البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : معالم الأدب العربي في العصر المملوكي    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
17 - يناير - 2008
مدخل:
تعاقبت على دراسة الأدب العربي ـ بكمه وكيفه الكبيرين المجيدين ـ نظريات متنوعة واتجاهات مختلفة ومدارس متباينة؛ كلها تتغيا تسهيل دراسة ذلك الأدب العريق في عمره وبيئته، وفي أعلامه ومعالمه، وفي ثراء نصوصه ونماذجه.
      وتعد النظرية المدرسية ـ التي اعتمدت على المنهج التاريخي وبنت عليه دراساتها ـ  من أشيع النظريات في الدرس الأدبي لدينا الآن حتى غدت تقليدً جرى عليه معظم المؤلفين ومعظم الجامعات العربية في تدريسها للأدب العربي.
         وقد نال الأدب العربي ـ عن طريق هذه النظرية ـ في عصر الجاهلية، وعصر صدر الإسلام، وعصر بني أمية، وعصر بني العباس، حظوة بالغة من قبل الدراسيين قديمًا، وإلى يومنا هذا.
وهوـ فعلاًـ أدب جيد جذاب يستحق هذه الحظوة؛ إذ بلغ القمة الفنية والفكرية في غالب نصوصه، فلم يسقط أو يضعف منه إلا شذرات من الأعمال الأدبية المتكلفة الصادرة عن أناس لا صلة لهم بالإبداع، ولا موهبة لديهم ولا صدق فيما ينشئون أو ينظمون.
        ولكن ـ وما أمرَّ لكن هذه ـ لم توجد ـ أو تُوجَّه ـ جهود متماثلة إلى الأدب العربي في عصر ما بعد سقوط بغداد 656هـ، من قبل الدارسين؛ وذلك راجع إلى اعتقاد ترسخ لدى كثير منهم بأن ذلك السقوط كان حدًّا فاصلاً صارمًا مميزًا بين قوة الدولة العربية الإسلامية ممثلة في الدولة العباسية، وبين ضعفها وانحلالها وانهيارها ممثلة في عصر الدول والإمارات حيث الأيوبيون والفاطميون والمماليك والعثمانيون.
ومن ثمَّ كان ـ كذلك ـ الحد الفاصل ـ في زعم الكثيرين ـ بين مرحلتي قوة الأدبالعربي وضعفه.
         وتلك رؤية استشراقية، غير موضوعية، بدأها كارل بروكلمان وتبعه فيها جرجي زيدان وطه حسين وشوقي ضيف وجودت الركابي... وآخرون.
 وقد واجهها عدد من الباحثين الجادين الموضوعيين، منهم: العلامة محمود شاكر، و الدكتور محمود رزق سليم،والدكتور محمد مصطفى هدارة، والدكتور ناظم رشيد، والدكتور بكري شيخ أمين!!!، والدكتور عمر موسى باشا، والدكتور محمد زغلول سلام ... وآخرون 
وفي قادم التعاليق مزيد توضيح لهذه الاراء، من خلال جهد طالباتي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، بإذن الله تعالى. د/صبري أبوحسين
 
 
 
 4  5  6  7  8 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
جماليات النص    كن أول من يقيّم
 
الأســــــــالـــــيب الجمـــاليــــــــة....
 
v  ثكلتُ... : جملة خبرية خرجت من معناها الحقيقي إلى معنى مجازي و هو الدعاء. يعلن سخطه ونفوره من هؤلاء الفاسدين.
 
v  فلم أر فيهم رجلا أمينا : أفاد حرف الفاء التعليل ، حيث جاء الشطر الثاني تعليلًا للشطر الأول. كأن سائلاً سأل: لماذا تدعو عليهم؟ فأجاب بالشطر الثاني.
v يجوز في لفظ المستخدمين قراءتان:
v  المُسْتَخْدِمِينا : اسم فاعل و معناها طالب للخدمة
v  المستَخْدَمينا : اسم مفعول و معناها المطلوب للتوظيف، مقدم الخدمة . وهو المعنى المراد.
 
v  فقد عاشرتهم : أفاد حرف الفاء التعليل، حيث عاشرهم البوصيري لذلك تحدث عنهم حديث الخبير الدقيق ببواطن الأشياء، (فليس من رأى وجرب كمن سمع ).
 
v  فقد عاشرتهم و لبثت فيهم : هذا الشطر يذكرنا بقوله تعالى : ﴿ولقَد لبثَتُ فيكُم عمراً من قبلهِ
 
v  عدلت بواحد منهم : هذا الشطر كناية عن احترافهم السرقة. و دليل على أنهم بلغوا الدرجة العليا في فنونها .
 
v  و النشو السمينا: وصف هذا الفاسد المسمى النشو بالسمين يوحي  ببلوغه الغاية في أكل مال الناس بالحرام، فالموظف يستلم الوظيفة فقيرًا نحيفًا، ويخرج منها سمينًا مكرشًا كأنه بغل من البغال، وذلك غالبًا ما يكون من حرام وسحت ملأ به جسده، كما أن قانون (من أين لك هذا ؟؟) يكون مغيبًا غير مطبقٍ!!! .
 
v  فكتاب الشمال هم جميعًا:
كتاب الشمال : تورية لها معنى بعيد و هو الملائكة الذين يكتبون السيئات، ومعنى قريب وهم كتاب المنطقة الشمالية ببُلبيس .
 
v  كتاب الشمال: فيه تشبيه حيث شبه اللصوص بكتبة السيئات (كتاب الشمال) وبين المشبه و المشبه به بون شاسع و تناقض تام إذ كيف يُشبَّه شيطان بملَك كريم ؟
 
*  وقد ندافع عن البوصيري فنقول: إنه أراد أن يبالغ في كون اللصوص لا يفعلون إلا السيئات والذنوب فقط ، وبالتالي كأنهم لا يعرفون من الكتبَة إلا كتبة الشمال.
*  ويمكن القول: إن كتاب الشمال الذي قصدهم هم كتاب المنطقة الشمالية في بلبيس.
 
§       فلا صحبت شمالهم اليمينا: جملة خبرية خرجت عن معناها الحقيقي إلى معنى مجازي وهو الدعاء. يعلن عن كراهيته لهم وبغضه إياهم، مركزًا على الوسيلة الأولى للسرقة في الدواوين/المصالح الحكومية، وهي اليد!!!
 
      وجل الناس خوان ولكن                  أناس منهم لا يسترونا
§       خوان: صيغة مبالغة تدل على كثرة الخيانة.
وهذا يدل على قائلاً قال للبوصيري: الخيانة فاشية في المجتمع، فلماذا تركز على هؤلاء؟! فأجاب بهذا البيت مشيرًا  إلى نوعين من اللصوص:
 
النوع الأول:يسرق في الخفاء.
 
النوع الثاني:يسرق في العلن.
 
وفي هذا البيت أسلوب يسمى التجريد كأن البوصيري جرد من نفسه شخصًا حاورهري فقال له: لماذا تفضح هؤلاء فقط  من بين كل اللصوص؟
فأجابهم من خلال هذا البيت حيث قال لهم:إن هؤلاء أعلنوا خيانتهم وفضحوا أمرهم.
 
ولولا ذاك ما لبسوا حريرا                ولا شربوا خمور الأندرينا
ولا ربُّوا من المردان قوما                كأغصان يقمن وينحنينــــا
 
*  في هذا البيت يعدد الشاعر دلائل كونهم فاسدين مغتصبين (حرامية) وهي مظاهر فيها تفاخرهم بالمال الحرام، وذلك من خلال:
1.  تحولهم من الفقر حيث كانوا يلبسون الملابس الممزقة إلى لبس الحرير بين ليلة وضحاها.
2.  شربهم لأجود الخمور. ومن قبل كانوا يكتفون بالماء، وما أرخصه حينئذٍ!!!
3.  اتخاذهم غلمانًا ذوي صفات خاصة لأعمال خاصة!!!!
 
*  ولا شربوا خمور الأندرينا :
تضمين من معلقة عمرو بن كلثوم في البيت الذي يقول:
الأهبي بصحنك فاصبحينا                  ولاتبقي خمور الأندرينا
 
 *  كأغصان يقمن وينحنينا :
تشبيه حيث شبه هؤلاء الفتية بالأغصان التي تتمايل مع الريح؛ للدلالة على ليونتهم ونداوة أجسادهم، كأنهم إناث!!!!
 
