كأن اللهجات الدارجة فى عالمنا العربى ، لا تكفى للتفرقة والتباعد بين الانسان واخيه الانسان من كثرة أعجميتها ، فجعلنا من الكلمات العربية الأصيلة الجذور ، وسيلة أخرى لتكريس الانقسام والانفصام ، ليس بين قطر وقطر ، فحسب ، بل وداخل القطر الواحد نفسه ! فى مصر ، كنموذج ، أكثر من دارجة : ففى وجهها البحرى ، عندما يودعون شخصا ما ، يقولون له : " أنا جاى اطرقك " 00أما فى الوجه القبلى ، فيستخدمون كلمة : " أعزّمك " ، أى أودعك 0فتخيل معى بحراوى يودع شخصا من قبلى ، ويقول له أنا جاى اطرقك 00وما ستسببه هذه الكلمة "أطرقك " من مشكلة لا حد لها 00ذلك لأن أهل قبلى يرون فى هذه الكلمة لغة تضاجع بعض الطيور ! وتصور فتاة بحراوية ، تقول لتاجر صعيدى : " ادينى حبة "، فيسئ الظن بها00 ، فكلمة حبة عند البعض فى بحرى ، تعنى شيئا يزاد فوق شئ يزان 00أما فى قبلى ، فهى : " البوسة" أى القبلة ! أما بين الامصار العربية ، فقد تكون بعض الكلمات العامية على اختلاف معانيها ، مقبولة المضمون 00ففى لبنان وفلسطين ، يقولون عن البدين الجسم الغليظ اللحم السميك القوام ، أنه " ناصح " 0بينما الكلمة ذاتها ، نستخدمها فى مصر عمن هو ماهر أو شاطر ! وفى لبنان ، اللبن ، لديهم ، يسمى حليب 0أما كلمة لبن ، فتعنى : زبادى ! ولكن المشكلة الحقيقية ، فتحدث عند استخدام كلمات اخرى لها وقع سيئ فى النفس : فقد سأل شاب مصرى خطيبته السورية ، قائلا : امال فين ماما ? ، فأجابته : متلقحة جوه00 وعندما ابدى استعجابا واستغرابا ، ان تقول خطيبته عن أمها " متلقحة " 00 عرف منها ، أن هذا التعبير يستخدمونه فى سوريا ليس كما فى مصر0 ففى مصر ، يعنى : " مرمية"00وفى سوريا ، يعنى : نائمة أو مضجعة أو " مسطحة " ! وفى العراق ، يطلق الزوج على زوجته : " المرة " 00هذا التعبير لا تحتمله اذن رجل أو امرأة مصرية 00ولكنه تعبير عراقى عادى دارج ! وفى لبنان ، اعتاد اللبنانيون ، أن يبادلوا الناس بهذه التحية : " يعطيكن العافية " 0أما فى المغرب ، فان كلمة يعطيكم العافية ، لا تعد تحية أو دعاء ، انما هى : قذف أو سب ؛ لأن العافية عندهم تساوى : جهنم ! ،000،000،000 قليل من كثير 00 وكثير من اساءة الفهم والخصام الذى لا ينتهى 0 فدعونا نتقارب ، ونتفاهم ، ونترابط ، بعرض مثل هذه الكلمات الشائكة ، ومفهومها لدى كل شعب من الشعوب العربية ، من خلال برامج الاذاعة والتلفزة على مستوى الوطن العربى كله ، حتى حينما نلتقى ونتخاطب سويا ، ننطق بالكلمة الصحيحة فى موضعها الصحيح 0 فهل نحن فاعلون ?00 عادل عطية |