البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : للكتب حظوظ في الذيوع    قيّم
التقييم :
( من قبل 7 أعضاء )

رأي الوراق :

 سليمان 
3 - ديسمبر - 2007
 
حظوظ الكتب في الذيوع
 
هل للكتب حظوظ كحظوظ بني البشر؛ فيذيع صيتها أو يعلو صوتها بين أقرانها من الكتب التي تقبع كابية الحس على أرفف المكتبات تترقب في حذر مشوب باللهفة أن تمتد يد إليها تقلب صفحاتها فتمد هي الأخرى يدا تغرف من معينها العذب وتسقيه ما يطلبه من العلم والمعرفة. نعم ، إن للكتب حظوظا بل حظوة  عند بعض الناس. ومن هذه الكتب المحظوظة كتابان في العروض ، هما : كتاب "أهدى سبيل إلى علمي الخليل" للمرحوم الأستاذ محمود مصطفى ، وكتاب "ميزان الذهب في صناعة شعر العرب" للمرحوم السيد أحمد الهاشمي فقد سار هذان الكتابان، منذ تأليفهما في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، سيرورة مظفرة بحيث بلغت طبعات كل منها عدة عشرات المرات ، إن لم يفلت من هذا العد ما طبع مغافلة من صاحب الكتاب.
ولأن الحظ لا يفرق بين أجناس الكتب كما لا يفرق بين أجناس البشر؛ فتجده يخبط خبط عشواء.. من تصبه يذع وينتشر، ومن تخطئه يُهمَل ويُنسى ، ومما أخطأته يد الحظ كتابان في العروض كذلك وهما :  كتاب "العروض والقوافي" للمرحوم الشيخ عبد الفتاح بدوي  ، وكتاب " إحياء العروض" للعالم والمجمعي المرحوم عز الدين التنوخي، وهؤلاء العلماء الأربعة نشأوا وتربوا جميعا في أكناف الأزهر الشريف، فانظر كيف تحكمت يد الحظ في مصائر كتبهم فأذاعت ذكر بعضها وأخملت ذكر البعض الآخر.
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها باسم كتاب "العروض والقوافي" للشيخ  بدوي من مقال بمجلة الأزهر نشر عام 1960م كتبه الشيخ علي العماري ردا  على الدكتور عبد الله درويش الذي نشر بالمجلة نفسها مقالا عنوانه "المصطلحات العروضية" يتهمه فيه بسطوه على بعض الأفكار التي وردت في كتاب الشيخ بدوي ، وهي أفكار قال إنها جديدة وربما لم تصل للدكتور درويش مباشرة ، لحداثة سنه إذ ذاك ، وإنما نقلها عن أستاذه الدكتور إبراهيم أنيس الذي رجح اطلاعه عليه وأظهر استفادته من كتابه ( الأمر الذي أنكره أنيس بناء على إفادة درويش ). والظاهر أن الكتاب طبع طبعة واحدة وزع أغلبها على طلاب الشيخ بدوي بالأزهر، وقد ذكر العماري أنه يحتفظ بنسخة من الكتاب وأنه يعلم آخر لديه نسخة منه. والمهم عندي بالنسبة لهذا الكتاب ، أنه مع ندرة وجوده ، يبدو لي أكثر جدوى من ذلك الكم الهائل من النسخ الكربونية لمؤلف الخليل.
والكتاب الثاني الذي ساعدني الحظ في التعرف عليه عبر تعريف وضعه شيخنا الأستاذ زهير ظاظا على صفحات الوراق، وقد تلطف وزودني ( ومعي قراء المنتدى ) ببعض ما ورد في هذا الكتاب الذي لم يعرف له نسخة إلا نسخة وحيدة بالمجمع الثقافي، ومن هذه النتف التي أوردها الأستاذ زهير عرفت أن صاحبه يتبع مدرسة الجوهري صاحب معجم الصحاح وذلك في كتابه الذي ظل مفقودا لعدة قرون حتى اهتدى إليه وعرف به محققه الدكتور محمد العلمي، وأعني كتاب عروض الورقة. 
ولنعد الآن للكتابين المحظوظين لنعلم كيف آلت يد الحظ لتعمل على انتشارهما وإسعاد ناشريهما ومعهما فريق من الأساتذة الأكاديميين الذين أسبغوا عليهما من بريق ألقابهم اللمعان . هنا تتدخل نظرية المؤامرة لتكشف عن نوايا الناشرين الجدد ، وهم لا شك جشعون ، فقد لاحت لهم فرصة بلوغ عمر الكتاب خمسين سنة عرفوا بعدها أن الورثة لا يحق لهم المطالبة بحقوق الطبع ، ثم لما لم يكونوا ينوون الاستمرار في طبعه على النحو الذي أراده صاحبه أو ورثته، بحثوا عن اسم يسبقه حرف الدال ليحتل على الغلاف مكانة لا تقل عن مكانة مؤلفه، وكل ما زاده ( الدالي) حركة إعراب على كلمة هنا أو هناك تتيح له الزعم بأنه عمل على ضبط الكتاب بالشكل ، وغير ذلك من شكليات العمل التحقيقي وقشوره الخلابة. هكذا إذن استطاع ناشر " أهدى سبيل" أن يغري الأستاذ الدكتور حسني عبد الجليل يوسف ليثبت قبل اسمه على الغلاف قوله : " شرحه وضبطه وسهل طرائقه". والدكتور حسني هذا لم يكفه تسهيل الطريق إلى هذا الكتاب وإنما امتد ( بولدوزره ) ليسهل الطريق الذي بدا غير ممهد عبر عقود من الزمان إلى كتاب "ميزان الذهب" .. لا ، بل وذهب بعيدا ، أي عبر القرون ليسهل كتاب الكافي في العروض والقوافي ، وكان مؤلفه التبريزي قد وضعه للمبتدئين من طلاب المدرسة النظامية ببغداد والمتوسطين منهم ، فكأن صاحبنا (الميسر) أراد بعمله هذا أن يجعله في متناول أطفال الحضانة. والغريب في أمر الدكتور حسني أن له كتابا من جزئين في العروض، ولو كان عاش في زمن تأليف الشيخين كتابيهما لأفادا منه وجعلا كتابه هذا من ضمن مراجعهما أو حتى مصادرهما.
ولم يقف الأمر عند هذا الأستاذ الدكتور وحده ، فقد رأى الناشرون أن ( الموضة ) في النشر أن تجلب على الغلاف ( دالا) ليروج الكتاب ، فرأينا ناشرا آخر يجيء بالاستاذ الدكتور والمحقق المعروف لكثير من كتب التراث الدكتور محمد التونجي ليضع اسمه على "ميزان الذهب". وقد رأيت بعضا ممن وضعوا أسماءهم على هذين الكتابين بغية ترويجهما ليسوا من ذوي الدال ولكنهم معروفون للمهتمين بكتب التراث شرحا وتحقيقا نحو نعيم زرزور في شرحه لكتاب أهدى سبيل وكذلك الأمر للأستاذ أنس بديوي الذي قال الناشر عن عمله في تحقيق " ميزان الذهب" : " وبالنظر إلى أهمية الكتاب فقد اعتنى أنس بديوي بتحقيقه فاهتم بضبط الكتاب ضبطا تاما وصحح ما فيه من أخطاء إملائية ونحوية ولغوية ( !!! ) كما اعتنى بتشكيل بعض المفردات المشكِلة وكذلك تشكيل الأبيات الشعرية تشكيلا تاما ووضع علامات الترقيم وخرّج الآيات القرآنية وشرح المفردات الغريبة ووضع ترجمة كاملة لحياة المؤلف".
وربما لم يجد الناشر دكتورا يوافقه على تأجير لقبه ليقبع على غلاف كتاب لا يخصه، فاضطر أن يضع اسمه هو بدلا منه كما فعل عمر الطباع الذي بدا لي أنه ناشر لا محقق وقد كنت رأيت اسمه يتصدر أغلفة كثير من الكتب التراثية، فشاء أن يزيد عليها "أهدى سبيل". أليس غير هؤلاء من يستحق أن نقف أمامه وقفة احترام وتقدير ؛ بلى ، إنه الشيخ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي الذي اكتفى بوضع تصدير لأهدى سبيل في طبعته الثالثة عشر ولم يشأ أن يجعل اسمه مشاركا لصاحبه في الظهور على الغلاف.
إن التحقيق عمل عظيم الجدوى ، وهو ضروري لكي يجعل الكتاب التراثي متاحا لقارئه الحالي وأن يخدمه بأن ينشره كما أراد له صاحبه أن يكون في الأصل. والملاحظ أن تراثنا العلمي باق في أقبية السراديب يتطلع إلى من ينفض عنه غبار القرون ويطلعنا عليه في ثوب علمي قشيب ، غير أن ما يبدو لي أن أهل التحقيق يبحثون عن السهولة في العمل وترى بعضهم يتناول الكتاب المحقق فيحققه مرة ثانية بزعم أنه وجد كلمة في إحدى النسخ أغفلها أحد الناسخين وأنه لا بد لذلك من أن يعيد نشر الكتاب محققا من جديد ، هذا وتراثنا الذي لم يحقق بعد يلوح كجبل الجليد، معظمه في الماء وليس إلا قمتة طافية.
لكم أتمنى أن أحصل على نسخة من كتابي بدوي والتنوخي .. لا لأنشرهما بعد تحقيقهما، بل لأفيد منهما فأنا أعلم أنهما لن يروجا في ظل سوق الكساد العظيم. وأنا ، يعلم الله ، لا أنوي التقليل من شأني الميزان وأهدى سبيل وأن كنت لا أرى فيهما مزية تفوق سائر الكتب التي وضعت منذ ابتدع الخليل عروضه ، أو كما قال أبو قيس عز الدين التنوخي في مقدمة إحيائه: " واطلعت على جل ما ألفه المتأخرون ، فألفيت وجوه الشبه قوية بين الطريقتين ، المتقدمة والمتأخرة ، ما خلا تداريب الشعر التي تزيد في الكتب الحديثة على القديمة، وبها وحدها لا تكون حديثة".   
    
