البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : كناشة الفوائد و النكت    قيّم
التقييم :
( من قبل 6 أعضاء )

رأي الوراق :

 جمال 
21 - مارس - 2007
انا جديد عندكم وأعجبني الوراق فأردت أن أتحفكم بكُناشي ،
ولكن ما الكناشة?
قال صاحب التاج :(الكناشة:الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط. يستعمله المغاربة.)
فسأذكرُ من غير ترتيبٍ فوائدَ ونكتاً من أنواع شتى من المعارف و الطرائف .
 
1)_ قال بهاء الدين ابن النحاس الحلبي :كما في ترجمته في "بغية الوعاة" للسيوطي:
 
الـيـوم  شئٌ وغداً iiمثله من نُخب العلم التي تُلتقط
يـحصلُ المرءُ بها iiحكمةً وإنما السيل اجتماع النقط.
 27  28  29  30  31 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
شكر وتحية للدكتور يحيى مصري    كن أول من يقيّم
 
 
كل الشكر والتحية والتقدير لك أستاذنا ، كلماتك الودودة ، وعطاؤك الذي لا ينضب . أدامك الله وأسعد أوقاتك ، آمين !
*ضياء
10 - نوفمبر - 2007
إياك...    كن أول من يقيّم
 
الموصول
سمِع الكسائي : " اللاؤوا فعلوا ". في الأمالي الشجرية 2/308 : قال الكسائي : " سمِعتُ هُذَيلاً تقول : " هم اللاؤوا فعلوا كذا وكذا " ، ومنهم من يقول : " هم اللائي فعلوا " – بالياء – في الأحوال الثلاث ".
قال الفرّاء : وهذه اللغة سواءٌ في الرجال والنساء، ومنهم من يحذف الياء في الرجال والنساء،فيقول : " هم اللاءِ فعلوا " و " هنّ اللاءِ فعلن " قال : وأنشدني رجل من سُلَيم :
فما آباؤنا بأمَنّ منه       علينا اللاءِ قد مَهَدوا الحُجُورا
أراد باللاءِ بمعنى الذين .
والبيت لم يُعرفْ قائله . وهو في الأمالي الشجرية2/308 ، والعيني1/429،
وشرح التسهيل لابن مالك1/32 . وانظر سِر الصناعة2/536و537، ط/د.هنداوي.
ما جرى من الأسماء مَجرى المصادر
قولنا : ( تُرْباً ) و ( جَنْدلاً ) : لا حاجة إلى أن يُتَأوّل بمصدر ، بل يُجعَل الجامد منه مفعولاً به ، كَ ( ترباً ) و ( جندلاً ) ، والتقدير : ألزمه الله ترباً وجندلاً . ويُجعَل المشتق حالاً ، نحو : ( عائذاً بك ) ، والتقدير : اعتصمتـ عائذاً بك . يُنظر : ( الكتاب1/158 ب ، والمقتضب3/222 ، وابن يعيش1/122 ) .
المفعول معه
قال أسيد بن إياس الهُذَلي :
       فَقدْني وإيّاهم فإنء ألقَ بعضَهم      يكونوا كتعجيل السَّنام المُسَرْهَدِ
( قد ) : بمعنى حَسْب ، وهو اسم فعل .
( إيّا ) : مفعول معه بعد ( قد ) ، وهو ضمير نصب منفصل مبني على السكون . أمّا هذا البيت الذي لم أهتدِ إلى قائله ، وهو في العيني (3/86):
    لا تَحبِسَنّكَ أثوابي فقد جُمِعتْ     هذا ردائيَ مَطْويّاً و سِربالا
فقد جعل الفارسي ( سربالاً ) مفعولاً معه ، وعامله ( مَطويّاً ). وأجاز أن يكون عامله ( هذا ) .( التصريح1/343 ، والأشموني2/136).
فائدة : ابن جِنّي تلميذ أبي علي الفارسي اختار تقديم المفعول معه على مصحوبه ، نحو : " جاء والطّيالسةَ البردُ " ( الخصائص2/383).
إيّاك وإيّاه وإيّايَ
1- عند سيبويه والأخفش والفارسي : ( إيّا ) هي الضمير ، والكاف للخطاب ، والهاء للغَيبَة ، والياء للحضور . ( الكتاب1/309 ،380،2/144 ب، ومعاني القرآن للأخفش1/16 ، والخصائص2/189).
2- عند الخليل : ( إيّا ) اسمٌ مضمر أضيف إلى الكاف والهاء والياء .( مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي1/10 ، وإعراب القرآن للنحّاس1/123 ، وسِر الصناعة1/312). ونُسِب إليه رأيٌ آخَرُ ، وهو إضافته إلى الاسم الظّاهر ؛ لأنه حُكِيَ عن العرب : " إذا بلغ الرجل السّتين فإيّاهُ وإيّا الشّوابّ " ( الإنصاف ، المسألة 98 ) .
3- عند المبرّد : ( إيّا ) اسم مبهَم أضيف للتّخصيص . ( المقتضَب3/212 ) .
4- عند الزَّجّاج : اسم مضمر خصّ بالإضافة إلى سائر المضمرات . ( سر الصناعة1/314 ، والمحتسَب1/40 ) .
5- عند ابن كَيْسان : الكاف هو الاسم ، و(إيّا) : عماد . ( المشكل1/10) .
أمّا الكوفيون فلهم رأيان في الضمير :
( الأول ) : الكاف والهاء والياء هي الضمير ، و( إيّا ) : عماد . (الإنصاف ، المسألة 98 ، والصاحبي 110).
( الآخَر) : الاسم بكماله هو الضمير . ( مشكل إعراب القرآن 1/11، ط : ياسين السّواس ) .
فائدة : أصل ( إيّاك ) : إيْواك ، وقيل : إوْياك ، فاجتمع الياء والواو ، والسّابق
        منهما ساكن ، فقُلِبت الواو ياءً وجُعِلتا ياءً مشَدَّدة . ( منثور الفوائد ،ص49) .
 
*د يحيى
10 - نوفمبر - 2007
مفرد يراد منه الجمع    كن أول من يقيّم
 
قراءة القرآن ثوابية، وتدبرية، وتطبيقية...
قوله تعالى: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ"  الآية. أفرد هنا تعالى لفظ (السَّمَاءِ) ورد عليه الضمير بصيغة الجمع في قوله "فَسَوَّاهُنَّ" وللجمع بين ضمير الجمع ومفسره المفرد وجهان:
الأول: إن المراد بالسماء جنسها الصادق بسبع سموات وعليه فأل جنسية.
الآخر: أنه لا خلاف بين أهل اللسان العربي في وقوع إطلاق المفرد وإرادة الجمع مع تعريف المفرد وتنكيره وإضافته, وهو كثير في القرآن العظيم وفي كلام العرب. فمن أمثلته في القرآن واللفظ معرف قوله تعالى: "وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ" أي بالكتب كلها بدليل قوله تعالى: "كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِه" , وقوله: "وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ" وقوله تعالى: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" يعني الأدبار, كما هو ظاهر وقوله تعالى: "أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ" يعني: الغرفات، بدليل قوله تعالى: "لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ" ، وقوله تعالى: "وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ" وقوله تعالى: "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً" ؛ أي الملائكة بدليل قوله تعالى: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ"  وقوله تعالى: "أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا" يعني الأطفال الذين لم يظهروا, وقوله تعالى: "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" يعني الأعداء.
ومن أمثلته واللفظ منكّر قوله تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ" يعني وأنهار بدليل قوله تعالى: "فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ" وقوله تعالى: "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً"  يعني أئمة, وقوله تعالى: "مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ" يعني سامرين, وقوله: "ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً" يعني أطفالاً، وقوله: "لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ" أي بينهم, وقوله تعالى: "وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً"؛ أي رفقاء، وقوله: "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا"؛ أي جُنُبِين أو أجناباً وقوله: "وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ"؛ أي (ظاهرون) ؛ لدلالة السياق فيها كلها على الجمع. واستدل سيبويه لهذا بقوله: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً"؛ أي أنفُساً.
ومن أمثلته واللفظ مضاف قوله تعالى: "إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي" يعني أضيافي, وقوله: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ" ؛ أي أوامره. وأنشد سيبويه لإطلاق المفرد وإرادة الجمع قول الشاعر، و هو علقمة بن عبدة التميمي: 
بها جِيَف الحسرى فأمّا عظامُها  **  فَبيِضٌ وأمّا جِلْدُها فَصليبُ
يعني :وأمّا جلودها فصليبة. وأنشد له أيضاً قول الآخر:
كلوا في بعض بطنِكمُ تعفّوا  **  فإنّ زمانكم زمنٌ خميصُ
يعني: في بعض بطونكم. ومن شواهده قول عقيل بن علفة المري: 
وكان بنو فزارةَ شرّ عم  **  وكنت لهم كشرّ بني الأخينا
يعني: شر أعمام. وقول العباس بن مرداس السّلَمي:
فقلنا أسلموا أنا أخوكم  **  وقد سلمت من الإحن الصدورُ
يعني أنا إخوانكم. وقول الآخر: 
يا عاذلاتي لا تردن ملامة  **  إن العواذل ليس لي بأمير
يعني: لسن لي بأمراء.
وهذا في النعت بالمصدر مطّرد كقول زهير:
متى يشتجرْ قومٌ يقل سرواتهم  **  هم بيننا هم رِضى وهم عدل
ولأجل مراعاة هذا لم يجمع في القرآن السمع والطّرْف والضيف؛ لأن أصلها مصادر كقوله تعالى: "خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ"، وقوله: "لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ" وقوله تعالى: "يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ" وقوله: "إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي".
رحم الله كاتبها وقارئها وشارحها وموصلها.
*د يحيى
11 - نوفمبر - 2007
القضاء والقدر    كن أول من يقيّم
 
القضاء والقدر
إنه لا داعيَ للحَيرة في شأنه ، فإن الإسلام قد شفى في جوابه وكفى ...
1- أما أن كل ما في الكون مكتوب مسجل ، فهذا معلوم من الدين بالضرورة ، ولا شك فيه ، وإن كنا لا نعلم كيفية الكتابة ، وما هية الكتاب . وكل الذي نعلمه أن الله تعالى قد أبدع هذا الكون بأرضه وسمائه ، وجماداته وأحيائه على وَفق تقدير أزلي عنده ، وأنه أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ، وأن كل ما يحدث في هذا الكون الواسع يحدث وَفقَ علمه وإرادته "ولا يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" ( يونس/61) ، "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين" (الأنعام/59) ، "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير" ( الحديد/22).
2- هذا العلم المستوعب والإحصاء الدقيق والتسجيل الشامل للأشياء والأحداث قبل وقوعها لا ينافي الاجتهاد في العمل واتخاذ الأسباب ، فإن الله سبحانه وتعالى كما كتب المسببات كتب الأسباب ، وكما قدر النتائج ، قدّر المقدمات
فهو لايكتب للطالب النجاح فحسب بحيث يصل إلى هذه النتيجة بأي وسيلة ، ولكن يكتب له النجاح بوسائله من جِدّ وحِرص وانتباه و وعي وصبر وجلَد إلى آخر هذه الأسباب . فهذا مقدر مكتوب ، وهذا مقدر مكتوب .
إن الأخذ بالأسباب لا ينافي في القدر ، بل هو من القدر أيضاً . ولهذا حين سئل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأدوية والأسباب التي يُتّقى بها المكروه، هل تردّ من قدر الله شيئاً ، كان جوابه الفاضل : "هي من قدر الله"
(رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسّنه) . ولما انتشر الوباء في بلاد الشام، قرّر عمر مشورة الصحابة العُدول عن دخولها، والرجوع بمن معه من المسلمين، فقيل له : أتفِرُّ من قدر الله يا أمير المؤمنين ؟ قال : نَعم ، نفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت إنْ نَزَلْتَ بقعتين من الأرض ، إحداهما : مخصبة، والأخرى : مُجدبة ، أليس إن رعيت المخصبة رعيتها بقدر الله ، وإنْ رعَيْتَ المجدبة رعيتها بقدر الله؟ !
3- على أنّ القدر أمر مغيب مستور عنا . نحن لا نعرف أنّ الشيء مقدّر إلا بعد وقوعه. أما قبل الوقوع فنحن مأمورون أن نتبع السنن الكونية والتوجيهات الشرعية ؛ لنحرز الخير لديننا ودنيانا :
إنما الغيب كتاب صانه  **  عن عيون الخلق رب العالمين
ليس يبدو منه للناس سوى  **  صفحة الحاضر حيناً بعد حين
وسنن الله في كونه وشرعه تحتم علينا الأخذ بالأسباب كما فعل ذلك أقوى الناس إيماناً بالله وقضائه وقدره ، وهو سيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أخذ الحذر، وأعدّ الجيوش، وبعث الطلائع والعيون، وظاهربين درعين، ولبس المغفر على رأسه، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذِنَ في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو بنفسه، واتخذ أسباب الحَيطة في هجرته...أعد الرواحل التي يمتطيها ، والدليل الذي يصحبه، وغيّر الطريق، واختبأ في الغار، وتعاطى أسباب الأكل والشرب، وادّخر لأهله قوت عام ولم ينتظر أن ينزل عليه الرزق من السماء ، وقال للذي سأله : أيعقل ناقته أم يتركها ويتوكل : "اعقلْها وتوكّلْ"(رواه ابن حبّان بإسناد صحيح عن عمرو بن أمية الضمري) . وقال : "فِرَّ من المجذوم فِرارَكَ من الأسد"، و"لا يوردن ممرض على مصِح" .(رواهما البخاري) ؛ أي لا يخلط صاحب الإبل المريضة إبله بالإبل السليمة؛ اتّقاء العدوى .
4- الإيمان بالقدر إذن لا ينافي العمل والسعي والجِد في جلْب ما نحب، واتقاء ما نكره. وليس لمتراخ أو كسلان أن يُلقيَ على القدر كل أوزاره وأثقاله، وأخطائه وخطاياه ، فهذا دليل العجز والهرب من المسؤولية ، ورحم الله الدكتور محمد إقبال إذ قال: "المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، أمّا المسلم القوي فهو يعتقد أنه قضاء الله الذي لا يُرَد، وقدره الذي لا يُغلَب" .
وهكذا كان المسلمون الأوائل يعتقدون .
في معارك الفتح الإسلامي دخل المغيرة بن شعبة على قائد من قادة الروم فقال له : مَنْ أنتم ؟ قال : نحن قدَر الله، ابتلاكم الله بنا ، فلو كنتم في سحابة لَصَعِدنا إليكم ، أو لَهَبطتم إلينا !!
ولا ينبغي أن يلجأ الإنسان إلى الاعتذار بالقدر إلا حينما يبذل وسعه ، ويفرغ جهده وطاقته، وبعد ذلك يقول : هذا قضاء الله .
غلب رجلٌ رجلاً أمام النبي صلى اله عليه وسلم ، فقال المغلوب : حسبي الله ، فغضب النبي ، ورأى ظاهر هذه الكلمة إيماناً ، وباطنها عجزاً ، فقال : "إنّ الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيِّس ، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله".
( رواه أبو داود ) .
5- إنّ من ثمرة الإيمان بالقضاء والقدر- حينما يبذل الإنسان كل ما تحت يده ، ويرتقب ما في يد الله – أن يهَبَه المضاء في موقف اليأس ، والعزيمة في مجال الكفاح، والشجاعة ساعة الخطر، والصبر عند الصدمة، والرضا بالكسب
الحلال عند تفاوت الحظوظ الدنيوية .
- إنه سيقول عند الكفاح : "لن يُصيبَنا إلا ما كتب الله لنا "
- وسيقول عند المعركة : "قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كُتب عليهم القتل إلى مضاجعهم"
- وسيقول عند المصيبة : " قدر الله وما شاء فعل"
- وسيقول للسلطان الجائر : إنك لن تقدّمَ أجلي ، ولن تحرِمَني رزقاً هو لي .
إنّ عقيدة القدَر إذا فهمت على وجهها الصحيح تستطيع أن تصنع من أمتنا أمّة جديرة بأنْ تقود زمام التاريخ.
 
