الحكمة في شعر المتنبي ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
الحكمة في شعر المتنبي
أبو الطيب المتنبي ،، الشاعر الظاهرة ،، شاغل الناس ،،، وماليء الدنيا ،،بعظيم القصائد ،، ورائع الأشعار ،، ذلك الإنسان ،، كبير النفس ،، عالي الهمة ،، العفيف العزوف عن الدنايا ،، وعن الانغماس في اللذات ،، المشغول بطموحه الى المجد ،، المحب لقومه ،، والذي تميز بالذكاء الحاد ، وقوة الملاحظة ، والتضلع في اللغة ...
تناول جميع الفنون الشعرية ،، المعروفة في زمانه ،، وصف ، ورثى ، وهجا ، وافتخر ، لكنه برع ،، براعة لا مثيل لها ،، في شعر الحكمة والأمثال ،، بعض أبياته تسير مسرى المثل ،، فتغنى بها الناس ، وأنشدتها الأجيال ،، واستشهد بها القائلون ،،، للتدليل على صحة أقوالهم ،، وتكاد الحكم والأمثال تطغى على أكثر ما أثر للمتنبي من شعر ، واستطاع الشاعر ،، بمهارته المعروفة ،، ان يعرض هذه الأمثال عرضا أدبيا ،، رائعا ،، بحيث دارت على ألسنة الناس في كل زمن ،، وكل مناسبة ،، وانه استطاع ان ينظم الأبيات الرائعة ،، معبرا أصدق تعبير ،، عن أدق الطبائع البشرية ،، ومتحدثا عن آلام الناس ، وأحلامهم ،، ومشاغلهم ،، وعن مشاعر القلوب ،، وأوجاعها ،، بأسلوب جميل ندر نظيره
أبيات الحكمة كثيرة ، اخترت منها هذه الأبيات الرائعة :
ذريني أنل ما لا ينال من العلى ??? فصعب العلى في الصعب والسهل في السهل
تريدين لقيان المعالي رخيصة ??? و لا بد دون الشهد من ابر النحل
دعيني أيتها اللائمة ،، أنل من المعالي ، ما لم ينله احد قبلي ،، فان العلى الصعبة العسيرة المنال ، في الطرق الوعرة التي لا يسلكها الا القادرون ،، دعيني أتكلف من المشاق ، ما أنا أهل لتكلفه ،، هل تتوقعين ان تصلي الى المعالي ، دون ان تبذلي الجهود الكبيرة ،، وتتعرضي للمشاق العظيمة ?? المعالي لا تدرك بالهين من الأعمال ،، فان من يريد التمتع بلذة الشهد ، عليه أن يتحمل لسعات النحل
??????
وقد يتزيا بالهوى غير أهله ??? ويستصحب الإنسان من لا يلائمه
قد يجبر الإنسان على صداقة شخص ،، بعيد عنه في الخلق والاهتمامات ، وليس أهلا لصداقته ،، كما يوجد من يدعي الهوى ، في وقت لا يكابد أوجاعه
??????
واذا كانت النفوس كبارا ??? تعبت في مرادها الأجسام
اذا كبرت همة الإنسان ، وعظمت نفسه ، أتعبت تلك الهمة العالية الجسم ، في الوصول الى غايتها ، لان الإنسان يتعب جسمه ان كانت همته عالية وطموحه كبيرا ،، وأحلامه من العظمة يستهين معها بالأهوال ، ويعرض جسمه الى التعب والضمور
?????
كل عيش ما لم تطبه حمام ??? كل شمس ما لم تكنها ظلام
أي نوع من العيش لم تكن تحبه ، ولم تطب به نفسك ، وتؤنس روحك بقربه ،، هو والموت سيان ،، وكل شمس مظلمة ان لم تكن أنت هي الشمس أيها الحبيب
??????
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ??? إذا استوت عنده الأنوار والظلم
اذا لم يكن الإنسان قادرا ،،على التمييز بين النور والظلام ،، فأي نفع يعود عليه من عينه المبصرة ?? شتان بين النور والظلمة ، وعلى الإنسان العاقل الرشيد ،، ان يميز بينهما ....
???????
شر البلاد مكان لا صديق به ??? وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
شر البلدان مكان يخلو من مخلوق ، نرتاح له ، ونجد في صحبته لنا نعيما واطمئنانا حين تسكن نفوسنا المرهقة ، الى ذلك الصديق ، وتجد فيه توأم الروح وضالة الفؤاد ،، وشر ما يكسبه المرء ، ذلك الذي يكون سببا في عيبه وذله
??????
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ???? وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ???? وتصغر في عين العظيم العظائم
ان العزيمة تكون على قدر أهلها ، ان كان الأشخاص كبارا طموحين قادرين على تحقيق أحلامهم ،، كانت عزيمتهم قوية مثلهم ،، وكذلك المكارم تكون دائما على قدر أصحابها ، فمن كان أكرم المخلوقات ،، أتى من الأعمال أكرمها خصالا
وصغائر الأمور عظيمة ،، في عيون صغار الناس فيستهويهم أمرها ،، ويصفقون لها استحسانا وطربا ، اما عظائم الأمور فهي صغيرة في عيون الكبار ،، القادرين على تحقيق الأحلام وتحويلها الى حقائق جميلة
??????
إذا كان الشباب السكر والشيب هما فالحياة هي الحمام
وما كل بمعذور ببخل ??? ولا كل على بخل يلام
ان كان الإنسان في فترة الشباب يتصرف كالسكران ،، لهوا وغفلة ،، وفي فترة الشيب ، يغرق في الأحزان أسفا على ما فاته من نفع ،وعلى ما اعترى حياته ، من مرض وضعف وتراجع ،، نادما لما فات من عمره ،، دون ان يستغله في المفيد ،، فان حياته حينذاك تعني الموت ، وهي منغصة عليه في كل مراحل عمره ...
وليس كل أمريء بخيل يعذر على بخله ،، الفقير معذور ، لأنه لا يجد لديه ما ينفقه على الآخرين كرما وجودا ، مهما اجتهد ، الرزق عنده محدود ، لا يستطيع معه الإكرام ، اما الغني البخيل ، فلا عذر له في بخله ، لان الله قد منحه الغنى ، الذي يمكنه من أكرام الآخرين
?????? |