البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : موضوع للمناقشة وإبداء الرأي .. أسلوب الاختصاص ، وأمه النداء !!!    كن أول من يقيّم
 الدكتور مروان 
28 - فبراير - 2008
 
نجد في كتب النحو موضوعا مستقلا ، هو :
 أسلوب الاختصاص ، وهو من المنصوبات ؛ ولذلك نجده مباشرة في كتب النحو بقضها وقضيضها بعد بحث النداء مباشرة ، وبعض النحاة يدخله أحيانا ضمن بحث النداء ؛ كما فعل ابن يعيش النحوي في شرح المفصل 2 / 17 ، فقد تناول ابن يعيش " أسلوب الاختصاص " ، بعد حذف النداء ، وقبل "الترخيم" ،
وكما هو معلوم فإن الترخيم هو من مواضيع النداء !!
 
وهنا يقف الباحث متسائلا :
ماالسر في هذا الترتيب ، مع أن الاختصاص يدخل في بحث المفعول به ؛ لما يترتب عليه من حذف عامله ، وبقائه منصوبا على الاختصاص ، وذلك باعتباره مفعولا به لفعل محذوف وجوبا تقديره :
(أخص ، أو أعني )!!
 
كما أنه في كتب النحو يأتي في التصنيف ، بعد (أسلوب الإغراء والتحذير) ، وهو بحث يتبع نصب المفعول به ، كما يعلم الجميع ..
والنحاة يعللون ويدللون على أن الاختصاص غير منادى ؛ لأنه لايجوز دخول حرف النداء عليه ، فلا تقول :
أنا أفعل كذا ياأيها الرجل ، وذلك إذا قصدت بذلك نفسك .
 
والنحويون إنما يفعلون ذلك ؛ لأنهم يبحثون موضوع الاختصاص مع موضوع النداء ، أو بعده ؛ وذلك لأن الاختصاص عندهم يجري مجرى طريقة النداء وأسلوبه ، بسبب اشتراكهما في أداء الاختصاص ، ومن هنا استعير لفظ أحدهما للآخر ـ ويقصدون بذلك (أي) ، فجاء الاختصاص بلفظ النداء ، وإن لم يكن منادى !!
 
ونجدهم أيضا في بحث الاختصاص يذهبون في الإغراب مذاهب أخرى أكثر عسرا ومشقة ، مما ذهبوا فيه فيه في مجاهل النداء وأساليبه ،ولذلك نجد عندهم :
 
(أي) ؛ هنا في هذا المبحث مبنية على الضم في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوبا ، تقديره : (أخص ، أو أعني )!!
والهاء للتنبيه ، والاسم بعد ذلك نعت منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة الاتباع والمشاكلة ، تماما مثلما أعربوا الأسلوب ذاته في مبحث النداء !!
 
ومن ثمة يضيفون إشكالية أخرى ، فنجدهم يعربون "أي وصفتها" مبتدأ مرفوع وخبره محذوف ، أو أنها خبر مبتدؤه محذوف ، ولذلك يقدرون في الأول :
الرجل المذكور من أريد ,,
وفي الثاني نجدهم يعكسون الأية  :
من أريد الرجل المذكور !!؟
ولا يقدر فيها حرف النداء ؛ بل هي جملة في موضع الحال ، وذلك بتقدير :
أنا أفعل كذا متخصصا من بين الرجال (انظر شرح المفصل ؛ لابن يعيش 2 /17 ـ 18 ).
 
إن أسلوب النداء وأسلوب الاختصاص واحد في إرادة تعبيرهما ، وفي أسلوبهما ، فكل منهما يفيد معنى الفخر والتواضع والتوكيد وزيادة بيان المقصود( انظر : شرح التصريح على التوضيح 2 / 190 ، وابن يعيش 2 / 18 ) .
وكل منهما جار في الأسلوب مجرى الآخر سواء في استعمال "أي" أو في غيرها ..
و"أيها" هذه سواء أستعملت مع "يا" أو بدونها ؛ فهي للنداء على الحقيقة ، وهي أولى من أن تخرج عن بابتها الذي استعملت له .
أما ما جرى من حذف أداة النداء في الأسلوبين الآخرين مما أسموه "الاختصاص" ، فلا عبرة به ، إذا عرفنا أن أداة النداء تحذف كثيرا في أسلوب النداء .
إن كلا من المنادى والاسم المختص منصوب بفعل مضمر غير مستعمل إظهاره ، ولا يكونان إلا للمتكلم أو للمخاطب (انظر: ابن يعيش 2 / 18 ) .
ولعل سائلا يسأل :
كيف التوجيه الإعرابي للاختصاص ، ليكون قريبا في إعرابه إلى إعراب المنادى ، فنقول له :
ــ بالنسبة إلى أسلوب الاختصاص الأول في استعمال "أيها" ، مثل قولك :
أنا أفعل كذا أيها الرجل !!
فقد اتفق النحاة على أن الإعراب هنا يشبه كل الشبه إعراب الأسلوب في النداء نفسه ؛ إلا أن " أي" المبنية على الضم في محل نصب على المفعولية في أسلوب الاختصاص ، وذلك بتقدير : (أخص ، أو أعني ) ، حيث تصبح في محل نصب منادى في بحث (النداء) ، (وعلى المفعولية أيضا) ، أو أن "أيها" أداة نداء ، لنداء مافيه (ال) ؛ فنقول :
يأيها الرجل .. وياأيتها المرأة ، وهي لاتثنى ، ولا تحمع .
ونحن نجد القرابة بينهما شديدة لاصقة ، ولا اختلاف بين الأسلوبين معنى ، أو إعرابا ..
ونستطيع أن نقيس على ذلك أيضا :
أسلوب المعرف بأل
وأسلوب المضاف
ولي عودة إلى هذا الموضوع ؛ لتوضيح المبهم ، وجلاء بعض الأمور الأخرى المستغلقة
حول هذا الموضوع ..
 
هل من داع ٍ لأن نفرد لهذا الموضوع بحثا خاصا في موضوعات النحو ؛ ليزيد من موضوعات النحو العديدة المتشعبة !!
أما آن الأوان ؛ لكي نعيد هذا الموضوع الصغير في بابته إلى أحضان أمه (النداء) ؛ لينعم بالأصالة والأمومة والدفء ، بعد هذه القرون الطويلة من الانفصال والنكران والتيه !!!؟
 
أرجو أن نجد أسبابا كافية لتدارك ذلك ، ونعود بالفرع إلى أرومته واصله .. 
 
وأنتظر من الأحبة أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع
وجزى الله الجميع خيرا
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
غزة أولا أيها العرب..!    كن أول من يقيّم
 
* أريد إعرابا تاما للعنوان أعلاه .
وجزاكم الله بألف خير .
 
 
Horror Animated                                 Horror Animated
 
                        
*abdelhafid
1 - مارس - 2008
محاولة إعراب    كن أول من يقيّم
 
 
من بعد طلب الإذن من الدكتور مروان العطية الذي تطفلنا على موضوعه ههنا ، لكني لا أستطيع أن أترك جملة عبد الحفيظ بدون محاولة إعراب جديدة وهي المحاولة رقم X  بعد السنة الألف :
 
قصيدة عرجاء :

ثلاث ليال وأنا لا افلح في كتابة القصيدة، إنها لا تسير. أضع كلمة انفجار فلا تنفع في تحريكها. أجدها منزوعة القوة مع اني وضعت فيها كل عصارتي. صنعتها بمقاييس صحيحة، وبذلت فيها كل خبرتي ولا تعمل. أسمع كل مساء دوران عجلاتها على السكة وفي الصباح أجدها حديداً بارداً. هل ضعفت قدرتي على الحكم كما شحّ بصري، أم انها رغبتي في أن أضع كثافتي في هذا المكان؟ أن أجد محركاً أوحد للأشياء التي تتطاير في عقلي. وضعت كثيراً من الشِعر، كثيرا من الفؤاد في القصيدة فصارت عرجاء.

