الأناجيل المنحولة، الكنيسة التوحيديّة اليوم، اليهوديّة القرّائيّة كن أول من يقيّم
الأناجيل المنحولة يُطلَق هذا الاسم (الأناجيل المَنحولة) على ما يُعرف كُنَسياً باللغة اليونانيّة بعبارة: أپوكريفا Apokruja (مُفردها أپوكريفون)، والتي تعني: السرّيّة أو الخفيّة. والواقع أن الكتابات المَنحولة تتجاوز الأناجيل إلى التّصانيف التالية: أناجيل - أعمال - رسائل - رؤى. تعود هذه المَنحولات في مُعظمها إلى القُرون المسيحيّة الأولى، وهي مكتوبة باللغات التي اصطُلح عليها بعبارة (اللغات البيبليّة): كالعبريّة واليونانيّة والآراميّة والحَبَشيّة والقِبطيّة واللاتينيّة والعربيّة. وهي في مُعظمها نِتاجٌ لشِيَع يهوديّة مُتنصِّرة مختلفة، منها ما يتوافق مع العقيدة المسيحيّة النّيقاويّة ومنها ما لا يتوافق معها أبداً. وسنرى أكبر مثالين على ذلك: »إنجيل بارْنَبا« و»إنجيل مَتّى الآرامي« (أو: الإنجيل حسب العبرانيّين)، ولو أنّ جميع الكنائس تعدّ الأوّل عملاً مزيّفاً متأخّراً لا علاقة له لا بالرّسمي ولا المَنحول (وكلاهما مذكور في قائمة الـ 60 كتاباً). لكن حَسبُنا الإشارة إلى مثال آخر من الأناجيل المَنحولة (من مجموعة نَجع حْمادي بصعيد مصر التي عُثر عليها عام 1945)، فأحدها يروي على لسان يَسوع أنّه كان »ينظر إليهم من السّماء يصلبون شخصاً آخر، ويهزأ من جهلهم«. فهذا يدلّ على أنّنا أمام مجموعة من النّصوص التي تُناقض عقيدة نيقية وواقعة الصَّلب وتأليه المَسيح، وليس »إنجيل بارْنَبا« بالتالي الوحيد في ذلك. أمّا أشهر الأناجيل المَنحولة فيمكن تقسيمها بحسب موضوعاتها: أناجيل طفولة، أناجيل آلام، أناجيل غنوصيّة، نُبذات أناجيل. والغنوصيّة حركة دينيّة فلسفيّة تقول بأنّ الخلاص يعتمد على المعرفة الكاملة والسّرّيّة لله، وهي حُكرٌ فقط للعارفين، الذين عليهم أن يتجرّدوا من الجسد والمادّة لكي ينصرفوا كليّاً إلى المعرفة والتأمُّل والهذيذ الرّوحي. وأشهرها اليوم »إنجيل مريَم المَجدليّة«. - روايات عن ميلاد يَسوع وطفولته وموته: إنجيل يعقوب، إنجيل الطفولة لمتّى، إنجيل نيقوديموس. - أخبار عن اضطهاد الرُّسُل واستشهادهم: أناجيل بطرُس وبولُس وتوما (إنجيل الحقيقة) وأندراوس وفيلِبّوس ومتّى وإنجيل الحقّ. ومن أهمّها: »إنجيل يَهوداه« الذي تم نشره للمرة الأولى في العام الماضي 2006 بواسطة National Geographic Society والذي يقدّم رواية مناقضة تماماً حول حقيقة يَهوداه Judas (يوضاس، أو يهوذا الإسخريوطي) وحول أن الصلب وقع عليه وليس على المسيح! * * * الكنيسة التوحيديّة اليوم التّوحيديّة Unitarianism في المُصطلح المسيحي: هي العقيدة القائلة بوجود طبيعة واحدة لله، على نقيض عقيدة التّثليث (ثلاثة أقانيم في شخص واحد). وهي الفلسفة التي قامت عليها الحركة التّوحيديّة المسيحيّة المُعاصرة، ويرى أتباعها أنّها هي الشكل الأصلي للمسيحيّة (بالضبط كما أرّخنا في مقدّمتنا هذه). ويؤمن المسيحيّون التّوحيديّون بتعاليم يَسوع النّاصري الواردة في العهد الجديد وبعض الكتابات المَسيحيّة الباكرة، ويعدّونه بمثابة المثال المُتّبَع. ومن خلال تمسّكهم بعقيدة توحيديّة صارمة، يعدّون أن يَسوع كان نبيّاً لله ورجلاً عظيماً، وقد يكون ذا مزايا غير اعتياديّة، إلا أنّه ليس إلهاً أبداً. ويؤمن التّوحيديّون بسُلطة أدبيّة له لا تمسّ الألوهيّة أبداً. وهم يتميّزون عن الكاثوليك والپروتِستانت والأرثوذوكس وباقي فروع المسيحيّة بإيمانهم بعقيدة تقوم على اتّباع »ديانة يَسوع«، وليس »ديانة حول يَسوع«، وهم لذلك لا يُصلّون له بل لله كما علّم هو ذاته. والكنيسة التّوحيديّة مُنتشرة في كثير من بُلدان العالم، إنما لا ندري بأيّ فرع لها في عالمنا العربي، ويؤسفنا انعدام التّواصل معها. * * * اليهوديّة القَرّائيّة القَرّائيّة הקראית »هَقرائيت« حركة يهوديّة أسّسها داود بن عَنان في العراق بالقرن الثامن الميلادي، مفهومها المحوري رفض »الشريعة الشّفاهيّة«، المتمثّلة في التّلمود، في مقابل الالتزام الصّارم بالشّريعة النّصّيّة المكتوبة (تَناخ = أسفار توراه ونبيئيم وكتوبيم). وهذا بخلاف مفهوم اليهوديّة الرّبّانيّة (أو المعياريّة التّلموديّة) Normative Judaism القائلة بأن »الشريعة الشّفاهيّة« تمّ إنزالها على مُوسى النّبي في جبل سيناء إلى جانب »الشّريعة المكتوبة«، وأنها لا تقلّ عنها قُدسيّةً أو أهميّةً في التّشريع. وتاريخ الحركة القَرّائيّة يبيّن أنها كانت ذات طابع ثوري متحرّر، وفيها أصداء من حركة المعتزلة الإسلاميّة وفلسفتها الكلاميّة، وأوّل ما رفضت النَّزعة الحُلوليّة التي غلبت على اليهوديّة الحاخاميّة من بقايا الصَّادوقيين. ومنذ قيامها أعلن أصحابها إيمانهم بنبوّة عيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وسلم)! ويُعتقد أن يهود الخَـزَر اعتنقوا يهوديّة قَرّائية، وكان كثير من قرّائي روسيا وپولونيا يروون أن لغتهم هي التُّركيّة. |