البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : رسائل جامعية

 موضوع النقاش : إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟    قيّم
التقييم :
( من قبل 18 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد 
2 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارْنَبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
 
الإنجيل برواية
بارْنَبا الليوي القبرصي
 
 
ترجمة مقارنة جديدة
تتضمن معطيات غير معروفة من قبل
بالاعتماد على
مخطوطة المكتبة الوطنيّة بڨيينا
ومخطوطة مكتبة فيشر بجامعة سيدني
 
د. أحمد إيبش
 
 
ما هو إنجيل بارْنَبا؟
كثيرون جداً سمعوا بهذا الإنجيل (مغلوطاً باسم: إنجيل برنابا).. وما أكثر الأبحاث التي جزمت تلقائياً بأنه إنجيل مزوّر لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وأنه من وضع بعض اليهود أو المسلمين الذين ارتدّوا عن الدين المسيحي.. فأين تكمن حقيقته؟
وما حقيقة ذكر هذا الإنجيل (على لسان المسيح عليه السلام) لسيدنا محمد بالاسم صراحة، على أنه خاتم الأنبياء المنتظر؟
مئة عام مضت على ظهور أول ترجمة إنكليزية لهذا الإنجيل الهام المثير للجدل، على يد القس الإنكليزي لونسديل راگ وزوجته لورا Lonsdale & Laura Ragg.  ولكن، هل كانت تلك الترجمة على المستوى العلمي المطلوب؟ هل نجحت ومثلها الترجمة العربية المنقولة عنها (بقلم د. خليل سعادة) – دون الرجوع إلى المخطوط – في فك رموز إنجيل بارْنَبا؟!
في هذه الترجمة العربيّة الجديدة المقارنة التي نقوم بها حالياً، يتمّ الكشف للمرّة الأولى عن الأصول القديمة لهذا الإنجيل، وإثبات الدليل النصّي الدّامغ على أن أصلاً أوّليّاً له باليونانيّة قد تمّت ترجمته إلى اللاتينيّة، وبعدها إلى الإيطاليّة والإسپانيّة، وأن ذلك كان ضمن سلسلة تاريخيّة مطوّلة من الإخفاء والتّحريم التّام.
هذه الترجمة اليوم تسلّط الأضواء على معطيات بالغة الأهميّة في المخطوطتين، سواء من الناحية النصيّة أو العقائديّة. ففيها يتجلّى الجوهر الأقرب إلى حقيقة المسيح عليه السلام، وبعثته وإنكاره الشديد لدعوة تأليهه، وأنه رُفع لم يُصلب.. والجديد الآن حسب المخطوطة الإسپانيّة التي ظهرت قبل 30 عاماً: ما الذي كان يعرفه بطرُس؟
كذلك من أهمّ محاور إنجيل بارْنَبا حول سيرة المسيح (عليه السّلام)، حربه الضارية على اليهوديّة الهيكليّة الفريسيّة المنحرفة عن شريعة موسى (عليه السّلام)، والتي تمخض عنها التلمود فيما بعد.
أمّا ما يتوّج هذه الوثيقة المسيحيّة القديمة النقيّة، فهو بشارة المسيح (عليه السّلام) بنبوّة سيّد البشر نبيّنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام.  وأن الدّين الحق كما أنزله الله تعالى على سيّدنا موسى ثم عيسى ثم محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) إنما كان سلسلة مستمرّة متوافقة متوائمة لا انقطاع فيها، كان جوهرها ولُحمتها وسُداها: التوحيد!
في هذا المجلس، سأقوم بنشر المقدمة النقدية الكاملة، التي صدّرت بها ترجمتي المقارنة الجديدة لإنجيل بارْنَبا، حسب المخطوطتين المذكورتين، بالإيطاليّة و الإسپانيّة. وأرجو من قرّاء الورّاق الكرام إبداء آرائهم التي سأتلقاها بكل اهتمام وتقدير.
 
 
 3  4  5  6  7 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إنجيل بارنبا في ميزان النقد النصّي    كن أول من يقيّم
 
