تحية طيبة أيها السادة الكرام، والأستاذ زين الدين بوجه الخصوص صاحب السؤال:
ذكرتم في سؤالكم: تسمية صغار التراجمة (Jeunes de langues) نقلا عن المصطلح التركي: dil oglani.
فاسمح لي سيدي من فضلك أن أبيّن أصل هذا التعبير:
التعبير تركي قح: Dil Oğlan، وهو بالمناسبة غير مستعمل اليوم، بل المفترض البحث عنه في المصطلح. لننظر أولاً في المعنى اللغوي:
ففي التركية: Dil تعني: اللسان، ومجازياً: اللغة.
أما Oğlan فهي منحوتة من: أوغول Oğul، أو: أوغلو: Oğlu، ومعناها اللغوي: ولد، صبي.
لكن تستعمل في الماضي واليوم بمعنى: أجير، صانع، خادم. ومن العيب مخاطبة فتى لا تعرفه أو ابن صديقك بهذه العبارة، بل يستعاض عنها بـ çocuk چوجوك (تلفظ: تشوجوك): أو: Oğlu. ومتى قلت: أوغلان، فهذا استصغار، تقوله في مقهى أو لأجير. ومثلها عبارة: oğlak(أوغلاق) التي يماثلها في العاميّة: ولاك!
وأرجو التنبيه إلى أن حرف ğ هنا يقرأ كمدّة مُدغمة، ويسمى في التركية: umuşak G ، أي: الجيم الطريّة، وهو من الحروف الأساسيّة في التركيّة، كقولك: ağaç (أغاچ): شجرة.
أما التعبير المطلوب: "ديل أوغلان"، فهو تعبير تاريخي ممات، يعود إلى النظام الإداري القديم، ما قبل عهد "التنظيمات الخيريّة" التي أقرّت في عام 1839 ودامت حتى 1908، عهد الدستور العثماني.
فكان في نظام الباب العالي قديماً ثلاثة رتب من التراجمة:
باش ترجمان Baş-Tercüman: رئيس التراجمة.
ترجمان Tercüman: ترجمان.
ديل أوغلان Dil Oğlan: معاون مترجم. وهو هنا المطلوب!
لذا أرجو الانتباه إلى عدم التقيّد بالترجمة الحرفيّة للعبارات المتعلقة بالتاريخ العثماني، وثمّة فارق كبير بين: معاون مترجم، وبين: صغار اللغة، فما هو مؤدّى "صغار اللغة" هنا؟ لا شيء. هذا مع العلم أن تعبير "أوغلان" الاصطلاحي كان يرد بكثرة في التراتيب الإداريّة العثمانية: ويفيد: المبتدئ، الغرّ، غير ذي أقدميّة. ويضارعه إلى حدّ كبير تعبير: صولاق Solak، أي عسكري جديد ليس من رتباء الوجاق. وهذا غالباً في وجاقي اللإنكشارية Yeniçeriler Ocağı (ينكيچريلر أوجاغى)، وهما: القابى قول Kapıkulular، واليرليّة: Yerliler.
وما زال بمصر يتداول المصطلح العسكري: صول (من التركية Sol، أي اليسار) وتعبير: صاغ (من التركية Sağ، أي اليمين).
أخيراً: بصالحيّة دمشق كنية: سُولق (بفتح اللام) أصلها طبعاً: Solak، أي نفر في الإنكشارية.
وكنية أخرى قرأناها في بعض زياراتنا لدمشق: قبه قولي، من: Kapıkulu.
عذراً على الإطالة، ولكن هذا هو بالضبط الجواب الذي تريد.
وإن شئت المزيد فثمّة المزيد.