البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : معالم الأدب العربي في العصر المملوكي    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
17 - يناير - 2008
مدخل:
تعاقبت على دراسة الأدب العربي ـ بكمه وكيفه الكبيرين المجيدين ـ نظريات متنوعة واتجاهات مختلفة ومدارس متباينة؛ كلها تتغيا تسهيل دراسة ذلك الأدب العريق في عمره وبيئته، وفي أعلامه ومعالمه، وفي ثراء نصوصه ونماذجه.
      وتعد النظرية المدرسية ـ التي اعتمدت على المنهج التاريخي وبنت عليه دراساتها ـ  من أشيع النظريات في الدرس الأدبي لدينا الآن حتى غدت تقليدً جرى عليه معظم المؤلفين ومعظم الجامعات العربية في تدريسها للأدب العربي.
         وقد نال الأدب العربي ـ عن طريق هذه النظرية ـ في عصر الجاهلية، وعصر صدر الإسلام، وعصر بني أمية، وعصر بني العباس، حظوة بالغة من قبل الدراسيين قديمًا، وإلى يومنا هذا.
وهوـ فعلاًـ أدب جيد جذاب يستحق هذه الحظوة؛ إذ بلغ القمة الفنية والفكرية في غالب نصوصه، فلم يسقط أو يضعف منه إلا شذرات من الأعمال الأدبية المتكلفة الصادرة عن أناس لا صلة لهم بالإبداع، ولا موهبة لديهم ولا صدق فيما ينشئون أو ينظمون.
        ولكن ـ وما أمرَّ لكن هذه ـ لم توجد ـ أو تُوجَّه ـ جهود متماثلة إلى الأدب العربي في عصر ما بعد سقوط بغداد 656هـ، من قبل الدارسين؛ وذلك راجع إلى اعتقاد ترسخ لدى كثير منهم بأن ذلك السقوط كان حدًّا فاصلاً صارمًا مميزًا بين قوة الدولة العربية الإسلامية ممثلة في الدولة العباسية، وبين ضعفها وانحلالها وانهيارها ممثلة في عصر الدول والإمارات حيث الأيوبيون والفاطميون والمماليك والعثمانيون.
ومن ثمَّ كان ـ كذلك ـ الحد الفاصل ـ في زعم الكثيرين ـ بين مرحلتي قوة الأدبالعربي وضعفه.
         وتلك رؤية استشراقية، غير موضوعية، بدأها كارل بروكلمان وتبعه فيها جرجي زيدان وطه حسين وشوقي ضيف وجودت الركابي... وآخرون.
 وقد واجهها عدد من الباحثين الجادين الموضوعيين، منهم: العلامة محمود شاكر، و الدكتور محمود رزق سليم،والدكتور محمد مصطفى هدارة، والدكتور ناظم رشيد، والدكتور بكري شيخ أمين!!!، والدكتور عمر موسى باشا، والدكتور محمد زغلول سلام ... وآخرون 
وفي قادم التعاليق مزيد توضيح لهذه الاراء، من خلال جهد طالباتي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، بإذن الله تعالى. د/صبري أبوحسين
 
 
 
 6  7  8  9  10 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
خاتمة التقرير    كن أول من يقيّم
 
الخـاتمــة
لكل شيء إذا ماتم نقصان         فلا يغر بطيب العيش إنسان
الحمد لله وتوفيقه،أنهينا كتابة هذا التقرير،الذي جاء بعنوان(المرآة
الناصعة لأدب العصر المملوكي)،والذي احتضن بين دفتيه ما
يعكس لنا حال الأدب في ذلك العصر،الذي تجنى بعض
المستشرقين على نتاجه،فوصفوه بالضعف والجمود والتخلف
والركود،كذلك قللوا من شأنه وقدره،وألقوا عليه أستارا تحجب
حقائقه العلمية ومكنوناته الأدبية؛لإخفاء معالمه وفنونه،وطمس
آثاره وعلومه؛حتى لاتعود إلى ذاكرة الأجيال الحاضرة
والقابلة,البطولات والانتصارات التي سطرها أبنا هذه الحقبة،ذودا
عن الإسلام وحضارته من جحافل الصليبين والتتار.
 
وقد ألقت وريقات هذا التقرير الضوء على ما لا يمثل ربع
الحقيقة,والواقع الذي عاشه أدب العصر المملوكي.فالعصر
المملوكي لم يبخل عن العطاء،ولم يتخلف عن قطار الحضارة
والتطور الذين ميزا العصور السابقة.
وبحق يعتبر الأدب المرآة الناصعة الصادقة التي تشف لنا ما
خلف الأستار التي أسدلها المعتدين والمتمردين على الصورة
الحقيقية والجوهرية لهذا العصر.
ما أحلى أن يحط المسافر رحله،بعد مطاف طويل وسعي حثيث
ذاق خلاله عناء السفر ومراشف الطريق حلوها ومرها.
 
وأخيرًا:
نأمل أن نكون قد وفقنا فيما قصدناه,وقدمنا صورة شبه وافية
للأدب في العصر المملوكي،ووضعناه في موضعه الذي
يستحقه،فإن أصبنا فبتوفيق من الله ـ تعالى ـ وإن أخطأنا فلقلة
حيلتنا،والله من وراء القصد. 
                
إعداد الطالبتين: آمنة  سالـم الكـعبي.     
                   حليمة بنت محمد البلوشي
إشراف الدكتور: صـبري فـوزي أبـوحسين.
 
                                    السـنة والشعبة: الثـالثة/السادسـة.
 
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
تقرير علمي حول ابن دقيق العيد    كن أول من يقيّم
 
نسبه:
هو الإمام العلامة شيخ الإسلام , أستاذ المتأخرين , قاضي القضاة , تقي الدين أبو الفتح ابن الشيخ الإمام مجد الدين المعروف بابن دقيق العيد القشيري المنفلوطي المصري الشافعي .
ومولده في البحر الملح وكان والده - رحمه الله تعالى - متوجها إلى مكة المكرمة في البحر, فولد له عند الينبع في يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة.
وللأديب العالم عدد من الأولاد أسماهم بأسماء الصحابة العشرة , اشتغل في القضاء مرات عدة , وكان كثيرًا ما يعزل نفسه فيُعاد, كان- رحمه الله- شفوقًا بالمشتغلين معه ,كثير البر بهم .
 
شيوخه :
تفقه الشيخ ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى -  في أول سِنِيِّ حياته على يد والده الشيخ مجد الدين بقوص , وعلى يد الشيخ عز الدين ابن عبد السلام في القاهرة ,كم تفقه على يد آخرين و اشتهر اسمه- رحمه الله- في الأوساط بين شيوخه و أقرانه , كما تخرج على يديه عدد من الأئمة الذين كان لهم فيما بعد كبير شأن, كلٌ حسب مجاله.
     لم يقتصر تعلمه - رحمه الله – على التلقي فحسب بل اعتمد على طريقة أخرى ألا وهي طريقة السماع  فسمع من عدد من الأئمة كان منهم ابن المقير , وابن رواج , والسبط ,كما سمع من ابن الدائم , والزين خالد بدمشق , لكن الشيخ لم يحدث عن ابن المقير , وابن رواج لأنه داخله الشك في كيفية التحمل عنهما .
 
صفاته :
كان - رحمه الله - إمامًا في فنونه , مفسرًا ,محدثًا, فقيهًا , مدققًا , أصوليًّا أشعريًّا , نحويًّا أديبًا , ناثرًا عجيبًا , لا يباريه في كل فنونه مبارٍ , ولا يجاريه في مضمارها مجارٍ .
واتصف - رحمه الله - بالذكاء الجم , والعقل الوفير ’ شديد الورع كثير الصمت قلَِ أن يسمع صوته إلا رادًّا للسلام .
ومع هذا كله اتصف أيضًا بخِلال الكرام  ملازمًا للسكينة لا يسلك في حديثه سبيل المراء  وعرف عنه - رحمه الله -  أنه ظل طوال حياته محبًّا للعلم وللمطالعة تواقًا لهما ون أجل ذلك سهر الليالي الطوال قاطعًا إياها بالذكر والتهجد وكان  - رحمه الله- في أول أمره مالكيًّا ثم تحول إلى المذهب الشافعي , من أجل ذلك كان يقول عن نفسه: ( وافق اجتهادي اجتهاد الشافعي ألا في مسألتين ).
وفاته :
       توفي    - رحمه الله - في يوم الجمعة الحادي عشر من صفر لسنة اثنتين وسبعمائة.
                            إعداد الطالبة/ شيخة اليحمدي
كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
آثار ابن دقيق العيد    كن أول من يقيّم
 
مؤلفاته :
       له من التصانيف البديعة كتاب " الإلمام والإمام " شرحه ولم يكمله .وله كتاب آخر هو"علوم الحديث " و "شرح العمدة" في الأحكام ,وشرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه ,وغيرها من المؤلفات .
 
والآن لنترك لعالمنا الفذ - رحمه الله تعالى -   المجال في التحدث عن مكنونات صدره , و الذي أبى علينا لسان شعره إلا  التحدث  في مدح  جناب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم – فكأن لسان الشهد هو الذي  ينطق والعبير هو الذي  يتلفظ حينما قال هذه الآبيات الجميلة والتي قال فيها :
  
يا سائرا نحو الحجــاز مشمــــرًا         اجهد فديتك في المسير وفي السرى
وإذا سهرت الليل في طلب الـعلا        فحذار ثم حذار من خدع الكــــرى
فالقصد حيث النور يشرق ساطعا        والطرف حيث ترى الثرى متعطرا
قف بالمنازل والمناهل من لـــدن         وادي قباء إلى حمى أم القـــــــرى
وتوخ آثار النبي فضع بهــــــــا          متشرفا خديك في عفر الثــــــــرى
وإذا رأيت مهابط الوحي التــي          نشرت على الآفاق نورا أنـــــــورا
فاعلم بأنك ما رأيت شبيهــــــها          مذ كنت في ماضي الزمان ولا ترى
ولقد أقول إذا الكواكب أشرقت           وترفعت في منتهى شرف الــذرى
لا تفخري زهوا فإن محمـــــدا           أعلى علا منها وأشرف جوهـــــرا
نلنا به ما قد رأينا من عـــــــلا            مع ما نؤمل في القيامة أن نــــرى
شوقي لقرب جنابه وصاحبـــه            شوق يجل يسيره أن يذكــــــــــرا
أفنى  كنوز الصبر من أشواقه            وجرى على الأحشاء منه ما جرى
إن لاح صبح كان وجدا مقلـــق              أو جن ليل كان هما مسهـــــا (1)
 
------------------------------------------
1-فوات الوفيات /ابن شاكر/ج (1) , ص:2459 – 2560.
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
مع شعره: نقد ابن دقيق لمكانة العلماء في عصر    كن أول من يقيّم
 
 من نظم الشيخ ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى - شعرًا قولهم :أحب الناس إلى الله من سأله، وأبغض الناس إلى الناس من احتاج إليهم وسألهم ,  فقال في ذلك :
وقائلةٍ: مات الكرام فمن لنــــــــــــا           إذا عضنا الدهر الشديد بنابـــــه
فقلت لها: من كان غاية قصــــــــده           سؤالا لمخلوق فليس بنابــــــــه
إذا مات من يرجى فمقصودنا الذي             تـرجينه باقٍ  فـلوذي ببابـــــه(1)
وفي طيات الحديث عن هذا العالم الجليل الشيخ تقي الدين أبو الفتح المعروف بابن دقيق العيد ,لا يفوتنا أن نثبت أنه عاش في العصر المملوكي أبان انتشار الفساد وعمومه لأوجه الحياة بمختلف أركانها وكان الشيخ في آثاره يتكلم بلسان عصره , فكان لأحداثها ترجمانا صادقا تشف لنا أبياته عن صدق شعوره  وعظيم حزنه وإشفاقه من الزمان وشفقته على أهله فنظم في ذلك من درر شعره الكثير, ومنه هذه الأبيات- التي نحن في صدد الدراسة لها,والتي حاولت فيها أن ألخص محاضرة للدكتور الفاضل : صبري أبو الحسن- وفقه الله -  والتي قام من خلالها بتحليل هذه الأبيات  , فإلى الآبيات :
 
1.   قد جرحتنا يد أيامنـــــــــــــــا             وليس غير الله من آســــي
2.   فلا ترجِ ّالخلق في حاجـــــــة             ليسوا بأهل لسوى اليـــاس
3.   ولا تزد شكوى إليهم فمـــــــا            معنى لشكواك إلى قاســــي
4.   فإن تخالط منهمُ معشـــــــــرًا            هويت في الدين على الراس
5.   يأكل بعضهم لحم بعض و لا              يحسب في الغيبة من بــاس
6.   لا ورعٌ في الدين يحميـــــهمُ              عنها ولا حشمةُ جـُـــــلَّاس
7.   لا يعدم الآتي إلى بابــــــــهم              من ذلة الكلب سوى الخاسي
8.   فاهرب من الناس إلى ربــهم             لا خير في الخِلْطة بالنـــاس  
 
إعجام المفردات:
آسٍ : شافٍ, مداوٍ, طبيب, معالج.
لا يعدم : لا يفتقر .
ورع:تقوى
جلاس:جمع جليس
الخاسي : الجبان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)-المستطرف من كل فن مستظرف/ للأبشيهي / ج :2  ص:116. 
 
*صبري أبوحسين
1 - مارس - 2008
تحليل النص    كن أول من يقيّم
 
 
       قبل أن  ندخل في موضوع هذه الأآبيات نلاحظ أن الشاعر قام بتسهيل الهمز في ( اليأس ,الرأس , بأس ) أي أنه نظمها بدونها فصارت إلى (الياس,الراس, باس ). وهذا من أجل بناء القافية, وهو أمر قد جوزه اللغويون والنحاة.
 تحليل البيت الأول: 
1- يقول الشاعر في البيت الأول: إن الزمان غدا كالإنسان الجارح صاحب اليد القوية التي لا تكاد تلمس شيئًا إلا تبطش به وتذيقه من غصص ويلاتها المريرة وأمراضها الكثيرة، فليس لنا معين إلا الله فإلى الله  عز وعلا نجأرُ بالدعاء وبركنه العتيد، نلوذ بالفرار ونسأله العفو والعافية  من هذه الأمراض التي عمت واستفحل أمرها فلا شافي ولا آسيٍ لنا سواه سبحانه , كما نلاحظ إعلان الشاعر عن فشله في مواجهة هذه المصائب .
      
      البلاغة:
سـ أ – ما الجمال البلاغي الموجود في عبارة ( جرحتنا ) ؟
        عبارة جرحتنا بها استعارة تبعية حيث شبه الابتلاء بالجرح، واشتق من الجرح جرح بمعنى ابتلى. كما صور الزمان بصاحب اليد ذات الأفعال المؤذية. 
وفي (قد جرحتنا ) قد مع الفعل الماضي تفيد التأكيد مع التحقيق لتوحي لنا بكثرة ما تقوم به يد الزمان من تجريح.
 
(يد زماننا ) في هذا التركيب استعارة مكنية أصلية , حيث شبه الزمان بالإنسان ثم حذف المشبه به وترك لازمًا من لوازمه وهو اليد . 
 ومقصود من هذه الصور المبالغة في بيان ضرر الزمان.
  
2- في البيت الثاني  يصور الشاعر لنا حالة شعورية مؤلمة وقاتمة اجتاحته يوم أن رأى هذه الحالة  فيعبر عنها في لوعة وأسى لدرجة أنه طلب ألا يؤمل أحد من الناس أي  حاجة صغرت تلك الحاجة أم كبرت لأنهم يائسون من كل شيء بسبب فقرهم وغلظة قلوبهم  ووصلوا بذلك إلى درجة كبيرة من اليأس حتى صاروا له أهلا يأنسون به وإليه, وفي هذا التعبير ما فيه من تصوير بليغ لغلظة قلوبهم .
 
-البلاغة:
 
أ - أتى الشاعر بالفعل ( ترجّ ) مشددا ليدلنا على التشديد في النهي عن القيام بالفعل، وليدل على أنك مهما اشتددت في رجاء الناس وألححت لن يجدي معهم ولن يؤثر فيهم. 
 
ب - وأتى بـ ( حاجة ) منكرة دلالة على التعميم, أي عموم هذه الحاجات من أدناها إلى أجلها احتياجًا.
 
ج- الفاء في ( فلا ) يمكن  أن تكون تفسيرية ويمكن أن نطلق عليها اسم الفاء الفصيحة ( وهي تلك الفاء المفصحة عن شرط محذوف ) 
كأن الشاعر يقول : إذا علمت ذلك - أي جروح الزمان- فلا ترجو من الناس حاجة .       
  د ـ  (ليسوا بأهل لسوى الياس )كناية عن فقرهم المادي والمعنوي. فهم يملكون اليأس فقط. وهو لا شيء!!!
 هـ - أما عن علاقة هذا البيت بسابقه فجاء تفسيرًا لعجز البيت الأول .
  3 –  في البيت الثالث يستمر الشاعر في مطالبه بضرورة الابتعاد عن الناس ولا يفكر حتى في ذلك , فنكاد نستمع جليًّا لتلك الآهات التي يطلقها كالصرخات المدوية التي ما تكاد تلمس شغاف قلوبنا حتى نذرف لها أحر دموع المقل ؛ فيقول لا وألف لا للشكوى لأنك لن تجد أبدًا من يستمع لك أو حتى يرق قلبه القاسي لك بسبب غلظة قلوبهم وتعنتها في الشر ,قلوبهم التي أثكلتها يد الزمان بأنواع البلاْء .
 
البلاغة:
            أ – ( فما معنى لشكواك إلى قاسي )استفهام تعجبي أو استنكاري، جاء  كناية عن تلك القسوة المستحكمة في قلوبهم.
*صبري أبوحسين
1 - مارس - 2008
تابع تحليل نص ابن دقيق العيد    كن أول من يقيّم
 
4 – في البيت الرابع يبدأ الشاعر في تعديد عدد من المصائب التي يزخر بها المجتمع تحت سطوة النفوذ المملوكي الغاشم , ومنها الفساد الديني المستفحل بينهم فيقول: إن مجرد مخالطتهم تسبب لك من المشاكل الدينية التي تسقط منها على رأسك فتصبح بذلك متهمًا في دينك مغموزًا في صحة إيمانك . 
 
 أ - في فعل الشرط ( إن تخالط ) وفي فعل جواب الشرط (هويت) ما يدل على كثرة وقوع الفعل وعلى نتيجته الطبيعية المترتبة على حدوثه.  
 ب- ( هويت في الدين على الراس )  صورة استعارية تعبيرية مأخوذة من لغة العامة  ,من مثل قولهم (فلان واقع في المشاكل من ساسه إلى رأسه )
 
5- في البيت الخامس يواصل الشاعر تعديده لأدواء وطنه فيصور فساد ذات البين  وانتشار الغيبة وتمكنها من النفوس ؛ فالمرء منهم  لا يتورع  من الخوض في سيرة أخيه والخوض في أعراض الناس. و هم في ذلك كالوحوش التي تسارع إلى تمزيق الفريسة ما إن تجد إلى ذلك سبيلا ,  ولا يتورعون منها ولا يحسبون في الغيبة أي بأس .
       البلاغة: 
    
     أ – في صدر البيت ( يأكل بعضهم لحم بعض )  تأثر جميل بنص قرآني مأخوذ من الآية الكريمة في قوله تعالى [ يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم, ولا تجسسوا, ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم] الحجرات :12.
 
6- في البيت السادس نطالع سوية مظهرًا آخر من مظاهر الفساد الخُلقي , ألا وهو المجاهرة بالمعصية ,وعدم التورع عن فعلها أونشرها , فلا وازع من دين أو عرف أو  مراعاة للجُلَّاس و حشمتهم . 
 
7- في البيت السابع يعبر الشاعر أيضا عن رذيلة أخرى ألا وهي البخل واحتقار الناس وإذلال السائلين حتى زهد الناس فيهم ويأسوا منهم  لكيلا يتعرضوا للمهانة وللإذلال,فهم يذلون الوافد عليهم ويعاملونه معاملة أشبه بمعاملة الكلاب , فلا يذهب إليهم بعد هذه الحالة سوى الجبان الرعديد المنافق معدوم الكرامة .
 البلاغة : 
 
أ عبر الشاعر بـ (ذلة الكلب ) هذا التعبير الكنائي فيه كناية عن مدى الحقارة التي يتعرض لها الإنسان عند بابهم, في درجة تساوى فيها مع منزلة  الكلاب .  
 
8- في البيت الثامن ،والأخير من هذه المنظومة، جاء الشاعر ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى – وبعد أن فرغ من سرد بيان المحن والتي ابتلي بها أهل زمانه ومكانه, أتى رافعًا راية الاستسلام والخضوع لله والهروب من ناس عصره  إليه، عز وجل، فلا خير يرتجى من مخالطة هؤلاء الناس, ويفضل اتقاء شرهم بعزلتهم.
  
البلاغة:
 أ – بـ ( فاهرب من الناس إلى ربهم) أسلوب إنشائي طلبي غرضه النصح والإرشاد لما فيه صلاح للدين والدنيا معا.
ب – أيضا في هذه الصورة نلاحظ أنه تأثر في هذا البيت بنص قرآني كريم  هو قوله تعالى (( ففروا إلى  الله إني لكم منه نذير مبين )) الذاريات: 50.
وفي ذلك تجميل للصورة وإضفاء للشرعية عليها، رغم كونها صادمة مستفزة!!
*صبري أبوحسين
1 - مارس - 2008
ختام تقرير ابن دقيق العيد    كن أول من يقيّم
 
          
         الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات, والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:
فبعد أن خضنا في ربوع هذه الحقول الوافرة ذات الظلال الوفيرة ,والتي تتدفق ينابيع الماء بين جنباتها ,وفي بستان حياة هذا العالم الجليل الشيخ العالم ابن دقيق العيد, و الذي نرجو منه سبحانه  أن يحقق لنا من وراء هذا العمل تمام الفائدة، أقول:  
 *من الفوائد المستفادة من هذه القراءة المختصرة في حياة هذا العالم الفذ والابن للعربية والعروبة نخلص إلى  الآتي :
* أن ابن دقيق العيد لم يكن مجرد شاعر بل كان أيضا قاضيًا ,ومن كبار علماء الأصول المجتهدين ,فكان - رضي الله عنه – بصيرًا بعلل المنقول , خبيرًا بعلل المعقول  .
 
*  كان - رحمه الله- يطلب الآخرة في حياته وذلك في طلب العلم فسهل الله عليه ذلك, فجاء فريد زمانه في العلم والأخلاق.
 
* من قال: إن النتاج الأدبي في العصر المملوكي والعثماني كان غثًّا ,وشحيحًا قد وقع في الخطأ ؛ فلو لم يصلنا إلا نتاج هذا العالم الجليل  لكفى. 
 وفي خاتمة هذا العمل نرفع أكف الدعاء للمولى عز وجل أن يتقبل هذا العمل وأن ينظر إلينا بعين العفو والرضا, وأن يجعله في ميزان والديّ الغاليين,ولا أ نسى و- أنا في مقامي المتواضع هذا- أن أوجه كلمات الشكر والعرفان الجزيل لأستاذي الفاضل الدكتور :صبري أبو حسين، أدامه الله وأبقاه ووفقه في الدارين لما فيه خير العمل. وأن يبارك في القائمين على موقع الوراق.
وصل اللهم وسلم على خير الأنام محمد وعلى آله وصحبه تسليما كبيرا كثيرا  , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 
إعداد الطالبة/شيخة اليحمدي
كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي 
    
*صبري أبوحسين
1 - مارس - 2008
فن رثاء المدن    كن أول من يقيّم
 
إن من أجمل الفنون التي برزت في هذه الحقبة الزمنية هو فن (الرثاء) وبالتحديد لون (رثاء المدن). وهو فن في غاية الروعة والصدق يفوح من بين سطوره عبق الحزن والأسى، وتتساقط من بين كلماته دموع الفاقد لأعز ما يملك .
فالشرق عندما يُرثي ترتسم الأصالة ممتزجةً بإبداع العربي والشرقي. إنه عندما يرثي أرضه، فإنه يرثي عرضه فلأن أرض الشرقي تعني الشرف؛ لذلك نراه يسح كلماته دموعًا على وجه الصفحات أشد ما يكون الرفض في التفريط بشبر من أرضه.
ومن أعنف ما ألمَّ بالشرق في عهد المماليك هو الغزو التتري بقيادة هولاكو على بغداد .
بغداد هذه المدينة الشرقية المليئة بالأحزان ،التي امتزجت دموعها بالأنهار والشطئان ، هذه المدينة الأصيلة التي قاومت جيوش الطغيان. إنها بغداد التي رثاها شمس الدين الكوفي بقصائد تعد من أروع أنواع الرثاء الرومانسي منها قوله يرثيها:
إن لم تقرح أدمعي أجفـــــانـــي                                          
                                                من بــعد بعـــدكم فما أجفانــي
إنسان عيني مذ تنـــاءت داركــــم                 
                                                مـا راقــــه نظر إلى إنســــان
ياليتني قد مت يوم فراقـــــكــــم
                                                  ولســـاعة التوديـع لا أحيانــي
مالي وللأيام شتت شملهــــــــــا
                                                   شمـــلي ،وخَلاني بلا خِـلانــي
ما للمنازل أصبحـــت لا أهلهـــــا
                                                    أهلــي ولا جيرانها جيرانــــي
وحياتكم ما حلـها من بعــــد رحيلكم
                                                  غير البلــــى والهدم والنيــران
ولقد قصـــدت الدار بعد رحيلكـــم   
                                                ووقفـت فيها وقفة الحــــــيران
وسألتها لكن بغير تكـــــــــــلـــم             
                                           فتكلمت لكـــن بغير لســـــــان
ناديتها :  يا دار ما فـعــــل الألــــــى            
                                                  كانوا هم الأوطار في الأوطـــــان  
أين الذين عهـــدتهــم ولـــعزهــــم             
                                       ذلاً تـــخر معــــاقد التيجـــــان
 وهي قصيدة طويلة هذه بعض أبياتها، وفيها ركز الشاعر على بكاء أهلها أكثر من بكاء الآثار الموجودة في المدينة، ففيها أصحابه الذين عاش معهم على هذه الأرض ولا أثر لهم اليوم سوى ذكراهم تحاصره في أرجاء هذه المدينة. ولعل هذا ما يفسر هيمنة حزنه الذاتي على أبيات القصيدة. كما أن الأسلوب الإنشائي طغى على الأسلوب الخبري في أبياته. وهذا ما نحتاجه عند الحديث عن العاطفة. 
أما عن القافية المكسورة التي اختارها  شمس الدين فإن وقعها على النفس توحي بانكساره النفسي. وبهذه الأبيات قدم لنا شمس الدين طريقة جديدة في رثاء المدن لم تكن موجودة في الشعر العربي من قبل يمكن أن نسميها الرثاء الرومانسي.
 وفي الحقيقة أن هذه الأبيات لم تكن فقط لمجرد الترويح عن هذه النفس المتعبة المحملة بأحزان وجروح وهموم هذه المعارك. وإنما كانت تستنهض الهمم وتقوي العزائم وتبعث الحماس كي تتحول هذه الدموع من بين هذه السطور إلى جيوش من المحررين لأوطانهم. وما زال هذا الغرض مسيطرًا على أدباء الأمة ومفكريها إلى الآن. وكأنه كتب علينا الحزن والولولة دائمًا وأبدًا. اللهم نجِّ والطفْ وخففْ. 
بقلم الطالبة /سلمى العمراني
*صبري أبوحسين
2 - مارس - 2008
تدين المجتمع في مرآة شاعر    كن أول من يقيّم
 
الشعر مرآة تعكس لنا الحقائق كما هيه،وتنقل لنا صور حية متجسدة في أبيات تخاطب الفكر والحس معا ً فنعيش تلك الحالة الشعرية أو بالأصح الشعورية  بكل تفاصيلها فنثور غضبا ً على الطغيان والظلم والقهر خلف كواليس الأبيات  وتارة أخرى نبتهج وتعلونا نشوة الانتصار فنعود أدراجنا مكللين بالورود وتهاني الانتصار في قالب شعري مرت عليه مئات السنين  ونبتسم متفائلين مرتقبين لمستقبل تشرق شمسه بخيوط ذهبية تنشر في أرجاء الأرض الخير والحب والمودة معلنين عن تفاؤلنا بالشعر والقول الفصيح الذي يعلن للنفس مجالاً رحبا ً للتعبير والقول الصريح.
وهاهي مرآة الشعر تعكس لنا حالة جديدة وتصور لنا الحالة الثقافية في العصر المملوكي بل ما فيها من صراع لأجل البقاء والصعود على أكتاف الآخرين فمع تلاشي الدين والأخلاق تتلاشى كل معاني الإنسانية وتحل الآفات والأدواء محل المعاني السامية ومن هذه المحن الأخلاقية و الأدواء الدينية التي مر بها العصر المملوكي ما تفجرت به أبيات أحد رجال العلم في العصر المملوكي معلنة ً حدادا ً مرا ً على الدين والأخلاق والإنسانية معا ًوهو ابن دقيق العيد فيقول:
 قد جرحتنا يــــــد  أيامــــنا         وليــس غير الله من آسي
 فلا ترج الخلق فـــي حاجة         ليسوا بأهل لسوى اليـاس          
لا تزد شكوى إليــهم فمــــا         مـعنى لشكوك إلى قاســي
فإن تخالــط منهم مــــعشرا ً       هويت في الدين على الراس
يأكل بعضهم لحم بعض ولا        يحسب في الغيبة من بــاس
لا ورعٌ في الــــدين يحميهم        عنهــا ولا حشمــة جـــلاس
لا يعدم الآتــــي إلى بابهـــم        من ذلة الكلب ســوى الخاس
فاهرب من الناس إلى ربهم        لا خير في الخُلـطة بالنـــاس
تحليل الأبيات :
 البيت الأول:
 جاءت كلمة (جرحتنا) توحي بالألم وعمق المشكلة وتمكن هذه الأدواء من المجتمع تمكن الجرح في نفس المجروح .وتبعتها كلمة (آسي) في نهاية البيت لتناسب الجرح فلكل جرح طبيب ومداوي وعند استعصاء  الأمر وصعوبته فإن الله وحده المداوي والقادر على تفريج الكروب .كما أن الشاعر هنا يعلن عن فشله عن علاج هذه الأدواء وتفشيها في المجتمع بسب أهل هذا الدهر وهذا ما نلمسه من إضافة الأيام إلى ضمير الجماعة (نا).
البيت الثاني:
في هذا البيت يعلن الشاعر عن فقدان الأمل في البشر .
جاءت كلمة (الياس) مخففة من الهمز لأجل القافية.
البيت الثالث:
في هذا البيت يهدي الشاعر بعض الحكم التي هي بمثابة مسكن للألم تجنب متبعها بعض الضرر وتساعده على تقليل الهم عله به يغير قليلاً من الفساد.
وهو ينهى عقلاء عصره عن الشكواء لأصحاب القلوب القاسية فلا معنى لشكواهم فهي قلوب قاسية فقدت معنى الإحساس والتفاعل مع الناس.
البيت الرابع:
ويسترسل الشاعر في فلسفةٍ خاصة لمثل هذا المجتمع فينهاهم هذه المرة عن مخالطتهم خوفاً من تسلل أفكارهم والتأثر بهم فكلمة(هويت) توحي بسرعة التأثر وقوتها وكلمة(على الراس) تدل على ضياع أمرك كله.
كلمة (الراس) جاءت بتسهيل الهمز لأجل القافية.
البيت الخامس:
 جاء هذا البيت ليوضح أثر هذا التأثر كما أن  النزعة الدينية عند الشاعر تظهر أكثر وضوحا ًفي هذا البيت حيث تأثر بالآية القرآنية في سورة الحجر الآية(12) "يأيها اللذين آمنوا اجتنبوا كثيرا ًمن الظن أيود أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ً فكرهتموه".
إن كلمة يأكل فيها ما يدل على التباغض وهي كناية قرآنية استدعاها الشاعر العالم لينفلا المتلقي من الغيبة وكان موفق في ذلك كل التوفيق.
ثم جاء الشطر الثاني توضيح لسبب عدم تقديرهم لتعاليم الدين والسبب يكمن في فقدان الوازع الديني.
البيت السادس:
وفي هذا البيت يعلن عن مصيبة أخرى وهي انتشار مجالس اللهو والطيش والمجون وهؤلاء القوم الذين يحاربهم الشاعر هم رواد هذه المجالس .كلمة (جلاس) جمع مفردها جليس.
البيت السابع:
وهنا الشاعر يأتي بنتيجة متوقعة ومنطقية لمن يقصد هذه المجالس وهي السخرية والاستهزاء به وهو أمر لا يقبله إلا الذليل الجبان وكل من يسهل عليه الهوان يهان.
البيت الثامن:
وأخيرا ً قدم الشاعر نتيجة لكل هذه الأدواء بل هو الدواء الوحيد لمثل هذا الحال العصيب وهو اعتزال هذا المجتمع والهروب إلى الله وهو ما يطابق قوله تعالى في سورة الذاريات الآية(50) :"ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" وهذا التأثر الديني أمر طبيعي لعالم كدقيق العيد .
اختيار الشاعر حرف (السين) للقافية أضاف موسيقى حزينة على النص عكست حالته النفسية .
 