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إلى سلطان العروض    كن أول من يقيّم
 
أستاذي سليمان:
 شكرًا على هذا التعليق العميق، وألفتُ نظركم إلى أن:
*كلية اللغة العربية بالقاهرة تابعة لجامعة الأزهر، وهي عريقة لها من العمر ما يزيد على خمسين عامًا.
*كتاب "البناء الفني للقصيدة العربية" للدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي-رحمه الله تعالى- من طبع دار الطباعة المحمدية بحي الأزهر بالقاهرة، بدون تاريخ!!!
*عرض الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي أفكارًا من كتاب الأستاذ عبدالفتاح بدوي في الصفحات(،341372،370،321
*للدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي كتابان في العروض، عنوانهما:ميزان الشاعر، وفن الشعر". وقد يكون له كتب أخرى!!!
وأسألك أستاذي:
*هل أفهم من تعليقك أن الأستاذ محمود مصطفى سارق من الأستاذ الهاشمي؟
أليس المؤلفان ناقلين من صفي الدين الحلي في العاطل الحالي، أو من الشيخ الدمنهوري في شرحه لمتن الكافي؟ أحس بذلك، لكن لم أتيقن بعدُ؛ أجبني لأني لا أمتلك كتاب الحلي أو الدمنهوري؟ ولم أجدهما في مكتبة كليتي بعدُ!!!
مع خالص تحياتي د/صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
25 - ديسمبر - 2007
حول أهمية دور الناشر (1)    كن أول من يقيّم
 
 
 
لبنانيــون وعــرب جعلــوا مــن بيــروت عاصمــة الكتــاب العربــي
لــم يتحــول النشــر برغــم ازدهــاره مــن حرفــة إلــى صناعــة
 
صقر ابو فخر :  ( السفير الثقافي )

 
الدولة اللبنانية التي ظهرت الى الوجود بحدودها الحالية في سنة 1920 لم تكن دولة شمولية على الاطلاق، بل ورثت من الانتداب الفرنسي الدستور والبرلمان وبعض المؤسسات الديموقراطية. واستمرت هذه الحال على ما هي عليه في الحقبة التي أعقبت الاستقلال في سنة ,1943 فنجا المجتمع اللبناني من أهوال الأنظمة الشمولية، بينما رزح تحتها العديد من شعوب البلدان العربية. ولعل انحسار سطوة الدولة في لبنان الحديث، وعدم تدخلها، ولو جزئياً، في أمور الرأي والفكر والثقافة، كان لهما الأثر الايجابي في اطلاق الامكانات الابداعية في المجتمع اللبناني. وفي هذا المناخ الحر تقريباً بدأت دور النشر تظهر في لبنان كحرف عائلية مع ولادته في سنة ,1920 لكنها تطورت، فعلياً، بعد الاستقلال، أي منذ سنة 1943 فصاعداً الى شبه مؤسسات. ولا ريب في أن حركة النشر بدأت مع الكتاب المدرسي والجامعي، ولا سيما حينما استقلت معظم البلدان العربية في أربعينيات القرن العشرين، وبرزت الحاجة الى كتب التعليم. ومع تطور التعليم في لبنان وفي العالم العربي ظهرت مكتبات متخصصة في هذا الحقل أمثال «مكتبة لبنان» (1942) و«دار العلم للملايين» (1944) و«دار الكتاب اللبناني» (1952) و«دار مكتبة الحياة» (1953) وغيرها، وخرجت من مطابعه قواميس كثيرة ومعاجم علمية مختلفة مثل قاموس «المورد» (منير البعلبكي) وقاموس «المنهل» (جبور عبد النور وسهيل ادريس) وقاموس«المغني» (حسن سعيد الكرمي) وغير ذلك الكثير. وقد أسهمت دور النشر اللبنانية إسهاماً فائق الأهمية في حركة الترجمة وفي نشر روائع الأدب العالمي، وفي تأسيس صلة ثقافية بين المثقفين في لبنان والأدب العالمي. وحينما أقام النادي الثقافي العربي في «الوست هول» في الجامعة الأميركية سنة 1956 أول معرض للكتاب في لبنان والعالم العربي، كان يؤسس، بالفعل، صلة ثقافية إضافية بين القارئ والمثقف والناشر معاً.

الثقافة والازدهار في لبنان

بدأ الازدهار العمراني اللبناني غداة النكبة الفلسطينية في سنة .1948 أما العصر الذهبي لدور النشر اللبنانية فقد بدأ في ستينيات القرن العشرين بعدما تحولت بيروت الى ملجأ للمثقفين العرب ورجال السياسة المنفيين اليها.

لم يكن لبنان في ثلاثينيات القرن العشرين ليختلف كثيراً عن الدول العربية المحيطة به مثل سوريا او فلسطين، بل ان فلسطين كانت أكثر ازدهاراً منه بأشواط. فلبنان، في تلك الفترة، كان عبارة عن مجموعة متناثرة من القرى الجبلية الجميلة، والمدينة الوحيدة المزدهرة فيه كانت بيروت، وذلك بفضل مينائها الذي أوقف خدماته التجارية على دمشق والدول العربية الأخرى، وبفضل النشاط التعليمي للإرساليات التبشيرية الغربية. ولم يبدأ الازدهار اللبناني فعلاً إلا بعد نكبة فلسطين في سنة .1948 ففي هذه السنة تدفق على لبنان أكثر من مئة ألف فلسطيني حملوا معهم نحو 150 مليون جنيه استرليني مرة واحدة (ما يعادل 15 مليار دولار بأسعار اليوم). وأطلق هذا التدفق فورة اقتصادية شديدة التأثير. فاليد العاملة الفلسطينية المدربة أسهمت في تنمية السهول الساحلية اللبنانية، والرأسمال النقدي أشاع حالة من النشاط الاستثماري الواسع. وكان لقفل ميناء حيفا ومطار اللد شأن مهم في ازدهار ميناء بيروت وفي الشروع في انشاء مطار بيروت الدولي بعدما كان مطاراً صغيراً في منطقة بئر حسن. وفي عامي 1957 و1958 استقبل لبنان آلاف السوريين الذين انتقلوا بأموالهم الى مصارف بيروت هرباً من الاضطرابات السياسية وللحيلولة دون تأميمها في سوريا؛ فكانت القفزة الثانية في الازدهار. وفي مطلع ستينيات القرن العشرين راحت أموال النفط تغرق المصارف اللبنانية، فكانت القفزة الثالثة. ولاحقا أنعشت نفقات م.ت.ف. الاقتصاد اللبناني في بعض قطاعاته، ولا سيما قطاعات التجارة والعقارات والمصارف والطباعة وتجارة الورق... الخ.

في موازاة هذا الازدهار العمراني انتعشت دور النشر اللبنانية انتعاشاً كبيراً، ولا سيما في ستينيات القرن العشرين فصاعداً. وكانت ذروة الانتعاش في عقد السبعينيات، حينما جرى تأسيس العشرات من دور النشر العربية في لبنان. وهذه الحيوية إنما كانت تعكس الاتجاهات المختلفة للحياة الثقافية والسياسية في العالم العربي. فظهور الحركة القومية العربية (البعث والناصرية) ثم صعود اليسار، ثم انبثاق المقاومة الفلسطينية وأفكار الكفاح المسلح، أدى، ذلك كله، الى تدشين مرحلة السجال الفكري والنقدي في العالم العربي. وهذه المشاريع السياسية الكبرى حملت معها أفكاراً شديدة الجاذبية. وكانت الصحافة ودور النشر هي الميدان الطبيعي لنشر هذه الأفكار وللترويج لها في آن واحد. وفي معمعان هذه المساجلات الفكرية والسياسية والعقيدية انبثقت حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر في بيروت بالتحديد، فظهرت مجلة «شعر» على أيدي مجموعة من الشعراء السوريين المهاجرين الى لبنان هم: يوسف الخال وأدونيس ومحمد الماغوط ونذير العظمة وفؤاد رفقة وكمال خير بك ورياض نجيب الريس علاوة على أنسي الحاج وشوقي أبو شقرا وعصام محفوظ. ثم أصدر توفيق صايغ، وهو فلسطيني من أصل سوري، مجلة «حوار» لتحتل مكانة مهمة في حركة تجديد الشعر العربي المعاصر. ولعبت مجلة «الآداب» التي أصدرها اللبناني سهيل ادريس دوراً مهماً في المساجلات النقدية في لبنان. وفي هذا المناخ الحيوي والتجديدي صارت بيروت مثل روما بعد سقوط القسطنطينية، أي مدينة كوزموبوليتية ازدحمت فيها أسماء كبار مثقفي العالم العربي ومبدعيه. فمن السوريين: قسطنطين زريق وادمون رباط ونزار قباني وعمر أبو ريشة وغادة السمان وصادق جلال العظم وخالدة سعيد وجورج طرابيشي ورفيق خوري وبطرس ديب وعبد الله المشنوق ومنير بشور وجميل صليبا وقدري قلعجي وجبرائيل جبور وحليم بركات ويوسف إيبش وغيرهم كثيرون، ومن الفلسطينيين: وليد الخالدي ومحمد يوسف نجم واحسان عباس ونقولا زيادة وبرهان الدجاني وزين نور الدين زين ونبيل خوري وأحمد شفيق الخطيب والياس صنبر وصلاح الدباغ وفايز صايغ ويوسف صايغ وأنيس صايغ وغيرهم كثيرون أيضاً.