مصداقيّة »إنجيل بارْنَبا«
على ضوء التّحليل النّصّي والقرائن النّقديّة
أمامنا الآن هاتان المخطوطتان: مادّة عينيّة ذات مغزى نصّي ورسالة فكريّة موجّهة عبر قُرون لإثبات حقيقة تاريخيّة، تتألّف من شخصيات وأحداث وأقوال وشهود عيان.  ومن جهة أخرى، أمامنا كُتلة الحيثيّات الموضوعيّة للإطار الزّماني والمكاني والظّرفي لهذه الوقائع، كما بيّنا في الفصول السّابقة.  يبقى علينا محاولة الرّبط، والخروج بنتيجة عينيّة ومنطقيّة: فإمّا إثبات هذا الرّبط، أو نفيه.
ولا مِراء أنّ »إنجيل بارْنَبا« أحد أكثر الكتب في التّاريخ الحديث إثارة للجَدَل والتّناقض في الآراء والمواقف، إذ يروي - من وجهة نظر مُغايرة جديدة وجريئة - سيرة أكثر شخصيّة أثارت الجدل في التاريخ: المسيح (عليه السلام).  فإن نحن أثبتنا هنا ما يرد في متن الكتاب، نكون قد أسهمنا إسهاماً بليغاً في رأب صَدع هائل، ما برح يفصل بين أديان وثقافات ورؤىً وفلسفات.
منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها هذا الإنجيل للمرّة الأولى إلى النّور، كان مادّة لنقد شديد، والنقّاد الأوائل عبر ثلثي قرن رفضوه جُملةً وتفصيلاً، وعدّوه مُزيّفاً.  فمن قائل إنّه كتابٌ عربيّ الأصل، وبعضهم يرى أنّ أصله إيطالي لتشابه نصّه مع مؤلَّف دانتِه المذكور، ويرتكزون على مقدّمة المخطوطة الإسيانيّة لدعم زعمهم هذا.  كما ركّز بعض الدّارسين على تواردات نصّيّة متشابهة بين مقاطع إنجيل بارْنَبا ونصوص قروسطيّة عاميّة من الأناجيل القانونيّة، مكتوبة بإنكليزيّة وهولنديّة قروسطيّتين، ولكن بالأخصّ باللاتينيّة القروسطيّة، وهذه النّصوص جميعها ترتكز على نسخة قديمة ضائعة من الدّياتِسّارون([1]) Diatessaron الذي كتبه تاتيانيس Tatianis، إنّما بترجمة لاتينيّة([2]).
وبعضهم رأى أنّه نتاجٌ لكاتب يهودي أندلسي اعتنق الدّين الإسلامي بعد تنصّره واطّلاعه على أناجيل المسيحيّين، وأنّ ذلك كان بالأندلُس.  وتحجّجوا بأن المخطوطة الإسيانيّة لا بُدّ أن تكون أقدم من المخطوطة الإيطاليّة، لكنّ ما يرد فيها من أنّها تُرجمت عن الإيطاليّة هو بغرض إيلائها المصداقيّة عن طريق نسب مصدرها إلى مكتبة البابا بذاته.
ويقارن هؤلاء ببعض النّصوص المُنتحَلة على أيدي المواركة الأندلسيين، أي الموريسكوس Los Moriscos، مثل ألواح  ساكرومونتِه Sacromonte التي كُتبت في غرناطة في تسعينيّات القرن السّادس عشر (أي بعد 1590 م).  أو يقارنون من جهة أخرى بأعمال الموريسكوس في إعادة صياغة الكتابات المسيحيّة والإسلاميّة، التي  بدأت بالظهور بعد إخراجهم من الأندلس([3]).


([1]) الدّياتسّارون عبارة يونانيّة تعني: »الإنجيل الرُّباعي« وهي ترجمة يونانيّة قام بها تاتيانيس (بعد سنة 172 م) تضمّ الأناجيل القانونيّة الأربعة في جزء واحد مُدغم ومُتناغم (وهذا في عُرف الفيلولوجيا غلط فادح)، منه ترجمة سريانيّة بقيت وضاع الأصل.
([2]) راجع مقالة الباحث الهولندي يان يوستن:
Jan Joosten: “The Gospel of Barnabas and the Diatessaron”, in: Harvard Theolo- gical review, 95.1 (2002), pp. 73-96.
([3]) راجع مقالة جيرهارد ويگرز:
G.A. Wiegers: “Muhammad as the Messiah: A comparison of the polemical works of Juan Alonso with the Gospel of Barnabas”, in: Bibliotheca Orientalis, LII, No. 3/4, April-Juni 1995, Leiden, pp. 245-292.
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
تفاسير غربيّة غريبة    كن أول من يقيّم
 
