تحليل مُوسعة صبح الأعشى في صناعة الإنشا: كن أول من يقيّم
مُوسعة صبح الأعشى في صناعة الإنشا: نعيش معًا هذه اللحظات سويًّا في محاربة سهام الحرب الشعواء، والتي يقودها مجموعة من المتعصبين ضد العصر المملوكي بكل ما فيه، فحكموا عليه الأحكام الخطيرة والمُجمَلة، وتتلخص معظم دعواهم حول أنه كان عصر انحطاط وركود في الأدب العربي، ولكن في الحقيقة ما هي إلا تُهَم زائفة باطلة لا يكاد للدارس الموضوعي الحصيف إلا أن تنكشف أمامه مثل هذه التهم بمجرد الشروع في دراسة ذلك الأدب أو حتى إلقاء نظرة جادة للحكم عليه. ومن هذا المنطلق فإن أول ما يطالعنا في تلك الدراسة ذلك الكم الفريد من نوعه, من نتاج الأدباء والكتاب وآثارهم. ولعل أبرزها تلك الموسعات الشمولية للعلم والأدب التي وضحت لنا بعض محاسن هذين العصرين، بالإضافة إلى الكشف عن زيف تلك الدعاوي والرمي ببطلانها. ومن أبرز تلك الموسعات موسوعة { صبح الأعشى في صناعة الإنشا} لشهاب الدين أحمد بن علي القلقشندى (ت 821 هـ) أشهر كتاب العصر المملوكي، والذي من أشهر مؤلفاته : 1. نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب. 2. قلائد الجمان في التعريف بقبائل الزمان. * تفكيك العنوان وتحليله: أولًا: العنوان مبني على السجع ( الأعشى – الإنشا ) وهذه عادة كثير من القدماء في وضع عناوين مؤلفاتهم، وهذا السجع مقبول، ويجعل عنوان الكتاب يستقر في الذاكرة ويمتع الأذن ويجذب المتلقي . ثانيًا : الأعشى: معناه ضعيف النظر عامة . ثالثًًا : صبح الأعشى: في هذا التعبير استعارة تصريحية حيث شبه فضل الموسعة على كتاب عصره بفضل الصبح على الأعشى، كأنه يصرخ قائلًا: يا من تعانون ضعفًا في فن الكتابة، هذا كتابي سيكون سراجًا منيرًا لكم في سبيل إتقانكم الإنشاء البديع. رابعًا: صناعة الإنشا: تشير إلى أن القلقشندى ممن يذهبون إلى أن الأدب يمكن أن يُصنَع، وذلك بتعليم الإنسان وسائله وأدواته ,ودليل ذلك { ابن المقفع وسهل بن هارون، فهما أعجميا الأصل، وبالرغم من ذلك أصبحا من كبار الأدباء في العصر العباسي} - وفي تعبير (صناعة الإنشا) صورة بلاغية رائعة ألا وهي الاستعارة المكنية، حيث شبه الإنشا بأمر مادي وهو في الأصل أمر معنوي، ثم حذف المشبه به، وجاء بشيء من لوازمه، وهو الصناعة حيث أن الصناعة مختصة بالأشياء المحسوسة . * الدافع وراء تأليف الموسعة: جاء الدافع وراء تأليف هذه الموسعة في أمرين: أولاً : الدافع العام : وقد يفهم من العنوان، وهو رغبته في مساعدة كتَّاب عصره على الإتقان والتجويد . ثانيًا : الدافع الخاص: ذكره في مقدمة موسعته قائلًا: " إنه لما لحق بديوان الإنشاء أنشأ مقامة" تحدث فيها عن حرفة الكتابة وأصول صناعتها وقوانينها ثم سئل أن يشرحها فكان شرحها كتاب صبح الأعشى. * المنهج ( منهجه في تأليف الموسعة): جاءت الموسعة في مقدمة وعشر مقالات وخاتمة، تحدثت المقدمة عن: فضل الكتابة , مدلولها, صفات الكاتب , ديوان الإنشاء , قوانينه.. وتناولت المقالات العشرة : ما يحتاج إليه الكاتب من أدوات علمية وعمَلية ومعارف متنوعة معددًا أطوار الكتابة ومحللاً فنونها المختلفة.. * القيمة: ( قيمة الموسعة) 1. سجل أدبي جامع لأنواع الثقافة الأدبية كتاب أدب ولغة وأمثال وحكم. 2. أسلوب القلقشندى في هذه الموسعة سهل وعبارته واضحة لم يثقلها التكلف وفيها عناية بزخارف البديع عناية مقبولة لا ضعف فيها ولا تدن. 3. ضمت هذه الموسعة معلومات منثورة في عدة كتب قيمة بلغت مئة كتاب . 4. في هذا الكتاب بيان لحال اللغة العربية في عصورها المختلفة وانتشارها في البلاد الإسلامية الكثيرة.. وفي ختام مقالتي هذه:أسأل الله اللطيف المنان، الرءوف الرحمن، العظيم السلطان، أن تحظى بالقبول والله ولي التوفيق.... ..وصلى الله على نبينا محمد .. إعداد الطالبة: لطيفة حسين آل علي. كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي السنة والشعبة:الثالثة –(4). |