في هذا الفضاء الحر من الإبداع باتت بيروت مرصودة للمشاريع الفكرية الكبرى، فظهرت فيها «موسوعة الفلسفة» وموسوعة «تاريخ الفن» و«موسوعة السياسة» و«الموسوعة العسكرية» وهذه الموسوعات الأربع أصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وكذلك ظهرت «الموسوعة الفلسطينية»، فضلاً عن عشرات المعاجم المتخصصة. وكان من الصعب جداً أن تظهر مؤسسات البحث العلمي في أي مكان آخر في العالم العربي بالصورة التي ظهرت بها في بيروت، حيث أُنشئت، على سبيل المثال، مؤسسة الدراسات الفلسطينية (1963) ومركز الأبحاث الفلسطيني (1966) ومركز التخطيط الفلسطيني (1969) ومركز دراسات الوحدة العربية (1976) ومعهد الانماء العربي (1977). واللافت ان هذه المراكز نشرت كوكبة من المجلات الشهرية والفصلية التي اعتُبرت الأكثر رقياً وتأثيراً في لبنان طيلة حقبة الستينيات من القرن العشرين وما بعدها، وشكلت إضافة نوعية إلى المجلات اللبنانية الأخرى أمثال «الطريق» و«الثقافة الوطنية» و«الآداب» و«دراسات عربية» وغيرها. وهذه المجلات هي: «شؤون فلسطينية» و«مجلة الدراسات الفلسطينية» و«المستقبل العربي» و«الفكر العربي» و«الفكر العربي الاستراتيجي» و«الفكر العربي المعاصر».

على أن هذه الحرية المميزة التي تمتع بها لبنان بعد استقلاله خرّقتها بعض الشوائب المنفّرة التي تمثلت بمنع بعض الكتب ومحاكمة مؤلفيها وناشريها. وعلى العموم وقفت جهات دينية وراء الحملات الهوجاء ضد كتب بعينها مثل كتاب «نقد الفكر الديني» لصادق جلال العظم (1970) ورواية «حديقة الحواس» لعبده وازن (1993)، علاوة على كتب الصادق النيهوم مثل «إسلام ضد الإسلام» و«الإسلام في الأسر» و«محنة ثقافة مزورة»، وكتاب «نزهة الخاطر في الروض العاطر» للشيخ النفزاوي، و«شيفرة دافنشي» لدان براون، و«تاريخ القرآن» لنولدكه، و«عندما صار اسمي 16» لأدونيس العكرة.
*ضياء
26 - ديسمبر - 2007
حول أهمية دور الناشر (2 )    كن أول من يقيّم
 
لبنانيــون وعــرب جعلــوا مــن بيــروت عاصمــة الكتــاب العربــي
لــم يتحــول النشــر برغــم ازدهــاره مــن حرفــة إلــى صناعــة
 
صقر ابو فخر :  ( السفير الثقافي )
( تابع )
لبنانيون وعرب

منذ أن دشن السوريان خليل صايغ وشقيقه جورج صايغ «مكتبة لبنان» في سنة 1944 توالى ظهور دور النشر في بيروت، فظهرت دار العلم للملايين في السنة نفسها (منير البعلبكي وبهيج عثمان)، ثم ظهرت دار الثقافة في سنة 1953 (خليل طعمة) ودار الآداب في سنة 1956 (سهيل ادريس) ومنشورات عويدات سنة 1957 (احمد عويدات) ودار الطليعة سنة 1959 (بشير الداعوق)، ثم دار النهار سنة 1967 ودار الفارابي سنة 1967 ايضا ودار ابن خلدون سنة .1972 وبينما كان عدد دور النشر في لبنان سنة 1962 نحو 95 داراً (ومعها 250 مطبعة) أصبح عددها في سنة 1985 نحو 490 داراً (ومعها 500 مطبعة)، وارتفع في سنة 2004 الى 640 داراً (ومعها 700 مطبعة). وفي هذه الحقبة شهدت بيروت فيضاً من دور النشر العربية التي إما جرى تأسيسها في هذه العاصمة طلباً للحرية، وإما أنها كانت فروعاً لدور عربية طلباً لسهولة المعاملات في الطباعة والتصدير واستعادة المرتجعات. ومن بين أشهر دور النشر الفلسطينية التي أسسها فلسطينيون في تلك الحقبة: دار العودة (1970 ـ محمد سعيد حمدية) والمؤسسة العربية للدراسات والنشر (1970 ـ عبد الوهاب الكيالي) ودار القدس (مازن البندك) ودار الفتى العربي (نبيل شعث) ودار الراتب الجامعية (أحمد قبيعة). وأبرز دور النشر التي أسسها سوريون هي: المكتب الاسلامي (1963 ـ زهير الشاويش) ودار الفكر المعاصر (1967 ـ صفوان جبري ومحمود سالم) ودار ابن رشد (1977 ـ سليمان صبح) ودار الكلمة (1978 ـ حسين حلاق) ودار التنوير (1981 ـ محمد الزنابيلي) ودار الحقيقة (ياسين الحافظ والياس مرقص) ودار ابن كثير (1986 ـ علي مستو) ودار الحقائق (أحمد منصور) ودار النفائس (1970 ـ أحمد راتب عرموش) والشركة المتحدة للكتاب (1992 ـ رضوان دعبول) ودار النضال (جوزف الياس) ودار ابن حزم (زهير قصيباتي) ومؤسسة الأبحاث العربية (هاني الهندي) ومنشورات نزار قباني ومنشورات غادة السمان، علاوة على دار الكتب الشرقية ودار الكتاب الحديث ودار رياض الريس للكتب والنشر ومركز الإنماء القومي (مطاع صفدي). أما دور النشر العربية الأخرى فكان ابرزها: دار المدى (فخري كريم) ودار الكنوز العربية (عبد الرحمن النعيمي) ودار الغرب الاسلامي (1980 ـ الحبيب اللمسي) ودار الملتقى ودار الكتاب الجديد ودار المدار الاسلامي. ولاحقاً، او الى جانبها، ظهرت دار الساقي والدار العربية للعلوم ومؤسسة الانتشار العربي والمركز الثقافي العربي ودار بيسان ودار الفرات ودار الجديد ودار نلسون وغيرها بالطبع.
 
