البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : تفاسير القرآن وإعراب أشباه الجمل.    قيّم
التقييم :
( من قبل 18 أعضاء )
 د يحيى 
23 - ديسمبر - 2007
الفرق بين تفسير الصوفية ، وتفسير الباطنية
الصوفية لا يمنعون إرادة الظاهر ، بل يحضون عليه، ويقولون لا بد منه أولاً ؛ إذ مَن ادّعى فهم أسرار القرآن ولم يحكّم الظاهر كمن ادّعى بلوغ سطح البيت قبل أن يجاوز الباب . وأما الباطنية فإنهم يقولون : إن الظاهر غير مراد أصلاً ، وإنما المراد الباطن . وقصدهم : نفي الشريعة . هذا، وأهم كتب التفسير الإشاري ( الصوفي) أربعة : تفسير النيسابوري ،وتفسير الألوسي ، وتفسير التستري ، وتفسير محيي الدين بن العربي.
* سئل أبو محمد سهل بن عبد الله التستري ( متوفَّى عام283هجري ، كما في ترجمته في تاريخ ابن خلكان):  عن معنى : بسم الله ...فقال :( الباء) بهاء الله عز وجل ، و  (السين) سناء الله عز وجل ، و ( الميم) مجد الله  عز وجل. و( الله) :هو الاسم الأعظم الذي حوى الأسماء كلها...وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الرحمن الرحيم : اسمان رفيقان ، أحدهما أرق من الآخَر، فنفى الله تعالى بهما القنوط عن المؤمنين من عباده.
 
أحسن طرق التفسير
1- تفسير القرآن بالقرآن : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " : العدل : " فَمَن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمِثْل ما اعتدى عليكم " . الإحسان : " فَمَن عفا وأصلح فأجرُهُ على الله " . إذن : الإحسان أعلى رتبة من العدل، وأنعِمْ نظرك في قوله تعالى : " وبالوالدَيْنِ إحساناً " : مفعول مطلق مؤكد للفعل المضمر، ولاتنس ظاهرة العفووالصفح، فضلاً عن دوام المصاحبة : " وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً" : يفترض أن يعيشا معك، وتقبّل أقدامهما " رضا الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين"(حديث شريف)، لا أن تضعهما في دار العجزة ، ثم تضجَر (أف): اسم فعل مضارع ، بمعنى : أتضجّرُ. وتنهرهما " فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما"، ومَن الذي ينهر ؟ ، والله عز وجل كرّم الإنسان أياً كانت ديانته : " ولقد كرّمنا بني آدم"[ الاشتغال بفهم القرآن ، ص7، د/ يحيى مصري].
2- تفسير السُّنّة ؛ فإنها شارحة للقرآن وموضّحة له ؛وكل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو بما فيه من القرآن : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله"، " وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون". ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه"؛ يعني : السنّة. والسنّة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينزل عليه القرآن ؛ لأنها تتلى كما يتلى.
3- إذا لم نجد التفسير في القرآن ، ولا في السنة ، رَجَعنا في ذلك إلى أقوال أهل البيت ، فأقوال الصحابة المجتبين الأخيار؛ فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح ، ولا سيما الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين؛ من مثل : ترجمان القرآن ابن عباس، وابن مسعود، رضوان الله عليهم أجمعين.
4- تفسير التابعين ، وعلى رأسهم مجاهد ، وسعيدبن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع ،وسعيد بن المسيّب،وأبي العالية ، والربيع بن أنس، وقتادة ، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومَن بعدَهم.
فأما تفسير القرآن بمجرّد الرأي فحرام ، فعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مَن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار". فأما مَن تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه. ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه. وهذا هو الواجب على كل أحد.
 
 
 4  5  6  7  8 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الرّقية بالقرآن الكريم    كن أول من يقيّم
 
السؤال:
ما حكم الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم؟
  الجواب :
تجوز الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- للحفظ والوقاية ولدفع ما أصيب به الإنسان من الأمراض، مثل: تلاوة آية الكرسي، وسـورة الفـاتحـة، وقل هو الله أحـد، والمعـوذتين. ومـثل: "أذهب البـأس رب الناس، اشف أنت الشـافي، لا شفـاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما "ومثل: "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة ".
*د يحيى
11 - يناير - 2008
الآية 103 من سورة النحل " ولقد نعلم ......وهذا لسان عربي مبين."(1)    كن أول من يقيّم
 
تفسير أيسر التفاسير/ أبو بكر الجزائري (مـ1921م- )
شرح الكلمات:
 بَشَر: يعنون قيناً (حداداً) نصرانياً في مكة.
 
لسان الذي يلحدون إليه: أي يميلون إليه.
 
وهذا لسان عربي: أي القرآن فكيف يعلّمه أعجمي؟.
تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
 
قوله تعالى: " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ".
أقسم جل وعلا في هذه الآية الكريمة إنه يعلم أن الكفار يقولون: إن هذا القرآن الذي جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلم ليس وحياً من الله، وإنما تعلّمه من بشر من الناس.
وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله:

وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً " (الفرقان/ 5)، وقوله:
فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ "(المدثر/ 24)؛ أي يرويه محمد صلى الله عليه وسلم عن غيره وقوله:
وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ "(الأنعام/ 105) الآية كما تقدم (في الأنعام).
وقد اختلف العلماء في تعيين هذا البَشَر الذي زعموا أنه يعلّم النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقد صرح القرآن بأنه أعجمي اللسان. فقيل: هو غلام الفاكه بن المغيرة، واسمه جبر، وكان نصرانياً فأسلم. وقيل: اسمه يعيش عبد لبني الحضرمي، وكان يقرأ الكتب الأعجمية. وقيل: غلام لبني عامر بن لؤي. وقيل: هما غلامان: اسم أحدهما يسار، واسم الآخر جبر، وكانا صيقليين يعملان السيوف، وكانا يقرآن كتاباً لهم. وقيل: كانا يقرآن والتوراة والإنجيل، إلى غير ذلك من الأقوال.
*د يحيى
12 - يناير - 2008
الآية 103 من سورة النحل " ولقد نعلم ......وهذا لسان عربي مبين."(2)    كن أول من يقيّم
 
وقد بين جل وعلا كذبهم وتعنتهم في قولهم: " إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ " بقوله: " لِِسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ " (النحل/ 103)؛ أي كيف يكون تعلّمه من ذلك البشر، مع أن ذلك البشر أعجميُّ اللسان. وهذا القرآن عربي مبين فصيح، لا شائبة فيه من العجمة. فهذا غير معقول.
وبيّن شدة تعنتهم أيضاً بأنه لو جعل القرآن أعجمياً لكذبوه أيضاً وقالوا: كيف يكون هذا القرآن أعجمياً مع أن الرسول الذي أنزل عليه عربي. وذلك في قوله:

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ "(فصلت: 44)؛ أي أقرآن أعجميٌّ، ورسول عربي. فكيف ينكرون أن القرآن أعجمي والرسول عربي، ولا ينكرون أن المعلم المزعوم أعجمي، مع أن القرآن المزعوم تعليمه له عربي.
كما بين تعنتهم أيضاً، بأنه لو نزل هذا القرآن العربي المبين، على أعجمي فقرأه عليهم عربيّاً لكذبوه أيضاً، مع ذلك الخارق للعادة؛ لشدة عنادهم وتعنتهم، وذلك في قوله:

وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ" (الشعراء/ 198
(. وأما قوله" يلحدون " التي في (الأعراف، والتي في فصّلت) فلم يقرأهما بفتح الياء والحاء إلا حمزة وحدَه دون الكسائي. وإنما وافقه الكسائي في هذه التي في (النحل) وأطلق اللسان على القرآن ؛لأن العرب تطلق اللسان وتريد به الكلام. فتؤنثها وتذكرها. ومنه قول أعشى باهلة:
إني أتتني لسان لا أسر بها
   
من علو لا عجب فيها ولا سخر
وقول الآخر:
لسان الشر تهديها إلينا
   
وخنت وما حسبتك أن تخونا
قول الآخر:
أتتني لسان بني عامر
   
أحاديثها بعد قول نكر
ومنه قوله تعالى:
وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ " (الشعراء/: 84)؛ أي ثناءً حسناً باقياً. ومن إطلاق اللسان بمعنى الكلام مذكراً قول الحطيئة:
ندمت على لسان فات مني
   
فليت بأنه في جوف عكم
*د يحيى
12 - يناير - 2008
من خصائص حروف لفظ الجلالة : الله    كن أول من يقيّم
 
                     خصائص حروف اسم الله جلّ جلالُه
من خصائص حروف الاسم الأعظم  دون غيره من الأسماء  أنك إذا حذفت (الألف) بقي: ( لِله) قال تعالى :"
لله ما في السموات وما في الأرض" و إذا حذفت ( الألف) و (اللام) بقي : (له) قال تعالى: "له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير "، وإذا حذفت (اللام) وحدَها بقي : (إله) وهو المعبود . قال تعالى : "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبد ني وأقم الصلاة لذكري" . وفي قولك : ( يا الله ) فإن ( الألف ) و ( اللام ) ليستا للتعريف ؛ لأن الله هو العلم المفرد. وإنّ حرف النداء ( يا) لا يجتمع مع (أل) التعريف ، لكنه يدخل على اسم الجلالة ، فتقول منادياً ربك : (يا الله) ·وفي قوله تعالى : " قل اللهم مالك الملك..." فإن معنى (اللهم ) هو (يا الله ) ، لأنّ ( الميم  المشدّدة) في آخر الكلمة عوض من حرف النداء (يا) المحذوفة . وإذا حذفت ( الألف) و( لامَيْ الملك والملكوت ) بقي حرف هاء الهوية الذاتية. وقد ألحق بها (الواو ) مع ضم ( الهاء ) وإشباع مدّها بالدعاء ، فتقول: (يا هو )، وهو ضمير الغائب الحاضر، وأنت تعلم أن الضمير (هو) هو أعرف المعارف السبعة ، قائم مقام اسم الله تعالى ·وقد استفتح الله سبحانه وتعالى إحدى وثلاثين آية بـ (هو) ·وكذلك استفتح واحدة وثلاثين آية بـ (وهو) ·ولا تتقدم أسماء لله الحسنى على اسم (الله) ،لكن الضمير (هو) يتقدم عليها كلِّها .
 
