| ادوارد الخراط | دارت رحى الحديث، وتكسرت نصال الكلام على تروس الحروف، ولكن لم نرَ طحينًا، ولم يُرَقْ دم، ولم يخرج مستقبل القصة القصيرة في مصر إلا بقبض الريح. ففي الفترة من (22 – 24) ديسمبر 2001 أقامت لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة مؤتمرًا بعنوان "اتجاهات القصة القصيرة في مصر"، ولم أحب أن أرصده كالجميع؛ وإنما تداخل لدي ما كان يُلقَى على المنصة بما كان يدور في القاعة من أحاديث جانبية وتعليقات من جانب الحضور الذي لم يخرج عن الكتاب والأدباء.. وأنا أرى أن المشهدين (المنصة والقاعة) مكتملان، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فما همهمات القاعة إلا صدى لصوت المنصة.. وهذا ما سنراه. يؤكد "إدوار الخراط" (مقرر لجنة القصة) في افتتاح المؤتمر أن هذا المؤتمر قد عُقِد أساسًا لبحث الإشكاليات المثارة حول أهم مميزات القصة التي تفصلها عن الفنون الأخرى.. هل هو التكثيف، أم الزمن المحدود، أم الحجم القليل؟ وقد وجدنا كثيرًا من القصص التي لا تلتزم بهذه المبادئ، ورغم ذلك فإنها -بلا شك- أعمال تستحق الإشادة والاهتمام. | جابر عصفور | وفي كلمته الافتتاحية لاحظ د. جابر عصفور (أمين عام المجلس الأعلى للثقافة) خلو القاعة وبرنامج الندوة من الشباب، وتساءل عن السبب في هذا! أحد النقاد المشهورين جاء متأخرًا، ووسط مناقشات حامية الوطيس ذهب ليسلم على قاصٍّ مشهور؛ ففاجأه القاص: "فلان مات.. كيف لم تأتِ للعزاء؟". فيرد مذهولاً: "لا يمكن أبدًا.. قابلته منذ شهر أو أقل، كيف ذلك؟". فيعقب ثالث: فعلاً لم نسمع عن ذلك، ربما تشابه في الأسماء!.. "جايز"، يعني لو كان المرحوم "رقاصة" كان حتمًا سيُسخِّرون له التليفزيون والإذاعة والصحف!. ويؤكد د. عبد المنعم تليمة (الأستاذ بكلية الآداب، والناقد المعروف) أن العرب لم يأخذوا القصة الحديثة عن أوربا، فـ(القَصّ) جذوره ممتدة في التراث العربي.. أما القصة القصيرة بشكلها الحديث الذي وصلت إليه فهي نتاج أوربي بلا مراء، ولكن العرب لم يتخلفوا عن ركب القصة القصيرة؛ لأننا أبدعنا في هذا المجال في عصر موازٍ للإبداع الغربي، ودعوى سبق أوربا لنا لا تقوم؛ لأن الفارق الزمني بيننا وبينهم لا يتعدى عشرات من السنين، وهذا -في رأيه- ليس زمنًا طويلاً ولا عصرًا كاملاً. ويمضي الدكتور تليمة مؤكدًا رأيه بأن مَواطن الرواية الآن أربعة: الشرق الأقصى، وأمريكا اللاتينية، والمنطقة العربية، وأفريقيا.. هذه هي مواطن الرواية الآن، ولا وجود للغرب في هذا الأمر، وإلا فقل لي: أين فحل غربي في الرواية أو القصة الآن؟ وفي مقاعد الحضور كان حديث آخر يدور بين أديبين؛ أحدهما سيناريست مشهور، اقترب أخيرًا من عالم الشهرة والنجومية بعد سنين من الخفوت في عالم القصة! اقترب السيناريست من أذن جاره قائلاً: يعني حضور الندوة (كم؟) 25 تقريبًا؟! ومباراة الأمس (يقصد مباراة النهائي الأفريقي بين الأهلي المصري وصن داونز الجنوب الأفريقي) حضرها 100 ألف أو يزيدون!!" فيبدي جاره الحسرة، ويقول بعدم اكتراث: "مهزلة والله...!"، ثم يغير الموضوع سريعًا: "ماذا فعلت بسيارتك؟ سمعت أنك غيرتها"، فيجيبه ببرود: "الحقيقة لم تعد مناسبة تمامًا"، فيميل عليه متخابثًا ويقول: "طبعًا بعد المسلسل الأخير الذي كسَّر الدنيا"، ويتضاحكان في صخب. |