البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الجو التاريخي والجغرافي المكون للبابطين    كن أول من يقيّم
 صبري أبوحسين 
29 - أكتوبر - 2007
إن عبد العزيز البابطين" شاعر البوح، ولد وعاش بالكويت الشقيقة التى تنتمى ـ تاريخيا وجغرافيا ـ إلى شبه الجزيرة العربية "التى تتعدد أقاليمها لاتساع رقعتها، ففى الغرب إقليم الحجاز بمدنه وسلسلة جباله المسماة بالسراة.. مشرفة غربا على منطقة ساحلية رملية ضيقة هى تهامة... ومشرفة شرقا على هضبة نجد الفسيحة التى تظل تنحدر نحو الشرق... وتلتقى بصحراء النفود... وتستدير حول اليمامة منبطحة فى الربع الخالى، وهو صحراء مجدبة ... وما تلبث أن تتصل بصحراء الأحقاف التى تفصل بين اليمن وبين نجد والحجاز، وتستقل اليمن بالزاوية الجنوبية الغربية من الجزيرة، وتتوسط حضرموت ومعها ظفار بينها وبين عمان...، وكانت تشمل قديما طائفة من الإمارات القائمة الآن على الخليج... وشمالى هذه الإمارات البحرين، وكانت تشمل إمارة قطر الحالية، وإمارة الكويت الحديثة..." ([1]) وتصاقب هضبة نجد العروض: اليمامة والبحرين وما والاهما،والبحرين تمتد من البصرة إلى عمان ـ وهى المعروفة اليوم بالكويت والأحساء وجزر البحرين وقطر ـ وكانت تنزل بها قبيلة عبد القيس فى الجاهلية([2]) 0
والوصف المناخى لهذه البقعة يقرر أن بيئتها "شحيحة المياة، كثيرة الصحارى والجبال، فلم يشتغل أهلها بالزراعة لجدب الأرض. والإنسان وليد الإقليم الذى ينشأ فيه. وقد نشأ العرب على ما تقتضيه البلاد المجدبة من الارتزاق بالسائمة والرحيل فى طلب المرعى، فغلبت البداوة على الحضارة فيهم" ([3]) حيث "آكام مرملة قاحلة، وسراب وجبال صخرية ينمو فى شقوقها العوسج ونباتات أخرى قليلة، وترتوى على شح بندى الليل، ونادرا ما تجد نهيرا يجرى هنا أو هناك... ثم الأعاصير التى تثير زوابع الرمال، والشمس ترسل أشعتها حارقة ملتهبة، وأحيانا تتغير هذه الرتابة الحزينة عندما يدوى الرعد، ويهطل وابل انتظره الناس طويلا، أو عندما تلمع نجمة سهيل والثريا عمودية فى قبة سماء صافية زرقاء. منذ عصور التاريخ السحيقة أخذ البدو والرعاة الجوالون ينتقلون فى هذا الصحراء الفسيحة..." ([4]) 0
فى هذا الجو الصحراوى البدوى الذى تعيشه الكويت كانت حياة مواطنيها، منذ وجدت إلى الآن، فيها "سمات فريدة لتزاوج مجتمعى البحر والبادية ، فالحياة تسير هادئة، حركة التغيير فيها بطئية الإيقاع محدودة النطاق، وعالم الأسرة ينتظم داخلها حسب أصول التنظيم القبلى الشائع فى البادية ، حيث رب الأسرة هو الحاكم المطلق، صاحب الرأى النافذ، ... وهى من ناحية أخرى حياة يؤثر فيها اتصال أبناء هذا المجتمع بالبلدان المجاورة، حيث يعمل قسم كبير من الناس إما فى التجارة أو يركبون البحر للغوص والصيد والسفر"([5]) 0
وقد شهدت الكويت الحديثة جملة من الأحداث التاريخية المؤثرة فى صراعها مع الغاشمين من حكام العراق، إضافة إلى اكتشاف البترول بها الذى حولها إلى دولة ثقافية متحضرة، إذ إن "طبقات المعرفة والثقافة قد تراكمت فى الكويت مع تراكم الخبرات الإنسانية: طبقة من أيام الهجرات الأولى بحثا عن الاستقرار، وطبقة من ذكريات الغوص والرعى، وطبقة من استقدام الخبرات البشرية والتفاعل معها سعيا للتحديث"([6]).
وهذه الأبعاد الجغرافية والتاريخية والثقافية كان لها دورها الفاعل فى حركة الشعر الكويتى، إذ "يتصل تطور الحركة الأدبية عامة والشعرية خاصة، بتطور الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية فى مجالاتها المختلفة ، مع شرط وجود المواهب المؤهلة للبروز فى مثل هذه الظروف. والساحة الشعرية فى الكويت ليست استثناء من هذه القاعدة ، فقد بدأ الشعر الفصيح الظهور فى الكويت منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر، على نحو ما تشير إليه المصادر والآثار الشعرية التى وصلت إلينا حتى الآن"([7]) 0
وقد كان الواقع الأدبى فى تلك الفترة فقيرا، فتغير شيئاً فشيئاً منذ العقد الثانى من القرن العشرين، بسبب إنشاء المدارس النظامية والمكتبات الثقافية والأندية الأدبية ، وما إن أطلت الثلاثينيات حتى حملت معها خطوات نحو الوعى والتنوير، وظهرت مجموعة من الشعراء، كان أبرزهم صقر الشبيب وخالد الفرج ومحمود الأيوبى، وفى أواخر الثلاثينيات بدأ تيار جديد على يد الشاعر فهد العسكر، ثم نشط هذا التيار على يد الشاعرين أحمد العدوانى وعبد المحسن الرشيد فى الأربعينيات بسبب نشاط الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية حين تدفقت نعمة الرحمن من باطن هذه الأرض، وصدرت أول شحنة من النفط 1946م. وشهدت الخمسينيات ركودا نسبيا فى حركة الشعر بسبب المشكلات السياسية التى طرأت على الحياة فى الكويت ، والتى أدت إلى تعطيل الصحافة والأندية الثقافية، ثم كان عام الاستقلال 1961م بداية الانطلاق الحقيقى فى جميع مناحى الحياة ، انطلق الشعر، وبرزت أسماء جديدة مثل على السنبنى ومحمد الفايز والعدوانى ، الذين شكلوا رموزاً فى عقد الستينيات.
أما فى عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينات فقد حظيت الحركة الشعرية فيها مجموعة من الشعراء، أبرزهم خالد السريد، وخليفة الوقيان ، وعبد الله العتيبى ويعقوب السبيعى، وغيرهم ممن شكلوا تيارين شعريين كبيرين: التيار المحافظ، والتيار المجدد([8]) ومن المحافظين الأصلاء شاعرنا "عبد العزيز سعود البابطين"0


([1]) عصر الدول والإمارات د/ شوقى ضيف ج5 ص11، ط3 دار المعارف 1990م 0
([2]) الأدب العربى بين البادية والحضر ص18 0
([3]) تاريخ التمدن الإسلامى أ/ جرجى زيدان 3/11 ، طبع دار الهلال 0
([4]) الشعر العربى فى إسبانيا وصقلية تأليف فون شاك 1/15، ترجمة د/ الطاهر مكى، طبع دار الفكر العربى 1999م. 
([5]) الثقافة الكويتية أصداء وآفاق ، د/ سليمان العسكرى ص9، سلسلة كتاب العربى عدد 51، طبع 2003م.
([6]) الثقافة الكويتية ص5 0
([7]) الشعر العربى المعاصر، د/ سالم عباس خداده، دراسة منشورة فى معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين 6/381، ط1 1995م.
([8]) راجع السابق 6/381- 382، والشعر الكويتى الحديث لعواطف الصباح، طبع جامعة الكويت 1973م والشعر الحديث فى الكويت للأستاذ مشارى السجارى، وكالة المطبوعات بالكويت 1987م، والشعر والشعراء فى الكويت ، د/ محمد حسن عبد الله ، طبع ذات السلاسل بالكويت 1987م وغير ذلك من مصادر تاريخ الأدب الكويتى 0
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة