حول مالك بن نبي ... من جديد كن أول من يقيّم
الأخ العزيز هشام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تعليقك يستثير مسألتين دونهما مضان البحوث والرسائل الجامعية ، سأحاول التعليق عليهما فيما يأتي . أولا ـ حول علاقة مالك بن نبي بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين : بالطبع لا يمكن الحديث عن علاقة تنظيمية ، إذ لم يعرف على بن نبي انخراطه في الحمعية ، على الرغم من اقترابه من الخط الاصلاحي ، الذي كانت الجمعية رائدته. ويمكن تتبع موقف بن نبي من الجمعية ، في آرائه المبثوثة في مذكرات شاهد على القرن ، أين انتقد بشدّة تحول المنطق الاصلاحي من الشق الثقافي ، الذي شكّل أساس فلسفة الجمعية ، بالارتكاز على الآية الكريمة " إنّ الله لا يغّير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم " . وكان المؤتمر الاسلامي ، المنعقد بفرنسا سنة 1936، بمشاركة الجمعية ، نقطة التحوّل التي ارتكز عليها النقد البنابي لعمل الجمعية ، باعتبارها تقع من جديد في فخ المطالبة السياسية ، التي ترتكز على مفهوم الحق ، في مقابل مفهوم الواجب الذي يشكّل مقوّم الشق الثقافي . ثانيا ـ حول علاقة مالك بن نبي بالثورة الجزائرية : سيتشير المقال الذي أشرت إليه في تعلسقك ، قضية جوهرية في منظومة المفاهيم البنابية ، ألا وهي " القابلية للاستعمار " وقد استثار هذا المفهوم نقاشا شديدا ، بل وتحاملا حقيقيا على بن نبي ، باعتباره يشرعن في رأي الكثير للاستعمار وللامبريالية العالمية . يذكّرني هذا التحامل برأي البعض في موقف ابن خلدون في الأعراب والحضارة ، معتبرين إياه موقفا عنصريا من رجل من المغرب تجاه أهل المشرق ، وهذا برأيي التحامل بعينه ، كيف لا وابن خلدون ذو أصوص يمنية . وعود إلى فكرة القابلية للاستعمار ، التي جدّد مالك بن نبي ، ما شرعه في كتابه " شروط النهضة ، بالحديث عنها في أواخر مؤلفاته " دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين " ، حين ينظر إلى المسألة الاستعمارية نظرة حضارية ، تخترق الفهم السياسي وتفكّكه ، لتنفذ إلى أصول هذه المسألة . سأحاول العودة إلى هذه المسألة في مقالة أخرى إن شاء الله مع تحياتي ... زين الدين |