حركة تتسع وأسواق تضيق

حركة النشر في لبنان حركة عربية الى حد بعيد؛ فهي تعتمد، في نموها، على الأسواق العربية بالدرجة الأولى، وعلى المؤلفين العرب بدرجة أقل. كما انها شديدة الحساسية للأوضاع المتبدلة في العالم العربي. ومع ان عدد دور النشر يتزايد باستمرار في لبنان فإن الأسواق العربية تضيق بالتدريج. وهذه مفارقة عجيبة حقاً. فقد كان ثمة خمس أسواق رئيسة في العالم العربي في السبعينيات هي مصر والعراق والسودان والجزائر والكويت، وكانت ليبيا أيضا دولة مشترية للكتب بكميات كبيرة. وقد أدت الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية المضطربة الى خروج العراق والسودان والجزائر، ولو مؤقتاً، من مكانتها كأسواق قارئة رئيسية، والاكتفاء بهوامش قليلة من الكتاب العربي. وفي الكويت أدى خروج الكتلة البشرية الفلسطينية منها جراء ملابسات الاحتلال العراقي الى انكماش عدد القراء الى حدود متدنية جداً. أما في مصر فإن نسبة تداول الكتاب اللبناني، والعربي عموماً، ضئيلة؛ لأن المصريين يكتفون، في الغالب، بما تنشره دور النشر المصرية.

ويبلغ عدد دور النشر المسجلة في لبنان نحو 640 داراً، أي ان لبنان يمتاز، عن غيره من الدول العربية، بوجود أكبر عدد من دور النشر، مع ان دور النشر الفاعلة والأكثر نشاطاً لا تتجاوز الخمسين داراً، وهو يتقدم بذلك على مصر. وتأتي بعد لبنان ومصر في هذا الميدان سوريا فالأردن. وتصدِّر دور النشر اللبنانية نحو 2700 عنوان جديد في كل سنة بما في ذلك الكتب المترجمة. أي ان لبنان يُنتج وحده أقل بقليل من 30٪ من مجموع العناوين الصادرة في الدول العربية كلها البالغة نحو عشرة آلاف عنوان في السنة، أي أقل من بلجيكا وحدها. بينما تُنتج مصر 2500 عنوان جديد سنوياً وسوريا 2500 والأردن 1000 والمغرب 750 والسعودية 500 والجزائر 350 واليمن .250 أما العناوين التي تطبع في لبنان سنوياً فتصل الى نحو 7500 عنوان، وهي تتضمن الكتب الجديدة علاوة على إعادة طباعة الكتب الصادرة سابقاً. وبسبب ضيق الأسواق العربية القارئة فإن الانتاج الكبير الحجم يبدو معدوماً لدى دور النشر اللبنانية. ومعدل عدد النسخ المطبوعة من الكتاب الواحد يتراوح بين 1000 و3000 نسخة فقط. أما الكتب التي تُطبع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة فهي المعاجم وكتب الأطفال والمراجع المقررة في الجامعات فقط. وربما تُستثنى كتب كبار المثقفين والشعراء والكتاب أمثال محمد حسنين هيكل ودواوين محمود درويش ونزار قباني وأدونيس وروايات غادة السمان ونوال السعداوي والقليل من الكُتاب العرب الآخرين، ويُستثنى من ذلك الكتب الدينية والمدرسية وكتب التجميل والخرافات والأبراج.

إن حال الكتاب في لبنان هي مثل حال العالم العربي تماماً: اضطراب وبلبلة وعدم استقرار. لأن الانتاج العلمي والفكري والأدبي والفني مرتبط، ارتباطاً وثيقاً بمستوى التقدم العلمي والرقي الحضاري.

ومن البدهي ان يعاني الكتاب العربي في لبنان من عوامل كثيرة تعيق انتشاره، وأبرز هذه العوامل:

1 ـ الأمية: إن العالم العربي يرزح تحت وطأة 70 مليون أمي من بين 280 مليوناً من السكان. والعجيب ان عدد سكان العالم العربي كان يبلغ في مطلع القرن العشرين 50 مليوناً، وفيه ثلاث جامعات فقط. وكانت دور النشر تطبع من الكتاب الواحد ثلاثة آلاف نسخة. واليوم صار عدد السكان 280 مليوناً، وفيه 200 جامعة، وما زالت دور النشر تطبع من الكتاب الواحد ثلاثة آلاف نسخة.

2 ـ الرقابة: إن الرقابة في العالم العربي تُصنف في ثلاث جهات: رقابة الجهات الدينية، ورقابة الجهات السياسية، ورقابة الجهات الأمنية. وتتضافر هذه الرقابات لتجعل انتقال الكتاب من لبنان الى القارئ العربي عسيراً بعض الشيء، ولا سيما ان العالم العربي لا يشكل سوقا واحدة قط؛ فهو عبارة عن 22 سوقاً تختلف كل سوق عن الأخرى بقوانينها ولوائحها الرقابية، مع ان بعض الدول مثل الامارات العربية المتحدة وعُمان وقطر أزالت الرقابة الى حد كبير.

3 ـ القدرة الشرائية: إن القدرة الشرائية لمعظم الفئات الاجتماعية في العالم العربي متدنية جداً ما يجعل الكتاب سلعة غالية الثمن. فالكتاب اللبناني الذي يبلغ سعر النسخة الواحدة منه عشرة دولارات على سبيل المثال يساوي نحو 5٪ من الدخل الشهري للموظف المتعلم في سوريا، وأكثر من ذلك بكثير للموظف نفسه في مصر والعراق. وهذا العامل يشكل عائقاً مهماً أمام انتشار الكتاب اللبناني في الدول العربية.

3 ـ غياب مؤسسات التسويق: على الرغم من ان قطاع النشر في لبنان هو قطاع حيوي ومهم من قطاعات الإنتاج الاقتصادي والثقافي معاً، ومع ان صناعة الكتاب قديمة العهد في لبنان، الا انها لم ترقَ، حتى الآن، الى مصاف الصناعة بالمعنى المعاصر لهذه الكلمة. فلا توجد شركات كبرى للتسويق، او مؤسسات عصرية للتوزيع، الأمر الذي يضيف أعباء ثقيلة على الناشر نفسه الذي يتولى، في الكثير من الحالات، تسويق انتاجه بنفسه عبر معارض الكتب في الدول العربية، ومن خلال الصلات المباشرة مع أصحاب المكتبات في العالم العربي.

في القرن التاسع عشر كان نشر الكتاب في لبنان مرتبطاً بالمطبعة مباشرة. فالمطبعة هي الناشر وهي الطابع في الوقت نفسه. وفي ما بعد، مع تطور صناعة النشر، ظهرت دور النشر المستقلة عن الطباعة، أي ان الطباعة صارت مهنة وحدها، والنشر بات مهنة مختلفة، وإن كانت المهنتان تشتركان في بعض الجوانب وتفترقان عن بعضهما في جوانب أخرى، وبهذه الصفة صارت دار النشر زبوناً لدى المطبعة. ومع اتساع الأسواق وازدياد الطلب على الكتاب منذ 1946 فصاعداً بات إنتاج الكتاب يتم في قطاعات منفصلة هي دار النشر ثم المطبعة ثم شركة التوزيع. وقلما تمكن قطاع النشر في لبنان من الوصول الى طراز من التكامل الأفقي او الرأسي، أي ان يكون الناشر، على سبيل المثال، شركة كبرى تتولى شؤون الطباعة والتوزيع واستيراد الورق والأحبار والأفلام والصفائح في الوقت نفسه. ومن المؤكد أن التكامل الرأسي كان غائباً أيضاً إلا في حالات محدودة جداً.
 
مستقبل حركة النشر في لبنان

كان للحرب التي اندلعت في لبنان في سنة ,1975 واستمرت حتى سنة ,1991 تأثير كبير في قطاع النشر، فجرى تدمير العديد من المطابع، واضطر بعض دور النشر إلى الانتقال من مراكزه القديمة إلى مراكز جديدة أكثر أمناً. ومع ذلك فقد نما هذا القطاع نمواً متسارعاً حتى في ظل الحرب على الرغم من ان الكثير من دور النشر اللبنانية اضطر الى الانتقال الى عواصم خارجية. ولعل هذه الأوضاع ساهمت في نشوء العديد من دور النشر في سوريا والأردن والخليج العربي، ما جعل المنافسة بين دور النشر اللبنانية ودور النشر العربية تزداد. ومع ذلك فما زال لبنان يتميز بأن أفضل الكتب العربية هي التي تصدر في لبنان، أكان ذلك في التقنيات الطباعية المستخدمة، أم في الإخراج، أم في التحرير، أم في دقة الترجمات، أم في المستوى الرفيع للمعاجم والقواميس والموسوعات التي تنشرها دور النشر اللبنانية في مختلف فروع العلم والمعرفة. وبهذه الصفة، وعلى الرغم من المعوقات الكثيرة، فإن هناك العديد من دور النشر العربية، ولا سيما السورية والأردنية، افتتحت فروعاً لها في لبنان لسهولة تصدير الكتب منه واستعادة المرتجعات، وبساطة المعاملات الرسمية في هذا المجال.

الاجراإن لبنان، بتكوينه التعددي، وبشيوع الحريات فيه، ولا سيما حرية التعبير، مرصود لأن يكون مركزاً مهماً جداً، بل من المراكز الأكثر تقدماً في العالم العربي على صعيد الثقافة والإعلام والنشر. ولا ريب في أن هذا البلد الصغير الذي يحتوي في أرجائه نحو خمسين جامعة، بينها أقدم جامعتين في العالم العربي هما الجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية، مؤهل لأن يتصدر طليعة العواصم العربية في مضمار الطباعة والنشر. وحتى اليوم فما زالت أفضل الكتب تأليفاً وجمالية وطباعة وتحريراً وإخراجاً تصدر في بيروت بالتحديد، مع ان قطاع النشر في لبنان ينوء بأعباء كثيرة في الوقت الذي لا يتلقى فيه أي دعم حكومي. ولا شك في ان هذا القطاع يمكنه ان يقفز قفزات متتالية، خصوصاً في مجال النشر الالكتروني، لو بادرت الدولة اللبنانية الى ازاحة بعض العوائق التي تعترضه. والدولة اللبنانية، والدول العربية كلها قادرة، بالفعل، على اتخاذ بعض ءات من العيار التالي:
 
1 ـ إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على استيراد الورق بجميع أنواعه والأحبار والأفلام والصفائح وآلات الطباعة وجميع المواد الأولية لهذا القطاع.
2 ـ خفض تكلفة البريد والشحن الجوي للمطبوعات كلها، وتذاكر السفر للناشرين.
3 ـ قيام الوزارات والمؤسسات بشراء كميات من الكتب ذات القيمة العلمية او الأدبية او الفكرية او الفنية.