   لا تعارض ولا استشكال في آي الذكر الحكيم:
*قوله تعالى لبني إسرائيل: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} لا يعارض قوله تعالى في تفضيل هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية. لأن المراد بالعالمين عالموا زمانهم بدليل الآيات والأحاديث المصرحة بأن هذه الأمة أفضل منهم كحديث معاوية بن حيدة القشيرى في المساند والسنن, قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله " ألا ترى أن الله جعل المقتصد منهم هو أعلاهم منزلة حيث قال: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}, وجعل في هذه الأمة درجة أعلى من درجة المقتصد وهي درجة السابق بالخيرات حيث قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} الآية
.
*قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} الآية هذه الآية تدل بظاهرها على أن الشهداء أحياء غير أموات, وقد قال في آية أخرى لمن هو أفضل من كل الشهداء صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}.
والجواب عن هذا أن الشهداء يموتون الموتة الدنيوية فتورث أموالهم وتنكح نساءهم بإجماع المسلمين, وهذه الموتة التي أخبر الله نبيه أنه يموتها صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيح عن صاحبه الصديق رضي الله عنه أنه قال لما توفي صلى الله عليه وسلم: "بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين, أما الموتة التي كتب الله عليك فقد متها" وقال: "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات". واستدل على ذلك بالقرآن ورجع إليه جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التي ثبت في الحديث أنه يرد بها السلام على من سلم عليه فكلتاهما حياة برزخية ليست معقولة لأهل الدنيا, أما في الشهداء فقد نص تعالى على ذلك بقوله: {وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ}, وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: "تجعل أرواحهم في حواصل طيور خضر ترتع في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فهم يتنعمون بذلك", وأما ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه لا يسلم عليه أحد إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام وأن الله وَكَّل ملائكته يبلغونه سلام أمته فإن تلك الحياة أيضا لا يعقل حقيقتها أهل الدنيا لأنها ثابتة له صلى الله عليه وسلم مع أن روحه الكريمة في أعلى عليين مع الرفيق الأعلى فوق أرواح الشهداء فتعلق هذه الروح الطاهرة التي هي في أعلى عليين بهذا البدن الشريف الذي لا تأكله الأرض يعلم الله حقيقته ولا يعلمها الخلق كما قال في جنس ذلك {وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} ولو كانت كالحياة التي يعرفها آهل الدنيا لما قال الصديق رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم مات ولما جاز دفنه ولا نصب خليفة غيره ولا قتل عثمان ولا اختلف أصحابه ولا جرى على عائشة ما جرى ولسألوه عن الأحكام التي اختلفوا فيها بعده كالعول وميراث الجد والاخوة ونحو ذلك.
وإذا صرح القرآن بأن الشهداء أحياء في قوله تعالى بل أحياء, وصرح بأن هذه الحياة لا يعرف حقيقتها أهل الدنيا بقوله: {وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ}, وكان النبي صلى الله عليه وسلم أثبت حياته في القبر بحيث يسمع السلام ويرده وأصحابه الذين دفنوه صلى الله عليه وسلم لا تشعر حواسهم بتلك الحياة عرفنا أنها حياة لا يعقلها أهل الدنيا أيضا, ومما يقرب هذا للذهن حياة النائم فإنه يخالف الحي في جميع التصرفات مع أنه يدرك الرؤيا ويعقل المعاني والله تعالى أعلم.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح ما نصه: "ومعلوم بالضرورة أن جسده صلى الله عليه وسلم في الأرض طرى مطرا وقد سأله الصحابة:كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ فقال: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"  ولو لم يكن جسده في ضريحه لما أجاب بهذا الجواب, وقد صح عنه "إن الله وكل بقبره ملائكة يبلغونه عن أمته السلام", وصح عنه أنه خرج بين أبي بكر وعمر وقال: "هكذا نبعث" هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق الأعلى في أعلى عليين مع أرواح الأنبياء, وقد صح عنه أنه رأى موسى يصلي في قبره ليلة الإسراء ورآه في السماء السادسة أو السابعة, فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به بحيث يصلي في قبره ويرد سلام من يسلم عليه وهي في الرفيق الأعلى ولا تنافي بين الأمرين, فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان". انتهى محل الغرض من كلام ابن القيم بلفظه,  وهو يدل على أن الحياة المذكورة غير معلومة الحقيقة لأهل الدنيا. قال تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} والعلم عند الله.
قوله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}. هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن الكفار لا عقول لهم أصلا لأن قوله شيئا نكرة في سياق النفي فهي تدل على العموم وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الكفار لهم عقول يعقلون بها في الدنيا كقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}. والجواب أنهم يعقلون أمور الدنيا دون أمور الآخرة كما بينه تعالى بقوله: {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.
قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية, هذه الآية تدل على طلب الانتقام, وقد أذن الله في الانتقام في آيات كثيرة كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ, إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} الآية, وكقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ}, وكقوله: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} الآية, وقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}, وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}, وقد جاءت آيات أخر تدل على العفو وترك الانتقام كقوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}, وقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}, وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}, وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}, وكقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}. والجواب عن هذا بأمرين:
أحدهما:  أن الله بيّن مشروعية الانتقام ثم أرشد إلى أفضلية العفو, ويدل لهذا قوله   تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}, وقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ}, أذن في الانتقام بقوله: {إِلا مَنْ ظُلِمَ}, ثم أرشد إلى العفو بقوله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}
الوجه الثاني: أنّ الانتقام له موضع يحسن فيه, والعفو له موضع كذلك, وإيضاحه أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله, ألا ترى أنّ من غصبت منه جاريته مثلا إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور, تنتهك به حرمات الله, فالانتقام في مثل هذه الحالة واجب, وعليه يحمل الأمر{فَاعْتَدُوا} الآية, أي كما بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب, بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح, ونحو ذلك فعفوه أحسن وأفضل, وقد قال أبو الطيب المتنبي:
إذا قيل حلمٌ قل فللحلمِ موضعٌ
 
رحم الله كاتبها وقارئها ومعتقِدها.
*د يحيى
11 - نوفمبر - 2007
اللهم اجزِ خيراً إخوتي : زهير وصبري وعمر.    كن أول من يقيّم
 
استنباط
" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " ( سورة قريش106/4).
1- وفرة القوت : من سمات نجاح الاقتصاد.
2- الأمن : من مِيزات نجاح السياسة .
نَعَمْ ! إن وفرة الأقوات ، وسهولة التبادل هما أساس الحرّيّة الاقتصادية ، وإنّ استتباب الأمن وانتفاء الخوف هما
أساس الحرية السياسية .
3- في الجمع بين إطعامهم من جوع ، وأمْنِهم من خوف نعمة عظمى ؛ لأن الإنسان لا يَنعَم ولا يَسعَد إلا بتحصيل
    هاتين النعمتين معاً ؛ إذ لا عيش مع الجوع ، ولا أمن مع الخوف . وتَكمُل النعمة باجتماعهما . ولذا جاء الحديث :
    " مَنْ أصبح مُعافىً في بدنه ، آمِناً في سِرْبه ، عندَه قوتُ يومه ، اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها ".
وبهذه المناسبة إنّ على كل مسلم أفراداً وجماعات ، أن يقابلوا آلاء الله، سبحانه، بالشكر ، وأن يشكروها بالطاعة ،
والعبادة لله الواحد الأحد الفرد الصمد الرزاق الوهّاب....، وأنْ يَحذروا كُفران النّعم . فما قدْرُ مسلم ٍمثقف لا يُصلّي ؟
وما حُجته؟ وما قيمة غني لا يُزكّي؟ ومَنْ رَزَقَه؟.
إنّ التقوى ثمرة عبادة مكتملة " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " . كيف تتِمّ تقوى
من غير عبادة ؟ كيف يُبنَى صرحٌ من غير لبِنات وأدوات وأثاث ورياش ؟
 .
خير الكلام ما قلّ و دلّ
·       العلاقة بالله أساسُها الاستقامة ، ولا مكان فيها لمخادعة أو مُراءاة .
·       إن الفَقر الثقافي أسوأ عُقبى من الفَقر المالي .
·       إنّ من السقوط أن تلين لمن يريد قهْرَك ، ويحطّ قدْرَك ، ويَحقِرُ دِينَك ، ويُحاول فتنتك .
·       إذا أحببتَ جائراً لنفعٍ يعود عليك ، أو كرِهتَ عادلاً لطمع لم يَسُقْهُ إليك ، فاتّهِمْ إيمانك.
·       إنّ الإنسانية كلها أمام موعدَيْن : قريبٍ متعجّل وهو الموت ، ومتراخٍ متمهّل وهو يوم القيامة .
·       إنّ الأحجار في طريق الكُسالى عوائق ، وفي طريق الناشطين سلالم : الأولون ينكُصون،والآخَرون يصعدون .
·       الفاشل يظنّ أنه إذا قَتَلَ الناجحَ يستفيد قوة جديدة ، وهذا مستحيل ، فإنك لن تبنيَ نفسَكَ بِهَدْم غيرِك ،ستظل كما أنت .
·       المُحزِن أنّ عالَمَنا المعاصِر مفتونٌ بإنسانية هابطة ، أو علمانية تَشُدُّه إلى التراب وتَربِطه بنزعاته وقلما ترفعه إلى السماء من حيث جاء ...
·       لا بد أن يتساءل كلّ عاقل منّا : ماذا فعلْتَ في أمْسك الدابر ؟ وماذا قدّمتَ لمستقبلك الخالد ؛ لأنّ المسلم يعمل للحياتين معاً .
·       إنّ إعانة محتاج شرطٌ في الإيمان كإقامة الصلاة وأدائها بخشوع ، وتَهدّد بالويل مانع الماعون عن محتاج إليه .
 
