البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : موضوع للمناقشة وإبداء الرأي .. أسلوب الاختصاص ، وأمه النداء !!!    كن أول من يقيّم
 الدكتور مروان 
28 - فبراير - 2008
 
نجد في كتب النحو موضوعا مستقلا ، هو :
 أسلوب الاختصاص ، وهو من المنصوبات ؛ ولذلك نجده مباشرة في كتب النحو بقضها وقضيضها بعد بحث النداء مباشرة ، وبعض النحاة يدخله أحيانا ضمن بحث النداء ؛ كما فعل ابن يعيش النحوي في شرح المفصل 2 / 17 ، فقد تناول ابن يعيش " أسلوب الاختصاص " ، بعد حذف النداء ، وقبل "الترخيم" ،
وكما هو معلوم فإن الترخيم هو من مواضيع النداء !!
 
وهنا يقف الباحث متسائلا :
ماالسر في هذا الترتيب ، مع أن الاختصاص يدخل في بحث المفعول به ؛ لما يترتب عليه من حذف عامله ، وبقائه منصوبا على الاختصاص ، وذلك باعتباره مفعولا به لفعل محذوف وجوبا تقديره :
(أخص ، أو أعني )!!
 
كما أنه في كتب النحو يأتي في التصنيف ، بعد (أسلوب الإغراء والتحذير) ، وهو بحث يتبع نصب المفعول به ، كما يعلم الجميع ..
والنحاة يعللون ويدللون على أن الاختصاص غير منادى ؛ لأنه لايجوز دخول حرف النداء عليه ، فلا تقول :
أنا أفعل كذا ياأيها الرجل ، وذلك إذا قصدت بذلك نفسك .
 
والنحويون إنما يفعلون ذلك ؛ لأنهم يبحثون موضوع الاختصاص مع موضوع النداء ، أو بعده ؛ وذلك لأن الاختصاص عندهم يجري مجرى طريقة النداء وأسلوبه ، بسبب اشتراكهما في أداء الاختصاص ، ومن هنا استعير لفظ أحدهما للآخر ـ ويقصدون بذلك (أي) ، فجاء الاختصاص بلفظ النداء ، وإن لم يكن منادى !!
 
ونجدهم أيضا في بحث الاختصاص يذهبون في الإغراب مذاهب أخرى أكثر عسرا ومشقة ، مما ذهبوا فيه فيه في مجاهل النداء وأساليبه ،ولذلك نجد عندهم :
 
(أي) ؛ هنا في هذا المبحث مبنية على الضم في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوبا ، تقديره : (أخص ، أو أعني )!!
والهاء للتنبيه ، والاسم بعد ذلك نعت منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة الاتباع والمشاكلة ، تماما مثلما أعربوا الأسلوب ذاته في مبحث النداء !!
 
ومن ثمة يضيفون إشكالية أخرى ، فنجدهم يعربون "أي وصفتها" مبتدأ مرفوع وخبره محذوف ، أو أنها خبر مبتدؤه محذوف ، ولذلك يقدرون في الأول :
الرجل المذكور من أريد ,,
وفي الثاني نجدهم يعكسون الأية  :
من أريد الرجل المذكور !!؟
ولا يقدر فيها حرف النداء ؛ بل هي جملة في موضع الحال ، وذلك بتقدير :
أنا أفعل كذا متخصصا من بين الرجال (انظر شرح المفصل ؛ لابن يعيش 2 /17 ـ 18 ).
 
