صعاليك زماننا هذا كن أول من يقيّم
لا أحسب أن الناس في زماننا هذا يدركون معنى ( الصعاليك ) كما عرفه السابقون ؛ فقد دخل المعنى شيءٌ من الأعراف الحادثة عبر أزمان الأمة ، فصارت دلالة الصعلكة خليطا من دلالات : الفقر - الصياعة - الضياع في عالم الفساد - الانغماس في سفاسف الأمور - ....... إلى آخر هذه القائمة . وكان من قدر الله فينا أن أتلقى هدية من صديقي المحقق الدكتور النبوي عبد الواحد شعلان : تحقيقه لكتاب ( ديوان المعاني ) لأبي هلال العسكري ، فقرأته بعناية وشغف ، ووجدته يصفني أنا وصَحْبي القدامى والمحدثين ب ( مجموعة الصعاليك ) لمواقف إنسانية نتخذها في سياق الضحك والمرح لئلا يراها الناس من صنائع المعروف المعلنة - انظر مقدمة ديوان المعاني بتحقيق د . النبوي شعلان ص 17 - غير أن هذا الوصف أغضب بعض أصدقائه وبعض قرائه ، وكان المأمول من ثقافتهم المرموقة أن تُبْقي معنى ( الصعاليك ) على ما كان يجري عليه فكر السابقين دفعاً لسوء الظن وحماية للصداقة من أي هزة وسقوط ، ولكن هؤلاء وهؤلاء نظروا إلى المعنى بمنظار عصرنا حيث استقر المدلول عند أحد المعاني غير المقبولة . وفي وسعنا أن نسوق المعنى المراد في كل مرة نستعمل فيها أيًّا من مشتقات الصعلكة ولكن قوانين العربية تفرض في السياقات المختلفة لأساليبها ما لا تفرضه الأعراف المستحدثة ولو كانت قريبة من النفوس حينما ترضى وحينما تغضب ؛ فمخرج السلامة يكمن دائما في التزام العربية الصافية من شوائب الأعراف . وبالله التوفيق |