يا ربَّنا...
                               يا ربنا أنت اللطيف فكن لنا  **   عوناً مُعيناً في الشدائد والرّدى
                               فرّجْ بفضلك يا إلهي كَرْبَنا   **    ارحمْ بعفوك يا إلهي ضَعفنا
                               يسّرْ بجُودك يا إلهي رِزقنا  **     نَوِّرْ بعِلْمك يا إلهي قلْبنا
                               أيِّدْ بِرُوحك يا إلهي جَمْعَنا **  يا خيرَ مَنْ مدّ الأنامُ له يدا
نَعَمْ . اللهمّ إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى أن تؤيّد جمعنا ، وأن تجزيَ إخْوتنا :[ عمر ، وزهير ، وصبري] خير الجزاء . ذكرتُ الأول ؛ لأنه دعا ، والثاني ؛ لأنه استجاب ، والثالث ؛ لأنه أصيل وكريم . جزاكم الله خيراً أجمعين . آمين .
 
 
 
   
*د يحيى
11 - نوفمبر - 2007
أصول النعمة.    كن أول من يقيّم
 
*أصول النّعم
 
1- الإسلام : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " . الآية.
 2- الصِّحّة ، وكمال الخِلْقة : " ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين " . الآية . " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
      كان عنه مسؤولاً " . الآية .
3- المال في كسبه وإنفاقه سواء . ففي كسبه من حِلّه نعمة ، وفي إنفاقه في أوجهه نعمة .
     إننا نرى أصول هذه النعم في مجمل الحديث : " إذا كان يوم القيامة لا تزول قدم عبدٍ حتى يُسألَ عن خَمسٍ :
                - عن عمره فيمَ أبلاه؟
                -وعن عِلْمه فيم عمِل به؟
               - وعن ماله من أين اكتسبه ؟                                               
               -  وفيم أنفقه ؟                                                           
              - وعن شبابه فيم أفناه ؟
                                                              
  إنّ شكر النعمة ، والإقرار للمنعِم ، والقيام بحقه ، سبحانه ، فيها أمرٌ مطلوب ، لا ينبغي غيابه عن البال .
   اللهمّ أوزِعْنا أن نشكر نعمتك ، واجعلْ ما أنعمتَ علينا عوناً على طاعتك . آمين .
 
*لماذا سُمّي الشاعر شاعراً ؟
 
"لوجوهٍ ، منها : أنه شعَرَ الشعرَ ، وقصدَه ، وأرادَه ، واهتدى إليه ، وأتى به كلاماً موزوناً على طريقة العرب مقفّى . ومتى خلا من هذه الأوصاف ، أو من بعضها ،فلا يستحق أن يسمى شاعراً ، ولا القول شعراً ؛ بدليل أنه لو قال كلاماً موزوناً على طريقة العرب ، وقصد به الشعر ، وأراده ، ولم يُقَفّه ، لم يستحِقَّ ذلك الكلام أن يسمى شعراً ، ولا قائله شاعراً بإجماعٍ من العلماء والشعراء [نقل البغدادي هذا الإجماع عن ابن القَطّاع . ( حاشية على شرح بانت سعاد2/1/660) ، ونقل الإمام النووي كلام ابن القطاع . ( شرح النووي على صحيح مسلم12/119)].
وكذلك لو قفّاه ، وقصد به الشعر ، وأراده ، غير أنه لم يأتِ به موزوناً ، وكذا إذا أتى به موزوناً مقفّىً ، غير أنه لم يقصِدْ به الشعر ، ولا أراده ، لم يستحِقَّ ذلك ، بدليل أنّ كثيراً من الناس يأتون بكلام موزونٍ مقفّى ، غير أنهم ما شعروا له ، ولا قصدوه ، ولا أرادوه ، فلا يستحقون التسمية بذلك  ....كما قال قائلٌ لإنسان بحضرة أبي العتاهية ( رآه وفي يده مِسحٌ ؛ وهو التِّين) :
                             يا صاحبَ المِسحِ تبيعُ المِسحا
فأجابه أبو العتاهية بأنْ قال :
                            فإنّ عندي إنْ أردتَ الرِّبحا  "
 ( الشافي في علم القوافي لابن القطاع الصقلّي ، ص107-109، تحقيق أخي وصديقي د/ صالح العايد ، دار إشبيلية ، الرياض).
 
*التراث ، و بعض تلاميذ الجامعة الأمريكية
 
 " إذا كان الإلحاد حرّر الإنسان من الله ، فإنّ التصوّف حرّره من الشريعة واضعاً اللهَ في الإنسان "
   ( الثابت والمتحوّل ، أدونيس ، صفحة 98) .
هذه المقولة قالها في رسالته الدكتوراه التي أشرفت عليها الجامعة الأمريكية في لبنان ، ثم أطلقت عليه الَّلجنة اسم :
" المسلم الثائر المستنير " ....ثم طلع الرجل على شاشة الMBC مع الأستاذ محمد رضا نصر باسم الشعر المُحدَث ،
فقال في ما قاله : " إنني مع الشياطين ، ولست مع الملائكة ؛ لأنّ الشياطين تُحرِّش، وتحرّك ، وتدفع الشاعر لأنْ يفجّرَ طاقاتِه الشعريةَ التي تلهَج بحرية فكر الإنسان " .
ومعلوم ٌ أنّ الرجل هو القائل بوجود آيات قرآنية تتكلم على الحب الجنسي ....
إنّ الصرخة في الوادي لها صداها عند أصحابها في مستواها ، والنفخة في الرمادِ لا تصيب إلا عيون نافخيها .
فائدة : أدونيس ، وفاء سلطان ، القاديانية : هذا المثلث مَرضيّ عنه ، وله اعتباره هنا في أمريكا ، وهناك في بريطانية
وثيقة صادرة عن الفاتيكان
 
