيض بحار الضياء؟
كأنّ يدي لم تكن مرة
سوى للخراب وسفك الدماء!
كأنّي رهين بنزع النفوس
وقتل الشيوخ،وأسر النساء!
كأنّ البلابلَ ما سمعتني
أُرتِّل شعري
وأعزف فوق جراحي
وألعق حزنيَ في كبرياء
كأنِّيَ ما سقت يوما لقومي
صروحاً مُمَرّدةً
وبساتينَ سابحةً في الضياءِ!
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(15)-(17)    كن أول من يقيّم
 
(15)
 وأنا أتربع،كالنسر المكلومِ،على قمّة أحزاني
وأمدّ إلى المجهول حبال جنوني الصوتية
يتوغل من خلف الأبعاد فمٌ/كالطل،يناديني:
تلك القانتةُ العابدة الخاشعة السابحة المرضيّه
تلك المخبوءة،كالدرّ المكنون،
بجوف حجاب التقوى القدسيّه
تمضي عنك بعيداً
كالحلم بعيدا...
ترحل مثل عروس البحر إلى الأعماق المنسيّه
 ترحل،كالنجم الثاقب،نحو جزيرة حبّ ورديّه
هي تنزح هاتفة:"إنا مشتاقون لكم جدا"
وفؤادك أنت يداري الشوق النازح دمعتك المنسيّه
قلت:فماذا أحمِل،يا بنت النور،هديّه !
قالت:لاشيء سوى أن تخترق الآفاق،
وتزرع في القلب قصيدة شعر سحريّه
أواه! كم بين المشرق والمغرب من سنة ضوئية
عام يتصرم منفلتا كالبرق،هيا مجنون،
وأنت تداري الشوق بثوب حباء
والصمت يصبّ الوحشة في دمك المسنونِ
فتُعضي أنت،ويُعضَى من عزلتك الصوفيّه
 يا أيّتها المغموسة في بحر التقوى
يا وردة حبّ عربيّه
ليس لذيّ على البعد سوى نهرٍ
ينبع من أرض لساني
يتفجر بالشكر وبالدعوات إلى الملك الديَّان
كي يحفظ تلك القانتة
           العابدة
           الخاشعة
                الوارفة الأفنان
 قال الحزن الرابض في أوردة الصبّ:
مولاتك قد نشرت في عمق الليل ضفائرها
                لحبيب القلبْ
وحبيبُ القلب الفارسُ ضيّع خاتمه السحريّ
                بقعر الجبّ
                   (16)
ناديت في الظلمات غَيْـرَبعيـد
               لنُهى الذي  ينساب من تغريدي
ولشمسها المخبوء تحت غمامـة
               و طفاء  بارقُها سكبتُ  نشيدي 
ولصوتها الورديّ ما ملكت يدي:
               صبواتُ أحشائي،ونبض قصيدي

(17)
على صدر سيتـا نوافيـر مجـدِ
وفي  شفتيهـا أعاصيـر وجـدِ
علـى كتفيهـا يحـطّ الحمـامُ
وفي  مقلتيهـا هـوى وضـرامُ
وخلف الجفـون نجـومٌ مخبّـأةٌ
وشمـوسُ نــدى لا  تــرامُ
كـأَنّ مزاميرها شفـةُ  المتنبّـي
تلفّ الوجـود، وتطوي الزمـان
وتُرسلُ عندلةً لحبيبٍ بعيدٍ..بعيد..
على صـدر سيتا  بقايا  نشيـد
وأرجوحةٌ مـن ضيـاء
وأهتفُ بالبحـر:
يا بَحْرُ ، أَبْحِرْ معي
فسوف تضيعُ  ضفافك في ضفّتيها
ويَغْرقُ  موجُك  في  موجتيهــا
وتـورق،عند شواطئها المشتهـاه
بساتـينُ كـرْمٍ...ونخل نضيـدْ
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(18)-(20)    كن أول من يقيّم
 
(18)
تحت المطر الهدّار،
أنا المصلوبُ على شجر الأيام أنادي
آه جيتا !
عودي يا بنت النور،
هلمّي! فُكي بالله أسيركِ من لهوات الحب القاتل
                   إن الأعداء لنا بالمرصاد
ضخب..صخب..وركام قتاد..
عودي جيتا!
ويطوف ندائي المبحوح فجاج الأرض
يطوف ليرجع نحوي منكسر الأبعاد
حتى،يا قلب،إذا استيأست
وقلت: لقد أسلمنا الأحبابُ،
بدا طيفك يعدو من خلف الآباد...
جيتا!
يا أيتها القديسة،إني أعددت الفُلْك،
فلا بأس إذا فار التنورُ
وسال المطر الهدّار بأعماق الوادي...
 
(19)
 طرقتْ كفُّ الأقدار الغالبة الباب المغلقْ
فأطاع القلبُ وأسلم طوعًا  للإذعـانِ
وهززْتِ بجذعِي فاسَّاقط قلبي في كفِّكْ
(20)
قد كنتُ وحيدًا في الجنه
تجتاب الوحشة أرجائي
فأراد الله له المنّه
أن يكشف عنّي ضرّائي
فإذا أنوارك مشرقةٌ
تسري هوناً في أعضائي
وإذا أشجارك مورقةٌ
تسَّاقط بالثمر الداني
حين التقمت قلبي أنفاسك في الأسحارْ
ضاع العطر الفوَّاح بأرجائي...
 
 
 
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
(21)-(24)    كن أول من يقيّم
 
(21)

يا ليت بقيتِ بلادًا موصدة

لم يفتحها ملك العشّاقْ
يا ليت حياضك لم تبرح عندي حرَمَا...
أو ناراً موقدةً
لا يأمنها قلب المشتاق
يا ليتني لم أهدم أسواركِ
      لم أغنم أنواركِ
      لم أعرف أسراركِ
      لم نكتب،يوما مولاتي،أقدس ميثاق
       يا ليت فؤادي لم ينعم أبدًا بفواكهك الأخاذة
       لم يقطع أبدًا معك الآفاقْ
يا ليت فؤادي صار كذاك الأسد الحجريّ
الرابض في الميدان
لا تلمسه الأحزان
إنَّ الظمأ الفوّار أحبّ إلى نفسي
مِنْ شُرب الهيم،ومن ريّ يتبعه الإحراق..
آه لو أنا لم نشربْ
من كأس الأشواق
لو أني لم يحملني معك التيار
لم تسقط في يدنا الأقمار
(22)
حين التفَّتْ أشجاركِ من حولي
ثم انتشرت غابات الأرز مبشّرة
برياحين الحب الغالبْ
ثم انطلقت أسراب ظبائك في صدري
كالغيمة، غلّقتِ النفسُ الأبوابْ..
حينَ انطلقت كالموتِ رصاصة رفضك
               نحو مياديني البيضاء
جفت مثل الحطب اليابس
كلّ الأعضاء
حين احترقت سفني
كان رمادي تذروه الريح بيوم عاصفْ
والقلب الراكع في المحراب..
تتلقفه الأنواء..
مشدودًا كالقوسِ العذراء
(23)
ها إنّي باسم الرحمن
أدخل معتزلي..
وأفتِّحُ شرفات الأحزان
مثل المجنونِ
أخط إليك خطاباتٍ لا أرسلها
وكتابات لا يقرؤها غيري
وقصائدَ حبّ ضوئيه
 أستودعها عند الفجرِ
شفة النّهرِ
فتمرّ الريحُ
 لتنقض ما غزلت كف الأشعارِ
ولا يبقى إلا ما قد خطته يد الأقدارْ
يا سيدة الأقمارْ
إني أتهاوى الآن كبنيان أخذته النارْ
إنّي أنهارْ
      أنهارْ..
           أنهارْ..
 الآن..
لا يسمع صوتك يا حيرانْ..
إلاّ هذي الشطآن المنسيه
وستذروك الريحُ
إذا لم يتعهدك الرحمن
فتبتل يا حيران بن الأضعف
يا إنسان
(24)
من لقّنك الإبحار إلى أغوار النَّفسْ ؟
من علّم خيلك أن تدخل ليلا محراب الشمس؟
من علم نحلك أن يشتار شفاه الشهد
كي يتغلغل في الأعماق؟
من علّم صوتك أن الحبّ كتاب ليليّ
لا تخطئه، رغم الظُّلَمِ، الأحداقْ!!
 سافرتُ كثيرًا..وكثيرا..
وقطعتُ بحورًا..وبحورا..
ذلّلت الأهرام..وتاج محلّ..وقلاع الرومْ..
ناجيت محاريب الشامْ..
وقباب الآستانه
سيّرت سفينة عمري..
من نهر الدانوب إلى كنجا جمنا..
لكني لم أعرف أن سَبُو
سيلقّنني أنّي ما زلت، برغم فوات العمر،غَريرا.

*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
 1  2  3