موسعة نفحة الريحانة: كن أول من يقيّم
موسعة نفحة الريحانة: يعد محمد أمين المحبي (ت1111هـ) من أعلام الحركة الفكرية في العصر العثماني، إذ قام بجهد كبير مميز في البحث الغوي والأدبي بعصره، فله في ميدان اللغة كتب "قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل، وجنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين، وما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه"، وله في ميدان الدرس التاريخي لأعلام الأدب بعصره موسعته "خلاصة الأثر"، وله في الدرس الأدبي والنقدي لأعلام الأدب بعصره موسعته "نفحة الريحانة" . التي نخصها بالتحليل في هذا المبحث: عنوان الموسعة: "نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة " عنوان مسجع، يدل على أن موسعته "نفحة" من نفحات "ريحانة الألبا" لشيخه شهاب الدين الخفاجي. وهذا تواضع من التلميذ تجاه شيخه، فموسعته أشمل وأوعب وأعمق من كتاب شيخه، ومن ثم كانت عبارته "رشحة طلاء الحانة" التي تدل على أن التلميذ لم يكتف بجهد الشيخ بل أضاف إليه، وتلك الثمرة المرجوة من العلاقة بين الشيخ والتلميذ. منهج النفحة ومضمونها: رتب المحبي موسعته على ثمانية أبواب، اشتملت على تراجم أدبية مُوسَّعة لأعلام الأدب العربي في معظم بقاع الأمة، وهي على النحو التالي: [البـاب الأول]: محاسن شعراء دمشق ونواحيها. [الباب الثانـي]: نوادر أدباء حلب. [الباب الثالـث]: نوابغ بلغاء الروم. [الباب الرابـع]: ظرائف ظرفاء العراق والبحرين. [الباب الخامس]: لطائف لطفاء اليمن. [الباب السادس]: عجائب بلغاء الحجاز. [الباب السابـع]: غرائب فقهاء مصر. ]الباب الثامـن]: نجائب أذكياء المغرب. وبالتدبـر في هذه الأبواب يتضح لنا أن المحبي بدأ في البابين الأولين بالحديث عن أدباء وطنه، ثم أردف ذلك بالحديث عن أدباء بلاد الروم( تركيا وما بعدها) أي دار الخلافة العثمانية,ثم انتقل جغرافيًّا في البلاد العربية من العراق إلى بلاد المغرب العربي. وقد التـزم في عناوين الأبواب صيغة "فعائل فعلاء" الدالة على أن منهج المؤلف قائم على الموازنة والتدقيق في الاختيار، ولعل في كل عنوان ما يلائم الحركة الأدبية بالمكان الموصوف بهذا العنوان، وواضح أن المحبي راعى البعد المكاني في ترتيب طبقات أدبائه . وبذلك يكون المؤلف قد عرفنا بالحركة الأدبية في عصره، وساعده في ذلك ابن معصوم في "سلافة العصر بمحاسن الشعراء بكل مصر" وإن كان المحبي أغزر شعرًا ورأيًا منه.... |