البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : الضــــاد و " لغة الضــــاد "    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 faruq 
23 - سبتمبر - 2007
في رحاب العربيــــــة
 
الضاد و  " لغة الضـــاد "
د . فاروق مواسي
 
 
لقد ظنوا قديمًا وكثيرًا أن حرف الضاد حرف خاص بالعربية ( 1) ، لا تشاركها فيه لغة أخرى . يقول  صاحب " القاموس المحيــط " إن " الضاد حرف هجاء للعرب خاصة ، ولا توجد في كلام العجم إلا في القليل " .
ونحن  اليوم نلفظ الضاد دالاً مفخمة ، وتشاركنا في هذا الصوت لغات أخرى ، فمن شك في ذلك فلينطق مثلاً : don't ) )
هناك طريقتان للفظ الضاد : قديمة ومعاصرة  .
وقد وصف سيبويهِ ( ت . 796 م )  اللفظ القديم فقال :
" أول حافــَة  اللسان وما يليه من الأضراس مخرج الضاد " – ( الكتاب ، ج2 ، ص 489 ) .
 وهذا الحرف كما نفهم أو نتخيل كان احتكاكيـــًا رخوًا ، بينما هو اليوم في لفظنا انفجاري شديد ومخرجه اللسان واللثة – إنه اليوم دال مفخمة .
ويعلل تمام حسان في كتابه " اللغة العربية -  معناها ومبناها  ذلك ، فيقول :
"الضاد الفصيحة كانت تُنطق بواسطة احتكاك هواء الزفير المجهور بجانب اللسان والأضراس المقابلة لهذا الجانب ، ومن ثم يكون صوت الضاد الفصيحة من بين أصوات الرخاوة مثله في ذلك مثل الثاء "(  ص 55 ).
 
وقد وصلت إلينا بعض المعلومات التي تشير إلى الطريقة في ذلك اللفظ ، فكان ثمة خلط بين الضاد والظاء ( شأن كثير من العراقيين والمغاربة في لهجاتهم اليوم ) ، ومن ذلك ما أورده الجاحظ ( 868ت .  م ) في ( البيان والتبيين ) – ج 2 ، ص 211 ، وأسوق ذلك على سبيل الطرفة :
 
" كان رجل بالبصرة له جارية تسمى ظمــياء ، فكان إذا دعاها قال : يا ضميـــاء ! ، فقال له ابن المقفع : " قل يا ظمياء ! " ، فناداها : " يا ضميـــاء ! " فلما غيّرعليه ابن المقفع مرتين أو ثلاثًا قال له :
" هي جاريتي أو جاريتك ?!!! " .
 
أعود إلى القول إن الضاد القديمة هي التي ميّزت أو تميزت في لغتنا ، وكان د . إبراهيم أنيس قد ذكر ذلك على سبيل التقدير : " ويظهر أن الضاد القديمة مقصورة على اللغة العربية " – الأصوات اللغوية ، ص 49 .
فأنيس إذن يُقدّر  أنه قد طرأ على لفظ الضاد أو صوتها  تطور  ، ولكن البحث المستفيض الذي أجراه د . رمضان  عبد التواب ( المدخل إلى علم اللغة ، ص 62 ) يؤكد هذا التباين بما لا يدعو إلى الشك ( 2 ) .
كما يعلل محمد المبارك أسباب التبدلات الصوتية عامة . ( فقه اللغة وخصائص العربية ، ص 54 ) .
ويبدو أن الضاد قد وردت في حديث شريف  - في إحدى رواياته : "أنا أفْصَحُ من نَطق بالضَّاد بَيْدَ أني من قُريش" ( انظر تاج العروس للزبيدي ، مادة الضاد ) .
 