إن أسلوب النداء وأسلوب الاختصاص واحد في إرادة تعبيرهما ، وفي أسلوبهما ، فكل منهما يفيد معنى الفخر والتواضع والتوكيد وزيادة بيان المقصود( انظر : شرح التصريح على التوضيح 2 / 190 ، وابن يعيش 2 / 18 ) .
وكل منهما جار في الأسلوب مجرى الآخر سواء في استعمال "أي" أو في غيرها ..
و"أيها" هذه سواء أستعملت مع "يا" أو بدونها ؛ فهي للنداء على الحقيقة ، وهي أولى من أن تخرج عن بابتها الذي استعملت له .
أما ما جرى من حذف أداة النداء في الأسلوبين الآخرين مما أسموه "الاختصاص" ، فلا عبرة به ، إذا عرفنا أن أداة النداء تحذف كثيرا في أسلوب النداء .
إن كلا من المنادى والاسم المختص منصوب بفعل مضمر غير مستعمل إظهاره ، ولا يكونان إلا للمتكلم أو للمخاطب (انظر: ابن يعيش 2 / 18 ) .
ولعل سائلا يسأل :
كيف التوجيه الإعرابي للاختصاص ، ليكون قريبا في إعرابه إلى إعراب المنادى ، فنقول له :
ــ بالنسبة إلى أسلوب الاختصاص الأول في استعمال "أيها" ، مثل قولك :
أنا أفعل كذا أيها الرجل !!
فقد اتفق النحاة على أن الإعراب هنا يشبه كل الشبه إعراب الأسلوب في النداء نفسه ؛ إلا أن " أي" المبنية على الضم في محل نصب على المفعولية في أسلوب الاختصاص ، وذلك بتقدير : (أخص ، أو أعني ) ، حيث تصبح في محل نصب منادى في بحث (النداء) ، (وعلى المفعولية أيضا) ، أو أن "أيها" أداة نداء ، لنداء مافيه (ال) ؛ فنقول :
يأيها الرجل .. وياأيتها المرأة ، وهي لاتثنى ، ولا تحمع .
ونحن نجد القرابة بينهما شديدة لاصقة ، ولا اختلاف بين الأسلوبين معنى ، أو إعرابا ..
ونستطيع أن نقيس على ذلك أيضا :
أسلوب المعرف بأل
وأسلوب المضاف
ولي عودة إلى هذا الموضوع ؛ لتوضيح المبهم ، وجلاء بعض الأمور الأخرى المستغلقة
حول هذا الموضوع ..
 
هل من داع ٍ لأن نفرد لهذا الموضوع بحثا خاصا في موضوعات النحو ؛ ليزيد من موضوعات النحو العديدة المتشعبة !!
أما آن الأوان ؛ لكي نعيد هذا الموضوع الصغير في بابته إلى أحضان أمه (النداء) ؛ لينعم بالأصالة والأمومة والدفء ، بعد هذه القرون الطويلة من الانفصال والنكران والتيه !!!؟
 
أرجو أن نجد أسبابا كافية لتدارك ذلك ، ونعود بالفرع إلى أرومته واصله .. 
 
وأنتظر من الأحبة أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع
وجزى الله الجميع خيرا
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
دعوة أم دعوى؟9    كن أول من يقيّم
 