*د يحيى
13 - يناير - 2008
دعاء الركوب.    كن أول من يقيّم
 
                        "...سبحان الذي سخّر لنا هذا..."
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
يقول تعالى ذكره: كي تستووا على ظهور ما تركبون.
اختلف أهل العربية في وجه توحيد الهاء في قوله: " على ظُهُورِهِ " وتذكيرها، فقال بعض نحويّي البصرة: تذكيره يعود على ما تركبون، وما هو مذكّر، كما يقال: عندي من النساء مَن يوافقك ويسرّك، وقد تذكَّر الأنعام وتؤنث.
قوله: " ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ". يقول تعالى ذكره: ثم تذكروا نعمة ربكم التي أنعمها عليكم بتسخيره ذلك لكم مراكب في البرّ والبحر " إذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ " فتعظموه وتمجّدوه، وتقولوا تنزيهاً لله الذي سخّر لنا هذا الذي ركبناه من هذه الفلك والأنعام، مما يصفه به المشركون، وتشرك معه في العبادة من الأوثان والأصنام " وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ". وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب وعبيد بن إسماعيل الهباري، قالا: ثنا المحاربيّ، عن عاصم الأحول، عن أبي هاشم عن أبي مجلِّز، قال: ركبت دابة، فقلت: "سُبْحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ "، فسمعني رجل من أهل البيت قال أبو كُرَيب والهباريّ: قال المحاربيّ: فسمعت سفيان يقول: هو الحسن بن عليّ رضوان الله تعالى عليهما، فقال: أهكذا أمرت؟ قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول الحمد لله الذي هدانا للإسلام، الحمد لله الذي منّ علينا بمحمدٍ ،عليه الصلاةُ والسلام، الحمد لله الذي جعلنا في خير أمة أُخرجت للناس، فإذا أنت قد ذكرت نِعَماً عِظاماً، ثم تقول بعد ذلك :" سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ".
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
قوله تعالى: " ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ " ؛ أي ركبتم عليه. وذِكر النعمة هو الحمد لله على تسخير ذلك لنا في البر والبحر. " وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا "؛ أي ذلّل لنا هذا المركب. وفي قراءة عليّ بن أبي طالب "سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا". " وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ "؛ أي مُطيقين؛ في قول ٱبن عباس والكلبي. وقال الأخفش وأبو عبيدة: «مُقْرِنِينَ» ضابطين. وقيل: مُماثلين في القوّة؛ من قولهم: هو قِرن فلان إذا كان مثله في القوّة. ويقال: فلان مُقْرِن لفلان؛ أي ضابط له. وأقرنت كذا ؛أي أطقته. وأقرن له؛ أي أطاقه وقوِي عليه؛ كأنه صار له قِرْناً. قال الله تعالى: " وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ "؛ أي مُطيقين. وأنشد قُطْرُب قولَ عمروِ بنِ مَعْدِيَكرِب:
لقد علم القبائل ما عُقيلٌ
**   
لنا في النائبات بِمقرنينا
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ)
أي ذللها لكم، وسخرها ويسّرها لأكلكم لحومَها، وشُربِكم ألبانَها، وركوبِكم ظهورَها، ولهذا قال جلّ وعلا: " لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ "؛ أي: لتستووا متمكنين مرتفقين " عَلَىٰ ظُهُورِهِ "؛ أي: على ظهور هذا الجنس،  "ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ "؛ أي: فيما سخّر لكم " إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ "؛ أي: مقاومين، ولولا تسخيرُ اللهِ لنا هذا، ما قَدَرنا عليه. قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والسُّدّي وابن زيد: مقرنين؛ أي: مُطيقين، " وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ "؛ أي: لَصائرون إليه بعد مَماتِنا، وإليه سيرنا الأكبر...
تذكير: عندما يُشغّل كلٌّ منّا سيارته ، يحسن به أن يبسمل ثم يقول:" سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرِنين وإنّا إلى ربّنا لَمنقلبون".
*د يحيى
14 - يناير - 2008
" وزوّجناهم بحورٍ عِين"    كن أول من يقيّم
 