هذا وقد طغى على  الأبيات الأسلوب الخبري باستثناء بيت واحد وهو:
 
فخذ أخبارهم مني شفاهًا                  وأنظرني لأخبرك اليقينا
حيث أسلوب الأمر. وفي هذا البيت دليل على أن هذه النونية خطبة شعرية، ومن ثم ناسبها الأسلوب الخبري الذي يناسب الحقائق والوقائع.
 كما جاءت هذه القصيدة في تسعة و تسعين بيتًا؛ فكانت هذه الأبيات جزءً أوليًّا منها، يدور حول موضوع ذم الموظفين في العصر المملوكي .
                 إعداد الطالبة/ عزة بنت ناصر بن علي المعولي .
 والطالبة : جوخة بنت سعيد بن علي المعولي .
مراجعة د/صبري أبوحسين
 كلية الدراسات الإسلامية و العربية بدبي
*صبري أبوحسين
18 - فبراير - 2008
الحياة الأدبية في العصر المملوكي    كن أول من يقيّم
 
 
لكي نقدم المرآة الناصعة لأدب العصر المملوكي لابد من أن نتناول في هذا التقرير المطول الأفكار الآتية:
1)إطلالات  على أهم الاحداث التاريخية في عصر المماليك
2) ملامح الحياة الادبية في العصر المملوكي
3) الشعر المملوكي بين التقليد والتجديد
4) موضوعات الشعر في العصر المملوكي
5) النثر الفني في العصر المملوكي
6) أبرز فنون النثر في العصر المملوكي
إعداد الطالبتين:
آمنة  سالم الكعبي
حليمة محمد البلوشي
*صبري أبوحسين
24 - فبراير - 2008
إطلالات على أهم الاحداث التاريخية في عصر المماليك    كن أول من يقيّم
 
الجانب الأساسي :
نسب هذا العصر إلى المماليك و سمي بأسمهم فقد وقعت الأمة في هذا العصر بين خطرين كبيرين هي الخطر المغولي من الشرق و الصليبي من الغرب .
 و كانت حال الدولة المملوكية  مرتبطا بالسلطان ، فإذا كان السلطان قويا قادرا على إخضاع  المماليك  ساد الدولة الأمن و الاستقرار ، و إذا كان السلطان ضعيفا ، عمت الفوضى انتشرت الفتن
        الجانب الاجتماعي
الجانب الاجتماعي :
السمة الغالبة للمجتمع في العصر المملوكي ، هي التدين ، و قد تمثلت في حركة الجهاد ، و إحياء الخلاقة ، و انتشار التصوف ، و مظاهر الاحتفال بالأعياد الدينية ، و لا يعني  هذا أن  المجتمع المملوكي لم يعرف مفاسد بل شاعت فيه مفاسد كثيرة منها الخرافات و الشعوذة ، و مال الناس إلى البخل ،و و عانوا من الاحتيال .
        الجانب الاقتصادي
بلغ الاقتصاد الدولة المملوكية في بداية أمرها أوج القوة و الازدهار ، و لكن توزيع الثروة لم يكن عادلا، لذلك    تعرض اقتصادها لهزات عنيفه بسبب الغزوات الخارجية و سوء الحكم و فساد الإدارة .
        الجانب الثقافي
شهد العصر المملوكي حركة ثقافية جيدة ، و ظهرت عوامل أدت إلى النهوض  بالثقافة و الرقي بها ، عند هذه العوامل :
1- الحروب العاتية التي تثير العواطف ، و تبعث على القول ، و ترك الهمم للدفاع عن الأمة .
2- تشجيع السلاطين للعلوم المختلفة التي تحتاجها الدولة .
3- هجرة العلماء العرب المسلمين من مشرق البلاد الإسلامية ومغاربها  إليها .
إعداد الطالبتين:
 
آمنة  سالم الكعبي
حليمة محمد البلوشي
 
*صبري أبوحسين
24 - فبراير - 2008
الأدب المملوكي في المرآة الناصعة    كن أول من يقيّم
 
هذا تقرير من إعداد الطالبتين:
آمنة  سالـم الكـعبي                        حليمة بنت محمد البلوشي.
المقـدمـة
الحمد لله الذي تتم ـ بنعمته ـ الصالحات،وتبلغ ـ بمنِّه وكرمه ـ أقصى الغايات،وتنال ـ بفضله ـ أرفع الدرجات،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،الشافع المشفع وحده،ورحمة الله المهداة إلى العالمين،وأكمل الخلق وأشرف المرسلين،سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعــــــــــــد:
فهذه دراسة عن حالة الأدب في العصر المملوكي،الذي يعد بلا شك المرآة الناصعة
الصادقة،التي ينعكس على صفحتها ما يدور في المجتمع من أحداث،وما يسري في
خواطر أبنائه من أفكار وأحاسيس وخلجات تنبض بها قلوبهم ومشاعرهم.
فلو أننا أضربنا صفحا عن دراسة أدب عصر من العصور،أو مررنا عليه مرور
الكرام،فكأنما نضرب عن جانب من جوانب حياتنا،ونكون قد قطعنا حلقة من حلقات
تطورنا الفكري والأدبي.
فهل يعقل ويصدق أن نسقط من ذاكرة تاريخنا الأدبي والفكري نصف ماضينا،وشطر
تراثنا،الذي يمثل نصف الموروث الثقافي والحضاري للأمة بترديد مقولة:"إنها عصور
انحطاط وعقم فكري"فنغض الطرف عنها،وعن آثارها،وفنونها،وأعلامها؟؟؟
بالطبع لا!!! ولن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يقال إزاء هذه العصور من تهم،وهذا ما
دفعنا لأن ننفق وقتا طويلا،وجهدا مضنيا،في سبيل الوقوف على مصادر أدب هذه
العصور،للإلمام بأبرز قضايا الأدب وأعلامه في أغلب هذه العصور.
هذا.ولقد سلكنا في إعداد هذا التقرير نهجا يتناسب وطبيعة الموضوع،فقد تطرقنا بعد
التمهيد إلى لمحة عن أهم الأحداث التاريخية في عصر المماليك،ثم  تحدثنا عن معالم
الحياة الأدبية في العصر المملوكي،ووضع وحال كلا من الشعر والنثر في هذه الحقبة
المهمة،وتناولنا الموضوعات التي تطرق إليها الشعراء في تلك الفترة من الزمن
وأودعناها أبرز الشعراء المملوكيين،ومن ثم تناولنا قصيدة لأحدهم وقمنا بتحليلها.
أما النثر فقد ذكرنا أبرز فنونه وأعلامه.
وكان هدفنا من هذه الدراسة هو خدمة أدبنا العربي،وتراثنا الأدبي،في حقبة مهمة،شاب
الأدب فيها كثيرا من الغموض،وأبهمت صورته أحكام نقدية غير متأنية.
ومن أهم العقبات التي واجهتنا في إعداد هذا التقرير:
ندرة المصادر والمراجع التي تناولت الأدب في هذه العصور.
ومهما يكن من صعوبات فإنها تهون في خدمة تراثنا العربي الخالد،وبخاصة في ذلك
العصر المفترى عليه.
ولقد شجعنا على هذا العمل،وبذل الجهد والوقت،دكتورنا الفاضل /صبري فوزي أبو
حسين وحرصه على دراسة هذا المقرر، ورغبته في الوقوف على أهم أعلامه وفنونه
وقضاياه عن طريق جهدنا المتواضع.
وأخيرًا..
 
فإننا لا نستطيع أن نزعم أننا قد وفينا التقرير حقه،أو وصلنا به إلى درجة الكمال،فإن
الكمال لله وحده،ولابد لكل عمل بشري من هنات وأخطاء.ولكن إن صح اجتهادنا وكان
ما قدمناه يمكن أن ينتفع به،فهو فتح من الله ومدد منه،وإن كانت الأخرى فحسبنا أننا
اجتهدنا وبحثنا والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
 
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
تمهيد التقرير    كن أول من يقيّم
 
التمــهيــد
يقول الدكتور/شوقي ضيف في كتابه (البحث الأدبي ص 53 ):
  "ولعل عصورًا لم تُظلَم كما ظلمت العصور المتأخرة، وبخاصة عصر الأيوبيين
والمماليك،فقد قيل مرارًا وتكرارًا:
    إن الشعراء جمدوا حينئذ، وجمد معهم الشعر، وجفت ينابيعه، وإنهم عاشوا على اجترار الماضي ومحاكاته..
وكل ذلك ظلم، وهو ظلم جره التفسير الخاطئ لمحافظة الشعراء حينئذ، فقد ظن
الباحثون أنها أثر الجمود وركود الفكر، ولكن كيف يكون هذا الجمود والركود في عصر
ردت إلينا فيه قوانا القتالية الضاربة،وسحقنا الصليبيين والمغول سحقًا ذريعًا؟!.
والحق أنه لم يكن هنالك ركود ولا خمول ولا تعطل ذهني،وإنما كانت هنالك محافظة
قوية بدافع الاحتفاظ بمقومات الشخصية العربية والإسلامية،أمام أعدائها اللدودين
المعتدين،خشية أن تضعف أوتضمحل،أو يصيبها ويعتريها،شيء من الوهن والضعف
فيؤثرعلى كيان الأمة  وعزيمتها أمام هجوم أعدائها الذي لا ينقطع أو يتوقف.(1)
 
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الغصون اليانعة في أدب العصور المتتابعة، ت: د.حسن عبد الرحمن سليم. ط:1(1425ه ـ 2005م)، د،مط.   ص: 2بتصرف .
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
تعليقي على رأي الدكتور شوقي ضيف    كن أول من يقيّم
 
أرى أن رأي الدكتور شوقي ضيف في أدب العصور المتتابعة لا يؤخذ من كتاب واحد من كتبه، بل لابد من مطالعة رأيه في موسعته (عصر الدول والإمارات) وكتابيه(الفن ومذاهبه في الشعر) و(الفن ومذاهبه في النثر)؛ لأنه-رحمه الله تعالى- في هذه الكتب سار مع السائرين في ظلم أدب هذه الفترة الشهيدة من تاريخ أمتنا.
د/صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
لمحة عن حيوات العصر    كن أول من يقيّم
 
الحياة السياســية:
نسب هذا العصر إلى المماليك وبهم سمي،والمماليك الذين حكموا مصر وبلاد الشام
وقسما كبيرا من الجزيرة العربية ما يقرب من ثلاثة قرون،وقادوا حركة الجهاد ضد
الغزو الصليبي والمغولي،هم في الأصل جملة من الرقيق الذي كان يجلب من بقاع
مختلفة،واستطاعوا الوصول إلى الحكم عندما تزوجت شجر الدر من قائد
الجيش،وتنازلت له عن السلطنة.
وأمضى المماليك مدة حكمهم في صراع خارجي وداخلي،ومع تقدم الوقت تصدى
المماليك للبرتغاليين الذين أفسدوا على الدولة المملوكية تنظيم التجارة بين الشرق
والغرب،ثم اختلفوا مع العثمانيين الذين قضوا على الدولة المملوكية.
كان حال الدولة المملوكية مرتبطا بالسلطان،فإذا كان السلطان قويا قادرا على إخضاع
المماليك،ساد الدولة الأمن والاستقرار،وإذا كان السلطان ضعيفا،عمت الفوضى
وانتشرت الفتن.
 الحياة الاجتمـاعــــــــية:
السمة العامة للمجتمع في العصر المملوكي هي التدين،وقد تجلت في حركة الجهاد
وإحياء الخلافة،وانتشار التصوف،ومظاهر الاحتفال بالأعياد الدينية،ولا يعني هذا أن
هذا المجتمع لم يعرف المفاسد،بل عرفت فيه مفاسد كثيرة،وشاعت فيه الخرافات
والشعوذة التي انشغل بها الناس،وآمنوا بكرامات المتصوفة،ومال الناس إلى
البخل،وعانوا من الاحتيال.
وظلت هذه الظواهر الاجتماعية قليلة،ولم تغلب على المجتمع،ولكنها كانت موجودة
وظهر أثرها في الأدب.(1)
الحياة الاقتصـادية:
كان اقتصاد الدولة المملوكية في بداية أمرها على جانب كبير من القوة والازدهار،ولكن
توزيع الثروة لم يكن عادلا،وقد تعرض هذا الاقتصاد لهزات عنيفة بسبب الغزوات
الخارجية وسوء الحكم وفساد الإدارة.
الحياة الثقافـــــية:
شهد العصر المملوكي حركة ثقافية جيدة، فمن العوامل التي نهضت بالثقافة الحروب
العاتية التي تثير العواطف وتبعث على القول، وتحرك الهمم للدفاع عن الأمة في ميادين
المواجهة كافة، ومنها ميدان الثقافة. يضاف إلى ذلك التشجيع الذي أبداه بعض السلاطين
للعلوم المختلفة التي تحتاجها الدولة وقد حظيت الدولة المملوكية بظرف خاص أفاد
الحركة الثقافية، وهو هجرة العلماء العرب المسلمين من مشرق البلاد الإسلامية ومغربها
إليها.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):ابن نباته شاعر العصر المملوكي.ت:الدكتور محمود سالم محمد،مط:دار ابن كثير
دمشق ـ بيروت،ص:7،بتصرف.
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
دلائل حياة الأدب    كن أول من يقيّم
 
معالم الحياة الأدبية في العصر المملوكي
لم يمت الأدب في هذا العصر، كما يدعي البعض، وما كان ينبغي له أن يموت، فهو خالد
بخلود لغتنا العربية الفصحى، تلك التي حفظت _ وستزال محفوظة _ بحفظ القرآن
الكريم، كان ديوان العرب، يسجل حياتهم، وينشرحكمهم، ويغرس فضائلهم في الناشئة
والطالبين لها الباحثين عنها. وقد وجدت له معالم وأعلام في كل عصر ومصر منذ
جاهليته الأولى حتى العصر المملوكي، الذي فقد دافعا أساسيا على حياته وتطوره، وهو
تشجيع الطبقة الحاكمة لرجاله، وبقيت في هذا العصر عدة دوافع ساعدت على مواصلة
الأدب لمسيرته، وسيره سيرا جديدا متطورا متنوعا،
 منها:
_ كثرة العلماء وتنامي أثرهم وزيادة دورهم وتنوع صلتهم بالأدب إبداعا وجمعا ودرسا
ونقدا وتشجيعا وتوجيها.
_ هجرة كثير من الأدباء إلى مصر والشام، فارين من العراق وما قبلها من بلاد
المشرق الإسلامي، خوفا من الإرهاب المغولي الهمجي، ومطرودين من الأندلس وما
بعدها من بلاد المغرب الإسلامي، إنقاذا لأنفسهم وذويهم من الصراع الحربي الدموي في
هذه البلاد، بين المسلمين بعضهم البعض أحيانا، والمسلمين وغيرهم أحيانا أخرى.
_ التنافس بين شعراء مصر والشام في إجادة شعرهم، فلم يكن شاعر في أحد القطرين،
ينظم قصيدة طريفة،حتى يتناولها شعراء القطر الآخر بالنقد والمعارضة والاحتذاء.
يروى أن ابن نباتة كان إذا ما اخترع معنى أخذه الصفدي بلفظه أو بتغيير فيه قليل،
فألف ابن نباتة رسالة، جمع فيها ما قاله،فأخذها منه الصلاح، وسماها "خبز الشعير".
ونتيجة لهذا التنافس في الإبداع صار لكل بيئة خصائصها، ففي شعر أهل الشام ميل إلى
الوصف وبخاصة وصف الطبيعة، لجمال البيئة واعتدال الجو وحسن مناظر الطبيعة
هناك ولشعر أهل مصر ميل إلى الرقة والفكاهة، وتناول للأحداث السياسية الكبرى.
_ كثرة المدارس ودور التعليم والمكتبات، وزيادة عدد الشيوخ والطلاب، ورعاية الحكام
لأبنية العلم وأهلها اقتصاديا واجتماعيا.وقد سجل الشعراء هذه الرعاية وصوروها
بشاعريتهم. يقول الشاعر أبو الحسن الجزارعند افتتاح المدرسة الصالحية:
ألا هكـذا يبني المـدارس مـن بنى                   ومن يتعالى في الثواب وفي البنا (1)
  ويقول شاعر آخر في تهنئة الظاهر برقوق في مناسبة إنشاء المدارس الظاهرية:
الظاهر الملك السلطان همته                          كادت لرفعتها تعلو على زحل
وبعض خدمه طوع لخدمته                                            يدعو الجبال فتأتين على عجل
  فواضح مدى دلالة هذه النصوص على اهتمام الحكام المماليك بإنشاء المدارس
ورعايتها وقد اتجهت شيوخ هذه الدور العلمية وطلابها نحو الدرس اللغوي والأدبي بحثا
وتأليفا وتعليما وإبداعا.
_ كثرة المؤلفات البلاغية والأدبية والنقدية المؤثرة في هذا العصر،ككتب حسن التوسل
في صناعة الترسل لشهاب الدين الحلبي، ومفتاح العلوم للسكاكي، والحواشي التي ألفت
في شرحه واختصاره للقزويني والتفتازاني والسبكي وغيرهم. و " بديع القرآن" و"
تحرير التحبير" لابن أبي الإصبع، وإختصار ابن منظور للأغاني، والعقد الفريد، وزهر
الآداب ، ويتيمة الدهر، ونصرة الناثر على المثل السائر للصفدي، وصبح الأعشى
للقلقشندي ونهاية الأرب للنويري، وخزانة الأدب، وثمرات الأوراق لابن حجة،
بالإضافة إلى دواوين الشعراء ورسائل الأدباء.
ويبدو أن مقامات الحريري كانت مادة المتأدبين في هذا العصر، يحفظونها ويتمثلون
أساليبها. وقد وقف الفخري في كتابه " الآداب السلطانية" أمامهم بالمرصاد، منتقدا عادة
عصره في تحريض المتعلمين على حفظ المقامات ويرى أنها إن نفعت من جانب اللغة
أضرت من جانب الأخلاق لما تحويه من حوادث الكدية والحيل في الاستجداء،مما
يصغر الهمم،ويضعف النفوس.
ـ وقد امتزج العلم بالأدب عند العامة امتزاجا واضحا،سجله الشاعر بقوله:
هذب النفــس بالعلــوم لترقــى                وتــرى الكـل وهــو للكـل بيت
إنمــا النفس كالزجاجة والعـقـ                ل ســراج وحكمـة اللــه زيــت
فــإذا أشرقت فإنــــك حـــــي                 وإذا أظــلمــت فإنـــــك ميـــت
وقد أسهم الشعر في بيان دخول العلماء في متاهات لا طائل منها،ونقد ذلك نقدا
صريحا،ودليل ذلك قول الأدفوي:
 إن الدروس بمصرنا في عصرنا                طبعت على لغط وفرط عياط
      ومباحــث لا تنتـــهي لنهايـــــــة                 جدلا ونقـل ظاهر الأغـــلاط
          ومدرس يبدي مباحث كلــــــــها                            نشأت عن التخليط والأخـلاط
 فهذا النص الشعري يعدد المعالم السلبية الموجودة عند قطاع معلمي هذا العصر، ويعرب عن النفور العام منها،لعدم جدواها وآثارها.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)تاريخ الأدب العربي،ت:د.عمر فروخ،ج:3
 