فبعد حركة الرّيكونكيستا Reconquista التي استخلصت الأندلُس من أيدي المُسلمين بسقوط غرناطة علم 1492 م، هاجرت أعداد كبيرة من اليهود السّفارديم ومن المُسلمين الـ »موديخارِس« Mudejares (لفظة إسيانيّة من العربيّة: مُدجَّن، أطلقت على المُسلمين الذين بقوا ماكثين)، ورغم أنّ بعضهم لجأ أوّلاً إلى إيطاليا (البُندقيّة خصوصاً) فإنّ الأكثريّة استوطنت الدّولة العُثمانيّة، حيث أسّس اليهود النّاطقون بالإسيانيّة في إستانبول كياناً إثنيّاً، نشط بالطّباعة والنّشر باللّغتين العبريّة واللادينو Ladino (لهجة عبريّة سفارديّة برطانة قَشتاليّة قديمة).
وتمّ قدوم وافدين جُدد بعد 1550 م، إثر أعمال الإضطهاد التي مارستها محاكم التّفتيش البُندقيّة ضدّ الرّعايا الطليان غير التّثليثيّين وضدّ اليهود.  وفيما كانت التّعاليم الإسلاميّة آنذاك تحرّم قطعيّاً طباعة النّصوص الإسلاميّة بالعربيّة، فإنّ الطباعة غير الإسلاميّة لم تكن أمراً محرّماً، فالذي جرى أنّ أعداء التّثليث جهدوا في سبعينيّات القرن السّادس عشر (بعد 1570 م) لإنشاء مطبعة في إستانبول لنشر الأعمال الرّاديكاليّة اليروتِستانتيّة.  ويتابع أصحاب هذه النّظريّة العجيبة: »فانظر إلى رغبة الرّاهب مارينو (في المقدّمة الإسپانيّة) بأنّه ينبغي نشر إنجيل بارْنَبا، وإذا بحثنا: أين كان المكان الوحيد في أوروپا الذي يمكن نشره به؟  إنّها إستانبول دون شك!«.  المُراد إذاً: أنّه مؤامرة يهوديّة مُعادية للتّثليث!
*  *  *
بهذه الأساليب المعوجّة والغريبة يجتهد باحثو الغرب لنفي مصداقيّة إنجيل بارْنَبا.  ولم نأتِ هنا إلاّ بمثالين وإلاّ فثمّة غيرهما كثير، آخرها:
الباحث الأوسترالي رودني بلاكهرست Rodney Blackhirst وقبله الباحث داڤيد سوكس David Sox، عَزيا المسألة برمّتها إلى مؤامرة سياسيّة جرت بإيطاليا حاكها الكاردينال جوليو سانتوريو Giulio Santorio ضد الكردينالين مارك آنطونيو وأشّانيو كولونّا Ascanio Colonna Marcantonio &، بُغية الانتقام منهما بطريقة الإيحاء لمحاكم التّفتيش أنّهما المؤلفان: فمارك آنطونيو هو »مارينو«، وأشّانيو هو »مُصطفى دي أراندا«.  وأنّ أصل »إنجيل بارْنَبا« نصّ أپوكريفي قديم كان مُلحقاً بنص »أعمال بارْنَبا« (ذكرناه أعلاه)، صاغَه في قبرُص الآباء الكَرمِليّون، ودخل إيطاليا من ميلانو بُعيد سقوط قبرُص بأيدي التُّرك عام 1571 م.
نقول: محاولة ظريفة، ولكنّها أجدر بأن تكون رواية پوليسيّة على نسق رواية دان براون The Da Vinci Code، إنما نسي الأستاذان أن يقولا لنا: لماذ إذاً فشلت مساعي سانتوريو في القضاء على مارك آنطونيو وأشّانيو كولونّا؟  الرّواية ناقصة، ولو كنتُ صاحب دار نشر لرفضتُها مع الاعتذار!
أخيراً: يُجمع باحثو الغرب على أنّه نصّ أپوكريفي قديم تمّت قولبته لصالح الإسلام في مكان ما بأواخر القرن السّادس عشر (بعضهم يُرجعه إلى الرّابع عشر)، ويرى بعضهم أنّه ذو أصل غنوصي، فيما يرى آخرون أنّه يرتكز إلى الدّياتِسّارون.  وأشهر من كتب عنه: وليَم گيردنَر ولويدجي تشيريلّو وميشيل فريمو وميكيل دي إپالثا ولويس بِرنابِه پونس ويان يوستن ويان سلومپ وكريستين شيرماخر وشلومو پينيس وداڤيد سوكس وأودْبيورن لايرڤيك ورودني بلاكهرست وصَمويل گرين. ومن پاكستان: عبد الستّار غَوري وشمس الدّين وم. يوسف.
*  *  *
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
رؤيتنا للموضوع.. المسيح بين النصرانية والمسيحيّة    كن أول من يقيّم
 
