وعدات ، مواسم وأعياد     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
التنوع الطبيعي والغنى الحضاري والثقافي للمدية جعل أيامها تبتهج بمجموعة من الأعياد والوعدات التي تقدم لوحة متألقة بقيم المجتمع اللمداني وعمق تراثه. وعدة حَنَّاشَة: هي إحدى الاحتفالات الشعبية المحلية التي تحييها ولاية المدية، ويطلق عليها أيضا تسمية "طعم حناشة". تقام هذه الوعدة مرتين في السنة، الأولى عند بداية موسم الحصاد في شهر ماي، أما الثانية فتقام عند بداية موسم الحرث والبذر في نهاية شهر سبتمبر. ويتم الاحتفال بهذه الوعدة عن طريق تحضير قصاع كبيرة من الكسكس واللحم، تقدم لكل الزائرين مهما كانت مكانتهم الاجتماعية، طمعا من أهل منطقة حنّاشة وأملا في موسم فلاحي سخي بالخيرات. إلى جانب الإطعام وإخراج الصدقات تقام منافسات الفروسية الشيقة، حيث يتباهى كل فارس بلباسه التقليدي ومهارته في التحكم بجواده وإظهار شهامته بطلقات بارود بندقيته التي تدوي في الأرجاء، إلى جانب أنغام فرق الفلكلور والشعر الملحون الذي يقصدون المدية من مختلف الولايات، كتيسمسيلت وتيارت وغيرهما، تقام أيضا ألعاب شعبية مثل: لعبة الكرة بالعصى، الفلكلور والفانتازيا هذا ليس كل ما يميز وعدة "حنّاشة" فهي أيضا فضاء للتجارة بحيث يقصدها العديد من التجار من أجل بيع منتجات مختلفة، أما المترددون عليها فيجدون ذروة رضاهم في التمتع بالاحتفال واقتناء حاجيات متعدد كتذكار عن "حنّاشة". تحيي ولاية المدية أيضا وعدات أخرى منها: وعدة سيدي بَنْ عيسى، وعدة سيدي منصور، وعدة سيدي الشيخ ووعدة سيدي بلعباس، التي لها نفس الطابع. عيد الربيع: الاحتفال بعيد الربيع هو تظاهرة ثقافية ، فنية، رياضية واقتصادية، يتم إحياؤها عند دخول فصل الربيع من كل سنة، ويعتبر "ربيع المدية" فضاء يبرز فيه الغنى الثقافي لهذه المدينة وعمق تراثها الشعبي، بحيث تتخلله معارض للصناعات التقليدية الخزفية ولوحات متقنة الإنجاز من الخط العربي والزخرفة، وتنظيم مسابقات في فن المطبخ والحلويات التقليدية، بالإضافة إلى المنافسات الرياضية وإحياء حفلات فنية تطرب الزائرين بالنوبات الأندلسية الشدية والغناء الشعبي الأصيل والفلكلور المحلي والغناء العصري. عيد العنب: للاحتفال بعيد العنب في المدية تاريخ طويل نظرا لغنى المنطقة بهذه الفاكهة التي تتصدر قائمة المنتجات الفلاحية بها. تحيي المدية هذه العيد كل سنة بعد موسم جني العنب عن طريق لإقامة احتفالات فلكلورية والعاب شعبية تضمن المتعة والفرجة في وسط المدينة، ومسابقات في مختلف المجالات، إلى جانب عرض مختلف أصناف هذه الفاكهة من داتي، موسكة، أحمر بو عمر، فرانة وغيرها. ما تزال المدية إلى اليوم تحتفل بهذا العيد ضمن معرض الفلاحة للولاية نظرا لطابعها الفلاحي . المولد النبوي الشريف: عند حلول موعد الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسله، تبدأ العائلات اللمدانية بالتحضير بأحسن طريقة تأهبا لاستقبال هذه الذكرى الشريفة، يتم تحضير طبق تقليدي يتمثل في الكسكس بلحم الخروف والخضر أو الرَّشْتَة، بعد أن تزين البيوت بأفضل طريقة وبأجمل أثاث وأفرشة وأواني، كما يتم إيقاد الشموع بعد تناول العشاء. يخرج الأطفال للاستمتاع بالألعاب المختلفة التي تعبر عن فرحتهم بإحياء هذه المناسبة، أما البيت فيشهد طقوسا احتفالية عريقة، إذ تقوم الأمهات بتحضير الحناء بماء الزهر، والسكر وتلتف كل العائلة وسط الغناء الشعبي وبعض الأغاني الخاصة بهذه المناسبة ومنها: (( هذا مولد النبي صلى الله عليه وسلم، يحيا من شاف النبي أو را لي صفات عينو كحلة مغنجة والشوشة وتاتو)) ، يتم تخضيب أيدي جميع الحضور من أجل الفال الحسن في هذه الليلة المباركة، أما في اليوم الموالي فيتم إعداد "الطَمِّينَة" وهي عبارة عن دقيق محمص محلى بخليط من العسل والزبدة ويقدم مع مجموعة من الحلويات التقليدية في فطور الصباح، أما بالنسبة للرجال فيقصدون المساجد حيث تتعالى أصواتهم بالمدائح الدينية والتسبيح ويتم أيضا توزيع جوائز تقديرية على حفظة القرآن الكريم. (قلت: ولا تزال العائلات اللمدانية تحتفل بالمولد النبوي بنفس الطريقة) شهر رمضان الكريم: يتميز شهر رمضان في المدية بجوه العائلي الخاص، فبعد يوم كامل من الصيام تفطر العائلات على أطباق تقليدية خاصة بالمنطقة، أما الطفل الذي يصوم لأول مرة فيلبس أحلى حلة وتقد له الشاربات لتحلية كل أيام صيامه. السهرات الرمضانية هي تعبير حي عن معاني صلة الرحم وتبادل الزيارات بين العائلات والجيران، حيث تحضر العائلات المضيفة حلويات متنوعة مثل: المْحَنْشَة، الصَّامْصَة، خبز تونس والقطايف والزلابية وكذا مختلف المشروبات، أما الأروع في كل هذا فهي الأحاديث والقصص المتبادلة بين النسوة ، كما يلعبن لعبة "البوقالة" الشهيرة. أما الفتيات فيخرجن إلى الفناء "وَسْطْ الدَّارْ" حاملات الدربوكات ويغنين أجمل الأغاني الشعبية بالمنطقة، فيما تفضل بعضهن الطرز والخياطة والقيام بالأشغال اليدوية ، أم الأمهات والجدات وخاصة في الأرياف فينهمكن في تحضير "المقطفة" أو نسج السجادات والحنابل ومنهن من يفتلن الكسكس من أجل السحور. تعرف ليلة السابع والعشرون من رمضان احتفالا خاصا بحيث يختم القرآن الكريم في المساجد، وتوزع الجوائز على حفظته، بالإضافة إلى قيام بعض العائلات باختتان أبنائهم في هذه الليلة الباركة. تحضر الجدات قارورات القطران، وهي عادة في المنطقة، بحيث يتم وضعه في أرجل وأيدي الأطفال خوفا عليهم من مس الجن حسب المعتقدات والتقاليد الشعبية في المدية، هذا إلى جانب تحضير الحلويات التقليدية الخاصة بعيد الفطر المبارك مثل المقروط، الفَنِيدْ، الغْرِيبِيَّة ...الخ ( قلت: يعرف أهل المدية بحرصهم على صلاة التراويح في المسجد في شهر رمضان رجالا ونساءً، لذا لم نعد نسمع عن السهرات الرمضانية إلا بعض الزيارات القليلة بين العائلات بعد الصلاة وتناول مختلف الحلويات التقليدية، لا غناء شعبي ولا قصص أو بوقالات. ) الاحتفال بعيد الدْرازْ "ينّاير": تحتفل المدية بعيد الدراز ذو الأصول البربرية، بحيث تظهر ملامح الاحتفال بهذا العيد في الأسواق التي تعرض أنواعا من الحلويات في قفف الدوم، والتي لا تجدها في سائر أيام السنة مثل حلوة العنب. يقوم رب العائلة بشراء الدجاج أو الديك الرومي الذي يذبح في البيت لتحضر به الأطباق المفضلة لدى العائلات، أما في السهرة فتحضر المكلفة بالبيت القصعة أو الجفنة أو صينية كبيرة من النحاس توضع وسط الدار ويوضع المولود الجديد أو أصغر فرد من العائلة فيها، وتفرغ فوق رأسه الحلويات والفواكه، وبعد الفراغ من هذه العادة توزع تلك الحلويات والفواكه على أفراد العائلة تحت وقع الأغاني والطبول المحلية. بالإضافة إلى هذه الأعياد والاحتفالات الشيقة، تحتفل المدية أيضا برأس السنة الهجرية ، وعيد عاشوراء وعيد الأضحى وتحييهم المنطقة كسائر المدن الأخرى من الوطن لتبقى من المدن المحافظة على عاداتها وتقاليدها العريقة. |