 
 
                              شرح د.صبري أبو حسين .
                              تلخيص الطالبة:سلمى العمراني.
 
*صبري أبوحسين
10 - مارس - 2008
موسعة نهاية الأرب    كن أول من يقيّم
 
إعداد الطالبة / منى بنت خلفان الفوري.
(السنــة: الثالثـــة (4
 
- التعريف بالمؤلف :
شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب القلقشندي،ولد في عام 677ه في صعيد مصر بقرية نويرة،ومن ثم عرف بالنويري. 
 
  ( تفكيك العنوان(نهاية الأرب في فنون الأدب
التفكيك اللغوي للعنوان:
نهاية: غاية
الأرب:الحاجة والرغبة والطلب.
 فنون: لها معنيان
لغوي:قسم، نوع، جزء، عضو.
اصطلاحي:العمل البديع الذي جاء مؤثرا قلبياً وعقليًا.
والمقصود هو المعنى اللغوي
الأدب:له معنيان:
أحدهما:عام:الأخذ من كل علم وفن بطرف ترادف مصطلح الثقافة.
والأخر:خاص: الكلام الجميل المؤثر المعبر عن العواطف والأفكار شعراً كان ونثراً.
 والمقصود هو المعنى العام.
التفكيك الجمالي:
في العنوان سجع لذيذ إيقاعيًّا، ييسر حفظ العنوان . وفيه كذلك جناس ناقص بين لفظتي(الأدب والأرب). وتوحي لفظة نهاية بالمبالغة في قيمة الموسعة، وبثقة المؤلف في جهده.
وفي تعبير فنون الأدب استعارة مجسِّمة.
التفكيك الفكري:
كأني بالنويري يصرخ في قومه: أيها الناس إنكم تعانون من ضعف ثقافي ومن ذاكرة خاوية، وقد عالجت ذلك بهذه الموسعة التي تكفل لكم زادًا معرفيًّا متنوعًا لا ينضب، فهلموا إليها مطلعين حافظين....   
 
*صبري أبوحسين
24 - مارس - 2008
 6  7  8  9  10