تتوقف القصيدة وأبقى في ظهرها منتظراً أن تنطلق إلى الخلف. أجول بمصباحي ومعطفي، وأقول أنا السائق وبوسعي أن أقودها إلى الوراء. لقد وضعت نفسي وعظامي الكبيرة هنا، وستكون هذه شحنتي. إن عصيَتْ فلأنها محصورة في جسدي. لقد وضعت فيها كثيراً من الشعر، كثيراً من الفؤاد. أثقلتها بنفسي وكان خيراً لي لو سرقتها، كان خيراً لي أن أكون لصاً لا قاضياً. لا تتحرك القصيدة، لأنني قصدت بها فوراً الى الحقيقة، كان أحرى بي ان ادور اولاً في مدينة الملاهي، ان ألعب على الارقام الحمراء والخضراء قبل ان اجد سطراً طويلاً من الانقاض قربي. القصيدة العالقة بفقرات ظهري، القصيدة التي ترفض ان تخرج من حياتي .......
 
  عباس بيضون
 ( وضعتُ كثيراً من الشعر كثيراً من الفؤاد في القصيدة فصارت عرجاء )
 
* عن السفير الثقافي 01/03 / 2008
*ضياء
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟ 1    كن أول من يقيّم
 
الدعوة إلى التجديد : قراءة في الأسباب :
أول ما نلاحظه على هذه الدعوات أنها خصت جانباً واحداً من درس العربيةباهتمامها وهو النحو ، لا بالمفهوم الشامل الذي كان عليه في القرن الثاني الهــــجري كما يمثله كتاب سيبويه ، وإنما بمفهوم أضيق يقتصر على قواعد الصرف والتركيب دون الأصوات والدلالة.
وقد ظهرت هذه الدعـــوات في إطار عام ينـــــــادي بتطوير اللغة حتى تصبح وافية بمطالب العلوم والفنون في العصر الحديث.
والشكوى من صعوبة النحو قديمة، والخصومة بين الشعراء والنحاة صورة من صور عدم الرضا. وبلغت تلك الخصومة ذروتها بين المتنبي وابن خالويـــه في القرن الرابع الهجري؛ لذلك ارتفعت أصوات تنادي بتيسير النحو منذ نهاية القـرن الثاني الهجري  وظهرت بشكل عملي في صورة كتب تعليمية ميسرة تلبي حاجة الطلاب والمتكلمين. على سبيل المثال "مقدمة في النحو" لخلف الأحمر (ت 180 هجرية)، و"مختصر في النـــــحو" للكسائي (ت 198 هجرية)، وتفاحة أبي جعفر النحاس (ت 328 هجرية)، وجمل الزجاجي (ت 337 هجرية)، ولمــــــــــع ابن جني
 (ت 392 هجرية).
والملاحظ على هذه المؤلفات النحْوية أنها لم تقترب من أصول التفكير النحوي أو النظرية النحْوية كما وضعتها البصرة، وإنما اتجهت إلى التطبيق والتعليم والاختصار.
إذن لم يتعرض أي جانب من جوانب اللغة العربية للنقد والاتهـــام كما تعرض النحو العربي  فقد هوجم علماؤه ، وسفّهت قواعده ، ووصمت كتبه بأقبح الصفات. !
فقد عزا الدكتور شوقي ضيف عجــــــز العربي وقصــــوره في لغته إلى " النحو الذي يقدم للناشئة ، والذي يرهقها بكثرة أبوابه وتفريعاته (تيسير النحو التعليمي قديماً وحديثاً ، ص 3) ، ورمى إبراهيم مصطفي النــحويين بأنهم جنــَـوا على النـــــــحو ، إذ ضيّقوا حدوده ، وسلكوا به طريقاً منحرفاً إلى غاية قاصرة ، وضيّعوا كثيراً من أحكـــــــــام الكلام وأسرار تأليف العبارة (إحياء النحو لإبراهيم مصطفى ، المقدمة)، وذهب عبد العزيز فهمي إلى أبعـــــد من ذلك حين جعل مشقة دراسة النحو العربي تحمله " على الاعتقاد بأن اللغة العــربية من أسباب تأخر الشرقيين ، لأن قواعدها عسيرة ودرســـها مضلل (تاريخ الدعوة إلى العامية نفوسة زكريا ص 20 ،وانظر الخلفية الاستشراقية للدعوة إلى العامية ص 68) ، كما تمنى طه حسين - بعد أن وصــــف الإعراب بأنه مخيف جداً - أن يبرئه الله من عقابيل رفع الفاعل بالضمة ، وبنـــــائه على السكون ، يوماً ما (مشكلة الإعراب ، طه حسين ص 90 و ص 97.) ورأى أن هذا النحو لابد أن يتغير ؛ لأنه من الخطأ - في رأيه - أن نأخذ عقول الشباب بتعلمه ، والخضوع لمشكلاته وعسره والتوائه (لغتنا في أزمة ، أحمد حسن الزيات ص 47).
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟ 2    كن أول من يقيّم
 
 كما رأى آخرون أن هذا النحو لم يوضع بطريقة علمية صحيحة ، ولم يتّبع فيه العلماء الأقدمون المنهج العلمي الذي يرون أن الالــــــــتزام به كان أدعى إلى الدقة والضبط . وكتب زكريا أوزون كتابه " جناية سيبويه : الرفض التام لـــــــما في النحو من الأوهام " وكتب أحمد درويش كتابه: " إنقاذ اللغة من أيدي النحاة "، ورأى المعتدلون ضرورة المراجعة ، يقول أحمد حسن الزيات : " وأول ما يجب على المجمع أن ينظر فيه هو توجيه القائمـــــــين على تعليم العربية إلى إصلاح الطريقة التي تعلم بها اللغة ، فإنها لا تزال تعـــــــــلم باعتبارها ألفاظا مفردة وقواعد مجردة ، لا تتصل بالعقل ولا بالنفس ولا بالحـــــياة " ( تاريخ الأستاذ الإمام 2/481، وانظر نحو التيسير دراسة ونقد منهجي ، أحمدعبد الستار الجواري ص 9) ورأى محمد عبده طريق اكتساب اللغة العربية شاقاً فـ " ما أحوج العربي إلى تعلم ما يحتاج إليه من لغتـــــــه ، لكن ما أشق العمل ، وما أوعر الطريق وما أكثر العقبات في طريق العربي الســـــــــــاعي إلى تحصيل ملكة لسانه ، يُفنِي عمره وهو لا يزال يضرب برجليه في أول الطريق ! (النحو العربي بين التطوير والتيسير ص 231، وانظر محنة اللغة العربية لإبراهيم علي أبو الخشب ، ومشكلات اللغة العربية لمحمود تيمور).
إذن فأزمة العربية ونحــــــــوها أمر لا يسع المنصف إنكاره أو التهوين من خطره ، وهناك إجماع من المشتغلين بالدرس النحــــوي والقائمين على شؤون التعليم على أن في النحو العربي صعوبةً وجفافاً يحُــــــــــول دون التعلم السليم ... على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلونها ، أفراداً ومؤسسات (النكت في تفسير كتاب سيبويه للأعلم الشنتمري 1/95- 60 ( تحقيق رشيد بلحبيب) 
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟ 3    كن أول من يقيّم
 
لقد كان لهذه الحملات التي شنت على النحو العربي - بغض النظر عن طبيعتها وأهدافها - أكبر الأثر في توجيه الإصلاح النحوي في العصر الحديث .
وهذا لا يعني أن القدامى لم يكونوا على علم بما تضمنه النحو من صعوبات فقد أدركوا أن بعض مصادره كانت تعاني من الاضطراب في تتالي الأبواب ، و في تـــــــــوزيع جزئيات الباب الواحد ، فضلاً عن الغمـــــوض في العناوين ، مع غياب الدقة في المصطلحات وصعوبة الاهتداء إلى مسائل النحو ، وعدم التطابق بين العنوان وما تحتــــــه ، ويمثل كتاب سيبويه خير نموذج لهذه الأحكام ، مع أنه يمثل أكمل وأنضج محاولة في التأليف النحوي قديما وحديثا ! (إنباه الرواة للقفطي ص 248).
فقد روى المبرد عن المازني أنه قال :" قرأ عليَّ رجلٌ كتابَ سيبويه في مدة طويلة ، فلما بلغ آخره قال لي : أما أنت فجزاك الله خيراً ، وأما أنا فما فهمت منه حرفاً. (في إصلاح النحو العربي ص 27).
ولهذا انبرى الخلق لشرح هذا الكــــتاب والتعليق عليه وشـــــــــرح عيونه وغريبه ونكته والاستدراك على ما فاته من الأبنية ...
كما تعاني معظم كتب النحو من الطـــــول المفـــرط الناشئ عن التكرار والاستطراد والحشو ومعالجة المســـــــائل الأجنبية التي لا صلة لها بالنحــــو ، فضلاً عن الشغف بالمناقشات والجدل والإغراق في تتبع العلل والإكثار من التقسيمات والتفريعات. (شرح الأشموني 2/8).
ومن نماذج ذلك على سبيل المثال ، أن الأشموني أوصل معمول الصفة المشبهة إلى اثنتين وسبعين صورة ، منها جائز وممتنع ، ولكن الصبان أبى إلا أن يبزّ الأشموني في عدد الأقسام ، فأوصلها مع تحري الدقة والأمانة إلى أربعة عشر ألفا ومائتين وست وخمسين صورة.( مقدمة في النحو لخلف الأحمر ص 34).
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟ 4    كن أول من يقيّم
 
لم تغب هذه الصعوبات ومثيلاتها عن إدراك القدامى أنفسهم ، فقد استجابوا تلقائياً لدعوة التيسير على مر القـــــرون - على المستويين النظري والتطبيقي- فكــــــانوا يؤلفون المؤلفات الضخمة للمتخصصين ، ويؤلفون للناشئة متوناًومختصرات مهذبة
فقد ألف خلف الأحمر " مقدمة في النحو " قال في بدايته :" لما رأيت النحْويين وأصحاب العربية قد استعملوا التطويل وأكثروا العلل وأغفلـــــــــــــوا ما يحتاج إليه المتبلغ في النحو من المختصر.. أمعنت النظر في كتاب أؤلــــــفه وأجمع فيه الأصول والأدوات والعوامل على أصول المبتدئين ، ليستغني به المبتدئ عن التطويل. (صيغة الفصحى المخففة ، محمد شوقي أمين ص 60)
وتطالعنا في كتب التراجم والفهارس عنـــــــاوين كثيرة تدل على أن القدماء كانوا يدركون بعض مصادر الصعوبة في تعلم النحو ، وأن تيسير النحو للناشئة أمر لا مناصَ منه !
ولذلك بادروا بالتأليف ، فقد ألف الكسائي مختصراً في النحو ، وألف ابن خياط الموجز في النحو ، وألف ابن النحاس التفاحة ، وتذكر كتب التراجم والفهـــــــارس لابن جني اللمع ، ولابن قتيبة تلقين المتعلم ، ولابن خالويه المبتدئ ، ولابن درســتويه الإرشاد في النحو وللمفضل ابن سلمة المدخل إلى النحو ، وللزبـيدي الواضح في النـــــــحو ، وللمطرِّزي المصباح ، وللشلوبين التوطئة ولأبي الفرج الصقلي مقدمة في النحو ...
وهي مؤلفات يظهر من عناويـــنها رغبة مؤلفــيها في التيســــير والإيضاح والإرشاد ، كما يطغى عليها الجاني التعليمي
.
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟5    كن أول من يقيّم
 