أعلن الدكتور محمد معروف الدواليبي عن أنّ لديه وثيقةً صادرة عن الفاتيكان تُقِرُّ فيها أنّ المسيح- عليه السلام- عبدٌ من عباد الله ، ولا علاقة له بألوهية . وقد أضاف أن الوثيقة تتضمن تعليمات صريحة بألا يُذكر المسيح على أنه الإله ،
وإنما يُذكر فيها خالقُ السموات والأرض وربّ إبراهيم . والغريب أن هذه الوثيقة اعترفت بأن الكنيسة ارتكبت مظالم ضد الإسلام والمسلمين ، وأنه يجب الانفتاح في هذه الأيام على الإسلام . كما أبدت الكنيسة أسفها على أنها كانت من
وراء الحروب الصليبية ، ثم من وراء الاستعمار العالمي الجديد للدول الإسلامية ، وأنها كانت من وراء قيام إسرائيل
 لضرب العروبة والإسلام ، والواجب أن يدخل النصارى في حوار مع العرب والمسلمين ؛ لمعالجة ذلك الماضي السييء . قال الدكتور الدواليبي : إنّ اليهود بوسائلهم الكثيرة المتنوعة قاموا بسحب هذه الوثيقة ، وقد وضع الأمير  (جيه ): رئيس المخابرات الإنجليزية الأمريكية كتاباً فضح فيه ما صنع اليهود ، فقاموا بخطفه هو وزوجته وأولاده ...
تنبيه : إعلان الرجل عن هذا كان في سنة 1992.
                                                                    
                                                                                                                  
*د يحيى
12 - نوفمبر - 2007
الصوفي    كن أول من يقيّم
 
                                                       الصوفي والتصوف
قال ابن الجَوزي في( تلبيس إبليس صفحة 171):
"كانت النسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والإسلام، فيقال مسلم ومؤمن.  ثم حدث اسم( زاهد) و(عابد)، ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد، فتخلَّوْا عن الدنيا ،وانقطعوا إلى العبادة، واتخذوا في ذلك طريقة تفرّدوا بها، وأخلاقا ًتخلّقوا بها.  ورأوا أنّ أول مَن انفرد به بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام رجلٌ كان يقال له: صوفة، واسمه الغوث بن مر، فانتسبوا إليه؛ لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى، فسُمّوا بالصوفية" .
أي شيء ينسب الصوفي؟
1.    كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله عز وجل وقطنوا الكعبة، فمن تشبه بهم فهم الصوفية. 
2.    نسبة الصوفي إلى أهل الصُّفّة غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: صُفِّي. 
3.    قال قوم: الصوفي من الصوفانية، وهي بقلة رعناء قصيرة، فنسبوا إليها؛ لاجتزائهم بنبات الصحراء.  وهذا غلط؛ لأنه لو نسبوا إليها لقيل: صوفاني. 
4.    الصوفي منسوب إلى صوفة القفا، وهي الشعرات النابتة في مؤخره ،كأن الصوفي عطف به إلى الحق، وصرف عن الخلق. 
5.    الصوفي منسوب إلى الصوف، وهذا محتمل، والصحيح الأول.  [ينظر القُشيري في رسالته صفحة 126].
                                   قناعة الصوفي
 
في (عوارف المعارف للسهروردي صفحة35): 
نقل عن الحسن البصري أنه قال:
رأيت صوفياً في الطواف، فأعطيته شيئاً ،فلم يأخذْ، وقال :معي أربعة دوانيق يكفيني ما معي. ويشيد هذا ما روي عن سفيان أنه قال: لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء. وهذا يدل على أن الاسم كان يعرف قديماً. 
في( كشف الظنون): أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفَّى عام 150 هجري. 
                                  أصل طريقة الصوفية
 
مُحاسبة النفس على الأفعال، والحِلم، والإخلاص، والصِّدق، ومُجاهدة الطبع بردّه عن الأخلاق الرذيلة، وحَمْلِه على الأخلاق الجميلة...
الصوفي الحقيقي يسلك طريق: قال الله، وقال رسوله، ويأخذ بالإجماع، وهو سنة الخلفاء الراشدين من بعد وفاة رسو ل الله صلى الله عليه وسلم: يصلّي المكتوبة، والسنن الراتبة ،وغير الراتبة، والنوافل، ويصوم الاثنين والخميس، وأيام البِيض، ويصالح المتخاصمين، ويقوم الليل، ويبَرّ بالوالدين، ويحسن ظنه بالناس،ويعاشر الطاهر؛ لأنه قرينه، كما يعاشر الفاجر؛ ليؤثر فيه، ويبسط يده ووجهه، ويعمل للحياتين، ولكنه يغلّب الحياة الآخرة، فهو قانِع، ولسانه رطب بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويألف الناس وهم يألفونه.  إذا نظرتَ إلى وجهه، ذكرتَ الله سبحانه وتعالى...
في قمة صفائه يتوسَّم فيك، فيلهمه الله قولَ أشياءَ عجيبةٍ،وهذا هو الكشف، وصدق الله العظيم : "إنّ في ذلك لآياتٍ للمتوسِّمين"، وصدق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله". 
نسأل الله تعالى أن نهتدي بهدي كتابه، وسنّة رسوله، وسنةِ الخلفاء الراشدين، وأن يُنشِئ كلٌّ منّا شُبّانه وشوابَّه على حُب الله ورسوله، وعلى طاعتهما ،وعلى الإحسان إلى الوالدين،وصلة الأرحام، واحترام المعلمين، وتوقير العلماءالعاملين . آمين...   
 
