البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : مغامرة بطوليّة من تاريخنا - قصّة المملوك الصارم أوزبك    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد 
30 - أكتوبر - 2007
مغامرة المملوك صارم
 
الدين
 
أوزبك الأشرفي
 
ورحلته من حلب إلى الموصل فالشام
في عام 658 هـ / 1260 م
 
كنت في كتاب لي بعنوان: »دمشق في عصر سلاطين المماليك« صدر عام 2005 نشرت نصّاً على غاية من النّدرة، يمثل وثيقة فريدة لشاهد عيان أدرك حصار التّتار لمدينة حلب، وتوجّه في جولة استطلاعية إلى دمشق، فقام بدور هام للغاية على صعيد الاستخبارات والعمليات، أسهم أكبر الإسهام في انتصار جيش المماليك على التّتار وسحقهم بالكامل في معركة عين جالوت عام 658 هـ.  الغريب في الأمر أن بطل هذه الرّواية لم يكن من كبار القادة الحربيين، أو حتى من الأعيان، بل كان مجرّد »مملوك« بسيط سَمَت همّته إلى همم الملوك، فترك في تاريخنا بصمة كبيرة، نأسف أنها لم تُدرك نصيباً من الشّهرة، حتى أن نشرتنا لها كانت الأولى من نوعها في نصّ مطبوع بالعربية!
غزا التَّتر الشام، فاحتلّوا دمشق 3 مرّات في عصر المماليك: الأولى سنة 658 هـ بقيادة هولاكو شقيق خان التَّتر الأكبر وحفيد جنكيز خان، والثانية سنة 699 هـ بقيادة غازان ابن أخيه، والثالثة سنة 803 هـ بقيادة تيمورلَنك.  والنص الذي ننشره الآن يتعلّق بالغزوة الأولى منها.
*  *  *
في نهاية عام 657 هـ، بعد أن قضى هولاكو على الخلافة العبّاسيّة في بغداد، زحف باتجاه الجزيرة ثم بلاد الشام وأحكم الحصار حول حلب - المدينة الأولى التي صادفها في طريقه - وكانت تلك بداية المحاولة الهادفة إلى غزو مصر، وبالتالي إحكام سيطرة التَّتر على المشرق الإسلامي.  كان من جرّاء هذا الزّحف المدمّر أن تقطّعت أوصال دولة بني أيّوب التي أسّسها عام 569 هـ السّلطان النّاصر صلاح الدّين، ولم يجد سلطان دمشق الملك النّاصر يوسف الثاني بُدّاً من الفرار ومعه أهله وحاشيته صوب ساحل فلسطين، آملاً الالتجاء إلى حكّام مصر من بني أيوب.  غير أن مقاليد مصر كانت قد انتقلت للتوّ آنذاك إلى أمراء المماليك، فأسّسوا فيها سلطنتهم الجديدة باسم: دولة مُلوك التُّرك البحرية.
ما لبثت حلب أن سقطت بيد التَّتر في 9 صفر سنة 658 هـ (كانون الثاني 1260 م)، فبذلوا السّيف في أهلها من نهار الأحد إلى الجمعة رابع عشر صَفَر.  ثم أمر هولاكو برفع السّيف، ونُودي بالأمان، ولم يسلم من أهل المدينة إلا من التجأ إلى دار عَلَم الدّين بن قَيْصَر الموصلي، ودار شهاب الدّين بن عمرون، ودار نجم الدّين أخي مردكين، ودار البازيار، والخانقاه التي فيها زين الدّين الصُّوفي، وكنيسة اليهود. وذلك لفرمانات كانت بأيديهم من قبل التّتر، فسلم من القتل ما يبلغ خمسين ألفاً.
وبلغ الملك النّاصر بدمشق أخذ مدينة حلب، فانزعج وداخَلَه الرُّعب، ورحل من دمشق بمن بقي معه من العسكر إلى جهة الدّيار المصريّة، وبعد رحلة قصيرة تمكّن التَّتر من القبض عليه وعلى أخيه الملك الظاهر غازي، قبل أن يدخلا أرض مصر، فوجّهوا بهما إلى هولاكو، فأمر بضرب عنقيهما على الفور.
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
دخول المظفر قطز دمشق عقب كسر التتار    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
ثم وصل الملك المُظفّر قُطُز إلى دمشق مؤيَّداً منصوراً، فانجبرت بذلك قلوب الرّعايا وتضاعف شُكرهم لله تعالى.  والتقاه أهل دمشق، وفي هذا المعنى يقول بعض شُعراء دمشق:
هَـلَكَ  الكُفرُ في الشآم iiجميعاً واستجدّ  الإسلامُ بعد iiدحوضه
بـالـمليك المُظفَّر الملك iiالأرْ وعِ سيفِ الإسلامِ عند نُهوضِه
مَـلِـكٌ  جـاءنا بعَزمٍ iiوحَزمٍ فـاعـتزَزنا  بسُمره iiوببِيْضِه
أوجَـبَ الله شُـكرَ ذاكَ iiعلينا دائـماً  مثل واجباتِ iiفُروضِه
وفي نُصرة الملك المُظفّر هذا يقول الشيخ شهاب الدّين أبو شامة([1]):
غلبَ التتارُ على البلادِ فجاءَهم مـن مصرَ تركيٌّ يجودُ iiبنفسه
بـالـشام  أهلكهم وبدّدَ iiشملَهم ولـكـلّ  شيء آفةٌ من iiجنسِه
 
ثم قَدِم الخبر على السّلطان بدمشق في شوّال بأن المنهزمين من رجال التَّتار ونسائهم لحقهم الطّلب من الأمير رُكن الدّين بَيْبَرس البُنْدُقْداري، فإن بَيْبَرس كان تقدّم قبل السّلطان إلى دمشق يتتبّع آثار التَّتار إلى قُرب حلب، فلمّا قَرُب منهم بَيْبَرس سيّبوا ما كان في أيديهم من أسارى المسلمين، ورموا أولادهم فتخطّفهم النّاس، وقاسوا من البلاء ما يستحقّونه.
وكان الملك المظفّر قُطُز قد وعد الأمير بَيْبَرس بحلب وأعمالها، فلمّا انتصر على التَّتار انثنى عزمه عن إعطائه حلب، وولاّها لعلاء الدّين ]علي ابن بدر الدّين لؤلؤ[ صاحب الموصل، فكان ذلك سبب الوحشة بين بَيْبَرس وبين الملك المُظفّر قُطُز، على ما يأتي ذكره.
ولمّا قدم الملك المظفّر إلى دمشق أحسن إلى النّاس وأجراهم على عوائدهم وقواعدهم إلى آخر أيام الملك النّاصر صلاح الدّين يوسف.  وسَيَّر الملكُ الأشرف صاحب حِمص([1]) يطلب منه أماناً على نفسه وبلاده، وكان الأشرف أيضاً ممّن انضاف إلى التَّتار، فأمّنه وأعطاه بلاده وأقرّه عليها.  فحضر الأشرف إلى خدمة الملك المُظفّر، ثم عاد إلى بلده.  ثم توجّه الملك المظفّر صاحب حَماة إلى حماة على ما كان عليه، وكان حضر مع الملك المظفّر قُطُز من مصر.
قلتُ: والملك المظفّر قُطُز هو أوّل من ملك البلاد الشاميّة واستناب بها من مُلوك التُّرك([2]).
ثم إن الملك المُظفّر رتّب أمور الشام واستناب بدمشق الأمير عَلَم الدّين سنجر الحلبي الكبير.  ثم خرج الملك من دمشق عائداً إلى مصر([3]).
 
(النجوم الزاهرة، 7: 74-83)
 
*  *  *


([1]) هذا هو بعينه أستاذ المملوك الأشرفي الصّارم أزبك، الذي تقدّم ذكره أعلاه ولقاؤه بخان التتار هولاگو.  وفيما يرد هنا مصداقيّة لما رواه أزبك.  وفي تاريخ العيني الضخم »عَقد الجُمان في تاريخ أهل الزّمان« (1: 239) نقل حرفي عن رواية الصّارم في مثول الأشرف بين يدي هولاگو، وفي مواضع أخرى (244) عن أخباره مع التَّتر، ثم يذكر العيني (268) كسرة التتار الكبرى على حمص في 15 محرّم 659 هـ، وبلاء الأشرف قائد جيش المسلمين فيها مع تفوّق عدد العدو بكثير، وجلاء التتار عن الشام بعدها نهائياً.
([2]) يذكر مؤرّخو العصور الوسيطة دولة المماليك البحرية بدولة ملوك الترك، على اعتبار أن أكثرهم كانوا من الترك.  وكانت لغة البلاط وطباق الفُرسان آنذاك هي التركية، حتى فيما بعد في دولة المماليك البُرجية الچراكسة.
([3]) يتابع ابن تَغري بَردي ذكر واقعة اغتيال الأمير بَيْپَرس البُندُقْداري للسّلطان المُظفّر قُطُز، قُبيل وصوله الصّالحيّة بمصر، وتولّيه السّلطنة في 17 ذي القعدة 658 هـ.


([1]) هو مؤرّخ دمشق عبد الرّحمن بن إسماعيل المقدسي، توفي سنة 665 هـ.  ذكر وفاة الملك الأشرف عام 662 هـ في ذيل الرّوضتين (ص 229): »وفي عاشر صَفَر، توفي بحِمص الملك الأشرف ابن المنصور ابن المُجاهد شيركوه بن ناصر الدّين محمد بن شيركوه ابن شادي، وهم مُلوك حمص وأعمالها كابراً عن كابر، رحمه الله.  وكان شاباً عفيفاً عمّا يقع فيه غيره من الشّراب، وله في كسرة التاتار الثانية على حمص أثرٌ جليل«.
 
*أحمد
30 - أكتوبر - 2007
نشرة د. عمر عبد السلام تدمري لتاريخ قرطاي    كن أول من يقيّم
 
أخيراً أقول:
في المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام، الذي أقامته الجامعة الأردنية وجامعة مؤتة بعمّان في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي 2006، التقيت بالباحث الكبير الدكتور عمر عبد السّلام تدمري، عين أعلام طرابلس الشام وصاحب المؤلفات والتحقيقات الغزيرة المفيدة.. فأفادني بأنه قام مؤخراً بتحقيق كتاب تاريخ الأمير قرطاي العزي الخزنداري، وتولت نشر الكتاب المكتبة العصريّة بصيدا.
ولكن بسبب سفري وبعدي عن الديار، لم يتح لي الاطلاع على نشرة الدكتور تدمري، غير أنني متى أتيح لي ذلك أعد بعرض ملخص عنها في هذا المجلس بالذات، إتماماً للفائدة.
وجزيل الشكر للسادة سراة الورّاق، مع وافر الامتنان للسيّدة الكريمة ضياء.
*أحمد
2 - نوفمبر - 2007
الجندي المجهول    كن أول من يقيّم
 
دكتور أحمد، استطعت في هذه المغامرة ان تأسرنا باسلوب القصة المقترن بالعرض التاريخي، دراسة بحثية مميزة ولا شك، ولا أخفيك دكتور، فقد وجدت احيانا صعوبة في فهم بعض المفردات، الا ان هذا لا يحسب على بحثك، بل يحسب عليّ، ويذكرني بضرورة توسيع قاموس مفرداتي اللغوية العربية. واظن ان لي عودة بعد قراءة أعمق للنص.
بوركت دكتور، وبوركت جهودك.
*khawla
20 - يوليو - 2008
 1  2