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
تابع دلائل حياة الأدب     كن أول من يقيّم
 
_ اتخاذ الأدباء من متأخري الشعراء والكتاب في العصر العباسي مثلا عليا في الإبداع
يحتذونهم ويسيرون على نهجهم في آليات الشكل الفني ومعطيات المضمون الفكري،
خصوصا أبا العلاء المعري في تصنعه الشعري والقاضي الفاضل في طريقته النثرية
المتفننة في زخارف البديع وأعشابه العديدة والمتنوعة.
_ كثرة الحوادث السياسية والعسكرية المؤثرة في مخيلة الأدباء واللافتة لأذهانهم مثل
سقوط بغداد، وتوغل المغول في بلاد الشام، وموقعة عين جالوت، وتولي المماليك للحكم،
كل واحد على حساب آخر سابق عليه، اعتماد على سلاح القوة والبطش والجبروت،
والصراع الحربي مع الآخرين على الحدود والممتلكات، فقد كان للأدب موقفه الواضح
من ذلك تسجيلا وتصويرا... وهكذا كثرت الدوافع على الإبداع الأدبي في هذا العصر
ولم تنعدم كما يدعي بعض الباحثين، أولئك الذاهبون إلى أحكام متناقضة مضللة
المبسترة، التي تخفي وراءها ما تخفي، معتمدة على إبرازجوانب مظلمة من الأدب
العربي في هذه الفترة كالألغاز والأحاجي والعامية والخلخلة التركيبية.
 
أمن أجل حفنة من شعر مجبول، أو ألاعيب لفظية من جناس وتورية وسجع، نرمي
بأدب العصر كله بالانحطاط؟!!
 ماذا نقول عن المُوسِعات التي ظهرت؟ ماذا نقول عن المعاجم الكبرى كالقاموس
 المحيط ولسان العرب؟ ماذا نقول عن نصف مليون ككتاب ما يزال مخطوطا في مكتبة
السليمانية بإسطنبول، كتبت بأيدي أبناء هذا العصر،ولم يظهر للنورإلى اليوم؟ ماذا نقول
عن ابن نباتة وصفي الدين الحلي والبوصيري والقلقشندي والسيوطي وابن الجوزي
وإبداعاتهم الأدبية الجيدة؟!!
لقد كان تطور الأدب _ شكلا ومضمونا _ في هذا العصر نابعا من داخل الفن نفسه،
وقررته الى حد بعيد الحاجة الفنية التي أملاها الفن ذاته، وإن سار في خط قررته
المستجدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
فعن طريقه تراكم جهود الأدباء ، استطاع الأدب العربي _ والشعر بخاصة _ أن
يواصل مسيرته، إذ عاشت أجيال عديدة تجربة ذات طبيعة جامدة لم تخضع للتغير
والتطور ولم تصطرع فيها قوى التقبل والمقاومة في عصر طويل من الثبات فدارالأدب
في دائرة النظم المكرر والإبداع الثابت المتشابه.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الحياة الأدبية في العصرين المملوكي والعثماني،ت:د.محمد عبد المنعم خفاجي.
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
الشعر المملوكي بين التقليد والتجديد    كن أول من يقيّم
 