أما تعريف العربية بأنها لغة " الضاد " فقد سبق أن وردت بعد عصر الاحتجاج والرواية ، ولعل المتنبي  - ت . 965 . م -  ( إن لم يكن أول ) من استعملها في المعنى  في شعرنا القديم :
 
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي             وبنفسي فخرت لا بجـــــدودي
وبهم فخر كل من نطق الضــا             دَ وعوذ الجاني وغوث الطريد
 
 
ثم ذكر البوصيري  ( ت . 1296 م ) بعده :
فارضَه أفصح امرئ نطق الضا     د، فقامت تغار منها الظـــاء
 
ومع ذلك فلم يذكر الثعالبي ( ت . 1038 م ) هذا التركيب " لغة الضاد "  في كتابه
" ثمار القلوب في المضاف والمنسوب " – مع أنه أدرك المتنبي صغيرًا . بمعنى آخر : لم يكن التعبير شائعًا وذائعًا في اللغة .
ثم ورد بعد  ذلك على لسان الفيروز أبادي ( ت . 1415 ) في صورة النسبة ، وذلك في قوله :
يا باعث النبي الهادي                    مُفــحمــًا باللسان الضادي
 
وفي شعرنا المعاصر يقول شوقي ( ن . 1932 )  مفاخرًا :
 
إن الذي ملأ اللغات محاسنًا
                                 جعل الجمال وسره في الضاد
وخليل مطران ( ت . 1949 ) يسمي العرب " بني الضاد " :
وفود بني الضاد جاءت إليك
                                وأثنت عليك بما وجبْ
ويقول إسماعيل صبري ( ت . 1923 ) :
أيها الناطقون بالضاد هذا
                           منهل صفــا لأهل الضاد
 
ويقول حليم دموس ( شاعر لبناني  ت . 1957   ) :
 
لغة إذا وقعت على أكبـادنا            كانت لنا بردًا على الأكباد
وتظل رابطـــة تؤلف بيننا            فهي الرجاء لناطق بالضاد
 
أما التعبير الحرفي  أو الكناية " لغة الضاد "  فقد وجدته أولاً  لدى علي الجارم
( 1949 ) :
 
وارث الأصمعي في لغة الضاد
                                     وفي الشعر وارث البحتري
 
 
 
1 – نلاحظ أيضًا أن الأمر ليس مقصورًا على الضاد فقد ورد  " قالوا مما اختصت به لغة العرب من الحروف وليس هو في غيرها، حرف الظاء، وقال آخرون حرف الظاء والضاد. ولذلك قال أبو الطيب المتنبي: وبهم فخر كل من نطق الضاد - يريد وبهم فخر جميع العرب. وقد ذهب قوم إلى أن الحاء من جملة ما تفردت به لغة العرب، وليس الأمر كذلك، لأني وجدتها في اللغة السريانية كثيراً.( ابن سنان الخفاجي : سر الفصاحة ، ص 20 ) .
2 – أشار الفقيه التونسي ابن عزوز ( 1854 – 1916 ) في مقطوعة له يصف لفظ الضاد :
      الضاد مخرجه بحافـــة مِقول                 يُمنى أو اليسرى بغير عناء
      الضاد مضبوط متين ما رأت                فيه التفشّي دقــــة البصراء
   ثم امتياز الضاد سهل عند مــن                عاناه بالتلقـــن والإلـــــــقاء
ومن الخطا في الضاد يُلفظ حرفه                دالاً مفخـــــمةً مع استعلاء
                                                              ( الأبيات في موسوعة الشعر العربي – أبو ظبي )
      
 
 
 
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أخي داود أعزك الله !     كن أول من يقيّم
 
أرجو أن تقرأ مقالتي ثانية وبترو ، وأن تقرأ أبيات الشعر في نهاية النص  .
 
لقد لاحظتُ أنك لا ترى أية مشكلة  في نطق الضاد ، وأخذت الأمر بيسر ، وربما تساءلت : ما سر هذه الجلبة ؟!
، بل أكدت ما لا يؤكده أي عالم في فقه اللغة بأن  نطق الضاد ولفظها  لم يتغير .
 
الضاد القديمة -_كما تبينت لي بعد دراستها ووصفيتها في كتب الألسنية_  هي أن تدفع لسانك بحيث يكون بين جانبي الفم ، وكأنك تعض على الحرف  ، فجرب إن أحببت ، فهذه هي الضاد القديمة التي وصفها سيبويه .
 أما ضادنا الحديثة فهي تفخيم الدال لا أكثر .
 
وأحب أن تقرأ مقالة الدكتور عبد الرحمن السليمان التي تشير إلى لغات عديدة قديمة فيها الضاد فهي في موقع المترجمين واللغويين العرب .
أما التعبير ( لغة الضاد ) فهو مستحدث ، رغم أن السيرة النبوية ، والمتنبي ووو أوردوا " نطق بالضاد " و " ناطق بالضاد " ، لكن أن تربط  "الضاد " مضافة إلى لفظة " اللغة " قبلها فهي لا شك جديدة ، وقد أشرت إلى ذلك في مقالتي .
 
تحيـــــة فاروقيــــــــــــــــــة
faruq
4 - نوفمبر - 2007
حوار شائق     كن أول من يقيّم
 
السلام عليكم
تحية لأساتذتنا الكرام على هذا الحوار الممتع .أما بعد
الحرف هو إنثناء النفس على المقطع أو وقوفه أو تردده أو ارتداده أو انتكاسه يحدث من الجرس مانسميه الحرف .
 
ومخرج حرف الضاد هو من أول حافة اللسان من الجانب الأيسر وحصر الهواء إلى الأضراس التي تلي هذا الجانب .
 
وأما بالنسبة لما ذكره العقاد عن حرف الحاء فإنه يقول في كتابه أشتات مجتمعات في اللغة والأدب ص 31:
كتب إلي
الشاعر الكبير الأستاذ رشيد سليم الخوري معقبا على رأيي ...........,وبعكسه الحاء التي تكاد تحتكر أشرف المعاني وأقواها: حب ,حرية ,حق ,حياة ,حسن ,حركة ,حكمة ,حلم ,حزم ,وأرى أنها لهذه المزية ولامتناعها -أو على الأقل مشتقتها -دون سائر حروفها الحلقية على حناجر الأعاجم هي أولى بأن تنسب إليها لغتنا ,فنقول :لغة الحاء ,بدلا من قولنا
لغة الضاد ".
إذن القائل ليس العقاد وإنما رشيد الخوري ,وقد رد عليه العقاد ووافقه على أن الحاء من الحروف التي تصور معنى السعة بلفظها ووقعها في السمع ولكن على حسب موضعها من الكلمة ومصاحبة ذلك الموضع للدلالة الصوتية ,وليست دلالتها هذه مصاحبة للفظها حيث كانت في أوائل الكلمات .
وقد ضرب العقاد أمثلة لرأيه مثل كلمات :الحبس والحجر والحرج والحد والحساب والحرس ,وكل ذلك يناقض معاني السعة بالحس أو بالتفكير.
آخر الأمر أن العقاد خلص إلى نتيجة مفادها :
أولا:أن هناك ارتباطا بين بعض الحروف ودلالة الكلمات .
ثانيا :أن الحروف لاتتساوى في  هذه الدلالة ,ولكنها تختلف باختلاف قوتها وبروزها في الحكاية الصوتية .
ثالثا :أن العبرة بموقع الحروف من الكلمة لابمجرد دخوله في تركيبها .
رابعا:أن الاستثناء في الدلالة قد يأتي من اختلاف الاعتبار والتقدير ولايلزم أن يكون شذوذا في طبيعة الدلالة الحرفية .
 