 
*د يحيى
13 - نوفمبر - 2007
( عدّ) بمعنى ( ظنّ) .    كن أول من يقيّم
 
 
                                   الجمال في الضفيرة
               قوله تعالى: "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ...". الآية
أسند في هذه الآية الكريمة التَوَفِّيَ إلى مَلَكٍ واحد، وأسند في آياتٍ أخَر إلى جماعةٍ من الملائكة ،كقوله:
 "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَة" وقوله: "تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" وقوله: "وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ..." وقوله: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوأيديهم..."
 وأسنده في آية أخرى إلى نفسِه جلّ وعلا وهي قوله تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا...".
والجواب عن هذا ظاهرٌ، وهو أن إسناده التَّوَفِّيَ إلى نفسه؛ لأن ملَك الموت لا يقدِر أن يقبِضَ روح أحد إلا بإذنه ومشيئته تعالى:" وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً" وأسنده لملَك الموت؛ لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأسنده للملائكة ؛لأن ملَك الموت له أعوانٌ من الملائكة تحت رئاسته، يفعلون بأمره، وينزعون الروح إلى الحلقوم، فيأخذها ملَك الموت. والعِلمُ عند الله تعالى.
رحم الله كاتبها وقارئها وموصلها . آمين .
العطف على المحل
قال سيبويه : " ولو قلتَ : مررتُ بعَمْروٍ وزيداً ، لكان عربياً " . ( الكتاب1/48ب).
وقد أجاز العطف على المحل أيضاً أبو العباس المبرّد . ( المقتضَب4/33).
( يُنظر الخصائص1/102 ،341 ومغني اللبيب2/95).
                                             ( عدَّ ) بمعنى ( ظنّ)
قال النعمان بن بشير الأنصاري ، رضي الله عنه، :
فلا تَعدُدِالمولى شريكَك في الغنى  **     ولكنما المولى شريكُك في العُدْمِ
( الديوان، ص159).
(المولى): ابن العم . ومن معانيه : الجار ، والحليف ، والناصر ، والعتيق ، والمعتق...
و( العُدْم ) : الفَقر ، وكذلك العَدَم[ بفتح العين والدال ].
( المولى شريكك) في صدر البيت : مفعولان ، واللتان في عجز البيت : مبتدأ وخبر.( لكنّما ): مكفوفة كافة...
إنه قلّ مَنْ ذكر ( عدّ ) بمعنى ( ظنّ) . وممن ذكرها ابن هشام اللخمي ( متوفَّى عام557 هجري).
 ( يُنظر شرح الكافية الشافية2/545).  
 
*د يحيى
13 - نوفمبر - 2007
الكفر    كن أول من يقيّم
 
                                            الكفر
الكفر في اللغة ستر الشيء، ووصف الليل بالكافر لستره الأشخاص، والزراع لستره البذر في الأرض، وليس ذلك باسم لهما كما قال بعض أهل اللغة لما سمع:
ألقت ذكاء يمينها في كافر *
 والكافور اسم أكمام الثمرة التي تكفرها، قال الشاعر:
 * كالكرم إذ نادى من الكافور *
 وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها، قال تعالى: "فلا كفران لسعيه". وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً. والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعاً قال تعالى : "فأبى الظالمون إلا كفوراً" وقال: " فأبى أكثر الناس إلا كفوراً". ويقال منهما كفر فهو، كافر، قال في الكفران: "ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربي غني كريم" وقال: "واشكروا لي ولا تكفرونِ". وقوله: "وفعلت فعلتك التي فعلتَ وأنت من الكافرين"؛ أي تحرّيت كفران نعمتي، وقال: "لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد". ولما كان الكفران يقتضي جحود النعمة، صار يستعمل في الجحود، قال: "ولا تكونوا أول كافر به" ؛ أي جاحد له وساتر، والكافر على الإطلاق متعارف في مَن يجحد الوحدانية أو النبوة أو الشريعة أو ثلاثتها، وقد يقال كفر لمن أخلّ بالشريعة وترك ما لزم من شكر الله عليه، قال: "من كفر فعليه كفره" يدل على ذلك مقابلته بقوله: "ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون" وقال "وأكثرهم الكافرون" . وقوله "ولا تكونوا أول كافر به" ؛ أي :لا تكونوا أئمة في الكفر فيقتدى بكم، وقوله "ومن يكفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" يعني بالكافر الساتر للحق فلذلك جعله فاسقاً، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق، ومعناه مَن جحد حق الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه. ولما جعل كل فعل محمود من الإيمان جعل كل فعل مذموم من الكفر، وقال في السحر: "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر" . وقوله: "الذين يأكلون الربا" - إلى قوله - كل كفار أثيم" وقال: "ولله على الناس حج البيت - إلى قوله - ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" . والكفور: المبالِغ في كفران النعمة، وقوله: "إن الإنسان لكفور" وقال: "ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور" .
إن قيل كيف وصف الإنسان ههنا بالكفور ولم يرض بذلك حتى أدخل عليه إنّ واللام، وكل ذلك تأكيد، وقال في موضع "وكرّه إليكم الكفر". فقوله "إن الإنسان لكفور مبين" تنبيه على ما ينطوي عليه الإنسان من كفران النعمة، وقلة ما يقوم بأداء الشكر، وعلى هذا قوله: "قتل الإنسان ما أكفره" ولذلك قال: "وقليلٌ من عباديَ الشَّكور". وقوله "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً" تنبيه على أنه عرفه الطريقين، كما قال: "وهديناه النجدين" فمِن سالك سبيلَ الشكر، ومِن سالكٍ سبيلَ الكفر. وقوله "وكان الشيطان لربه كفوراً" فمن الكفر ونبّه بقوله "كان"  أنه لم يزل منذ وجد منطوياً على الكفر. وكَفّار أبلغ من الكَفور؛ لقوله "كل كفار عنيد" وقال "إن الله لا يحب كل كفار أثيم" " إن الله لا يهدي من هو كاذبٌ كفار - إلا فاجراً كفاراً". وقد أجرى الكفار مُجرى الكفور في قوله "إن الإنسان لظلوم كفار". والكُفّار في جمع الكافر المضاد للإيمان أكثر استعمالاً، كقوله: "أشداء على الكفار"، وقوله: " ليغيظ بهم الكفار" والكفرة في جمع كافر النعمة أشد استعمالاً، وفي قوله: "أولئك هم الكفرة الفجرة" ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة ؟ والفجرة قد يقال للفُسّاق من المسلمين.و قوله: "جزاء لمن كان كفر" ؛ أي بالأنبياء ومن يجري مجراهم ممن بذلوا النصح في أمر الله فلم يقبل منهم. وقوله "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا" قيل عنى بقوله إنهم آمنوا بموسى ثم كفروا بمن بعده. والنصارى آمنوا بعيسى ثم كفروا بمن بعده. وقيل آمنوا بموسى ثم كفروا بموسى إذ لم يؤمنوا بغيره، وقيل هو ما قال: "وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي" إلى قوله: "واكفروا آخره" ولم يرد أنهم آمنوا مرتين وكفروا مرتين، بل ذلك إشارة إلى أحوال كثيرة. وقيل كما يصعد الإنسان في الفضائل في ثلاث درجات، ينعكس في الرذائل في ثلاث درجات والآية إشارة إلى ذلك. ويقال كفر فلان إذا اعتقد الكفر، ويقال ذلك إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد، ولذلك قال: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان". ويقال كفر فلان بالشيطان إذا كفر بسببه، وقد يقال ذلك إذا آمن وخالف الشيطان كقوله " فمن يكفربالطاغوت ويؤمن بالله" وأكفره إكفاراً : حكم بكفره، وقد يعبر عن التبرؤ بالكفر، نحو: "ويوم القيامة يكفر بعضُكم ببعض" وقوله تعالى: "إنى كفرت بما أشركتموني من قبل" وقوله "كمثل غيث أعجب الكفار نباته" قيل عنى بالكفار: الزُّرّاع؛ لأنهم يغطّون البذر في التراب ستر الكفار حق الله تعالى، بدلالة قوله: "يعجب الزّراع ليغيظ بهم الكفار" ، ولأن الكافر لا اختصاص له بذلك. وقيل بل عنى الكفار، وخصهم بكونهم معجبين بالدنيا وزخارفها وراكنين إليها. والكَفّارة ما يغطي الإثم، ومنه كفارة اليمين، نحو قوله "ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم" وكذلك كفارة غيره من الآثام ،ككفارة القتل والظَّهار، قال: "فكفارته إطعام عشَرةِ مساكينَ" . والتكفير ستره وتغطيته؛ حتى يصيرَ بمنزلة ما لم يعملْ ويصِح أن يكون أصله إزالة الكفر والكفران، نحو التمريض في كونه إزالة للمرض وتقذية العين في إزالة القذى عنه، قال: "ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم - نكفّر عنكم سيئاتكم"، وإلى هذا المعنى أشار بقوله: "إن الحسناتِ يُذهِبن السيئات"، وقيل صغار الحسنات لا تكفر كبار السيئات، وقال: "لأكفرنّ عنهم سيئاتهم - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا". ويقال: كفرت الشمس النجوم؛ أي: سترتها. ويقال الكافر للسحاب الذي يغطي الشمس والليل، قال الشاعر:
                  ألقت ذُكاء يمينها في كافر *
 وتكفر في السلاح أي تغطى فيه. والكافور أكمام الثمرة؛ أي التي تكفر الثمرة، قال الشاعر:
كالكرم إذ نادى من الكافور *
 والكافور الذي هو من الطيب، قال تعالى: "كان مزاجها كافوراً".
 