               " زوّجناهم بِحُورٍ عِين" ؛ أي : قَرَنّاهم بهنّ
قال تعالى:" وأَنبتنا فيها من كل زوجٍ بَهيج"؛ وكل واحد منهما أَيضاً يسمى زَوْجاً، ويقال: هما زَوْجان للاثنين وهما زَوْجٌ، كما يقال: هما سِيَّانِ وهما سَواءٌ؛ ابن سيده: الزَّوْجُ الفَرْدُ الذي له قَرِينٌ. والزوج: الاثنان. وعنده زَوْجَا نِعالٍ وزوجا حمام؛ يعني ذكرين أَو أُنثيين، وقيل: يعني ذكراً وأُنثى. ولا يقال: زوج حمام لأَن الزوج هنا هو الفرد، وقد أُولعت به العامة. قال أَبو بكر: العامة تخطئ فتظن أَن الزوج اثنان، وليس ذلك من مذاهب العرب، إِذ كانوا لا يتكلمون بالزَّوْجِ مُوَحَّداً في مثل قولهم زَوْجُ حَمامٍ، ولكنهم يثنونه فيقولون: عندي زوجان من الحمام، يعنون ذكراً وأُنثى، وعندي زوجان من الخفاف يعنون اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين المختلفين نحو الأَسود والأَبيض والحلو والحامض. قال ابن سيده: ويدل على أَن الزوجين في كلام العرب اثنان قول الله عز وجل: "وأَنه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنثى"؛ فكل واحد منهما كما ترى زوج، ذكراً كان أَو أُنثى. والرجل زوج المرأَة، وهي زوجه وزوجته،أَلا ترى أَن القرآن جاء بالتذكير: "اسكن أَنت وزوجك الجنة" وفي التهذيب: وتقول العرب: زوَّجته امرأَة. وتزوّجت امرأَة. وليس من كلامهم: تزوَّجت بامرأَة، ولا زوَّجْتُ منه امرأَةً. قال: وقال الله تعالى: "وزوَّجناهم بحور عِين"؛أَي قرنَّاهم بهن، من قوله تعالى:" احْشُرُوا الذين ظلموا وأَزواجَهم"؛ أَي وقُرَناءهم. وقال الفراء: تَزوجت بامرأَة، لغة في أَزد شنوءة. وتَزَوَّجَ في بني فلان: نَكَحَ فيهم.
وتَزَاوجَ القومُ وازْدَوَجُوا: تَزَوَّجَ بعضهم بعضاً؛ صحت في ازْدَوَجُوا ؛لكونها في معنى تَزاوجُوا. وامرأَة مِزْوَاجٌ: كثيرة التزوّج والتزاوُج...
 
 لسان العرب
*د يحيى
14 - يناير - 2008
"ذلك قول الحق .. "    كن أول من يقيّم
 
قال تعالى:
 
تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
" يَمْتُرُونَ " : يشكّون.
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
وأما قوله تعالـى ذكره: " الَّذِي فِـيهِ يَـمْتَرُونَ " فإنه يعنـي: الذي فـيه يختصمون ويختلفون، من قولهم: ماريت فلاناً: إذا جادلته وخاصمته.
 
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
قوله تعالى: " ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ "؛ أي ذلك الذي ذكرناه عيسى ابن مريم فكذلك اعتقدوه، لا كما تقول اليهود إنه لغير رشدة، وأنه ابن يوسف النجار، ولا كما قالت النصارى: إنه الإلٰه أو ابن الإلٰه. " قَوْلُ ٱلْحَقِّ " قال الكسائي: "قَوْلُ الْحَقِّ" نعت لعيسى؛ أي ذلك عيسى ابن مريم "قَوْلُ الحَقِّ". وسمي قول الحق كما سمي كلمة الله؛ والحق هو الله عز وجل. وقال أبو حاتم: المعنى هو قول الحق. وقيل: التقدير هذا الكلام قول الحق. قال ابن عباس: يريد هذا كلام عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم قول الحق ليس بباطل؛ وأضيف القول إلى الحق كما قال:وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ"
 " ٱلَّذِي " من نعت عيسى. " فِيهِ يَمْتَرُونَ " أي يشكّون؛ أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون القول الحق. وقيل: "يمترون": يختلفون.
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ)
قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: " ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ " قال: اجتمع بنو إسرائيل، فأخرجوا منهم أربعة نفر، أخرج كل قوم عالمهم، فامتروا في عيسى حين رفع، فقال بعضهم: هو الله هبط إلى الأرض، فأحيا من أحيا، وأمات من أمات، ثم صعد إلى السماء، وهم اليعقوبية، فقال الثلاثة: كذبت. ثم قال اثنان منهم للثالث: قل أنت فيه، قال: هو ابن الله، وهم النسطورية، فقال الاثنان: كذبت. ثم قال أحد الاثنين للآخر: قل فيه، فقال: هو ثالث ثلاثة: الله إله، وهو إله، وأمه إله، وهم الإسرائيلية ملوك النصارى عليهم لعائن الله.
*د يحيى
15 - يناير - 2008
البر بالوالدين والإحسان إليهما في الحياة وفي الممات.    كن أول من يقيّم
 
