| رأي ابن تيمية في الشعر الحديث كن أول من يقيّم
اقتبسنا هذا النص النادر من مشاركة لأستاذنا طه أحمد المراكشي بعنوان (رأي في الشعر الحر) وهي منشورة في دوحة الشعر في موضوع بعنوان (أين هو التجديد في الشعر الحر والحديث) قال: وهذا الأستاذ البديع الأعجوبة ابن تيمية له كلام عجاب في إنكار الإخلال بالشعر العربي وتغيير نظامه, كأنه شاهد عيان على ما حدث في أيامنا يقول في مجموع الفتاوى (م32 ص 252) : '' ..أن هذا الكلام الموزون كلام فاسد مفردا أو مركبا, لأنهم غيروا فيه كلام العرب, وبدلوه بقولهم: ماعوا وبدوا وعدوا.وأمثال ذلك مما تمجه القلوب والأسماع, وتنفر عنه العقول والطباع.
وأما مركباته فإنه ليس من أوزان العرب, ولا هو من جنس الشعر ولا من أبحره الستة عشر, ولا من جنس الأسجاع والرسائل والخطب.
ومعلوم أن تعلم العربية, وتعليم العربية, فرض على الكفاية وكان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن. فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي, ونصلح الألسن المائلة عنه, فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة, والاقتداء بالعرب في خطابها. فلو ترك الناس على لحنهم كان نقصا وعيبا, فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة, والأوزان القويمة, فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان,الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان, الذي لا يهذي به إلا قوم من الأعاجم الطماطم الصميان.''
قال: وهؤلاء قوم تركوا المقامرة بالأيدي, وعجزوا عنها: ففتحوا القمار بالألسنة, والقمار بالألسنة أفسد للعقل والدين من القمار بالأيدي.
ثم قال:.. بل لو فرض أن الرجل نظم هذه الأزجال العربية من غير مبالغة لنهي عن ذلك, بل لو نظمها في غير الغزل, فإنهم تارة ينظمونها بالكفر بالله وبكتابه ورسوله, كما نظمها (أبو الحسن التستري) في ( وحدة الوجود) وأن الخالق هو المخلوق, وتارة ينظمونها في الفسق: كنظم هؤلاء الغواة, والسفهاء الفساق. ولو قدر أن ناظما نظم هذه الأزجال في مكان حانوت: نهي, فإنها تفسد اللسان العربي, وتنقله إلى العجمة المنكرة.
وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات, وهو التكلم بغير العربية إلا لحاجة, كما نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد, بل قال مالك: من تكلم في مسجدنا بغير العربية أخرج منه, مع أن سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها, ولكن سوغوها للحاجة, وكرهوها لغير الحاجة, ولحفظ شعائر الإسلام, فإن الله أنزل كتابه باللسان العربي, وبعث به نبيه العربي, وجعل الأمة العربية خير الأمم, فصار حفظ شعارهم من تمام حفظ الإسلام. فكيف بمن تقدم على الكلام العربي مفرده ومنظومه- فيغيره ويبدله, ويخرج عن قانونه, ويكلف الانتقال عنه? إنما هذا نظير ما يفعله بعض أهل الضلال من الشيوخ الجهال حيث يصمدون إلى الرجل العاقل, فيولهونه ويخنثونه, فإنهم ضادوا الرسول إذ بعث بإصلاح العقول والأديان, وتكميل نوع الإنسان, وحرم ما يغير العقل من جميع الألوان.فإذا جاء هؤلاء إلى صحيح العقل فأفسدوا عقله وفهمه, فقد ضادوا الله وراغموا حكمه, والذين يبدلون اللسان العربي ويفسدونه, لهم من هذا الذم والعقاب بقدر ما يفتحونه,فإن صلاح العقل واللسان,مما يؤمر به الإنسان, ويعين ذلك على تمام الإيمان, وضد ذلك يوجب الشقاق والضلال والخسران, والله أعلم.'' اه | cosmos | 25 - أكتوبر - 2006 |
| صنم ملك التيبت المعلق داخل الكعبة كن أول من يقيّم
صنم ملك التيبت المعلق عام (201هـ) داخل الكعبة مع قصة إسلامه، التي كتبها وزير المامون الحسن بن سهل (1)
نقلت هذا النص النادر من كتاب (أخبار مكة) للأزرقي في فصل بعنوان (في معاليق الكعبة) أي فيما هو معلق في الكعبة في عصره، وكانت وفاة الأزرقي سنة 250هـ فهو معاصر للخليفة المأمون الذي بعث بهذا السرير والكتاب إلى الكعبة. قال الأزرقي:
حدثني سعيد بن يحيى البلخي، قال: أسلم ملك من ملوك التبت، وكان له صنم من
