قال الشيخ العلامة د. محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله رحمة واسعة، في رسالته الموسومة ب: " ما وقع في القرآن بغير لغة العرب " ما نصه: " أما كتاب السيوطي الذي سماه: (المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب) فلا نعلم أنه موجود في هذا الزمان، لكن الملخص الذي نقله منه مؤلفه في كتاب الإتقان لا يدل على أن المؤلف - مع غزارة علمه - كان أهلا أن يؤلف في هذا الباب لأنه فيما يظهر لم يكن يعرف إلا اللغة العربية والمؤلف في هذا الموضوع يحتاج إلى إلمام باللغات التي قيل أن بعض مفرداتها قد عرب ودخل في القرآن، فإن لم يعلم بها كلها فلا أقل من الإلمام ببعضها، وأكثر علماء العرب مقصرون في علم اللغات, الذين يعرفون شيئاً من اللغات الأخرى منهم قليل. وقد كان عمر رضي الله عنه يعرف اللغة العبرانية ويقرأ التوراة ويفهمها. وقال الترمذي في جامعة(باب تعليم السريانية) ثم روى بسنده إلى زيد بن ثابت قال:"أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال فما مربي نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم"، هذا حديث حسن صحيح. قال العالم الرباني أستاذي عبد الرحمن بن عبد الرحيم المبار كفوري الهندي رحمه الله رحمة واسعة في شرح هذا الحديث من كتابه. (تحفة الا حوذي في شرح جامع الترمذي ج 3ص392) ما نصه: " قال القاري:قيل فيه دليل على جواز تعلم ما هو حرام في شرعنا للتوقي والحذر عن الوقوع في الشر كذا، ذكره الطيبي في ذيل كلام مظهري وهو غير ظاهر إذ لا يعرف في الشرع تحريم تعلم من اللغات سريانية أو عبرانية هندية أو تركية أو فارسية وقد قال تعالى30ـ32: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ}أي لغاتكم بل هو من جملة المباحات.اهـ. وهذا الحديث رواه أيضا أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه وذكره في صحيحه تعليقا، ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابي الجليل كاتب الوحي زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة اليهود وفي رواية " أمره أن يتعلم السريانية " وعلل ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمن اليهود أن يقرءوا له كتابا يأتيه منهم لئلا يزيدوا فيه و ينقصوا أو يبدلوا ويغيروا، فتعلم زيد ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم في نصف شهر " قلت (سعيد): ما أريد أن أسأل عنه السادة الفضلاء، ما ورد في أثناء كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله المتعلق بتعلم اللغات. نرى في كثير من الأبحاث والكتب والمقالات الجهل الفاضح والخطأ العظيم، بسبب عدم الإلمام باللغات، وقد وقع لبعض المستشرقين أخطاء كثيرة بسبب جهلهم باللغة العربية، والأمر نفسه يتعلق ببعض الباحثين الذين اشتغلوا بالترجمة أو تحقيق الكتب، مع العلم بأن هذا المجال له من يقوم به من المختصين. فما رأيكم دام نفعكم فيما ذكره الشيخ رحمه الله ? وهل لتعلم اللغات دور في تقدم العلوم ? وهل يمكن أن يضاف شرط الإلمام باللغات الحية، ضمن الشروط التي يذكرها علماء الأصول للمجتهد ? تنبيه: إنما ذكرت النص بطوله حتى يعلم سياقه وسباقه، ولذلك أتمنى صادقا أن تكون التعليقات خاصة بالموضوع مباشرة من غير تجاوز، وإنما ذكرت ذلك لأن النص قد يثير أكثر من إشكال. هذا رأيي، وأنتم سادتي في حل منه. وتحيتي العطرة للجميع. دامت لكم الأفراح والمسرات. |