الهـــــلال
كفوا لسان المراثي إنها ترف
عن سائر الموت هذا الموت يختلف
يا من تصيحون يا ويلي.. ويا لهفي
والله لم يأت بعد الويل واللهف
ضل الكلام وضل المهتدون به
إن الصفات خيانات لما تصف
والمرء سر ووجه المرء يكتمه
تحتار هل عرفوا... أم بعد ما عرفوا
تخبرهم فترى في صمتهم خدراً
كالشيخ عزاه عن موت ابنه الخرف
إن يصبروا...لا تصدق أنهم صبروا
أو يضعفوا لا تصدق ..أنهم ضعفوا
انظر إليهم أقاموا الليل في شغلٍ
تحت هلال لغير الخوف يرتجفُ
يضمدون نخيل الله في زمن للحرب
لا السلم فيه يرفع السعف
تعانق الموت فيهم والحياة
كما تعانقت في الحروف اللام والألف.
يا هلال ...يا ابتسامة ليل عليل..
يجامل أمثالنا الزائرين
يا استدارة نونٍ بخط ابن مقلة
يقسم قارئها أنها النون في قول ربك (كن)
يتفرع من حبرها شجرٌ يثمر الخلق..يا سيدي أجمعين.
شهدت تفرع تاريخينا كغصون الخيال
وشهدت وداعته حين كان بريئاً كعين الغزال
وشهدت تيبسه كقرون الوعول
تشاركنا كل ليلٍ قصير.. وتسهر وحدك في كل ليلٍ يطول
وأنت الذي نام بين المقابر كي لا يراه المغول ببغداد...
..يا صاحبي
ثم عدت كما يصف ابن الأثير
تعانق من عاش من أهلها بعد ست أسابيع
كي تتدبر أمر المعايش..لا بد من قمرٍ يسهر الليل
حتى..وإن كان فيها مغول.
يا جليل النحول ... يا خفي الكمال..
يا رفيق الرفاق إليك السؤال
هل سألت وأنت تعد خطانا من الهجرة النبوية
حتى احتلال العراق ...هل رفقت بنا يا رفيق الرفاق ؟
فقال الهلال: أنا الاحتمال
أنا الزعم أن الإضاءة في الليل ممكنةٌ ..
دون أن تظلم النار زيتاً
ودون افتخار الدخان بلا وجه حق ٍ على العالمين.
أنا الليل حين يخالف فطرته...ويضيء
أنا الاحتمال الضئيل
أقول لكم إن شمسا ً وإن فارقت ...ما تزال هنا في زوايا السماء ...ووجهي عليها الدليل
أنا الاحتمال الخفيف الثقيل
أنا كلما أضعف الله ضوئيَ ...طالبتكم أن تروني أكثر هاتوا مناظيركم ..واستعدوا..
أنا الأمل المستغل الذي دائما يطلب المستحيل
يوقن الراصدون بأن لا صباح سيطلع مني..
لإني ضعيف.. نحيف..هزيل
ولكنهم يذهلون إذا ما أطل عليكم بوجهي صباح جديد
لم أغب كنت أحضره من مكامنه...أي نعم ..متُ حتى آتيت به
فأنا الميت الحي فيه اذكروني إذا جاء صبح
ففي كل صبح هلال شهيد
قال الهلال ينادي كل من قتلوا
الموت محتمل ضيفاً به ثقل
كذا قيامي بعد الموت محتمل
يا قائمي الليل لا خوف ..ولا وجل
أنا لكم ولد إن شئتُ.. أو سلف
قال الهلال أنا المولى.. أنا المولى
يا أهل ودي أنا مولى دمِ القتلى
تحت القنابل أتلو سورة الأعلى
ولن ترد المنايا سورة تُتلى
لكان نموت وفي أسماعنا شرف
حي المآذن تحت القصف تنتصب .. حتي الطيور التي من حولها عربُ
تطمئن الأهل إذ يجتاحها اللهب .. أنا بخير فلا خوف ولا رهب
مازلت أقصف لكن لست أنقصف
كفوا لسان المراثي إنها ترف