ذهب يعبده في صورة انسان، وكان على رأس الصنم تاج من الذهب مكلل بخرز الجوهر والياقوت الأحمر والأخضر والزبرجد، وكان على سرير مربع مرتفع من الأرض على قوائم، والسرير من فضة، وكان على السرير فرشة الديباج، وعلى أطراف الفرش أزرار من ذهب وفضة مرخاة، والأزرار على قدر الكرين في وجه السرير، فلما أسلم ذلك الملك، أهدى السرير والصنم إلى الكعبة، فبعث به إلى أمير المؤمنين عبد الله المأمون هدية للكعبة، والمأمون يومئذ بمرو من خراسان، فبعث به المأمون إلى الحسن بن سهل بواسط، وأمره أن يبعث به إلى الكعبة، فبعث به مع نصير بن إبراهيم الأعجمي، رجل من أهل بلخ من القواد، فقدم به مكة في سنة احدى ومائتين، وحج بالناس تلك السنة إسحاق ابن موسى بن عيسى بن موسى، فلما صدر الناس من منى، نصب نصير ابن إبراهيم السرير وما عليه من الفرشة والصنم، في وسط رحبة عمر بن الخطاب، بين الصفا والمروة، فمكث ثلاثة أيام منصوباً ومعهم لوح من فضة مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا سرير فلان بن فلان ملك التبت، أسلم وبعث بهذا السرير هدية إلى الكعبة، فاحمدوا الله الذي هداه للاسلام، وكان يقف على السرير محمد بن سعيد ابن أخت نصير الأعجمي، فيقرأه
على الناس بكرة وعشية، ويحمد الله الذي هدى ملك التبت إلى الاسلام، ثم دفعه إلى الحجبة، وأشهد عليهم بقبضه، فجعلوه في خزانة الكعبة، في دار شبة بن عثمان، حتى استخلف حمدون ابن علي بن عيسى بن ماهان، يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومي على مكة، وخرج إلى اليمن فخالفه إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد العلوي إلى مكة مقبلاً من اليمن، فسمع به يزيد بن محمد فخندق على مكة وسكها بالبنيان من أنقابها، وأرسل إلى الحجبة فأخذ السرير وما عليه منهم، فاستعان به على حربه، وقال: أمير المؤمنين يخلفه لها، وضربه دنانير ودراهم، وذلك في سنة اثنتين ومائتين، فبقي التاج واللوح في الكعبة إلى اليوم.
نسخة ما في اللوح الذي في جوف الكعبة الذي كان مع السرير
بسم الله الرحمن الرحيم، أمر عبد الله الامام المأمون أمير المؤمنين أكرمه الله ذا الرياستين، الفضل بن سهل بالبعثة بهذا السرير من خراسان إلى بيت الله الحرام، في سنة مائتين وهو سرير الاصبهبد كابل شاه بعد مهراب بني دومي كابل شاه، المحمول تاجه إلى مكة المخزون سريره في بيت مال المسلمين، بالمشرق في سنة سبع وتسعين ومائة، ومن نبأ أمر الاصبهبد، أنه أضعف عليه الخراج والفدية عن بلاد كابل والقندهار، ونصبت المنابر وبنيت المساجد فيها، وخرج الأصبهبد كابل شاه، نازلاً عن سريره هذا خاضعاً لله مستسلماً، حتى حاول حدود كابل وأرض الطخارستان، ووضع يده في يد صاحب جبل خراسان ذي الرياستين على ما سامه ذو الرياستين، من خطة الذل للدين ولامام المسلمين، ثم أقام البريد من القندهار إلى الباميان، وأضاف بلاد كابل والقندهار إلى بلاد خراسان، وأذعن للوالي مع الجنود مقيماً حدود الله والاسلام، عاملاً بأحكامه فيه وفي من اختار الاسلام معه، وأقام
على العهد في مملكته، وسير الامام أكرمه الله الرايات الخضر على يدي ذي الرياستين إلى القشمير، وفي ناحية التبت ما سيرها، فأظهره الله سبحانه على بوخان وراور بلاد بلور صاحب جبل خاقان وجبل التبت، وبعث به إلى العراق مع فرسان التبت، ومن ناحية السرير ما طلب على باراب وشاوغر وزاول، وبلاد اطراز، وقتل قائد الثغر وسبا أولاد جبغويه الخرلخي مع خاتوناتة، بعد أحجاره اياه ببلاد كيماك وبعد غلبه ما غلب على مدينة كاسان وبعث بمفاتيح قلاع فرغانة إلى العرب، فمن قرأ هذه السطور فليعن على تعزيز الاسلام وتذليل الشرك بقول أو فعل؛ فإن ذلك واجب على الناس تعزيز الدين إذا قامت به الأئمة، ومن أراد الزهد والجهاد وأبواب البر والمعاونة على ما يكسب الاسلام كهذا العز وهذه المفاخر، وقد نسخنا ما كان حفر على صفيحة تاج مهرب بني دومي كابل شاه، في سنة سبع وتسعين ومائة على هذا اللوح ومن نصر دين الله نصره الله، لقوله تبارك وتعالى ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز.
وكتب الحسن بن سهل صنو ذي الرياستين في سنة مايتين.
___________
1- الحسن بن سهل هو وزير المامون بعد اخيه الفضل، ووالد بوران (زوجة المأمون) توفي سنة 236هـ سجينا في مشفى المجانين. واما الفضل فقد قتل بامر المأمون مغافصة في الحمام يوم 2/ شعبان/ 202هـ
| cosmos | 1 - مارس - 2009 |