منذُ أيامٍ شرعتُ في قراءة مخطوطةِ (السر المصون في مغازلة العيون), وهي مقامةٌ أنشأها سنة 1286 الأديب محمد وهبي التميمي, ولم أجد في ما بين يدي من تراجم الأعلامِ وأهل الأدب -فضلا ًعن الوراق الزاخر الذاخر, وهو أول الملاجئ وأوفر المظان- شيئاً ذا بالٍ في شأن هذا الأديب المصري سقا الله ثراه, فإنني إذن أرغبُ إليكم معشر المفلحين: في يد المساندة, وساعدِ المساعدة, حتى أضبطَ سيرته, وأُبصرَ هيئته, فمن ينتشلني من الجهالة بالرجل إلى العلم به, ولو بلون بشرته, وقد قامته, أو وصف مشيته, وشكل تُكأته.. سَقط إلَي هذا المعنى قبل نشر الكلام أعلاه, فأحببت تقييده للعبرة: انظر سبحان الباقي, ألم يكن هذا الأديب بين الناس غادياً رائحاً, يتردد إلى مآربه, ويجتمع بأهله وأصحابه, ويصول بلسانه عربيا نقيا, ويرمي بمداد قلمه ثقفا سنيا, فبينما هو يضرب في مزدحمات الأسواق, إذا به لفظة في جذاذات الأوراق, وإذا به يغازل عيون الشواب الحسانِ, ويستثير سِر الخود المصونِ, فإذا هو في رمسٍ لا تدري به الأحياء, وطريح قبرٍ كالذي ما ذهب ولا جاء. والله المستعان وعليه التكلان. كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ |