البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : معالم الأدب العربي في العصر المملوكي    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
17 - يناير - 2008
مدخل:
تعاقبت على دراسة الأدب العربي ـ بكمه وكيفه الكبيرين المجيدين ـ نظريات متنوعة واتجاهات مختلفة ومدارس متباينة؛ كلها تتغيا تسهيل دراسة ذلك الأدب العريق في عمره وبيئته، وفي أعلامه ومعالمه، وفي ثراء نصوصه ونماذجه.
      وتعد النظرية المدرسية ـ التي اعتمدت على المنهج التاريخي وبنت عليه دراساتها ـ  من أشيع النظريات في الدرس الأدبي لدينا الآن حتى غدت تقليدً جرى عليه معظم المؤلفين ومعظم الجامعات العربية في تدريسها للأدب العربي.
         وقد نال الأدب العربي ـ عن طريق هذه النظرية ـ في عصر الجاهلية، وعصر صدر الإسلام، وعصر بني أمية، وعصر بني العباس، حظوة بالغة من قبل الدراسيين قديمًا، وإلى يومنا هذا.
وهوـ فعلاًـ أدب جيد جذاب يستحق هذه الحظوة؛ إذ بلغ القمة الفنية والفكرية في غالب نصوصه، فلم يسقط أو يضعف منه إلا شذرات من الأعمال الأدبية المتكلفة الصادرة عن أناس لا صلة لهم بالإبداع، ولا موهبة لديهم ولا صدق فيما ينشئون أو ينظمون.
        ولكن ـ وما أمرَّ لكن هذه ـ لم توجد ـ أو تُوجَّه ـ جهود متماثلة إلى الأدب العربي في عصر ما بعد سقوط بغداد 656هـ، من قبل الدارسين؛ وذلك راجع إلى اعتقاد ترسخ لدى كثير منهم بأن ذلك السقوط كان حدًّا فاصلاً صارمًا مميزًا بين قوة الدولة العربية الإسلامية ممثلة في الدولة العباسية، وبين ضعفها وانحلالها وانهيارها ممثلة في عصر الدول والإمارات حيث الأيوبيون والفاطميون والمماليك والعثمانيون.
ومن ثمَّ كان ـ كذلك ـ الحد الفاصل ـ في زعم الكثيرين ـ بين مرحلتي قوة الأدبالعربي وضعفه.
         وتلك رؤية استشراقية، غير موضوعية، بدأها كارل بروكلمان وتبعه فيها جرجي زيدان وطه حسين وشوقي ضيف وجودت الركابي... وآخرون.
 وقد واجهها عدد من الباحثين الجادين الموضوعيين، منهم: العلامة محمود شاكر، و الدكتور محمود رزق سليم،والدكتور محمد مصطفى هدارة، والدكتور ناظم رشيد، والدكتور بكري شيخ أمين!!!، والدكتور عمر موسى باشا، والدكتور محمد زغلول سلام ... وآخرون 
وفي قادم التعاليق مزيد توضيح لهذه الاراء، من خلال جهد طالباتي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، بإذن الله تعالى. د/صبري أبوحسين
 
 
 
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
من إيجابيات الأدب المملوكي    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
من إيجابيات  العصر المملوكي
ازدهرت الحركة الأدبية ازدهارًا كبيرًا فى العصر المملوكي؛ فقد نشأت مدرسة عربية شهيرة اختصت بتأليف المُوسِعات [دوائر المعارف]في شتى النواحي الأدبية والسياسية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية.
ورأس هذه المدرسة في مصر، شهاب الدين النويري، صاحب الموسوعة الشهيرة باسم "نهاية الإرب في فنون الأدب". وقد بلغ من قيمتها أن تُرجمت للغة اللاتينية منذ القرن الثامن عشر. ويعد ابن دانيال، الأديب والطبيب، من أشهر أدباء مصر في العصر المملوكي، (توفي عام 710هـ / 1310م)، وهو صاحب أول محاولة لمسرحيات خيال الظل في العصور الوسطى. حيث جمعت مثل هذه المسرحيات بين الشعر والنثر الفني. كما أن قصص ألف ليلة وليلة قد احتوت على مواد مصرية قصصية كثيرة يمكن تحديد تاريخها بالقرن 8 هـ/ 14 م.

وفي العصر المملوكي كان السلاطين والأمراء وكبار الجاه يرون تقريب العلماء مظهرًا من مظاهر الشرف والنبل. فكانت منازلهم وقصورهم موئلاً للأدباء والشعراء.
وازدهر النثر الفني والشعر، حيث تم الاحتياج إلي الكتاب في ديوان الإنشاء، وبرع في ذلك الأديب بن عبد الظاهر (توفي 692 هـ/ 1293 م)، حيث عينه بيبرس كاتبًا للسر بديوان الإنشاء.
ويعكس شعر العصر المملوكي جوانب المجتمع المملوكي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية كافة.
كما ازدهرت المناظرات الأدبية والشعرية المختلفة، ومن أشهر شعراء العصر المملوكي بن الجزار وبن الوراق والمناوي المصري. واشتهر الصلاح الصفدي كأحد أهم مؤلفي الموشحات في العصر المملوكي. وارتبطت المناسبات التاريخية وآثار مصر في العصر المملوكي ارتباطاً وثيقاً بالشعر. فقد مدح السلطان بيبرس البندقداري عند افتتاح المدرسة الظاهرية، ومدح السلطان برقوق شعرًا عندما تم افتتاح مدرسته في بين القصرين. وقال ابن إياس شعرًا في السلطان الغوري بعد فراغه من بناء مصطبة وان لم يخل الشعراء حول الغوري من هجاء.
وعندما سقطت إحدى منارات مسجد السلطان حسن (762 هـ / 1361 م) واعتبر الناس ذلك نذيرًا بزوال الدولة، حتى سارع الشاعر بهاء الدين السبكي (توفى 773 هـ / 1372 م) ليجعل من ذلك بشير سعد للسلطان والدولة إذا ما سقطت المئذنة إلا إجلالاً للقرآن الذي يقرأ تحتها.
 
عمل الطالبة :- زينب عبدالله البشر
مراجعة الدكتور صبري أبوحسين 
*صبري أبوحسين
11 - فبراير - 2008
فساد الحاكم في مرآة الشعر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
فساد الحكم المملوكي في مرأة الشعر
من الدلائل النصية على تصوير الشعر لفساد الحكم المملوكي قول الشاعر:
الصالح المرتضي أيوب أكثر من    تـُرك بـدولتـه, يا شـرَّ مجلوب
قد آخذ الله أيوبًا بفعلته               فالناس قد أصبحوا في ضر أيوب
 
فالسلطان الصالح أيوب آخر حاكم أيوبي،  تسبب في جلب هؤلاء القُساة الغلاظ الذين نهبوا أموال الناس وجعلوا حياتهم قاسية وصعبة.
 
تحليل النص :
 الشاعر يسجل لنا حادثًا تاريخيًّا  وهو جلب المماليك،  من قبل السلطان الصالح أيوب .
تعبير (يا شر مجلوب) : وهو نداء خرج من معناه الحقيقي إلى معنى مجازي هو التعجب، يتعجب: كيف يجلب السلطان شرًّا يقع عليه وعلى رعيته الكادحة . والمعروف أن الجلْب[الاستيراد] المفروض أن يكون للخير!!! ويمكن أن يكون للاستنكار، يستنكر عليه أن يجلب شره بيده وماله!!!
أطلق على المماليك لفظ (ترك) على سبيل التغليب؛ فمعظم المماليك كانوا من الجنس التركي. وإن وجد من كانوا من أجناس شرقية وأوربية أخرى، لكنهم قلة.
·      ما علاقة البيت الثاني بالبيت الأول؟
يوجد بلا شك رابط بين البيتين؛ فالبيت الثاني جاء نتيجة للبيت الأول، أو تفصيلًًا للإجمال في لفظه (شر)، أو تفسيرًا للإبهام الحادث في هذه اللفظة. فبين البيتين ما يسمى بلاغيًّا شبه كمال الاتصال. وجاء عجز البيت الثاني نتيجة لصدره. فسلوك الحاكم وسياسته مؤثر -بلا ريب - في سلوك المحكومين.
·      (يا شر مجلوب): لماذا كان هذا الجلب شرًّا؟
لأنه أضرَّ أيوبًا ورعيته: أضر أيوبًا؛ لأن المماليك تسببوا في قتله وقتل ابنه، وبالتالي القضاء على دولة بني أيوب. وأضروا الرعية لأنهم قُساة جُفاة فرضوا الضرائب ونهبوا الأموال، وبغَّضوا الشعب في بني أيوب.
 
التقييم:
البيتان نقد جريء شجاع للحاكم، و السهولة التعبيرية التي تكفُل للنص السيرورة على الألسنة و الثبات في الذواكر .
المآخذ على النص:
1-    خلو النص من الجماليات البديعية و البيانية والأسلوبية، باستثناء تعبير(يا شر مجلوب)
2-    تكراره لاسم أيوب بلا فائدة نحسها . وذكره للقب (المرتضى) مع عدم ثبوته تاريخيًّا أو عدم قيمته الفنية، فقد أتى به فقط لأجل الوزن!!!
3-    وقوعه في الضرورة وإن كانت جائزة لغويًّا إلا أن الشاعر المميز هو مَن لا يقع فيها. ولا يلجأ إليها!!!
إعداد الطالبة/زينب عبدالله آل بشر
الفرقة الثالثة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي
2007/2008م
مراجعة الدكتور/ صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
11 - فبراير - 2008
تقرير علمي عن(نونية شمس الدين الواعظ في رثاء بغداد)    كن أول من يقيّم
 
نونية شمس الدين الواعظ في رثاء بغداد
( دراسة تحليلية فنية )
 
إشراف الدكتور: صبري فوزي أبو حسين
إعداد الطالبة : فاطمة بنت أحمد البراشدي
الرقم التسلسلي : 36
الرقم الجامعي : 2057661
السنة والشعبة : 3 / 5
اسم المقرر : الأدب المملوكي
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
المقدمة:
        
  الحمد لله المنعوت بجميل الصفات ، ولي النعم الباطنة والظاهرة ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد البعوث بالهدي ودين الحق وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .                                             
أما بعد ،،،
لكأنما سُطِّر في لوحات القدر أن نعبر بفكرنا وخيالنا عن المدينة العامرة بالعلم والعرفان، مجد العرب التي ضاعت من بين أيدينا، وسقطت على يد الاستعمار الخارجي: يد الطمع وأصحاب النفوس التي استقر فيها الحسد والحقد على العرب. إنها بغداد أرض العلماء والأدباء .
لقد سقطت والعين تذرف، مهما ظللنا نعبر بحبرنا على ورقنا هذا لن نفي، ولو بالقليل عن بغداد المجد التي مدَّتنا بكنوز العلم الثمينة التي لا يمكن أن نوازنها بغيرها من المُدُن والقُرى .
ولقد رثاها كثير من الشعراء، فوقفوا على عتَباتها يتذكرون ماضيهم الذي قضوه فوق أرضها الطيبة. من أبرزهم شمس الدين الواعظ الذي ترك أصحابه فيها على أمل العودة إليهم، فيتفاجأ بالفاجعة واندثار مبانيها وهلاك أهلها؛ لذلك سأطل في تقريري عن هذا الشاعر شمس الدين الذي وقف على أرض بغداد، ورثاها بقصائد ذات موسيقى رائعة ، وألفاظ سهلة، ومعانٍ واضحة .
ولقد قسمت تقريري هذا إلى نقاط مرتبة ترتيبًا منطقيًّا، النحو التالي:
المبحث الأول: التعريف بغرض الرثاء .
المبحث الثاني: التعريف بالشاعر وشعره .
المبحث الثالث: تحليل النونية
ومنهجي تحليلي تاريخي إذ أمهد للتقرير بحديث عن مفهوم الرثاء، ثم بتعريف المتلقي بشخصية شمس الدين الكوفي، ثم أقوم بشرح غامض النونية، واستخراج جمالياتها، وتعديد قسمات بنائها، حسب طاقتي في التحليل .
وأخيرًا:
أدعو الله العلي القدير أن يوفقني في كتابته، وأشكر أستاذي المشرف الذي طوَّرنا وشد من أزرنا وأدخلنا عالم الإنترنت الساحر في هذا الموقع النتي العظيم: الوراق، بارك الله في جهود القائمين عليه.
*صبري أبوحسين
11 - فبراير - 2008
تعريف الرثاء وتتبع مسيرته    كن أول من يقيّم
 
