البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : معالم الأدب العربي في العصر المملوكي    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
17 - يناير - 2008
مدخل:
تعاقبت على دراسة الأدب العربي ـ بكمه وكيفه الكبيرين المجيدين ـ نظريات متنوعة واتجاهات مختلفة ومدارس متباينة؛ كلها تتغيا تسهيل دراسة ذلك الأدب العريق في عمره وبيئته، وفي أعلامه ومعالمه، وفي ثراء نصوصه ونماذجه.
      وتعد النظرية المدرسية ـ التي اعتمدت على المنهج التاريخي وبنت عليه دراساتها ـ  من أشيع النظريات في الدرس الأدبي لدينا الآن حتى غدت تقليدً جرى عليه معظم المؤلفين ومعظم الجامعات العربية في تدريسها للأدب العربي.
         وقد نال الأدب العربي ـ عن طريق هذه النظرية ـ في عصر الجاهلية، وعصر صدر الإسلام، وعصر بني أمية، وعصر بني العباس، حظوة بالغة من قبل الدراسيين قديمًا، وإلى يومنا هذا.
وهوـ فعلاًـ أدب جيد جذاب يستحق هذه الحظوة؛ إذ بلغ القمة الفنية والفكرية في غالب نصوصه، فلم يسقط أو يضعف منه إلا شذرات من الأعمال الأدبية المتكلفة الصادرة عن أناس لا صلة لهم بالإبداع، ولا موهبة لديهم ولا صدق فيما ينشئون أو ينظمون.
        ولكن ـ وما أمرَّ لكن هذه ـ لم توجد ـ أو تُوجَّه ـ جهود متماثلة إلى الأدب العربي في عصر ما بعد سقوط بغداد 656هـ، من قبل الدارسين؛ وذلك راجع إلى اعتقاد ترسخ لدى كثير منهم بأن ذلك السقوط كان حدًّا فاصلاً صارمًا مميزًا بين قوة الدولة العربية الإسلامية ممثلة في الدولة العباسية، وبين ضعفها وانحلالها وانهيارها ممثلة في عصر الدول والإمارات حيث الأيوبيون والفاطميون والمماليك والعثمانيون.
ومن ثمَّ كان ـ كذلك ـ الحد الفاصل ـ في زعم الكثيرين ـ بين مرحلتي قوة الأدبالعربي وضعفه.
         وتلك رؤية استشراقية، غير موضوعية، بدأها كارل بروكلمان وتبعه فيها جرجي زيدان وطه حسين وشوقي ضيف وجودت الركابي... وآخرون.
 وقد واجهها عدد من الباحثين الجادين الموضوعيين، منهم: العلامة محمود شاكر، و الدكتور محمود رزق سليم،والدكتور محمد مصطفى هدارة، والدكتور ناظم رشيد، والدكتور بكري شيخ أمين!!!، والدكتور عمر موسى باشا، والدكتور محمد زغلول سلام ... وآخرون 
وفي قادم التعاليق مزيد توضيح لهذه الاراء، من خلال جهد طالباتي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، بإذن الله تعالى. د/صبري أبوحسين
 
 
 
 5  6  7  8  9 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
موضوعات الشعر في العصر المملوكي    كن أول من يقيّم
 
موضوعات الشعر في العصر المملوكي
ليس من السهل إحصاء المعاني والأغراض التي تناولها الشعر في عصر امتد زهاء
ثلاثة قرون،لأن العصر المملوكي ـ كغيره من عصور الأدب ـ فيه المحاكاة والتقليد،كما
فيه الابتكار والتجديد،غير أنه يتطلب دراسة متأنية وموضوعية وجهدا صادقا للوقوف
عليه،لأن معظم نتاجه الشعري لا يزال مخطوطا لم ير النور بعد.
وفيما يلي نعرض لأهم موضوعات الشعر في هذا العصر:
أولا:المدح:
كان فن المدح من أبرز الموضوعات الشعرية في هذا العصر،فقد حمل السلاطين
المماليك على عاتقهم عبء الذود عن بلاد الإسلام،فنظر الشعر إليهم نظرة إكبار
وإجلال،ومدحوهم وأشادوا ببطولاتهم،وسجلوا انتصاراتهم.
من ذلك ـ على سبيل المثال ـ لما فتح السلطان الملك"المنصور"حصن المرقب"سنة648هـ،وفد إليه الشعراء من كل حدب وصوب،وأشادوا بذلك النصر العظيم،وامتدحوا قائده
بالنبل والشجاعة،فقال"شهاب الدين محمود"ت725هـ:
الله أكبــر هذا النصـــر والظفـــر            هــذا هو الفتح لا ما تزعم السيـر
     هذا الذي كانت الآمال إن طمحت           إلى الكواكــــب ترجوه وتنتظــــر
 كم رام قلبك هذا الحصن من ملـك           فطــال عنه ومـا في باعـه قصـــر
 
ثانيا:الرثاء:
كان شعر الرثاء من بين الأغراض البارزة في هذه الحقبة،ولقد تعددت اتجاهاته فرثى
الشعراء الأهل والأصدقاء،والملوك والأمراء.
يقول الشاعر شمس الدين الكوفي في تصويره رحيل الأحباب،وبكائه عليهم.
                 بانوا ولي أدمـع في الخـد تشتبـــك          ولوعـــة في مجــــال الصبر تعتـــرك
             بالــرغم لا بالرضــا مني فراقـــهم     ساروا ولــم أدر أي أرض قد سلكــوا
               يا صاحبي ما احتياجي اليوم بعدهم       أشر علــي فــــإن الـــرأي مشتـــــرك
ـثالثا:الفخر:
فالفخر في الشعر المملوكي كان ضئيلا،إلا عند الشعراء الذين احتفظوا بنسبهم،واختفت
أو كادت القيم التقليدية،وحل محلها الفخر بالأخلاق والموهبة الشعرية.
يقول ابن زمرك مفتخرا بقصيدة،متحديا الشعراء،ومضمنا:(1)
         وإليك من صون العقول عقيلة             وقفت ببابك وقفة المسترحم
              طاردت فيها وصف كل غريبة              فنظمت شاردة الذي لم ينظم
                       ودعوت أرباب البيان أريهــــم                        (كم غادر الشعراء من متردم)
رابعا:الوصف:
تابع شعراء العصر المملوكي ما وصلهم من أوصاف أسلافهم،ومالوا إلى الوصف ميلا
شديدا،فلم يتركوا شيئا حولهم إلا وصفوه،حتى وصلوا إلى الأشياء البسيطة التي لا يؤبه بها.
وقد توقف "عفيف الدين السليماني" ت690ه مليا أمام الرياض فوصف الأقحوان
وشقائق النعمان،مشاكلا بين لونيهما الأبيض والأحمر،ومعرجا على الطيور والجداول
الرقراقة،والأغصان المائسة،راسما لوحة فنية بالغة الروعة والجمال،فيقول:
ندى في الأقحوانة أم رضاب              وطل في الشقيقة أم ســراب
            فتـــلك وهذه ثغــــر وكــــاس              بـذا ظـلم وفي هــذا شــراب
           وخضر خمائل كجسوم غيـــد              قد انتشفت ورق بها الخضاب
                         يريك بها الشقيق سـواد هدب              وحـمرة وجنـة فيـها التهـاب 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 راجع الآتي:
*الشعرالعربي أيام المماليك ومن عاصرهم من ذوي السلطان.د.خالد إبراهيم يوسف،ط:1(2003م)،مط:دار النهضة العربية.بيروت ـ لبنان،ص:365
*آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي.ت:د.ياسين الأيوبي,ط:1(1415هـ ـ 1995م),مط:جروس برس ـ طرابلس ـ لبنان ,ص:204
*الغصون اليانعة في أدب العصور المتتابعة.ت:د.حسن عبدالرحمن سليم.ط:1(1425هـ ـ 2005م)، د.مط،ص:260
* الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابقة.د.ابن الفوطي،المكتبة العربية ببغداد،ت.1932م،ص:334ـ335
*وانظر موقع الوراق مقال(معالم الأدب العربي في العصرالمملوكي):www.alwaraq.net
 
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
تابع موضوعات الشعر المملوكي    كن أول من يقيّم
 
خامسا:الهجاء:
من الموضوعات التي نلقاها في هذا العصر,شعر الهجاء,وقد
تعددت ألوانه وتباينت اتجاهاته,فكان منه الشخصي والاجتماعي
والديني,والتهكمي الساخر,ووراء كل لون من هذه الألوان دوافع
وبواعث.
نذكر قصيدة لابن نباتة يهجو فيها شاعرًا:
 وافــي إلـي بمدحـة قـد أخبرت        عـن كـل بيـت جيـد مـن أين جا
فسكــت عنـه فجـاءنـي بهجائـه    لأجيبـه هيـهــات أخلفــه الرجــا
من كان في حال المدائح ساقطًا  عندي,فكيف يكون في حال الهجا()
 
سادسا:الغزل:
فقد تبوأ فن الغزل في الشعر العربي منزلة الصدارة,ويقع منه
موقع التاج على مفرقه,فهو أكثر أبواب الشعر من حيث
الكم,وأغنى أبواب الشعر من حيث الذوق والفن والعاطفة,ويعد
في سجل الشعر العربي من أصدق ألوانه عاطفة,وأقواها
تجربة,وأقربها صلة بالقلب والروح.
وهذا "ابن أبيحجلة"يشكو فرط صبابته بجارية تسمى"حكم
الهوى"فيقول:
"حكم الهوى"صدت فبت لأجل ذا                  ولهان من فرط الصبابة والجوى
    يـــاعـاذلـي لاتلحنـي فـي حبــها               نفذ القضـاء وهـذا حكـم الهــوى(2)
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1)ابن نباتة شاعر العصر المملوكي,ت:د.محمود سالم محمد,ط.1(1420هـ ـ 1999م)،مط:دار ابن كثير،دمشق ـ بيروت، ص:50
  (2)فن الغزل في الشعر المملوكي.ت:د.حسن عبد الرحمن سليم،ط:1(1427هـ-2007م)،مط:مكتبة
الآداب، ص:38
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
تحليل قصيدة لشاعر مملوكي    كن أول من يقيّم
 
تحليل قصيدة لشاعر مملوكي
التعريف بالشاعر
                               
                                            الإمام البوصيري.. رائد المدائح النبوية
                       (في ذكرى مولده: 1 من شوال 608هـ)
اشتهر الإمام "شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري" بمدائحه
النبوية، التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وتميزت بروحها العذبة وعاطفتها الصادقة،
وروعة معانيها، وجمال تصويرها، ودقة ألفاظها، وحسن سبكها، وبراعة نظمها؛ فكانت
بحق مدرسة لشعراء المدائح النبوية من بعده، ومثالا يحتذي به الشعراء لينسجوا على
منواله، ويسيروا على نهجه؛ فظهرت قصائد عديدة في فن المدائح النبوية، أمتعت عقل
ووجدان ملايين المسلمين على مرّ العصور، ولكنها كانت دائمًا تشهد بريادة الإمام
البوصيري وأستاذيته لهذا الفن بلا منازع.
أصله ونشأته:
ولد البوصيري بقرية "دلاص" إحدى قرى بني سويف من صعيد مصر، في (أول شوال
608هـ = 7 من مارس 1213م) لأسرة ترجع جذورها إلى قبيلة "صنهاجة" إحدى
قبائل البربر، التي استوطنت الصحراء جنوبي المغرب الأقصى، ونشأ بقرية "بوصير"
القريبة من مسقط رأسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة حيث تلقى علوم العربية والأدب.
ثقـــافتــه:
وقد تلقى البوصيري العلم منذ نعومة أظفاره؛ فحفظ القرآن في طفولته، ثم جاء إلى
القاهرة والتحق بمجد الشيخ عبد الظاهر حيث درس العلوم الدينية وشيئا من علوم اللغة
كالصرف والعروض كما درس الأدب والسيرة النبوية،ثم أقبل على التصوف فدرس
آدابه وأسراره، وتلقى ذلك عن أبو العباس المرسي،وتتلمذ على عدد من أعلام عصره،
كما تتلمذ عليه عدد كبير من العلماء المعروفين، منهم: أبو حيان أثير الدين محمد بن
يوسف الغرناطي الأندلسي، وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد العمري الأندلسي
الاشبيلي المصري، المعروف بابن سيد الناس... وغيرهما. أما الذين اخذوا عن
البوصيري : أبو حيان الأندلسي ، وأبو الفتح اليعمري وعزالدين بن جماعة(1)
شاعرية البوصيري:
نظم البوصيري الشعر منذ حداثة سنه وله قصائد كثيرة، ويمتاز شعره بالرصانة
والجزالة، وجمال التعبير، والحس المرهف، وقوة العاطفة، واشتهر بمدائحه النبوية التي
أجاد استعمال البديع فيها، كما برع في استخدام البيان، ولكن غلبت عليه المحسنات
البديعية في غير تكلف؛ وهو ما أكسب شعره ومدائحه قوة ورصانة وشاعرية متميزة لم
تتوافر لكثير ممن خاضوا غمار المدائح النبوية والشعر الصوفي.(2) 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ديوان البوصيري نظم شرف الدين أبي عبدالله محمد بن سعيد البوصيري ، تحقيق : محمد سيد كيلاني ، الطبعة الثانية ، مطبعة مصطفى البابي بمصر ص5-6
(2) حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة: جلال الدين السيوطي- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار إحياء الكتب العربية- القاهرة- (1387هـ= 1967م).
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
آثار البوصيري    كن أول من يقيّم
 
آثاره الشعرية والنثرية:
ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي حققه "محمد سيد كيلاني"، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955م)، وقصيدته الشهيرة البردة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "المضرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "الخمرية"، وقصيدة "ذخر المعاد"، ولامية في الرد على اليهود والنصارى بعنوان: "المخرج والمردود على النصارى واليهود"، وقد نشرها الشيخ "أحمد فهمي محمد" بالقاهرة سنة (1372 هـ= 1953م)، وله أيضا "تهذيب الألفاظ العامية"، وقد طبع كذلك بالقاهرة.
جارى البوصيري في كثير من شعره شعراء عصره في استعمال الألفاظ المولدة، كما كانت له تجارب عديدة في
الأهاجي المقذعة، ولكنه مال –بعد ذلك– إلى النُسْك وحياة الزهد، واتجه إلى شعر المدائح النبوية. وتعد قصيدته
"البردة" من أعظم المدائح النبوية، وقد أجمع النقاد والشعراء على أنها أفضل المدائح النبوية بعد قصيدة "كعب بن
زهير" الشهيرة "بانت سعاد". وله أيضا القصيدة "الهمزية" في مدح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهي لا تقل
فصاحة وجودة عن بردته الشهيرة، ومطلعها:
كـيـف ترقــى رُقيَّــك الأنبيـــاءُ     يـا سمــاء مـا طـاولتها سمــاءُ؟
لم يساووك في عُلاك وقد حـال     سنـــي منـــك دونـــهم وسنـــاءُ
وله قصيدة أخرى على وزن "بانت سعاد"، ومطلعها:
إلـى متـى أنـت بالـلذات مشغـولُ      وأنت عن كل ما قدمتَ مسئولُ؟!
وتُوفِّي الإمام البوصيري بالإسكندرية سنة (695 هـ= 1295م) عن عمر بلغ 87 عاما(1)
 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فوات الوفيات: محمد بن شاكر الكتبي- تحقيق إحسان عباس- دار الثقافة- بيروت-
(1393هـ= 1973م).
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
قراءة في همزية البوصيري    كن أول من يقيّم
 
مما قاله البوصيري في مدح سيد الكونين ، نبي الساعة ،وصاحب الشفاعة المخصوص بالمقام المحمود والحوض المورود محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم-:(1)
الهمـــزيـــــــــــة:
                                        كيـفَ تَرقَـى رُقَيــّك الأنبيَــــاءُ                يَـــا سَمــاءً مَــا طَاولتهَا سمَــاء
                            لم يساوك فـي عـلاك وقـد حــا                ل سنـــا منــك دونهــم وسـنــاء
                            إنّمَــــا مثّلــوا صفَاتــك َ للنّـــــا               س كَـمَــا مثّـــل النُجُــومَ المَـــاءُ
                            أنـت مصبَـاحُ كـلّ فضـل  فَمَــا              تصدر إلاّعنْ ضوئكَ الأضــواءُ
                            لـــكَ ذاتُ العُلــوم مــنْ عَالـــم               الغـــيـب ومــنْهَا لآدمُ الأسـمَـــاءُ
                            لمْ تَزلْ في ضَمائر الكون تُختَا                ر لــــكَ الأمــهَـــاتُ والأبَـــــاءُ
                            مـا مضت فترة من الرسل الا                 بشـرت قومــها بـك الانبيـــــاء
                            تتبَاهى بكَ العصور و تَسْمُــو                 بــــكَ عَليــــاء بَـعــدَ عَليَــــــاءُ
                            وبــدا للوجــود منــك كريـــم                  مــــن كـريــم آباؤه كــرمــــاء
                            نَسَــبٌ تحسَبُ العليَــا بحــلاهُ                  قلــدتـهَـــا نُجُـومُهَــا الجــوزاءُ
                            حَبّذَا عُقــــد سُؤدد وافَتخـــار               أنــت َ فيـه اليتيـمَةُ العَـصـمَاءُ(3)
                            و محيًا كَالشمس منكَ مُضيء             أسفَــرتْ عنــه ُ لَيلــة ٌ غَــراءُ(4)
                             ليلَة المولد الذي كان للــــدين              سُــــرورٌ بيومـــه وازدهَــــاءُ(5)
                            و تَوَالتْ بُشرَى الهَواتف أنْ قَد                و لدَ المَصطفـى وَحـقَّ الهَنَـاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1)ديوان البوصيري ، ص49
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
إعجام النص وبيان فكرته المحورية    كن أول من يقيّم
 
معاني المفردات:
(2)السنا: الضوء والسنا : الرفعة
 (3)العصماء : البيضاء
(4) أسفرت: أضاءت
الغراء: البيضاء المقمرة. وهي ليلة ميلاده، صلى الله عليه وسلم
(5)ازدهاء : خفة الطرب
الفكــرة المحوريــة:
مدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد كان البوصيري رائدا
لهذا الفن، فقد بدا مدحته الهمزية متعجبا من الرقي العظيم في
شخصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ متسائلا: من ذا الذي
يصل إلى رقيك أيها الرسول الكريم؟
وما احد يساويك منزلة في سموك ونورك الوضاء ورفعتك فإن
برزت صفاتك للناس فهي تصوير وتمثيل كما يعكس الماء صورة
النجوم وإنك مصدر النور الذي تنبعث عنه كل الأضواء أما
العلوم فاصلها وذاتها أنت مصدره وقد أتيك من عالم الغيب ومن
هذه العلوم أتى لأدم الأسماء فقد علمه الله الأسماء كلها وأنت الذي
تبشر بك الأنبياء في التوراة والإنجيل
كل الأزمنة تفتخر بسموك ورفعتك فأنت الكريم ابن الأكرمين في
نسبك الرفيع العالي فنسبك بين الأنبياء كالدرة الواسطة العصماء
في عقد الأنبياء نور قسماتك وضياء وجهك برز للوجود في ليلة
بيضاء مقمرة تلك الليلة التي شرف فيها خير البرية الأرض
فكانت لها هناء وسرورا وكانت بشرى زفتها السماء إلى أهل
الأرض كما نلاحظ إن الشاعر متأثر في أفكاره بالقران الكريم
وقد اقتبس بعض المعاني كما في قوله في البيت (5) و(7)
 
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
البناء التعبيري والأسلوبي    كن أول من يقيّم
 
البنــــــــــاء التعبيــــــري:
الألفاظ جاءت سهلة مناسبة لطبيعة المدح فهي ألفاظ معبرة عن المعاني بيسر وبساطة وقد اعتمد على الألفاظ الموحية
مثل :
مصباح: وتوحي بنور الهداية التي أتى بها الرسول لكل البرايا وكان مصدر للشريعة الإسلامية في الأرض
والبيت ما مضت فترة من الرسل ، توحي بالبشرى التي وردت في التوراة والإنجيل وأيضا : لفظة (السؤدد ) توحي بالعلو والرفعة وجلال الرسالة التي أتى بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
المحسنـــات البديعيــــــة:
أتت محسنات الشاعر طبيعية غير متكلفة ونلمح فيها الجناس مثل:
الجناس الناقص (ترقى ، رقيك – سنا ، سناء – العلوم ، عالم )
الجناس التام (السماء ، سماء)
وكذلك حسن التقسيم والازدواج:
كما في قول الشاعر: نسب تحتسب العلا بجلاه ** قلدتها نجومها الجوزاء
الأساليب الخبرية والإنشائية :
فقد استهل الشاعر بالأسلوب الإنشائي الاستفهامي وغرضه التعجب وكذلك النداء
(ياسماء) غرضها المدح والتعجب
وبعد ذلك اعتمد بشكل كامل على الأسلوب الخبري في جميع الأبيات المختارة
البناء التصويري:
اعتمد الشاعر على الخيال الجزئي التفسيري وابرز صورة ما نجده في البيت الثالث
التشبيه التمثيلي : إنما مثل صفاتك للناس** كما مثل النجوم المساء
والتشبيه البليغ : في البيت (4)  أنت مصباح كل فضل
والبيت (11)    أنت فيه اليتمة العصماء
والاستعارة المكنية : نسب تحسب العلا بحلاه ** قلدتها نجومها الجوزاء
استعارة مكنية حيث جعل النسب كالجوزاء في رفعه وعلوه،كما أكد على نور الرسالة والهدى بالتشبيه التام كقول الشاعر:
ومحيا كالشمس منك مضئ ** أسفرت عنه ليلة غراء
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
البناء الموسيقي للنص    كن أول من يقيّم
 
البنــــــاء الموسيقــــي:
من ملامح الموسيقى الداخلية
-         تكرار حرف الراء في البيت الأول
-         الاعتماد على الأسلوب الخبري والجناس
الموسيقى الخارجية :
فالقصيدة من بحرالخفيف.
القـــــــــافيـــــــــــــة:
اعتمد الشاعرعلى القافية الموحدة ورويها الهمزة المضمومة يسبقها ألف المد الذي يساعد على إطالة الصوت بمدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
النثر الفني في العصر المملوكي    كن أول من يقيّم
 