والآن، دعونا نقدّم رؤيتنا لهذه المسألة المعقّدة:
رأينا أوّلاً، وبكل موثوقيّة تاريخيّة، أنّ دعوة النّصرانيّة الأولى كانت تمثّل امتداداُ عُضوياً طبيعيّاً لعقيدة التّوحيد، وأنّ بني إسرائيل في أواخر عهد أنبيائهم ما قبل بعثة المسيح خانوا الأمانة وعَبَدوا البعل، فوصف الله أحوالهم في سِفر هوشَع (4: 2) بعبارة: »لَعنٌ وكَذِبٌ وقَتلٌ وسَرِقةٌ وفِسْقٌ«.  ولذلك بعثَ لهم نبيّاً جديداً هو المسيح (عليه السلام)، فدامَت بعثه ثلاث سنوات، وكانت هذه البعثة توحيديّة متمّمةً لشريعة الأنبياء الأوّلين، ولم تكن أبداً ناقضة لها.
في المرحلة التالية لرفع المسيح (33 م؟) نشأت مرحلة جديدة في الدّعوة سُمّيت بمرحلة »الرُّسُل«، كما سمّاهم المسيح بذاته وطلب منهم التفرّق في أرجاء المعمورة للقيام بأمر الدّعوة.  ها هنا لنلاحظ: الكنيسة الوحيدة التي كانت قائمة بالقُدس الشّريف آنذاك كانت »كنيسة أورشليم« التّوحيديّة، وكان بولُس في تلك الأثناء يدور جاهداً لاضطهاد أتباع الدّعوة الجديدة الذين حملوا اسم »النّاصريّين« (نسبةً ليَسوع النّاصري).  المُفارقة الغريبة: أنّ مَن قدّمه إلى تلاميذ المسيح وكَفِله أمامهم كان صاحبنا بارْنَبا نفسه، لكنه لم يدُر بخلده أبداً آنذاك أن صديقه سوف يضحي بامتياز المقوّض الفعلي لهذه النّاصريّة التّوحيديّة.
أهمّ أركان كنيسة أورشليم التّوحيديّة كانوا إخوة المسيح نفسه: يَعقوب البارّ، ويَهوداه، وشمعون. وكان هؤلاء مُلتزمين بشريعة مُوسى (لذلك سمّاهم بولُس وأتباعه: التّهويديّين judaizers ) بينما كانوا يسمّون أنفسهم »الإخوة«، أو يُطلق عليهم: »اليَهود المُتنصِّرون«.  ولا شك أبداً أنّ هذه الكنيسة الأولى كانت توحيديّة مئة في المئة، حتى أنّ الرّابي جَمليئيل الأوّل المتعصّب راح يدافع عنهم، بشهادة لوقا في أعمال الرُّسُل (5: 34)، بدليل عدم مُجافاتهم لروح التّوحيد، واليهوديّة في الأساس دين توحيدي، لولا انحرافاتها اللاحقة.
ولكن، ما الذي جرى لهذه الدّعوة وتلك الكنيسة الأولى؟  للأسف لم تُعمّر طويلاً (30-135 م)، وسُرعان ما تحوّلت الدّعوة في أنطاكية (بعد عام 50 م) على يدي بولُس إلى خليط ديني مشرقي - أوروبي جديد، أدّى إلى نسف مبدأ التّوحيد تماماً.  وبعد نيقية (325 م) أضحت المسيحيّة الپولينيّة بعيدةً كل البُعد عن أصول الكنيسة الأولى التّوحيديّة، ثم فَشَت فيها الغنوصيّة والأليگوريا (التأويل) والعقائد الإيزوتيريّة الباطنيّة والحُلوليّة المَشيحانيّة وتأليه الأنثى، مع الخوارق والرّؤى الإعجازيّة والسّتيگماتا والتجلّيات النّورانيّة ولاهوت إغناطيوس دي لويولا.  ثم صار كلّ مذهب فيها يقوم بتأويل المسيح وناسوته ولاهوته وفق ما يراه ويريده، واتّبعوا القدّيسين كمصدر أساسي في التّشريع (بدأت البدعة برؤيا لبطرُس في تحليل كلّ مأكل)، حتى عاد المسيح غريباً عن بيئته السّاميّة الأولى.
مع إجلالنا المُتناهي للمسيح وتقديرنا البالغ لسيرته العطِرة، نقول: إن ما نقرأه عن بلاغه العقائدي بلسانه في إنجيل بارْنَبا الأمين هذا، يبدو لنا أقرب كثيراً إلى الأذهان بأن يكون مُعتقَد نبيّ نشأ بين بني إسرائيل لردّهم إلى جادّة الصّواب، دون أن يُنكرَ ما أنزلَه الله على موسى من شريعة في التّوراة (غير أنّه يُنكر الشّريعة الحاخاميّة الشِّفاهيّة، فهي ليست وَحياً مُنزَلاً).  أمّا من خلال الصّورة البولسيّة النّيقاويّة له فهو يبدو لنا نبيّاً يونانيّاً أوروبيّاً، ذا ثقافة هِلّينيّة وفلسفة تجريديّة حُلوليّة غريبة تماماً عن الشّرق وعن رسالات التّوحيد قلباً وقالباً.
فيجوز لنا القول: المسيح (عليه السلام) كان نبيّ النّصرانيّة، وبولُس كان عَرّاب الدّيانة المسيحيّة.  ولكن ليتَ شِعري، هل كان ثمّة علاقة بين الدّيانتين؟  على الإطلاق!  علينا البحث عن الفارق في »الإبيونيّة«، وفي »إنجيل بارْنَبا«!
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
ما هو مذهب الإبيونيّة؟    كن أول من يقيّم
 