هذا على المستوى التطبيقي ، أما على المستــوى النظري ، فقد وجدت أيضا حركة إصلاح يمكن تلمس خيوطها عند نحاة كبار من أمثـــــــــال ابن حــزم ، وابن مضاء ، وابن رشد ، وابن الأثير، وابن خلدون.
فقد كان ابن حــــزم يرى أن التعمق في النحو فضول لا منفعة فيه ، بل مشغلة عن الأوكد ، ومقطعة عن الأوجب. (الرد على النحاة لابن مضاء ص 87- 88)
وألف ابن مضاء كتابه " الرد على النحاة " الذي قال في مقدمته :" قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحْوي عنه ، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه " وانتــــقد نظرية العامل ووصفها بأنها باطل عقلاً وشرعاً ولا يقــول بها أحد من العقلاء. (الضروري في صناعة النحو لابن رشد ( المقدمة ص 4).
كما ألف ابن رشد " الضروري في صناعة النحو " وجعل غرضه من الكتاب أن يذكر" من علم النحو ما هو كالضروري لمن أراد أن يتكلم على عادة العرب في كلامــهم ، ويتحرى في ذلك ما هو أقرب إلى الأمر الصناعي ، وأسهل تعليماً ، وأشد تحصيلاً للمعاني (الضروري في صناعة النحو لابن رشد ( المقدمة ص 4) ،وانظر التجديد في النحو بين ابن مضاء وابن رشد لمحمد عابد الجابري ص 5) وقد أشار في كتابه إلى التداخل بين الموضوعات والمســـتويات في كتب النحو العربي ، وهو تقصير يرجع سببه - كما يرى - إلى أن النحاة " لم يستعملوا في إحصاء أنواع الإعراب القسمة الصحيحة التي لا يعرض فيها تداخل...
كما ذهب ابن الأثير إلى أن واضع النحو جعـــــل الوضـــــــع عاماً " فإذا نظرنا إلى أقسامه المدونة وجدنا أكثرها غيرَ محتاج إليه في إفهام المعاني (تيسير النحو التعليمي  شوقي ضيف 13). وكان الجاحظ قبل هؤلاء يوصي المعلم بأن يترفق بالصبيان في تعليم النحو " أما الـــــــنحو فلا تشغل قلب الصبي منه إلا بقدْر ما يؤديه إلى السلامة من فاحش اللحن ... وما زاد على ذلك فهو مَشغلة عما هو أولى به ... " إلى أن قال" وعويص النحو لا يجري في المعامـلات ولا يضطر إليه شيء.(اللغة والنحو بين القديم والحديث عباس حسن ص 71 وانظر في إصلاح النحو العربي ص 22).
والجدير بالذكـــــر هنا ، أن علماء النحو القدمـــــــــاء - رغم ما ذكر - لم يدركوا من هذه الصعوبات إلا القليل ، لقربهم من عصور السلامة ، وقــدرتهم على تحصيل الملكة " وحتى تلك العيوب المحدودة لم تنل منهم اهتماماً كافـياً ، فقد عالجوها فرادى  من غير أن يعرض لها إمام بالتجميع والحصر ووصف العلاج ... على كثرة الأئمــــة الباحثين ، وفيض الكتب والرسائل التي تتصدى للنحو وقضاياه.( في إصلاح النحو العربي ص 22).
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟6    كن أول من يقيّم
 

لكن في العصر الحديث ، ومع مطلع القـــرن العشرين تحديـــــــداً ، ومع ظهور الاهتمامات اللغوية المتأثرة بالنظريات اللغوية والنحـــــوية الحديثة ، وبالمـــــــــناهج الوصفية والمقارنة والتقابلية ...كل ذلك ساعد على فهم طبيـــــعة النحو ووظيفته ، وأسهم في اكتشاف بعض عيوب النحو وصعوباته على مستوى أعمق وأكثر موضوعية .
ولعل من أقدم المحاولات لإصلاح النحو محاولة رفـــاعة الطهطاوي 1873 صاحب كتاب " التحفة المكتبية في تقريب اللــــــــغة العربية "
 ثم حفني ناصف في  "قواعد اللغة العربية " ، ومحاولة علي الجـــــارم ومصطفى أمين في " النحو الواضح " ثم تتالت المحاولات مع إبراهيم مصطفى ، وحسن الشــــريف ، وأمين الخولي ، ويعقـــــــوب عبد النبي ، وشوقي ضيف ، وعبد المتعال الصعيدي ، وأحمد برانق فضلاً عن قرارت المجامع اللغوية. (تبسيط قواعد اللغة العربية ، حسن الشريف - الهلال مجلد 46 ، ص 1110
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟7    كن أول من يقيّم
 
دعوات الإصلاح والتيسير في العربية:
دعوة ابن مضاء (ت 592 هجرية) في كتابه "الرد على النحاة".
منذ نشر ذلك الكتاب على يد الدكـتور شوقي ضيف سنة 1947 حدثت ضجة كبيرة في الهيئات العلمية، وتردد ذكره في كثير من كتابات الباحثــــــين والدارسين المعاصرين عرباً ومستشرقين، ووصف بعضهم منهج ابن مضاء بالمنــــــهج الوصفي في دراســــة اللغة عند الأوربيين، ورأوا فيه دراسة رائدة في الفكر اللغوي العربي القديم.
وقد حاول ابن مضاء وضع نموذج جديد لوصــــــــف اللغة العربية والتقعيد لها وَفق أصول ومبادئ فكرية وفلسفية تختلف اختلافاً جذرياً عن تلـك التي وضعتها البصرة ، وذلك مع اعترافه بقيمتها والهـدف من وضــــــعها ، يقول: "إني رأيت النحْــــويينرحمة الله عليهم– قد وضعوا صناعة النحو لحفظ كلام العرب من اللحن وصيانـــــــته عن التغيير، فبلغوا من ذلك الغاية التي أمّوا ، وانتهَوا إلى المطلوب الذي اتبعوا ، إلا أنهم التزمـــــوا ما لا يلزمهم، وتجاوزوا فيها القدْر الكافيَ فيما أرادوا منها ، فتوعرت مسالكها ووهَنت مبانيها ومعنى هذا أن ابن مضاء يسلم منذ البداية بالهدف التعليمي وبالجانب المعياري ، لكنه يرى أن النحاة بالغوا في ذلك ، ثم يحدد هدفه فيقول: "وقصدي من هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه ، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه".
وقد انصبّ نقده على ما رآه فساداً في نظــــرية العامل التي دفعت النحاة إلى ما أفاضوا فيه من التعليل والتأويل والحــــــذف والتقدير، وكان فعـــــــله هذا أقربَ إلى الوصفية التي تبتعد عن استخدام التعليلات المنطقية، وما ترتب على نظــــــرية العامل من تأويلات تؤدي إلى هدم العلاقة بين المبنى والمعنى.
*د يحيى
1 - مارس - 2008
دعوة أم دعوى؟8    كن أول من يقيّم
 
الطهطاوي يبدأ التجديد في العصر الحديث:
ولم تذهب المحاولات القديمة في التــجديد والإيضاح والتيسير سُدى، وإنما كـــــانت مصدر إلهام وتوجيه لمحاولات الإصلاح والتجديد في مطلـــع العصر الحديث، وقد بدأت هذه المحاولات في التأليف النحْوي دون الاقتراب من الأصـــــول النظرية والمنــــهجية، وكانت دروس النحو قد استقرت في الأزهر محصورة في إطار الشـــــروح والمـــــتون، وكانت قيمة أي مؤلف في النحو تتركز في إحاطته بكل تفاصيل الخلاف بين النحاة، أو شرح شواهد ابن عقيل وشذور الذهب.
ومع هذا فقد جاءت المحـاولة الأولى لعرض النحو عرضاً حديثاً بعيداً عن هذه المتون على يد عالم من علماء الأزهر، وهو رفاعـــــــة الطهطاوي الذي ألف أول كتاب يعرض للنحو العربي عرضاً مختلفاًعن طريقة المتون والشــــــروح، وسماه "التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية"، وجاء هذا الكتاب على نمط مؤلــــــــفات الفرنسيين في النحو الذي أعجب بها في أثناء بعثته إلى فرنسا، فجاء الكتاب بسيط العبارة، سهـــل العرض ليس له متن ولا شرح، كما استخدم فيه لأول مرة الجداول الإيضاحية.
وبذلك بدأ رفاعـــــــــة ما يسمى بحركة إصلاح الكتــــاب النحْوي في العصر الحديث، وكان المقصود بها تخليص الكتب النحْــــــوية من العبارات الغامضة والاختلافات، وألف هذا النوع من الكتب تياراً ظل متدفقاً حتى يومِنا هذا تحت أســـــــماءٍ وعنواناتٍ مختلفة؛من مثل:"النحو الواضح"، و"النحو الوافي"، و"التطبيق النحْوي"، و"النحو المصفَّى".
*د يحيى
1 - مارس - 2008
 1  2  3