الشعر المملوكي بين التقليد والتجديد
 بهيمنة المغول على المشرق العربي وبسيطرة المماليك وغيرهم من الأعاجم على مقاليد الحكم في البلاد
العربية،ولى عصر تذوق الأدب،إذ انصرف الحكام عن الأدب إلى تدبير شؤون الملك عن طريق تدوين الحسابات
وضبط الخراج والدخل والاهتمام بالجند والعلوم العلمية التي تخدم قوتهم العسكرية.
حتى يستطيعوا مقارعة العدو الخارجي وإخماد الفتن الداخلية.كان أولو الأمر
أعاجم،لايفقهون العربية ولايفهمونها،ولا يقدرون بلاغتها وروعة شعرها،فاستوى عندهم
الغث والسمين.
وبسبب هذا الوضع القائم،غدا الشعر ضربا من ضروب التقنية،ولم يعد ربيبا للطبيعة
وحدها،وإنما صار ربيبا ـ كذلك ـ للحياة بما فيها من طرق وأكواخ وترب وأشواك،لم يعد
زينة القصور،يتغنى به الحكام والنبلاء والأشراف.إنما نزل إلى الجحور ليعبر عن حال
المكافحين والكادحين والشذاذ والحرافيش،وأبعد أكثر الأدباء عن مراكز السلطة
والنفوذ.ولم يعد الأديب ـ كما كان في العصور السابقة ـ  لسان حال الدولة والمروج
لسياستها،والمدافع عن حياضها،فالكلمة الفصل للسيف والبقاء للأقوى.
وجعلت قوة المناصرين،وانعدام العصبية التي كانت تدفع إلى قول الشعر،منه صنعة
تتلهى بها الخاصة،وتلوكها أفواه العامة،صنعة لا تكسب جاها،ولا توفرعيشا كريما،ولا
تعبر عن حاجة فنية أو نفسية أو إنسانية آسرة،لذا انصرف معظم الشعراء إلى تأمين
سبل الرزق الأخرى،تاركين الشعر فريسة تنهكها سطحية المعاني،وينهشها التقليد وقلة
الابتكار،ويدميها الاعتناء بالشكل والمظهر،والانزلاق شيئا فشيئا نحو مطب العامية أو
العجمة الطاغية الغازية.
في هذا المناخ الجاف والتربة القاحلة وأمام متطلبات الحياة انصرف معظم الشعراء إلى
تأمين سبل البقاء،إما عن طريق العكوف على طلب العلم ابتغاء المراكز
والمناصب،نزولا عند احتياج الحاكم والمحكومة عليهم وإليهم،فاختلط الشعر بالعلم
والأدب،وبتنا نرى لكل عالم أو فقيه أو قاض أو طبيب أو جندي أدبا بديعا،وشعرا
متنوعا،فلابن خلدون المؤرخ شعر جيد، ولذا الطوسي شعر،وكذلك الدميري العالم
صاحب حياة الحيوان،وكذلك الجندي مجير الدين الإسعردي كان شاعرا مكثرا...الخ
وإما عن طريق التكسب الحرفي والمهني،فقد تكسب سراج الدين الوراق(ت696هـ)وعمل
الشيخ جمال الدين أبو الحسين (ت679هـ)بالجزارة،وكان شهاب الدين العزازي(ت710
هـ)تاجرا بزازا،وعمل محمد بن دانيال(710هـ)كحالا،واتخذ من القاهرة دكانا يكحل
المرضى،وافتتح ابن نباته(ت768هـ)أول أمره كتابا ليتكسب بالتعليم.
ومن ثم تحول الشعر على أيدي شعراء العصر إلى العامة،يعبرعن همومها ومعاناتها
ويعيش أحلامها وأمانيها،بلغة هادئة عاقلة،لا تغضب السلطة الحاكمة.وهذا مما يحسب
لشعر العصرلاعليه.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)التوثيق السابق.
*صبري أبوحسين
26 - فبراير - 2008
 4  5  6  7  8