نجيب حنكش بقلم صالح جودت كن أول من يقيّم
وكتب صالح جودت في مجلة الكواكب المصرية (العدد 734): (منذ سنوات قريبة كنت في لبنان أسهم باسم جامعة الدول العربية ومجلس الفنون والآداب في تكريم شاعر لبنان الكبير بشارة الخوري (الأخطل الصغير) واستمر مهرجان تكريم الشاعر سبعة أيام، لم يكن لأهل لبنان خلالها من رئيس الجمهورية إلى أبسط مواطن شغل شاغل إلا حديث الشعر والشاعر. ومن حفلات ذلك الأسبوع حفلة أقامها المليونير الراحل أميل البستاني في قصر الخلوي الحالم، وقضينا الليلة نستمع إلى الشعر أو نتلوه.
وكان هناك عمر أبو ريشة وأمين نخلة ومهدي الجواهري ونزار قباني، وغيرهم من أعلام الشعر. وكان هناك نجيب حنكش.
ونجيب حنكش ليس شاعرا، ولكنه أحنى على الإنسانية من الشعراء، لأنه أظرف رجل في لبنان، بل هو أظرف أهل الأرض. وله نكات مأثورة، كنكات البابلي والبشري وأمثالهم من الظرفاء.
ولكن هل يعيش نجيب حنكش وامثاله ممن يجردون الناس من همومهما بلا هموم.
عندما جلست مع نجيب حنكش وتحدثت معه واستمعت إليه آمنت بأن الله عندما خلق الهموم على الأرض خلق معها نجيب حنكش والبابلي والبشري وأمثالهم من الظرفاء ليمسحوا دموع الناس ويحملوهم على نسيان همومهم.
أذكر في تلك الليلة أنني تلوت على القوم قصيدة عاطفية حزينة، وبعد قليل تسلل نجيب حنكش إلى حيث أجلس وقال لي: إنني أريد أن أختلي بك لحظة، وجلسنا وحدنا في طرف الحديقة، وسألني أن أتلو عليه القصيدة مرة أخرى وثالثة ثم رابعة، وهو في كل مرة يدمع وينخرط في البكاء، ثم ينشج وكأن صدره ينشق .. لم أسأله لم يبكي، وإن كنت قد عرفت أن هؤلاء الذين يلقوننا على أقفيتنا من الضحك، ويزيلون عنا هموم الحياة يحملون من الهموم أضعاف ما نحمل.
|