فما هي الإبيونيّة أولاً؟
الإبيونيّة (بالعبريّة: אביונים إبيونيم: المَساكين أو الفُقراء) فئة من اليهود المُتنصّرين تتبع كنيسة أورشليم التّوحيديّة الأولى، التحقوا بالمسيح ورأوا فيه نبيّاً عظيماً من الأنبياء، لا يعترفون بألوهيّته ولا ببُنوّته لله، بل يقولون بأنّه: »رجلٌ كسائر الرّجال جاءه الوحي بعد مَعموديّته على يد يوحنّا المَعمدان.  تقوم رسالته على التّعليم والتّبشير، دون الفِداء والخَلاص«. 
دُستورهم الأوّل هو موعظة الجبل للمسيح (عليه السلام)، كما ينبغي ملاحظة كلمة مُهمّة جداً له (إنجيل مَتّى - 5: 3): »طُوْبَى للمساكين بالرّوح، لأنّ لهم مَلَكوت السَّموات«، فهذه كانت مصدر التّسمية (إبيونيم).  وسؤال الشّاب الغنيّ له عن طريق الصّلاح، فأجابه (متّى - 19: 16): »إن أردتَ أن تكونَ كاملاً، فاذهَبْ وبِعْ أملاككَ وأعطِ الفُقراء، فيكونُ لكَ كنزٌ في السَّماء، وتعال اتبَعْني«. 
والإبيونيّون يقبلون إنجيل متّى وحده (نعني القديم لا الحالي المتداول)، وهو »إنجيل مَتّى الآرامي«، ويسمّونه: »الإنجيل حسب العبرانيّين«.  وكنّا قدّمنا فيه القول، وأنّه للأسف مفقود (لأنّه عُدّ في نيقية أپوكريفيّاً مَنحولاً مُحرّماً).  لكن لنا حوله شهادة نرويها لاحقاً، إذ رأيناه بأمّ العين!
وكانت وثيقة الدّخول في هذا المذهب النّصراني التّخلّي عن أملاك الدّنيا ومَتاعها بالكلّيّة، وإعطاء ذلك للفقراء، كما يرد مراراً في أعمال الرُّسُل (غداة رفع المسيح)، وهو الأمر الذي فعله بارْنَبا (كما ذكرنا آنفاً بشهادة لوقا في أعمال الرُّسُل).  ولذلك نجزم دون أدنى ريب أنّه كان مُنتمياً لهذه الفئة، ولا ننسى هنا أنّه كان مُقيماً بالقُدس منذ عام 29 أو 30 م، وأدرك أواخر أيام المسيح (كما تُثبت الموسوعة الكاثوليكيّة بالحرف الواحد)، وبقي بالقُدس حتى عام 42 م، وكان له بها أقارب (مريم أمّ يوحنّا).  ثم توجّه إلى أنطاكية للدّعوة.
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
حيثيّات حول كتابة بارنبا لإنجيله    كن أول من يقيّم
 
المهمّ الآن:  متى دوّن بارْنَبا إنجيله، ولماذا؟
إثر مَجمَع أورشليم (عُقد حوالي 50 م)، وحادثة نِزاعه الشّديد مع بولُس وفراقهما، وقُدوم إخوان يعقوب البارّ (من كنيسة أورشليم) إلى أنطاكية وانحياز بارْنَبا لهم.  نقدّر ذلك بمطلع خمسينيّات القرن الأول بحدود 52-53 م.
واضحٌ أن حضوره لهذا المجمع ثم مجيء صَحب يعقوب إلى أنطاكية جعلاه يتمسّك بمذهبه الإبيوني وبانتمائه اللّيوي الكهنوتي، وبتعاليم »المتنصّرين اليهود« المناوئين لبولُس وللهلّينيّة والمتمسّكين بمبادئ شريعة موسى.  وهذا ما يشهد عليه كلام بولُس في رسالته إلى أهل غَلاطية بكلّ وضوح، ونظنّ أنّ رسالته هذه كانت إعلاناً لعداء ناجز بينه وبين بارْنَبا، وحتى مع إخوة يَسوع الذين ينعتهم بولُس بكل تهكّم بـ »أهل الخِتان« وبالـ »تهويديّين«، فيما اشتقّ لأتباعه تسمية »المَسيحيّين« للمرّة الأولى في أنطاكية بأواخر الأربعينيّات.
فما هي اللغة التي كتب بها بارْنَبا إنجيله؟  وأين؟
اليونانيّة طبعاً، فبارْنَبا كان يهودياً هلّينيّاً من قبرُص، وتتردّد مراراً في أعمال الرُّسُل عبارة »الإلّينيّين« بإشارة إلى أمثال بارْنَبا من اليهود المولودين في مُدُن ناطقة باليونانيّة والحاملين لثقافتها.  وكان موئل هذه الثقافة الهجينة اليهوديّة - الهلّينيّة مدينة الإسكندريّة في القرن الأوّل قبل الميلاد.  وبولُس نفسه كان أيضاً من أبناء هذه الهويّة الثقافيّة، لكنه بالَغَ بها كثيراً إلى حدّ الخروج التامّ عن عقيدة التّوحيد، التي ميّزت المشرق عن عالم اليونان والرّومان الوثني.
أمّا مكان التّدوين فنرجّح أنه في قبرص، حسب إشارة لوقا بأعمال الرُّسُل أنّ بارْنَبا ويوحنّا مَرقُس أبحرا إليها.  وفي إنجيل بارْنَبا تتضح معالم أوروپية، راح المُنكرون يُفسّرونها على أنها دليلٌ لتزييف، وهذا الجواب أمامهم.
لقائل أن يقول: أوردتم ذكراً مُبكراً لإنجيل أپوكريفي لبارْنَبا، والمُفترض أن يكون حُكماً مكتوباً باليونانيّة (لغة الكتابة والمدنيّة بذلك العصر)، ولكن أثمّة أدلّة مادّيّة على أنّ مخطوطي ڤيينا وسيدني لهما أصل يوناني؟ 
نقول: حتماً، لاحظ هذه المُفردات اليونانيّة السّبعة التي تنتشر في النصّ: »سينوفيجيا، سْكيتي، تِترا جراماتون، دراخما، سيريا، أناثيما، أباريماثيا«.  فهذه المُفردات عَدَدناها بمثابة الدّلائل العينيّة على أنّ الأصل القديم لإنجيل بارْنَبا هو مخطوط يوناني، تمّت ترجمته مراراً حتى وصل إلينا.
السّائل: هذه ثغرة!  فتريدُ القول أنّ ثمّة انقطاعاً بين الأصل اليوناني الذي زعمتَ والمخطوطين الحاضرين بالإيطاليّة والإسپانيّة؟!
نقول: أبداً، لا ثغرة ولا انقطاع.  فمن الواضح تماماً، من خلال مسألة ضبط الإلماعات التّوراتيّة على الڤولگاتِه اللاتينيّة، أنّ طوراً ثانياً قد مرّ به الكتاب بالتّرجمة من اليونانيّة إلى اللاتينيّة.  لماذا؟  يعلم كل باحث في نشر النّصوص أنّه عند ترجمة نصّ قديم إلى لغة أخرى، ينقل المترجم المعنى بعبارات مُوازية تعبّر عنه.  ولكن إذا اعترضه مقطعٌ ذو بُنية نَصّيّة مُثبتة بمَتنٍ حرفيّ توقيفي، لا يبقى أمامه أيّ مجال للتكيُّف، بل يُترجِم ضمن قالب نمطي معياريّ مُعتمَد.
لهذا، لمّا قام مُترجم إنجيل بارْنَبا بترجمته من اليونانيّة إلى الإيطاليّة، كيف ينقل إلى الإيطاليّة (لاتينيّة عاميّة) إلماعات التّوراة؟  عليه اعتماد التّرجمة الرّسمية: الڤولگاتِه التي وضعها إيرونيموس بأواخر القرن الرّابع بأمر البابا داماسوس الأوّل (366-384 م) وأمست في مَجمع ترينتو 1546 م الصّيغة الرّسميّة الوحيدة للإنجيل في كنيسة روما، ونقّحها سِكستوس Sistine Vulgate (1590 م).
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
قرائن جديدة وبناء نظريتنا.. وهوية مارينو المفترضة    كن أول من يقيّم
 
السّائل: وما قضيّة التّشابُه مع مقاطع الكوميديا الإلهيّة لدانتِه؟
سؤال هام، وعليه عَوَّلوا لهدم مصداقيّة إنجيل بارْنَبا.  عالجنا هذه القضيّة بالتّفصيل في المتن (الفصل 34، 135)، ونوجز: المُنكرون لم يتسنَّ لهم الاطّلاع على المصادر الپاليوغرافيّة السّابقة لدانتِه آليگييري: هَجَداه المِدراش »رَبّا وتنخوما« »رؤيا سِدرَك« (شدرَخ שדרך»أپوكاليپس بطرُس«.  ولا مَلامة على جهلهم، فالأوّلان بالعبريّة والثالث باللاتينية والرّابع بالأمهريّة الحبشيّة.  وفي العهد الجديد »رؤيا يوحنّا اللاهوتي« توازٍ كبير مع رواية بارْنَبا بوصفه الجنّة والنّار.
السّائل: مهلاً، إذاً ما النّسخة التي نالها مارينو، ومَن هو أصلاً؟
هنا أشدّ النّقاط إثارةً، وما نراه (بالاستقراء المُستند إلى قرائن) أنّ  النّسخة التي أخذها الرّاهب مارينو من مكتبة البابا سِكستوس الخامس (قُبيل عام 1590 م) كانت غالباً باللغة اللاتينيّة، مُترجمة عن اليونانيّة.  فهذا ما يقتضيه المنطق: أيّ مصدر ديني في المكتبة الرّسوليّة  Biblioteca Apostolica  بروما، لا بُدّ أن يُترجم إلى اللاتينيّة لغة الڤاتيكان.  ثمّ نرى أنّ مارينو نفسه ترجمها إلى الإيطاليّة، وهي اللهجة العاميّة الشعبية للاتينيّة، التي يفهمها جميع النّاس.
إذاً تقول إنّ نسخة ڤيينا الإيطاليّة هي بخطّ يد مارينو؟
على الإطلاق!  ففيها من القرائن (كنقص العناوين وترك الأوراق البيض) ما يدلّ على أنّها مجرّد نُسخة.  وأيضاً نجزُم بغير أدنى شكّ أن المخطوطة الإسپانيّة القديمة التي ترجمها مُصطفى دي أراندا (ووصفها سَيل) لم تكن مُترجمةً أبداً عن مخطوطة ڤيينا.  بل نعتقد جازمين (من تفحُّص الأصلين) أنّهما كليهما منقولان عن نسخة أُمّ - نظنّها بخط مارينو - والله تعالى أعلم بمصيرها. 
لنا على ما نقول دليلان: الأول: أنّ مخطوطة مُصطفى بها خمسة فوارق نصّيّة على الأقل، وهي جذريّة.  الثاني: أنّ نسخة ڤيينا لا يمكن أن تكون الأصل الذي  نقل عنه مُصطفى بإستانبول، فنُسخةٌ بهذه الأهميّة في أيّام أوج قوّة سلاطين بني عُثمان، كيف تنتقل إلى هولاندة؟!  لا ريب أنّها مجرّد نسخة من عدد لا ندريه من النُّسخ أُخذت عن أصل مارينو، فلم يصلنا إلا اثنان.
على ذلك، نقدّر عصرالمخطوطتين مطلع القرن السّابع عشر (ونسخة فيشر من الثامن عشر).  أمّا الحواشي العربيّة في هوامش نسخة ڤيينا فنجزُم أنّها لا تتّصل بمارينو أبداً.  صحيح أنّه عندما دخل في دين الإسلام لا بُدَّ أنّه تعلّم القُرآن والعربيّة ولكن أيُجيد كتابتها فوراً؟  لا يمكن!  فصّلنا في الحواشي أن كاتبها لا بُدّ أن يكون ناسخاً بُندُقيّاً (مُسلماً) من أهالي ضاحية پيرا وغَلَطة Pera-Galata بإستانبول، وهذا يُفسِّر اللّكنة التّوسكانيّة والبُندقيّة، والرّكاكة في العربيّة والتُّركيّة.
أمّا أن يكون النّاسخ رجلَ دين تُركي فهو مُحال كما أثبتنا في غير موضع.  كذلك لا يصحّ كون الكاتب مُسلماً، فثمّة مقاطع تتعارض مع العقيدة الإسلاميّة (السّجود ليَسوع، حِلّ الخمر، الزّوجة الواحدة)، كما تُناقض القرآن الكريم: ولادة العذراء بغير ألم، لا ذكر لتكلّم يَسوع في المَهد.
ولكن، مَن هو مارينو؟  هذا مفتاح كبيرٌ للّغز..  نرجّح بأن يكون الرّاهب المُستشرق »ماركو ماريني« Marco Marini (1542-1594 م) أحد المُقرّبين من البابا ذاته (فِليتشِه پيريتّي Felice Peretti)، والعالِم بتاريخ الكنيسة المُبكر.
*  *  *
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
خاتمة وخلاصة    كن أول من يقيّم
 
يقول السّائل: هذا العرض الذي قدّمتَه معقولٌ وفيه العديد من نُقاط الجدل القويّة، ولكنّني لم أكتفِ بعدُ حول أصالة هذا الإنجيل وقِدَمه.
نقول: لنفترض جَدَلاً أنّ إنجيل بارْنَبا - كما زعموا - نِتاجٌ مُزوَّر يعود إلى القرن الرّابع عشر أو السّادس عشر، فهل يتأتّى لأحدٍ آنذاك مهما أوتي من العلم وسِعة المعارف، أن يُجيد اليونانيّة والعبريّة والآراميّة والعربيّة واللاتينيّة والإيطاليّة، وأن يُحيط بعلوم القرن الميلادي الأول وحيثيّاته الزّمانيّة والمكانيّة كلّها، مع التّوراة والمِدراش والأناجيل والقرآن أيضاً؟  ثم يأتي بتفاصيل حَيثيّة مُحكمة وفريدة (مثل: تيروس، سالومة، رحلة يَسوع من الجبال إلى النّاصرة)؟!  
ثمّ في خُطب يَسوع التي تحمل أصداءً من جَدليّة الأدب اللاّهوتي السّائد في عصر »التّنائيم« بأواخر القرن الأوّل ق.م، وذِهنيّتها الثّيولوجيّة والمعرفيّة، هل تمتلك أيّة جماعة ثقافيّة في القرن السّادس عشر آليّات نقلها بحذافيرها عبر 15 قرناً من أرض فلسطين إلى القارّة الأوروبيّة، بكلّ ذلك التقارُض اللّغوي البَيِّن والصِّلة المُترابطة والتّعابير الاصطلاحيّة الانتقائيّة المحدّدة؟!  أيمكن حقاً لأحد في أوروبا أن يتمثّل تلك النّكهة البَلاغيّة والحسّ البياني والذّائقة اللّغويّة السّاميّة من عهد المسيح، فيُضارعها بنصٍّ مَنحول لا يقلّ عنها، إن لم يفُقها؟!
*  *  *
ختاماً أخي القارئ: بحمد الله تعالى، نضع بين يديك اليوم »إنجيل بارْنَبا«، وثيقةً ثمينة وقيّمة للغاية، تبيّن لنا الوجه الحقيقي لأزَليّة التّوحيد وتِلقائيّته على مَرّ الرّسالات السّماوية الثلاث، وتبيّن لنا أوجه التّحريف والتّغريب الذي تعرّضت له الدّيانتان السّالفتان (اليهوديّة في التّلمود، والمسيحيّة في هلّينيّة بولُس وأروقة نيقية)، فنجزُم بكل ثقة: {إنَّ الدّينَ عِندَ اللهِ الإسلام}، ونُقيّم تراثنا السّماوي بمقاييس إيمانيّة وعقائديّة وعرفانيّة متكاملة الأبعاد متوازنة الرّؤى، فنقول:
هو اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، جَلّ وتعالى عن كلّ نِدٍّ وشَريكٍ وشَبيه.  وأتمُّ الصّلاة والتّسليم على أنبياء الله أجمعين، وفي مقدّمتهم كَليمُ الله موسى، وروحُ الله وكلمتُه المسيح، وخاتمُ الأنبياء وسيّدُ البَشر مُحمّد.
{وآخرُ دَعواهُم أن الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين}.
*  *  *
*أحمد
5 - نوفمبر - 2007
دراسة قيّـمة.    كن أول من يقيّم
 
