أنت محق.. كن أول من يقيّم
نعم أستاذنا زهير فكلام د.ألتونجي مضطرب ومتناقض، وكلام ألتونجي عموماً لا يُعتمد عليه.. إن ما يفرّق الهزج عن مجزوء الوافر في رأيي هو ورود (مفاعيلُ)، جوازاً شائعاً، سواء في الحشو أم العروض، جنباً إلى جنب ودون مفاضلة بينها وبين الأصل: (مفاعيلن). وقصائد القدماء خير دليل على ذلك، كما في الأمثلة التي أوردتها من شعر أبي نواس. يقول الشريف الرضي: أما كنتَ مع الحيِّ ** صباحاً حينَ ولّينا وقد صاحَ بنا المجدُ ** إلى أينَ؟ إلى أينا؟ أما مجيئُها في مجزوء الوافر فهو خلط بين متباينين، وذلك على الرغم من رصدها في قليل من شعر القدماء، والكثير جداً من شعر المتأخرين، وإجازتها من قبل العروض التقليدي. أما قوله في جوازات الوافر: (ويجوز استعمال "مفاعلتن" على وزن "مفاعيلن" وهو قبيح)، فغير صحيح أيضاً، ولكن ربما كان المراد: (ويجوز استعمال "مفاعلتن" على وزن "مفاعيلُ" وهو قبيح). وأما قوله في ملخص الرمل: (وإن استعمل مجزوءاً يجب استعمال عروضه على وزن فاعلاتن إلا للتصريع، ويجب استعمال ضربها إما على وزن فاعلاتان أو فاعلاتن أو فاعلن) فهو كلام صحيح، وهو كلام كتب العروض التقليدية، إلاّ أن الشعراء أتوا بالضرب مذيّلاً على (فاعليّاتن)، وأمثلته نادرة، لم يُشر إليها أحد على حد علمي، كقول خالد الكاتب: أنا في شُغْلٍ بما تَعْــ ** ـذِلُني [فيهِ] عنِ العذْلِ وفؤادي من هوى مَنْ ** لا أُسمّيهِ على وجْلِ فدعِ اللومَ فما لي ** في الذي أهواهُ منْ مثْلِ أملكتْني رغبتي في ** وصْلِ من يرغبُ في وصْلي ولأبي هلال العسكري: يا أبا القاسمِ هل أبْـ ** ـصَرْتَ شبْهاً لكَ في قُبْحِكْ ونظيراً لكَ في شُؤْ ** مِكَ أو لؤمِكَ أو شُحّكْ إنَّ مَنْ شبّهَكَ الكلْـ ** ـبَ فقد بالَغَ في مدْحِكْ كما جاؤوا بالضرب مقصوراً على (فاعلانْ)، وهو ما أشار إليه د. إبراهيم أنيس، مدّعياً أن العقاد ربما كان أول من كتب عليه. وأمثل له بقول أبان بن عبد الحميد اللاحقي: ليتني؛ والجاهِلُ المغْـ ** ـرورُ مَنْ غُرَّ بلَيْتْ نلتُ ممّن لا أُسمّي ** وهو جاري بَيتَ بيْتْ قبلةً تُنعِشُ مَيْتاً ** إنني حيٌّ كَمَيْتْ لا أسميهِ ولكنْ ** هو في كَيْتَ وكيْتْ وأنشد الفرخان من شعره: يا خليليَّ اعذرانْ ** ودَعاني والغَوانْ ليس يُرجى لي سلوٌّ ** ليس لي في الحب ثانْ ضقتُ ذرعاً بحبيبٍ ** ما رعاني مذْ شَجانْ راع بالصدّ فؤادي ** وجفاني يوم بانْ وقد كثرت الكتابة عليه عند المحدثين. |