المصادر والمراجع

ـ أبي صعب، فارس، «صناعة الكتاب في لبنان»، في «الصناعات الثقافية في لبنان»، بيروت: المركز اللبناني للدراسات، .2002
ـ حمود، عدنان، «النشر في لبنان: واقع ومرتجى»، في «الكتاب والنشر في لبنان: الواقع والسياسات»، بيروت: المركز اللبناني للدراسات، .2003
ـ هاشم، مود اسطفان، «تجارة الحرف المطبوع» (ترجمة: خليل أحمد خليل)، بيروت: دار الساقي، .1993
ـ ميرمييه، فرانك، «الكتاب والمدينة: بيروت والنشر العربي» (ترجمة: يوسف ضومط)، بيروت: دار مختارات، .2006 وهي ترجمة تعتورها أغلاط كثيرة جداً مع أن الكتاب فائق الأهمية.
*ضياء
26 - ديسمبر - 2007
الجواب عند من يملك نشرة علاء الدين عطية للطبعة الثانية من ميزان الذهب     كن أول من يقيّم
 
 
أخي الدكتور / صبري أبو حسين          حفظه الله
 
أشكرك على توضيحاتك القيمة حول موضع كتاب الشيخ عبد الفتاح بدوي والمواضع التي اقتبس فيها الدكتور خفاجي منه في كتابه "البناء الفني للقصيدة العربية" . وسأحاول الوصول إلى كتاب خفاجي في العروض فلعله يبدو لي فيهما تأثره بفكر أستاذه.
أما كون الأستاذ محمود مصطفى سارقا للموضوعين اللذين يغطيان مساحة إحدى عشرة صفحة من كتابه ، فهذا واضح جلي للعيان لكون كتاب السيد الهاشمي أسبق في الظهور منه ( الطبعة الثانية له ظهرت عام 1935 م حسب نشرة الأستاذ علاء الدين عطية كما يبدو بموقع "فرات" وإن كنت لا أفهم كيف يضع الناشر على إعلانه هذا التاريخ القديم ). غير أن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة وهو في رأيي يحتاج إلى مزيد من التحقيق والتدقيق بتتبع طبعات هذين الكتابين ، وهي كثيرة، فربما دس الناشرون فيما تأخر من الطبعات تلك الصفحات إلى أحد الكتابين من الآخر، وهو مسلك له ما يماثله عند معشر النساخ في القديم.
وأما عن إمكانية نقل المؤلفين كليهما من كتاب الإرشاد الشافي أو العاطل الحالي فهذا بعيد عن التصور لأنه بدا لي في النقل غباء قد يعزى إلى واحد من الناقلين لا الاثنين معا، وليست لدي نسخة من كتاب المحلي ولكن شرح الدمنهوري للبحور المهملة الستة كان واضح التأثير فيما جاء به السيد الهاشمي من شواهد مصنوعة على هذه البحور، مع أنه من المحتمل أن يكون الهاشمي رجع إلى ما رجع إليه الدمنهوري.
ومن الأمثلة على اللبس في النقل عند الهاشمي ومحمود مصطفى تسميتهما للمتوفر لدى الدمنهوري وغيره من العروضيين (المتوافر) وقولهما أنه ( محرّف !) الرمل ، وإن أجزاءه : فاعلاتن فاعلاتن فاعلن. وكان الدمنهوري قد قال: "وأجزاؤه فاعلاتك فاعلاتك مرتين" ولكن كان عليه أن يذكر أن الشاهد محذوف السبب في العروض والضرب. غير أن أشد اللبس أو ربما سوء الفهم جاء من جانب الدكتور حسني عبد الجليل الذي قال في هامش "أهدى سبيل" إن الأبيات لا علاقة لها بالرمل ، فهي مقلوب وزن من أوزان الكامل، كما يتضح من وزن البيت التالي:
ما أصابَكَ يا فؤادِيَ بَعدَهُمْ.........أينَ صَبرُكَ يا فؤادِيَ ما فَعَلْ
( ضبط البيت من عندي، وهو مخالف لتجزئة الدكتور حسني التالية:
فاعلن مُتَفاعلن مُتْفاعلن ..........فاعلن مُتَفاعلن مُتْفاعلن  
( سوف أحاول النظر في نشرة الدكتور حسني لميزان الذهب لأعرف إن كان قد أعاد نقل ملاحظته هذه في نفس الموضع من  هامش الميزان ، وماذا كان تعليقه على التشابه في هذين المبحثين).
وأخيرا ، فإن نشرة الأستاذ علاء الدين عطية هي التي ستقطع قول كل خطيب، ولا يحتاج الأمر إلا لأربعة دولارات وهو الثمن الذي وضعته "فرات" قيمة للنسخة منها مع العلم أن إعلانهم يتضمن نسخة أخرى بدولارين اثنين فقط ! ومن هذه النشرة سيتبين لنا إن كان المبحثان المتنازع عليهما مثبتان في طبعة يرجع تاريخها إلى عام 1935 م وعلى أي أساس أثبت هذا التاريخ على الطبعة الجديدة ( الغالية) .
*سليمان
27 - ديسمبر - 2007
جزاك الله خيرًا يا سلطان العروض    كن أول من يقيّم
 
أستاذي سليمان:
 أعلم أنك أكبر من الألقاب، وأنك أكره الناس للمدح، ولكنا أمرنا أن ننزل الناس منازلهم. جزاك الله خيرًا، وسدد خطاك.
 وأعلم أنه ما زال في جعبتك الكثير، وأعلم أن هذه السرقة استفزتك!!!
 وأعلم أن هذه التحاقيق التجارية!!! تدفعك دفعًا إلى مزيد من متابعتها ومفاتشتها. لكن:
* ألا ترى أن ميزان الهاشمي كتاب تقليدي لا جدَّة فيه، وأنه تعليمي، وأن إحصاءاته للصور الخليلية للبحور ناقصة، وأن لديه اضطرابًا بين المتن والهامش، وأن عرضه للقافية فيه هنات عدة!!! وأنه يخلو من أية رؤية ذاتية للمؤلف؟؟؟!!!
*ألا ترى أنه رزق حظًّا عجيبًا في الحضور لدى طلبة العلم وفي معاهد التعليم!!!
أستاذي أعطني مزيدًا من انطباعاتك عن الكتاب وتحقيقاته. مع خالص تحياتي وتقديري. د/صبري أبوحسين
*صبري أبوحسين
27 - ديسمبر - 2007
رجاء إلى الأستاذ زهير    كن أول من يقيّم
 
