من ليس له ماضي ليس حاضر ولا مستقبل ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
الأخوة الأعزاء زياد وحسن بلفقيه. أشكركما على عباراتكما اللطيفة بحقي. وما أنا إلا باحث متواضع مغترب في هذا العالم منذ أكثر من 30 سنة. المخطوطات الرياضية العربية لا تعد ومن واجبنا كما قلت سابقاً دراستها ونشرها للناس لإظهار الحقيقة عن دور العلماء العرب والمسلمين في تطور الحضارة الإنسانية. وأنا لا أؤيد من يبالغ بهذا الدور ويتشدق به بل يجب أن ننصف العلماء سواء كانوا عرباً أو غير عرب ومسلمين أو غير مسلمين. إن العلم برأيي عالمي وهو ليس ملك لأحد. وكل الشعوب قادرة على الإبداع إذا توفرت لها الظروف المناسبة. وهذا ما حدث في التاريخ. هل تعلمون أنه حتى فترة قريبة كانوا في الغرب ينظرون إلى دور الصينيين في الحضارة العلمية بريب وتشكك ولكن الآن نتيجة دراسة المخطوطات الصينية العلمية اتضح أنهم سبقوا كثيراً من الشعوب في مجال الرياضيات مثلاً. فإليهم تعود طريقة حساب الخطأين وإليهم تعود المربعات السحرية وحل نظام معادلات وإبداعات أخرى. وكان للعلماء الروس الباحثين, وخاصة العلامة يوشكيفيتش, في تاريخ الرياضيات دور جوهري في ترجمة ودراسة تلك المخطوطات. وفقط بعدها بدأوا في أوروبا بالكتابة عن دور الصينيين في تقدم العلوم في القرون الوسطى. ونفس الشيء يخص العلوم العربية. ففي المؤتمر العلمي حول المخطوطات الشارحة في مكتبة الاسكندرية عام 2006 ألقى د. جورج صليبا وهو لبناني الأصل ومقيم في أمريكا (جامعة كولومبيا) ألقى بحثاً قيماً حول أحد علماء الفلك العرب وهو الخفري من القرن السادس عشر ميلادي وبين بشكل قاطع كيف أن كوبرنيكوس اعتمد على أبحاثه وحتى الصور التي استخدمها مطابقة مئة بالمئة بما فيها الحروف التي يرمز بها للنقاط في الرسومات الفلكية. والقصد من هذا المثال هو الإشارة إلى خطأ المقولة التي روجها بعض المستشرقين عن تدهور العلم العربي منذ القرن الثالث عشر أو الرابع عشر. لكن الحقيقة غير ذلك . فهذا عالم من أعظم العلماء في القرن السادس عشر ميلادي. والمشكلة هي في قلة دراسة المخطوطات واكتشاف ما تحتويه من عبقرية تظهر الحقيقة وتنصف أسلافنا من العلماء الموسوعيين. أما عن ابن البناء المراكشي فقد عثرنا على مخطوطته "تلخيص أعمال الحساب " في مكتبة جامعة سانت بطرسبورغ العلمية وترجمناها إلى الروسية وعملنا دراسة موسعة حولها. وكذلك مخطوطة الحصار "كتاب الحصار في علم الغبار" وترجمناها وكذلك مخطوطة القلصادي "كشف الأسرار عن علم حروف الغبار" وترجمناها ودرسناها. وكل هذه الأبحاث نشرت في مجلة علمية تسمى "أبحاث في تاريخ الرياضيات" تصدر في موسكو. وقد تلاحظ أخي الكريم أنني أدرس الرياضيات في المغرب العربي لأنها في روسيا كانت شبه مجهولة. والتركيز كان سابقاً على رياضيات المشرق العربي. المهم نسعى بجهود متواضعة لتقديم بعض الأبحاث. ومن يتعرف على ما قدمه المؤرخون الروس في دراسة العلوم العربية سينذهل من غزارة الإنتاج العلمي ولكنه مجهول للباحثين العرب والأوربيين. وللحديث صلة وشكراً |