وجدت مدارس ثلاث في الإبداع النثري بهذا العصر،هي:
*مدرسة الأسلوب الزينة:
سار أصحابها على طريقة القاضي الفاضل(596ه)،حيث القدرة
على استخدام البديع والسيطرة على السجع،وتطويع الصنعة
الأسلوبية،والإغراق في استتباع الصور الجميلة المنمقة والاعتماد
الكلي على الاستعارات والتشابيه،واقتباس الكثير من التراث
القديم الدال على عمق الثقافة.وقد تبنى زعامة هذه المدرسة ابن
عبد الظاهر أول كاتب للنثر في العصر المملوكي،وابن
الوردي،وابن حبيب الجلي،وغيرهم كثير.
وهذا التكلف ليس وليد العصر المملوكي،بل إنه حادث قبل سقوط
الدولة العباسية بزمن غير يسير عن أبي بكر
الخوارزمي،والهمذاني والحريري وابن العميد.
من نماذج هذه المدرسة قول ابن الوردي موظفا أسماء بعض الكتب والحروف الهجائية:
"أما بعد حمدالله المقدمة رحمته،الكافية نعمته،حمدا يبلغ به المقرب خلاصة التسهيل،ويمسي به مفصل المجمل،وهو بإيضاح العمدة كفيل،والصلاة على نبيه محمد الذي ألف التقوى،ولام أهل العدوى،ووال على كاف من أهل العناد...".
وقول ابن عبدالظاهر موظفا الصور الخيالية في خطبته عن زواج ابن بيبرس على بنت قلاوون:
"...لكن ليتشرف بيت يحل به القمر،ونبت يزوره المطر،ولسان يتعوذ بالآيات والسور،ونثار يتجمل باللآلئ والدرر..."
وقول ابن حبيب الحلبي يعظ:"التقوى أفضل حلة،والمروءة أجل خلة،سيف الحق قاطع،والحلم درع مانع،ألزم الحجا فهو ألطف سائس،ولا تعدل عن العدل فهو أفضل حارس..."(1)
*مدرسة الأسلوب المرسل:
ورواد هذه المدرسة هم جملة النقاد الثائرين على التقليد من أمثال
ابن خلدون والقلقشندي والنوير وسواهم.ومذهبهم في الكتابة
التحرر من قيود الصناعات،والسير مع الطبع والجزالة
والإطناب،والتعبير عن النفس،ومحاربة التكلف الممقوت. وهؤلاء
هم الذين حفظوا على العربية بعض روائها،وعلى الكتابة الفنية
بهجتها وازدهارها.
ولم يستخدم هذا الأسلوب في المراسلات الديوانية،والمقامات
ومقدمات الكتب بل مال إليه الكتاب في التأليف العلمية
والموسوعات الفكرية والتاريخية كما عند النوير وابن الأثير وابن
خلكان وابن كثير وابن منظور،وعدد من الفقهاء والمفسرين.
*مدرسة الأسلوب العلمي:
استخدمه العلماء في كتاباتهم العلمية الجافة الدائرة حول العلوم
الطبية والطبيعية وهو أسلوب مطبوع،لا صنعة فيه ولا
جزالة؛لأنه صادر عن أصحاب فركلا أدباء قلم.وكان تقديم
المعلومات واضحة،وإن اضطرهم الأمير إلى الركاكة أو
المعربات.والبارعون منهم قليلون.
ومن نماذج ذلك الأسلوب قول نصير الدين الطوسي من رسالته
"بقاء النفس بعد فناء الجسد": "...ليجوز أن يكون البدن ولا
مزاجه شرطا في بقاء النفس؛لأن النفس هي الحافظة والمتبقية
للبدن ولمزاجه بتدبيرها،وإيراد الغذاء عليه بدلا عما يتحلل
منه،فإن كان البدن أو المزاج شرطا في بقاء النفس لزم الدور..."
وقول القز ويني في كتابه"عجائب المخلوقات":"القمر جرم كثيف
مظلم،قابل للضياء إلا القليل منه على ما يرى في ظاهرة، فالوجه
الذي يواجه الشمس مضيء أبدا،فإذا كان قريبا من الشمس كان
الوجه المظلم مواجها للأرض..."
وقول ابن أبي أصيبعة من كتابه"عيون الأدباء"عيون الأنباء في طبقات الأطباء:"...فأما معالجة أبقراط ومداواته
للأمراض فإنه أبدا كانت له العناية البالغة في نفع المرضى وفي مداواتهم.ويقال إنه أول من جدد البيمارستان واخترعه وأوجده؛وذلك أنه
عمل،بالقرب من داره في موضع من بستان له،موضعا مفردا للمرضى،وجعل فيه خدما يقومون بمداواتهم،وسماه" أحسندوكين"أي مجمع
المرضى.وكذلك ـ أيضاـ معنى لفظة البيمارستان،وهو فارس،وذلك أن البيمار بالفارسي هو المرضى،وستان هو الموضع أي موضع
المرضى.ولم يكن لأبقراط دأب على هذه الوتيرة في مدة حياته وطول بقائه الإستطز في صناعة الطب وإيجاد قوانينها،ومداواة
المرضى،وإيصال الراحة إليهم..."(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من بحث محطوط للدكتور صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
أبرز فنون النثر في العصر المملوكي    كن أول من يقيّم
 
اشتمل نثر العصر المملوكي على رسائل ديوانية،وأخرى إخوانية،وثالثة أدبية،وفن المناظرات والمفاخرات،وفن المقامات، وفن مقدمات الكتب،وبرز في هذه الفنون كثير من الأدباء أمثال القلقشندي،وابن حبيب الحلبي،والشاب الظريف،وابن نباتة والسيوطي وغيرهم.
أ_الكتابة الديوانية:
بلغت الكتابة الديوانية في هذا العصرمنزلة رفيعة،وتبوأت مكانة عالية ومرموقة لدى الأمراء والسلاطين،وقد تعددت موضوعاتها ما بين رسائل البشارة بالنصر،وكتب الوعيد والإنذار بالحرب،ورسائل العهود والمواثيق،إلى جانب رسائل الصداقة والسلام.(1)
سماتها:
1-الميل إلى التأليف في الصنعة.
2-استخدام السجع بكثرة وسائر الفنون البديعية والمحسنات اللفظية،والتورية،والاقتباس من القرآن الكريم،والحديث النبوي الشريف.
ومن نماذج الكتابة الديوانية تلك الرسالة المطولة التي بلغت عشرين صفحة من الجزء الرابع عشر من كتاب"صبح الأعشى"وهي تعد وثيقة تاريخية كتبها"محي الدين عبدالظاهر"وفيها يقول:
"...وسرنا لا يستقر بنا في شئ منها قرار،ولا يقتدح من غير سنابك الخير نار،ولا نمر على مدينة إلا مرورالرياح على الخمائل في الآصال والأبكار،نسبق وفد الريح من حيث ننتحي،..."
ب-الرسائل الإخوانية:
هي التي تصور العلاقات الاجتماعية بيت الأدباء والسلاطين،أو بينهم وبين أصدقائهم،من تهنئة وتعزية وشكر وعتاب واعتذار،وغير ذلك من المعاني الاجتماعية التي تربطهم ببعض.
سماتها:
1-البساطة.
2-استخدام عبارات المجاملة ونعوت التعظيم،كما يرى فيها التناسب بين الموضوع وألفاظه.
وهذا نموذج لرساله طريفة لابن الوردي يصف فيها "ديكا"سماها منطق الطير يقول فيها:
"فصاح الديك:ها أنا قد أذنت،فأقم الصلاة أنت،هذا أوان الأقدام،ووضع الجباه،ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله،كم أوقظك،وبانقضاء الأوقات أعظك،فأشفق عليك بصياحى،وأرفرف عليك بجناحي،..."(2)
ج-الخطابة:
هبطت مكانة الخطاب بعد سقوط الدولة،وتناثر أشلاؤها،وقل عدد الخطباء.
ولا يعني هذا أن الساحة الأدبية خلت من الخطباء المجيدين،الذين يمتلكون القدرة على الإقناع والتأثير في النفوس بلغة رصينة بعيدة كل البعد عن الخطأ والركاكة والتصنع.
كانت الخطب تلقى في المناسبات،فمنها الاستنفار لصد غارة،أو رد اعتداء،ومنه ما كان تلقى على المنابر أيام الجمع والأعياد والمناسبات الدينية،وهي تعتمد على إثارة العاطفة،وتوجيهها إلى تقوى الله وحبه وخشيته.
أما الطابع العام للخطابة فهي تشبه إلى حد كبير فن الكتابة من حيث التزام السجع واستخدام فنون البديع من جناس وطباق وتضمين واقتباس،والتلاحم بين أجزائها ومعانيها.
ومن نماذج فن الخطابة:خطبة النيل لابن حجر العسقلاني ت852هـ:
"الحمدلله العظيم القادر الحسيب الجليل،الذي أسبغ على عباده فضله الجويل،ومن حكمته النيل،أنزله من الجنة بقدرته،وأرسله لنفع العباد كما أراد فليس له شبيه ولا مثيل،أحمده حمدا يبرى السقام،ويشفى العليل،..."
د-فنون أخرى:
هذا.وقد شاع في العصر المملوكي فنون أخرى إلى جانب تلك الفنون التي ذكرناها مسبقا.
1-المقامات:وقد تميزت بالسهولة والوضوح،والتخلص من الألفاظ الغريبة والمهجورة كما في مقامات "بديع الزمان الهمذاني"و"الحريري".
2-فن المفاخرات أو المناظرات:
مثل المفاخرات بين السيف والرمح للسعدي(ت717ه)،والمفاخرة بين السيف والقلم لابن الوردي (ت749ه)،والمفاخرة بين السيف والقلم لابن نباتة (ت768ه)،والمفاخرة بين دمشق والقاهرة للبسطامي(ت843ه).
هذا.وقد وجدت فنون نثرية أخرى مثل:الأقاصيص وسير الفرسان:كسيرة عنترة بن شداد،وسيف بن ذي يزن،وقصة الظاهر بيبرس،كما ظهر لون من الأدب عرف باسم"طيف الخيال"وهو فن قريب من فن المسرحية،فيه ملح ونوادر وأشعار.(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الغصون اليانعة في أدب العصور المتتابعة،ت.د.حسن عبد الرحمن سليم،ص.374 بتصرف
(2)التوثيق السابق،ص.375 ـ376
(3)الغصون اليانعة في أدب العصور المتتابعة،ت.د.حسن عبدالرحمن سليم،ص.377
 
*صبري أبوحسين
27 - فبراير - 2008
 5  6  7  8  9