 
*د يحيى
13 - نوفمبر - 2007
من معاني ( الضّلال) .    كن أول من يقيّم
 
إطلاق الضلال في القرآن الكريم
1- الذَّهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي ، كقوله تعالى على لسان إخوة يوسف مخاطبين أباهم : " قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم " ، وقولِهِ تعالى في سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم : " ووجدك ضالاً فهدى " ؛ أي : لستَ عالماً بهذه العلوم التي لا تُعرَف إلا بالوحي ، فهداك إليها وعلّمكها بما أوحِيَ إليك من هذا القرآن العظيم . ومنه بهذا المعنى قولُ الشاعر :
                                      وتظنّ سلمى أنني أبغي بها      بَدَلاً أراها في الضلال تَهيمُ
يعني أنها غير عالمة بالحقيقة في ظنها أنه يبغي بها بدلاً وهو لا يبغي بها بدلاً . وليس مراد أولاد يعقوب الضلالَ في الدين ؛ إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كُفاراً ، وإنما مُرادهم أنّ أباهم في زعمهم في ذَهابٍ عن إدراك الحقيقة ، وإنزال الأمر منزلتَه اللائقةَ به ، حيث آثَرَ اثنين على عشَرَة ، مع أنَ العشَرَةَ أكثرُ نفعاً له ، وأقدَرُ على القيام بشُؤونه وتدبيرِ أمورِهِ .
2- الضلال في الدين ؛ أي الذَّهاب عن طريق الحق التي جاءت به الرسل ، عليهم السلام وهذا أشهر معانيه في القرآن الكريم ، ومنه بهذا المعنى قوله سبحانه : " غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضّالين " ، وقوله : " ولقد ضلّ قبْلَهم أكثرُ الأوّلين " ، وقوله : " ولقد أضَلّ منكم جِبِلاً كثيراً " وغير ذلك من الآيات.
3- الضّلال بمعنى الهلاك والغَيبة ، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى : " وقالوا أئذا ضَلَلْنا في الأرض " . الآية ؛ لأنّ العرب تقول : ضَلّ السّمنُ في الطّعام ؛ إذا غاب فيه وهلك فيه .
هذا ، وتسمي العرب الدّفنَ إضلالاً ؛ لأنه تغْييبٌ في الأرض يَؤول إلى استهلاك عِظام الميت فيها ؛ لأنها تَصير رميماً ، وتمتزج بالأرض .
ومِن إطلاق الضلال على الغَيبة قوله تعالى : " وضَلّ عنهم ما كانوا يفترون " ؛ أي غاب .
ومِن إطلاق الضلال على الدّفن قولُ النّابغة الذّبياني :
                                            فآبَ مُضِلُّوهُ بِعينٍ جليّةٍ      وغُودِرَ بالجَولان حَزْمٌ ونائلُ
فقولُه : مُضِلُّوه يعني دافِنِيهِ . وقولُه : بِعينٍ جَلِيّةٍ ؛ أي بِخَبَرٍ يقين . والجَولان : جَبَلٌ دُفِن عنده المذكور.
ومِن الضلال بمعنى الغَيْبَة والاضمحلال قولُ الأخطل :
                                           كُنتَ القذى في مَوْجِ أكدَرَ مُزْبِدٍ     قُذِفَ الأتيُّ به فَضَلّ ضلالا
وقولُ الآخَر :
                                           
  ألم تَسألْ فَتُخبِرَكَ الدّيارُ      على الحيّ المُضَلَّلِ أين ساروا
 
*د يحيى
18 - نوفمبر - 2007
 27  28  29  30  31