البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : واحة المتنبي    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 زهير 
26 - فبراير - 2007
عدت للتو من زيارتي صديقنا وأستاذنا الجليل محمد السويدي صانع الوراق، وكان لقاء نادرا، حيث قضينا أربع ساعات من المتعة الخالصة مع روائع المتنبي بمناسبة إطلاق موقع واحة المتنبي على الوراق، وهذا المشروع الضخم هو أحد المشاريع الثقافية التي رعاها وأسسها وسهر على بنائها الأستاذ محمد السويدي منذ عشر سنوات. والحقيقة فإن مشروع واحة المتنبي لم يظهر بعد بكل تفاصيله على الوراق، والذي يظهر هو هيكل الموقع إذا صح التعبير، وإلا فإن الزوايا الحقيقية التي تحبس الأنفاس لم تظهر بعد، وسوف تظهر تباعا في بحر هذا الأسبوع، ومن هذه الزوايا زاوية يدخل المتصفح من خلالها إلى مكان كل مدينة يرد ذكرها في شعر المتنبي، وزاوية أخرى ترى منها صورة كل نبات أو حيوان أو جبل أو بحر أو نجم يرد ذكره في شعر المتنبي، وزاوية تظهر تاريخ الألفاظ التي نالت قسطا مميزا من عبقرية المتنبي، ولكن القسم الذي يعنيني هنا هو زاوية السويدي وحبه للمتنبي، وأنصح من أحب بتقليب صفحات هذه الزاوية، وهي بعنوان (الطائر المحكي) وتضم مختارات أستاذنا السويدي من ديوان المتنبي، وهي مختارات شاعر  يعرف أين يكمن جمال الشعر، وكيف يفتن بريق  الكلمة، ومع أني قرأت المتنبي مرات ومرات، إلا أنني في كل مرة أسمع من الأستاذ السويدي شعرا للمتنبي، كأنني أسمعه لأول مرة، والسبب في ذلك أنني قرأت المتنبي وحدي، وأما هو فقد قرأه مع مئات النقاد والباحثين والمفتونين بشعر المتنبي، وفي مقدمتهم والده حفظه الله سعادة الأستاذ أحمد خليفة السويدي، وزير خارجية الإمارات الأسبق، ومن نوادر ما سمعته اليوم هذه الطرفة أحببت أن تدخل التاريخ كما سمعتها  من فم السويدي قال: سألني الوالد حفظه الله عن معنى قول المتنبي:
كَم  زَورَةٍ لَكَ في الأَعرابِ خافِيَةٍ أَدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَورَةِ iiالذيبِ
أَزورُهُـم وَسَوادُ اللَيلِ يَشفَعُ iiلي وَأَنثَني وَبَياضُ الصُبحِ يُغري بي
قال فشرحته له بما تيسر، فلما نمت رأيت في المنام وكأن هاتفا يقول لي: هلا قلت: إنه نسب الشفاعة لسواد الليل لأن القصيدة في مدح كافور. قال، وهذا من قبيل قوله:
وكم لظلام الليل عندي من يد تـخـبر  أن المانوية iiتكذب
وأعود إلى زاوية (الطائر المحكي) لأنني لم أشبع بعد من الطريقة التي شرح بها السويدي بعض الأبيات كشرحه لقوله:
وَشُزَّبٌ أَحمَتِ الشِعرى شَكائِمَها وَوَسَّـمَـتها  عَلى آنافِها iiالحَكَمُ
حَـتّى  وَرَدنَ بِسِمنينٍ iiبُحَيرَتِها تَـنِشُّ  بِالماءِ في أَشداقِها اللُجُمُ
وشرحه للبيتين:
يَحيدُ الرُمحُ عَنكَ وَفيهِ قَصدٌ وَيَقصُرُ أَن يَنالَ وَفيهِ iiطولُ
فَلَو  قَدَرَ السِنانُ عَلى iiلِسانٍ لَـقالَ  لَكَ السِنانُ كَما أَقولُ
والبيتين:
أُعادى عَلى ما يوجِبُ الحُبَّ لِلفَتى وَأَهـدَأُ  وَالأَفـكـارُ فـيَّ iiتَجولُ
سِـوى  وَجَـعِ الـحُسّادِ داوِ فَإِنَّهُ إِذا  حَـلَّ فـي قَلبٍ فَلَيسَ iiيَحولُ
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
المتنبي معجزة الشعر العربي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
      الشكر العظيم لراعي هذه الواحة وصاحب فكرتها الإبداعية، الأستاذ الشاعر السويدي. إنني من أشد العشاق للمتنبي، وأعتبره أعظم شاعر مرّ على العربية، وأذكر في مطلع الصبا حين كنت أطوف حول قلعة حلب، وأقول في نفسي أكيد مرّ المتنبي من هنا في طريقه إلى القلعة، محاولاً أن يلتقي شعاع من روحي بروح المتنبي لعلّي أحظى  بأسرار البيان ومفاتيح البلاغة ... لكن عبثاً.
 
وكم رددت معه:
واحـرّ  قـلباه ممن قلبه شبمُ    ومن بجسمي وحالي عنده سقمُ
مالي أكتّم حباً قد برى جسدي    وتدّعي حب سيف الدولة الأممُ
*زياد
26 - فبراير - 2007
أغرب اختبارات التوظيف    كن أول من يقيّم
 
 
 
  حدثني أخي وصديقي عبد الله إمام حسونة ، وهو مدرس اللغة العربية ونابغة وشاعر وناقد  -  متقاعد الآن  -  قال :
 
اسمع هذا الخبر  يا  ( منصو )  :  إحدى شركات الطباعة والنشر الاستثمارية أعلنت عن رغبتها في توظيف مسئول عن إدارة العلاقات العامة ،
 
فتقدم كثيرون جدا والشركة تحتاج إلى موظف واحد .
 
فأرجأت الشركة النظر في الوظيفة وبحثت عن طريقة تتخلص بها من هذا العدد الكثير بشرط ألا يخل ذلك بالأنظمة المعمول بها في قانون العمل .
 
وأعدت مكافأة لمن يجد لها مخرجا من هذا المأزق .
 
فقلت له  : دُلّني على مكانها .
 
فقال  :   أخبرني أولا عن فكرتك ، وأنا مستعد للذهاب معك لأعاونك في هذه المهمة الصعبة .
 
اتفقنا ،
 
وذهبنا ،
 
والتقينا مدير التوظيف ،
 
فقلت له : اجعل الشرط الأساس أن يكون المتقدم للوظيفة  يُحسن قراءة شعر المتنبي ،  أو يستطيع استخراج أي موضع لحن لغوي في خطب الشيخ كشك .
 
فقال الرجل : ومَن الحَكَمُ  ?
 
فقلنا  :  نحن كلانا الحكم
 
وبحمد الله لم ينجح أحد
 
فكنا نسمع راغبي الوظيفة عند خروجهم يقول كل واحد منهم  :  مين ابن ال.... اللي اشترط هذا الشرط البايخ ?
 
ونسكت  ،   حتى إذا أخذنا مكافأتنا وههمنا بالخروج  سألنا المدير :  مَن هو الشيخ كشك فقال : لعله خال المتنبي  .
 
فقلنا له : الحق بهؤلاء فليس لك مكان في الشركة .
 
وضحكنا .
 
*منصور مهران
26 - فبراير - 2007
استدرك على استدراك    كن أول من يقيّم
 
 
 
         استدرك عليّ ناقد كريم ،   وقد  زاد   (  راءً  ) في اسمي الذي ضمه القوسان ،
 
وهو مشكور عندي وعند القراء لدرايته بكثرة أخطاء الكتابة ؛ فقد ظنها من زمرة  الهفوات ،
 
فأراد بذلك جبر القصور وجبر الخواطر
 
غير أني أرجوه أن ينزع هذه الراء عني وأزيده شكرا  على شكر ،
 
فهي محذوفة قصدًا ، لأن صديقي عند ندائي رخم فحذف ،
 
وقد اتخذ من قول الشاعر :
 
يا مروُ - أو : يا مروَ - إن مطيتي محبوسة تـرجـو الـحـبـاءَ وربـهـا لـم iiييأس
يريد  :  يا مروان  فرخم  ، يريد  الاقتداء به  ، فكذاك كان من شأنه معي ,
 
فرخمني ،  وجزاك الله خيرا  لو تركت لي رخامتي  .
 
وبالله التوفيق .
*منصور مهران
26 - فبراير - 2007
المتنبي والدولة الحمدانية    كن أول من يقيّم
 
كم سررت حينما سمعتُ عن إطلاق واحة المتنبي , هذا الشاعر العظيم والمفكر الكبير , الذي يبقى شعره معاصراً مهما مر عليه الزمن , والذي كانت سيرة حياته عجيبةٌ غريبةٌ غنية .
لم أقرأ المتنبي يوماً إلا وتمثلت أمامي الدولة الحمدانية , وسيف الدولة الحمداني , وأبو فراس ...وتاريخاً فيه عزة وإباء وكرامة , وكانت العزة والإباء والكرامة هم عذاب المتنبي .
وقد أحب المتنبي مدينة حلب وزاد منحبها حبه لسيف الدولة الحمداني فكلما غادرها فكر في العودة إليها وهو القائل في رثاء خولة :
 
أَرى العِراقَ طَويلَ اللَيلِ مُذ نُعِيَت       فَكَيفَ لَيلُ فَتى الفِتيانِ في حَلَبِ
والقائل في حب حلب وسيف الدولة:
لا أَقَمنا عَلى مَكانٍ وَإِن طا       بَ وَلا يُمكِنُ المَكانَ الرَحيلُ
كُلَّما رَحَّبَت بِنا الرَوضُ قُلنا       حَلَبٌ قَصدُنا وَأَنتِ السَبيلُ
لَيسَ إِلّاكَ يا عَلِيُّ هُمامٌ       سَيفُهُ دونَ عِرضِهِ مَسلولُ
والقائل:
كُلُّ السُيوفِ إِذا طالَ الضِرابُ بِها       يَمَسُها غَيرَ سَيفِ الدَولَةِ السَأَمُ
وَظَنِّهِم أَنَّكَ المِصباحُ في حَلَبٍ       إِذا قَصَدتَ سِواها عادَها الظُلَمُ
والقائل:
وَما قِستُ كُلَّ مُلوكِ البِلادِ       فَدَع ذِكرَ بَعضٍ بِمَن في حَلَب
أَفي الرَأيِ يُشبَهُ أَم في السَخاءِ       أَم في الشَجاعَةِ أَم في الأَدَب
والقائل:
وفارَقتُ خيرَ الناس قاصِدَ شرِّهِم       وأكرَمَهُم طُرّاً لأنذلِهِم طُرّا
فعاقَبني المَخصِيُّ بالغَدرِ جازِياً       لأنَّ رحيلي كان عن حَلَبٍ غَدرا
 
فالشكر الجزيل لكل من يساهم في إضاءة جانب
من حياة وشعر وفكر المتنبي 
*محمد هشام
27 - فبراير - 2007
من نوادر الترخيم    كن أول من يقيّم
 
والمعذرة يا أبا البركات، ولا أخفيك أنني ترددت هذه المرة في إضافة الراء ولكنني اتبعت قاعدة تقديم الأولى، وذكرتني (منصو) هذه بقصة الترخيم عندنا في دمشق، ولا أدري هل هي عندكم كذلك أم لا ، فالترخيم يراد به التحبب كما يراد به السخرية، والفرق في أداتي الترخيم، وهما الواو والياء الممالة، التي تستعمل في القراءات مثل (والضحي والليل إذا سجي) وأضرب مثالا على ذلك اسم (حكيمة) فبترخيم التدليع والتحبب يصير (حكُو) وبترخيم السخرية يصير (حكي) وإذا كانت البنت اسمها (خيرية) فتدليعها أن يقال لها (خيرو) وتسفيهها أن يقال لها (خيري) ليس بكسر الراء وإنما بإمالة الياء، وإذا كان اسمها فاطمة فترخيم التحبب (فاطو) وترخيم التسفيه (فاطي) وأن يدعو الرجل زوجته بياء الترخيم يعني إهانة لا تغتفر، سيما أمام السلايف والضرائر. وأما المتنبي فأطرف ترخيماته البيت المشهور
لله ما فعل الصوارم والقنا      في عمرو حاب وضبة الأغنام
وهو الشاهد (141) في خزانة الأدب. وقد أتبع البغدادي شرحة بترجمة موسعة للمتنبي نقلا عن (ايضاح المشكل) وفيها طائفة مما أخذ عليه من الشعر. وقال في شرح البيت:
قوله "حاب" مرخم حابس في غير النداء، وهو ضرورة، وهو في المضاف إليه أبعد. وأبقى كسرة الباء من حابس بعد الترخيم على حالها. وأصله "عمرو بن حابس" فحذف ابنا وأضاف عمراً إلى حابس.
وقال ابن سيده صاحب المحكم في "شرح ديوان المتنبي": أراد عمرو حابسٍ فرخم
المضاف إليه اضطراراً كقوله - أنشده سيبويه:
أودى ابن جلهم عبادً بصرمته         إن ابن جلهم أمسى حية الوادي
قال: أراد ابن جلهمة. والعرب يسمون الرجل جلهمة والمرأة جلهم كل هذا حكاه
سيبويه.
وهذاالبيت من قصيدة لأبي الطيب المتنبي. قالها في صباه، عندما اجتاز برأس عين في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وقد أوقع سيف الدولة بعمرو بن حابس من بني أسد، وبني ضبة، ورياح بن أبي تميم؛ ولم ينشده إياها. فلما لقيه دخلت في جملة المديح. ومطلع القصيدة:
ذكر الصبا ومراتع الآرام         جلبت حمامي قبل وقت حمامي
إلى أن قال في مدح سيف الدولة:
وإذا امتحنت تكشفت عزماته         عن أوحدي النقض والإبرام

 وإذا سألت بنانه عن نيله         لم يرض بالدنيا قضاء ذمام
مهلاً، ألا لله ما صنع القنا         في عمرو حاب وضبة الأغنام
جعل هؤلاء أغناماً، لأنهم كانوا جاهلين حين عصوه؛ حتى فعل بهم ما فعل. وهو بالنون لا بالمثناة الفوقية، إذ هو غير مناسب، إذ الأغتم: الأعجم الذي لا يفصح شيئاً، والجمع الغتم.
وزعم ابن سيده في شرحه: أن هذا هو المراد هنا، قال: والأغتام: جمع أغتم، كسر أفعل على أفعال، وهو قليل، ونظيره أعزل وأعزال بإهمال الأول، وهو الذي لا سلاح معه، وأغرل وأغرال بإهمال الثاني، وهو الذي لم يختن.
وبعده:
لما تحكمت الأسنة فيهم         جارت، وهن يجرن في الأحكام
فتركتهم خلل البيوت كأنما         غضبت رؤوسهم على الأجسام
أي: غزوتهم في عقر دارهم حتى تركتهم خلال بيوتهم أجساماً بلا رؤوس
وهذه ترجمة المتنبي نقلتها من كتاب "إيضاح المشكل لشعر المتنبي، من تصانيف أبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهاني" وهذا الإيضاح قاصرٌ على شرح ابن جني لديوان المتنبي، يوضح ما اخطأ فيه من شرحه. وهو ممن عاصر ابن جني؛ وألف الإيضاح لبهاء الدولة بن بويه.
قال: "وقد بدأت بذكر المتنبي ومنشئه ومغتربه، وما دل عليه شعره من معتقده إلى مختتم أمره، ومقدمه على الملك - نضر الله وجهه - بشيراز وانصرافه عنه، إلى أن وقعت مقتلته بين دير قنة والنعمانية واقتسام عقائله وصفاياه ..
حدثني ابن النجار ببغداد: أن مولد المتنبي كان بالكوفة في محلةٍ تعرف بكندة، بها ثلاثة آلاف بيت، من بين رواء ونساج. واختلف إلى كتاب فيه أولاد أشراف الكوفة، فكان يتعلم دروس العلوية شعراً ولغةً وإعراباً؛ فنشأ في خير حاضرة. وقال الشعر صبياً. ثم وقع إلى خير بادية، بادية اللاذقية وحصل في بيوت العرب، فادعى الفضول الذي نبذ به،
فنمى خيره إلى أمير بعض أطرافها - فأشخص إليه من قيده وسار به إلى محبسه، فبقي
يعتذر إليه ويتبرأ مما وسم به، في كلمته التي يقول فيها:
فما لك تقبل زور الكلام         وقدر الشهادة قدر الشهود
وفي جود كفك ما جدت لي         بنفسي ولو كنت أشقى ثمود
..... انظر بقية الترجمة التي نقلها البغدادي عن صاحب  (إيضاح المشكل) منها قوله:
وهو في الجملة خبيث الإعتقاد. وكان في صغره وقع إلى واحدٍ يكنى أبا الفضل بالكوفة
من المتفلسفة، فهوسه وأضله كما ضل.
وأما ما يدل عليه شعره فمتلون. وقوله:
هون على بصرٍ ما شق منظره         فإنما يقظات العين كالحلم
مذهب السوفسطائية. وقوله:
تمتع من سهادٍ أو رقادٍ         ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى         سوى معنى انتباهك والمنام
مذهب التناسخ. وقوله:
نحن بنو الدنيا فما بالنا         نعاف ما لابد من شربه
فهذه الأرواح من جوه         وهذه الأجسام من تربه
مذهب الفضائية. وقوله في أبي الفضل بن العميد:
فإن يكن المهدي من قد بان هديه         فهذا، وإلا فالهدي ذا فما المهدي
مذهب الشيعة. وقوله:
تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم         إلا على شجبٍ، والخلف في الشجب
فقيل: تخلد نفس المرء باقية         وقيل: تشرك جسم المرء في العطب
فهذا من يقول بالنفس الناطقة؛ ويتشعب بعضه إلى قول الحشيشية. والإنسان إذا خلع ربقة الإسلام من عنقه، وأسلمه الله عز وجل إلى حوله وقوته، وجد في الضلالات مجالاً واسعاً، وفي البدع والجهالات مناديح وفسحاً.
ثم جئنا إلى حديثه وانتجاعه، ومفارقته الكوفة أصلاً، وتطوافه في أطراف الشام، واستقرائه بلاد العرب ومقاساته للضر وسوء الحال، ونزارة كسبه، وحقارة ما يوصل به؛ حتى انه أخبرني أبو الحسن الطرائفي ببغداد - وكان لقي المتنبي دفعات في حال عسره ويسره -: أن المتنبي قد مدح بدون العشرة والخمسة من الدراهم.... إلخ
*زهير
27 - فبراير - 2007
المتنبي : الشاعر الملحمي    كن أول من يقيّم
 
 
 
   للغة العربية خاصية القدرة على التجريد : هي القدرة على تجاوز الرؤية الحسية - الواقعية والنزوع بها إلى رؤية جوهرية منزهة للأشياء والموجودات ، هي محاولة تجاوز ما يدرك بالحواس ويرى بالعين المجردة إلى ما يدرك بالوعي والمتخيلة .
 
 
  يرمز العربي إلى وعيه بالتاريخ والعالم بالكلام ، وكان الكلام أو اللغة ، ولعصور طويلة ، هو متاعه شبه الوحيد، ينقله معه في ترحاله الدائم . هذا يفسر ، ربما ، أن تكون اللغة العربية هي أثمن ما أنتجته الصحراء ، وأغنى ما أورثته الأجيال بعضها لبعض .
 
  وفي ذروة اللغة والكلام ، يأتي الموروث الشعري العربي ليعبر عن هذه اللغة بأبهى حللها ، وليرمز إلى وعي الإنسان العربي بعالمه وبيئته ، ونفسه وتاريخه، وذلك على مدى حقبات طويلة من الزمن كان للشعر فيها وما يزال ، موقع الريادة .
 
  فالشعر عدا كونه قيمة جمالية أكيدة ، هو شأن له أغراض : المدح ، الهجاء ، الرثاء ، الفخر ، الحكمة ، الوصف ، الغزل ..... ومن أغراضه أنه سجل للتاريخ ، وسبر للغور ، وترميز للحدث .
 
  الحدث هو ما يولد الانفعال في قلب الشاعر وفكره ، وهو ما يسعى للتعبير عنه ، سواء كان ذلك الحدث في مجال الواقع المعاش أم في وجدان الشاعر وعاطفته . لذلك فإنه سوف يسعى إلى ترميز هذا الحدث وتحويله إلى فكرة ، أو صورة ، ويجسده في قوالب لغوية وألفاظ موسيقية فيغدو ما كان حسياً - واقعياً ، مجرد صورة عن الواقع ، تحمل من صفاته الذاتية ، وتحمل نظرتنا إليه ، وتحمل معها الحلم الذي نرتجيه من هذا الواقع . 
 
   فاللغة الشعرية هي صلة الوصل ما بين ما ندركه بشعورنا الباطن ، وبالمتخيلة الوهمية ، الفردية منها والجماعية ، وبين الحدث الواقعي أو الحالة الشعورية الحقيقية التي نعيشها في اليومي ، الإعتيادي  ، والمباشر . كلما ضاقت المسافة بين الحالتين ، كلما كان الشعر إلى الشعر أقرب ، وهذا هو حال المتنبي .
 
شعر المتنبي هو مرآة روحه ، وهو مرآة عصره : شعره هو ملحمة حياته التي عاشها بكل ما اضطرب فيها من أحداث ، وما شابها من تغيرات . من يقرأ شعر المتنبي يعيش في أحداث عصره ، ويتتبع سيرة حياته ، ويرافقه في تقلبات روحه بحزنها ومرارتها ، قوتها وشغفها ، نبلها وطموحها ....... تطابق فصول حياته مع كل ما قاله في قصائده ، وحكمه على ما جاء فيها من أحداث ، وتصويره لما كان يعتمل في نفسه من ردود فعل عليها ، كل هذا متأت من إحساسه العميق بنفسه ، وتجذر هذا الإحساس في وعيه لدرجة أنه لا يفصل بينه وبين الحدث بل أن شعره الذي يرويه ، يجعل منه شفافاً مرئياً ما بين السطور . كل هذا يعطي لشعره هذه المصداقية التي هي صلة وصل بينه وبين جمهوره ، ويقضي بأن يكون بينه وبين المتلقي وثاقاً من الثقة لم ينفصم عراه أبداً .
 
ولقد اخترت هذه الأبيات ، وكان من الصعب جداً علي ان أختار ، للتدليل على بعض ما قلته ، كي نرى المتنبي ، داخل أحداث عصره ، إنما بكل طموحه وذاتيه وتفرده ، يرسم خيال عالمه الذي كان يعيش فيه والذي هو قمة ما كان يعتمل في داخله من انفعالات ، وقمة المقدرة في التعبير عنها :
 
 
                                        أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ

وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِها أَمرُ

   تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ

   وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ

ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ

وَلا تَحسَبَنَّ المَجدَ زِقّاً وَقَينَةً فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ

وَتَضريبُ أَعناقِ المُلوكِ وَهامِها لَكَ الهَبَواتُ السودُ وَالعَسكَرُ المَجرُ

وَتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ

   
دَعاني إِلَيكَ العِلمُ وَالحِلمُ وَالحِجى وَهَذا الكَلامُ النَظمُ وَالنائِلُ النَثرُ

وَما قُلتُ مِن شِعرٍ تَكادُ بُيوتُهُ إِذا كُتِبَت يَبيَضُّ مِن نورِها الحِبرُ

كَأَنَّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفظِها نُجومُ الثُرَيّا أَو خَلائِقُكَ الزُهرُ
 
 
ثم حول ملحمية الوصف عنده أذكر هذه الأبيات الخالدة :
 

هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ

سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ

بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ

وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
 
ولي عودة أخرى ، إن شاء الله ، إلى المتنبي الإنسان في غربة روحه .
 
 
 

 
*ضياء
6 - مارس - 2007
la fille de notre ville    كن أول من يقيّم
 
j'aime d'avoire la realite en face de rien faire en face les cerconstance de notre vie il faut avoire des aider pour bien condtruire notre vie
 
fati
12 - مارس - 2007
المتنبي الغريب    كن أول من يقيّم
 
ليست حياة المتنبي سوى ملحمة العربي ، المحارب الشجاع ، فارس الكلمة ، وعاشق الحكمة . وما سيرته إلا تجسيد لما كان يعتمل في أعماقه من مشاعر لا يمكن اعتبارها تفكيراً " فلسفياً " بقدر ما هي حالة انفعالية شديدة القوة ، موجهة لسلوكه وكيانه .
 
إن المحرك الأول لشاعرية المتنبي يكمن في ذاته القلقة والمفتونة ، وفي تلك الإرادة الفطرية العميقة الكامنة في أعماقه ، التي تدفعه إلى تجاوز حدود طاقته كإنسان ، وحدود عبقريته كشاعر . إنها تقدم ثابت ، وسعي دائم ، نحو السلطان ، نحو امتلاك ناصية الأمور والتحكم بهاإنها القوة والرغبة في القوة . كل ما قاله أو فعله في حياته هو تأكيد لهذه الرغبة وهذا الشعور المتعالي الذي كان يستولي على كل أحاسيسه :
 
 
                                           وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي
حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ 
إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ

وَمُهجَةٍ مُهجَتي مِن هَمِّ صاحِبِها أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ

رِجلاهُ في الرَكضِ رِجلٌ وَاليَدانِ يَدٌ وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ

وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ

فَالخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ

المكان الذي كان يقف فيه المتنبي هو موقع الانسان المتفوق ، الذي يتملكه ذلك الشعور بالقدرة الكامنة فيه والتي تدفع به للإرتقاء في سلم المجد والكفاح  بكل ما لديه من إمكانيات . وما شعوره بالحزن أو الضيق أو الإجحاف احياناً إلا تعبيراً عن رغبته بالمزيد من السلطان والمزيد من الاعتراف بنبله وعبقريته . إن ما يبدو منه أحياناً من تدليس أو تمويه في مدحه أو إبدائه شيئاً من العرفان بالجميل تجاه ممدوحيه ، ليس إلا انتقاماً مهذباً من زمانه يقوم به طواعية رغبة منه في استعادة قوته ،
مناسبات المديح هذه كانت خير مروج لإعلان تفوقه الذي كان ينوه به في كل مرة . إنها نوع من إعادة التوازن ومناسبة لإظهار قوته بأبهى حلة ممكنة : قدرته على التحكم بناصية الكلام وإظهار احترافه :
 
فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ وَعُمرٌ مِثلُ ما تَهَبُ اللِئامُ

وَدَهرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ وَإِن كانَت لَهُم جُثَثٌ ضِخامُ

وَما أَنا مِنهُمُ بِالعَيشِ فيهِم وَلَكِن مَعدِنُ الذَهَبِ الرَغامُ
 
غير أن المتنبي لم يكن سيء السريرة ولا الطوية ، بل كان مرهف الحس لأنه كان يشعر وكأن العالم امتداد له ، ومن هنا يأتي شعوره القوي بالخيبة لأن العالم لم يكن كما يتمنى أن يكون ، ومن إحساسه المضنى بالغربة وبقسوة هذا العالم الذي يعيش فيه رغم أنه لم يكن مثالياً ولا مغرقاً في القيم الروحية إلا أن أناه المتعالية كانت تدفع به نحو العزلة الداخلية لأن عزله لذاته يحمل نوعاً من التسامي والدفع نحو الأمام :
 