أستاذي أرجو أن تتحف القراء بنص كتاب إحياء العروض في مكتبة الوراق، أو أن توجزه لنا، جعلك الله مفتاح كل خير.
*صبري أبوحسين
27 - ديسمبر - 2007
معلومة بخصوص ميزان الذهب وأهدى سبيل    كن أول من يقيّم
 
أستاذي سليمان:
من خلال تتبعي لموضوع التجديد العروضي في التراث، اطلعت على المعلومة الآتية:
 ذكر الأستاذ الكتور محمود مصطفى مؤلف أهدى سبيل نص الاستدراك على البحور الستة عشر، والإفلات من قيود القافية في كتابه (الأدب العربي وتاريخه في العصر العباسي) والطبعة الثانية من هذا الكتاب كانت سنة 1937م. وبالتالي فإن الطبعة الأولى للكتاب ستكون قبل هذا التاريخ. ومن ثم فأرى أن الهاشمي صاحب الميزان ومحمود مصطفى صاحب أهدى سبيل متعاصران، وأن ترجيح نقل محمود مصطفى من الهاشمي أمر مشكوك فيه. فكلا الشخصين معرض للاتهام بالسرقة، إن لم يكن قد فعلها ناسخ من النساخ، وألصق النصين بالكتابين، من غير علم المؤلفين، رحمهما الله تعالى. صبري
*صبري أبوحسين
17 - يناير - 2008
ثبوت النص للأستاذ محود مصطفى    كن أول من يقيّم
 
أخي أبا عبد الرحمن
أشكرك على هذه المعلومة الجديدة حول عثورك على النصين موضع الخلاف في الطبعة الثانية من كتاب ( الأدب العربي وتاريخه في العصر العباسي ) وإن كنت لم أجد هذا العنوان في ثبت مؤلفات الأستاذ محمود مصطفى التي أحصاها الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي في تصديره للطبعة الثالثة عشرة لكتاب أهدى سبيل، وكذلك بحثت عنه في جوجول فلم يسعفني البحث بوجود مثل هذا العنوان.
ما علينا، فحتى وجود هذين النصين في الكتاب المذكور لا يقطع بإثبات نسبته إلى الأستاذ محمود مصطفى، لا سيما وقد رأيت النص في الطبعة الثانية الصادرة عام 1937 وأنت لا تعلم تاريخ الطبعة الأولى ، فربما كانت عام 1935 وهو تاريخ الطبعة الثانية من ميزان الذهب، ولا نعلم تاريخ طبعته الأولى التي قد تكون أسبق من طبعة كتاب الأدب العربي الأولى.
البحث بهذه الطريقة لن يفيدنا ، ولذلك علينا أن نتبع أساليب التحقيق البوليسي في مثل هذه الحالة الإجرامية من السطو العلني الذي بلغت به الجرأة أن يتحدى عقول القراء على مدى أكثر من سبعة عقود . ومن الأسس التي يعتمد عليها التحقيق البوليسي أنه لا وجود لما يسمى بالجريمة الكاملة ، وأن المجرم لا بد وأن يترك آثارا تدل على جريمته مهما حرص على إزالتها، وقد وجدنا هذه الآثار في كتاب ميزان الذهب واضحة للعيان كما يلي:
1-   لقد  حرص مؤلف الميزان على أن يثبت على غلاف كتابه أنه يشتمل على فنون الشعر الخمسة عشر، وهي: 1- العروض 2- والقوافي 3- ولزوم ما لا يلزم 4- والتصريع 5- والتفويف 6- والتسميط 7- والإجازة 8- والتشطير 9- والتخميس 10- والموشح 11- والدوبيت 12- والزجل 13- والمواليا 14- والكان وكان 15- والقوما.
2-   ولقد درس الهاشمي هذه الفنون ضمن ثلاثة أقسام ينتهي بها الكتاب، ولأهميتها عنده أثبتها كما ذكرنا على غلاف كتابه. وكان من الطبيعي للاستاذ محمود مصطفى أن يرى إلى هذه الدعاية في الطبعة الأولى من الميزان ويتذكر أنه تناول ستة من هذه المواضيع( من 10-15 ) بالإضافة إلى فن السلسلة الذي لم يتطرق إليه الهاشمي، وكذلك إلى عرضه للبحور المهملة الستة في كتابه الأدب العربي ، ووجد أنها مناسبة للعرض مرة ثانية في كتاب يتناول العروض فهي به أليق.
3-   وهنا يحتمل ، والله أعلم ، أن يكون الهاشمي قد اغتاظ لرؤية محمود مصطفى يعيد نشر هذه المواضيع في كتاب عروضي لما فيه من المنافسة على أمر حسب أنه له لوحده ما دام أثبته على الغلاف ، فردد بينه وبين نفسه مقولة الصاحب بن عباد حين اطلع على كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه وقال: هذه بضاعتنا ردت إلينا! مع أن طرح الأستاذ محمود مصطفى يختلف في مادته عما جاء عند الهاشمي، إلا أن هذا الأخير آثر أن يستحوذ عليها.
4-   وهكذا فأنت تجد في كتاب الميزان ستة من المواضيع التي تعرض لذكرها الهاشمي مكررة مما يدل دلالة قاطعة على أنه هو أو أحد ورثته مسؤول مسؤولية كاملة عن السطو على كتاب أهدى سبيل.
5-   أما وقد بان لنا أن الأستاذ محمود مصطفى بريء من تهمة السطو على الميزان، تبقى مسألة اتهامه بنقل النصين المذكورين عن غيره ضعيفة الاحتمال لسببين: أولهما أن أسلوب الكتابة حديث ، والثاني أنه لا يعقل أن يكرر السرقة في كتابين ، ولكن إيراده للنص، وهو له ، في كتابين يدل على أهميته عنده، وبالتالي نحييه على جهوده، ونحيي الهاشمي الذي لم يقل عن معاصره محمود مصطفى شأوا في بحثه لنفس المواضيع.
وكما يقال في محاضر في التحقيق إن التهمة أثبت على فلان فهذا الفلان هنا هو الناسخ الذي لا يعرف قدسية للكلمة المبدعة فيتناولها كأنها سلعة مباحة للجميع.   
*سليمان
19 - يناير - 2008
 1  2  3