متابعون مع حضرتك، وبكل اِهتمام.
أرجو المتابعة....
ما شاء الله دراسة قيّـمة وعميقة.
باِنتظار المزيد.
wafa
5 - نوفمبر - 2007
ذكرى برنابا وأحمد    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
كـتـابٌ لـلـخلود به مثولُ وأوراقٌ  بـأسـطرها iiخيولُ
ولـيـس  أداء محترف قدير فـحسبُ  وإنما الهدف iiالنبيل
وصرح من صروح العلم سام تـجـسـد فيه تاريخٌ iiطويل
وأمضى  ما رأى وجها iiلوجه بـأحـمد إيبش القلم iiالأصيل
بـحوث  هنّ من ذهبٍ غديرٌ يـصـفق فيه برنابا iiالرسول
وأحـسب كان جدك من iiقديم فـشـاء  الله فـي يده iiتؤول
تـهـنئه  الملائكُ في iiعلاها بـسفرك  ما كتبت وما iiتقول
ومـا تخلو السماء يكون iiفيها بـطـارقـة  وأحبار iiعدول
شـهود  ما نظرت إلى iiشهود بـصـائرهم بكتب الله iiحول
وقـيـمة  ما كتب أجل iiقدرا وأرفـع أن يـقـيمها iiجهول
*زهير
6 - نوفمبر - 2007
البخور والذهب والمر    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
 
كل التحية لك والسلام أستاذ احمد : كنت بالأمس أقرأ ما تكتبه بكل الدهشة التي عادة ما تعتريني أمام ما هو جميل وجميل ، وكانت الفقرات تتساقط بين يدي بسخاء فأتلقفها بسعادة توازي تلك الدهشة ، لأنني كنت أقرأ في نفس الوقت الذي كنت ترسل فيه فقرات موضوعك ، ثم أسارع لتلقي فقرة أخرى ، مرة بعد مرة ، حتى تملكني شعور بأنني أشهد ولادة حدث عظيم ، ثم لما بحثت عن البخور والذهب والمر ولم اجدها عندي ، وقعت عليها في هذه الأبيات :  
 
كـتـابٌ لـلـخلود به مثولُ وأوراقٌ  بـأسـطرها iiخيولُ
ولـيـس  أداء محترف قدير فـحسبُ  وإنما الهدف iiالنبيل
وصرح من صروح العلم سام تـجـسـد فيه تاريخٌ iiطويل
وأمضى  ما رأى وجها iiلوجه بـأحـمد إيبش القلم iiالأصيل
بـحوث  هنّ من ذهبٍ غديرٌ يـصـفق فيه برنابا iiالرسول
وأحـسب كان جدك من iiقديم فـشـاء  الله فـي يده iiتؤول
تـهـنئه  الملائكُ في iiعلاها بـسفرك  ما كتبت وما iiتقول
ومـا تخلو السماء يكون iiفيها بـطـارقـة  وأحبار iiعدول
شـهود  ما نظرت إلى iiشهود بـصـائرهم بكتب الله iiحول
وقـيـمة  ما كتب أجل iiقدرا وأرفـع أن يـقـيمها iiجهول
 
وقلت بأنني سأكتفي  بما قاله الأستاذ زهير وكيف أزيد ؟
 
أما إسكلة بيروت فهو تعبير جديد على مسمعي لأننا تعودنا في طرابلس أن نطلق اسم الإسكلة على بلدة الميناء ، ولم أك أعرف بأن اللفظة إيطالية ، وقبلها يونانية ، وان عسقلان في فلسطين يجب أن تكون بالأساس : إسكلة . وهل أصلها أكادي ؟
 
يقول جاك جومية : jacques Jomier  في مقالة منشورة له على الأنترنت وكانت قد نشرت في صحيفة : Esprit & Vie, 109e année. n° 22, 18 novembre 1999 بأن المخطوط الأصلي الذي كتب بالإسبانية لأول مرة ، قد نوه عنه في مخطوط أخر موجود في مكتبة مدريد الوطنية تحت الرقم : (ms9653, f° 178) . ودون ان يذكر اسم هذا المخطوط أو طبيعته ، فهل أنت على علم به ؟ وهذه المقالة التي اتحدث عنها أجدها بالغة الأهمية لأنها تمثل وجهة النظر الرسمية للكنيسة الكاثوليكية الفرنسية وقد لاحظت بأن كل المقالات الأخرى التي كتبت بالعربية تعتمد عليها . فما رأيك ؟
 
*ضياء
6 - نوفمبر - 2007
 3  4  5  6  7