وفي سياق حركة الإصلاح والتجديـــــــد لا بد أن نشير إلى تيار النظر في العربية وعلاقتها بالحضارة الحديثة، ويتمثل هذا التيار في الدعـوة إلى تطوير الفصحى أحياناً أو اصطناع العامية بدلاً منها أحياناًأخرى.
ويمثل هذا التــيار سلامة موسى، والدكــــــتور محمد كامل حسين. أما الأول فكان من دعاة العامية الذين دعَوا إلى إحلالها محلَّ الفـصحى، أو إحلال الحروف اللاتينية محل الحروف العربية في الكتابة، وهي دعوة لم ترتفـــع عن مستوى الشبهــــات، وقد رفـض الضمير الديني والقومي التخلي عن الفصحى، وتصدَّوا لهذه الدعوة المشبوهة.
أما د/كامل حسين فقد حاول أن يغير من النموذج النحْوي التقليدي في كتابه "اللغة العربية المعاصرة" وهو يقسم اللغة العربية إلى أربعة مستويات:
1- اللغة العالية وهي لغة الأدب الرفيع والخطب والمواعظ.
2- اللغة المخففة وهي الشائعة بين المثقفين والمتعلمين.
3- العامية المنقحة وهي تقوم على إحلال وتغيير بعض الأصوات والمـفردات وطرق النفي والاستفهام الفصيحة محل ما يقوم مقامها من العامية.
4- العامية الخالصة.
وهو يرى أن الفصحى المخففة هي الجديرة بالدراســـة دون العالية أو العامــــية المنقحة، ويتنبأ بأن هذه الفصحى المخففة سيكتب لها الذيوع والانتشار، ويطالب بدراسة خصـــــــائصها، ووضع القواعد المنظمة لها حتى لا تصبحَ مهلهلة كالعامية، أو عسيرة كالفصحى العالية.
وهكذا نسمع لأول مرة في تاريــــــــــخ الفكر اللـــــغوي العربي من يدعو إلى وضع نموذج جديد للغة العربية طبقاً لمستوى لغــــــــوي غير الذي حدده القدماء، وهو ينطلق - كما يقول- من الواقع اللغوي، وهو يرى أن تجاهل هذا الواقع عيبٌ من عيوب التفكير اللغوي العربي.
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟ 10    كن أول من يقيّم
 

والواقع أن الدكتور كامل حسين قد مس جانباً حقيـــقياً من مشكلة اللغة وصعوبة قواعدها؛ فإن التركيب اللغوي للمجتمع العربي يقوم على الفصـــــحى في أقصى اليمين والعامية في أقصى اليسار، دون أن يكون بينـــــهما لقاء، مع أن عــــــلم اللغة الاجتماعي يقوم على أساس استحالة الفصل بين ألوان النشاط اللغوي بين المجتمع الواحد.ورأى الدكتور كامل حســــين أن منهجه يقوم على التدرج من أدنى مراتبـــــــــه في العامية المنقحة إلى الفصحى العالية، وهذا التدرج يتعلق بالسن والمرحلة الدراسية.
فالطفل في المرحلة الابتدائية يقول: "نحن" بدلاً من "إحنا"، ويقـــــول: "ما كان" بدلاً من "ما كانش"، ويقول: "لماذا" بدلاً من "ليه"، ويقول: "هذا" بدلاً من "ده".
أما الفصحى المخففة فيقوم نموذجه على عدم التمســــك بالإعراب إلا في الحالات الواضحة التي لا لبس فيها، وإغفال مخاطبة الرجال والنساء في حالات الجمع، واطراد أبواب الفعل وصيغ المصادر وجموع التكسير إلا فيما هو مشهور، وهكذا.
ثم يأتي توفيق الحكيم الذي نادى بالنمط المتوسط للاستعـــــــــمال اللغوي الذي أطلق عليه مصطلح "اللغة الثالثة"، ولم ير أحد في هذه الدعـــــــوة واقعاً لغوياً موجوداً، بل تخيلوا أن هذه الدعوة هي محاولة لإيجاد شيء غير موجــود، ولكن هذه الدعوة قد أخذت صورة دراسة علمية على يد الدكتور الســـعيد البدوي،عندما قام بدراســــة مستويات العربية المعاصرة، ولكنها وقفت عند حدود الدعوة، ولم تخرج إلى حيز التطبيق العملي رغم علميتها وواقعيتها.
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟11    كن أول من يقيّم
 
