البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : كناشة الفوائد و النكت    قيّم
التقييم :
( من قبل 6 أعضاء )

رأي الوراق :

 جمال 
21 - مارس - 2007
انا جديد عندكم وأعجبني الوراق فأردت أن أتحفكم بكُناشي ،
ولكن ما الكناشة?
قال صاحب التاج :(الكناشة:الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط. يستعمله المغاربة.)
فسأذكرُ من غير ترتيبٍ فوائدَ ونكتاً من أنواع شتى من المعارف و الطرائف .
 
1)_ قال بهاء الدين ابن النحاس الحلبي :كما في ترجمته في "بغية الوعاة" للسيوطي:
 
الـيـوم  شئٌ وغداً iiمثله من نُخب العلم التي تُلتقط
يـحصلُ المرءُ بها iiحكمةً وإنما السيل اجتماع النقط.
 25  26  27  28  29 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا لن أبيح من الجزائر إصبعا    كن أول من يقيّم
 
طاشتْ بها الطرقاتُ.. فاختصرتْ لها
نهجَ المنايا للسيادة مهيعا
وامتصّها المتزعّمون!! فأصبحتْ
شِلْواً.. بأنياب الذئاب مُمَزَّعا
وإذا السياسةُ لم تفوِّض أمرها
للنار.. كانت خدعةً وتصنُّعا!!
إنِّي رأيتُ الكون يسجد خاشعاً
للحقّ.. والرشَّاش.. إن نطقا معا!!!
خَبِّرْ فرنسا.. يا زمانُ.. بأننا
هيهات في استقلالنا أن نُخدعا!
واستفتِ يا «ديغولُ» شعبَكَ.. إنهُ
حُكْمُ الزمان.. فما عسى أن تصنعا؟
شعبُ الجزائر قال في استفتائهِ
لا.. لن أُبيح من الجزائر إصبعا
واختار يومَ (الاقتراع) (نفمبراً)
فمضى.. وصمّم أن يثورَ ويقرعا!!
 
 
*جمال
26 - أكتوبر - 2007
أخي العزيز الأستاذ فاروق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أنا لا أعارض أحداً .
" سنقرئك فلا تنسى "( الأعلى87/6)
               تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)..
 وقال آخرون: ليست هذه الآية في معنى تلك، وإنما هذه وعد بإقرار الشرع والسور، وأمره أن لا ينسى على معنى التثبيت والتأكيد، وقد علم أن ترك النسيان ليس في قدرته، فقد نهي عن إغفال التعاهد، وأثبت الياء في " تنسى " لتعديل رؤوس الآي، وقال الجنيد: معنى { فلا تنسى } ، لا تترك العمل بما تضمن من أمر ونهي، وقوله تعالى: { إلا ما شاء الله } ، قال الحسن وقتادة وغيره مما قضى الله تعالى بنسخه، وأن ترفع تلاوته وحكمه. وقال الفراء وجماعة من أهل المعاني: هو استثناء صلة في الكلام على سنة الله تعالى في الاستثناء، وليس ثم شيء أبيح نسيانه، وقال ابن عباس: { إلا ما شاء الله } أن ينسيكه لتسن به على نحو قوله عليه السلام " إني لأنسى أَو أُنَسَّى لأسنَّ " وقال بعض المتأولين: { إلا ما شاء الله } أن يغلبك النسيان عليه ثم يذكرك به بعد، ومن هذا " قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع قراءة عباد بن بشر يرحمه الله: " لقد أذكرني كذا في سورة كذا وكذا "
 
*تفسير تفسير القرآن/ العزبن عبد السلام (ت 660 هـ)
{ فَلا تَنسَى } لا تترك العمل.
*تفسير البحر المحيط/ أبو حيان (ت 754 هـ
{ سنقرِئك فلا تنسى } : قال الحسن وقتادة ومالك: هذا في معنى:
لا تحرك به لسانك }

[القيامة: 16].
 
*تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
جعلناه نهياً كان أمراً بالمواظبة على الأسباب المانعة من النسيان وهي الدراسة والقراءة والبحث فلا يكون من البشارة في شيء
 
تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)*
 
المعنى: أنه أمره تعالى بأنْ لا يَنْسَى على معنى التَّثْبِيتِ والتأكيدِ، وقال الجنيد: معنى { لا تُنْسَىٰ } لاَ تَتْرُكِ العمَلَ بما تَضَمَّنَ مِنْ أمْرٍ ونهي.
 
تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ أبو السعود (ت 951 هـ*
 
المرادُ به النسيانُ في الجملةِ على القلةِ والندرةِ كما رُويَ " أنه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أسقطَ آيةً في قراءتِه في الصلاةِ حٍسبَ أبَـيٌّ أنها نُسختْ فسألَه فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ " نسِيتُها" .
وأبَيُّ بن كعب هو سيّد القُرّاء. ( يحيى) .
 
"تفسير روح المعاني/ الآلوسي (ت 1270 هـ
وجوّز أيضاً أن يكون المراد نفي نسيان المضمون؛ أي سنقرئك القرآن فلا تغفُلْ عنه فتخالفه في أعمالك، ففيه وعدٌ بتوفيقه عليه الصلاة والسلام لالتزام ما فيه من الأحكام وهو كما ترى. وقيل: فلا تنسى نهيٌ، والألف لِمُراعاة الفاصلة كما في قوله تعالى:
فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ }
 
تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ)*
هذه السورة من أوائل السُّوَر نزولاً. وقد ثبت في الصحيح عن ابن عباس: «أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يعالج من التنزيل شِدة إذا نزل جبريل، وكان ممَّا يحرّك شفتيْه ولسانَه، يريد أن يحفظه ويخشى أن يتفلت عليه فقيل له:
لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جَمْعَه وقرآنَه "
***تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه معنى { نقرِئكَ } في سورة طه في الكلام على قوله تعالى:
{ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ }
[طه: 114]، وبيّنه بآية القيامة
{ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }
[القيامة: 16-17].

وقوله: فلا تنسى:
بحثه رحمة الله تعالى علينا وعليه في( دفع إيهام الاضطراب).
هو الجزء العاشر من أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ( يحيى).
 
 
 
تفسير الدر المَصُون/السَّمين الحلبي (ت 756 هـ)

                                                           { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ }
{ فَلاَ تَنسَىٰ }: قيل: هو نَفْيٌ، أخبر تعالى أنَّ نبيَّه عليه السلام لا يَنْسَى. وقيل: نهيٌّ، والألفُ إشباعٌ، وقد تَقَدَّم نحوٌ مِنْ هذا في يوسف وطه. ومنع مكي أَنْ يكونَ نهياً؛ لأنه لا يُنْهَى عمَّا ليس باختيارِه. وهذا غيرُ لازمٍ؛ إذ المعنى: النهيُ عن تعاطي أسبابِ النسيانِ،
وهو شائعٌ.
 
**تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ
 قيل: معنى { فلا تنسى }: فلا تترك العمل إلاَّ ما شاء الله أن تتركه لنسخه ورفع حكمه. وقيل المعنى: إلاَّ ما شاء الله أن يؤخر إنزاله. وقيل: " لا " في قوله: { فَلاَ تَنسَىٰ } للنهي. والألف مزيدة لرعاية الفاصلة، كما في قوله:
فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ }
 
تفسير المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عَطية (ت 546 هـ)
 يعني: فلا تغفل قراءته. وأمَرَهُ أنْ لا ينسى على معنى التثبيت والتأكيد، وقد علم أن ترك النسيان ليس في قدرته، فقد نهي عن إغفال التعاهد، وأثبت الياء في " تنسى " لتعديل رؤوس الآي، وقال الجنيد: معنى " فلا تنسى "لا تترك العمل بما تضمن من أمر ونهي، وقوله تعالى: { إلا ما شاء الله } ، قال الحسن وقتادة وغيره مما قضى الله تعالى بنسخه، وأن ترفع تلاوته وحكمه. وقال الفراء وجماعة من أهل المعاني: هو استثناء صلة في الكلام على سنة الله تعالى في الاستثناء، وليس ثَمّ شيءٌ أبيح نسيانه، وقال ابن عباس: { إلا ما شاء الله } أن ينسيكه لتسن به على نحو قوله عليه السلام " إني لأنسى أَو أُنَسَّى لأسنَّ " وقال بعض المتأولين: { إلا ما شاء الله } أن يغلبك النسيان عليه ثم يذكرك به بعد، ومن هذا " قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع قراءة عباد بن بشر يرحمه الله: " لقد    أذكرني كذا في سورة كذا وكذا "    
 
 *  "تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ)
 
كان يغشى مجلس الجنيد أهلُ البَسْط من العلوم، وكان يغشاه ابن كَيْسانَ النحويّ، وكان رجلاً جليلاً؛ فقال يوماً: ما تقول يا أبا القاسم في قول الله تعالى: { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ }؟ فأجابه مسرعاً ـ كأنه تقدّم له السؤال قبل ذلك بأوقات: لا تَنْسَ العملَ به. فقال ابن كَيْسان: لا يَفْضُضِ اللهُ فاك! مِثلُك مَن يُصْدَر عن رأيه. وقوله: «فلا»: للنفي لا للنهي. وقيل: للنهي؛ وإنما أثبتت الياء لأن رؤوس الآي على ذلك.
 
*د يحيى
27 - أكتوبر - 2007
الإنسان لا يقوم وحدَه    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
كتاب: "الإنسان لا يقوم وحده "
للعالم (كريسي موريسون) رئيس أكاديمية العلوم بمدينة نيويورك


" إن الطيور لها غريزة العودة إلى الموطن. فعصفور الهزاز الذي عشش ببابك يهاجر جنوباً في الخريف. ولكنه يعود إلى عشه في الربيع التالي. وفي شهر سبتمبر تطير أسراب من معظم طيورنا إلى الجنوب. وقد تقطع نحو ألف ميل فوق أرض البحار. ولكنها لا تضل طريقها. وحمام الزاجل إذا تحير من جراء أصوات جديدة عليه في رحلة طويلة داخل قفص، يحوم برهة ثم يقصد قدماً إلى موطنه دون أن يضل.. والنحلة تجد خليتها مهما طمست الريح في هبوبها على الأعشاب والأشجار، كل دليل يرى. وحاسة العودة إلى الوطن هذه هي ضعيفة في الإنسان، ولكنه يكمل عتاده القليل منها بأدوات الملاحة. ونحن في حاجة إلى هذه الغريزة، وعقولنا تسد هذه الحاجة. ولا بد أن للحشرات الدقيقة عيوناً ميكروسكوبية (مكبرة) لا ندري مبلغها من الإحكام؛ وأن للصقور بصراً تلسكوبياً (مكبراً مقرباً). وهنا أيضاً يتفوق الإنسان بأدواته الميكانيكية فهو بتلسكوبه يبصر سديماً بلغ من الضعف أنه يحتاج إلى مضاعفة قوة إبصاره مليوني مرة ليراه. وهو بمكروسكوبه الكهربائي يستطيع أن يرى بكتريا كانت غير مرئية (بل كذلك الحشرات الصغيرة التي تعَضُّها!). "
" وأنت إذا تركت حصانك العجوز وحده، فإنه يلزم الطريق مهما اشتدت ظلمة الليل. وهو يقدر أن يرى ولو في غير وضوح. ولكنه يلحظ اختلاف درجة الحرارة في الطريق وجانبيه بعينين تأثرتا قليلاً بالأشعة تحت الحمراء التي للطريق. والبومة تستطيع أن تبصر الفأر الدافئ اللطيف وهو يجري على العشب البارد مهما تكن ظلمة الليل. ونحن نقلب الليل نهاراً بإحداث إشعاع في تلك المجموعة التي نسميها الضوء ".
" إن العاملات من النحل تصنع حجرات مختلفات الأحجام في المشط الذي يستخدم في التربية. وتُعِدُّ الحجرات الصغيرات للعمال، والأكبر منها لليعاسيب (ذكور النحل) وتعد غرفة خاصة للملكات الحوامل. والنحلة الملكية تضع بيضاً غير مخصّب في الخلايا المخصصة للذكور، وبيضاً مخصباً في الحجرات الصحيحة المعدة للعاملات الإناث والملكات المنتظرات. والعاملات اللائي هن إناث معدلات بعد أن انتظرن طويلاً مجيء الجيل الجديد، تهيأن أيضاً لإعداد الغذاء للنحل الصغير بمضغ العسل واللقح ومقدمات هضمه. ثم ينقطعن عن عملية المضغ ومقدمات الهضم عند مرحلة معينة من تطور الذكور والإناث، ولا يغذين سوى العسل واللقح. والإناث اللاتي يعالجن على هذا الشكل يصبحن عاملات".
" أما الإناث اللاتي في حجرات الملكة، فإن التغذية بالمضغ ومقدمات الهضم تستمر عندهن. وهؤلاء اللواتي يعاملن هذه المعاملة الخاصة يتطورن إلى ملكات نحل، وهن وحدَهن اللائي ينتجن بيضاً مخصباً. وعملية تكرار الإنتاج هذه تتضمن حجرات خاصة، وبيضاً خاصاً، كما تتضمن الأثر العجيب الذي لتغيير الغذاء، وهذا يتطلب الانتظار والتمييز وتطبيق اكتشاف أثر الغذاء! وهذه التغيرات تنطبق على حياة الجماعةخاصةً، وتبدو ضرورية لوجودها. ولا بد أن المعرفة والمهارة اللازمتين لذلك قد تم اكتسابهما بعد ابتداء هذه الحياة الجماعة، وليستا بالضرورة ملازمتين لتكوين النحل ولا لبقائه على الحياة. وعلى ذلك فيبدو أن النحل قد فاق الإنسان في معرفة تأثير الغذاء تحت ظروف معينة! "
" والكلب بما أوتي من أنف فضولي يستطيع أن يحس الحيوان الذي مر. وليس ثمة من أداة من اختراع الإنسان لتقوي حاسة الشم الضعيفة لديه. ومع هذا فإن حاسة الشم الخاصة بنا ـ على ضعفها ـ قد بلغت من الدقة أنها يمكنها أن تتبين الذرات المكروسكوبية البالغة الدقة "..
" وكل الحيوانات تسمع الأصوات التي يكون كثيرٌ منها خارج دائرة الاهتزازات الخاصة بنا، وذلك بدقة تفوق كثيراً حاسة السمع المحدودة عندنا. وقد أصبح الإنسان يستطيع بفضل وسائله أن يسمع صوت ذبابة تطير على بعد أميال، كما لو كانت فوق طبلة أذنه. ويستطيع بمثل تلك الأدوات أن يسجل وقع شعاع شمسي! "
" إن إحدى العناكب المائية تصنع لنفسها عشاً على شكل منطاد (بالون) من خيوط العنكبوت. وتعلقه بشيء ما تحت الماء. ثم تمسك ببراعة فقاعة هواء في شعر جسمها، وتحملها إلى الماء، ثم تطلقها تحت العش. ثم تكرر هذه العملية حتى ينتفخ العش. وعندئذ تلد صغارها وتربّيها، آمنةً عليها من هبوب الهواء. فها هنا نجد طريقة النسج، بما يشمله من هندسة وتركيب وملاحة جوية! "
وسمك " السلمون " الصغير يمضي سنوات في البحر، ثم يعود إلى نهره الخاص به. والأكثر من ذلك أنه يصعد إلى جانب النهر الذي يصب عنده النهير الذي ولد فيه.. فما الذي يجعل السمك يرجِع إلى مكان مولده بهذا التحديد؟ إن سمكة السلمون التي تصعد في النهر صعداً إذا أنقلت إلى نهير آخر أدركت فوراً أنه ليس جدولها. فهي لذلك تشق طريقها خلال النهر، ثم تحيد ضد التيار، قاصدة إلى مصيرها!
" وهناك لغز أصعب من ذلك يتطلب الحل، وهو الخاص بثعابين الماء التي تسلك عكس هذا المسلك، فإن تلك المخلوقات العجيبة متى اكتمل نموها، هاجرت من مختلف البِرَك والأنهار.
وإذا كانت في أوربا قطعت آلاف الأميال في المحيط قاصدة كلها إلى الأعماق السحيقة جنوبي برمودا. وهناك تبيض وتموت. أما صغارها تلك التي لا تملك وسيلة لتعرف بها أي شيء سوى أنها في مياه ضحلة ـ فإنها تعود أدراجها وتجد طريقها إلى الشاطئ الذي جاءت منه أمهاتها. ومن ثَمّ إلى كل نهر أو بحيرة أو بِركة صغيرة. ولذا يظل كل جسم من الماء آهلاً بثعابين البحار. لقد قاومت التيارات القوية، وثبتت للأمداد والعواصف، وغالبت الأمواج المتلاطمة على كل شاطئ. وهي الآن يتاح لها النمو، حتى إذا اكتمل نموها دفعها قانون خفي إلى الرجوع حيث كانت بعد أن تتم الرحلة كلها. فمن أين ينشأ الحافز الذي يواجهها لذلك؟ لم يحدث قط أن صيد ثعبان ماء أمريكي في المياه الأوربية، أو صيد ثعبان ماء أوربي في المياه الأمريكية. والطبيعة تبطئ في إنماء ثعبان الماء الأوربي مدة سنة أو أكثر لتعوض من زيادة مسافة الرحلة التي يقطعها (إذ إن مسافته أطول من مسافة زميله الأمريكي) تُرى هل الذرات والهباءات إذا توحدت معاً في ثعبان ماء يكون لها حاسة التوجيه وقوة الإرادة اللازمة للتنفيذ؟!
" وإذا حملتْ الريح فراشة أنثى من خلال نافذة إلى علية بيتك، فإنها لا تلبث حتى ترسل إشارة خفية. وقد يكون الذكر على مِسافة بعيدة. ولكنه يتلقى هذه الإشارة ويجاوبها، مهما أحدثتَ أنتَ من رائحة بعملك لتضليلهما. تُرى هل لتلك المخلوقة الضئيلة محطةُ إذاعة. وهل لذكر الفراشة جهازُ راديو عقلي، فضلاً عن السلك اللاقط للصوت (إيريال)؟ أتُراها تهز الأثير فهو يتلقى الاهتزاز؟! "
" إن التليفون والراديو هما من العجائب الآلية. وهما يتيحان لنا الاتصال السريع. ولكننا مرتبطون في شأنهما بسلك ومكان. وعلى ذلك لا تزال الفراشة متفوقة علينا من هذه الوجهة ".
" والنبات يتحايل على استخدام وكلاء لمواصلة وجوده دون رغبة من جانبهم! كالحشرات التي تحمل اللقح من زهرة إلى أخرى، والرياح، وكل شيء يطير أو يمشي؛ ليوزع بذوره. وأخيراً أوقع النبات الإنسان ذا السيادة في الفخ! فقد حسن الطبيعة وجازته بسخاء. غير أنه شديد التكاثر؛ حتى أصبح مقيداً بالمحراث، وعليه أن يبذر ويحصد ويخزن، وعليه أن يربي ويهجن، وأن يشذب ويطعم. وإذا هو أغفل هذه الأعمال كانت المجاعة نصيبه، وتدهورت المدنية، وعادت الأرض إلى حالتها الفطرية! "..
" وكثير من الحيوانات هي مثل " سرطان البحر " الذي إذا فقد مخلباً عرف أن جزءاً من جسمه قد ضاع، وسارع إلى تعويضه بإعادة تنشيط الخلايا وعوامل الوراثة؛ ومتى تم ذلك كفت الخلايا عن العمل؛ لأنها تعرف بطريقة ما أنّ وقت الراحة قد حان! "
" وكثير الأرجل المائي إذا انقسم إلى قسمين استطاع أن يصلح نفسه عن طريق أحد هذين النصفين.وأنت إذا قطعت رأس دودة الطعم تسارع إلى صنع رأس بدلاً منه. ونحن نستطيع أن ننشط التئام الجروح، ولكن متى يتاح للجرّاحين أن يعرفوا كيف يحركون الخلايا لتنتج ذراعاً جديدة، أو لحماً أو عظاماً أو أظافر أو أعصاباً؟ ـ إذا كان ذلك في حيز الإمكان؟! "
" وهناك حقيقة مدهشة تلقي بعض الضوء على لغز هذا الخلق من جديد: فإن الخلايا في المراحل الأولى من تطورها، إذا تفرقت، صار لكلٍ منها القدرةُ على خلق حيوان كامل. ومِن ثَمّ فإنه إذا انقسمت الخلية الأولى إلى قسمين، وتفرق هذان، تطور منهما فردان. وقد يكون في ذلك تفسيرٌ لتشابه التوْءَمين. ولكنه يدل على أكثر من ذلك. وهو أنّ كل خلية في البداية يمكن أن تكون فرداً كاملاً بالتفصيل. فليس هناك شكٌ إذن، في أنك أنت، في كل خلية ونسيج! "..
ويقول في فصل آخر:
" إن جوزة البلوط تسقط على الأرض، فتحفظها قشرتها السمراء الجامدة، وتتدرج في حفرة ما من الأرض، وفي الربيع تستيقظ الجرثومة، فتنفجر القشرة، وتزدرد الطعام من اللب الشبيه بالبيضة الذي اختفت فيه " الجينات " (وحدات الوراثة) وهي تمد الجذور في الأرض، وإذا بك ترى فرخاً أو شتلة (شجيرة) وبعد سنوات شجرة! وإن الجرثومة بما فيها من جينات قد تضاعفت ملايين الملايين، فصنعت الجذع والقشرة وكل ورقة وكل ثمرة، مماثلة لتلك التي لشجرة البلوط التي تولدت عنها. وفي خلايا مئات السنين قد بقي من ثمار البلوط التي لا تحصى نفس ترتيب الذرات تماماً الذي أنتج أول شجرة بلوط منذ ملايين السنين ".
وفي فصل ثالث يقول:
" وكل خلية تنتج في أي مخلوق حي يجب أن تكيف نفسها لتكون جزءاً من اللحم. أو أن تضحي بنفسها كجزء من الجلد الذي لا يلبث حتى يبلى. وعليها أن تصنع ميناء الأسنان، وأن تنتج السائل الشفاف في العين، أو أن تدخل في تكوين الأنف أو الأذن. ثم على كل خلية أن تكيّف نفسَها من حيث الشكلُ وكل خاصية أخرى لازمة لتأدية مَهمّتها. ومن العسير أن نتصور أن خليةً ما هي ذات يد يمنى أو يسرى. ولكن إحدى الخلايا تصبح جزءاً من الأذن اليمنى، في حين الأخرى تصبح جزءاً من الأذن اليسرى. "
" وإن مئات الآلاف من الخلايا تبدو كأنها مدفوعة لأن تفعل الشيء الصواب في الوقت الصواب. وفي المكان الصواب "!
وفي فصل رابع.
" في خليط الخلق قد أتيح لكثير من المخلوقات أن تبدي درجة عالية من أشكال معينة من الغريزة أو الذكاء أو ما لا ندري. فالدبور مثلاً يصيد الجندب النطاط، ويحفر حفرة في الأرض، ويخز الجندب في المكان المناسب تماماً حتى يفقِد وعيه، ولكنه يعيش كنوع من اللحم المحفوظ.. وأنثى الدبور تضع بيضاً في المكان المناسب بالضبط، ولعلها لا تدري أن صغارها حين تفقس يمكنها أن تتغذى، دون أن تقتل الحشرة التي هي غذاؤها، فيكون ذلك خطراً على وجودها. ولا بد أنّ الدبور قد فعل ذلك من البداية وكرّره دائماً، وإلا ما بقيت زنابير على وجه الأرض.. والعلم لا يجد تفسيراً لهذه الظاهرة الخفية، ولكنها مع ذلك لا يمكن أن تنسب إلى المصادفة! "
" وإن أنثى الدبور تغطي حفرة في الأرض، وترحل فرحاً، ثم تموت. فلا هي ولا أسلافها قد فكرت في هذه العملية، وهي لا تعلم ماذا يحدث لصغارها، أو أن هناك شيئاً يسمى صغاراً.. بل إنها لا تدري أنها عاشت وعملت لحفظ نوعها! "
" وفي بعض أنواع النمل يأتي العملة منه بحبوب صغيرة لإطعام غيرها من النمل في خلال فصل الشتاء. وينشئ النمل ما هو معروف " بمخزن الطحن " وفيه يقوم النمل الذي أوتي أفكاكاً كبيرة معدة للطحن، بإعداد الطعام للمستعمرة. وهذا هو شاغلها الوحيد. وحين يأتي الخريف، وتكون الحبوب كلها قد طحنت، فإن " أعظم خير لأكبر عدد " يتطلب حفظ تلك المؤونة من الطعام. وما دام الجيل الجديد سينتظم كثيراً من النمل الطحان؛ فإن جنود النمل تقتل النمل الطاحن الموجود. ولعلها ترضي ضميرها الحشري بأن ذلك النمل قد نال جزاءه الكافي، إذ كانت له الفرصة الأولى في الإفادة من الغذاء أثناء طحنه! "
"وهناك أنواع من النمل تدفعها الغريزة أو التفكير (واختر منهما ما يحلو لك) إلى زرع أعشاشٍ للطعام فيما يمكن تسميته " بحدائق الأعشاش ". وتصيد أنواعاً معينة من الدود والأرق أو اليرق (وهي حشرات صغيرة تسبب آفة الندوة العسلية) فهذه المخلوقات هي بقر النمل وعنزاتها! ومنها يأخذ النمل إفرازات معينة تشبه العسل ليكون طعاماً له ".
" والنمل يأسر طوائف منه ويسترقها. وبعض النمل حين يصنع أعشاشه، يقطع الأوراق مطابقة للحجم المطلوب. وبينما يضع بعض عملة النمل الأطراف في مكانها، تستخدم صغارها ـ التي وهي في الدور اليرقي تقدر أن تغزل الحرير ـ لحياكتها معاً! وربما حرم طفل النمل عمل شرنقة لنفسه،ولكنه قد خدم الجماعة!"
" فكيف يتاح لذرات المادة التي تتكون منها النملة، أن تقوم بهذه العمليات المعقدة؟ " لا شك في أن هناك خالقاً أرشدها إلى كل ذلك انتهى..
أجل. لا شك في أن هناك خالقاً أرشدها، وأرشد غيرها من الخلائق. كبيرها وصغيرها. إلى كل ذلك.. إنه "الأعلى الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى".

وهذه النماذج التي اقتطفناها من كلام ذلك العالم ليست سوى طرف صغير من الملاحظات التي سجلها البشر في عوالم النبات والحشرات والطيور والحيوان. ووراءها حشود من مثلها كثيرة.. وهذه الحشود لا تزيد على أن تشير إلى جانب صغير من مدلول قوله تعالى: "الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى".. في هذا الوجود المشهود الذي لا نعرف عنه إلا أقل من القليل. ووراءه عالم الغيب الذي ترد لنا عنه لمحات فيما يحدثنا الله عنه؛ بالقدر الذي يطيقه تكويننا البشري الضعيف!".
 
*د يحيى
27 - أكتوبر - 2007
الاستغفار    كن أول من يقيّم
 
 
                               الاستغفار وتأثيره على النفس
المؤمن المراقب لله - تعالى -في جميع أفعاله، تقِلّ أخطاؤه، وإذا حدث أن زلّت قدمه فأخطأ
يذكر الله، ويرى عِظَم خطيئته فيُقلِع نادماً، ويستغفر، قال  تعالى: "إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائفٌ من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون" ( الأعراف: الآية 201).
و الله - سبحانه وتعالى - يذكر صفاتِ المؤمنين الذين يستحقّون مغفرته بقوله: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يُصرِّوا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم" (سورة آل عمران: الآية 135).
و هذا الأسلوب التربوي الرباني يتطابق مع أحدث مبتكرات الطب النفسي بالمعالجة بالتحليل النفسي لكثيرٍ من الأمراض النفسية التي ترجِع إلى عُقِدٍ نفسية ناجمة عن الكبت المرضي. وخلاصة هذه المعالجة أن يعترف المريض أمام طبيبه بأخطائه، فيراها ويشعر بها وتحدث مهادنة بين النفس والضمير وإذا ما تسامح الضمير وحصل الصفاء بينه وبين النفس زالت العقد النفسية وشفي المريض.
 والعقد النفسية ليست وهماً فهي تسبب مظاهر مرضية حقيقة و الاستغفار ما هو إلا اعتراف بالذنب أمام خالق الإنسان ومبدعه، فالمؤمن يستغفر وهو موقن بعفو الله ومغفرته، و هذا أدعى لتخلصه وشفائه مما يعانيه من اضطراب. والقرآن الكريم يحدثنا عن مرض سيدنا أيوب - عليه السلام - واستشفائه بالاستغفار:
"وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغمّ وكذلك ننجي المؤمنين" (الأنبياء21/ 87).
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين " لم يدْعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له " (رواه الترمذي والإمام أحمد وصححه ووافقه الذهبي).
و الاستغفار بلا شك مدعاة لنيل رحمة الله - تعالى - وما عنده من خير. قال  تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً" (سورة نوح: الآية 10).
قال ابن القيم: وأما تأثير الاستغفار في دفع الهمّ والغمّ والضيق فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة: أنّ المعاصي والفساد توجب الهمّ والغمّ والخوف والحزن وأمراض القلب، حتى إنَّ أهلها إذا قضوا منها أوطارهم وسئمتها نفوسهم: ارتكبوها دفعاً لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهمّ والغم
 جزى الله خيراً كاتبها.
*د يحيى
27 - أكتوبر - 2007
حركة هاء الضمير    كن أول من يقيّم
 
حركة هاء الضمير
تكسرالهاء إذا كان قبلها ياء أو كسرة ؛ لأنها خفيفة ، نحو : مررتُ بِهِ، لديهِ مالٌ . هذه لغة تميم .وأهل الحجاز يقولون : مررتُ بِهُ ، ويقرؤون قوله تعالى : " فخسفنا به وبدارِهِ الأرضَ " هكذا : " فخسفنا بِهُ وبدارِهُ الأرضَ" " ، وهي قراءة أهل مكة ( ابن كَثير ) ، وهي قراءة سبْعيّة متواترة . وهكذا الآية العاشرة من سورة الفتح : " ومَنْ أوفى بما عاهد عليهُ اللهَ " ( الفتح48/10) ، وهي قراءة أهل الكوفة ( حفص عن عاصم ) ، وهي قراءة سبْعيّة متواترة .[ ينظر سيبويه 2/294 بولاق].
من ضوابط السورة المكية
1- كل سورة فيها : كلا ، وإعرابها : حرف ردع وزجر. هذه الكلمة وردت ثلاثاً وثلاثين مرةً في خمسَ عشْرةَ سورةً ، كلّها في النصف الثاني من القرآن الكريم : من سورة مريم إلى سورة الهُمَزة .
2- كل سورة فيها ( وما أدراك ) : وهي صيغة تفيد التهويل والتفخيم . هذا الأسلوب ورد ثلاثَ عشْرةَ مرّةً في عشْرِ سُوَرٍ : من الحاقة إلى الهُمَزة.
3- كل سورة مفتتحة بِ ( الحمد ) . وهذه السور خمسٌ : الفا تحة ، والأنعام، والكهف ، وسبأ ، وفاطر .
4- كل سورة فيها سجدة .
5- كل سورة فيها ( يا أيها الناس) فقط .
6- كل سورة فيها ( يا بني آدم ) : وقد وردت خمس مرات في القرآن الكريم: أربعاً في سورة الأعراف ، و واحدةً في سورة ياسين .
7- كل سورة ورد فيها اسم : هود ،و صالح ،و شُعَيب ،و يوسف .
8- كل سورة مفتتحة بالحروف المقطعة إلا البقرة ، وآل عمران .
9- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية إلا البقرة .
من ضوابط السورة المدنية
1- كل سورة ذُكِر فيها لفظ : اليهود ، والنصارى ، والرّبا ، والزّنى ، والطلاق .
2- كل سورة ورد فيها ( عيسى ابن مريم) أو ( المسيح عيسى ابن مريم ) .
3- كل سورة فيها ( يا أيها الذين آمنوا )، أو اجتمع فيها (يا أيها الناس ) و( يا أيها الذين آمنوا) .
4- كل سورة فيها ذِكر المنافقين ، إلا سورة العنكبوت ، فإنها مكية إلا عشر آيات من أولها ، فهي مدنية .
 
*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
عناية المسلمين بالنحو    كن أول من يقيّم
 
عناية المسلمين بالنحو خِدمةً للقرآن الكريم
أخي وصديقي:  أ. د/ أحمد الخراط
اكتسب المسلمون معارف غزيرة من الوحي الكريم، وكان من ثمار ذلك توجُّههم نحو طلبِ العلم والسعي في مدارسته، ومن هنا جاء الحرص على خدمة القرآن الكريم، بحسب ما توفَّر لديهم من وسائل وقدرات علمية...   وإذا كان جَمْعُ القرآن يمثل الخطوة الأولى في سبيل العناية بالقرآن الكريم، فإنَّ وَضْعَ علم النحو يمثل الخطوة الثانية في سبل المحافظة على سلامة أداء النص القرآني، بعد أن أخذ اللحن يشيع على ألسنة الناس [1]. ولم يكن نزول الوحي الكريم قلبًا للجوانب العَقَدية في حياة الناس فحسب، بل كان أيضًا قلبًا للعادات اللغوية التي نشؤوا عليها، إذ واجه العرب في قراءة القرآن ظواهر لم يكونوا في سلائقهم التي فُطِروا عليها متفقين، وكان منها تعدُّد اللهجات، واختلافها في القرب مِنْ لغة القرآن أو البعد عنها، ولهذه اللغة من قواعد النطق ما لايسهل إتقانُه على جميع المتلقِّين يومئذ، ولابد لهم من المران حتى يألفوا النص الجديد [2]. وقد أجمع الذين تصدَّوا لنشأة علوم العربية على أنَّ القرآن الكريم كان الدافع الرئيس لعلماء السلف لوَضْع علم النحو والإعراب؛ وذلك لأنَّ ظهور اللحن وتَفَشِّيه في الكلام، وزحفه إلى لسان مَنْ يتلو القرآن، هو الباعث على تدوين اللغة، واستنباط قواعد النحو منها، وعلم العربية شأنه شأن كلِّ العلوم تتطلبه الحوادث والحاجات [3]، وليس ثمة من علم يظهر فجأة من غير سابقةِ تفكير وتأمُّل فيما يتعلق به، وهذا قد يستدعي غموض نشأة بعض العلوم ومعرفة واضعها التي ابتدأها . ويعود التفكير في علم النحو إلى ظاهرة شيوع اللحن والخشية على القرآن منها؛ وذلك لأنَّ رغبة العرب المسلمين في نشر دينهم إلى الأقوام المختلفة أنشأ أحوالاً جديدة في واقع اللغة، ما كان العربُ يعهدونها من قبل، إذ كانت الفطرة اللغوية قبل الإسلام سليمةً صافية. واستمر الحال على هذا في عصر نزول القرآن، بَيْدَ أن الرواة يذكرون أنَّ بوادر اللحن قد بدأت في الظهور في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
   ومن تلك الروايات أنَّه سمع رجلاً يلحن في كلامه فقال: أَرْشِدوا أخاك [4]. ويورد الدارسون بعض الروايات على تَسَرُّب اللحن إلى ألسنة الناس في عهد الخلفاء الراشدين، وذلك أثر من آثار اختلاط العرب الفصحاء بغيرهم من الشعوب غير العربية، ممَّا أضعف السليقةَ اللغوية لديهم.
    ويروي القرطبي [5] عن أبي مُلَيكة أنَّ أعرابياً قدم في زمان عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقال: مَنْ يُقرئني ممَّا أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ قال: فأقرأه رجلٌ سورة براءة، فقرأ ﴿.. أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ التوبة:[3] بجرِّ « رسوله.
فقال الأعرابي: أوَقد بَرِئ الله من رسوله؟ فإن يكن الله بَرئ من رسوله فأنا أبرأُ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال: يا أعرابيُّ، أتبرأ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني قدمْتُ المدينة، ولاعلمَ لي بالقرآن فسألت: مَنْ يقرئني؟ فأقرأني هذا سورة براءة فقال: «أنَّ الله بريء من المشركين ورسولِه». فقلت: أوقد بَرِئ الله من رسوله؟ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي. قال: فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ قال: ﴿وَرَسُولُهُ. فقال الأعرابي: وأنا أبرأ ممَّن برئ الله ورسولُه منه، فأمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ألاَّ يُقرئَ الناسَ إلا عالمٌ باللغة، وأمر أبا الأسود فوضع النحو. ومع مرور الأيام تفشو ظاهرة اللحن في القرآن الكريم، إلى أن أصبحت بلاءً عامًا لايخلو منه لسان كثير من الفصحاء، حتى الذين تربَّوا في البادية، فقد روى يونس بن حبيبَ أنَّ الحجَّاج قال ليحيى بن يعمر: أتسمعني ألحن على المنبر؟ قال يحيى: الأمير أفصح من ذلك، فألحَّ عليه فقال: حرفًا. قال الحجَّاج: أيًا؟ قال: في القرآن. قال الحجَّاج: ذلك أشنع له، فما هو؟ قال: تقول: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ .. ﴾ إلى قوله: ﴿أَحَبَّ [التوبة:24]، فتقرؤها « أحبُّ » بالرفع، والوجه أن تُقرأ بالنصب على خبر كان [6].
*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
العناية    كن أول من يقيّم
 
ويذكر أنَّ الحجَّاج قرأ "إنا من المجرمون منتقمون" [7] وكان كثير من أبناء العرب وُلِدوا لأمهات غير عربيات، فنشأ جيل من هؤلاء الأبناء لديه استعداد لكي يلحن في القرآن وغيره، ممَّا جعل الحاجَة تمسُّ للبدء في وضع ضوابط يُعْرف بها الصواب من الخط [8].
    ويمكن أن نضيف إلى هذه العوامل ما شاع في الوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه الأمة الإسلامية، إذ كان فيه مجموعة من اللغات المتداولة إلى جانب العربية، منها الفارسية والسريانية، وهذا الوسط الاجتماعي سوف يشهد تزاوجًا طبيعيًا بين عناصره من اللغات المختلفة، ممَّا أدى إلى اتساع الفوارق بين اللغة الفصيحة واللغة المحكيَّة [9]، ومثل هذه الفوارق تُقلق أصحاب الغَيْرة على لغة القرآن، وبذلك ترتبط نشأة النحو بجذور الحياة الإسلامية في ذلك الزمن. وتختلف الروايات وتتضارب في تحديد أول مَنْ شرع يُسَجِّل بعض الظواهر النحوية، أو يبني شيئًا من الضوابط الأولية في فهم العلاقات بين عناصر التركيب اللغوي. يقول الزبيدي [10]: "فكان أولَ مَنْ أصَّل ذلك، وأعمل فكره فيه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي ونصر بن عاصم وعبد الرحمن بن هُرْمز، فوضعوا للنحو أبوابًا وأصَّلوا له أصولًا، فذكروا عوامل الرفع والنصب والخفض والجزم، ووضعوا باب الفاعل والمفعول والتعجب والمضاف، وكان لأبي الأسود في ذلك فضل السبق وشرف التقدم، ثم وصل ما أصَّلوه من ذلك التالون لهم والآخذون عنهم، فكان لكل واحد منهم مِن الفضل بحسبِ ما بَسَط من القول ومَدَّ من القياس وفَتَقَ من المعاني وأوضح من الدلائل، وبيَّن من العلل". ومرَّ بنا قبل قليل رواية تُرجع الأمر إلى الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- إذ أمر أبا الأسود بوضع النحو، كما روي عنه أنَّه كتب إلى أبي موسى الأشعري، ليوجِّه مَنْ يختاره لتعليم العربية؛ فإنها تدلُّ على صواب الكلام [11].
وذكر صاحب "مراتب النحويين" [12] أنَّ أبا الأسود أخذ النحو عن علي –رضي الله عنه- لأنَّه سمع لحنًا، فقال لأبي الأسود: اجعل للناس حروفًا، وأشار إلى الرفع والنصب والجر. وذكر صاحب "نزهة الألباء" أنَّ عليًّا سمع أعرابيًا يقرأ "لايأكله إلا الخاطئين" [13] فوضع النحو. ويقول الدكتور محمد خير الحلواني، رحمه الله ،: «ترجع قيمة أبي الأسود الدؤلي في تاريخ النحو إلى أنَّه هو أولُ مَنْ اتجه بالدراسة اللغوية إلى الاستقراء والاستنباط، وكانت قبله تقوم على محاكاة الأعراب والاختلاط بهم، وحِفْظ الشعر والأنساب، فتحوَّل بها إلى وضع الضوابط الدقيقة، ورَصْد الظواهر المتبدِّلة في تراكيب العربية [14].
ارتبطت المعالم النحوية التي تركها أبو الأسود بواقع الحياة اللغوية البسيطة في عصره، وقد عُني في معالمه هذه بدَفع اللحن عن قراءة القرآن، حيث استخرج ضوابط الإعراب بحسب ما توفرَّ لديه من قدرات ووسائل [15].

*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
يا ميسّر    كن أول من يقيّم
 
وينفي الدكتور شوقي ضيف [16] أن يكون لعصر أبي الأسود علاقةٌ بالشروع في بناء الظواهر النحوية. ولسنا في مقام تحقيق هذه النسبة، بيد أنَّه يهمنا أن نشير إلى إجماع المؤرخين قديمًا وحديثًا إلى أنَّ الدافع الرئيس لهذه النشأة إنما هو قراءة القرآن على نحوٍ صحيح، وتَفَشِّي اللحن لدى عامة المسلمين وخاصَّتهم. وقد تحدث ابن خلدون في "مقدمته" [17] عن فساد السليقة العربية ممَّا أدَّى إلى وقوع اللحن في القرآن، وشروع العلماء في حِفْظ اللسان، ولكنه لم يُحَدِّد مَن الذي بدأ هذه الجهود، يقول: «لمَّا فسدت مَلكة اللسان العربي في الحركات المسمَّاة عند أهل النحو بالإعراب، واستُنْبطت القوانين لحفظها... فاسْتُعْمل كثير من كلام العرب في غير موضوعه عندهم، مَيْلاً مع هِجْنة المستعربين في اصطلاحاتهم المخالفة لصريح العربية، فاحتيج إلى حِفْظ الموضوعات اللغوية بالكتاب والتدوين خشية الدروس، وما ينشأ عن الجهل بالقرآن والحديث، فَشَمَّر كثير من أئمة اللغة واللسان لذلك وأَمْلَوا فيه الدواوين ". فابن خلدون يُنَوِّه بهمَّة علماء اللغة في تدوين ما توصَّلوا إليه من نظرات؛ بُغْيَةَ تيسير تلاوة القرآن وفَهْمه.
وفي موضع آخر من "مقدمته" ينصُّ على الدافع الرئيس من وراء هذه الحركة العلمية، فيقول [18]: «وخشي أهل العلوم منهم أن تَفْسُدَ تلك المَلَكة رأسًا ويطول العهد بها، فينغلق القرآن والحديث على المفهوم، فاستنبطوا مِنْ مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطَّردة شبهَ الكليات والقواعد، يقيسون عليها سائر أنواع الكلام وبذلك تكون الخطوة الأولى في صَرْح تأسسيس علم النحو بمنزلة ردٍّ مباشر لتسرب اللحن إلى اللسان العربي بعامة، وإلى القرآن بخاصة، ولابدَّ أن يكون قد صاحَبَ ذلك جهود تمثَّلَتْ [19].
في تأمُّل اللغة والنظر في مفرداتها وتراكيبها وشواهدها، فنجم عن تلك الجهود النواة الأولى لعلم النحو والإعراب، وكان الشروع في ضوابط العربية مِنْ قِبَل أصحاب النظر في اللغة. وازدهرت لإنجاز هذه المهمة حركة علمية واسعة، وهذا يدلُّ على شعور بالحاجة اللغوية وبروز التناقض بين المثال المتجسِّد في لغة القرآن والواقع الذي صارت إليه اللغة على ألسنة الناس والحقيقة أنَّ كلَّ الروايات التي يسردها المؤرخون مفادُها تعثُّر قَرَأة كتاب الله مِن عامة الناس وخاصتهم، وهي تفسيرٌ لمشاعر الخوف الذي لابس المسلمين مِنْ جرَّاء شيوع اللحن.ويضاف إلى العوامل السابقة في نشأة النحو الحاجة إلى فهم مناحي التركيب اللغوي ليصار إلى التعامل مع القرآن والاستنباط من أحكامه، وقد عدَّ العلماء الإحاطة بعلوم اللغة والنحو والتصريف من العلوم الرئيسة التي يحتاج إليها المفسِّر لكتاب الله [20]، ومن هنا نشأ لدى السلف كراهية شديدة تجاه ظاهرة اللحن، وحَضٌّ على اكتساب العربية والتفقه في مواردها، فالخليفة الراشد عمر يقول: "تَفَقَّهوا في العربية؛ فإنها تُشَبِّب العقل وتزيد في المروءة" [21]. وقال أُبَيُّ بن كعب: "تعلموا العربية كما تتعلَّمون حِفْظ القرآن" [22].
وهذا قتادة يقول: "لاأسأل عن عقل رجل لم يدلَّه عقله على أن يتعلَّم من العربية ما يُصْلح به لسانه" [23]، أمَّا الأصمعيُّ فيخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:(مَنْ كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعدَه من النار) لأنَّه لم يكن يلحن، فمهما رَوَيْتَ عنه ولَحَنْتَ فقد كَذَبْتَ عليه [24].
   
*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
يا رب    كن أول من يقيّم
 
    وهكذا جَدَّ علماء العربية من السلف، واجتهدوا إلى أن أقاموا صرح علمٍ من العلوم الإسلامية التي لا يَسْتغني عنها أحد من طلبة العلم، وأصبحت العربية من الدين نفسه، وأصبح تعلمها لفهم مقاصد الكتاب والسنة قربة إلى الله، وعدَّ كثير من العلماء تعلُّمها واجبًا على المرء. يقول ابن تيمية [25]: "واعلم أنَّ اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًا بَيِّنًا، ويؤثِّر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق. وأيضًا فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجب؛ فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرض، ولايُفْهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لايتمُّ الواجب إلا به فهو واجب». وكان أبو عمرو بن العلاء يَعُدُّ العربية من الدين لاتنفصل عنه ولا ينفصل عنها، فبلغ ذلك عبد الله بن المبارك فقال: صدق [26]. وبذلك تتضح لنا الصورة بجلاء، فعلوم النحو والصرف والإعراب مرتبطة من حيث نشأتُها ونشاطُ أعلامها، بالحرص على لغة القرآن لكيلا يعروَها لحنٌ، وبالحرص على فهم معاني كتاب الله وتدبُّر آياته.
[1] مراحل تطور الدرس النحوي 28 .
[2]
المفصل في تاريخ النحو العربي 32 .
[3]
أصول علم العربية في المدينة 286 .
[4]
المستدرك 2 / 439 ، كتاب التفسير، تفسير سورة السجدة. وقال: صحيح الإسناد.
[5]
الجامع لأحكام القرآن1/24. وانظر نزهة الألباء 8.
[6]
طبقات النحويين 28.
[7]
الآية (22) من سورة السجدة ، وانظر : البيان والتبيين 2/218.
[8]
المدارس النحوية 12.
[9]
المفصل في تاريخ النحو 31.
[10]
طبقات النحويين 11.
[11]
إيضاح الوقف والابتداء 1/31.
[12]
مراتب النحويين 24.
[13]
نزهة الألباء 8، والآية (37) من سورة الحاقة.
[14]
المفصل في تاريخ النحو العربي 101.
[15]
انظر : الإيضاح للزجاجي 89،و وفَيَات الأعيان 2/ 535،و نزهة الألِبّاء .
[16]
المدارس النحْوية 18.
[17]
المقدمة 548.
[18]
المقدمة 546.
[19]
المفصّل في تاريخ النحو العربي73.
[20]
الإتقان 1/ 146،180، 2/174.
[21]
طبقات النحْويين 13.
[22]
تنبيه الألباب 76.
[23]
المصدر نفسُه 71.
[24]
معجم الأدباء 1/90، والحديث رواه البخاري في كتاب العلم (فتح الباري1/242
[25]
اقتضاء الصراط المستقيم 207.
[26]
معجم الأدباء 1/53
*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
الموسيقا    كن أول من يقيّم
 
الموسيقا
 
دُعيتْ ثلاثة آلاف دجاجة ؛ لحضور مهرجان للموسيقار النمساوي العالمي ( موزار) في
( مانهايم) في ( ألمانيا) . وهذه ليست دُعابة ، بل خبر جِدّي ، أوردتْه الصِّحافة الفرنسية.
والغرض من هذه الأمسية الموسيقية الراقية هو اختبارتأثير هذه الموسيقا في كمية إنتاج البَيْض، وفي نوعية هذا الإنتاج ...
* لقد أثبتت التّجارب أنّ الموسيقا الهادئة تزيد من إنتاج الحليب لدى البقر ، كما أنّ تجارِب بدأت تجري في أمريكا على الحدائق العامة ؛ لمعرفة تأثير الموسيقا في نموالنباتات والأزهار، فقد أكّد العلماءعلى أنّ زهوراً تفتّحت قبل غيرها ؛ لأنها نَعِمتْ بأمسيات موسيقية هادئة بعد يوم صاخب أحدثه الزّوّار بكلامهم وصُراخِهم ، فإذا بهذه المخلوقة ؛ أي النبتة تحتاج إلى راحة فكرية على أنغام موسيقية هادئة ...
* ولمّا كان لكل شيء جانبان: سلبي، وإيجابي ، فإنّ للموسيقا الصاخبة تأثيراً سلبياً في سلوك الإنسان وسمْعِه ودقّاتِ قلبِه ، فقد تبيّن أنّ نسبة كبيرة من مواليد السبعينات والثّمانينات من القرن الماضي بدأت تعاني (صَمَماً) جزئياً ؛بسبب ارتفاع حدّة الموسيقا ، و وتيرة الاستماع إليها في المرابع الخاصة بالمراهقين...
*بعض الموسيقا يحرّك الإنسان لا إراديّاً ،فيتمايل معها منسجماً مع هدوئها أو حِدّتها...وإذا جرّبتَ يوماً أن تشاهد حفلة صاخبة لموسيقا ( البوب ) على إحدى شاشات التلفزة ، فإن بعضهم ربما يستمتع بها، ويشارك الجمهورفي التمايل و(النطنطة)... أمّا إذا أردتَ المشاهدة من دون سماع الصوت ؛ فإنك ستستهجن تصرفات هؤلاء الناس الذين يقفزون كالقِرَدة...
* آلات الموسيقا نوعان : آلات هوائية ، وآلات وترية . ومن الأفضل سماع الموسيقا
 الهوائية التي يدخل بها ( المِزمار) في الهواء الطلق...ولا يمكن للموسيقا الوترية أن تأخذ مجدها إلا في مكان مغلق هادئ .
 وللموسيقا العسكرية أثرٌ كبير في تشجيع الجنود على خوض المعارك ، وعلى الانضباط ، وعلى ما يسمى النظام المرصوص...وكم مرّةٍ استعملت الأناشيد الحماسية والأغاني الوطنية ، والموسيقا التراثية في عملية التعبئة النفسية ..
* ومن أخبار الموسيقيين الأفذاذ أن الفرنسي ( أوبير ) الذي سُمّيتْ أهم محطة( مترو) في( باريس ) باسمه ، قال مرة لزميله (فاغنر ): " بعد ثلاثين سنة اكتشفتُ أنني  لا أملك موهبة موسيقية " . فسأله( فاغنر) : لماذا لم تتوقف عن التأليف ؟ فأجاب : لأنني قد أصبحتُ مشهوراً جداً ...أمّا الموسيقار الفرنسي ( ديبوسي1862-1918)، فيقول : " موسيقا (فاغنر) تبدو كأنها أوزّة تقفز وعلى رأسها خوذة حديدية ، أمّا ( موزار ) فموسيقاه كالعطر طيّبة الأريج ، لكنها اصطناعية " . وعن الموسيقا الأمريكية يقول : " ضَعُوا قِرداً داخلَ طبلٍ وبيده مِزمارٌ ، تحصلوا على موسيقا خلال خمس دقائق " .
* أرى أن موسيقانا الشرقية من أرْوع الموسيقا. وإنّ تزاوجها أخيراً مع بعض الموسيقا الغربية أعطاها بُعداً عالمياً. والموسيقا ثقافة ، وحضارة ... ولا مانع من تزاوج الحضارات ، مع احتفاظ كل منها بهويته الأصلية...
ملحوظة : قال الشاعر :
 ونُصَّ الحديثَ إلى أهلهِ ** فإنّ الوثيقةَ في نَصّهِ
       [ هذا الذي قرأتموه هو للسيدة : ندى الحسيني جابر- بيروت].
 
*د يحيى
28 - أكتوبر - 2007
 25  26  27  28  29