جودة الحياة بين الفلسفة والتكنولوجيا تمتاز الفلسفة الأنجلوسكسونية في مطلع الألفية الثالثة بانتهاج نوع من التفكير الفلسفي الخاص ، والمتمثل في التنظير لجودة الحياة . ووصف آرن نايس (1989) ذلك على أنه "حق متكافئ في الحياة والازدهار". ومرجعية هذا الاتجاه المتنامي في التبلور والانتشار أن جوهر الطبيعة يخفق في إدراك أن الأخلاق قيمة بشرية مرتبطة بتحسين الحسن وتقبيح القبيح من منظور العقل والوحي . وأن المدينة المعاصرة لا بد أن تجعل الإنسان هو الموضوع والغاية. والمسألة قبل أن تلج إلى خضم الفلسفة التحليلية أثيرت ضمن موضوعات البيئة والتنمية المستدامة. وإذا كان علماء البيئة ينظرون لجودة الحياة من خلال بيئة نظيفة وغير ملوثة ، وغابات ومحيطات مراقبة من كل ما من شأنه أن يقوض مقومات الوجود .. فإن الفلاسفة عالجوا مشكلة جودة الحياة من خلال : 1- الحق في جودة العيش . 2- الحق في جودة الدخل. 3- الحق في جودة الصحة. 4- الحق في جودة المشاركة السياسية. 5- الحق في جودة الثقافة. 6- الحق في جودة المحيط. 7- الحق في جودة البيئة. وهناك كثير من المواطن التي تتطلب الجودة حتى يحصل الإنسان على "جودة حياة". فمفهوم جودة الحياة حسب المنظور الأنجلوسكسوني جاء من أجل وضع مفاهيم السعادة ضمن الثلاثية البرغماتية المشهورة، والمتمثلة في أن الفكرة لا يمكن أن تتحول إلى اعتقاد إلا إذا أثبتت نجاحها على المستوى العملي . فالسعادة من منظور كلاسيكي لم تستطع أن تحقق للإنسان سوى تباشير أمل واه في رحم اليوطوبيا الحالمة. وبالتالي ظل الإنسان ينشد السعادة لكنه في المقابل لم يحصل سوى على البؤس .. إن جودة الحياة تعتبر مفهوم واقعي قابل للتحقق لارتباطه بمسائل العيش أصلا كما يري الأسترالي ورويك فوكس 1990، وبالتالي يمكن للحكم الراشد الذي يحترم الإنسان كمواطن وكائن حي مكرم أن يُحقق له جودة الحياة من خلال أكبر شيء تتطلبه الحياة وهو البيئة النظيفة والكرامة في الحياة والموت .. وان يستحضر الإنسان لحظات الفرح والسرور وهو يتمتع بهواء الطبيعة ، وسحر الموسيقى ، سلامة الجسد ، وفي مناظر الكون الخلابة ... وأن يتكون له إرادة البقاء وحب الحياة ... وأن ينبذ الانتحار والإنحباس الحراري وخطر طبقة الأزون والروتين القاتل ... وأن يتحرر من خطر التكنولوجيا الخانقة. وأخيرا هل يستطيع مفهوم جودة الحياة أن يحل محل مفهوم السعادة ?? وبالتالي هل نستطيع اليوم أن نحول الفلسفة من موضوعات الترف الفكري إلى موضوعات الهم الاجتماعي والإنساني ?? أليس حريا بالفلسفة اليوم أن تكون أكثر قربا من الإنسان ?? ألم يأن للفلسفة اليوم أن تجد موضوعاتها في البساطة وأن تتخلص من العتاقة التاريخية?? |