البر بالوالدين والإحسان إليهما في الحياة وفي الممات. كن أول من يقيّم
هنيئاً لمن برّ بهما وأحسن إليهما في الحياة وفي الممات. قال تعالى: تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) يقول تعالى ذكره: قال بعضهم لبعض: إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مُشفقين خائفين من عذاب الله وجِلين أن يعذّبنا ربُّنا اليومَ " فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْنا" بفضلِه " وَوَقانا عَذَابَ السَّمُومِ " يعني: عذاب النار، يعني فنجَّانا من النار، وأدخلنا الجنة. وقوله: " إنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ " يقول: إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ندعوه: نعبُده مخلصين له الدين، لا نُشرك به شيئاً " إنَّهُ هُوَ البَرُّ " يعني: اللطيف بعباده. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: " إنَّهُ هُوَ البَرُّ " فقرأته عامة قرّاء المدينة «أنَّهُ» بفتح الألف، بمعنى: إنا كنا من قبل ندعوه لأنه هو البرّ، أو بأنه هو البرّ. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالكسر على الابتداء. والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمُصِيب. * تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) إشارة إلى أنهم يعلمون ما جرى عليهم في الدنيا ويذكرونه، وكذلك الكافر لا ينسى ما كان له من النعيم في الدنيا، فتزداد لذة المؤمن من حيث يرى نفسَه انتقلت من السجن إلى الجنة ومن الضيق إلى السَّعة، ويزداد الكافر ألماً حيث يرى نفسه منتقلة من الشرف إلى التلف ومن النعيم إلى الجحيم، ثم يتذكرون ما كانوا عليه في الدنيا من الخشية والخوف، فيقولون " إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ " وهو أنهم يكون تساؤلهم عن سبب ما وصلوا إليه فيقولون خشية الله كنا نخاف الله " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ" وفيه لطيفة: وهو أن يكون إشفاقهم على فوات الدنيا والخروج منها ومفارقة الإخوان ثم لمّا نزَلوا الجنة علِموا خطأهم. تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) يقول بعضهم لبعض بِمَ صِرتَ في هذه المنزلة الرفيعة؟ " قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ "؛ أي قال كل مسؤول منهم لسائله: " إِنَّا كُنَّا قَبْلُ "؛ أي في الدنيا خائفين وجِلين من عذاب الله. " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا " بالجنة والمغفرة. قوله تعالى: " إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ "؛ أي في الدنيا بأن يمنّ علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل: «نَدْعُوهُ» أي نعبُده. " إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ " وقرأ نافع والكسائي «أَنَّه» بفتح الهمزة؛ أي لأنه. والباقون بالكسر على الابتداء. و«الْبَرُّ» اللطيف؛ قاله ٱبن عباس. تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك " إسناده صحيح، ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة: أنها قرأت هذه الآية: " فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ " فقالت: اللهم مُنَّ علينا، وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم. قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم. |