وللأستاذ محمود شاكر كلام قيم في مقاله علم معاني أصوات الحروف وهو من ثلاثة أجزاء منشور في جمهرة المقالات الجزء الثاني ص 708 وما بعدها :
فبعد أن بين أن من ضرورات الحياة هي الحاجة التي تدفع إلى التعبير ومنها النداء والتعجب والتأوه والأنين والإشارة والتنبيه ,فيرى أن الهمزة الممدوة هي الصدى الصوتي الذي يراد به التنبيه والإشارة والنداء ,وذهب شاكر إلى ضرب أمثله تنصر رأيه ,ثم قال أنه لابد من إدراة سائر الحروف  الحلقية على الهمزة ,ورأى شاكر الإقتصار على الكلام المؤلف من ثلاثة أحرف أحدها مضعف ,لإن غير الثلاثي يقتضي العرض لمعنى حروف ثلاثة ,كما يؤدي إلى أن يسقط بعضها معاني بعض ,وهذا منهج سليم وقد يغني عن كلام العقاد ,والفائدة تقتضي قراءة الجميع ,والإستفادة مما ذكروه وما ذكره علماءنا في السابق ,أليس كذلك يا أستاذ داود .
بعد هذه الإطالة ,نسأل الدكتور فاروق وغيره من أهل الإختصاص ,هل يقتضي أو يتضمن كلام الشعراء بعاليه والحديث النبوي المذكور ,اختصاص اللغة العربية بحرف الضاد ,ولم لانقول كما يقول العقاد رحمه الله بتغليب كلمة العربية على السامية أو الفينيقية ,حينما نبحث في تاريخ اللغات ,ونقول بإنها لهجات تفرعت على أصل قديم ,ولهذا الرأي مايسنده ويعضده ويقيم أوده من الدراسات الحديثة أورد بعضها العقاد في الكتاب المذكور .
ومنها تشابه الحروف الفينيقية مع الأبجدية اليمنية وهي موجودة إلى الآن في الخط المسند الذي لاشك في قدمه وقدم الحضارة اليمنية .
ومنها تشابه الأبجدية اليونانية والأبجدية العربية حرافا حرفا باستثناء حروف الحلق ,مع بقاء تقابل الترتيب كما هو.
ويؤكد هنا العقاد تعصب الأوربيين وأنهم قد ينسبون هذا التشابه إلى حروفهم ,وهذا غير ممكن لإن أسماء الحروف العربية عرفت بمعانيها وأشكالها ولم يعرف لها معنى ولاشكل يعود بها إلى لغة من لغات الأوربيين ,ومن معاني هذه الحروف مانفهمه في لغتنا اليومية ,كالباء من البيت ,والجيم من الجمل ,والعين من العين ,والكاف من الكف ,والنون من النون أو الحوت .
ومنها ماتؤكده الحفريات والكشوف الجديدة , "مثل اكتشاف الحفريون من آثار بلاد النبط بعض حروف الجر التي كانت تستعمل في مثل موقعها من الجملة عندنا قبل ثلاثة آلاف سنة .فإذا قدرنا أن حرف الجر في العادة هو اسم أو فعل مختزل لاتتعود الألسنة اختزاله قبل انقضاء مئات السنين فلابد من تقدير زمان سابق لتاريخ تلك الكتابة النبطية بعدة قرون ,كانت فيها اللغة العربية لغة تركيب وإعراب بقواعدها التي تطورت مع الزمن حتى وصلت إلى ماهي عليه ,وبلغت فيها قواعدها غاية مداها من الضبط والإستقرار .
وهاهنا ننتهي إلى بيت القصيدة من تحقيق القول بقدم اللغة العربية ".ا.ه
 
وننتظر تصويب أساتذتنا المكرمين ,وأقترح أن يكون البحث القادم ,عن تعلق معاني دلالة معاني الحروف بالمجاز ,وهل يبقى وجه للقول بالمجاز ,وهم أهل للإفادة والإجادة ,والسلام عليكم .
مالك
23 - نوفمبر - 2007
 1  2