مضامين التجديد :
لقد تراوحت مضامين التجديــــد بين الإلغاء والاستبدال الاصطـلاحي والترميم الجزئي ، في إطار النظرية النحْوية العربية ، وبين استثمار النظريات الحديثة لإعـــادة بناء النحو العربي على أسس شبيهة بما بنت عليه اللغات الطبيعية أنحاءها  كما تراوحـــت بين العلمية والموضوعية ، وبين العدائية والانفعالية ، وقد جمـــــعت حقاً وباطلاً ، وهـــــوجم النحو بما فيه وبما ليس فيه ، وحملت عليه أوزاره وأوزار غيره ... وكان مـــسرح عملياتها : علم النـحو وقواعده ، ومؤلفات النحو ، ومناهج الدراسات النحْوية ، وقبل أن نقتحـــم عالم الإعراب ومشاريع التجديد ، أحب أن أقف  ولو بصورة مختزلة على بعض مضامين التجديد :
فقد اقترح حسن الشريف إلغاء الممنوع من الصرف ، والتســـــوية بين العدد والمعدود في التذكير والتأنيث ، وأن يظل نائب الفاعل منصـــــوباً وأن يلزم المنادى والمستثنى حالة واحدة ، فيكونان مرفوعين دائماً ، أو منصوبَين ... (العربية وتسهيل قواعدها- المقتطف مجلد 29/ ص342).
واقترح جرجس الخوري المقدسي نــــصْبَ المنادى المـعرب مطلقاً ، وجعْلَ ضميري الجمع المذكر والمؤنث واحدا ، ونصب جمع المؤنــــــث السالم بالفتحة ، ورفع الاسم والخبر في جميع النواسخ ...( إحياء النحو ص 115 – 116).
واقترح إبراهيم مصطفى جعل الخبر من التوابع ، وحذف النعت من التوابع ، وحذف الفتحة من علامات الإعراب ...( تيسير النحو التعليمي لشوقي ضيف ص 56 و 140).
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟12    كن أول من يقيّم
 
**واقترح شوقي ضيف إلغاء ثمانية عشر بابأً ، واعتبرها من الزوائد الضـــارة ،وهي : باب كان وأخواتها ، وباب كاد وأخواتها ، وباب الحروف العامـــلة عمل ليس ، وباب ظن وأخواتها ، وباب أعلم وأرى وباب التنازع ، وباب الاشتغال ، وباب الصفة المشبهة ، وباب اسم التفضيل ، وباب التعجب ، وباب أفعال المدح والذم، وباب كنايات العـدد ، وباب الاختصاص ، وباب التحذير وباب الإغراء ، وباب الترخيم ، وباب الاستغاثة ، وباب الندبة.
 (اللغة ليست عقلا أحمد حاطوم ص 105).
ومع أن بعض هذه المقترحات يمكن دراسته ، إلا أن أغلبـــها - مع تلبسه بالعلمية - كان يجمع بين الإثارة والغرابة ، ولم يكن قائماً على أسس علمية ودراسة متفحصة للواقع اللغوي .
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟13    كن أول من يقيّم
 
مقتطفات من المضامين:
-
ذهب الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه : ( النحو العربي نقد وبناء ص91) إلى أن النائب عن الفاعل والفاعل مادة واحدة .
-
ورأى الدكتور عبد الرحمــــــن أيوب في كتابه: (دراسات نقدية في النحو العربي ص 53) إلى بناء الاسم المقصور؛ لعدم قابلية آخرها للتغيير ، لذا لا فرق بين كلمة ( عيسى ) وكلمة (هذا).
-
وذهب كذلك في ( ص 71) إلى أن تاء التأنيــــث لا تختلف عن تاء الضـــــمير ، وأن تعريف الضمير يشملها.
-
كما ذهب في ( ص 71) أن أحرف المضارعة التي تجمعها كلمة ( أنيت ) ضمائر .
-
وذهب الدكتو الجواري في كتابه : ( نحو التيسير ص 125)، وكذلك الدكــتور قيس الأوسي في كتابه: (أساليب الطلب عند النحْويين والبلاغيين ص 130) إلى أن صيـــغة الأمر (اِفعَلْ) لا إسنادَ فيها ، وليس من شـــــــأنها أن يكون فيها إســــنادٌ؛ لأنها مجرَّد صيغة لطلب الفـــــعل من المخاطب.
-
وذهب آخرون إلى حذف باب الأفعال الناسخة ، وينسبون ذلك إلى الكوفيين خطأ ، كما صرح بذلك صاحب كتاب ( تيسير النحو التعليمي ص50).
-
وذهب قسم منهم إلى ما ذهب إليه مهدي المخزومي( في النحو العربي نقد وتوجيه ص73 ) حين قال: "ليس من المبتدأ ما كان مسنداً إليه في جملة فعلية كما زعم النحاة في نحو قولنا:   (محمد سافر ).
أولاً: جزى الله خيراً شبكة الفصيح؛ صاحبة الموضوع.
ثانياً: سؤال لأخي الأديب الغالي الدكتور مروان العطية ، وقد تَلْمذَ لعلامة الديار الشامية الأستاذ أحمد راتب النفاخ ( رحمة الله عليه) ، ولازمه عشرين عاماً : مارأي العلامة ،رحمه الله تعالى،؟
*د يحيى
1 - مارس - 2008
قراءات في تيسير النحو1    كن أول من يقيّم
 
          قراءات معاصرة في تيسير النحو العربي ـــ د.شوقي المعري
                                             النداء
يعد بحثُ النداء من الأبحاثِ التي تصعبُ على الطالب لكثرة ما فيه من أحكام وآراء وقواعدَ، وقد يكون هذا البحث مثالاً جيداً لتطبيق نظرية التجديد أو التيسير في النحو، وقد عرضت للبحث عند القدماء والمحدثين من خلال:‏ أ ـ الكتب العامة.‏ ب ـ الكتب المدرسية‏ ج- كتب التيسير أو التجديد.‏ أما المنهج الذي اتَّبعته فهو عرضُ المادة ثم مناقشتها، ثم التعليق عليها فعند القدماء.كانت مادة سيبويه المعينَ الذي استقى منه من جاء بعده، وكان المعوَّل عليه في معظم ما كُتب، فوجدْتُ تكراراً لما جاء في الكتاب عند كلّ من ألَّف فعمدتُ إلى اختيار المشهور من الكتب، وكان المنهج أن عرضت للبحث من الكتب جميعها وتمييز ما انفرد به كلُّ كتاب إن انفرد مع التعليق إن كان ثمة من ضرورة.‏
عُرِضَ بحث النداء في كتاب سيبويه(1) مبثوثاً في عناوينَ غير منتظمة فبدأ بالمعرف بـ (ال)، فقال: إن الاسم المنادى بعد (أي) لا يكون إلا رفعاً وشبّه (أي)بـ (هذا) في النداء، والرجل في (يا أيها الرجل) وصفٌ له كما يكون وصفاً لـ (هذا)، فصار (هذا) والرجل بمنـزلة اسم واحد كأنك قلت: يا رجل.‏
أمّا قولك: يا أيُّها الرّجلُ وعبدَ الله المسلمين الصّالحَيْن فهو من باب ما ينتصب على المدح أو التعظيم والشتم وأشار إلى أنه لا يجوز أن ننادي اسماً فيه الألف واللام البتة إلا لفظ الجلالة، أمّا «اللهم» فقد نقل سيبويه عن الخليل أنّ الميم بدل من (يا) وهي في آخر الكلمة بمنـزلة (يا) في أولها، وتبعه في هذا كلّ من جاء بعده(2).‏
*د يحيى
2 - مارس - 2008
قراءات في تيسير النحو2    كن أول من يقيّم
 