هنيئاً لمن برّ بهما وأحسن إليهما في الحياة وفي الممات.
قال تعالى:
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
يقول تعالى ذكره: قال بعضهم لبعض: إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مُشفقين خائفين من عذاب الله وجِلين أن يعذّبنا ربُّنا اليومَ " فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْنا" بفضلِه " وَوَقانا عَذَابَ السَّمُومِ " يعني: عذاب النار، يعني فنجَّانا من النار، وأدخلنا الجنة.
وقوله: " إنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ " يقول: إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ندعوه: نعبُده مخلصين له الدين، لا نُشرك به شيئاً " إنَّهُ هُوَ البَرُّ " يعني: اللطيف بعباده.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: " إنَّهُ هُوَ البَرُّ " فقرأته عامة قرّاء المدينة «أنَّهُ» بفتح الألف، بمعنى: إنا كنا من قبل ندعوه لأنه هو البرّ، أو بأنه هو البرّ. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالكسر على الابتداء. والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمُصِيب.
* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
إشارة إلى أنهم يعلمون ما جرى عليهم في الدنيا ويذكرونه، وكذلك الكافر لا ينسى ما كان له من النعيم في الدنيا، فتزداد لذة المؤمن من حيث يرى نفسَه انتقلت من السجن إلى الجنة ومن الضيق إلى السَّعة، ويزداد الكافر ألماً حيث يرى نفسه منتقلة من الشرف إلى التلف ومن النعيم إلى الجحيم، ثم يتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا من الخشية والخوف، فيقولون " إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ " وهو أنهم يكون تساؤلهم عن سبب ما وصلوا إليه فيقولون خشية الله كنا نخاف الله " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ"  وفيه لطيفة: وهو أن يكون إشفاقهم على فوات الدنيا والخروج منها ومفارقة الإخوان ثم لمّا نزَلوا الجنة علِموا خطأهم.
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
يقول بعضهم لبعض بِمَ صِرتَ في هذه المنزلة الرفيعة؟ " قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ "؛ أي قال كل مسؤول منهم لسائله: " إِنَّا كُنَّا قَبْلُ "؛ أي في الدنيا خائفين وجِلين من عذاب الله. " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا " بالجنة والمغفرة.
 قوله تعالى: " إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ "؛ أي في الدنيا بأن يمنّ علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل: «نَدْعُوهُ» أي نعبُده. " إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ " وقرأ نافع والكسائي «أَنَّه» بفتح الهمزة؛ أي لأنه. والباقون بالكسر على الابتداء. و«الْبَرُّ» اللطيف؛ قاله ٱبن عباس.
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك " إسناده صحيح، ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له "
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة: أنها قرأت هذه الآية: " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ " فقالت: اللهم مُنَّ علينا، وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم. قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم.
*د يحيى
16 - يناير - 2008
هدف السورة وفضلها.    كن أول من يقيّم
 
هدف السورةالتعرف إلى الله  تعالى من خلال النعم
سورة الرحمن مكّية وهي تعرف بـ (عروس القرآن) كما ورد في الحديث الشريف: (لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن). وقد ابتدأت بتعداد نعم الله تعالى على عباده التي لا تحصى ولا تعد وفي طليعتها تعليم القرآن.  ثم أسهبت الآيات في ذكر نعم الله تعالى وآلائه في الكون وفي ما خلق فيه (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) آية 7، و (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) آية 10، و (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) آية 12، و (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) آية 19.  ثم عرضت السورة لحال المجرمين (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) آية 41 وحال المتقين السعداء (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) آية 46 وتكرر فيها ذكر (فبأي آلاء ربكما تكذبان) وردت 31 مرة في السورة. وقد ورد في الحديث عن ابن عمران أن رسول الله قرأ سورة الرحمن على أصحابه فسكتوا فقال: ما لي أسمع الجنّ أحسن جواباً لربها منكم؟ ما أتيت على قول الله تعالى ( فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلا قالوا: لا بشيء من نعمك نكذّب فلك الحمد. وهذه السورة هي أول سورة في القرآن موجهة إلى الجنّ والإنس معاً وفيها خطاب مباشر للجن (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) آية 31 إلى 33. وختمت السورة بتمجيد الله تعالى والثناء عليه لأن النعم تستحق الثناء على المنعم وهو أنسب ختام لسورة سميّت باسم من أسماء الله الحسنى (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) آية 78.
 
هدف السورة: الاستسلام هو سبيل الإصرار على الدعوة
 سورة يس مكّية نزلت قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وهي تركّز على أهمية الاستمرار في الدعوة لأن الناس مهما كانوا بعيدين عن الحق فقد تكون قلوبهم حيّة وقد تستجيب للدعوة في وقت ما وعلينا أن لا نفقِد الأمل من دعوتهم (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) آية 11. وتتحدث السورة عن الذين لم يؤمنوا (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) آية 10. ثم تعرض نموذج لقرية (إنطاكية) أرسل الله لهم ثلاثة أنبياء ليدعوهم فكذبوهم لكن إرسال هؤلاء الأنبياء لم يمنع رجلاً مؤمناً أن يأتي من أقصى المدينة ويبذل الجهد لينصح القوم (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) آية 20 وهذا دليل إيجابية من هذا الرجل أنه لم يترك أمر الدعوة للرسل فقط وإنما أخذ المبادرة بأن يدعو قومه عندما لم يصدقوا الرسل. قد يكون هناك أناس قد فقد الأمل من دعوتهم لكن علينا أن نتصور أنه ما زال لديهم قلوب حيّة قد تؤمن فمن آمن فاز ونجا أما الذين يصرّون ويرفضون الاستسلام لله فلكل شيء نهاية وجاءت نهاية السورة تتحدث عن الموت والنهاية فكلنا إلى موت وكل شيء له نهاية في هذا الكون، ولذا جاءت الآيات الكونية في السورة تخدم هدف السورة (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) آية 38 و39، فالشمس تسير إلى زوال وكذلك القمر والكون كله مآله إلى نهاية، وهذا دليل إعجاز القرآن باختيار الآيات الكونية التي تخدم هدف السورة بشكل واضح جليّ فسبحان من أنزل الكتاب وخلق الأكوان.
وربما يكون في هذا المعنى من دعوة القلوب الحيّة ربطاً بحديث الرسول (اقرؤوا يس على موتاكم) لأن الميّت عندما تخرج روحه يبقى قلبه حيّاً وربما عندما يسمع الآيات يستسلم قلبه لها هذا والله أعلم.
فضل سورة يس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس، وددت لو أنها في قلب كل إنسان من أمتي".
جزى الله خيراً من كتبها وقرأها وأوصلها. آمين .
 
*د يحيى
17 - يناير - 2008
"...غافر الذنب وقابل التوب ..." سبحانه وتعالى.    كن أول من يقيّم
 
    تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
اختلف أهل التأويل في معنى قوله { حم } فقال بعضهم: هو حروف مقطعة من اسم الله الذي هو الرحمن الرحيم، وهو الحاء والميم منه. ذكر من قال ذلك: حدثني عبد الله بن أحمد بن شبُّويه المروَزي، قال: ثنا عليّ بن الحسن، قال: ثني أبي، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: الر، وحم، ون، حروف الرحمن مقطعة. وقال آخرون: هو قسم أقسمه الله، وهو اسم من أسماء الله. ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: { حم }: قسم أقسمه الله، وهو اسم من أسماء الله. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله { حم }: من حروف أسماء الله. وقال آخرون: بل هو اسم من أسماء القرآن. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { حم } قال: اسم من أسماء القرآن.
وقال آخرون: هو حروف هجاء. وقال آخرون: بل هو اسم، واحتجوا لقولهم ذلك بقول شريح بن أوفَى العبسي:
يُذَكِّرُنِي حامِيمَ والرّمْحُ شاجِرٌ
   
فَهَلاَّ تَلا حم قَبْلَ التَّقَدّمِ
وبقول الكُمَيت:
وَجَدْنا لَكُمْ فِي آلِ حامِيم آيَةً
   
تَأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ
وحُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال: قال يونس، يعني الجرمي: ومن قال هذا القول فهو منكَر عليه، لأن السورة { حم } ساكنة الحروف، فخرجت مخرج التهجي، وهذه أسماء سور خرجت متحركات، وإذا سميت سورة بشيء من هذه الأحرف المجزومة دخلهُ الإعراب.
وقوله: " تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ العَلِيمِ " . يقول الله تعالى ذكره: من الله العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بما يعملون من الأعمال وغيرها تنزيل هذا الكتاب فالتنزيل مرفوع بقوله: " مِنَ اللَّهِ ".
وفي قوله: " غافِرِ الذَّنْبِ " وجهان أحدهما: أن يكون بمعنى يغفر ذنوب العباد، وإذا أريد هذا المعنى، كان خفض غافر وقابل من وجهين: أحدهما من نية تكرير «من»، فيكون معنى الكلام حينئذ: تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، من غافر الذنب، وقابل التوب؛ لأن غافر الذنب نكرة، وليس بالأفصح أن يكون نعتاً للمعرفة، وهو نكرة، والآخر أن يكون أجرى في إعرابه، وهو نكرة على إعراب الأوّل كالنعت له، لوقوعه بينه وبين قوله: { ذِي الطَّوْلِ } وهو معرفة....
 
تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ)
قيل: إن " حـمۤ } اسم من أسماء الله عز وجل، وأنشدوا في ذلك بيتاً:
يُذَكِّرُني حاميمَ والرُّمْحُ شاجِرٌ
   
فَهَلاَّ تَلا حاميمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
وقد ورد في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي من حديث الثوري عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال: حدثني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن بيتم الليلة، فقولوا: حم ينصرون" وهذا إسناد صحيح، واختار أبو عبيد أن يروى: فقولوا: حم، لا ينصروا، أي: إن قلتم ذلك، لا ينصروا، جعله جزاء لقوله: فقولوا. وقوله تعالى: " تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ " أي: تنزيل هذا الكتاب، وهو القرآن، من الله ذي العزة والعلم، فلا يرام جنابه، ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجابه. وقوله عز وجل: { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } أي: يغفر ما سلف من الذنب، ويقبل التوبة في المستقبل لمن تاب إليه وخضع لديه. وقوله جل وعلا: { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي: لمن تمرد وطغى، وآثر الحياة الدنيا، وعتا عن أوامر الله تعالى وبغى، وهذه كقوله:
نَبِّىءْ عبادي أَنِّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عذابي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ " [الحجر:49-50].
 يقرن هذين الوصفين كثيراً في مواضع متعددة من القرآن؛ ليبقى العبد بين الرجاء والخوف، وقوله تعالى: " ذي ٱلطَّوْلِ " قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني: السَّعة والغنى، وهكذا قال مجاهد وقتادة، وقال يزيد بن الأصم:" ذي الطول" ، يعني: الخير الكثير. وقال عكرمة: " ذي ٱلطَّوْلِ " ذي المن. وقال قتادة: ذي النعم والفواضل، والمعنى أنه المتفضل على عباده، المتطول عليهم بما هم فيه من المنن والإنعام التي لا يطيقون القيام بشكر واحدة منها.
 
*د يحيى
18 - يناير - 2008
 4  5  6  7  8