توجد عدة تعاريف لفن الرثاء، فمنهم من يعرف الرثاء بأنه:"غرض استمر عبر العصور؛ لأن مكوناته نابعة من تركيب الإنسان الغريزي؛ فهو فن البكاء على الميت".
وهذا يقتضي ذكر المحاسن والمحامد ومختلف الشيَم والأوصاف الخلُقية والنفسية والاجتماعية، مصوغة بقالب تعبيري رقيق الحواشي، نابض الأحاسيس متقد العواطف ..
 
وهناك من جانبَه التوفيق تمامًا في جعل الرثاء في الشعر مدحًا ماضيًا بمعونة ألفاظ معينة من نحو:" كان ، وتولى ، وقضى نحبه ، وما أشبه ذلك . وقد يومئ الشاعر إلى الرثاء بأن يقال مثلاً:" ذهب الجود ، أو من للجود بعده ، أو تولى الجود "وهذا ما رآه قدامة بن جعفر في كتابه " نقد الشعر".
لكن قدامة وفق تمامًا في دفع الشاعر ليس إلى مجرد البكاء الذاتي على الميت ، وإنما كذلك إلى إشراك أشياء الميت في البكاء عليه، سواء كانت هذه الأشياء مادية أم معنوية ..
ومن البكاء الرثائي في شعر التراث قول أوس بن حجر يرثي فضالة بن كلدة الأسدي :
أبا ذليجة من يكفي العشـيرة إذ       أمسَوْا منَ الخطْب في نارٍ وبلبال
    أم من يكون خطيب القوم إذ حفلوا          لدى الملوك ذوي أيد إفضال
    أم من لأهل لـواء في مسكعـة            من حقهم لبسوا حقًّا بأبطال
 
فقد بكى الشاعر مَيْتَه بفضائل نفسية وخلُقية، ولو أكملنا القصيدة للاحظنا إشراك الشاعر في البكاء على مرثيِّه كل من كان يحسن إليهم في حياته ..
 
      وأخذت نماذج هذا الغرض تشيع، فوجد الرثاء الشخصي في ديوان الشعر العربي التراثي؛ إذ كثيرًا ما نجد  الشعراء يتناولون في مرثياتهم خلفاء الدول العربية والإسلامية الكثيرة والمتنوعة ووزراءها وعلماءها وغيرهم من الأجواد ذوي المروءة والمواقف النبيلة التي تفرض الوفاء على كل شاعر مخلص، ذي عاطفة صادقة... كما أفاض الشعراء في رثاء الأقارب والأرحام كرثاء الأبناء عند ابن الرومي، وعند أسامة بن منقذ الذي رثى ابنه عتيق الملقب بأبي بكر فقال فيه عددًا من المقطعات وقصيدتين شعريتين...إلخ
وهناك لون آخر فريد في ديوان الشعر العربي، يسمى فن رثاء المدن والممالك، فهناك من الشعراء مَن تعدَّى في رثائه الأشخاص مهما كانت مكانتهم أو درجة قرابتهم إلى الأماكن السامقة الساحرة حين تُبْتَلى بالغارات والكوارث. من هذه الأماكن مدينة بغداد التي عُرفت بعلمها ومجدها وجمالها وروعة آثارها،
ألا تستحق الرثاء ؟!!!!!!
بلى تستحق الرثاء ..
إن هذه المدينة الزاهية التي طمع فيها القلب القاسي الذي تفوح منه روائح الطمع من الغاشمين" التتار" تعد مجد المسلمين ولؤلؤة العرب قبل الأندلس وبعدها!!!...
ومن الشعراء الذين بكوا حزنًا على ضياع بغداد شمس الدين الواعظ الكوفي, فقد كان له فيها صحب وأصدقاء، وفارقهم على أمل العودة واللقاء بهم إلى أن نهض بعد الفاجعة، ورأى الديار خرائب ودمارًا..
 
وسأعرض عددًا من قصائده بعد التعريف به في قادم الصفحات إن شاء الله تعالى .
إعدادالطالبة/فاطمة البراشدي
كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي
مراجعة الدكتور/ صبري أبوحسين 
*صبري أبوحسين
11 - فبراير - 2008
إشارة وشكر    كن أول من يقيّم
 
كل الشكر للدكتور صبري أبو حسين تبنيه إدارة وتوجيه والمشاركة في كتابة هذا الملف القيم والممتع ، وكل الشكر للطالبتين النجيبتين : زينب عبدالله البشر وفاطمة البراشدي مشاركتهما في هذه التجربة الجديدة والمفيدة التي ستكون ، وهذا ما أتمناه ، عملاً رائداً ومثالاً يحتذى به على صفحات الوراق لجهة نشر البحوث الجامعية وتدريب الطلاب والطالبات على تقنية جديدة وإخضاع كتاباتهم للبحث والنقد والتدقيق .
 
وأود الإشارة إلى أنني قمت بحذف الفقرة :" تابع تصوير الشعر للحالة الإجتماعية " ، والفقرة جاءت تحت عنوان ثان هو : مجتمع العصر المملوكي في مرآة الشعر ، لأنها تكررت في التعليق الذي تلاها وهو بعنوان : فساد الموظفين . 
*ضياء
11 - فبراير - 2008
التعريف بشمس الدين الكوفي    كن أول من يقيّم
 
شمس الدين محمد بن أحمد بن عبيد الله الكوفي الواعظ، عالم فقيه من شعراء عصر المماليك توفى سنة 676هـ ـ 1277م على وجه التقريب ..
له شعر رقيق يميل إلى الحنين والاتعاظ، ويتميز بعذوبة ألفاظه وسهولة معانيه، ولذاذة موسيقاه، وحلو الدخول إلى القصيدة وسهولة الخروج منها ..
    وعندما اجتاح التتار بغداد سنة 656ه دمروها وهدموا كثيرًا من معالمها الحضارية وأحرقوا خزائن الكتب فيها وأفنَوْا تراثها الأدبي والعلمي، فكان للشعراء دور مهم في التعبير عن ألم المأساة والحدث الذي نزل ببغداد وبالخلافة العباسية، وفي هذا الصدد نرى الكوفي الواعظ باكيًا بأكثر من قصيدة خص فيها بغداد وذكر ما جرى بأهلها، وتلك المراثي التي مثلت حس العالم والفقيه الذي يراقب دمار بلده ولا يستطيع أن يعمل شيئًا ..
إعداد الطالبة/فاطمة البراشدي
*صبري أبوحسين
12 - فبراير - 2008
شعر شمس الدين الكوفي    كن أول من يقيّم
 
وللشاعر شمس الدين الكوفي أربع بكائيات، تنهج نهجًا واحدًا، وينتظمها فكر واحد وشعور واحد من مطلعها إلى خاتمتها، يقول من قصيدة كافية:
بانوا ولي أدمع في الخد تشتبك       ولـوعة في مجال الصبـر تعترك
بالرغم لا بالرضا مني فراقهم         ساروا ولم أدرِأيَّ الأرض قد سلكوا
يا صاحبي ما احتياجي اليوم بعدهم    أشـر عـليَّ فإن الرأي مشـترك
عز اللقاء وحالت دونه خِيَلي          فالقلب فـي أمـره حيـرانُ مرتبك
يَعُوقُني عن مُرادي ما بُلِيت به        كما يعوق جنـاحي طائـر شـرك
أروم صبرًا وقلبي لا يطاوعني        وكيف ينـهض مَن خـانه الورك
إن كنت فاقد إلف نُحْ عليه معي             وإنـنـا كلنـا فـي ذاك نـشتـرك
فهذا المقطع البكائي سار فيه شاعرنا سير الشعراء الغَزِلين في تصويرهم رحيل الأحباب، وتعبيرهم عن أثر هذا الرحيل عليهم، وتحس فيه بأنه بكاء شاعر هادئ النفس، بكاء خارجي، لا أثر فيه، ولا دليل، على أنه نابع من نفسه على بغداد بسبب هذه النكبة التي صورها في شكل الشرَك المقيِّد أو المعوِّق للطائر الذي وقع فيه . إنه يحاور صاحبه ويصف حالته النفسية السيئة بسبب رحيل الأحباب. وعدم نيله مراده، فبكاؤه بكاء إنسان عاشق غَزِل، لا بكاء إنسان ابتُلي وطنه متفجع عليه . ودليل ذلك مفردات المقطع وتراكيبه.
ونجد النهج نفسه في بكائياته الثلاثة الأخرى..
ويقول في قصيدة نونية على بحر الرمل يشكو فيها فراق أحبته وفقد ديارهم وحنينه إلى الوطن، في قوالب هادئة الجرس، راعشة العاطفة:
حنت النفس إلى أوطانه         وإلـى مَن بان مِن خلانها
تلك دار كان فيها منشئي        مـن غريبها إلى كوفانها
ليس بي شوق إلى أطلالها      إنـما شوقي إلى جيرانها
شقيت نفسي بالحزن فمَن       يسعد النفس على أحزانها
وهناك قصيدة أخرى نظمها الشاعر الكوفي في بغداد وأهلها، ولكنه أضاف فيها قصده إلى رسم لوحة فنية تتلألأ بألوان من المحسنات البديعية الرائعة فيقول فيها:
إن كنت مثلي للأحبة فاقدًا              أو في فؤادك لوعة وغرام
قف في ديار الظـاعنين ونادها:       "يا دار ما صنعت بك الأيام"
أعرضت عنك لأنهم مذ أعرضوا        "لم يبق فيك بشاشة تُستام"
يا دار أين الساكنون وأين ذيـَّ         ـاك البهاء وذلك الإعظام
يا دار أين زمان ربعك مونقًا          وشعـارك الإجلال والإكرام
فلبعدهم قرب الردى ولفقدهم          فقد الهدى وتزلزل الإسـلام
فمتى قبلت من الأعادي ساكنًا        بـعد الأحـبة لا سقاك غمام
يا سـادتي أما الفؤاد فشيق           قـلق وأمـا أدمعي فسجام
والدار مذ عدمت جمال وجوهكــم    لم يبق في ذاك المقام مقام
لا حظ فيها للعيون وليس للـ         أقـدام في عـرصاتها إقدام
وحياتكم إني على عهد الهوى        بـاقٍ ولم يخفـر لديَّ ذمام
فدمي حلال أن أردت سواكم          والـعيش بعـدكم عليَّ حرام
يقف الشاعر الكوفي على عتبات لوحة الرسم المشتملة من ألوان فنية رائعة وهذه الألوان عبارة عن بكاء الشاعر وهيمنته عندما رأى خراب بغداد.      
 وعلى الرغم من أن الشاعر الكوفي يذكر قصيدته هذه في خراب بغداد على يد التتار إلا أنه لم يبين في النص اجتياح التتار إلى بغداد، وإنما ظل يرثي أحبابه وأصحابه، ولعل ذلك بسبب خوفه من بطش التتار وقسوتهم.... أو لعله رجل وجداني النزعة، رومانسي الرؤية والاتجاه، ودلائل هذا التعليل واضحة في مفردات النصوص السابقة وتعابيرها. وتزداد وضوحًا في المبحث التالي:
إعداد الطالبة/فاطمة البراشدي
*صبري أبوحسين
12 - فبراير - 2008
إلى الأستاذة الأديبة ضياء     كن أول من يقيّم
 
إلى الأديبة المثفقة الأستاذة ضياء:
باسم طالباتي وطلابي نشكرك على هذه المجالس التعليمية والبحثية الممتعة.
كما نشكرك على هذا الإطراء الذي أعده شهادة تقدير لي ولطالباتي - وكذلك طلابي- وأرجو منك أن تجعلي صفحة(معالم الأدب العربي ...) وصفحة(مدارس النثر العباسي) مفتوحتين أمام الطالبات حتى يكثرن من مشاركتهن. مع خالص تحياتي وتقديري
د/صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
12 - فبراير - 2008
تحليل نونية الكوفي    كن أول من يقيّم
 
النص:
تمثل قصيدة شمس الدين الكوفي النونية لونًا بارزًا في فن رثاء المدن والأوطان، وترتفع إلى مصاف القصائد العربية الشهيرة في هذا الباب، فهي نونية نظمها الشاعر الكوفي في بغداد وأهلها بعد نكبتها التاريخية على يد هولاكو عم 656هـ ـ 1258م, يقول فيها [من بحر الكامل]:
إن لم تقرح أدمعـي أجفاني        مـن بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم          ما راقه نظـر إلى إنسان
 يا ليتني قد مـت قبل فراقكم          ولساعة التوديع لا أحياني
مـالي وللأيـام شتت شملها          شـملي وخَلاني بلا خِلاني
ما للمنازل أصبحت لا أهلها          أهـلي ولا جيرانها جيراني
وحياتكم ما حلها من بعدكم          غير البِـلى والهدم والنيران
ولقد قصدت الدار بعد رحيلكم           ووقفـت فيها وقفة الحيران
وسألتها لكن بغير تكلـم                   فتكـلمت لكن بغير لسان
ناديتها يا دار ما صنع الألى           كانوا هم الأوطار في الأوطان
أين الذين عهدتهم ولعزهـم           ذلًّا تخـر معـاقد التيـجـان
كانوا نجوم من اقتدى فعليهم           يبكي الهدى وشعـائر الإيمان
فاطمة البراشدي
*صبري أبوحسين
12 - فبراير - 2008
إعجام النونية    كن أول من يقيّم
 
إعجام النص[ إزالة ما في النص من إبهام]:
تقرح : من القروح وهي الجسد ذا الجروح الشديدة
أجفاني : الأجفان مفردها جفن. وهو غطاء العين
أجفى : للتعجب من جفا يجفو أي غلظ وثقل.
راقه : روقا :صفا.وـ عليه: زاد عليه فضلاً .وـ الشيء فلانًا روقا ، وروقانًا: أعجبه.
خطبها: الخطب مفرد خطوب، وهو الأمر الشديد المكروه.
الألى : الذين ، ويقصد الأقدمين.
البلى : القدم.
الأوطار : مفردها وطَر وهو الحاجة والبغية
معاقد التيجان : الملوك. ونصب الشاعر ذلاًّ على أنها حال مقدمة على عاملها(تخر) وصاحبها(معاقد التيجان).
فاطمة البراشدي
*صبري أبوحسين
12 - فبراير - 2008
 1  2  3  4  5