ثم انتقل إلى أسماء لازمت النداء وتكاد تكون الأسطر القليلة في هذا الباب مشتركة بين جميع الكتب، وقد حدّدها سيبويه يا (نومان) ويا هناه ُ، ويا فلُ،(3)‏
وقد يُثار هنا السؤال التالي: لماذا لم تُستعمل هذه الأسماء إلاّ في النداء وهي قليلة جدّاً، فهل سُمِعَتْ ولا يُقاسُ عليها؟ وما الشاهد عليها؟ ووقف عند باب تكرار الاسم في المنادى المضاف ويكون الأول بمنـزلة الآخر وذلك قولك: يا زيدَ زيدَ عمروٍ.‏
أما باب نداء المضاف إلى ياء المتكلم فبدأه سيبويه بقوله: اعلم أنّ ياء الإضافة لا تثبت مع النداء كما لم يثبت التنوين في المفرد، لأن ياء الإضافة في الاسم بمنزلة التنوين لأنه بدل من التنوين(4)، وقد تبدل مكان الياء الألف لأنّه أخف وذلك قولك: يا ربا تجاوز عنّا، ويا غلاما لا تفعل فإذا وقفت قلت: يا غلاماه(5).‏
أما المبرد فقال في هذا ثلاثة أقوال: حذف الياء وهذا أجودها، وإثبات الياء ساكنةً، وإثبات الياء متحركةً(6).‏
أما المنادى المضاف إلى اسم فيه ياء المتكلم، فقد نقل سيبويه عن الآخرين أنهم قالوا: يا ابن أمَّ ويا ابن عمَّ (بفتح أمّ وعمّ)، وعلل ذلك أنه صار مع ما قبله بمنـزلة اسم واحد، والسؤال الآخر: لم نُصِبَ المضاف إليه أمّ وعمّ وهو مع المنادى بمنـزلة اسم واحد فلمَ لم يُجرَّ على لفظه ويكون بحذف الياء كما في «ربِّ» بل لماذا لا يُعامل معاملة الأسماء المضافة إلى أسماء الله تعالى «يا عبد الله» الذي صار بمنـزلة اسم واحد؟!.‏
*د يحيى
2 - مارس - 2008
قراءات في تيسير النحو3    كن أول من يقيّم
 
وسمّى باب الاستغاثة بباب: ما يكون النداء فيه مضافاً إلى المنادى بحرف الإضافة يقصد اللام المفتوحة حرف الجر، كقول المهلهل:‏
يا لبكرٍ انشروا لي كليباً** يا لبكرٍ أينَ أينَ الفرار(7)‏
وقد أكثر سيبويه من الاستشهاد في هذا الباب، وتبعه الآخرون(8).‏
وفي باب النـدبـة(9) عرّف الاسم المندوب فقال: هو المُتفجَّع عليه ويجوز لك أن تلحق في آخره ألفاً مفتوحاً ما قبلها، وهذا الاسم ينادى بإحدى أداتين «يا» أو «وا»(10)، ولا تلحق الألف المنادى المندوب عندما يوصف كما في قولك: «وأزيد الظريفُ والظريفَ» أمّا في المضاف فيجوز نحو: يا أمير المؤمنين ومثل يا عبد قيساه لأنّ المضاف والمضاف إليه بمنـزلة اسم واحد منفرد(11)‏
أما حروف النـداء فسمّاها سيبويه الحروف التي تُنبّه بها المدعو، وعدّها خمسةً: يُنادى بها الاسم غير المندوب وهي (يا) و(أيا) و(هيا) و(أي) و(بالألف) والأربعة الأُول قد يُنادى بها إذا أردت أن تمدَّ صوتك للشيء المتراخي عنك، وتبع عددٌ من القدماء سيبويه(12)، ولكنّ بعضهم زاد عليها (آ) و (أيّ) ساكنة ومتحركة فصار عندهم ثمانية أحرف(13)، وقد كثر الكلام حول هذه الأدوات وطال عرض الآراء عند التالين لمن قبلهم(14).
*د يحيى
2 - مارس - 2008
قراءات في تيسير النحو4    كن أول من يقيّم
 
وقد أجمع كل النحويين على جواز حذف حرف النداء استغناءً ولكن ليس في المبهم مثل (يا هذا) إذ يجب إثبات الحرف (يا)، وجاز حذف (يا) من النكرة في الشعر(15) كقول العجاج:‏
جاري لا تستنكري عذيري(16).‏
وفي الأمثال مثل: افْتدِ مخنوقُ(17)، وأصْبِح ليلُ(18)، وأطرقْ كرا(19). وتلزم الأداة في الاستغاثة(20).‏
ثم عرّف سيبويه الترخيم فقال: والترخيم حذف أواخر الأسماء المفردة تخفيفاً(21) كما حذفوا غير ذلك من كلامهم تخفيفاً، والترخيم لا يكون إلا في النداء؛ لكثرته، إلا أن يضطر الشّاعر(22)، ثمّ حدّد أكثر فقال: أي لا يكون في المضاف أو الموصوف ولا المُسْتَغاث المجرور لأنه بمنـزلة المضاف إليه، ولا المندوب؛ لأنَّ علامته مستعملة فإذا حذفوا لم يحملوا عليه مع الحذف الترخيم وقال: إنّ الحرف الذي يكون قبل الحرف المحذوف يحافظ على حركته(23).‏
وقد يجوز حذف حرفين في الاسم المرخم، مثل :عثمان، ومروان، وقد وقف صاحب الخزانة عند جواز وصف المرخم إلا عند الفرّاء وابن السّراج، واستشهد بقول الشّاعر:‏
      فقالوا تعال يا يزيد بن مخرم‏** فقلت لهم إني حليف صداء(24)‏
ويتصل ببحث النداء بعض الأحكام منها ما زعمه الخليل(25) أنَّ قولهم:
يا طلحَة أقبلْ يشبه: يا تيمَ تيمَ عدّي
 من قبل أنّهم قد علموا أنهم لو لم يجيئوا بالهاء لكان آخر الاسم مفتوحاً، فلما ألفوا الهاء تركوا الاسم على حاله التي كان عليها قبل أن يلحقوا الهاء، قال النابغة الذبياني:‏
    كليني لهم يا أميمةَ ناصب‏ **     وليلٍ أقاسيه بطيء الكواكب(26)
*د يحيى
2 - مارس - 2008
قراءات في تيسير النحو5    كن أول من يقيّم
 
ونقل البغدادي في الخزانة عن الفارسي أنّ الهاء زائدة وفُتحت إتباعاً لحركة الميم ،أو أنها دخلت بين الميم وفتحها فالفتحة التي في أولها هي فتحة الميم ثم فُتحت إتباعاً لحركة الهاء(27).‏
ويثير ما تقدم كلاماً، لكنّ الملاحظ أنَّ معظم القدماء لم يقف عند هذا الجانب، وكذا المحدثون‏
تعقيب ونتائج:‏
وبعد فقد عرضت لبحث النداء عند القدماء، وبقي فيه كلامٌ يمكن أن يُعد من النتائج، ويمكن تلخيصها بما يلي:‏
1- بدا البحث موزّعاً في كتاب سيبويه، وكتاب المقتضب للمبرد، ثم بدأ تحديد العناوين(28).‏
2- قسّم ابن السّرّاج في كتاب الأصول الأسماء المناداة على ثلاثة أضرب: مفرد، ومضاف، ومضارع للمضاف بطوله.‏
3- لم يُذكر المنادى الشبيه بالمضاف عند معظم القدامى.‏
4- أوجب ابن السراج نصب أي منادى ؛ لأن (يا) تنوب مناب الفعل (أنادي)، وهذه مسالةٌ مشكلةٌ وقف عندها المحدثون كثيراً، وقد تبع ابن السراج ابنُ مالك الذي عدّ المنادى منصوباً لفظاً أو تقديراً بـ (أنادي) لازم الإضمار استغناء بظهور معناه مع قصد الإنشاء وكثرة الاستعمال، وكذا تجده عند ابن يعيش في شرح المفصل(29).‏
5- تكلف بعض النحويين في جوانب ليست بذات أهمية مثل باب الندبة عند الرضي، والترخيم عند ابن مالك في شرح الكافية الشافية(30).
6- أطال عدد من العلماء في البحث إطالة زائدة(31).‏
*د يحيى
2 - مارس - 2008
 1  2  3  4