 
                                         إِذا فَلَّ عَزمي عَن مَدىً خَوفُ بُعدِهِ فَأَبعَدُ شَيءٍ مُمكِنٌ لَم يَجِد عَزما

وَإِنّي لَمِن قَومٍ كَأَنَّ نُفوسَنا بِها أَنَفٌ أَن تَسكُنَ اللَحمَ وَالعَظما

كَذا أَنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فَاِذهَبي وَيا نَفسُ زيدي في كَرائِهِها قُدما

فَلا عَبَرَت بي ساعَةٌ لا تُعِزُّني وَلا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما
 
إن هذه النفس ، المتوهجة ، المشتعلة بالقلق ، هي أثمن ما يفصح عنه شعره ، لأنها تضيء لنا في توهجها حنايا تلك النفس التي تتجاذبها القيم والأهواء ، وتغريها محبة الحكمة ، ويسطو عليها  الانفعال . وهو رغم خيبته المريرة بالعلاقة مع السلطة والسياسة التي لم تمنحه بر الأمان الذي كان يبحث عنه ، غير أنه لم يتهاون أبداً ، وظل يقتحم أبواب المجهول بشجاعة نادرة ، يحاول في كل مرة تجاوز محنته بالصعود إلى الجبل ، وحده ، خالياً من أية حماية أخرى ، دون نصير ولا سند ، وحده ، في الخلاء والعراء سائراً في كل مرة نحو تجربة جديدة وأمل جديد ، دون خوف ، وأحياناً دون أمل :
 
 
                                           أَبدو فَيَسجُدُ مَن بِالسوءِ يَذكُرُني وَلا أُعاتِبُهُ صَفحاً وَإِهوانا

وَهَكَذا كُنتُ في أَهلي وَفي وَطَني إِنَّ النَفيسَ غَريبٌ حَيثُما كانا

مُحَسَّدُ الفَضلِ مَكذوبٌ عَلى أَثَري أَلقى الكَمِيَّ وَيَلقاني إِذا حانا

لا أَشرئِبُّ إِلى ما لَم يَفُت طَمَعاً وَلا أَبيتُ عَلى ما فاتَ حَسرانا
 
دعوة المتنبي تحمل في جوهرها موقفاً اخلاقياً شديد المعاصرة : هي دعوة الإنسان لتحمل مصيره وحده ، وممارسة حريته ببذل أقصى الجهد الممكن لإنتزاع ما يمكن من الحياة ، هذا هو الخير بنظره وتلك هي الفضيلة ...
 
                                                                   سُبحانَ خالِقِ نَفسي كَيفَ لَذَّتُها فيما النُفوسُ تَراهُ غايَةُ الأَلَمِ

*ضياء
12 - مارس - 2007
البساطة ة الأداء    كن أول من يقيّم
 
لم تشهد المواقع العربية على حد زعمي موقعا بحجم (واحة المتنبي) و الذي جاء متأخرا نسبيا و لكنه أخرج المواقع العربية من عباءة الشكل الى براح المعنى تماما  كما فعل المتنبي بالشعر العربي , و يعد هذا الموقع الجديد أهم مرجع لشعر المتنبي  بعد ان انتبه العرب لأهمية الكتاب الرقمي , فالموقع ببساطته و سهولة التنقل فيه يضم الموسوعة الشعرية الكاملة للشاعر العربي الكبير أبوالطيب المتنبي الذي لم يشغل العرب فقط بل توغل في أعماق الثقافات العالمية , و اتمنى تسجيل أكبر قدر من القصائد صوتيا .
جلال
13 - مارس - 2007
ألف شكر..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 لراعي هذه الواحة وصاحب فكرتها الإبداعية، الأستاذ الشاعر السويدي.
 
Image hosted by allyoucanupload.com
*abdelhafid
15 - مارس - 2007
 1  2  3