إبراهيم مصطفى وإحياء النحو كن أول من يقيّم
الأستاذ إبراهيم مصطفى وإحياء النحو ( 1 ) سأحاول تقديم ثلاث مداخلات حول الأستاذ إبراهيم مصطفى رحمه الله ، وحول ما سمي بإحياء أو تجديد أو تيسير النحو . الأولى تمهيدية وهي هذه ، والثانية بيان بعض مخالفته لمنهجه ، والثالثة تفنيد بعض طروحاته . وأعتذر إذا اقتصرت على السلبيات ، لأن الكثيرين سيكونون معنيين بالإيجابيات . ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ، ومن هنا فلا مراء في أن دعوات التيسير عامة ، وتيسير النحو خاصة ، إنما هي دعوات محقة من حيث المبدأ ، ولها ما يسوغها على وجه العموم ، ولكن هذه الدعوات ليست بدعا في هذا العصر ، وإنما هي امتداد لدعوات التيسير التي لم تتوقف ، وقد تبين لنا أن نبذ (نظرية العوامل) وهو أقوى حجج القوم ، يرجع إلى ابن مضاء القرطبي .. ومع ذلك ، فإن شيئا مما سمي صعوبة وتعقيدا وإحالة ، لم يثن أحدا من المتقدمين أو المتأخرين عن إتقان هذه اللغة ، والتعمق في فهمها ، والمشاركة في تطويرها ، والتفنن في آدابها ، والإبداع في شعرها ونثرها. ويبدو أن الجديد الوحيد الذي رآه بعضهم لدى دعاة التيسير من المحدثين هو النوايا والطوايا والخفايا والخبايا ؛ فبينما لم يشكّ أحد في صدق المتقدمين ، ولم يتهم أحدٌ ابنَ مضاء الأندلسي ، أو خلفا الأحمر ، أو الكسائي ، أو سواهم ، فقد ألصقت بالمحدثين شتى التهم في النوايا ، وأثيرت شتى الريب في الأهداف. حتى لقد صنفت دعوات المحدثين هذه مع ما عرف بـ (الدعوات الهدامة) في مطلع عصر النهضة . وبينما كانت دعوات المتقدمين من ابتكار عقولهم وبنات أفكارهم ، لم تكن دعاوى المحدثين ، غالبا ، سوى أصداء مجلجلة ، لفتن نائمة ، أيقظها خبثاء يهود المستشرقة. ولمن شاء أن يقرأ قوائم المستشرقين في أي مرجع ، ليعلم جنسياتهم ودياناتهم ومواقفهم . و أنهم ليسوا مجرد مستشرقين ، لهم إيجابيات وعليهم سلبيات . أما الأستاذ إبراهيم مصطفى غفر الله له ، فقد كان من أكثر دعاة التيسير دويا في كتابه (إحياء النحو) وقد كتبت حوله الكتب والدراسات ، عدا عن الكتب التي ألفها مؤيدوه من أمثال ( د. أحمد عبد الستار الجواري ، و د. محمد حماسة عبد اللطيف ، و د. مهدي المخزومي ، و د. أحمد سليمان ياقوت ، و د. إبراهيم السامرائي ، و د. تمام حسان وسواهم ) وإن خالفوه الرأي حينا.. ولم ينس كبار المتـّهمين ، من أمثال طه حسين ، ولويس عوض ، وقاسم أمين ، وسلامة موسى ، وعبد العزيز فهمي ، وأمين الخولي ، وأضرابهم ، أن يقدموا دعمهم وتأييدهم ومباركتهم للأستاذ إبراهيم مصطفى ومؤيديه ، مما كان له أكبر الأثر في توكيد الشك والريبة في هذه الدعوات . وإذا كان المثل القائل: (يكاد المريب أن يقول خذوني) يزيد عن قدّهم ، فقد فـُصِّل على قدهم المثل القائل : (قل لي من يمتدحك أقل لك من أنت). وفي نهاية هذا التمهيد أود أن أذكـِّر بأمرين : الأول : أقام دعاة التيسير دراساتهم على نظرية القرائن ، بدل نظرية العوامل ، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ؛ لأن ما سموه بالقرائن هو نفسه ما سماه الأقدمون بالعوامل ، فلنقارن عوامل القدماء المعقدة! (الرفع والنصب والجزم والجر) بقرائن المحدثين الميسرة! (قرينة الرتبة، وقرينة التضام، وقرينة الربط، وقرينة الضمائر، وقرينة البنية، وقرينة النغمة، وقرينة أمن اللبس، وقرينة مستوى الخطأ والصواب ، وقرينة التماثل الصوتي) فضلا عن قانون المخالفة الصوتي ، الذي أخذوه عن (بروكلمان) ولنذكر أنهم أضافوا على (الاسم والفعل والحرف): (الصفة والظرف والضمير والخالفة) فزادوا الطين بلة . ولم يكتفوا بتقسيم الجملة إلى (مسند ومسند إليه) وإنما أضافوا :{الحامل والمحمول ، أو الحديث والمتحدث عنه ، أو المتحدث عنه (المبتدأ) والمتحدث به (الخبر)} .. ولم يكتفوا بتقسيم الجملة إلى (فعلية وإسمية) وإنما أضافوا الجملة (الظرفية والشرطية والناقصة والنواة والجنينية والتكاثرية والتوليدية) ولم يكتفوا بسبع جمل لها محل (سموها الجمل غير المستقلة) وسبع جمل لا محل لها (سموها الجمل المستقلة) بل جعلوها عشرا بعشر . وجعل بعضهم منها جملة (في محل رفع مبتدأ) وهذا يدل على عدم تفريقهم بين الجملة والمصدر المؤول . فانظروا إلى نماذج التيسير التي يقدمها دعاة التيسير . أفتكون هذه الزيادات تسهيلا وتيسيرا ?!. الثاني: جاء في كتاب (أطلس أصوات اللغة العربية) للدكتورة (وفاء محمد البيه) : 1. الفونيم : هو الحرف الصوتي النطقي اللغوي البدائي الأولي . والمقطع الصوتي يتكون من فونيمين على الأقل . 2. المورفيم : هو الكلمة الصوتية المنطوقة أو اللفظ ، ويتكون المورفيم من الفونيمات اللغوية المختلفة . ويتكون المورفيم في اللغة العربية من فونيمين على الأقل شريطة أن يكون للمورفيم معنى أو دلالة لغوية. والجملة : تتكون من مورفيمين على الأقل. 3. علم الفونولوجي : هو علم الصوت البشري النطقي الفونيمي البدائي ، الذي يهتم بالبحث الوصفي العضوي الوظيفي التحليلي التجريدي التجريبي ، لكل من أوتوماتيكية وميكانيكية وديناميكية إصدار أصوات النطق الفونيمية التي تمثل المرحلة الفسيولوجية الثالثة ... 4. علم الفونوتيك : هو علم الصوت البشري النطقي المسموع ، الذي يهتم بالبحث الوصفي العضوي الوظيفي التحليلي التجريدي التجريبي الآلي التطبيقي ، لكل من أوتوماتيكية وميكانيكية وديناميكية إصدار الأصوات البشرية المنطوقة المسموعة التي يصدرها الإنسان إراديا عند الكلام ... لا أدري إن كان هذا مجرد علم جديد (اللسانيات .. الألسنيات .. اللانغويستيك) أم هو نموذج من نماذج التيسير المنشود أيضا ?. والله المستعان ..داوود.. |